مصر ما بعد التغيير... ديمقراطية الثورة

احمد عقيل الجشعمي

 

شبكة النبأ: بعد ان حقق الشعب المصري ما اراده حينما تظاهر مطالبا بتغيير النظام واخراج مبارك من الحكم ليبدأ عصرا جديدا يأمل ان يكون ما كان يحلم به وينتظر الحياة السعيدة التي كان يفتقدها لاسيما وان هناك الكثير من الآمال معلقة وملقية على عاتق الحكومة الجديدة المرتقب تشكيلها.

فيما وحدت الانتفاضة المصرية فئات الشعب واجناسه وحتى الطوائف الدينية ووضعتهم تحت اسم واحد وهو حب الوطن ومصلحته وحقوقهم التي يستحقونها ولكنهم دائما كانوا محرمون منها ولكنهم ينتظرون صباحا جديدا من الاحزاب الجديدة التي تشكلت والوعود التي كتبت ولكن لحد الان مصير مصر مجهول والى ما ستؤدي اليه الامور.

المصريون يحتفلون ببدء حقبة جديدة

تدفق الملايين على الشوارع للاحتفال ببدء عهد جديد في مصر ولتذكير القادة العسكريين بالوفاء بوعودهم بالانتقال سريعا الى الحكم المدني بعد الاطاحة بالرئيس حسني مبارك في احتجاجات دامت 18 يوما.

وفي يوم مفعم بالحماس سيصير علامة فارقة في تاريخ مصر الحديث طالب داعية بارز الحشود المتجمعة في ميدان التحرير بوسط العاصمة بان يتحلوا بالصبر مع الجيش الذي حثه بدوره على أن يسرع الخطى نحو الاصلاح بتشكيل حكومة جديدة واطلاق سراح المعتقلين السياسيين.

والقى الشيخ يوسف القرضاوى المقيم في قطر والمؤيد للثورة خطبة الجمعة في ميدان التحرير قائلا ان الخوف زال عن قلوب المصريين الذين ازاحوا واحدا من "فراعنة" العصر الحديث.  وشارك مئات الالاف في المسيرات التي شهدتها مدن مصرية مختلفة واستهدفت كذلك احياء ذكرى 365 شخصا لقوا حتفهم في الانتفاضة التي أطاحت بمبارك. وقال كثير منهم انهم سيراقبون تنفيذ الجيش لوعوده بالديمقراطية وبانتخابات في غضون ستة اشهر.

وقال محمد السعيد (28 سنة) والذي حضر للقاهرة من مدينة بورسعيد الساحلية شمال شرق القاهرة انها "رسالة جادة للجيش" مشيرا الى الاعداد الضخمة من المصريين من أطياف مختلفة والذين كانوا حوله يحتفلون بتنحي مبارك.

وأضاف محمد في ميدان التحرير بوسط القاهرة حيث بوتقة الاحتفالات "من اليوم سيكون واضحا لهم (للجيش) انهم ما لم يقوموا بحماية الثورة ويستجيبوا لمطالب الشعب سيذهب الناس المرة القادمة لميدان التحرير ليس للاحتفال بالنصر ولكن سيحضرون معهم بطاطين (ليخيموا ويعتصموا) كما حدث من قبل". وأرسلت الثورة في مصر حليفة الولايات المتحدة والتي أبرمت معاهدة سلام مع اسرائيل موجات هزات في المنطقة وخرجت مظاهرات في ليبيا واليمن والبحرين وايران والعراق مستلهمة انتفاضي تونس ومصر. بحسب وكالة الانباء البريطانية.

وقال القرضاوي في خطبة الجمعة "نطالب الجيش المصري ان يحررنا من الحكومة التي الفها مبارك في عهده. نريد حكومة جديدة ليس فيها اي وجه من هذه الوجوه التي لم يعد يطيقها الناس." ولا تزال الحكومة التي شكلها مبارك برئاسة أحمد شفيق تمارس عملها حتى الان وسط أنباء عن تغيير وزاري متوقع في الايام القليلة القادمة.

وأضاف القرضاوي ان الجيش المصري الذي نال استحسان الولايات المتحدة لسلوكه تجاه المحتجين "هو درع الشعب وسنده...انه مستعجل علي ان تتغير الحياة الي حياة مدنية". وقال مسؤولون أمنيون ان رئيس الوزراء المصري أحمد شفيق سيعلن الفترة القادمة تشكيل حكومة جديدة وانه يأمل أن يساهم التعديل في ارضاء المحتجين والعمال المضربين.

وحث القرضاوي المصلين الذين صار لهم صوت يسمع بعد عقود من القمع والذي يحتجون ضد ظروف العمل وضعف الاجور على التحلي بالصبر مع القادة العسكريين الذين يحكمون البلاد منذ تنحي مبارك.

وكرر ما ينادي به ساسة ومتظاهرون قائلا انه على الشباب أن يحمي الثورة ويحمي وحدتها وأن ينتبه لمن يريدون شق الصف وافساد علاقات الاخوة بين المصريين. وتمركزت دبابات وعربات مصفحة عند مداخل ميدان التحرير الذي عج بالمحتفلين لاسيما وقت صلاة الجمعة التي أداها المتظاهرون في حماية افراد من الشرطة العسكرية وجنود اخرين بأزياء مختلفة.

