
شبكة النبأ: كان ومازال للحركات
الاسلامية في مصر اثر بارز في الساحة السياسة وبرغم عدم مشاركتهم
القوية في الثورة التي حدثت مؤخراً الا ان تحركاتهم لما بعد الثورة
كانت واضحة جداً كمحاولتهم الاعلان قريباً عن تشكيل حزب جديد وحركة جمع
التواقيع لمناهضة مشروع الغاء الفقرة الثانية من الدستور الحالي لمصر
والمطالبة بحقوق المرأة.
ان الاسلاميين وفي محاولتهم الاخيرة من اجل الدخول الى معترك
الانتخابات لما بعد مبارك وان كان هدفهم المعلن هو عدم رغبتهم في
الحصول على منصب الرئيس لكن النوايا تبقى موجودة وهو حق مشروع للجميع
في الحصول على مقاعد برلمانية تؤهلهم في احداث تغيرات تنسجم مع نظرتهم
في الحكم ولعل اول الامر ما حدث من غزل بينهم وبين العلمانيين حول
تغيير عبارة – الاسلام دين الدولة – في محاولة لإثبات الوجود وانتصار
كل طرف لمعتقده .
الاسلام دين الدولة
فقد أطلق سلفيون بمصر حملة واسعة لجمع توقيعات تؤكد على ضرورة
الابقاء على المادة الثانية من الدستور والتي تنص على أن "الاسلام دين
الدولة" وذلك في محاولة "لاجهاض" حملات ومطالبات أخرى بالغاء هذه
المادة وفيما قد يكون مدخلا لوجود سياسي لحركة "الدعوة السلفية" التي
تشكلت في سبعينات القرن الماضي, وتقول المادة الثانية للدستور الحالي
الذي وضع عام 1971 ان " الاسلام دين الدولة واللغة العربية لغتها
الرسمية ومبادئ الشريعة الاسلامية المصدر الرئيسي للتشريع", وكان
المشير حسين طنطاوي رئيس المجلس الاعلى للقوات المسلحة أصدر مؤخراً
قرارا بتشكيل لجنة لتعديل الدستور على أن تنتهي من عملها خلال عشرة
أيام. لكن هذه التعديلات لا تتضمن المادة الثانية.
ويتولى المجلس الاعلى ادارة شؤون مصر منذ الاطاحة بالرئيس المصري
السابق حسني مبارك في ثورة شعبية انطلقت يوم 25 يناير كانون الثاني
الماضي وانتهت بتخليه عن سلطاته للمجلس يوم 11 فبراير شباط الجاري,
ورغم ان المادة غير مدرجة في التعديلات الجارية لكن صدرت دعوات من
نشطاء حقوقيين ومسيحيين وعلمانيين ومثقفين الى استلهام الصياغة القديمة
لدستور 1923 الذي تقول مادته الثالثة "المصريون لدى القانون سواء وهم
متساوون في التمتع بالحقوق المدنية والسياسية وفيما عليهم من الواجبات
والتكاليف العامة لا تمييز بينهم في ذلك بسبب الاصل أو اللغة أو الدين"
كما تنص مادته الثانية عشرة على أن "حرية الاعتقاد مطلقة", وردا على
ذلك قررت حركة "الدعوة السلفية" بالاسكندرية التي تقول انها تضم عشرات
الالاف من الاعضاء اطلاق حملة لجمع التوقيعات بناء على توصيات مؤتمر
للتيار السلفي عقد يوم الثامن من فبراير شباط بالمدينة الساحلية في
شمال مصر.
وبدأ الترويج للحملة على موقع خاص بها على الانترنت (اسلاميك-اي
دي.كوم) بعد ذلك بأسبوع لجمع التوقيعات الكترونيا, وقال احمد عبد
الحميد منسق الحملة لرويترز ان الحملة "خطوة استباقية تهدف الى التأكيد
على هوية مصر الاسلامية وعدم المساس بها واجهاض الدعوات لالغائها من أي
دستور جديد" مشيرا الى ما يدور من دعوات لالغاء الدستور الحالي ووضع
دستور جديد بعد انتهاء الفترة الانتقالية الحالية وتسليم سلطة البلاد
الى رئيس جديد منتخب, وبلغ عدد اعضاء صفحة الحملة على الفيسبوك اكثر من
31 الفا حتى صباح يوم الجمعة فيما بلغ عدد الموقعين على اهداف الحملة
على موقعها الالكتروني زهاء 30 الفا.
وأضاف عبد الحميد ان التوقيعات تتم ايضا على نماذج ورقية في العديد
من محافظات مصر من خلال متطوعين. وذكر ان عدد الموقعين على هذه النماذج
تعدى مليونا ونصف المليون شخص.
