الثورة الليبية تحاصر القذافي وتحبط مناوراته

محمد حميد الصواف

 

شبكة النبأ: رغم انحسار فرصة في البقاء، لا يزال القذافي متشبثا بالسلطة التي باتت لا تمتد الى على مساحة مخيلته، بعد ان اطاح الثوار بأغلب مدن ليبيا، فيما لا تزال الاخرى تنتظر اللحظة المناسبة للانقضاض على كتائب ابنائه العسكرية التي تجثم على صدورهم.

وفشل القذافي على مدى الايام الماضية من دخول قواته الى المدن المحررة، بعد ان دحرت بشدة خلال الاشتباكات العنيفة التي وقعت مؤخرا، والتي اسفرت ايضا عن وقوع عشرات القتلى من الجانبين.

ويرفض الثوار مناورات القذافي بحجة الحوار والاحتكام، مطالبين بتقديمه الى المحاكم الدولية بتهمة جرائم ضد الانسانية، خصوصا ان المحكمة الدولية اشارت في بيان لها مؤخرا الى نيتها توجيه تلك التهم الى القذافي وابنائه وبعض المقربين اليه.

عرض تشافيز

فقد اعلن متحدث باسم المجلس الوطني الذي شكلته المعارضة في شرق ليبيا ان المعارضة ترفض بشكل قاطع العرض الذي تقدم به الرئيس الفنزويلي هوغو تشافيز للتوسط بين النظام الليبي والمعارضة.

وقال المتحدث مصطفى الغرياني في تصريح من بنغازي "لن نقبل ابدا بالتفاوض مع اي كان على دماء شعبنا. الشيء الوحيد الذي يمكن ان نتفاوض بشأنه مع تشافيز هو رحيل القذافي الى فنزويلا". واضاف "بعدها سنطالبه بتسليمنا القذافي لتقديمه الى العدالة".

وكان الرئيس الفنزويلي هوغو تشافيز بحث مع الزعيم الليبي معمر القذافي ارسال بعثة سلام دولية لتسوية النزاع في ليبيا، حسب ما اعلن وزير الاتصالات الفنزويلي اندريس ايسارا الاربعاء.

وقال الوزير في رسالة على موقع تويتر "نؤكد حصول محادثات بين القائد تشافيز والقذافي حول اقتراح ارسال بعثة سلام الى ليبيا" لكنه لم يعط تفاصيل اضافية. بحسب فرانس برس.

واعلن الامين العام للجامعة العربية عمرو موسى ان الجامعة العربية "تدرس" اقتراح الرئيس الفنزويلي هوغو تشافيز للقيام بوساطة سعيا لايجاد حل سلمي للازمة في ليبيا. واكتفى موسى بالقول ردا على سؤال "نحن ندرس الاقتراح".

وكان وزير الاعلام الفنزويلي اندريس اثارا اعلن ان الحكومة الليبية والجامعة العربية ترحبان بالوساطة الدولية التي عرضها الرئيس الفنزويلي لايجاد تسوية سلمية للازمة الليبية.

وقال المسؤول الفنزويلي "نؤكد اهتمام ليبيا بقبول هذا الاقتراح وكذلك اهتمام الجامعة العربية. وفنزويلا تواصل حاليا مساعيها في العالم العربي والعالم اجمع للتوصل الى احلال السلام في ليبيا".

في المقابل، اعلن وزير الخارجية الفرنسي الان جوبيه رفض فرنسا لاقتراح الوساطة الذي تقدم به الرئيس الفنزويلي هوغو تشافيز لحل الازمة في ليبيا، رافضا اي مبادرة تبقي على الزعيم الليبي معمر القذافي في السلطة.

وقال جوبيه ردا على سؤال حول الاقتراح الفنزويلي "ان اي وساطة تتيح للعقيد القذافي ان يخلف نفسه ليست موضوع ترحيب من جانبنا".

وكان تشافيز عرض الاثنين تشكيل بعثة سلام دولية من عدة دول صديقة من اجل القيام بوساطة بين الزعيم الليبي والمتمردين منددا في الوقت نفسه باي تدخل عسكري اجنبي معتبرا انه سيكون "كارثة".

