الحماية القانونية للمظاهرات حسب القانون الدولي

إعداد: د. السيد مصطفى أحمد أبو الخير

فرض القانون الدولي حماية على حرية التعبير، وطالب المجتمع الدولي ممثلا في أشخاصه من الدول والمنظمات الدولية العالمية والإقليمية، باحترام حرية الرأي والتعبير، بل طالبهم بتسهيل مهمتهم، وأبرز ذلك ما ورد في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر عن الأمم المتحدة عام 1948م المادة الثامنة عشر والتي نصت على (لكل شخص حق في حرية الفكر والوجدان والدين) والمادة التاسعة عشر التي نصت على (لكل شخص حق التمتع بحرية الرأي والتعبير، ويشمل هذا الحق حريته في اعتناق الآراء دون مضايقة، وفى التماس الأنباء والأفكار وتلقيها ونقلها إلى الآخرين، بأية وسيلة ودونما اعتبار للحدود).

 كما نص ذات الإعلان على حق كل مواطن في الاشتراك في أي من الجمعيات وحقه في التحدث ومناقشة الأمور العامة التي تهم مجتمعه، وذلك في المادة (20) منه التي نصت على (1. لكل شخص حق في حرية الاشتراك في الاجتماعات والجمعيات السلمية. 2. لا يجوز إرغام أحد على الانتماء إلى جمعية ما.) والمادة (21) منه والتي نصت على (1. لكل شخص حق المشاركة في إدارة الشئون العامة لبلده، إما مباشرة وإما بواسطة ممثلين يختارون في حرية. 2. لكل شخص، بالتساوي مع الآخرين، حق تقلد الوظائف العامة في بلده. 3. إرادة الشعب هي مناط سلطة الحكم، ويجب أن تتجلى هذه الإرادة من خلال انتخابات نزيهة تجرى دوريا بالاقتراع العام وعلى قدم المساواة بين الناخبين وبالتصويت السري أو بإجراء مكافئ من حيث ضمان حرية التصويت.).

 كما فرض وأوجب العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الذي اعتمد وعرض للتوقيع والتصديق والانضمام بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 2200 ألف (د-21) المؤرخ في 16كانون/ديسمبر1966 ودخل حيز التنفيذ في 23 آذار/مارس 1976، وفقا لأحكام المادة (49) وقد نص على حماية حرية الفكر والتعبير في المادتين (18) و(19) وقد نصت على (المادة 18) (1. لكل إنسان حق في حرية الفكر والوجدان والدين. 3. لا يجوز إخضاع حرية الإنسان في إظهار دينه أو معتقده، إلا للقيود التي يفرضها القانون والتي تكون ضرورية لحماية السلامة العامة أو النظام العام أو الصحة العامة أو الآداب العامة أو حقوق الآخرين وحرياتهم الأساسية.)

كما نصت المادة(19) على (1. لكل إنسان حق في اعتناق آراء دون مضايقة. 2. لكل إنسان حق في حرية التعبير. ويشمل هذا الحق حريته في التماس مختلف ضروب المعلومات والأفكار وتلقيها ونقلها إلى آخرين دونما اعتبار للحدود، سواء على شكل مكتوب أو مطبوع أو في قالب فني أو بأية وسيلة أخرى يختارها. 3. تستتبع ممارسة الحقوق المنصوص عليها في الفقرة 2 من هذه المادة واجبات ومسئوليات خاصة. وعلى ذلك يجوز إخضاعها لبعض القيود ولكن شريطة أن تكون محددة بنص القانون وأن تكون ضرورية: لاحترام حقوق الآخرين أو سمعتهم، لحماية الأمن القومي أو النظام العام أو الصحة العامة أو الآداب العامة.).

 إن الحق في التظاهر السلمى مكفول ومعترف به في كافة المواثيق الدولية باعتباره دلالة على احترام حقوق الإنسان في التعبير عن نفسه وأهم مظهر من مظاهر الممارسة السياسية الصحيحة، حيث تنص المادة (٢١) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية على: يكون الحق في التجمع السلمي معترفا به.

ولا يجوز أن يوضع من القيود على ممارسة هذا الحق إلا تلك التي تفرض طبقاً للقانون وتشكل تدابير ضرورية، في مجتمع ديمقراطي، لصيانة الأمن القومي أو السلامة العامة أو النظام العام أو حماية الصحة العامة أو الآداب العامة أو حماية حقوق الآخرين وحرياتهم. وحيث أن مصر صدقت على هذا الميثاق وعلى كافة المواثيق والاعلانات واتفاقيات حقوق الإنسان العالمية والإقليمية التي تنص على حرية التعبير وحق التظاهر ووافق على كل ذلك مجلس الشعب فإنه طبقا للمادة (151) من الدستور المصري. التي نصت على (رئيس الجمهورية يبرم المعاهدات، ويبلغها مجلس الشعب مشفوعة بما يناسب من البيان. وتكون لها قوة القانون بعد إبرامها والتصديق عليها ونشرها وفقا للأوضاع المقررة. على أن معاهدات الصلح والتحالف والتجارة والملاحة وجميع المعاهدات التي يترتب عليها تعديل في أراضي الدولة، أو التي تتعلق بحقوق السيادة، أو التي تحمل خزانة الدولة شيئاً من النفقات غير الواردة في الموازنة، تجب موافقة مجلس الشعب عليها.) يعد قانوناً لابد من العمل به مثل بقية القوانين المصرية سواء أمام القضاء وكافة الجهات الحكومية الرسمية.

