
شبكة النبأ: يؤمن اغلب السعوديين ان
التغيير الذي اجتاح العديد من دول المنطقة لابد ان يكون له صدى في
دولتهم التي تعاني بدورها من هيمنة ديكتاتورية ونظام استبدادي يبسط
سلطته بقوة النار والحديد، ويصادر معظم الحقوق الشخصية والعامة التي
كفلتها الاعراف السماوية والقوانين الدولية.
خصوصا ان تلك التطلعات الشرعية وجدت متنفسا اخيرا على سياق اشقائهم
العرب عبر الانترنت والشبكة العنكبوتية، خصوصا على بطل الثورات العربية
كما يسمى (الفيس بوك)، حيث ازدادت الدعوات التي يطلقها الشباب السعودي
المطالب بالحرية والانعتاق من التسلط السعودي.
وتعاني شرائح واسعة من المجتمع السعودي التهميش والفقر على الرغم من
الثراء الفاحش للعائلة الحاكمة، والتي تصادر بشكل علني واردات النفط
الغنية.
المال لن يمنع الثورة
فقد نشرت صحيفة "الغارديان" في صفحاتها الداخلية تقريرا عن السعودية،
ضمن تغطيتها الموسعة للاحتجاجات في الدول العربية.
يقول التقرير ان مجموعة من المثقفين في السعودية حذروا من ان منحة
الانفاق الكبيرة التي اعلنها الملك ليست بديلا عن الاصلاح السياسي.
كان العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز اعلن عن خطط انفاق
وعلاوات ومنح اجتماعية بنحو 36 مليار دولار مستبقا احتجاج ضد الحكومة
يجري الاعداد له الشهر المقبل.
ودعا مجموعة من العلماء والمثقفين السعوديين في بيان لهم العائلة
المالكة للتعلم من الانتفاضات الاخيرة في الخليج وشمال افريقيا وان
تصغي لمطالب شباب المملكة المحبط، الذي يخطط لما اسماه "يوم غضب" في 11
اذار.
ويقول تقرير الغارديان ان المحللين يرون ان ملك السعودية، البالغ من
العمر 86 عاما، والذي وعد باصلاحات لدى اعتلائه العرش في 2005 لم يغير
كثيرا من الوضع الراهن.
ورغم الثروة النفطية الهائلة الا ان السعودية بها ذات المشاكل التي
اشعلت فتيل الثورة في الدول العربية الاخرى، فنصف عدد السكان تحت سن 18
عاما وعكس بقية دول الخليج التي لا توجد بها بطالة كبيرة فان 40 في
المئة من الشباب السعودي من سن 20 الى 24 عاطل عن العمل.
ويشير التقرير الى ان الدعوة للاحتجاج على موقع فيسبوك لم تحظ حتى
الان بردود الفعل التي لاقتها دعوات مماثلة في مصر وتونس، فلم يسجل على
صفحة مظاهرة الشهر المقبل في السعودية سوى عدة مئات الى الان.
الا ان بعض المحللين يرون ان 20 مليونا من سكان المملكة وعددهم 27
مليونا يشعرون بالانفصال التام عن الدولة، مما يشكل قنبلة معارضة
موقوتة.
ومما يشير الى تركيز الاهتمام على السعودية في خضم التغطية الواسعة
لاحتجاجات ليبيا واليمن والبحرين وتبعات احتجاجات تونس ومصر، نقرا
مقالا في الاندبندنت بعنوان "ربما لا تسقط السعودية، لكنها لو سقطت
سيتغير العالم".
يركز كاتب المقال، د. فواز جرجس مدير مركز الشرق الاوسط بجامعة
لندن، على ان احتمال تكرار ما حدث في مصر وتونس والان في ليبيا في
السعودية بعيد.
وبعد الاشارة الى التغيير في العالم العربي يقول: "لكن اذا كانت
الثورة ستقف في مكان ما ففي الاغلب في الصحراء على باب بيت آل سعود حيث
اكبر امدادات النفط العالمية".
يرى الكاتب انه رغم وجود فقر الا ان سكان السعودية افضل حالا وان
الحكام يستخدمون المال لمنع المعارضة، وهو ما فعله الملك مؤخرا.
ويضيف: "كما ان تركيبة المجتمع تجعل المملكة اقل عرضة (للثورة) لان
عنصري النظام الرئيسيين، الحكومة ورجال الدين السنة المحافظين، متحدين".