وصرح "ماذا لو ارسلنا بدل المارينز والطائرات، بعثة مساع حميدة تساعد اخواننا على التوقف عن الاقتتال في ما بينهم؟"

واضاف تشافيز "لقد اعربت الولايات المتحدة عن استعدادها لغزو ليبيا وكل الدول الاوروبية تقريبا نددت" بالنظام الليبي. وتساءل "ماذا يريدون؟ النفط الليبي". وكان تشافيز اعلن في الايام الاخيرة تأييده لحكومة القذافي لكن ليس كل قرارات هذا الاخير.

وقال خلال اجتماع لمجلس الوزراء "لا يسعني ان اقول انني اؤيد وادعم واحيي كل قرار يتخذه اي صديق اينما كان في العالم".

واضاف "نعم، ندعم الحكومة الليبية، واستقلال ليبيا. نريد السلام لليبيا وعلينا ان نتصدى بكل قوتنا لمساعي التدخل" الاجنبي فيها.

وشهدت العلاقات بين فنزويلا وليبيا تقاربا كبيرا في السنوات الاخيرة. وكان تشافيز اعلن خلال زيارة للقذافي الى بلاده في العام 2009 ان البلدين "متحدان في مصير واحد، ومعركة واحدة ضد عدو واحد" هو الامبريالية الاميركية.

الغارات الجوية

الى ذلك شنت القوات الموالية للزعيم الليبي معمر القذافي غارة جوية استهدفت قاعدة عسكرية خاضعة لسيطرة المعارضين بالقرب من اجدابيا (شرق) فيما دعا معارضو القذافي في العاصمة طرابلس الى الخروج في احتجاجات جديدة.

وتقوم القوات التي لا تزال موالية للزعيم الليبي الذي حكم البلد الغني بالنفط طيلة 41 عاما، بعمليات قصف لمواقع الثوار في شرق ليبيا فيما لا يزال الالاف يرغبون في مغادرة البلد المضطرب.

وقال المعارضون للنظام الليبي ان احدث غارة جوية يشنها الطيران الليبي استهدفت قاعدة عسكرية على مشارف اجدابيا، الا انها لم توقع اصابات او خسائر.

وصرح محمد عبد الله احد المعارضين عند الحاجز الاخير للمدينة على الطريق الى البريقة (70 كلم غرب) حيث وقعت معارك عنيفة الاربعاء "انفجرت قنبلة خارج القاعدة العسكرية بالقرب من اجدابيا".

واستهدفت الثكنة العسكرية التي تقع على مشارف اجدابيا مرات عدة من قبل القوات الموالية للقذافي منذ ان سيطرت المعارضة على شرق البلاد في الاحتجاجات التي بدأت في 15 شباط/فبراير لتنحية القذافي.

وتمكن الثوار من صد هجوم على البريقة في اول معركة عسكرية حقيقية منذ بدء الاحتجاجات. وشنت قوات القذافي غارة اخرى الا انها لم تتسبب في خسائر جسيمة. بحسب فرانس برس.

وصرح سيف الاسلام القذافي لتلفزيون سكاي نيوز "اولا، القنابل كانت فقط للتخويف ولدفعهم (المحتجين) الى الرحيل وليس لمهاجمة الميناء. وليس لقتل شعبنا".

واوضح "اتحدث عن الميناء والمصفاة هناك. لا احد يمكن ان يسمح بان تسيطر ميليشيا على البريقة. فذلك مثل السماح لاحد بالسيطرة على ميناء روتردام في هولندا".

وقال ان البريقة هي "المفصل الغازي والنفطي لليبيا" وقال "نحن نعتمد عليها لناكل ونعيش. بدون البريقة لن يكون لستة ملايين شخص مستقبل لاننا نصدر نفطنا منها".

وتسيطر المعارضة الليبية على عدد من المناطق الشرقية والغربية من ليبيا ومن بينها مدينة بنغازي وعدد من المنشات النفطية.

وتحدثت انباء عن ان التلفزيون الرسمي الليبي دعا الى تظاهرات ضد اي تدخل اجنبي في ليبيا، الا انه لم ترد تاكيدات فورية لذلك.