وهناك العديد من مراكز تجميع نماذج التوقيع الورقية في عدد من
المحافظات مثل الشرقية وكفر الشيخ والغربية والبحيرة والسويس والمنوفية.
وعناوين هذه المراكز معلنة على صفحة الفيسبوك.
وقال شاهد عيان رفض ذكر اسمه لرويترز انه رأي مئات الاشخاص يوقعون
على نماذج توقيع الحملة الورقية بعد صلاة الجمعة الماضية في مسجد خليل
الرحمن في مدينة الشيخ زايد القريبة من القاهرة.
ويرى مؤيدو الغاء المادة الثانية أن ذلك من شأنه ايجاد دستور محايد
يقوم على مبدأ المواطنة ويحقق الحرية والعدالة والمساواة لكل المصريين
من مختلف الاديان والطوائف, وقال مثقفون مصريون في بيان أصدروه في وقت
سابق الشهر الجاري ان حرية التعبير الديني وحرية ممارسة الشعائر
الدينية حق مكفول للجميع في ظل الدولة المدنية التي "يجب أن تظل بمنأى
عن التيارات والاهواء الدينية وأن تلتزم بالدفاع عن حقوق المواطنة وأن
تحث المواطنين جميعا على احترام القانون الوضعي الذي من شأنه أن يعيد
للدولة المصرية هيبتها ومكانتها بين دول العالم."
لكن عبد الحميد وهو طبيب بشري يرى أن "الشريعة الاسلامية تعطي لغير
المسلمين حقوقهم بلا انتقاص بل وتتشدد جدا في (رفع) أي ظلم لهم." وأضاف
أن "الدستور هو العقد الاجتماعي للمجتمع والمعبر عن هويته والمجتمع
المصري غالبيته مسلمون", وتشير تقديرات الى أن الاقباط يمثلون نحو 10
بالمئة من سكان مصر البالغ عددهم نحو 80 مليون نسمة, ودعا منسق الحملة
الاقليات الى احترام "هوية مصر الاسلامية" مثلما يحدث مع الاقليات
المسلمة في الغرب. واوضح قائلا ان "من يتواجد من المسلمين في الدول
الغربية الديمقراطية يطالبونه بالالتزام بالهوية الثقافية لهذه الامم
ونتيجة لذلك تم سن قوانين تجرم ارتداء النقاب وبناء الماذن", وأشار الى
أن مسيحيين وقعوا على الحملة. وعرضت صفحة الحملة على الفيسبوك صورة
لنموذج يضم توقيعا لشاب مسيحي يدعى مينا طلعت راتب ومكتوب امامه انه
طالب من محافظة المنيا بصعيد مصرو ولم يقتصر رفض دعوات الغاء المادة
الثانية على السلفيين بل قال شيخ الازهر الدكتور أحمد الطيب في مؤتمر
صحفي قبل أيام ان الشريعة الاسلامية "من ثوابت الدولة" وأن أى حديث عن
تغييرها أمر "مثير للفتنة". ويمثل الازهر رمزا لمدرسة الوسطية في
الاسلام, و(الدعوة السلفية) حركة دعوية نشأت في أواخر سبعينيات القرن
الماضي في جامعة الاسكندرية على يد مجموعة من طلبة كلية الطب والهندسة
وانتقلت بعد ذلك الى العديد من الجامعات والمساجد بمصر ولا توجد
احصائية دقيقة لعدد المنتمين لها لكن عبد الحميد يقول ان عددهم يصل الى
عشرات الالاف, ومن أبرز رموز الحركة من جيل المؤسسين الشيوخ محمد
اسماعيل المقدم وياسر برهامي وسعيد عبد العظيم وأحمد فريد وأحمد حطيبة
ومحمد عبد الفتاح.
وتقول الحركة انها سلمية وتنبذ منهج العنف في تغيير المجتمع وأسلوب
التكفير العشوائي كما تقول انها بعيدة عن الساحة السياسية لكنها تعرضت
وقادتها لملاحقات أمنية عديدة ابان عهد مبارك, واطلقت الحركة مؤخرا
حملة بعنوان (أمة واحدة) لجمع المساعدات لابناء ليبيا التي تشهد
اضطرابات حاليا بسبب احتجاجات عنيفة ضد نظام الزعيم الليبي معمر
القذافي الذي يتولى السلطة منذ 41 عاما, وردا على سؤال حول ما اذا كانت
الحملتان الاخيرتان محاولة من الحركة للاضطلاع بدور سياسي في ظل تطور
الاوضاع السياسية بمصر قال عبد الحميد "بلا شك فأجواء الحرية النسبية
ستساعد على المزيد من التواجد الاعلامي والتحركات الاوسع على عدد من
المستويات", لكنه استدرك قائلا "لا يلزم من هذه التحركات الالتزام
بجميع الاليات السياسية المعتادة كالانخراط في الحياة الحزبية
التقليدية فالاوضاع السياسية الجديدة لم تختبر بعد على أرض الواقع ولم
تظهر اثارها وجدية القائمين عليها في اتاحة مساحة أكبر من الحركة
للاسلاميين للمشاركة في الحياة السياسية دون الحاجة الى تقديم تنازلات
منهجية وعقائدية تتصادم مع ثوابت المنهج الاسلامي.
