العراق يتفوق على بلجيكا

بعد تحطيمها الرقم القياسي

باسم الزيدي

 

شبكة النبأ: ان مشكلة الصراع داخل الدولة على اساس عرقي او عنصري او ديني قد نشئت مع نشوء الدول ذاتها لكن بأشكال مختلفة, كأن تكون بين الشمال والجنوب (كما في حرب التحرير في امريكا)، وتارة بشكل خلاف ديني بين طائفتين او اكثر (كالعراق).

وتارة اخرى على اساس عرقي, وهو واقع الحال في بلجيكا والمتمثلة بين الفلامند والفرنكوفونيين والتي عصفت بشدة في هذا البلد الاوربي وادت الى ان تهدد وجودها كدولة واحدة بعد ان تعالت اصوات الانفصال.

ان الخلاف يكمن في فقدان الثقة المتبادل بين الجهتين والخوف من الاخر ادى الى ازدياد الفجوة ودخول البلد في نفق الانفصال, ويذكر ان بلجيكا قد مرت في غير مرة بتقلبات سياسية ادت بها الى اقالة الحكومة من قبل الملك والدعوة الى اجراء انتخابات مبكرة ولعل الازمة الاخيرة خير مثال على ماسبق .

والسؤال الكبير الذي يطرح نفسة هو هل ستتمكن بلجيكا من الخروج متعافية؟ وهل ستتجاوز هذه الازمة وتتمكم من الاستمرار كدولة ام للأحداث واقع اخر؟ اعتقد ان هذا ما ستجيب علية الايام.

الصحافة تحتفل بتحطيم الرقم العالمي  

فقد كرست الصحافة البلجيكية مؤخراً العناوين العريضة في صدر صفحاتها "للاحتفال" بتحطيم البلاد الرقم القياسي العالمي لاطول ازمة سياسية مفتوحة في التاريخ بسبب الخلاف المستحكم بين الفلمنكيين والفرنكوفونيين.

وفي الواقع فقد تجاوزت بلجيكا يومها ال249 من دون ان تتمكن من تشكيل حكومة جديدة بعد الانتخابات التشريعية المبكرة التي جرت في 13 حزيران/يونيو 2010 المنصرم. وبذلك تكون بروكسل حطمت الرقم القياسي العالمي الذي احتفظت به حتى اليوم بغداد، التي تمكنت العام الماضي بعد فترة مماثلة من التوصل لاتفاق على تقاسم السلطة بين السنة والشيعة والاكراد.

وعنونت الصحيفة الواسعة الانتشار في المناطق الفلمنكية "دي ستاندارد" بالخط العريض "وأخيرا نحن ابطال العالم!"، لتختار بذلك لمقاربة الازمة لهجة تهكمية ساخرة ارفقتها بصورة كبيرة في الصفحة الاولى يظهر فيها مشجعو كرة قدم بلجيكيون يحتفلون بعد انتصار فريقهم.

وللمرة الاولى اتفقت الصحف الناطقة بالهولندية وتلك الناطقة بالفرنسية على مقاربة واحدة للازمة.بحسب فرنس برس.

واختارت الصحيفتان الرئيسيتان الناطقتان بالفرنسية "ليكو" و"لو سوار" عنوانا عريضا واحدا هو "حطمنا الرقم القياسي!"، لتضيف "لو سوار" بلهجة لا تخلو من السخرية والاسى في آن "لم ينته الامر"، مرفقة تعليقها برسم تظهر فيه خلفية سوداء تشبه جدار سجن خط عليه السجين بالطبشور خطوطا عمودية تمثل الايام التي قضاها في سجنه وعددها 249 يوما.

