
شبكة النبأ: تحطمت امال الالاف من
المحتجين المغاربة في العاصمة الرباط عندما اصطدمت بتعنت العاهل
المغربي الذي رفض مطالبهم بشدة، بعد ان تأمل الكثير منهم ان يقوم
الاخير بإصلاحات جوهرية على صعيد الوضع الديمقراطي والسياسي والاقتصادي
المتردي بحسب الكثير من المحتجين.
ويعاني المواطنون في المغرب بحسب التقارير الميدانية من ارتفاع
معدلات البطالة في تلك البلاد التي تعتمد على الجانب السياحي بشكل اساس
في مواردها النقدية، الى جانب جملة الصعوبات المعيشية المتمثلة في
الغلاء ونقص المواد الغذائية.
ويرى المحتجون ان بلادهم تفتقر الى معايير الحريات الاساسية على
الصعيد السياسي، بسبب تشديد قبضة الملك على هذا المرفق الاساسي، مما
يشكل عبئ مباشرا على الاصلاحات الاخرى.
العاهل يرفض الحد سلطاته
فقد قال العاهل المغربي الملك محمد السادس انه لن يذعن "للديماجوجية"
بعد يوم من احتجاج الاف المغاربة الذين طالبوا بأن يتخلى عن بعض سلطاته
لحكومة جديدة منتخبة.
وأضاف الملك محمد بعد أن رأس احتفالا بتعيين أعضاء في المجلس
الاقتصادي والاجتماعي "اننا بتنصيب المجلس الاقتصادي والاجتماعي نعطي
دفعة قوية للدينامية الاصلاحية التي أطلقناها منذ تولينا أمانة قيادة
شعبنا الوفي في تلازم بين الديمقراطية الحقة والتنمية البشرية
والمستدامة."
وأكد العاهل المغربي في الكلمة التي بثتها وكالة المغرب العربي
للانباء حرص بلاده الدائم "على نبذ الديماجوجية والارتجال في ترسيخ
نموذجنا الديمقراطي التنموي المتميز."
وفي وقت سابق قال وزير الداخلية المغربي الطيب الشرقاوي ان
المظاهرات التي خرجت للمطالبة باجراء اصلاحات سياسية واجتماعية في
البلاد أسفرت عن مقتل خمسة أشخاص تم العثور على جثثهم متفحمة في مصرف
هاجمه محتجون يوم الاحد.
وكانت مجموعة على موقع فيسبوك تطلق على نفسها اسم (حركة 20 فبراير
من اجل التغيير) اجتذبت الاف المشاركين على الانترنت. وخرج الالاف في
احتجاجات يوم الاحد في مختلف أنحاء المغرب للمطالبة بدستور جديد وحل
البرلمان والحد من سلطات الملك وكذلك لتحقيق مطالب اجتماعية. وشملت
التظاهرات 53 منطقة في المغرب وبلغ عدد المشاركين فيها 37 الف مشارك.
مظاهرات الاحتجاج
وكان قد تجمع الاف المحتجين في العاصمة المغربية لمطالبة الملك محمد
السادس بالتخلي عن بعض سلطاته وبعزل الحكومة وبالتصدي للفساد الحكومي.
وكان بعض المحتجين يلوحون بالعلمين التونسي والمصري في اعزاز وتقدير
للانتفاضتين الشعبيتين اللتين نجحتا في الاطاحة برئيسي البلدين. وقال
مراسلو رويترز ان 5000 شخص على الاقل شاركوا في المسيرة بوسط الرباط.
ووقف أفراد من الشرطة بالزي الرسمي بعيدا عن الاحتجاج في منطقة باب
الاحد بوسط المدينة لكن ضباطا بملابس مدنية اختلطوا بالحشود ومعهم
دفاتر.
وردد المشاركون في الاحتجاج شعارات ترفض الدستور الذي قالوا انه صيغ
للعبيد وتطالب باسقاط الحكم المطلق.
وطالب البعض رئيس الوزراء عباس الفاسي بالرحيل لكن اللافتات
والشعارات لم تتضمن هجمات مباشرة على الملك. ولكن أحد المحتجين انتقد
نفوذ شركات يشارك فيها أفراد الاسرة المالكة بنسب كبيرة.
