مهرجان الفيلم العالمي في دورته الحادية والستين

السينما تعكس مضامينها ببراعة

تقرير: عصام الياسري/ المانيا

 

شبكة النبأ: بحضور جمهرة كبيرة من النقاد والفنانين ووسائل الإعلام من كافة أنحاء العالم أفتتح يوم 10 وحتى 20 فبراير ـ شباط 2011  مهرجان الفيلم العالمي "البرليناله" الحادي والستين. في مركز العاصمة الألمانية السينمائي برلين "ساحة بوتسدام الشهيرة". الذي بدأ إعماره بعد سقوط الجدار وتوحيد الألمانيتين عام 1989، وإنتهى في أوائل القرن الحادي والعشرين على أنقاض بناياته الأثرية القديمة الواقعة على أرض شاسعة، جعلتها ويلات الحرب الكونية الثانية خراباً، وأصبحت اليوم مدينة مضيئة وكأنها ورشة عمل تدب فيها الحركة دون توقف.

ويعتبر مهرجان برلين السينمائي "برليناله" واحداً من أهم المهرجانات في العالم، تأسس بعد الحرب العالمية الثانية وخلاص ألمانيا على يد الحلفاء من الحكم النازي الذي جلب للبشرية الويلات، بمبادرة من أحد الجنرالات الأمريكيين. وقد كانت برلين آنذاك واجهة للعالم الحر، جهد السياسيون الألمان وقوات التحالف في رد الحياة لها وجعلها عاصمة أوربية للثقافة والفنون ومدينة للسينما. وأفتتح المهرجان الأول في 6 حزيران في العام 1951 في قصر" تيتانيا" العريق في برلين، بفيلم "ربيكا" لالفريد هتشكوك وكانت بطلته النجمة جان فونتين ضيفة على المهرجان.  

يقوم على إدارة وتنظيم البرليناله لجنة متخصصة، في مقدمتها رئيس المهرجان ديتر كوسليك وعضوية السيدة فراوكه غراينر المتحدثة الصحافية باسمه، وفيلاند شبيك مسؤول أفلام البانوراما، و راينر روتر عن أفلام رتروسبيكتيف –هوماج، و كريستوف ترشتر عن أفلام فوروم، و بيكي بروبست عن سوق الفيلم الأوروبي، وآخرون عن السينما الألمانية ومهرجان فيلم الأطفال، وآفاق الفيلم الألماني، أو أفلام المواهب الناشئة وغيرها. ويبدو أن مهرجان هذا العام يكتسب أهمية خاصة، إذ يتزامن إنعقاده مع إنشغال وسائل الإعلام والسياسة بما يجري في تونس ومصر. وإرتقى إهتمام الفنانين والنقاد إلى مستوى الحديث عنهما بكل ندوة تلفزيونية حول المهرجان، والإشادة بهبوب رياح التغيير في المنطقة والعالم طلباً "للحرية" ومن أجل العدالة الاجتماعية والسياسية.

يتنافس على قطف أهم جوائز المهرجان هذا العام وفي إطار البرنامج الرئيسي 24 فيلماً من 18 دولة، من بينها فيلمان من إيران وفيلم من تركيا وآخر انتاج الماني تركي مشترك، ولأول مرة هنالك فيلم ألباني وواحد إنتاج مشترك إنكليزي فلسطيني عبري و سبعة أفلام خارج المسابقة.. أما أفلام البانوراما والبانوراما الخاص والبانوراما التسجيلي فقد تجاوز عددها على المئة فيلم، من بينها أفلام درامية على قدر عالٍ من القيمة الجمالية والفنية، موزعة على أكثر من 10 صالات عرض داخل وخارج مركز المهرجان، وتحتل أفلام الفوروم المرتبة الثالثة من ناحية الكم والمضمون، أما الأفلام القصيرة فيشارك قسم كبير منها في إطار برنامج المهرجان الرئيسي للتنافس على الجوائز.

وتشير آراء الصحافة والنقاد أيضاً، إلى أن عروض مهرجان هذا العام تكتسب أهمية على جميع المستويات، سيما الأفلام المتنافسة على جوائز المسابقة، الدب الذهبي والدب الفضي. وفتح بشكل معقول باب مشاركة أفلام قيمة من بلدان آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينيه، التي تتناول الكثير من المواضيع الانسانية والاجتماعية وكشف حقيقة الأوضاع في هذه البلدان وحجم التضحيات من أجل نيل "الحرية" وإحترام الرأي والتعبير. وفي هذا السياق فان المهرجان سيقوم بتكريم المخرج الإيراني جعفر بناهي الحائز عام 2006 على جائزة «الدب الفضي» على فيلم «التسلل» في برلين، حيث ستعرض خلال أيام "البرليناله" مجموعة من أفلامه كما تم اختياره عضواً في لجنة التحكيم الدولية وهو لازال في السجن ينتظر تنفيذ الحكم عليه من طرف السلطات الأيرانية.    

إنتقل مهرجان الفيلم العالمي الـ "البرليناله" في السنوات الخمس الأخيرة من حالة الركود والبروقراطية والتحيّز في إختيار الأفلام، إلى صياغة رؤيا جديدة مبنية على اعتبارات فنية وثقافية، فكرية وحضارية متوازنة وبذلك أصبح قريباً من التجديد والموضوعية، وأخذ يحقق سمعة جيدة في وسائل الإعلام، لكنه أخفق في مشاركة الفيلم العربي للتعريف بما حققه في إطار السينما وما تحمله من مواصفات موضوعية وإبداعية مثيرة للغاية.

وتخضع الأفلام المشاركة في المسابقة للبرليناله "Berlinale" إلى شروط متأثرة بطبيعة الانتقاء الخاضع إلى قوانين وشروط المسابقات العالمية التي تنص عليها لوائح الاتحاد العالمي لمنتجي الأفلام  " FIAPF " إلا في حالات استثنائية محددة، أسبابها تتعلق بطابع الإنتاج وتناظر الموضوع . أما الأفلام التي اجتازت اختبار الترشيح أو التأهيل، فلها مواصفات فنية وتقنية عالية، كما ينبغي أن تكون قد أنتجت خلال الاثني عشر شهراً المنصرمة، وأن لا تكون قد عُرضت خارج البلد المنتج لها أصلاً، ولم تشارك في مهرجان أو سباق عالمي آخر. كما يجب أن لا تكون شركات التلفزة العالمية أو المحلية قد شاركت في إنتاجها فتصنف وفي الكثير من الأحيان إلى ما يسمى بالإنتاج أو العرض السينمائي المزدوج، لكن هذا الانسجام لم يعد قائماً بسبب الهيمنة والتحّيز واختلاف وجهات النظر والتقدير التي تمارسها في أغلب الأحيان بشكل مـترتب بيروقراطي، لجنة الاختيار وفقاً للظروف والمعايير السياسية والاقتصادية القائمة.

يبقى السؤال: هل سيمنحنا مهرجان برلين السينمائي لعام 2011 قياساً مع طاقة وحجم الأفلام المشاركة فيه نوعاً وكماً، فرصة اكتشافات جديدة غير مألوفة كالمهارات التعبيرية والمؤثرات النوعية، الفنية والموضوعية الراقية، أو يجعلنا على تماس مع العقل البشري وما يصنعه من خيال، لنتأثر بانطباعات سينمائية ساحرة، تجدد باستمرار الحيوية فينا.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 27/شباط/2011 - 23/ربيع الأول/1432

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م