من جهتها لمحت وزيرة الخارجية الامريكية هيلاري كلينتون في تصريح
لها الى ان الادارة الامريكية لن تعارض وصول جماعة الاخوان المسلمين
المصرية للسلطة في البلاد مادامت تنبذ العنف وتلتزم بالديمقراطية وحقوق
كل ابناء المجتمع, وفي حوار مع موقع "مصراوي" الالكتروني
www.masrawy.com حصلت رويترز على نسخة مسبقة منه قالت كلينتون ردا على
سؤال عن موقف الولايات المتحدة اذا فاز الاخوان المسلمون بالسلطة من
خلال انتخابات ديمقراطية "يرجع للشعب المصري ان يختار من ينتخبهم
واللوائح للاحزاب السياسية التي تخوض الانتخابات", وأضافت "اي حزب
يلتزم بنبذ العنف ويلتزم بالديمقراطية ويلتزم بحقوق كل المصريين ايا ما
كان يجب ان تكون لديه الفرصة للمنافسة على اصوات المصريين."
وظلت جماعة الاخوان المسلمين -وهي اكبر تنظيم سياسي في مصر- محظورة
منذ منتصف الخمسينات لكن دورها في الحياة العامة في البلاد تزايد سريعا
عقب تنحي الرئيس السابق حسني مبارك في 11 من فبراير شباط تحت ضغط
احتجاجات شعبية لم يسبق لها مثيل في مصر.
وشاركت الجماعة -التي تجاهلها رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون
اثناء زيارة للقاهرة هذا الاسبوع- في حوار متعدد الاطراف مع الحكام
العسكريين الحاليين الذين حلوا البرلمان وعطلوا العمل بالدستور وتعهدوا
باجراء انتخابات حرة ونزيهة خلال ستة اشهر.
وقال الاخوان المسلمون انهم لا يطمعون في الفوز بمنصب الرئاسة لكن
سيشكلون حزبا سياسيا للمنافسة في الانتخابات البرلمانية, وقالت كلينتون
ان الولايات المتحدة تدعم عملية ديمقراطية في مصر ولا تحدد الفائزين او
الخاسرين "لكننا لا نريد ان نرى اي حزب سياسي او اي ايديولوجية تحاول
خطف العملية." وتابعت "لذلك اعتقد انه ينبغي ان تكون هناك ضمانات مدمجة
في الدستور وان تضمن القوانين في مصر انها ديمقراطية حقيقية وان
الانتخابات ستليها انتخابات اخرى ثم انتخابات اخرى وستكون هناك قيود
على مدة الولاية. بحسب رويترز.
وقال عصام العريان القيادي في جماعة الاخوان المسلمين لرويترز ان
الجماعة تلقت دعوات لعقد اجتماعات من مندوبي حكومات النرويج وألمانيا
والسويد واستراليا وسويسرا. واضاف ان الجماعة أرجأت هذه الاجتماعات
مشيرا الى ان اهتمامها ما زال ينصب على مواصلة الثورة وتحقيق مطالب
الشعب, وانتقد العريان ما سماه الغطرسة البريطانية وقال ان رئيس
الوزراء البريطاني تدخل في السياسات المصرية اثناء زيارته لمصر. ولم
يلتق كاميرون بقيادات من الاخوان المسلمين أثناء الزيارة. وقال مسؤولون
بريطانيون ان ذلك يستهدف التأكيد على حقيقة ان الاسلاميين ليسوا البديل
الوحيد لمبارك.
وقالت كلينتون انها تتفق مع ضرورة عدم وصف المسيحيين في مصر بأنهم
اقلية. واضافت "انهم مصريون كاملون ويجب دمجهم في كل المجتمع مثلما
كانوا من الناحية التاريخية."
واشارت وزيرة الخارجية الامريكية الى ان الطبيعة السلمية للاحتجاجات
الشعبية على حكم مبارك التي استمرت 18 يوما وتركزت في ميدان التحرير
بوسط القاهرة يمكن ان تغير الصورة النمطية السلبية عن المسلمين والعرب
في امريكا, وقالت "اعتقد ان المظاهرات في ميدان التحرير بعثت بنتيجة
ايجابية جدا نظرا لحقيقة انها كانت منظمة جيدا وسلمية وكان الجميع
بالاساس يروجون للنتيجة التي نحتفل بها حاليا."