من جهته اعلن مدعي المحكمة الجنائية الدولية لويس مورينو اوكامبو في مقابلة مع صحيفة ايل باييس الاسبانية انه سيفتح تحقيقا بحق 10 الى 15 مسؤولا ليبيا يشتبه في ارتكابهم "جرائم ضد الانسانية" وقيامهم باعمال "خطيرة جدا بحق السكان المدنيين".

ولم يعط المدعي اسماء المسؤولين الليبيين الذين سيفتح تحقيقا بحقهم للاشتباه في شنهم "هجمات واسعة النطاق على السكان المدنيين" لكنه قال انه يمكن ان يطلب اصدار مذكرة توقيف دولية بحق الزعيم الليبي معمر القذافي سريعا.

استعادة الزاوية

في سياق متصل قتل اربعة اشخاص على الاقل في معارك دارت قرب ميناء راس لانوف الاستراتيجي في شرق ليبيا بين القوات الموالية للعقيد معمر القذافي والثوار المسلحين بينما اعلن التلفزيون الحكومي ان قوات القذافي استعادت السيطرة على مدينة الزاوية (60 كلم غرب طرابلس).

وقال شاهد عيان عرف عن نفسه باسمه الاول مرعي في راس لانوف "انهم يطلقون صواريخ غراد، لقد رأيت اربعة اشخاص يقتلون امام عيني".

وجرت مواجهات الجمعة في تاجوراء الضاحية الواقعة شرق طرابلس بين حوالى مئة متظاهر يرددون هتافات ضد الزعيم الليبي معمر القذافي وقوات الامن، حسبما ذكر شاهد لوكالة فرانس برس.

واطلقت نداءات لانتهاز فرصة صلاة الجمعة من اجل التحرك في العاصمة حيث حاولت المعارضة الاسبوع الماضي التحرك في عدد من الاحياء بينما شهدت بنغازي معقل الثورة صلاة شارك فيها حوالى خمسة آلاف شخص.

ووقعت الاشتباكات في تاجوراء بعد صلاة الجمعة بين قوات الامن ومئات المتظاهرين الذين كانوا يرددون هتافات ضد النظام. وقال المصدر نفسه ان قوات الامن استخدمت الغاز المسيل للدموع لتفريق المتظاهرين.

في المقابل، كان الوضع هادئا في شارع الجمهورية غير البعيد عن مقر اقامة القذافي في وسط المدينة، حسبما ذكر احد سكان الحي. ووقع عراك بالايدي بين متظاهرين مؤيدين للزعيم الليبي معمر القذافي واخرين ضده قرب الساحة الخضراء في وسط مدينة طرابلس.

وقال صحافي في المكان ان الاشتباك وقع بين عدد محدود من المتظاهرين من الطرفين. واضاف ان قوات الامن بقيت بعيدة وتطوق المنطقة، كما اطلقت الرصاص في الهواء لكنها لم تتدخل.

وذكرت مراسلة فرانس برس ان شوارع المدينة الرئيسية في طرابلس بدت هادئة. وقد امتلأت الساحة الخضراء التي تبعد امتارا عن مكان الصدامات المحدودة بمؤيدين للقذافي.

وفي اليوم الثامن عشر للتظاهرة، اتخذ الثوار وهم مزيج من الشبان الليبيين الذين لا يملكون اي خبرة قتالية وعسكريين انضموا الى المعارضة في قرية عقيلة الصغيرة في الصحراء والتي تبعد 280 كلم جنوب غرب معقل المعارضة في بنغازي.

وقد عبر بعضهم القرية الواقعة في الصحراء على بعد حوالى عشرين كلم غرب البريقة الموقع النفطي المهم الذي شهد معارك عنيفة بين القوات الموالية للقذافي والمعارضين.

وعلى الطريق السريع الذي يبعد حوالى عشرين كيلومترا غرب عقيلة، شوهد ستين الى سبعين من الثوار المسلحين متوجهين غربا الى راس لانوف على بعد عشرات الكيلومترات بعد توقف للصلاة خلال الرحلة.

كما سمع دوي قصف عنيف واصوات بنادق رشاشة الجمعة قرب راس لانوف الذي يسيطر عليه الموالون للنظام الليبي، وسمع دوي قصف واطلاق نيران رشاشات من موقع في الصحراء على بعد عشرة كيلومترات شرق راس لانوف.

