|
شبكة النبأ: كيف تواجه مخاوفك؟ تضحك
منها، كيف تواجه رعبك من الاخرين؟ تضحك عليهم، كيف تواجه همومك اليومية؟
تضحك من نفسك.
في اقصى لحظات النشوة الانسانية، اما انك تبكي واما انك تضحك، كل من
امتلك قلبا مليئا بالحب جرب هاتين الحالتين، اما الاخرون الذين لم
يعيشوا واحدة منها، فانهم يميلون الى الكبت الذي يخرج عن طريق العنف في
اقصى حدوده.
في احدى لقطات الفيلم الاوسكاري الملحمة (انقاذ الجندي رايان) يتم
اسر جندي الماني قتل احد افراد المجموعة المكلفة بالبحث عن رايان، يطلب
منه قائد المجموعة حفر قبر لجنديه المقتول، يتجاذب اطراف الحديث مع
مترجم المجموعة، يحاول اضحاكهم لا يضحكون معه، يريدون تصفيته، يطلق
سراحه امر المجموعة، يقوده المترجم خطوات الى الامام.
في لقطة اخرى الجندي يقتل فردا اخر من المجموعة، ينهار المترجم
باكيا وهو يرى نفسه عاجزا عن قتل هذا الجندي وكان قد استمتع قبلها بصوت
المغنية الفرنسية اديث بياف وسخر من نفسه، لكنه في لقطة اخرى وبعد ان
امتنع عن البكاء او الضحك يطلق النار على هذا الجندي.
انا اضحك اذا انا موجود.
كيف تواجه الموت؟ بالسخرية منه.
كيف تسخر منه؟ بالاستعداد له.
كيف تستعد له؟ بالعمل لأجله.
كيف تعمل لأجله؟ بمواجهة مصاعب الحياة،
كيف تواجه تلك المصاعب؟ بالضحك عليها،
انت تضحك اذا انت انسان، لا عجب ان يكون الانسان في راي الفلاسفة هو
حيوان ضاحك.
كثيرا ما ترد عبارة (ضحك كالبكاء) او (مضحكات مبكيات) والعكس صحيح
ايضا.
فانت احيانا تختلط لديك المشاعر ولا تدري لحظتها ان كنت تضحك او كنت
تبكي، فالفعلان يجعلانك تهتز من الاعماق، والفعلان نفسهما يجعلانك
تغتسل من هموم رزحت على صدرك.
البكاء فعل فردي ينم عن مواساة عميقة.
الضحك فعل جماعي ينم عن عزاء كبير.
الاثنان تجمعهما المشاركة، والاثنان يختصران المسافات بين الاخرين.
الضحك سلاح من اسلحة المقاومة على مستوى الافراد والجماعات، مقاومة
الضغوط الحياتية اليومية ومقاومة الطغاة.
الشعوب العربية تعيش هذه الايام زمن الثورات وزمن الفيس بوك وزمنا
اخر لا يقل اهمية عنهما انه زمن النكتة، الذي رافق هذين الزمنين وكان
التدوين الابرز على حائطيهما.
امتلكت الشعوب العربية الجرأة للثورة على حكامها وامتلكت الجرأة
ايضا على السخرية منهم وهذه المرة بصورة علنية، فمثلما خرجت الثورات
الى الشوارع خرجت النكات ايضا واصبحت مباشرة واستغنت عن التورية او
الرموز، انها صريحة وواضحة تقود الى الشخص المعني بدون اخفاء او تستر.
يستقطب القذافي نصيبا وافرا من عملية التنكيت والتي هي في نفس الوقت
عملية تبكيت، في حياته العامة وحتى حين كان يحكم ليبيا بطغيانه كان
مدعاة للسخرية من الجميع، وكان مهرج المحافل العربية والدولية.
الاخرون لا يمتلكون هذه الخاصية، بل تراهم متزمتين او متجهمين او
عبوسين، والتنكيت عليهم يستدعي مهارة اكبر في عملية الصياغة والابداع.
وحده الرئيس العراقي جلال طالباني يمتلك حسا عاليا بالنكتة حتى لو
كانت تسخر منه، وهو كثيرا ما يردد نكاتا قيلت عنه.
حسني مبارك الرئيس المصري المتنحي شبهه نظام صدام حسين في العام
1991 بالبقرة الضحوك نسبة الى ماركة من الاجبان الفرنسية معروفة باسم
لافاش كيري.