واضافت "انها ايضا تدحض رسالة متطرفين مثل القاعدة.. موقف القاعدة
انه لا يوجد شيء مثل الاحتجاج السلمي.. وانه لا يوجد شيء مثل
الديمقراطية. اتمنى لو أنهم تابعوا عبر التلفزيون كيف اثبت الشبان
المصريون خطأهم في هاتين النقطتين", وقالت كلينتون ان عملية بناء
الديمقراطية صعبة وطالبت المصريين "بالصبر والمثابرة ومواصلة الالتزام
بهدف الديمقراطية والعمل على بناء المؤسسات التي ستكون ضرورية
للديمقراطية المصرية", وعلى صعيد اخر اكدت كلينتون التزام ادارة الرئيس
باراك اوباما بتحقيق السلام بين الاسرائيليين والفلسطينيين ودافعت عن
استخدام بلادها حق النقض "الفيتو" في مجلس الامن لمنع صدور قرار من
مجلس الامن الاسبوع الماضي يدين الاستيطان الاسرائيلي في الاراضي
الفلسطينية المحتلة.
وقالت "نحن ملتزمون تماما بالسلام بين اسرائيل والفلسطينيين. ونعتقد
ان الطريق الوحيد الذي سيحدث ذلك من خلاله هو المفاوضات المباشرة",
وتابعت "هذا سبب انه لا يخص الامم المتحدة لان الامم المتحدة لا يمكنها
ان تجعله يحدث", وقالت ان الطرفين ذاتهما يجب ان يقررا "كيف سيحلان كل
هذه الامور الصعبة وانهاء الصراع بينهما." بحسب رويترز.
الاسلاميين في مصر
الى ذلك قال وزير خارجية النرويج يوناس جار ستوير ان تجاهل الاخوان
المسلمين يمثل طريقة رديئة لدعم الديمقراطية في مصر محذرا من نهج معيب
من جانب الحكومات الغربية يحمل ملامح المعايير المزدوجة, والتقى ستوير
بأعضاء من الاخوان المسلمين للمرة الاولى أثناء زيارته للقاهرة مخالفا
نمط مسؤولين غربيين كبار اخرين تجنبوا الاتصال بالجماعة اثناء زياراتهم
لمصر منذ الاطاحة بحسني مبارك, وقال ستور "بعد ما حدث من تغييرات هنا
في مصر أعتقد ان من المناسب أن تكون جماعة الاخوان المسلمين بين
الجماعات التي نلتقي بها وأن نضع ذلك في الحسبان."
وأضاف ستور في مقابلة مع رويترز "هناك بعض الاختلافات الجوهرية في
وجهات النظر حين يتعلق الامر بعدد من القضايا لكن اذا كان هدفنا هو فهم
التغيرات في مصر واذا كنا صادقين في دعم التغير الديمقراطي في مصر فان
استبعاد جماعات ذات وجود قوي يمثل نقطة انطلاق رديئة", وتابع ستور انه
سيلتقي بأعضاء من الاخوان المسلمين أثناء اجتماعات تضم عددا من
الجماعات التي شاركت في الانتفاضة التي استمرت 18 يوما وأرغمت مبارك
على التنحي في 11 فبراير شباط, ولم يلتق ديفيد كاميرون رئيس وزراء
بريطانيا الذي كان أول زعيم أجنبي يزور مصر بعد سقوط مبارك بأعضاء
الجماعة. وشرح كاميرون موقفه بالقول ان الشبان يجب أن يروا ان هناك
بديلا للمعارضة الاسلامية "المتطرفة", وقال ستور ان هناك "خللا في
النهج الغربي تجاه هذه المنطقة بكاملها."
واضاف "هذا النوع من النبوءات التي نعتبرها حقيقة لمجرد اعتقادنا
بها.. أحذر من ان تظهر في نهج تعاملنا مع الجماعات المختلفة بتلك
المنطقة", ومضى يقول "اذا كنا نميل لوصف كل الجماعات المنبثقة من هذا
المنظور الديني الاوسع بأنهم متطرفون يقفون على حافة الارهاب والعنف
وما الى ذلك فكأننا نذبح كل هذه الجماعات بشكل غير مباشر", وقال ستور "كأننا
نتردد جيئة وذهابا عبر الاوضاع السياسية هنا بشكل يحصر الاراء المسبقة
في اتجاهين.. تطبيق معايير مزدوجة او حديث مثالي بصورة مفرطة عن
الديمقراطية. لكن حين نأتي للاعتراف بالحقائق على الارض فاننا ننظر في
اتجاه مختلف. يجب أن نكسر هذه الدائرة المغلقة."
وتراقب الولايات المتحدة وهي حليف لمصر الاخوان المسلمين عن كثب
وكانت عبرت عن قلقها بشأن "عناصر متطرفة" في الجماعة. ولم تظهر حتى
الان اي تغيير في سياستها تجاه الاسلاميين الذين كان مبارك يصورهم في
صورة مخيفة. بحسب رويترز.