لكنه يخلص في نهاية المقال الى القول: "على العالم ان ينظر الى
الوضع بترقب، فاذا سقطت السعودية، وهو احتمال بعيد، سيكون هناك زلزال
في الاقتصاد العالمي .... يعتقد كثير منا ان السعودية اكبر من ان تسقط،
لكن اذا كنا مخطئين، فان اثر ذلك على العالم سيكون مدمرا".
تجنب عدوى الاحتجاجات
ويحتاج حكام السعودية المتقدمون في العمر الى القيام بما هو اكثر من
مجرد اغداق المعونات الحكومية اذا كانوا يريدون الا تصل الاحتجاجات
التي تجتاح العالم العربي الى حدود المملكة.
وقدم الملك عبد الله اعانات قيمتها 37 مليار دولار للسعوديين في
محاولة فيما يبدو لكبح جماح المعارضة المتزايدة وتجنب تكرار الاحتجاجات
التي اجتاحت الشرق الاوسط حين كان في الخارج لشهور لتلقي العلاج.
وستنفق الاعانات على اجراءات اجتماعية بدءا بالاسكان وانتهاء بتوفير
فرص العمل فضلا عن المنح الدراسية والنوادي الرياضية. وهي تمثل أقل من
عشر المبالغ التي تملكها السعودية في صورة أصول أجنبية كي تتمكن من
معالجة المشاكل الاجتماعية.
لكن محللين ودبلوماسيين يقولون ان الضغوط على الحكومة تتزايد حتى
تتيح لشبانها مساحة اكبر للتعبير عن رأيهم. ولا يستطيع ضخ الاموال وحده
التعامل مع مطالب الاصلاح الواردة في التماسات تقدم بها ائتلاف فضفاض
من الليبراليين ونشطاء حقوق الانسان والاسلاميين والمفكرين.
وقال خالد الدخيل المحلل السياسي السعودي الذي وقع على أحد طلبات
الالتماس التي تدعو الى اجراء انتخابات ولمزيد من الشفافية في قرارات
الحكومة "الاعانات التي قدمها الملك لقيت استقبالا جيدا لكنها في حد
ذاتها ليست كافية."
وأضاف "أعتقد أن القيادة ستجري بعض التغييرات وتبدأ حوارا غير رسمي.
قد يجري تعديل وزاري والانتخابات مطروحة على الطاولة." بحسب رويترز.
وفي ثلاثة طلبات التماس منفصلة وقعها اكثر من الف شخص طالب الائتلاف
ايضا بمزيد من الشفافية بشأن الانفاق الحكومي وبفرض قيود على الدور
المهيمن الذي تلعبه أسرة ال سعود في السياسة.
وقال محمد القحطاني رئيس جمعية الحقوق المدنية والسياسية بالمملكة
العربية السعودية والتي تضم ليبراليين ومحامين ونشطاء بمجال حقوق
الانسان " كلها تدعو في الاساس الى ملكية دستورية وهو أمر جيد جدا
لانها تصدر عن جماعات مختلفة."
وقال القحطاني الذي يشن حملة لهذا الغرض منذ سنوات "مسألة ما اذا
كانت الحكومة ستستجيب محل تخمين كبير."
وتحكم أسرة ال سعود المملكة التي يتجاوز عدد سكانها 18 مليون نسمة
في تحالف مع رجال الدين السنة وليس لها برلمان منتخب ولا توجد بها
أحزاب سياسية.
وفي حين يقول محللون انه لا يوجد مؤشر حتى الان على احتجاجات شعبية
كتلك التي امتدت من تونس ومصر الى اليمن والبحرين وسلطنة عمان وكلها
دول مجاورة للسعودية أيد اكثر من 17 الف شخص دعوات على موقع فيسبوك
للمشاركة في احتجاجات هذا الشهر.
واكتسب السعوديون جرأة اذ يشاركون في الجدل على مواقع التواصل
الاجتماعي مستخدمين في كثير من الاحيان اسماءهم بالكامل في تناقض مع ما
كان يحدث في الماضي حين كان كثيرون يخشون الحديث علنا خوفا من ايداعهم
السجن.