وكتب احد المعلقين السياسيين في "لو سوار" "لحسن الحظ لا تزال لدينا وجنات لنضحك. هي ضحكة صفراء، ولكن وسط هذا المأزق السياسي المفتوح من الافضل ان يختار المرء السخرية عوضا عن اليأس", ولكن صحيفة "لا كابيتال" اختارت موقفا اكثر حزما وكتبت "رقم قياسي عالمي يجلب لنا العار"، في حين صدرت "دي مورغن" بعنوان "اسى بلجيكا" في استعارة من عنوان رواية "اسى البلجيكيين" للروائي الفلمنكي المفقود هاوغو كلاوس, اما صحيفة "لا ليبر بلجيك" فكتبت "لا يمكن للوضع ان يطول الى ما لا نهاية لان الاسواق، كما نعرف، غير راضية عن الفراغ الراهن وتريد حكومة حقيقية تعد لاصلاحات بنيوية", وحتى الساعة لم يتوصل الفلمنكيون والفرنكوفونيون الى اتفاق على رؤية مشتركة لمستقبل بلدهم. ففي حين يطالب الفلمنكيون المتحلقون بغالبيتهم حول حزبهم الرئيس الانفصالي بالحصول على حكم ذاتي واسع جدا، يحذر الفرنسيون من خطورة ان يؤدي هذا الخيار لاحقا الى تقسيم البلاد.

الى ذلك وجهت دعوة في بلجيكا لزوجات السياسيين بالإضراب عن ممارسة الجنس مع أزواجهن كوسيلة للضغط عليهم للإسراع بتشكيل حكومة ائتلافية, وكانت البلاد قد شهدت انتخابات عامة في يونيو / حزيران الماضي ولكن الأحزاب لم تتفق حتى الآن في المحادثات لتشكيل الحكومة.

وذكرت عضوة البرلمان الاشتراكية مارلين تميرمان إنها وسيلة فعالة ونجحت في كينيا عام 2009 ولم يستطع السياسيون هناك الصمود أمام الإضراب سوى أسبوع قبل أن يشكلوا حكومة.

يذكر أن آخر محاولة لإقناع قادة الأحزاب المشاركة في محادثات تشكيل الحكومة في بلجيكا كانت حملة تدعو السيدات " لإطلاق اللحية".

وتقترب بلجيكا من تحقيق رقم قياسي غير رسمي لطول مدة تشكيل حكومة علما بأن الأحزاب العراقية استغرقت 249 يوما لتشكيل حكومة, وقالت السيناتور تميرمان " أطالب زوجات المفاوضين المشاركين في المحادثات بالامتناع عن ممارسة الجنس مع أزواجهن حتى يتم التوصل إلى اتفاق", وأضافت " إذا وافقت زوجات السياسيين على اقتراحي فسيتم تشكيل الحكومة بأسرع وقت ممكن", وأوضحت تميرمان أنها لم تتلق حتى الآن من السياسيين أو زوجاتهم ولكن 80 بالمائة من الجماهير التي اتصلت بمكتبها وافقوا على الأمر, وأبدت تميرمان دهشتها من الأشخاص الذين رفضوا فكرتها وقالت إنهم لا يملكون حس الدعابة وأنهم اعتبروا دعوتها إهانة وقالوا " كيف تقوم سيدة في منصبها مثلها باقتراح فكرة غبية ", وتعود فكرة الإضراب عن الجنس كوسيلة ضغط إلى زمن سحيق فقد استخدمتها النساء في القصص الإغريقية القديمة لإجبار الرجال على إنهاء الحرب, كما قامت نساء مدينة " بيريا " الكولومبية بتنفيذ هذا الإضراب لإجبار رجال العصابات على التخلي عن أسلحتهم.بحسب فرنس برس.

بلجيكا تغرق في الازمة السياسية

في سياق متصل حيث يبدو المستقبل غامضا بالنسبة لبلجيكا التي تتولى حاليا الرئاسة الدورية للاتحاد الاوروبي، بعدما رفض الفرنكوفونيون عرض تسوية لاصلاح البلاد قدمه الانفاصليون الفلمنكيون على انه عرض الفرصة الاخيرة, وقام زعيم الانفصاليين الفلمنكيين بارت دي فيفر المكلف من الملك البير الثاني البحث عن مخرج للوضع يسمح بتشكيل حكومة اتحادية ما زالت متعثرة منذ الانتخابات التشريعية في 13 حزيران/يونيوالماضي، بتقديم عرضه الاحد للاحزاب الفرنكوفونية والناطقة بالهولندية, غير ان الاحزاب الفرنكوفونية سارعت الى رفض العرض على الفور معتبرة انه شديد الانحياز للمطالب الفلمنكية، ما اثار مخاوف بالنسبة لمستقبل البلاد.