وعبرت جماعة الاخوان المسلمين نفسها عن تحفظات بشأن الاجتماع مع
مسؤولين أجانب في هذه المرحلة وقالت ان تركيزها الرئيسي ينصب على العمل
لتحقيق أهداف الانتفاضة بما في ذلك اجراء اصلاح سياسي جذري ينهي
الاستبداد.
وقال ستور ان سفارة النرويج في القاهرة حافظت على الاتصال بالاخوان
المسلمين في اطار عملها الدبلوماسي المعتاد والحوار مع القوى السياسية
والاجتماعية. لكنه اضاف ان اجتماعاته كانت الاولى مع أعضاء من الجماعة,
وقال "لا أعول كثيرا عليه (الاجتماع) لان الديمقراطية لم تختبر في مصر
لذا فاِننا لا نعرف حجم تمثيل كل طرف والى اي مدى. نأمل أن نعرف ذلك
قريبا."
وتقول جماعة الاخوان المسلمين انها قد تفوز بما يصل الى 30 في المئة
من الاصوات في انتخابات حرة ونزيهة. وقالت انها لا تسعى لمنصب الرئاسة
أو تحقيق أغلبية برلمانية في الانتخابات التي يريد المجلس العسكري
الحاكم اجراءها في غضون ستة أشهر, وقال ستور ان أعضاء جماعة الاخوان في
حاجة لتوضيح موقفها من مستقبل مصر مشيرا الى ان الحديث اليهم أمر مفيد,
واضاف "أعتقد ان هناك عددا من القضايا يتعين عليهم توضيحها. ليس فقط
فيما يتعلق بأول انتخابات لكن أيضا ثاني انتخابات وما يتعلق بالمؤسسات
والشفافية والمحاسبة وحقوق المرأة, وقال "ما ألاحظه مما أقرأ وأسمع هو
أن حجم التنوع أكبر بكثير من هذا التفسير الاحادي الذي نميل اليه في
الغرب".
النموذج الايراني في
كما اعلنت جماعة الاخوان المسلمين المصرية رفضها "النموذج الايراني
في مصر" واكدت انها تتطلع الى "دولة مدنية يكون الشعب فيها مصدر
السلطات"، على ما جاء في تصريحات لاحد قيادييها على التلفزيون المصري,
وقال سعد الكتاتني عضو مكتب الارشاد في جماعة الاخوان المسلمين ان "النموذج
الايراني مرفوض من الاخوان المسلمين في مصر لأن المرجعية في مصر
للقوانين والمحكمة الدستورية العليا والمجلس التشريعي", وقال ان
الجماعة تتطلع الى "أن يكون هناك قانون جديد للاحزاب فى ظل الدولة
المدنية الذى يكون الشعب فيها مصدر السلطات", وشدد الكتاني على "عدم
نية الجماعة ترشيح رئيس للجمهورية منها فى الانتخابات القادمة وعدم سعي
الإخوان المسلمين للحصول على أغلبية فى مجلسى الشعب والشورى القادمين",
كما اكد الكتاني على اهمية "الحوار مع جميع المؤسسات الداخلية، ما عدا
الحوار مع الجهات الأجنبية الخارجية الذى يتم من خلال وزارة الخارجية
المصرية". بحسب فرانس برس.
الى ذلك احتلت خطبة الجمعة التي القاها رئيس الاتحاد العالمي لعلماء
المسلمين الشيخ يوسف القرضاوي الصفحات الاولى للصحف الصادرة في مصر، في
جو من الارتياح القته هذه الخطبة الاولى للقرضاوي في بلده منذ 30 عاما،
لاسيما لخلوها مما كان يتردد عن وجود محاولات ترمي الى "أسلمة" الثورة
المصرية, واعلن عضو مكتب الارشاد في جماعة الاخوان المسلمين المصرية
رفض جماعته "النموذج الايراني في مصر" مؤكدا ان الجماعة تتطلع الى "دولة
مدنية يكون الشعب فيها مصدر السلطات"، على ما جاء في تصريحات لاحد
قيادييها على التلفزيون المصري, وقالت الصحيفة "عاد الخميني ليحكم
ويقيم دولة دينية، ولكن القرضاوي عاد ليعبر عن ثورة الشعب المصري
بمسلميه ومسيحييه من أجل إقامة دولة مدنية", وابدى جورج اسحق المنسق
العام لحركة كفاية لوكالة فرانس برس "الاعجاب الشديد" بخطبة القرضاوي.
وقال "انه خطاب قومي مصري، وليس فيه اي اشارات بأنه يقود الثورة، او
ان الثورة اسلامية، بل هي تجمع كل ابناء الامة", وحيا ما جاء في الخطبة
من اشارة الى "شهداء المسيحية تاريخيا في مصر", واضاف لن أقول أيها
المسلمون بل سأقول أيها المسلمون وأيها الأقباط لأن كلنا مصريون ووجه
الخطبة كاملة لكل المصريين.