ويقول محللون ان المغرب من بين البلدان العربية الاقل عرضة لموجة
الاحتجاجات التي تجتاح المنطقة حيث يتبع الملك نهجا اصلاحيا ويحظى
باحترام واسع في البلاد وينمو الاقتصاد بمعدلات سريعة.
وقال مصطفى مشطاطي من حركة بركة (كفاية) التي ساعدت في تنظيم
المظاهرة انه احتجاج سلمي للمطالبة بالاصلاح الدستوري واستعادة الكرامة
وانهاء الكسب غير المشروع ونهب الاموال العامة.
وبعد الاحتجاجات وقعت بعض عمليات تخريب للممتلكات انحى المتظاهرون
باللائمة فيها على "لصوص" ليس لهم صلة بقضيتهم.
وقال محتج في طنجة ذكر ان اسمه امين "كنا عائدين بمحاذاة الساحل
ورأينا اشخاصا معظمهم من الشبان يهاجمون مطاعم وملاه ليلية وحانات
بالحجارة. منعوا الدخول الى ميناء المدينة واحرقوا مطعم ماكدونالدز على
الشاطيء."
وذكرت وكالة المغرب العربي للانباء الرسمية ان حوادث فردية من جانب
مثيري اضطرابات في مراكش والعرائش وتطوان والحسيمة حيث لحقت اضرار
بمبان عامة وخاصة نتيجة حرائق والحجارة التي القيت.
وبدأت مجموعة تسمى (حركة 20 فبراير من اجل التغيير) الدعوة للاحتجاج
واجتذبت 19 الف مشترك على الفيسبوك. وعشية الاحتجاج قالت حركة شبابية
انها انسحبت بسبب خلاف مع الاسلاميين واليساريين.
وانضم للمحتجين القسم الشبابي في جماعة العدل والاحسان الاسلامية
المحظورة واعضاء من احزاب معارضة ونشطاء من البربر. وعبرت نقابة
الصحفيين الرئيسية وجماعات حقوق الانسان ايضا عن الدعم للاحتجاج.
وقال محمد العوني من اللجنة المنظمة لحركة 20 فبراير من أجل التغيير
ان المحتجين الشبان يريدون تنظيم اعتصامات يومية.
وقال ان الحركة لم تستقر بعد على الخطوة القادمة وقال ان البعض
يقترحون احتجاجات اسبوعية.
وأوقفت حركة الحافلات في المدينة مما منع بعض الناس من المشاركة.
وقال مسؤول حكومي ان توقف الحركة يرجع الى رغبة السلطات في حماية
الحافلات من اي ضرر محتمل.
وخطط نشطاء أيضا للخروج في مظاهرات في مدن المغرب الرئيسية الاخرى
ومن بينها مراكش اكبر مقصد سياحي في المملكة.
وقال العوني ان الشرطة استخدمت العنف لتفريق تظاهرة اصغر في مراكش
وان المتظاهرين تفرقوا منعا للتصعيد. ولم يتسن الحصول على تعليق فوري
من المسؤولين.
وقال المسؤول الحكومي ان بضع مئات فقط شاركوا في مظاهرة في الدار
البيضاء اكبر مدن البلاد بينما قال العوني ان العدد وصل الى نحو عشرة
الاف. ولم يتسن التأكد على الفور من هذا العدد.
وحث وزير المالية صلاح الدين مزوار المواطنين على مقاطعة المسيرة
محذرا من ان اي تعطل للانتاج قد يكلف البلاد في اسابيع ما حققته في
السنوات العشر الاخيرة.
والمغرب من الناحية الرسمية دولة ملكية دستورية ذات برلمان منتخب.
لكن الدستور يخول الملك صلاحيات حل الهيئة التشريعية وفرض حالة
الطوارىء والقول الفصل في تعيينات الحكومة ومن بينها رئيس الوزراء.
ويقول مسؤولون ان تعهد المغرب بالاصلاح لم يكن قط أقوى مما هو تحت
قيادة الملك محمد السادس. ويمنح الدستور الملك مكانة رفيعة كأحد افراد
الاسرة العلوية التي حكمت المغرب لنحو 350 عاما وتقول ان اصولها ترجع
للنبي محمد.
وعملت الحكومة منذ تولي الملك العرش عام 1999 على اصلاح تراث من
انتهاكات حقوق الانسان والفقر والامية التي خلفها حكم والده الملك
الحسن الثاني الذي دام 38 عاما.