 علما بأن كافة الدساتير العربية تنص على أن السيادة للشعب وقد نصت على ذلك المادة الثالثة من الدستور المصري لعام 1971م فذكرت (السيادة للشعب وحده، وهو مصدر السلطات، ويمارس الشعب هذه السيادة ويحميها، ويصون الوحدة الوطنية على الوجه المبين في الدستور.) وقد نص على ذلك الدستور التونسي في الفصل الثالث فذكر (الشعب التونسي هو صاحب السيادة يباشرها على الوجه الذي يضبطه هذا الدستور.) وقد نص الدستور الليبي في ديباجته على أن (السلطة والموارد الطبيعية بيد الشعب) وقد نص في المادة الأولي منه على أن (السيادة فيها للشعب). فالسيادة والسلطة للشعب يمارسها كيفما يشاء عن طريق اختيار من يمثله ويمارس هذه السلطة والسيادة لذلك يحق له أن يسحب السيادة والسلطة ممن وكلهم في ذلك، فهذه الثورات التي حدثت وتحدث في الدول العربية وعلى رأسها مصر وتونس وليبيا واليمن والجزائر، لها شرعية دستور ولا يجوز قمعها لأن الشعوب هي صاحبة الحق في السلطة والسيادة، وقمعها يعتبر مخالفة للدستور في كل من تونس ومصر وليبيا.

 فضلا عما سبق من وجوب احترام حرية التعبير والفكر لأي إنسان فإن القانون الدولي فرض حمايته على شخص الإنسان في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان السالف في المادة (3) على (لكل فرد حق في الحياة والحرية وفى الأمان على شخصه.) وفي المادة (5) التي نصت على (لا يجوز إخضاع أحد للتعذيب ولا للمعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو الحاطة بالكرامة. الناس جميعا سواء أمام القانون، وهم يتساوون في حق التمتع بحماية القانون دونما تمييز، كما يتساوون في حق التمتع بالحماية من أي تمييز ينتهك هذا الإعلان ومن أي تحريض على مثل هذا التمييز.)كما أن المادة التاسعة نصت على تحريم الاعتقال وحجزه تعسفيا (لا يجوز اعتقال أي إنسان أو حجزه أو نفيه تعسفا) ونصت المادة العاشرة على (لكل إنسان، على قدم المساواة التامة مع الآخرين، الحق في أن تنظر قضيته محكمة مستقلة ومحايدة، نظرا منصفا وعلنيا، للفصل في حقوقه والتزاماته وفى أية تهمة جزائية توجه إليه.) كما أكدت المادة (11) على أن الأصل في الإنسان البراءة فقالت(1. كل شخص متهم بجريمة يعتبر بريئا إلى أن يثبت ارتكابه لها قانونا في محاكمة علنية تكون قد وفرت له فيها جميع الضمانات اللازمة للدفاع عن نفسه. 2. لا يدان أي شخص بجريمة بسبب أي عمل أو امتناع عن عمل لم يكن في حينه يشكل جرما بمقتضى القانون الوطني أو الدولي، كما لا توقع عليه أية عقوبة أشد من تلك التي كانت سارية في الوقت الذي ارتكب فيه الفعل الجرمي.) وفرضت المادة (12) حماية على الحياة الخاصة فنصت على(لا يجوز تعريض أحد لتدخل تعسفي في حياته الخاصة أو في شؤون أسرته أو مسكنه أو مراسلاته، ولا لحملات تمس شرفه وسمعته. ولكل شخص حق في أن يحميه القانون من مثل ذلك التدخل أو تلك الحملات.) ونصت المادة (13) من ذات الإعلان على الحق في التنقل والسفر فنصت على(1. لكل فرد حق في حرية التنقل وفى اختيار محل إقامته داخل حدود الدولة. 2. لكل فرد حق في مغادرة أي بلد، بما في ذلك بلده، وفى العودة إلى بلده.) وهناك العديد من النصوص التي تؤيد على حرية الفكر والرأي والتعبير في العديد من الوثائق والاعلانات والاتفاقيات الدولية وهي:

1 - الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر عن الأمم المتحدة عام 1948م.

2 - الاتفاقية الدولية الخاصة بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية الصادرة عن الأمم المتحدة في عام 1966م.

3 - الاتفاقية الخاصة بالحقوق المدنية والسياسية الصادرة عن الأمم المتحدة عام 1966م.

4 – البروتوكول الاختياري الملحق بالاتفاقية الدولية الخاصة بالحقوق المدنية والسياسية الصادر عام 1966م.

5 – اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهنية الصادرة عن الأمم المتحدة.

6 – وإعلان حقوق الطفل الصادر عن الأمم المتحدة عام 1959م.