من جهته لم يشر القرضاوي في خطبة صلاة الجمعة في ميدان التحرير الذي
احتشد فيه "ملايين المصريين" بحسب الصحافة المصرية، الى اي بعد اسلامي
"لثورة 25 يناير"، بل رحب "بانصهار المسلمين والمسيحيين والراديكاليين
والمحافظين واليمينيين واليساريين في بوتقة واحدة لتحرير مصر من الظلم
والطاغوت", وتطرق القرضاوي في خطبته الى التحركات الاحتجاجية التي
يشهدها العالم العربي، قائلا للحكام العرب "لا تكابروا، لا تناطحوا
المريخ ولا تقفوا امام التاريخ وامام شعوبكم". بحسب فرانس برس.
وحملت الخطبة نداءات الى القوات المسلحة المصرية، وايضا الى الشعب
المصري وشبابه, فطالب القرضاوي الجيش باقالة حكومة احمد شفيق التي
عينها مبارك، وتعيين حكومة "جديدة مدنية من الشرفاء أبناء الوطن"، والى
الإفراج عن كافة المعتقلين السياسيين, والتقى القرضاوي بذلك مع مطالب "ائتلاف
شباب ثورة 25 يناير" الذي اشار في وقت سابق الى المطالب التي لم تحقق
بعد وهي "الغاء قانون الطوارىء والافراج عن المعتقلين السياسيين،
واطلاق الحريات العامة وتشكيل حكومة انقاذ وطني من التكنوقراط، والغاء
دستور العام 71".
وفي سياق متصل افرجت السلطات المصرية فعلا عن 239 موقوفا سياسيا،
على ما نقلت وكالة انباء الشرق الاوسط الرسمية, ونادى القرضاوي بفتح
معبر رفح مع قطاع غزة. وفي وقت لاحق اعلنت السلطات المصرية فتح المعبر
امام الفلسطينيين الراغبين في العودة الى القطاع وليس امام الراغبين في
دخول مصر، في ما قد يبدو انعكاسا للتأثير الذي يحظى به القرضاوي.
من جهة اخرى، طالب القرضاوي "ابناء مصر من العمال والفلاحين الذين
ظلموا كثيرا" بالكف عن التحركات المطلبية في هذه المرحلة والعودة الى
العمل, وقال "انادي كل من عطل العمل واضرب او اعتصم ان يؤدي لهذه
الثورة بالعمل" لأن "الاقتصاد المصري يتأثر ولا يجوز ان نكون سببا في
الاضرار باقتصاد مصر" داعيا الى "الصبر قليلا حتى تسير مصر في مرحلة
البناء".
وتماهى القرضاوي في ذلك مع دعوة المجلس الاعلى للقوات المسلحة بالكف
عن الاضرابات التي اعتبر ان نتائجها ستكون "كارثية" على الاقتصاد
المصري.
وكان المجلس الاعلى للقوات المسلحة حذر من "قيام بعض الفئات بتفضيل
مطالبها الفئوية وتنظيم الوقفات والاحتجاجات التى تسبب تعطيل المصالح
وايقاف عجلة الانتاج وخلق ظروف اقتصادية حرجة مما يؤدى الى تدهو اقتصاد
البلاد".
ويحظى الجيش المصري باحترام وتعاطف كبير في الشارع لا سيما بعدما
ابدى خلال التظاهرات الاحتجاجية قدرا كبيرا من الانضباط واستيعاب
المتظاهرين، بخلاف الشرطة التي تتعرض لاتهامات بالفساد ومعاملة
المواطنين بعنف.
الاخوان يشكلون حزب جديد
في سياق متصل قالت جماعة الاخوان المسلمين انها قررت تشكيل حزب
سياسي سيكون احدى هيئاتها, ونقل موقع الجماعة على الانترنت قول المرشد
العام للجماعة محمد بديع ان مكتب الارشاد الذي اتخذ القرار اختار للحزب
اسم "حزب الحرية والعدالة" وان هيئة المؤسسين سيعلن عنها خلال أيام,
ويشبه الاسم الذي اختير للحزب المقترح اسم الحزب الحاكم في تركيا وهو
حزب العدالة والتنمية الذي ينفي عن نفسه توجهات ينسبها اليه مراقبون
بانه ذو ميول اسلامية.
وأضاف بديع "عندما يتم الانتهاء من الاعداد سوف يبدأ اتخاذ
الاجراءات القانونية المنظمة لذلك."