وواجه الزعماء السعوديون نداءات مشابهة بعد حرب الخليج عام 1991 حين
انهالت على الملك فهد طلبات التماس من اٍسلاميين أغضبهم وجود قوات
أمريكية في مهد الاسلام. وسمح الملك في النهاية باجراء اصلاحات محدودة.
وقالت مضاوي الرشيد المحللة السعودية في لندن "الوضع مختلف جدا
الان. في عام 1991 كان هناك معسكران... معسكر الاسلاميين ومعسكر
الليبراليين. كانت لهما تقاليد متباينة تماما."
وأضافت "انهم يأتون الان من قطاعات مختلفة من المجتمع لكن الفكرة
مشتركة. انهم يضغطون فعلا من أجل ملكية دستورية لكنني لا أعتقد أن هذا
سيحدث."
وتقع المنطقة الشرقية المنتجة للنفط في دائرة الضوء اذ نظمت الاقلية
الشيعية هناك احتجاجات صغيرة مطالبة بالافراج عن المعتقلين بعد أن
شجعتها دعوات التغيير التي يرددها أشقاؤهم بالبحرين.
ولطالما اشتكى الشيعة في البحرين والسعودية من التهميش رغم نفي
السلطات. وكانت احتجاجات الشيعة في السعودية أصغر من الاشتباكات التي
وقعت عام 2009 حين انتهك رجل دين مجالا يعد من المحرمات وألمح الى
احتمال أن يسعى الشيعة لقيام دولة لهم.
لكن رد فعل السوق الذي اتسم بالقلق أظهر أن الاحداث في السعودية
تراقب عن كثب. وأسواق الصرف السعودية في أدنى مستوياتها منذ عامين في
حين ارتفعت مبادلات الالتزام مقابل ضمان الى أعلى مستوياتها منذ يوليو
تموز عام 2009 .
وكتبت المدونة السعودية ايمان النفجان على موقعها على الانترنت "أرى
أننا مازلنا في القطار المتجه الى بلدة الثورة. الناس غير راضين عن
التنازلات التي أعلنت حتى الان والمستقبل لايزال غائما جدا." وأضافت
"من المنطقي أن نقول ان الامور ستتصاعد اذا لم تنفذ المطالب او على
الاقل تقدم تنازلات كبيرة." بحسب رويترز.
ومن المرشحين لتولي العرش وزير الداخلية الامير نايف وهو محافظ ولا
يبدي تحمسا للاصلاح. وحاليا لا يستطيع الا ابناء مؤسس الدولة الملك عبد
العزيز بن سعود شغل منصب الملك. لكن مع تبقي 20 منهم فقط يقول محللون
ان الاسرة المالكة تحتاج الى الترويج لامراء أصغر سنا من جهة واحداث
توازن مع مطالب رجال الدين الوهابيين الذين ساعدوا في تأسيس المملكة
عام 1932 من جهة أخرى.
ورغم ظهور بعض المؤشرات على المعارضة لا يتوقع كثير من المحللين
السعوديين أن تشهد المملكة احتجاجات كبيرة في البلاد حيث يحذر رجال
الدين عادة من تحدي أولي الامر.
وقال سايمون هندرسون وهو كاتب مقيم بالولايات المتحدة معني بالخلافة
السعودية "لن تصنع رسالة او اثنتان من شابة سعودية متعلمة في الخارج
ومستاءة من عدم حصولها على حقوقها ثورة في الرياض."
وقال الدخيل ان معظم النشطاء لا يخططون لاي ثورة بالسعودية لكنهم
قلقون من تزايد الضغوط الاجتماعية مثل عدم توافر فرص العمل او المساكن.
وأضاف "أعتقد أن الناس يريدون تغييرا داخل النظام."
أمراء يتقاسمون عائدات النفط
في سياق متصل كشفت وثيقة امريكية سربها موقع "ويكيليكس" أن أميرا
سعوديا أبلغ السفير الأميركي في المملكة آنذاك أن "عائدات مليون برميل
من النفط يومياً تعود بأكملها إلى خمسة أو ستة أمراء".
وتعود الوثيقة التي جائت تحت عنوان "الأمير سلطان يدعم الملك في
الخلافات العائلية" إلى العام 2007.
ووفقاً لصحيفة السفير فإن الوثيقة تشرح تفاصيل توزيع المداخيل بين
أفراد العائلة الحاكمة حيث بلغت المعاشات الشهرية حتى 270 ألف دولار
إلى أبناء عبد العزيز بن سعود.