واعرب الحزب الاشتراكي، اكبر الاحزاب الفرنكوفونية، عن "خيبة امله العميقة" معتبرا ان نص دي فيفر "لا يقرب بين وجهات النظر" وندد ب"الطابع الاحادي والاستفزازي في بعض الاحيان" لبعض الطروحات التي من شأنها بنظره "زيادة حدة التوتر" بين الفرنكوفونيين والناطقين بالهولندية, وصدر رد فعل مماثل عن الحزب الديموقراطي الانساني (وسطي) الذي اعتبر الوثيقة بمثابة "موقف احادي ليس من شأنه تقريب وجهات النظر حول العديد من النقاط".

وكان رئيس التحالف الفلمنكي الجديد، الفائز الاكبر في انتخابات 13 حزيران/يونيو في فلندريا المنطقة الناطقة بالهولندية التي تمثل 60% من سكان بلجيكا، طرح عرضه على انها عرض اخير اما ان يتم قبوله او رفضه, وينص العرض اولا على استقلالية مالية اكبر للمناطق تسير في اتجاه مطالب فلندريا التاريخية.

وبموجب العرض، تتولى المناطق الثلاث فلندريا ووالونيا وبروكسل ادارة "حوالى 45% من اجمالي عائدات الضرائب" على الدخل في البلاد، ما يعني مجموع 16 مليار يورو توزع عليها مع منح فلندريا القسم الاكبر من هذه العائدات (10 مليارات يورو).

ووافق دي فيفر على دفع المساعدات المالية الاضافية المطلوبة لمدينة-منطقة بروكسل التي تعاني من ديون باهظة، ولكن بمستوى اقل مما يطالب به الفرنكوفونيون.

وبالنسبة لهاتين النقطتين، تحدث الحزب الاشتراكي عن اقتراحات "تشكل خطرا على رفاه سكان والونيا وبروكسل" وتهدد بوضع حد لاي آلية تضامن بين شمال البلاد وجنوبها في اطار الدولة الفدرالية, ويبقى آخر ملف شائك وهو الحقوق اللغوية الخاصة التي يحظى بها عشرات الاف الفرنكوفونيين المقيمين في فلاندريا بضاحية بروكسل. والعرض المطروح يلغي هذه الحقوق باستثناء في البلدات الست حيث غالبية فرنكوفونية والتي سيبقى في وسع سكانها التصويت لمرشحين فرنكوفونيين في الانتخابات التشريعية, لكن الحزب الاشتراكي يرى ذلك غير كاف معتبرا ان العرض "سيسيء" الى حقوق الفرنكوفونيين في هذه المنطقة.بحسب فرانس برس.

واعتبر رئيس حزب الاتحاديين الديموقراطيين الفرنكوفونيين اوليفييه مانغان الذي يتصدر حملة الدفاع عن حقوق الفرنكوفونيين، ان هذا العرض "لا يسعنا سوى رفضه لانه يمهد للانفصال بالشروط التي تريدها فلندريا القومية" وفي حال لم يتم التوصل الى اتفاق للخروج من هذا الطريق المسدود" على حد تعبير صحيفة لو سوار، فقد يضطر الملك الى الدعوة لانتخابات تشريعية جديدة بعد انتخابات مبكرة جرت في 13 حزيران/يونيو وفاز فيها انفصاليو التحالف الفلمنكي الجديد في فلندريا, وتشهد بلجيكا ازمة سياسية حادة مستمرة منذ حزيران/يونيو 2007 بسبب خلافات بين الناطقين بالهولندية والفرنكوفونيين على مستقبل المملكة التي باتت مهددة بالتفكك، في وقت تتولى حاليا الرئاسة الدورية للاتحاد الاوروبي.