واعرب مسؤولون عن قلقهم من ان تستغل الجزائر وجبهة بوليساريو اللتان
تريدان استقلال الصحراء الغربية الانتفاضات التي تعم الدول العربية
لاثارة الاضطرابات. وضم المغرب الصحراء الغربية عام 1975.
زعماء احتجاج 20 فبراير
من جهته قال احد زعماء حركة شبابية مغربية تقود دعوات لتنظيم
احتجاجات في شتى انحاء المغرب ان الحركة انسحبت بسبب خلاف مع
الاسلاميين واليساريين بشأن دور الملكية.
واستخدم رشيد عنتيد مع صديقين الفيسبوك الشهر الماضي لبدء " حركة
حرية وديمقراطية الان." وانضم الاف معظمهم من الشبان المغاربة الى
الحركة التي استلهمت الانتفاضتين في تونس ومصر.
وتحت مظلة "حركة 20 فبراير من اجل التغيير" والتي تتباهي بان لديها
19 الف مشترك على الفيسبوك كانت مجموعة عنتيد هي اول من يدعو الى
احتجاجات عامة يوم الاحد للحث على اجراء اصلاحات دستورية ستقلص سلطات
الملك محمد السادس وتجعل النظام القضائي اكثر استقلالا.
وتريد ايضا حركة 20 فبراير اجبار العاهل المغرب البالغ من العمر 47
عاما على عزل الحكومة وحل البرلمان.
واعلنت جماعة العدل والاحسان الاسلامية المحظورة والتي يعتقد انها
اكبر قوة معارضة في المغرب واحزاب يسارية انها ستنضم الى الاحتجاج.
ولكن عنتيد قال لرويترز ان جماعته انسحبت من المظاهرات بسبب الخلاف
مع هؤلاء الاعضاء الجدد.
وقال انه بعد اعلان اعتزامهم الانضمام الى احتجاج 20 فبراير ظهر من
المناقشات معهم انهم لا يريدون اعلان التزام حازم فيما يتعلق باحترام
النظام الملكي.
واضاف ان هناك غموضا بشأن برنامجهم السياسي بدءا بموقفهم فيما يتعلق
بالنظام الملكي كنظام سياسي توافقي للامة.
ام مغربية تحرق نفسها
من جهة اخرى قال مسؤول بالحكم المحلي يوم الاربعاء ان امرأة مغربية
شابة أشعلت النار في نفسها بعد استبعادها من مشروع اسكان اجتماعي لانها
أم غير متزوجة.
وأقر المغرب قانونا جديدا للاسرة في عام 2004 جلب اشادة من الدول
الغربية لمنحه المرأة مزيدا من الحقوق أكثر من العديد من الدول العربية.
لكن الامهات غير المتزوجات مازلن يكافحن في غياب شبكة ضمان اجتماعي
لان السلطات في هذا البلد المسلم لا تعترف بالاطفال الذين يولدون خارج
رباط الزواج.
وقال رئيس البلدية بوبكر اوشن لرويترز ان فدوى العروي (25 عاما) وهي
أم لطفلين استخدمت سائلا قابلا للاشتعال لاشعال النار في نفسها امام
مبنى البلدية في سوق السبت بوسط المغرب.
وقال اثنان من سكان سوق السبت ان العروي توفيت في مستشفى بالدار
البيضاء لكن اوشن لم يؤكد ذلك. ولم يتسن الاتصال بمصادر طبية للتعقيب
في مستشفى ابن رشد بالدار البيضاء حيث كانت تتلقى العلاج.
والعروي هي أول امرأة عربية يعرف انها أشعلت النار في نفسها احتجاجا
على الاحوال الاجتماعية بعد ان أشعل بائع الفاكهة التونسي محمد بوعزيزي
النار في نفسه يوم 17 ديسمبر كانون الاول مما أدى الى ثورة أطاحت
بالرئيس زين العابدين بن علي بعد 23 عاما في السلطة ودفع عدة رجال عرب
الى عمل نفس الشيء.
وقال اوشن ان العروي لم تستفد من مشروع اسكان للاسر منخفضة الدخل
لانها "أم عازبة ولم تكن مقيمة دائمة في البلدة."