ومن المواثيق والإعلانات والاتفاقيات الإقليمية التالي:

1 – الميثاق العربي لحقوق الإنسان الذي أعد في إطار جامعة الدول العربية لعام 1945م وميثاق عام 1997م.

2 – الميثاق الإفريقي لحقوق الإنسان والشعوب.

3 – الاتفاقية الأوربية لحقوق الإنسان (اتفاقية حماية حقوق الإنسان في نطاق مجلس أوربا الصادر في روما في الرابع من نوفمبر عام 1950م.

4 – ميثاق الحقوق الأساسية للاتحاد الأوربي.

5 – الإعلان الأمريكي لحقوق وواجبات الإنسان عام 1948م.

6 – البروتوكول الإضافي للاتفاقية الأمريكية لحقوق الإنسان في مجال الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لعام 1999م.

7 – الميثاق الأمريكي لحقوق الإنسان(الاتفاقية الأمريكية لحقوق الإنسان المبرمة في سان خوسية بتاريخ 2/11/1969م)الذي أعد في إطار منظمة الدول الأمريكية.

 ترتيبا وتطبيقا على ما سبق بيانه، فإن حرية الرأي والتعبير مصونة بالقانون الدولي العام وخاصة القانون الدولي لحقوق الإنسان، وتعتبر من النظام العام في القانون الدولي لحقوق الإنسان، ومن القواعد الآمرة فيه، فلا يجوز الانتقاص منها أو الحد منها، كما أنها تعتبر حقوق طبيعية تلتصق بالإنسان، ولا يجوز الاتفاق على مخالفتها، لأنها قاعدة عامة، ويقع كل اتفاق على ذلك منعدم وليس له أي آثار قانونية لذلك فإن قمع المظاهرات جرائم دولية تستوجب المحاكمة، حيث بدأت هذه المظاهرات فجأة وبدون مقدمات فزلزلت الأرض تحت أقدام بعض الحكام العرب في عدة دول عربية، بدأت بتونس ثم مصر والآن ليبيا واليمن والبحرين والجزائر مازالت المظاهرات تندلع وتشتد يوما بعد يوم، وفي المقابل تزداد محاولات قمع هذه المظاهرات من قبل الحكام العرب، بطريقة مخالفة للقانون سواء القانون الوطني أو القانون الدولي، بل تعتبر عمليات قمع المظاهرات التي حدثت في تونس ومصر وليبيا واليمن طبقا لقوانين العقوبات الوطنية في هذه الدول جرائم قتل عمد، وتشكل جرائم ضد الإنسانية وجرائم إبادة جماعية ومنها ترتقي إلي جرائم حرب وخاصة التي حدثت في ليبيا طبقا للنظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية في المادة السادسة التي نصت على جريمة الإبادة الجماعية (لغرض هذا النظام الأساسي تعني " الإبادة الجماعية " أي فعل من الأفعال التالية يرتكب بقصد إهلاك جماعة قومية أو إثنية أو عرقية أو دينية بصفتها هذه, إهلاكاً كلياً أو جزئياً:-أ) قتل أفراد الجماعة. ب) إلحاق ضرر جسدي أو عقلي جسيم بأفراد الجماعة.)

والمادة السابعة التي نصت على الجرائم ضد الإنسانية فنصت على(1- لغرض هذا النظام الأساسي , يشكل أي فعل من الأفعال التالية " جريمة ضد الإنسانية " متى ارتكب في إطار هجوم واسع النطاق أو منهجي موجه ضد أية مجموعة من السكان المدنيين , وعن علم بالهجوم أ) القتل العمد. ب‌) الإبادة.) والمادة الثامنة التي نصت على (ا -يكون للمحكمة اختصاص فيما يتعلق بجرائم الحرب, ولاسيما عندما ترتكب في إطار خطة أو سياسة عامة أو في إطار عملية ارتكاب واسعة النطاق لهذه الجرائم..2- لغرض هذا النظام الأساسي تعني "جرائم الحرب":-أ) الانتهاكات الجسيمة لاتفاقيات جنيف المؤرخة 12 آب / أغسطس 1949, أي أي فعل من الأفعال التالية ضد الأشخاص, أو الممتلكات الذين تحميهم أحكام اتفاقية جنيف ذات الصلة: 1"القتل العمد. 2"التعذيب أو المعاملة اللاإنسانية, بما في ذلك إجراء تجارب بيولوجية. 3" تعمد إحداث معاناة شديدة أو إلحاق أذى خطير بالجسم أو بالصحة 4" إلحاق تدمير واسع النطاق بالممتلكات والاستيلاء عليها دون أن تكون هناك ضرورة عسكرية تبرر ذلك وبالمخالفة للقانون وبطريقة عابثة 5" إرغام أي أسير حرب أو أي شخص آخر مشمول بالحماية على الخدمة في صفوف قوات دولة معادية 6"تعمد حرمان أي أسير حرب أو أي شخص آخر مشمول بالحماية من حقه في أن يحاكم محاكمة عادلة ونظامية. 7" الإبعاد أو النقل غير المشروعين أو الحبس غير المشروع. 8" أخذ رهائن. ب‌) الانتهاكات الخطيرة الأخرى للقوانين والأعراف السارية على المنازعات الدولية المسلحة في النطاق الثابت للقانون الدولي , أي فعل من الأفعال التالية :-

1"تعمد توجيه هجمات ضد السكان المدنيين بصفتهم هذه أو ضد أفراد مدنيين لا يشاركون مباشرة في الأعمال الحربية.