الى ذلك قدم زعيم الانفصاليين الفلمنكيين في بلجيكا عرض تسوية لاصلاح المؤسسات البلجيكية يبدو بمثابة الفرصة الاخيرة لاخراج البلاد من ازمتها السياسية الحادة المستمرة منذ اكثر من ثلاث سنوات, وقام رئيس التحالف الفلمنكي الجديد بارت دي فيفر بتوزيع نص العرض الواقع في خمسين صفحة على الاحزاب السياسية السبعة الناطقة بالهولندية والفرنكوفونية التي تسعى بدون نتيجة منذ اربعة اشهر لتشكيل حكومة, وحذر دي فيفر من ان التسوية التي يعرضها هي نتيجة "توازن هش" وان "الذين يريدون المساس بالركائز الاساسية قد يتسببون بانهيار هذا القصر من ورق"، ما يعني ان هذا العرض هو العرض الاخير اما ان يتم قبوله او رفضه الا ان اول حزب فرنكوفوني رد على العرض وهو الحزب الديموقراطي الانساني (وسطي)، بادر الى انتقاده ما يؤشر الى انه لن يلقى تجاوبا.

ووصف هذا الحزب الوثيقة بانها "مساهمة شخصية تعرض للاسف موقفا احاديا ليس من شأنه تقريب وجهات النظر حول العديد من النقاط", وينص العرض المطروح اولا على استقلالية مالية اكبر للمناطق تسير في اتجاه تعزيز الاستقلالية الذاتية التي تطالب بها فلندريا، القسم الناطق بالهولندية والذي يمثل غالبية سكان البلد (60%) .

وفيما يتعلق بملف دائرة بروكسل-هال-فيلفورد الانتخابية والقضائية المختلطة المعروفة ب"بي اش في"، وهو ملف شائك اخر، فيطالب دي فيفر بانشقاقه، وهو ما تطالب به الاحزاب الفلمنكية منذ سنوات وهذا سيحرم عشرات الاف الفرنكوفونيين المقيمين في الضواحي الفلمنكية للعاصمة حيث غالبية فرنكوفونية طاغية، من حقوقهم اللغوية.بحسب فرنس برس.

وفي المقابل، يحتفظ الفرنكوفونيون في البلدات الست حيث يشكلون الغالبية، بحق الاختيار في كل انتخابات ان كانوا سيصوتون للقوائم الفلمنكية او لقوائم بروكسل الفرنكوفونية.

واعتبر رئيس حزب الاتحاديين الديموقراطيين الفرنكوفونيين اوليفييه مانغان الذي يتصدر حملة الدفاع عن حقوق الفرنكوفونيين، الاحد ان هذا العرض "لا يسعنا سوى رفضه لانه يمهد للانفصال بالشروط التي تريدها فلندريا القومية", ويبقى الملف الحساس الاخير وهو التقديمات المالية التي تطالب بها منطقة بروكسل لمواجهة ديونها الطائلة, ويقترح بارت دي فيفر في عرضه تقديمات سنوية اضافية من الدولة الفدرالية بقيمة مئة مليون يورو عام 2011 ثم 200 مليون يورو عام 2012 و300 مليون يورو عام 2013، فيما كان الفرنكوفونيون يطالبون بمبلغ يصل الى 500 مليون يورو

رئاسة الاتحاد الاوروبي

من جهته تسلمت بلجيكا التي تحكمها حكومة تصريف اعمال وتعاني اكثر من اي وقت مضى من الانشقاق بين الفلمنكيين والفرنكفونيين، الخميس رئاسة الاتحاد الاوروبي الذي يواجه بدوره ازمة اقتصادية حادة، وذلك لستة اشهر خلفا لاسبانيا, وتتولى بلجيكا رئاسة الاتحاد الاوروبي الثانية عشرة في ظرف دقيق كثرت فيه الملفات العالقة مثل انهاء اصلاح نظام الضبط المصرفي والمالي وانشاء جهاز دبلوماسي اوروبي وتعزيز الحكم الاقتصادي في اوروبا.

ويخشى البعض ان يتكرر السيناريو الذي شهده الاتحاد الاوروبي في النصف الاول من 2009 عندما سقطت الحكومة التشيكية في خضم رئاستها للاتحاد الاوروبي ما ادى فقدان براغ التحكم بزمام الامور في الشؤون الاوروبية, وقال كريستيان فرانك الاستاذ في معهد الدراسات الاوروبية في جامعة لوفان الكاثوليكية "اكيد ان لدى بلجيكا قناعات كبيرة تجاو اوروبا، لكن عندما يكون بلد في حالة عدم استقرار ازاء مستقبله فانه لا يتحلى بمصداقية سياسية كبيرة", ويشدد البلجيكيون على الاجماع السائد في المملكة حول القضايا الاوروبية في محاولة للطمأنة.