وأضاف اوشن "النساء المطلقات والعزاب والامهات العزاب يعيشون مع
والديهم. الاجراء الاداري تم تطبيقه بكل شفافية." ونفى تقارير صحفية
بأن السلطات دمرت المنزل الذي كانت تقيم فيه مع طفليها ووالديها.
القيم الدينية
من جانب آخر صرح وزير الاتصال المغربي خالد الناصري ان المغرب سيكون
"قاسيا" مع "كل الذين يتلاعبون بالقيم الدينية"، وذلك خلال حديث عن
ابعاد حوالى عشرين مبشرا اجنبيا متهمين بممارسة نشاطات تبشيرية.
واكد الناصري وهو في الوقت نفسه الناطق باسم الحكومة، لوكالة فرانس
برس ان "هذه القسوة ستكون ايضا ضد المسلمين (الذين يمارسون الدعوة الى)
السلفية الجهادية والتشيع، وحوالى 137 دارا لتعليم القرآن كانت منتشرة
في المغرب ضد ممارسة الاسلام السائد".
وكان الناصري يرد على انتقادات وجهتها منظمة اوبن دور غير الحكومية
الدولية وهي منظمة انجيلية بروتسانتية عبرت الثلاثاء عن قلقها من ابعاد
مبشرين متهمين بممارسة نشاطات تبشيرية في المغرب.
وقالت اوبن دور ان حوالى عشرين شخصا تم ابعادهم بينهم ازواج
هولنديون وبريطانيون تبنوا اطفالا.
وتساءلت المنظمة في بيان "ما اذا كان المغرب يتراجع في رغبته تحقيق
انفتاح واحترام حقوق الانسان".
وتابع الناصري ان "هذا التحليل يتسم بضيق الافق لان من لديه عينان
ليرى وعقل ليفكر يعرف ان المغرب كان وسيبقى ارض انفتاح وتسامح".
واضاف "الكنائس تتمتع بمكانة جيدة في المغرب والمسيحيون يمارسون
شعائرهم بحرية"، مشددا على ان "حالات الابعاد النادرة ليست مرتبطة
بممارسة الشعائر المسيحية بل بنشاطات تبشيرية".
وتقول الرباط ان الاشخاص الذين ابعدوا قاموا "باستغلال هشاشة
الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية لاشخاص معوزين او اخطر من ذلك استغلال
براءة اطفال في سن مبكرة جدا (...) من اجل اخراجهم من دينهم وتنصيرهم
وكل ذلك تحت غطاء الاعمال الخيرية وخاصة عبر الاشراف على ميتم".
وكان اسقف الرباط فنسان لانديل دان الاربعاء نشاطات التنصير. وقال
ان "التبشير المتمثل في اكراه فئات تعاني من الهشاشة على تغيير ديانتها
يعتبر عملا مدانا".
واضاف في اعلان مشترك مع رئيس الكنيسة الانجيلية في المغرب القس جان
لوك بلان ان الاشخاص الذين تم طردهم "لا يتصرفون وفق قوانين الكنيسة
الكاثوليكية ولا تربطهم اية صلة بالاسقفية الكاثوليكية".
واكدا ان "هدفنا الوحيد يتمثل في الاسهام في بناء مغرب ينعم فيه
المسلمون واليهود والمسيحيون باقتسام مسؤولياتهم لتشييد بلد تسوده
العدالة والسلم والتعايش".
من جهته، اكد الحاخام جوزيف اسرائيل رئيس الغرفة العبرية في المحكمة
الابتدائية بالدار البيضاء ان "المغرب بلد تسامح تمارس فيه كافة
الديانات -- الاسلامية واليهودية والمسيحية -- من دون قيد او شرط"،
موضحا انه "ليس هناك مجال لممارسة التبشير".
واخيرا، ذكرت وكالة انباء المغرب ان وزير الداخلية الطيب الشرقاوي
استقبل الخميس ممثلي الكنائس المسيحية والحاخام جوزيف اسرائيل.
ونقلت الوكالة عن الشرقاوي تأكيده انه "ابلغ ممثلي الديانات
السماوية شكر السلطات المغربية على رد فعلهم الصارم وادانتهم الفورية
للاعمال التبشيرية التي تروم زعزعة معتقداتنا وقيمنا الروحية
والدينية". |