2"تعمد توجيه هجمات ضد مواقع مدنية, أي المواقع التي لا تشكل أهدافاً عسكرية. 3"تعمد شن هجمات ضد موظفين مستخدمين أو منشآت أو مواد أو وحدات أو مركبات مستخدمة في مهمة من مهام المساعدة الإنسانية أو حفظ السلام عملاً بميثاق الأمم المتحدة ماداموا يستخدمون الحماية التي توفر للمدنيين أو للمواقع المدنية بموجب قانون المنازعات المسلحة. 4" تعمد شن هجوم مع العلم بأن هذا الهجوم سيسفر عن خسائر تبعية في الأرواح أو عن إصابات بين المدنيين أو عن إلحاق أضرار مدنية أو إحداث ضرر واسع النطاق وطويل الأجل وشديد للبيئة الطبيعية يكون إفراطه واضحاً بالقياس إلى مجمل المكاسب العسكرية المتوقعة الملموسة المباشرة. 5" مهاجمة أو قصف المدن أو القرى أو المساكن أو المباني العزلاء التي لا تكون أهدافاً عسكرية بأية وسيلة كانت. 6" قتل أو جرح مقاتل استسلم مختاراً , يكون قد ألقى سلاحه أو لم تعد لديه وسيلة للدفاع.).

 أعتقد هؤلاء الطغاة أنهم يملكون الشعوب والدول، فأقدموا على ارتكاب جرائم قتل عمد ضد أبناء الشعب في تونس ومصر وليبيا واليمن تستوجب المحاكمة، وقد أستخدموا الرصاص الحي ضد المتظاهرين قاصدين القتل والإرهاب، الغريب أن هؤلاء الحكام استخدموا نفس الطريقة التي يستخدمها الكيان غير الشرعي في فلسطين المحتلة، وفي مصر تم استخدام ذات العربات المصفحة كالتي تستخدم من قبل قوات الإحتلال ضد الفلسطينيين في فلسطين، لذلك يمكننا أن نقول أن الحكومات العربية في هذه الدول هي حكومات احتلال للشعوب العربية، فلم يتركوا وسيلة من وسائل القهر والقتل إلا استخدموها ضد هذه الشعوب المغلوبة على أمرها، وقد قامت هذه الشعوب باسترداد حقها الأصيل والدستوري في السلطة والسيادة من هؤلاء الحكام الذين خانوا الامانة وسرقوا الاموال وقتلوا كل من يعترض عليهم.

 إن عمليات القتل التي ارتكبت ضد المتظاهرين تعتبر جرائم قتل عمدية طبقا لقوانين العقوبات الوطنية في كل من مصر وتونس وليبيا، كما أنها تشكل جرائم إبادة جماعية وجرائم ضد الإنسانية في القانون الدولي طبقا لنص المادتين السادسة والسابعة من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، ويمكن محاكمة هؤلاء الحكام في كل من تونس ومصر وليبيا واليمن أمام القضاء الجنائي الوطني والدولي، ويستند اختصاص القضاء الوطني في محاكمة مرتكبي هذه الجرائم الدولية إلي مبدأ التكامل المنصوص عليه في ديباجة النظام الأساسي والمادة الأولي منه، والمتمثل في كون القضاء الوطني هو صاحب الاختصاص الأصيل في المحاكمة على ما أرتكب من جرائم في حق هذه الشعوب.

 ولا ينعقد الاختصاص للقضاء الدولي إلا في حالتين الأولي انهيار النظام القضائي الوطني تماما بحيث لم يعد يستطيع القيام بمهمة القضاء، والثانية إذا رفض هذا القضاء القيام بمحاكمة مرتكبي الجرائم ضد الإنسانية وجرائم الإبادة أمام القضاء الوطني، أمام المحاكم الوطنية لهذه الدول في تونس ومصر وليبيا واليمن، وفي حالة رفض هذه المحاكم لذلك ينعقد الاختصاص للقضاء الدولي الجنائي، ويمكن محاكمة هؤلاء الطواغيت أمام محكمتين دوليتين تتمثل هما:

- الأولى: يمكن تشكيل محكمة جنائية دولية عن طريق جامعة الدول العربية أو عن طريق الاتحاد الإفريقي، أو عن طريق مجلس الأمن كما حدث في يوغوسلافيا ورواندا عامي 1993/1994م، يتكون كل قضاة هذه المحكمة من قضاة دول غير الدول الي ارتكبت فيها الجرائم سالفة الذكر، أو تشكيل محكمة جنائية ذات طابع دولي يكون بعض قضاتها من الدول التي ارتكبت فيها هذه الجرائم كما هو الحال في المحكمة المشكلة لمحاكمة قتلة الحريري ورفاقه في لبنان عام 2004م.