بعد العام 2003 انتشرت مقولة للرئيس اليمني علي عبد الله صالح وهو
يرى نظام صدام حسين يسقط بتلك السهولة التي سقط فيها: (على العرب ان
يحلقوا رؤوسهم قبل ان يحلقها لهم الاخرون)، وحتى الان ورغم كل
التظاهرات لم يبدأ الرئيس اليمني بالحلاقة رغم من سبقه اليها.
مواقع الانترنت وصفحات الفيس بوك حافلة بالكثير من النكات التي
تواكب الحدث الذي يجري الان وقسم منها يستشرف المستقبل عبر امنيات قيد
الطموح الذي قد يتحقق او لا يتحقق.
ما لذي يجعل العرب ينكّتون على حكامهم؟ ابلغ اجابة وجدتها هي: اليوم
يوم النكت الرئاسية يعني هم حكامنا يضحكوا علينا كل يوم خلونا نضحك
عليهم ولو يوم.
من هذه النكات وبعد لجوء زين العابدين بن علي الى السعودية كانت هذه
النكتة وحملت عنوان (أسماء المحلات فى السعودية بعد سنتين):
نواز شريف للخبز الشباتى، صالون زين العابدين للحلاقة، مخابز
وتموينات حسنى مبارك، القذافى للخيام والمظلات، بنشر على عبدالله صالح،
بشار للكبه والغنوش والحمص، كوفى شوب سعد الحريرى، تشليح عمر البشير
للسيارات.
يعتبر حسني مبارك صاحب اكبر رصيد من النكات، كيف لا والشعب المصري
صاحب نكتة لا يمل يوما من ابتداعها والابتكار فيها.
رفع المصريون خلال المظاهرات شعارات تنادي برحيل مبارك منها: (هو في
جائزة لأرخم رئيس في العالم؟، (هشششش بقى، أمشي)، وفي مظاهرات
الإسكندرية، (يلي فاضلك 6 شهور خد أجرتهم يلا وغور).
في السياق ذاته، أغنى الشارع اللبناني خلال الأيام الأخيرة رصيد
مبارك ببعض النكات (صنع في لبنان)، منها أنه (ورد الآن أنه جار الاتصال
بالجراح السعودي الشهير والمتخصص عبد الله الربيعة، لإجراء عملية فصل
توائم مستعصية، حيث عجز الأطباء المحليون عن فصل حسني مبارك عن كرسي
الرئاسة).
إلى ذلك، اتصل مبارك بإحدى الإذاعات، برنامج "ما يطلبه المستمعون"
وأهدى إلى شعبه من على الأثير أغنية "أخاصمك آه، أسيبك لا". البرنامج
ذاته تلقّى اتصالاً من الشعب المصري الذي طلب أغنية أهداها للرئيس
التونسي المخلوع زين العابدين بن علي، كلماتها "بن علي، خد صاحبك عني،
بن علي، صاحبك جنّني". وأيضاً أن "مبارك يطالب بتغيير الشعب".
من ناحية أخرى، هناك من استبق الأحداث وتندّر على لحظة الرحيل التي
ينادي بها الشعب: "عُلِمَ من مصادر مطّلعة أن مبارك اتصل بإسماعيل
هنية، رئيس الحكومة الفلسطينية وبشّره بأنه سيفتح الأنفاق مجدداً
وسيكون أول الواصلين إلى غزة. وأيضاً اتصل مبارك بزين العابدين بن علي،
الرئيس التونسي المخلوع المقيم في السعودية وطلب منه: "خلّيلي المفتاح
تحت الدعسة، جايي بعد شوية".
أما في وصف الحالة العبثية في شوارع مصر، فقال البعض: "شوارع CAIRO
تحترق، وحسني مبارك مثل CAIRO".
وفي توقّع نجاح الثورة، يحكى أن أحد المواطنين سأل صديقه: "ماذا
سيحدث إذا نجحت الثورة المصرية؟ فأجابه: سيلعبون في النهائي ضد تونس".
وانتشرت احدى النكات حول مبارك واسرته:
أن تعطي أبنك موبايل فأنت لطيف
وان تعطي أبنك سيارة أنت كريم
وان تعطي ابنك بلد وشعب ليلعب بها هو وأصحابه فأنت مبارك. |