وتتضمّن المكافآت هدايا الزواج ومبادرات بناء القصور إضافة الى "الوفاء
بوعود الأمراء المالية" ومكافآت شهرية أيضاً لأفراد وعائلات من خارج
العائلة المالكة.
وأشارت الوثيقة الى أن أمراء كثر يعتمدون على اقتراض الأموال من
المصارف التجارية المحلية من دون تسديدها ما دفع المصارف في البلاد إلى
التردّد في إقراض أفراد العائلة ووضع شروط وضمانات مقابل هذه القروض.
وروت الوثيقة أسلوباً آخر اعتمده بعض "الأمراء الجشعين" عبر مصادرة
الأراضي العامة الهدف منها "إعادة بيع هذه الأراضي إلى الدولة مقابل
أموال طائلة بهدف إنجاز مشاريع معينة".
وعمد أمراء آخرون إلى الحصول على الأموال عبر ضمانهم لعمال أجانب
لتمكينهم من الحصول على الإقامة في البلاد وتقاضيهم "ضرائب" مقابل هذا
الأمر.
ولفتت الصحيفة الى أن بعض أفراد الأسرة الحاكمة امتعضوا وفقاً
للوثيقة من إجراءات الملك عبد الله بن عبد العزيز التي حدّت من
امتيازاتهم.
ونقلت الوثيقة عن الملك قوله لأشقائه بأنه يبلغ فوق الثمانين عاماً
ولا يرغب في أن يأتي يوم حسابه "وعبء الفساد يثقل كاهله". بحسب شبكة
راصد الإخبارية.
وأشارت الصحيفة الى ان الملك قطع الخطوط الهاتفية "لآلاف الأمراء
والأميرات" وألغى امتيازات شتّى من السفر المجاني إلى دفع التكاليف
الفندقية لأفراد العائلة.
كما شدّد على منح التأشيرات للعمال الأجانب ما أغضب أمراء استفادوا
من "ضرائب" الكفالة في وقت سابق.
احتجاجات الشيعة
من جانب آخر قال شهود وناشطون في مجال حقوق الانسان ومصادر شيعية ان
سعوديين شيعة نظموا الجمعة الماضية احتجاجين محدودين في شرق المملكة
المنتج للنفط مطالبين بالافراج عن داعية شيعي وسجناء اخرين.
قال شهود وناشطون في مجال حقوق الانسان ان ما يزيد على 100 متظاهر
جابوا شوراع في مدينة الهفوف للمطالبة بالافراج عن الداعية الشيعي
توفيق الامير الذي اعتقل بعد أن طالب بملكية دستورية ومكافحة الفساد.
وقال شهود طلبوا عدم ذكر اسمائهم انه في بلدة القطيف المطلة على
الخليج طالب ما يزيد على 100 متظاهر بالافراج عن الامير وعن محتجزين
شيعة.
وتظهر تسجيلات مصورة وضعت على موقع يوتيوب الالكتروني صورا لما ذكر
انها احتجاجات. ولم يتسن على الفور الحصول على تأكيد حكومي بحدوث اي
احتجاجات. وشهدت القطيف وبلدة العوامية المجاورة مظاهرات مماثلة. بحسب
رويترز.
ويعيش معظم الاقلية السعودية الشيعية في شرق المملكة حيث يتركز جزء
كبير من الثروة النفطية للمملكة وبالقرب من البحرين التي تشهد احتجاجات
للاغلبية الشيعية ضد حكامهم السنة.
وتنامت ممارسة الشيعة في السعودية لشعائرهم الدينية في السنوات
الاخيرة بفضل الاصلاحات التي اجراها العاهل السعودية الملك عبد الله.
لكنهم يشكون من أنهم يكافحون من أجل الحصول على نصيب في المناصب
الحكومية العليا ومزايا اخرى كبقية المواطنيين.
التشكيل الحكومي الجديد
فيما يقول نشطاء مؤيدون للديمقراطية في السعودية ان الحكومة تراقب
عن كثب وسائل التواصل الاجتماعي الالكترونية لتقضي في المهد على أي
احتجاجات ربما تستلهم الانتفاضات التي اجتاحت البلدان العربية وأطاحت
برئيسي مصر وتونس.