وقال العقيد بشير عبد القادر ان "الخطة هي التقدم خطوة خطوة باتجاههم لدفعهم الى التراجع. لا نريد القتال لكننا نريد ممارسة ضغط نفسي عليهم (...) لكن اذا كان علينا ان نقتل لكسب المعركة فسنفعل ذلك".

والى الشرق، قال احد الضباط الذين انضموا الى المعارضة انه قلق من فكرة المعارك القادمة بين الاخوة. واوضح "نحاول الحد من الخسائر في الطرفين. في ليبيا كلنا اهل. نحن بلد قبائل وكلنا لدينا عائلات في سرت" مسقط رأس ومعقل القذافي بين طرابلس وبنغازي.

لكن ضابطا آخر يدعى محمد عبد الله قال في البريقة انه لا يشجع "الناس على التوجه الى راس لانوف لان قوات القذافي تملك مواقع قوية فيها".

وعبر عن تخوفه من "حدوث مجزرة اذا ذهب الناس الى هناك:"، مشيرا الى ان عددا كبيرا من المتطوعين توجهوا الى المدينة.

وفي البريقة تستعد المعارضة لهجوم جديد. وامام مدخل المصفاة الرئيسية اقام حوالى خمسين متمردا مركزا للمراقبة مزودا باسلحة مضادة للطيران ونصبوا حواجز على الطرق.

وعند مدخل اجدابيا (70 كلم غرب البريقة) شاهد صحافي من وكالة فرانس برس سيارات تتوجه الى المرفأ النفطي. وكان بعضهم قادمين من مدن في الشرق بينها البيضاء وطبرق.

وصرح محمد عبد الله احد المعارضين عند الحاجز الاخير للمدينة على الطريق الى البريقة (70 كلم غرب) حيث وقعت معارك عنيفة "انفجرت قنبلة خارج القاعدة العسكرية بالقرب من اجدابيا".

واستهدفت الثكنة العسكرية التي تقع على مشارف اجدابيا مرات عدة من قبل القوات الموالية للقذافي منذ ان سيطرت المعارضة على شرق البلاد في الاحتجاجات التي بدأت في 15 شباط/فبراير لتنحية القذافي.

وفي بنغازي معقل الثورة، ادى حوالى خمسة آلاف شخص صلاة الجمعة امام محكمة بنغازي بعد خطبة وعد فيها الامام بان "النصر قريب".

وفي محاولة لاستعادة مصراتة شرق طرابلس، شنت قوات موالية للقذافي هجوما بالاسلحة الثقيلة على المدينة اسفر عن سقوط قتيل. وقال هذا الشاهد انه "رأى مروحيتين (...) وسمعنا دوي قصف اسلحة ثقيلة طوال الليل"، لكنه اكد ان المدينة التي تبعد 150 كلم شرق العاصمة ما زالت بايدي الثورة.

العالم يتفرج

من جانب آخر اكد الرئيس الاميركي باراك اوباما ان جميع الخيارات مطروحة لتنحية القذافي من السلطة فيما صرح سيف الاسلام، نجل الزعيم الليبي، ان الغارات الجوية على مواقع الثوار هي من قبيل التخويف وليس لاحداث اضرار جسيمة.

من جهة اخرى، قال مصدر اوروبي رفيع المستوى ان الاتحاد الاوروبي لا يستبعد شن عملية عسكرية بحرية لفرض احترام الحظر الذي فرض على شحن الاسلحة الى ليبيا. وفي كريت اعلن عن وصول سفينتين حربيتين اميركيتين الى الجزيرة اليونانية الجمعة.

وقال الناطق باسم قاعدة سودا العسكرية انه "في اطار الجهد الدولي لاجلاء الاشخاص الذين يغادرون ليبيا تقدم وزارة الدفاع الاميركية بامر من الرئيس باراك اوباما طائرات عسكرية لمساعدة المصريين الذين وصلوا الى تونس، على العودة الى بلدهم".

وكانت السفينتان يو اس اس كيرسارج وبو اس اس بونس عبرتا قناة السويس وعلى متنهما 800 من مشاة البحرية الاميركية (المارينز) واسطول من المروحيات ومعدات طبية.