وأسس حسن البنا جماعة الاخوان المسلمين في مدينة الاسماعلية احدى
مدن قناة السويس عام 1928 ولم تشكل الجماعة حزبا سياسيا منذ ذلك
التاريخ, وقبل سنوات قالت الجماعة انها تعمل لتشكيل حزب سياسي لكنها
تراجعت عن ذلك بسبب جدل حول برنامج أعدته تضمن عدم السماح بوصول امرأة
أو قبطي لمنصب رئيس الدولة, وقالت حكومة الرئيس السابق حسني مبارك في
اشارة الى جماعة الاخوان المسلمين انها لن تسمح بتشكيل أي حزب على أساس
ديني منعا لنشوب صراع طائفي. بحسب فرانس برس .
وقال رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون - وهو اول زعيم اجنبي
يزور مصر بعد سقوط مبارك - انه لم يجتمع بالاخوان لانه يريد ان يرى
الشبان أن ثمة بديلا عن المعارضة الاسلامية "المتطرفة", وقال في رده
على سؤال بشأن سبب عدم لقائه باعضاء من الاخوان "مقولتي برمتها هي انه
من خلال فتح افاق المجتمعات وتوفير اللبنات الاساسية لبناء الديمقراطية
واتاحة قدر اكبر من المشاركة فانك تمنح الشبان بالفعل.. شيئا اخر
يؤمنون به بدلا من الجذور الاسلامية الاكثر تطرفا."
والى ما قبل الاحتجاجات التي أدت الى تنحي مبارك كانت الجماعة
محظورة لكن الحكومة كانت تسمح لها بمزاولة النشاط في حدود. وشغل أعضاء
فيها نحو خمس عدد مقاعد مجلس الشعب في انتخابات عام 2005 لكن أيا من
أعضائها لم يشغل مقعدا في انتخابات العام الماضي التي انسحبت الجماعة
من مرحلة الاعادة فيها.
ونسب موقع جماعة الاخوان على الانترنت الى بديع قوله "تم تكليف
المؤسسات المختصة داخل الجماعة باعداد الصيغة النهائية لبرنامج الحزب
وكافة ما يلزم لتأسيس الحزب من لوائح وسياسات وسيتم ذلك بالتشاور مع
مجلس شورى الجماعة ثم يعلن عنه في حينه."
وقال الموقع ان بديع أكد أن "عضوية الحزب سوف تكون مفتوحة لكافة
المصريين الذين يقبلون ببرنامج الحزب وتوجهاته", ولم يوضح الموقع ما
يعنيه بديع بعبارة "الاجراءات القانونية المنظمة" لتشكيل الحزب, ووفقا
للقانون كان يلزم اخطار لجنة شؤون الاحزاب التابعة لمجلس الشورى والتي
يهيمن عليها الحزب الوطني الديمقراطي للموافقة على تشكيل أي حزب لكن
المجلس الاعلى للقوات المسلحة الذي يحكم البلاد منذ تنحي مبارك قبل
عشرة أيام قرر حل مجلسي الشورى والشعب.
لكن العضو القيادي والمتحدث باسم جماعة الاخوان محمد سعد الكتاتني
قال لرويترز ان الجماعة ستتقدم بأوراق تأسيس الحزب الى لجنة شؤون
الاحزاب بعد اعادة تشكيلها وفقا للقانون والتعديلات الدستورية الجديدة
(الجاري العمل عليها من قبل لجنة عينها المجلس الاعلى للقوات المسلحة)",
وأضاف "لجنة شؤون الاحزاب كانت خصما وحكما ولم نرغب (في السابق) في
التقدم لها بأوراق الحزب", وتوقع الكتاتني أن تؤدي التعديلات الدستورية
والقانونية الى تأسيس الاحزاب بمجرد التقدم باخطار الى لجنة شؤون
الاحزاب.
وكان ملايين المصريين الذين شاركوا في الاحتجاجات التي أدت الى تنحي
مبارك طالبوا باطلاق حرية تكوين الاحزاب, وقال موقع الاخوان المسلمين
على الانترنت ان بديع "أكد أن عضوية الحزب سوف تكون مفتوحة لكافة
المصريين الذين يقبلون ببرنامج الحزب وتوجهاته, وقال الكتاتني ان الحزب
ستكون عضويته متاحة للمسيحيين. ولن يكون بديلا عن الجماعة وانما سيكون
احدى هيئاتها السياسية, وتابع "أما الجماعة بتواجدها وتنظيمها الدولي
فهي باقية ولا تغيير في هيكلها وستمارس دورها الدعوى والتربوي جنبا الى
جنب مع الحزب الجديد."
وقد وافقت محكمة في القاهرة مؤخراً على تأسيس حزب الوسط الذي كان
يسعى للحصول على ترخيص منذ 15 عاما. وقال ا بو العلا ماضي مؤسس حزب
الوسط في مقابلة مع رويترز "هذا القرار هو ثمرة ثورة 25 يناير". ومنح
الحكم حزب الوسط الصفة القانونية الكاملة للحزب.