وأنشأ نشطاء صفحات على موقع (فيسبوك) للتواصل الاجتماعي تدعو لتنظيم
احتجاجات يومي 11 و 20 مارس اذار وانضم للصفحات ما يزيد على 17 ألف شخص
لكن الشرطة نجحت في وأد محاولتين للتظاهر في مدينة جدة الساحلية الشهر
الماضي مما يسلط الضوء على الصعوبات التي تواجه مثل هذه التعبئة في
المملكة المحافظة.
وقال شهود عيان انه في احدى الحالات احتجزت الشرطة بين 30 و 50 شخصا
عندما تجمهروا في الشارع. وفي حالة أخرى كثفت قوات الامن من وجودها في
موقع لاحتجاج تمت الدعوة له على الفيسبوك مما أخاف المحتجين وأبعدهم.
وقال المدون السعودي أحمد العمران "هم يراقبون ما يقوله الناس على
الفيسبوك وتويتر عن قرب.. يبدو أنهم منزعجون حيث أنهم محاصرون
بالاضطرابات ويريدون ألا تنتقل العدوى."
وتحظر السعودية وهي أكبر بلدان العالم انتاجا للنفط الاحتجاجات
والاحزاب السياسية. وفي عام 2004 فضت قوات امن سعودية كانت تحمل
الهراوات والدروع احتجاجات في الرياض وفي جدة دعت اليها جماعة سعودية
معارضة مقرها لندن.
وليس هناك مؤشر على أن المملكة ستجري انتخابات لمجلس الشورى ذي
الوظيفة الاستشارية والذي يضاهي البرلمان أو اجراء جولة جديدة من
انتخابات المجالس البلدية.
وقالت مي يماني المحللة السعودية في لندن "هم يراقبون الانترنت
والفيسبوك ومواقع أخرى منذ وقت لكن الامر تطلب قدرا أكبر من الانتباه
الان...السعوديون لا يختلفون عن اخوانهم أو أخواتهم في المنطقة - هم
متعلمون ومترابطون وغاضبون". ومن الصعب تقدير عدد السعوديين المستعدين
للمشاركة في الاحتجاجات.
ويعتقد أن زهاء 60 في المئة من أبناء السعودية دون سن الثلاثين ونشأ
معظمهم في عصر ثورة المعلومات الذي زاد من الوعي بالحقوق بين المحتجين
العرب في أماكن اخرى وساعدهم على تنظيم صفوفهم.
وعادة ما يقول رجال الدين وهم اصحاب صلاحيات واسعة في المجتمع
السعودي ان مساءلة حكام المملكة امر محرم.
وقال مفتي المملكة الشيخ عبد العزيز ال الشيخ على موقعه على
الانترنت انه يعارض مشاركة النساء في الحياة السياسية.
وقال انه يجب اعادة النظر في هذه المطالب. وتساءل ان كانت هذه
المطالب ستخدم الاسلام وستوحد الامة الاسلامية.
الحزب الوطني السعودي
على صعيد متصل تجري اتصالات نشطة بين عدد من النشطاء السياسيين
والحقوقيين في المملكة العربية السعودية لترتيب أوضاعهم للإعلان عن
تيار وطني تكون رؤيته نابعة من الايمان بالدولة المدنية ودولة القانون
ومبدأ المواطنة.
وقال منتدى 'حوار الخليج' امس الثلاثاء ان هذا التحرك يأتي اثر
الإعلان الذي قام به عدد من النشطاء الإسلاميين يوم الأربعاء الماضي عن
قيامهم بتقديم طلب للجهات المسؤولة بالمملكة يطالبون به الاعتراف بحزب
إسلامي تماشيا مع مستجدات العصر وتواكبا مع الحراك المدني في المنطقة
المطالب بالديمقراطية والحرية .
من جانب آخر أعرب أحد المتابعين في المملكة، لم يكشف عن اسمه، أن
حراك المثقفين الذين طرحوا فكرة إنشاء حزب أسوة بما تقدمت به مجموعة
إسلامية أصبح مستحقا في مثل هذه الظروف التي تمر بها المنطقة.
وأضاف ان الأسرة الحاكمة (السعودية) ستجد نفسها في موقف لا تحسد
عليه من هذه المطالبات التي بدأت تتقاطر عليها من كل حدب وصوب على أثر
الحراك الذي يتفاعل على مستوى المنطقة.