من جهة اخرى، عبرت ايطاليا عن تحفظات على احتمال شن عملية عسكرية في ليبيا موضحة انها تطلب على كل حال تفويضا من حلف شمال الاطلسي والامم المتحدة، حسب وزير الخارجية رفانكو فراتيني. اما الهند فقد اعترضت على فكرة فرض منطقة للحظر الجوي فوق ليبيا.

وفي اطار العمليات الانسانية، وصلت المساعدات الطبية التي ارسلتها فرنسا الثلاثاء من القاهرة، الى بنغازي بينما اطلقت اللجنة الدولية للصليب الاحمر نداء للحصول على 18,4 مليون يورو لمساعدة اكثر من مئتي الف شخص تضرروا بالازمة في ليبيا.

بريطانيا تصادر مئة مليون جنيه استرليني

في سياق متصل صادرت بريطانيا مبلغا من العملة الليبية يساوي مئة مليون جنيه استرليني (160 مليون دولار، 117 مليون يورو) من سفينة لم تتمكن من الوصول الى ليبيا، حسبما افادت السلطات الجمعة.

وقال متحدث باسم وزارة الداخلية البريطانية ان السفينة كانت عائدة الى بريطانيا بعد ان حاولت الرسو في ميناء العاصمة طرابلس ولكنها قررت ان الوضع غير امن بسبب اعمال العنف التي تجتاح ليبيا، حسب ما افاد مصدر حكومي. ورفض المصدر الكشف عن المكان الذي انطلقت منه السفينة.

وقال المصدر انه عندما علمت السلطات البريطانية بحمولة السفينة، ابلغوا شركة الشحن التابعة لها بان السفينة تنتهك العقوبات الدولية الخاصة بتصدير الاموال التي يمكن ان يستخدمها النظام الليبي.

وصرح متحدث باسم وزارة الداخلية البريطانية ان "سفينة كانت متوجهة الى ليبيا عادت الى المملكة المتحدة صباح الاربعاء. ورافقتها السفينة اتش ام اس فيجيلنت التابعة لخفر السواحل البريطاني الى ميناء هارويتش".

واضاف انه "تم انزال عدد من الحاويات من السفينة ونقلت تحت مراقبة خفر السواحل البريطاني الى مكان سري".

وقال انه "يعتقد ان الحاويات تحتوي على كمية كبيرة من العملة الليبية الخاضعة للعقوبات الدولية". واكد المتحدث الانباء الصحافية بان الاموال تساوي قيمتها 100 مليون جنيه استرليني.

واصدر مجلس الامن الدولي قرارا بالاجماع بتجميد اموال نظام الزعيم الليبي معمر القذافي وحظر المقربين منه من السفر في اعقاب الانتفاضة التي يشهدها البلد الشمال افريقي.

وجمدت بريطانيا ارصده القذافي الموجودة فيها. وذكرت صحيفة الديلي تلغراف ان قيمة الاصول الليبية المنقولة في بريطانيا نحو 20 مليون جنيه استرليني.

ترسانة القذافي للاسلحة الكيماوية

من جهة اخرى تشير تقارير لاجهزة الاستخبارات الامريكية الي ان القوات الموالية للزعيم الليبي معمر القذافي كثفت اجراءات الامن حول المخزون الرئيسي الباقي في ليبيا من العناصر التي تستخدم في اسلحة كيماوية.

لكن مسؤولين قالوا ان وكالات الاستخبارات غير متأكدة من انها على علم بجميع مواقع المخزونات الكيماوية الليبية.

ويقول خبراء دوليون انه قبل سنوات دمرت ليبيا معظم ان لم يكن كل انظمة الاسلحة التي تمكن القوات من اطلاق عناصر كيماوية في العمليات الحربية. ويعني هذا انه حتى اذا سرقت بعض العناصر فسيكون من الصعب على اولئك الذين سرقوها ان يستخدموها.

وقال مسؤول على دراية بتقارير بحثية للحكومة الامريكية ان واشنطن لديها مؤشرات الي انه جرى "رفع درجة" اجراءات الامنية حول المخبأ الرئيسي للكيماويات. وامتنع مسؤولون عن ان يقولوا كيف عرفت الولايات المتحدة انه جرى تعزيز الامن.