- الثانية: المحكمة الجنائية الدولية أما عن طريق مجلس الأمن طبقا للمادة (13/ب) التي نصت على (إذا أحال مجلس الأمن متصرفا بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة حالة إلي المدعي العام يبدو فيها أن جريمة أو أكثر من هذه الجرائم قد أرتكبت.)، ويمكن أيضا عن طريق إحالة حالة ما من قبل دولة طرف من نظام المحكمة التي نصت عليها المــادة (14) التي نصت على (1- يجوز لدولة طرف أن تحيل إلى المدعي العام أية حالة يبدو فيها أن جريمة أو أكثر من الجرائم الداخلة في اختصاص المحكمة قد ارتكبت وأن تطلب إلى المدعي العام التحقيق في الحالة بغرض البت فيما إذا كان يتعين توجيه الاتهام لشخص معين أو أكثر بارتكاب تلك الجرائم. 2- تحدد الحالة , قدر المستطاع , الظروف ذات الصلة وتكون مشفوعة بما هو في متناول الدولة المحيلة من مستندات مؤيدة.) أو عن طريق المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية طبقا للمادة (15) التي نصت على (1- للمدعي العام أن يباشر التحقيقات من تلقاء نفسه على أساس المعلومات المتعلقة بجرائم تدخل في اختصاص المحكمة.2 – يقوم المدعي العام بتحليل جدية المعلومات المتلقاة ويجوز له, لهذا الغرض, التماس معلومات إضافية من الدول , أو أجهزة الأمم المتحدة , أو المنظمات الحكومية الدولية أو غير الحكومية , أو أية مصادر أخرى موثوق بها يراها ملائمة , ويجوز له تلقي الشهادة التحريرية أو الشفوية في مقر المحكمة.)

 علما بأن الحصانة التي يتمتع بها حكام هذه الدول لا تقف حائلا دون محاكمتهم أمام القضاء الدولي، وهذا ما نص عليه النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية في المادة (27) التي نصت على عدم الاعتداد بالصفة الرسمية فذكرت (1- يطبق هذا النظام الأساسي على جميع الأشخاص بصورة متساوية دون أي تمييز بسبب الصفة الرسمية, وبوجه خاص فإن الصفة الرسمية للشخص, سواء كان رئيساً لدولة أو حكومة أو عضواً في حكومة أو برلمان أو ممثلاً منتخباً أو موظفاً حكومياً, لا تعفيه بأي حال من الأحوال من المسئولية الجنائية بموجب هذا النظام الأساسي, كما أنها لا تشكل في حد ذاتها, سبباً لتخفيف العقوبة.2- لا تحول الحصانات أو القواعد الإجرائية الخاصة التي قد ترتبط بالصفة الرسمية للشخص سواء كانت في إطار القانون الوطني أو الدولي, دون ممارسة المحكمة اختصاصها على هذا الشخص.) وأكدت المادة (28) على مسئولية القادة والرؤساء الآخرين.

 ويجدر الإشارة هنا إلي أن أعداد القتلى والمصابين في كل من تونس ومصر وليبيا لم تكن واحدة بل ازدادت في مصر عن تونس وفي ليبيا عن مصر، بل أكثر من ذلك، فإن الأحداث التي حدثت في تونس ومصر هي جرائم ضد الإنسانية أما الجرائم التي ارتكبت في ليبيا من قبل النظام الليبي كانت أشد قسوة وضراوة لذلك فكل ما أرتكب في هذه الدول يشكل جرائم إبادة جماعية طبقا لاتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها اعتمدت وعرضت للتوقيع والتصديق أو للانضمام بقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 260 ألف (د-3) المؤرخ في 9 كانون الأول/ديسمبر 1948م في المادة الثانية من الاتفاقية التي نصت على (في هذه الاتفاقية، تعني الإبادة الجماعية أيا من الأفعال التالية، المرتكبة على قصد التدمير الكلي أو الجزئي لجماعة قومية أو اثنية أو عنصرية أو دينية، بصفتها هذه: (أ) قتل أعضاء من الجماعة، (ب) إلحاق أذى جسدي أو روحي خطير بأعضاء من الجماعة،) والمادة الثالثة التي نصت على (يعاقب على الأفعال التالية:(أ) الإبادة الجماعية، (ب) التآمر على ارتكاب الإبادة الجماعية، (ج) التحريض المباشر والعلني على ارتكاب الإبادة الجماعية،(د) محاولة ارتكاب الإبادة الجماعية، (هـ) الاشتراك في الإبادة الجماعية.) وقد أشارت المادة الرابعة إلي عدم الاعتداد بالصفة الرسمية والحصانة للحكام فنصت على (يعاقب مرتكبو الإبادة الجماعية أو أي فعل من الأفعال الأخرى المذكورة في المادة الثالثة، سواء كانوا حكاما دستوريين أو موظفين عامين أو أفرادا.).