كما يبرزون ان معاهدة لشبونة قللت من اهمية دور الرئاسة الدورية وبات دور الدولة التي تتولاها لستة اشهر يقتصر على مساعدة رئيس الاتحاد الاوروبي, وقال رئيس الوزراء البلجيكي ايف لوتيرم "اننا سنكون اولا في خدمة المؤسسات الاوروبية" مؤكدا "نريد اعتماد موقف متواضع".

وتنوي الرئاسة البلجيكية البقاء في الخلف مع الدفع برئيس الاتحاد الاوروبي هرمان فان رومبوي وهو بلجيكي الى الامام، وكذلك تعزيز دور الممثلة العليا لسياسة الاتحاد الاوروبي الخارجية كاثرين آشتون، ولعب دور "تسهيل" التسويات, وسيكون البلجيكيون في حاجة الى كافة كفاءاتهم لانجاز احدى اولوياتهم اي المضي قدما بمشروع الحكومة الاقتصادية الاوروبية الذي يثير انقسامات. فهم يريدون تجسيد مفهوم ما زال غامضا دون ان يؤدي ذلك الى ان تستخدمه الدول لتهميش المفوضية الاوروبية.

واوضح وزير المالية ديدييه ريندرس الخميس في تصريحات لعدة صحف اوروبية كبيرة انه "لا يمكن الدعوة باستمرار الى قيام حكومة اقتصادية دون الادراك بان ذلك يقتضي تعزيز المؤسسات الاوروبية اي اعطاء دور متنام للمفوضية الاوروبية" لا سيما للسهر على انضباط مالي صارم.

واضاف ان "رؤساء الدول او الوزراء ليسوا من سيدير الحكومة الاقتصادية" مؤكدا ان "قيادة تقتصر على دولتين لن تفيد كثيرا" في اشارة الى الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي والمستشارة الالمانية انغيلا ميركل.بحسب فرنس برس.

ومن بين الملفات الاخرى التي تنوي الرئاسة البلجيكية انجازها الجهاز الدبلوماسي الاوروبي المقبل الذي قد يصبح عملانيا عشية نهاية الرئاسية البلجيكية. كما تريد بلجيكا ايضا انهاء ما تمت بدايته من عمل حول توسيع الاتحاد الاوروبي, وتكاد المفاوضات حول انضمام كرواتيا تنتهي بينما قد تبدا اخرى مع ايسلندا ومقدونيا. واعلنت بلجيكا انها تؤيد فتح ملفات جديدة من المفاوضات مع تركيا التي بدات نهاية 2005.

ومن المتوقع نجاح المفاوضات الرامية الى تشكيل الائتلاف الحكومي الجديد، ولكن من غير المتوقع ان تنتهي هذه المفاوضات قبل اشهر عدة، في الوقت الذي يفترض ان تتسلم فيه بلجيكا  الرئاسة الدورية للاتحاد الاوروبي.

وحدة بلجيكا في مهب الريح

من جهة اخرى اعادت الازمة السياسية التي تهز بلجيكا مجددا طرح مسألة بقاء هذا البلد بشكله الحالي، مع تفاقم تباعد رؤى الفرنكوفونيين والفلمنكيين الناطقين بالهولندية الذين ينزعون نحو الانفصال, وقال ديدييه ريندرس وزير المالية ورئيس الحزب الليبرالي احد اكبر الاحزاب الفرنكفونية في بلجيكا الجمعة لقناة "ار تي بي اف" العامة "حان وقت التساؤل عن كيفية العيش معا في بلجيكا في السنوات المقبلة، يجب ان نجرؤ على طرح السؤال بهذا الشأن".

وعكست عناوين الصفحات الاولى للصحف البلجيكية، الفرنكفونية منها بالخصوص، الصادرة الجمعة هذه الاجواء وحالة القلق بشأن قدرة المجموعتين الكبيرتين في بلد مقسم على مواصلة العيش معا، ومن هذه العناوين "الوداع بلجيكا" و"هل لا يزال لهذا البلد معنى؟". وفي رسم نشرته الصحافة بدت بلجيكا لا يوحدها الا خيط رفيع وضمادة مع هوة سحيقة ترتسم بين الفلمنكيين الناطقين بالهولندية في الشمال والفالونيين الفرنكفونيين في الجنوب.