واضاف أن العديد من المراقبين على مختلف مشاربهم يجمعون على أن
المنطقة مقبلة لا محالة على تغيرات تاريخية، وهي الحقيقة التي شجعت على
هذا التوجه من بعض الناشطين سواء من التيار الإسلامي أو من التيار
المدني الذي يفكر جديا بالإعلان عن تجمع رسمي يجمعهم.
واشار إلى أن مرحلة المد الثوري ابان فترة خمسينات وستينات القرن
الماضي كانت شاقة وقاسية ورغم ذلك استطاعت الأسرة الحاكمة أن تتجاوزها
بمساعدة الغرب لها بكل تأكيد.
إلا أن المصادر قالت 'لكن هذه المرحلة غير مضمونة النتائج بكل تأكيد
فاليوم الغرب قد غير استراتيجيته التي كان يستخدمها لإسقاط الاتحاد
السوفييتي ذي الايديولوجية الشيوعية'.
وتابعت ان الغرب كان يستخدم استراتيجية دعم الأنظمة الموالية له في
سبيل عدم تمكن امتداد الشيوعية وهذا ما طرحته وزيرة الخارجية الامريكية
السابقة كوندوليزا رايس أثناء استجوابها في مجلس الشيوخ قبيل الإعلان
عن تسميتها وزيرة خارجية، أما الآن فالتوجه العام العالمي، والغربي منه
خصوصا متجه نحو ديمقراطية الشعوب على اعتبار أن الديمقراطية أصبحت جزءا
من حياة الشعوب وحقا مشروعا لكافة شعوب الأرض. بحسب يونايتد برس.
وأوضحت المصادر أن ما ستمر به المملكة في المرحلة القادمة بأثر بالغ
مما حدث في تونس (الاطاحة بالرئيس زين العابدين بن علي) وحدث في مصر
(تنحي الرئيس حسني مبارك) كل ذلك لا بد أن يلقي بظلاله على كافة دول
الإقليم.
وقالت المصادر 'لذا فان تحرك التيار المدني أو المثقفين بالمملكة
العربية السعودية أصبح مستحقا بهذا الوقت ولكن كيف ستتعامل معه الأسرة
الحاكمة السعودية؟ هذا ما ستكشف عنه الأيام القليلة المقبلة بعد تتضح
صورة المثقفين في المملكة'.
وفي إشارة إلى تصريحات وزير الداخلية السعودي الأمير نايف بن عبد
العزيز التي يؤكد علنا أن الفكر يعالج بالفكر، قال منتدى حوار الخليج
انه 'سيعالج الفكر بالسجن! صرخات معتقلي الرأي في سجونه تكذب أقواله'.
وكانت مجموعة من الناشطين السياسيين والمهتمين بالشأن العام في
المملكة قاموا بتسليم خطاب للديوان الملكي السعودي يعلنون فيه تأسيس
أول حزب سياسي في المملكة العربية السعودية باسم 'حزب الأمة الإسلامي'.
التحديات الاقتصادية
الى ذلك تواجه السعودية أكبر مصدر للنفط في العالم تحديات في الوقت
الذي تحاول فيه تنويع اقتصادها ودمج شريحة الشباب التي تنمو بوتيرة
متسارعة.
ولان النظام في السعودية هو ملكية مطلقة فان كثيرا من السياسات
الاقتصادية والاجتماعية مرهونة بمن يحكم البلاد.
وفيما يلي قائمة بالتحديات الرئيسية بحسب رويترز:
كيف تنوي السعودية تنويع اقتصادها وخلق وظائف
جديدة؟
- تعهدت السعودية بانفاق 400 مليار دولار حتى عام 2013 لتطوير
بنيتها التحتية وأطلقت خطة لبناء خمس مدن اقتصادية وصناعية لخلق وظائف
جديدة. لكن التأخيرات تعيق العديد من المشروعات بينما يشير محللون الى
وجود منافسة من جهات أكثر رسوخا مثل دبي.
وانسحبت عدة شركات عالمية من مشروعات بسبب صعوبة الحصول على ائتمان
بعد الازمة المالية العالمية. لكن في ظل وجود احتياطيات ضخمة تراكمت
خلال سنوات ارتفاع أسعار النفط يمكن أن تواصل المملكة تمويل المشروعات
الصناعية الرئيسية.