 علما بأن جريمة الإبادة الجماعية ترتكب في وقت السلم وأثناء الحرب وهذا ما نصت عليه المادة الأولى من الاتفاقية السابقة، علما بأن هذه الجرائم لا تسقط بالتقادم بمضي المدة طبقا لاتفاقية عدم تقادم جرائم الحرب والجرائم المرتكبة ضد الإنسانية التي اعتمدت وعرضت للتوقيع وللتصديق والانضمام بقرار الجمعية العامة 2391 ألف (د-23) المؤرخ في 26 تشرين الثاني /نوفمبر 1968م حيث نصت في المادة الأولي بالفقرة الثانية فنصت على (لا يسري أي تقادم على الجرائم التالية بصرف النظر عن وقت ارتكابها:(ب) الجرائم المرتكبة ضد الإنسانية، سواء في زمن الحرب أو زمن السلم، والوارد تعريفها في النظام الأساسي لمحكمة نورمبرغ العسكرية الدولية الصادر في 8 آب / أغسطس 1945، والوارد تأكيدها في قراري الجمعية العامة للأمم المتحدة 3 (د–1) المؤرخ في 13 شباط / فبراير 1946 و95 (د–1) المؤرخ في 11 كانون الأول / ديسمبر 1946، والطرد بالاعتداء المسلح أو الاحتلال، والأفعال المنافية للإنسانية والناجمة عن سياسة الفصل العنصري، وجريمة الإبادة الجماعية الوارد تعريفها في اتفاقية عام 1948 بشأن منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها، حتى لو كانت الأفعال المذكورة لا تشكل إخلالاً بالقانون الداخلي للبلد الذي ارتكبت فيه.) وقد نص النظام الاساسي للمحكمة الجنائية الدولية على ذلك في المادة (29) منه على عدم سقوط الجرائم الواردة في المواد من الخامسة إلى التاسعة للتقادم.

 والملاحظ هنا أن الحاكم الليبي قد أستأجر مرتزقة من بعض الدول العربية والإفريقية لقتل شعبه مخالفا بذلك قرارات الجمعية العامة التي حظرت استخدام المرتزقة وجعلت استخدامها جريمة، مرتكبا بذلك جريمة حرب ضد شعبه، وقد أصدر كل من الجمعية العامة ومجلس الأمن والمجلس الاقتصادي والاجتماعي بالأمم المتحدة قرارات تدين وتندد بممارسات المرتزقة خاصة ضد الدول النامية وحركات التحرر الوطني منها القرار رقم(40/74الصادر في 11/12/1985م) وقرار المجلس الاقتصادي والاجتماعي رقم(1986/43 المؤرخ في 23/5/1986م) الذي أدان فيه المجلس تزايد تجنيد المرتزقة وتمويلهم وحشدهم ونقلهم واستخدامهم والقرار رقم(41/102 الصادر في 4/12/1986م)بشأن المرتزقة كوسيلة لانتهاك حقوق الإنسان ولإعاقة ممارسة الشعوب لحقها في تقرير المصير، الصادر عن الجمعية العامة في جلستها العامة رقم(97)ويتكون هذا القرار من ديباجة طويلة من (12) فقرة إضافة إلي سبعة بنود، وأشار القرار في المقدمة إلي كل القرارات السابقة الصادرة عن الأمم المتحدة سواء من الجمعية العامة أو مجلس الأمن أو المجلس الاقتصادي والاجتماعي، وأكد القرار أن الارتزاق يشكل تهديدا للسلم والأمن الدوليين ويخالف المبادئ الأساسية للقانون الدولي مثل عدم التدخل في الشئون الداخلية للدول والسلامة الإقليمية والاستقلال، كما أنها تعرقل حق الشعوب في تقرير مصيرها وكفاحها المشروع ضد الاستعمار، وقد أدان القرار تزايد اللجوء إلي تجنيد المرتزقة وتمويلهم وتدريبهم ونقلهم واستخدامهم لأنها تقوض الاستقرار في الدول النامية، ونددت بأي دولة تلجأ إليهم أو تساعدهم وطالبت كافة الدول باتخاذ كل السبل لمنع ومحاربة سواء الإدارية منها والتشريعية بموجب القوانين الداخلية، كما طالبت الدول بتقديم كافة المساعدات الإنسانية لضحايا الأوضاع الناجمة عن استخدام المرتزقة وقررت الجمعية العامة أن تولي هذه المسألة الاهتمام الواجب في الدورات اللاحقة.

