زوجات بدون عمل

بين الاقتصاد والبخل محطة أسمها التوفير

تحقيق: انتصار السعداوي

 

شبكة النبأ: غالباً ما تبحث العوائل عن زوجة مديرة قنوعة لتزويج أبنائها ةلا يشترط أن تكون ذات دخل أو وظيفة، ويقال باللهجة الدارجة أمرأة (تلمّه) بمعنى أن تنظم خريطة الإنفاق للزوج، وتوفر للمستقبل أو لليوم الأسود لا سامح الله، ولا غرابة أن توفر الزوجة العاملة من دخلها الخاص والذي يشكل مورداً أضافياً لدخل الزوج ومساعداً له وكون نسبة كبيرة من الزوجات بدون عمل، وهذا لا يعفيها من مهمة التوفير والتدبير، والتخطيط للمستقبل الإقتصادي للأسرة. مع اختلاف تجاوب الأزواج مع رغبة الزوجة في التوفير بين عائلة وأخرى ورغم ذلك فأن رغبة المرأة للتوفير والاستعداد للطوارئ لا ينعدم إلا نادراً.

أم حوراء (30) سنة أم لثلاثة أطفال اشارت خلال حديثها مع (شبكة النبأ المعلوماتية): منذ البداية عشت في بيت مستقل مع زوجي الكاسب الذي كان يعمل في تحميل السلع والبضائع في سوق الجملة لم يكن يعطي سوى 1000دينار يومياً فقط لمصروفي اليومي، ومع هذا كنت أوفر منه 250 دينار في جيب صنعته خلف صورة على الجدار لايعرف مكانه احد واحياناَ أستطيع الأستغناء عن نصف المصروف أو كله.. وبهذه الطريقة التي طورتها فيما بعد استطعت مواجهة كثير من الأزمات والأيام السوداء البتي مرت بنا، فضلاً عن شروعي في شراء الأثاث المنزلية وبعض احتياجات أطفالي.

السيدة سهيلة شمخي أم لخمسة أولاد وزوجة لضابط في الجيش العراقي تقول :في البداية كان زوجي يرفض أن أتحمل مسؤولية التدبير المنزلي وقد فشل عدة مرات في الاحتفاظ على راتبه لعشرة أيام بعد أول الشهر بعد ذلك تبدأ سلة المواد الغذائية بالتقلص وقد تصل في الأيام الأخيرة إلى الاقتراض أو الشراء بالآجل. ولا يتوانى زوجي عن شراء اللحوم والأسماك والفاكهة وإقامة الولائم لأقربائه وأصدقائه في بداية الشهر لتدفع الثمن عائلته وأطفاله في الجزء الأخير من الشهر وبعد سجالات ومفاوضات بيني وبين زوجي اقتنع إن يسلمني مسؤولية التدبير ولاقتصاد المنزلي بعد ان يحتفظ بجزء منه لمصاريفه الخاصة. وفعلا قمت بتخصيص جزء بسيط من الراتب للتوفير عن طريق الاشتراك بسلفه شهرية واستطعت شراء سيارة نقل داخلي عمل عليها ابني البكر وشرعت بإكمال بناء البيت الذي نسكنه. مع مساعدة القروض والسلفة الحكومية. وأنا ألان استعد لتزويج ابني البكر بعد أيام.

توفر من قوتها

ام علاء /50 سنة تقول: في التسعينات كنت أوفر من الحصة الغذائية، وكان زوجي مسؤول عن كل مصاريف البيت والأولاد ولم يكن يشاركني في هذه المسؤولية. وعندما كان يعطيني مبلغ لشراء ملابس او الذهاب الى صالون الحلاقة او لمراجعة طبيب او من العيدية التي تصلني في الأعياد او من الواجبا ت في المناسبات المفرحة مثل وصول مولود جديد و زواج الأولاد او الختان. عموما لا اعجز عن إيجاد طريقة للادخار لنجد شيئا نستند عليه في الأيام الصعبة ا والأزمات وما أكثرها في حياتنا.

الإعلامي صباح الطالقاني يقول في حديثه لـ(شبكة النبأ المعلوماتية): في بداية زواجي كنت اعتقد أن زوجتي قد لاتجيد التصرف بالمال وقد تورطني في مصاريف إضافية.و بمرور الزمن أيقنت إنها تتمكن من إدارة اقتصاد العائلة فأوكلت إليها هذه المهمة شرط أن اسحب أي مبلغ لاحتياجاتي الخاصة دون تقديم مبررات او تفصيلات، واعترف إن زوجتي أثبتت جدارة في تنظيم مصروفات البيت وتوفير جزء من دخلنا.

أحلام/ 40 سنه غير متزوجة تقول : اسكن مع أخي في بيت ورثناه من أهلي واحصل على مصروف عن بعض يد أسبوعي من أخي. وأحيانا أتنازل عن بعض مشترياتي أو أبيع بعض مقتنياتي القديمة التي لا احتاجها مقابل مبلغ مالي.

وإذا طالبت بإلحاح بنصيبي من بستان ورثناه من أبي قد احصل على مبلغ بسيط من المال بعض المرات وليس دائما. المهم إني على الأغلب احتفظ برصيد مدخر للطوارئ. وبعض الأحيان أخي يقترض مني مبالغ صغيرة.. وعليه فأنا لن اترك نفسي بدون حماية مالية وخصوصا أنا يتيمة الأبوين. وطالما استغني عن كماليات كثيرة في الحياة قد تكون مهمة لغيري على أن لا أتعرض للحظة عوز أو ذل. وهكذا هي الحياة ( الفلس الأحمر ينفع في اليوم الأسود).