وقالت هيئات رقابية دولية الشهر الماضي ان ليبيا احتفظت بكمية زنتها 9.5 طن من غاز الخردل القاتل لكنها تفتقر الي انظمة الاطلاق.

وامتنع مسؤولون امريكيون عن تحديد اماكن المخزونات الكيماوية الباقية او تحديد طبيعة التحسينات الامنية التي علمت بها الولايات المتحدة.

لكن احد المسؤولين قال ان وكالات امريكية تعتقد ان تعزيز اجراءات الامن قامت به قوات موالية للقذافي وليس المعارضين لحكومته.

وافاد مراقبون دوليون بأن الكيماويات مخزنة على مسافة بعيدة جدا من العاصمة الليبية طرابلس. وأبلغ مسؤول كبير بوزارة الدفاع الامريكية (البنتاجون) الكونجرس في 2006 أنها مخزنة في موقع صحراوي ناء على بعد حوالي 600 كيلومتر من طرابلس.

لكن مسؤولا امريكيا اخر قال ان "من غير الواضح تماما ان الحكومة الليبية تسيطر بشكل كامل على جميع المخزونات الباقية."

وقال مايكل لوهان وهو متحدث باسم منظمة حظر الاسلحة الكيماوية -وهي هيئة رقابية دولية مقرها هولندا- ان المنظمة لا يمكنها تأكيد هل جرى تعزيز اجراءات الامن مؤخرا حول المخزونات الكيماوية الباقية في ليبيا.

وابلغ لوهان "لم نر أي شيء يشير الى ان الامن تغير" مضيفا ان التفويض الممنوح لمنظمته هو "التفيتش والتحقق وليس الامن الذي هو مسؤولية الحكومة المعنية."

وفي الشهر الماضي قالت المنظمة انه في 2004 دمرت ليبيا مخزوناتها من القنابل المحمولة جوا والتي يمكن ان تستخدم لاطلاق العناصر الكيماوية.

وقالت ايضا ان حكومة القذافي دمرت العام الماضي كمية كبيرة من غاز الخردل - حوالي 54 بالمئة من مخزوناتها- ووافقت على تدمير الباقي بحلول مايو ايار من هذا العام.

مأساة في الصحراء

من جهته دفن النيجيري ايك ايمانويل طفلته الرضيعة البالغة من العمر ستة اشهر في الصحراء بعدما لقيت حتفها بسبب البرد في رحلة مضنية للفرار من ليبيا مع اقتراب الدولة من حافة الحرب الاهلية الشاملة.

وكان ايمانويل ضمن الالاف الذين وصلوا الى الاراضي التونسية اليوم الاربعاء يعانون الجوع والانهاك والحرمان في أغلبهم.

ودفعت المناشدات العاجلة من تونس والاحتجاجات الغاضبة من جانب اللاجئين الذين تقطعت بهم السبل وأغلبهم مصريون كلا من فرنسا وبريطانيا الى اصدار أوامر باقامة جسر جوي للاجلاء من تونس الى مصر.

ونقلت سفينة تابعة للبحرية المصرية 1100 من ميناء جرجيس وكانت سفينتان تابعتان للبحرية الامريكية في طريقهما لدعم مزيد من عمليات النقل البحري المحتملة لعشرات الالاف من اللاجئين المقيمين حاليا بمخيم لوكالة اغاثة تابعة للامم المتحدة وتجهيزات تونسية طارئة.

وقال ايمانويل (35 عاما) "فقدت طفلتي. توفيت ودفناها في الصحراء. قضينا ثلاثة ايام في الصحراء وكانت رضيعة ضعيفة عمرها ستة أشهر ولم تتحمل البرد. "انني عائد الى بلدي بلا شيء.. عائد مجددا بدون طفلتي." بحسب رويترز.

واحتشد الاف من العمال المهاجرين من بنجلادش الذين يرغبون في الفرار من ليبيا عند بوابة الحدود التونسية في الوقت الذي شعروا فيه بالغضب لعدم ارسال حكومتهم المساعدة.

وظل بعضهم ينام في العراء لمدة أربعة أيام على الجانب الليبي من الحدود في راس جدير مع عدم توفر المساعدات الغذائية خلال النهار الحار والليل البارد.