ما مدى تسارع النمو السكاني؟
- من المتوقع أن ينمو عدد السكان بنسبة 15.4 بالمئة الى 29.3 مليون
نسمة خلال خمس سنوات وهو ما يرجع أساسا الى استيراد العمالة الماهرة من
أجل مشروعات كبرى تهدف الى تنويع اقتصاد المملكة الذي يعتمد على النفط
وفقا لاستطلاع أجرته رويترز.
ومن المتوقع أن يفوق معدل نمو الوافدين الذين يبلغ عددهم حاليا 6.2
مليون نسمة معدل نمو المواطنين السعوديين مما يشير الى أن المملكة
ستعتمد على الاجانب لتنفيذ خطط التنمية.
وبينما يبلغ عدد السكان رسميا 25.4 مليون نسمة تقدم السعودية
لمواطنيها مزايا اجتماعية لكن هذه المزايا أقل مما تمنحه بلدان الخليج
الاخرى المنتجة للنفط مثل الكويت وقطر والتي عدد مواطنيها أقل بكثير.
ولا تنشر المملكة بيانات البطالة بشكل منتظم اذ أن هذه مسألة حساسة
لدى السلطات لان من شأنها أن تسلط الضوء على فجوات في توزيع الثروة في
أحد أثرى بلدان العالم. ونقل عن وزير العمل في يونيو حزيران قوله ان
نسبة البطالة بين النساء السعوديات 28.3 بالمئة.
كيف تعتزم السعودية حل مشكلة الاسكان؟
- أدركت المملكة التحديات التي ينطوي عليها توفير السكن والاراضي
للسكان الذين يتزايد عددهم لكن هناك مشروع قانون للتمويل العقاري لم
يتم اقراره رغم مرور سنوات من التحضير.
ما مدى نجاح اصلاح التعليم؟
- يبدو أن المسؤولين يدركون الحاجة الى اصلاح نظام التعليم لصقل
مهارات الخريجين من أجل سوق العمل. لكن الحكومة التي تخشى من معارضة
علماء الدين لم تتخذ خطوات جادة لاصلاح المناهج الدراسية.
وتنفق السعودية المليارات على بناء جامعات ومدارس جديدة وتجهيز
المنشات القديمة بأجهزة كمبيوتر لكن دبلوماسيين يقولون ان 60 بالمئة من
المناهج الدراسية تتناول أمور الدين.
ماذا عن النظام القضائي؟
- عزل الملك عبد الله في 2009 رئيس المحكمة العليا وهو عالم متشدد
في اطار جهود لتحديث النظام القضائي لكن دبلوماسيين يقولون ان وتيرة
الاصلاحات بطيئة.
والخطوة الوحيدة الملموسة هي اقامة محاكم للاستئناف ومحاكم تجارية.
لكن ليس هناك حتى الان اتساق في تطبيق القانون اذ أن محاكم في مناطق
مختلفة من المملكة تصدر أحكاما مختلفة لنفس الجريمة وهو ما يحرج
الحكومة في أغلب الاحيان.
وتظهر حقيقة ان شركات سعودية متعثرة تواجه دعوى قضائية في نيويورك
أن السعوديين أنفسهم لا يثقون في نظامهم القضائي.
ما مدى نجاح خطط جذب الاستثمار؟
- تعطلت الجهود الرامية لجذب مزيد من الاستثمار بسبب أزمة ديون تجلت
في اعلان شركات مملوكة لعائلات سعودية عن عمليات اعادة هيكلة ديون لكن
هذه الشركات رفضت ذكر حجم هذه الديون.
وسمحت البورصة السعودية وهي الاكبر في العالم العربي بملكية محدودة
للاسهم لكن قواعد الافصاح لا ترقى الى المعايير المطبقة في الاسواق
الاكثر نضجا.
ماذا عن تهديد تنظيم القاعدة من اليمن؟
- يساور السعودية القلق بشأن تسلل عناصر من القاعدة من اليمن عبر
الحدود بين البلدين التي يبلغ طولها 1500 كيلومتر والتي تشتهر بأنشطة
التهريب.
وقال جناح القاعدة في جزيرة العرب الذي يتخذ من اليمن مقرا انه يريد
الاطاحة بالاسرة الحاكمة في السعودية. وفي أغسطس اب 2009 حاول انتحاري
من التنظيم قتل الامير محمد بن نايف الذي يقود جهود مكافحة الارهاب في
السعودية. |