وتقدم ماضي بطلب للحصول على ترخيص من السلطات اربع مرات منذ عام
1996 وكانت كل طلبات ماضي تقابل بالرفض من جانب حكومة مبارك. بحسب
فرانس برس.
وكان أبو العلا ماضي انشق على جماعة الاخوان المسلمين في منتصف
التسعينات بسبب ما وصفه بأنه "أفق سياسي ضيق". وبصدور الحكم يصبح حزب
الوسط أول حزب يحصل على وضع رسمي منذ أن تخلى مبارك عن الرئاسة في 11
فبراير شباط مما يمهد الطريق لمشاركته في الانتخابات المقبلة التي تعهد
المجلس العسكري باجرائها خلال ستة أشهر.
الاستثمار الاجنبي في مصر
من جهة اخرى يتوقع الاخوان المسلمون ازدهار الاستثمار الاجنبي في
مصر فور تخلص الاقتصاد من الفساد الذي اضعفه أثناء فترة حكم الرئيس
السابق حسني مبارك ويقولون ان برنامجهم السياسي سيحظى بقبول واسع
النطاق, وقال عضو قيادي في جماعة الاخوان المسلمين أكبر قوة سياسية في
مصر ان الحزب الذي تعتزم الجماعة تأسيسه سيقوم على الشريعة الاسلامية
لكنه سيكون مقبولا من قطاع عريض من المجتمع, وقال عصام العريان لرويترز
في مقابلة "الصيغة النهائية ستكون محل رضا من الجميع لان المناخ تغير
والظروف تغيرت والاخوان نفسهم تغيروا."
وأضاف ان الثورة غيرت الجميع موضحا مدى تأثر تفكير الجماعة من
تفاعلها مع قطاعات أخرى في المجتمع أثناء الانتفاضة التي أطاحت بمبارك,
وأطلق نشطاء على الانترنت شرارة الثورة وجلبت اليها المصريين من مختلف
أطياف الساحة السياسية من الاسلاميين الى اليساريين, ورغم ان جماعة
الاخوان المسلمين لم تلعب دورا في تنظيم الاحتجاجات في بدايتها الا
أنها من أكبر الرابحين من الاطاحة بمبارك. وانتقلت الجماعة التي كانت
محظورة رسميا أثناء حكم مبارك الى قلب الحياة العامة المصرية أكثر منذ
تنحيه في 11 فبراير شباط.
وقالت جماعة الاخوان انها ستؤسس حزب "الحرية والعدالة" لخوض
الانتخابات البرلمانية التي يقول المجلس الاعلى للقوات المسلحة الحاكم
في مصر انها ستجرى خلال ستة أشهر, وفي مسعى من جانبها لطمأنة المصرين
بشأن قوتها السياسية قالت الجماعة انها لن تسعى للحصول على أغلبية
برلمانية في هذه الانتخابات أو تقدم مرشحا للرئاسة. بحسب فرانس برس.
وقال العريان "عندما أتكلم عن شعارات الثورة.. الحرية العدالة
الاجتماعية المساواة.. كل دي في الشريعة.. هذه الثورة تنادي بما تنادي
به الشريعة الاسلامية", وأضاف العريان أحد المتحدثين الرسميين باسم
الجماعة ان ادارة الاقتصاد المصري في حاجة لمراجعة. وتابع ان مصر يمكن
أن تعمل بدون الفساد الذي كان موجودا في فترة حكم مبارك.
وقال "مصر لن تستغني عن الاستثمار.. الاستثمار الاجنبي.. الاستثمار
العربي.. هذا سيكون أكثر وأكثر لان البلد عندما تستقر ديمقراطيا لن
يكون فيها فساد وهذا يشجع المستثمرين. "
واضاف ان الاخوان المسلمين يدعمون السوق الحر لكن دون تلاعب أو
احتكار وبمنافسة حقيقية, وقال العريان ان جماعة الاخوان المسلمين تلقت
دعوات لعقد اجتماعات من مندوبي حكومات النرويج وألمانيا والسويد
واستراليا وسويسرا, واضاف ان الجماعة أرجأت هذه الاجتماعات مشيرا الى
ان اهتمامها مازال ينصب على مواصلة الثورة وتحقيق مطالب الشعب.
وانتقد العريان ما وصفه بالغطرسة البريطانية وقال ان رئيس الوزراء
البريطاني ديفيد كاميرون تدخل في السياسات المصرية اثناء زيارته لمصر.
ولم يلتق كاميرون بقيادات من الاخوان المسلمين أثناء الزيارة. وقال
مسؤولون بريطانيون ان ذلك يستهدف التأكيد على حقيقة ان الاسلاميين لم
يكونوا البديل الوحيد لمبارك. |