تسحب من جيب زوجها

أم سيف /55 سنه أم لثلاثة أولاد تقول لـ(شبكة النبأ المعلوماتية): زوجي (اسطة) لبناء الدور والعمارات، وهو يكسب دخلا أكثر بكثير من مما يترك لمصروف البيت وعندما أطالبه بتوفير جزء من دخله للمستقبل يقول(اصرف ما في الجيب يأتيك ما في الغيب).ورغم انه يحاسبني فيم صرفت ما إعطاني اياه وما تبقى منه إلا إني لابد ان أجد مخرجا في التوفير وأحيانا اسحب من جيبه بعض المبالغ دون علمه او بعلمه. وعندما أراد أن يشتري سيارة احتاج إلى مليون دينار أعطيته المليون وقلت له هذا من والدتي وصار كلما احتاج مبلغ من المال يقول لي مبتسما :اقترضي لي من امك وتحصيل حاصل صار زوجي يعلم بخطتي في التوفير وهو يشعر بالأمان لذلك. ولكنه لايعلم كم ادخر وأين اخفي مدخراتي.

ويقول الدكتور عمران الكركوشي من جامعة كربلاء: عموما هناك نزعة سلوكية لدى النساء للادخار بشكل عام والمراه بدون دخل أو عمل تحتاج الى شيء اسمه دخل أو تريد أن تشعر إنها تملك وهي تسعى لخلق ذلك وتميل للادخار والبحث عن أبواب للاستثمار أيضا وهي تسعى لذلك لتشارك في اتخاذ القرار العائلي وهذه نزعة ايجابية عند المرأة على أية حال ,وهناك دلائل كثيرة على أصالة المرأة وشعورها العالي بالمسؤولية وقدرتها على التعامل مع الظروف الصعبة تلقائيا. أما الرجل بحكم حركته وفاعليته الاجتماعية يجب أن يكون منفق.

الباحث الاجتماعي

يقول الباحث الاجتماعي عبد الأمير آل نعيمة: فكرة الادخار أصلا متأتية من دواعي نفسية تشكل سلوك واضح يضفي على الفرد من كلا الجنسين، وكما يلي:  

1 – الرغبة في امتلاك شيء ما يستطيع من خلاله مقاومة تقلبات الزمان.

2- خلق عنصر جاذبية حيث تؤيد المقولات الاجتماعية.

3- صدق فكرة الادخار ويخلق حالة سيطرة داخلية تنبع من النفس.

ويضيف ال نعيمة خلال حديثه لـ(شبكة النبأ المعلوماتية)، في مجتمعنا الشرقي تكون المرأة أكثر ميلا للادخار غالبا وليس دائما. و يعود ذلك إلى خوف المرأة على مستقبلها الذي تزحف عليه التفككات المتعددة من ابتعاد الأبوين والإخوة والأخوات لأسباب كثيرة. وتتعلم المرأة الادخار وهي طفلة واهم تلك الأشياء المدخرة هي الذهب والذي يسمى زينة وخزينة. والمرأة العراقية أكثر ميلا للادخار من الرجل بسبب انشغالات الرجل وتقهقره، وفي النهاية هي تخرج ما ادخرته للزوج أو الأولاد وتحوله إلى مشروع حياتي مدر للدخل. واعترف أنها نزعة يجب الحث عليها.

الإسلام يحدد مشروعية ادخار الزوجة

ومن قسم التوجيه الديني في الروضة الحسينية المقدسة استمعنا إلى رأي الشرع قال: انه يجوز للزوجة أن تدخر من دخلها الخاص إذا كان لديها عمل أو عائدات ميراث يجوز أن تدخر بدون علم زوجها إما إذا كانت بدون عمل (ربة منزل) فانه لايجوز لها الادخار بدون علم وموافقة زوجها حتى ولو كانت تصرف المال المدخر على بيتها وأولادها أو حتى على زوجها نفسه. وقد يشاع بين الزوجات إن المرأة التي تسحب من جيب زوجها وتصرف على أطفالها وبيتها جائز نؤكد إن هذا غير جائز حتى لوكان بعلم زوجها وأنه يتوجب على الزوجة إحراز الموافقة والقبول لاتخاذ قرار الادخار, مع علم الزوج حيث قد يعلم الزوج ولكنه غير موافق أي إن الزوجة تضعه أمام الأمر الواقع. أما إذا اقتطعت الزوجة من مبلغ أعطاها إياه الزوج قائلا لها تصرفي به كيفما تشائين. في شراء ملابس لها أو لأطفالها أو لزينتها. يجوز لها التوفير منه. وعلى الأغلب يخول الزوج زوجته في هذه الأمور ليعطيها نوع من الحرية في اتخاذ قرار الصرف أو يعلم إن هناك نية للادخار اقصد إن هناك تفاهم واتفاق ضمني بين الأزواج في أمورهم العائلية.

وعن إذا كان الزوج سفيها أو بخيلا ومقصرا بواجباته العائلية. هل يجوز للزوجة ان تأخذ من ماله دون علمه؟

الجواب: يجوز إذا كان الحاكم الشرعي (وكيل المرجع الديني في منطقة السكن) هو الذي حدد سفه الزوج واقره وليس اعتمادا على قول الزوجة أو أهلها أو أي احد وعند ذلك (أي عندما يقر الحاكم الشرعي بسفه الزوج) يجوز لها أن تأخذ من مال زوجها على قدر حاجتها.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 7/آذار/2011 - 1/ربيع الثاني/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م