وكتب العمال مناشدة للحكومة التونسية والعالم أجمع باللغة الانجليزية على قطعة من القماش لانقاذ أرواح 30 ألفا من بنجلادش.

وقال محمد اصلان (35 عاما) من منطقة جيسور في بنجلادش متحدثا باسم العمال المحتشدين خلفه ان كونهم من مواليد بنجلادش هو أكبر بلاء لهم.

وأضاف باللغة الانجليزية "لم يحضر أحد من حكومة بنجلادش ويسألنا ما هو وضعنا.. أو كيف يمكن أن نسافر أو يحضروا أي مساعدة."

وكان احباط المصريين الذين يشكلون 90 في المئة مما يقدر بنحو 85 ألفا عبروا الى تونس قريب من نقطة الغليان.

وقال أحدهم وهو شاب عرف نفسه فقط باسم محمد "الحكومة نائمة والناس نائمون والجيش نائم ونقول .. شكرا لمصر.. شكرا على لاشيء."

وفي المجمع الحدودي في ظل بستان من الاشجار بنى ألفان من اللاجئين مخيما بسيطا بأنفسهم حيث صنعوا الملاجيء باستخدام الامتعة والاغطية البلاستيكية. وتجمعوا حول النار للتدفئة في الصباح الباكر.

ووقفوا في صفوف طويلة ومنظمة للحصول على حصص غذائية ولدخول دورات المياه. ووقفوا أيضا في صفوف لشراء بطاقات الهواتف المحمولة لتحل محل تلك التي أخذت من هواتفهم عند نقاط التفتيش الليبية. وقام تونسيان ببيع بطاقات الهواتف المحمولة التي أقبل عليها اللاجئون الذين يتوقون للاتصال بأهليهم.

وشن الزعيم الليبي معمر القذافي هجوما بريا وجويا لاستعادة مناطق في شرق ليبيا فجر يوم الاربعاء مما دفع الثوار الى الدعوة الى توجيه ضربات جوية أجنبية ضد مرتزقة أفارقة قال المحتجون انهم يساندون بقاء القذافي في السلطة. وهدد القذافي بفيتنام أخرى اذا تدخلت قوى أجنبية.

ولا يزال التدخل احتمالا نظريا في الوقت الحالي لكن هناك مخاطر من أن تتسبب الانتفاضة الشعبية الاكثر دموية ضد حكومة عربية حتى الان في أزمة انسانية قد تكون دافعا لقوى أجنبية للتحرك.

وقالت مصادر في مطار جربة التونسي ان 33 رحلة جوية مستأجرة نقلت لاجئين مصريين وصينيين الى بلادهم. وقال مسؤولون بريطانيون ان 40 ألفا اخرين ينتظرون على الجانب الليبي.

وقال ايفان بوينديا جايتون من منظمة أطباء بلا حدود ان "من المستحيل" تحديد عدد من يحاولون الخروج من ليبيا. وأضاف "لم نشاهد أي مصابين. لكن وفق روايات غير رسمية .. جرى ابلاغنا أن هناك مصابين وهناك حاجة الى امدادات طبية للعلاج من الصدمة."

ولم يكن هناك ما يشير الى وجود مسؤولين عند الموقع الحدودي الليبي الى أن غامر مجموعة من الصحفيين بدخول الاراضي الليبية ليشاهدوا مهاجرين مصريين وسودانيين يمضون وسط أكوام من الملابس والاغطية والنفايات والحقائب المكسورة المهملة.

وتحرك رجلان أحدهما كان يضع قناعا يغطي الرأس والرقبة عدا العينين في سيارة مرسيدس بيضاء اللون سارت فوق تلك المهملات ليطلبا من الصحفيين المغادرة على الفور.

وقال المجلس الوطني الليبي المعارض يوم الاربعاء انه يعتقد أن النيجر ومالي وكينيا ترسل قوات لدعم القذافي.

وقال هولي وكيلي (31 عاما) وهو نيجيري انه هو وأفارقة سود اخرين فروا من مدينة الزوارة في غرب ليبيا عندما بدأت التقارير بشأن " المرتزقة الافارقة" تنتشر وبدأ الليبيون الغاضبون يطرقون أبوابهم ويسرقونهم ويطاردونهم.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 5/آذار/2011 - 29/ربيع الأول/1432

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م