 وفي 4/12/1980م أصدرت الجمعية العامة قرارها رقم(35/48)الذي أنشأت بموجبه اللجنة المختصة لصياغة اتفاقية دولية لمناهضة تجنيد المرتزقة واستخدام وتمويلهم وتدريبهم، وتم وضع مشروع الاتفاقية في صورته النهائية وعرض على الجمعية العامة في 4/12/1989م في الجلسة العامة رقم(72) وتم إقرار الاتفاقية الدولية لمناهضة تجنيد المرتزقة واستخدامهم وتمويلهم وتدريبهم في القرار رقم(44/43)الصادر في4/12/1989م، وهذه الاتفاقية تتكون من ديباجة وأحدي وعشرون مادة، ففي الديباجة أكدت الاتفاقية على المقاصد والمبادئ الواردة في ميثاق الأمم المتحدة وإعلان مبادئ القانون الدولي المتصلة بالعلاقات الودية والتعاون بين الدول، وأن أنشطة وتجنيد واستخدام المرتزقة تنتهك مبادئ القانون الدولي مثل المساواة في السيادة والاستقلال السياسي والسلامة الإقليمية للدول وحق الشعوب في تقرير مصيرها واعتبرت ما سبق جرائم ذات اختصاص عالمي ينبغي محاكمة أو تسليم من يرتكبها، وصدور هذه الاتفاقية يعد اقتناعا منها بخطورة المرتزقة ودورهم الخطير واعتماد هذه الاتفاقية من شأنه المساهمة في التخلص منهم ومن دورهم الخطير.

 وأصدرت الجمعية العامة عدة قرارات بشأن المرتزقة منها القرار رقم (49/150) الصادر في (23/12/1994م) والقرار رقم (50/138) الصادر في 1/12/1995م والقرار رقم (51/83) والقرار رقم (15/83) الصادر في (12/12/1996م) والقرار رقم(52/112) الصادر بالجلسة العامة رقم (70) في (12/12/1997م) بشأن استخدام المرتزقة كوسيلة لانتهاك حقوق الإنسان وإعاقة ممارسة حق الشعوب في تقرير المصير، والقرار الأخير يتكون من ديباجة تتكون من سبعة فقرات أكدت فيها الجمعية العامة خطورة المرتزقة وعدم شرعية تمويلهم أو تدريبهم أو حشدهم أو نقلهم أو استخدامهم لمخالفة ذلك لميثاق الأمم المتحدة مبادئ وأهداف وقواعد القانون الدولي وحثت الدول على الانضمام إلي اتفاقية الأمم المتحدة بشأن المرتزقة سالفة الذكر، وأكدت على عدم شرعية المرتزقة في كافة صورها وأشكالها، وأكدت الجمعية العامة في البند الثاني من القرار سالف الذكر على عدم شرعية المرتزقة بكافة صورها وأشكالها لمخالفتها ميثاق الأمم المتحدة، وحثت جميع الدول على اتخاذ الخطوات اللازمة وممارسة أقصي درجات اليقظة واتخاذ كافة التدابير التشريعية لمحاربة المرتزقة وطالبت الدول كافة بضرورة التعاون على ذلك وطالبت مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان بالإعلان عن الآثار الضارة للمرتزقة على حقوق الإنسان والسلم والأمن الدوليين، وطالبت الأمين العام أن يقوم بدعوة الدول لتقديم اقتراحات لتبني تعريف قانوني أوضح للمرتزقة وقررت أن تناقش موضوع المرتزقة في الدورة الثالثة والخمسين.

 وفد أصدر مجلس الأمن عدة قرارات بشأن إدانة أي دولة تعمل على إجازة أو إباحة تجنيد المرتزقة وتقديم التسهيلات لهم بهدف الإطاحة بحكومات دول أعضاء في الأمم المتحدة، منها القرار رقم(239/1967م) في 10/6/1967م والقرار رقم(405/1977م) الصادر في 14/4/1977م والقرار رقم (419/1997م) 24/11/1977م، والقرار رقم(946/1/12/1981م، والقرار رقم(507/1982) في 28/5/1982م. وقد أصدر مجلس الأمن القرار رقم(1467/2003م) في جلسته المعقودة في 28/3/2003م) الذي قرر فيه المجلس اعتماد البيان المرفق بشأن الأسلحة الخفيفة والأسلحة الصغيرة وأنشطة المرتزقة والأخطار التي تهدد السلام والأمن في غرب أفريقيا ويتكون القرار من ديباجة أربعة فقرات وستة بنود، في الديباجة طالب القرار السالف الدول الأفريقية بوقف دعم أنشطة المرتزقة في منطقة غرب أفريقيا واتخاذ كافة التدابير لمحاربة المرتزقة وأعرب عن قلقه البالغ من أنشطة المرتزقة وطالب بتوعية الدول بخطر المرتزقة وطالب الدول الإقليمية والدول غير الإقليمية بضرورة التعاون لوضع حد لظاهرة الاتجار في الأسلحة الصغيرة وأنشطة المرتزقة.