وقد يكون لا يزال من الممكن تجاوز هذه الازمة الجديدة التي نجمت عن سقوط التحالف الحكومي الهش حول الحزب الليبرالي الفلمندي، بسبب نزاع حول الحقوق اللغوية للفرنكفونيين المقيمين في الضاحية الفلمنكية من بروكسل, فقد منح ملك بلجيكا البير الثاني نفسه مهلة للتفكير قبل قبول استقالة الحكومة. وهو يسعى الى الضغط لدفع الاحزاب الى التوصل الى حل حول حقوق الفرنكفونيين الذين يريد الفلمنكيون اعادة النظر فيها في الملف الذي يطلق عليه اسم "بروكسل-هال-فيلفوردي", بيد ان الثقة بين المعسكرين وصلت الى ادنى مستوى لها. وقال مسؤول سياسي فرنكفوني الخميس ان الاحزاب الناطقة بالهولندية مستعدة للتباحث لكن مع "مسدس مصوب الى صدغ" الفريق المقابل وهدد الجانب الفلمنكي، في حال عدم التوصل الى حل سريع، بالمضي بشكل احادي في تصويت لانهاء "الامتيازات" الفرنكفونية في مجلس النواب بداية من 29 نيسان/ابريل. وقد تعطلت مبادرة بهذا الاتجاه من جانبهم الخميس اثر تدخل من الملك. ويبدو ان "هذه البادرة العنيفة من الفلمنكيين" كما وصفتها صحيفة "ليبر بلجيك"، هي التي صدمت الفرنكفونيين. وقالت رئيسة حزب الوسط "سي دي اتش" جويل ميلكي الجمعة "لقد ادركنا اننا غير بعيدين من ازمة نظام".بحسب فرانس برس.

وفي الاثناء اعربت اسبانيا عن الامل في ان تتمكن بلجيكا التي ستخلفها في رئاسة الاتحاد من تخطي الازمة الحالية. وقال وزير الخارجية الاسباني ميغيل انخيل موراتينوس على هامش اجتماع للحلف الاطلسي في تالين "آمل ان تتم تسوية هذه القضية في بلجيكا". بيد انه لم يبد قلقا حيال آثار الازمة البلجيكية على الاتحاد الاوروبي. وكما هي العادة في التناوب فان الرئاسة الاسبانية "عملت اصلا حول ابرز القضايا الاوروبية" مع بلجيكا, وتعطي بلجيكا، التي تعيش في ازمة متواصلة، الانطباع بانها بصدد الذوبان ببطء. ومنذ آخر انتخابات تشريعية في حزيران/يونيو 2007 تسارعت وتيرة ولادة الحكومات ورحيلها في الوقت الذي يدير فيه المعسكران الظهر لبعضهما البعض. وتزايدت صلابة الحواجز اللغوية التي تقسم البلاد ولم يعد الفرنكفونيون الذين لا يتحدثون الهولندية مرحبا بهم في منطقة الفلمنكيين, كما ان الاحزاب السياسية مقسمة منذ سبعينات القرن الماضي وتعطي قراءة وسائل اعلام المجموعتين القارئ الشعور بانه ازاء بلدين مختلفين. وتطالب المنطقة الشمالية من البلاد بمزيد من السلطات الذاتية في الوقت الذي تم فيه تقليص الصلاحيات الفدرالية الى حدود ضئيلة من اجل التوجه الى نموذج "كونفدرالي". وبحسب استطلاع للرأي اجري مؤخرا فان نحو 40 بالمئة من الناخبين الفلمنكيين يدعمون حتى الاحزاب المؤيدة للانفصال.

واظهرت بلجيكا في الماضي قدرة لا شك فيها على تجاوز ازماتها المتكررة لكن هذه المرة يبدو الامر بغاية الخطورة. وقال بيار فيركوتيرين المحلل السياسي في جامعة مون "ان الثقة تتضاءل باستمرار في بقاء بلجيكا على الامدين المتوسط والبعيد".

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 2/آذار/2011 - 26/ربيع الأول/1432

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م