 بعد عزل حاكم تونس ظهرت معلومات تؤكد أن رئيس تونس المخلوع ثروته أكثر من عشرين مليار دولار على الأقل، ورئيس مصر المخلوع ظهرت معلومات على أن ثروته هو عائلته تتراوح ما بين أربعين وسبعين مليار دولار، وهذا المبلغ أكثر من ميزانية مصر عدة مرات وأكثر من ديون مصر أكثر من مرة، وحاكم ليبا ثروته بلغت (131) مليار دولار، علما بأن هذا المبلغ عبارة عن ميزانية ليبيا لمدة ست سنوات، ويكفي لاطعام الدول العربية جميعا لمدة أربع سنوات، وهذه الأموال كلها في بنوك الغرب وخاصة في الولايات المجرمة الأمريكية التي أتت بهؤلاء الحكام للتحكم في الشعوب العربية والإسلامية حتي لا تنهض هذه الشعوب، والآن تتخلي عنهم وطبعا سوف تصادر أو صدرت فعلا من قبل الغرب وفي مقدمتها الولايات المجرمة الأمريكية، لا يستطيع هؤلاء الحكام سحب هذه الأرصدة أو حتي جزء منها في أي وقت حتي لو كانوا في السلطة، والغريب أن النائب العام المصري أصدر قرارا بتجميد أموال وأرصدة مبارك وعائلته دون التحقيق معهم علما بأن هذا الإجراء القانوني ويطلق عليه قانونا (تدبير احترازي) لا يطبق إلا في حالة وجود دلائل قوية على أن هذه الأموال جاءت عن طريق مخالفات قانونية، إذا كانت هناك دلائل ووقائع قانونية تؤكد ذلك فلماذا لم تعلن، أم أن ذلك لتهدئة الرأي العام في مصر، كما أن تونس طلبت من الانتربول القبض على الرئيس التونسي المخلوع لمحاكمته عن جرائمه التي لم يكشف عنها النقاب إلا بعد هروب زين العابدين وظهرت جرائم زوجته وأسرتها، واعتقد أن ذلك صدر لتهدئة الرأي العام التونسي، لأن من أصدر ذلك كانوا شركاء في هذه الجرائم سواء بالفعل أو بالتستر عليها،ـ وكذلك الحال في مصر.

 ومن صور التواطأ من قبل الأمم المتحدة ما صدر عن مجلس الأمن من بيان باهت لا قيمة قانونية له، لماذا لم يتم ذلك مع أحداث دارفور ومع الرئيس السوداني البشير الذي أحال مجلس الأمن أزمة مفتعلة للمحكمة الجنائية الدولية وصدر قرار من المحكمة بالقبض على الرئيس السوداني، على جرائم لا توجد الا في مخيلة الغرب وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية، كما أن جامعة الدول العربية أصدرت قرارا باهتا بتعليق عضوية ليبيا فيها، هل اتفاقية الدفاع المشترك بين الدول العربية لحماية الأنظمة والحكام الغرب فقط أم أنها لحماية الشعوب العربية، الواضح من الواقع أنها لحماية الحكام وليس الشعوب، والغرب لا يهمه هؤلاء العملاء بل كل ما يريدونه هو عدم السماح للأمة العربية أن تنهض وسرقة بترول الدول العربية وفي مقدمتها ليبيا والسعودية الابنة غير الشرعية للغرب بريطانيا من قبل والولايات المتحدة الأمريكية حاليا، ودائما تتكلف بتعويض الغرب من نقص البترول، وهي التي منحت الولايات المتحدة الأمريكية مليارات الدولارات حتى لا تنهار ولولا سفهاء السعودية والإمارات والكويت ومجنون ليبيا الذين أمدوا الغرب بالأموال التي نهبت من الشعوب العربية والبترول، لانهارت الحضارة الغربية وانهارت الولايات المتحدة الأمريكية من زمن، وتلك أم الجرائم التي يجب محاكمة هؤلاء الحكام عليها وهي تهمة الخيانة العظمى.

 نتيجة وترتيبا على ما سبق يتبين لنا أن حكام كل من تونس ومصر وليبا هم مرتكبي جرائم دولية ضد الإنسانية وجرائم إبادة جماعية، وجرائم حرب، فضلا عن جرائم الفساد واستغلال النفوذ والسلطة في سرقة أموال الشعوب ووضعها في بنوك دول أوربية، مما يشكل جرائم فساد ورشوة واستغلال نفوذ، طبقا لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد لعام 2005م واتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة كما أنهم ارتكبوا جريمة غسل الأموال، وينطبق عليهم أيضا الاتفاقية العربية لمكافحة الفساد والاتفاقية الإفريقية لمكافحة الفساد، هؤلاء الحكام ارتكبوا كل هذه الجرائم ويريدون الإفلات من العقاب، لذلك لا ينبغي تركهم دون محاكمة، ويمكن محاكمتهم ايضا طبقا لقواعد القانون الدولي الإنساني خاصة اتفاقيات جنيف الأربعة لعام 1949م والبروتوكولين الإضافيين لهم في عام 1977م، فقد نصوا على ضرورة ملاحقة ومحاكمة ومعاقبة كل من أرتكب جرائم واردة فيها، وقد نصت هذه الاتفاقيات على الاختصاص القضائي العالمي وعلى ضرورة اصدار التشريعات الجنائية الوطنية حتي لا يفلت مرتكبي هذه الجرائم من العقاب، لذلك يمكن محاكمة هؤلاء الحكام حتي أمام القضاء الجنائي الوطني في هذه الدول سواء في تونس أو مصر أو ليبيا أو اليمن.

* رئيس المجلس الاستشاري للجمعية الفلسطينية لحقوق الإنسان(راصد)

أستاذ في القانون الدولي العام

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 8/آذار/2011 - 2/ربيع الثاني/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م