وقدم الجنود الاعلام للوافدين الى الميدان وعزفت فرقة عسكرية أغاني وطنية فيما التقط المتظاهرون لأنفسهم ولعائلاتهم صورا مع جنود الجيش وأطقم الدبابات. وسار مصريون على ضفاف النيل يغنون ويقرعون الطبول احتفالا.

وفي حي المهندسين بالجيزة تجمع نحو 5000 شخص في مظاهرة سلمية بميدان مصطفي محمود للتعبير عن احتفائهم واعتذارهم لمبارك عن الطريقة التي تنحى بها عن السلطة. وقالوا انهم يؤيدون الثورة لكنهم يرفضون الطريقة التي تم التعامل بها معه. وهتف هؤلاء مرتدين الزي الاسود تعبيرا عن حزنهم بشأن الرئيس المريض "الشعب يريد تكريم الرئيس" الموجود في منتجع شرم الشيخ المصري على البحر الاحمر منذ تنحيه عن السلطة. وكتب بعضهم على ملصقات "نعم للتغير لا للإهانة".

وتعتبر جماعة الاخوان المسلمين التي تقول انها ملتزمة بالديمقراطية الفصيل الوحيد المنظم جيدا في مصر وتعتقد أنها قد تفوز بما يصل الى 30 في المئة من الاصوات في انتخابات . كما دعت الجماعة التي تلعب دورا رئيسيا في الاستعداد لانتخابات الى ضرورة حماية المكاسب.

وقال محمد بديع المرشد العام للاخوان المسلمين قبل المسيرة في كلمة بثها موقع الجماعة على الانترنت "اننا نهيب بكل شرفاء الوطن ومحبيه من مسلمين ومسيحيين رجالا ونساء شبابا وشابات وكل من كان قلبه ينبض بحب مصر أن يحرسوا الثورة ومطالبها المشروعة وألا يتركوا فرصة لمنتفع أن يلتف عليها وعلى انجازاتها التي بدأت تؤتي أكلها بأذن الله. فهذه هي مصر التي لا تخدع."

وتدافع المئات نحو القرضاوي بعد مغادرته المنصة لمحاولة مصافحته او الحديث اليه مما أدى الى سقوط بعضهم على الارض. وقام افراد من الشرطة العسكرية ومن المتظاهرين انفسهم بإفساح الطريق له وشكلوا طوقا امنيا حوله حتى بلغ سيارته وانصرف.

وهتف انصاره في الميدان "شرفت مصر يا قرضاوي." وذكرت وكالة أنباء الشرق الاوسط الرسمية المصرية والتي تجاهلت الى حد كبير الاحتجاجات او هونت من شأنها قبل رحيل مبارك ان ما يزيد على مليوني شخص كانوا في ميدان التحرير يوم الجمعة.

الثورة المصرية توحد المسلمين والمسيحيين

نجحت روح الوحدة التي أطاحت بالرئيس المصري حسني مبارك في تهدئة التوترات بين المسلمين والاقباط في مصر وعززت الآمال بوئام دائم.

وقف المسلمون والمسيحيون يدا بيد وشكلوا دروعا بشرية لحماية بعضهم بعضا من رجال الامن في الوقت الذي صلوا فيه معا أثناء الاحتجاجات في ميدان التحرير بوسط القاهرة. والى جانب اللافتات التي كانت تطالب مبارك بالتنحي وانهاء حالة الطوارئ رفع المحتجون لافتات تحمل صورا لعلم مصر عليه الصليب والهلال معا.

وقال الشيخ يوسف القرضاوي رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين بميدان التحرير لملايين من المصلين "مصر انتصرت في هذه الثورة وانتصرت على ما كان يسمى الطائفية." واستطرد "في هذا الميدان ميدان شهداء 25 يناير (ميدان التحرير) وقف المسيحي مع المسلم جنبا الى جنب... انتهت هذه الطائفية هذه الطائفية الملعونة."

ويقول بعض أقباط مصر الذين يمثلون عشر سكان البلاد ومجموعهم 79 مليون نسمة ان الامر سيحتاج لما هو أكثر من مثل هذه المظاهر للوحدة بين الديانات لتضميد جروح الماضي.

وقالت ماري التي تعمل في قطاع السياحة وهي في أواخر العشرينات من العمر "ما زلت أخشى ما يمكن أن يحدث في المستقبل... من الضروري أن تكون هناك المزيد من الضمانات بأن يعيش الاقباط بحرية ويعاملوا بشكل عادل." ويقول اخرون انهم لاحظوا بالفعل تغييرا ايجابيا. ويسعى زعماء الطائفتين لتأكيد الوئام الطائفي الا أن التوترات الطائفية أحيانا ما تتحول الى أعمال عنف جراء نزاعات على أراض أو علاقات عاطفية بين أبناء من الطائفتين أو تراخيص خاصة ببناء كنائس. وشهد العام الماضي عددا من أعمال العنف الطائفية. بحسب وكالة الانباء البريطانية.

وقع اطلاق للنيران من سيارة مارة أمام كنيسة مما أسفر عن مقتل ستة مسيحيين وشرطي مسلم في يناير كانون الثاني. واعقب ذلك احتجاجات وأشعلت النيران في منازل ومتاجر. واندلع اشتباك في شمال مصر نتيجة خلاف على أرض مما أدى الى القبض على 27 شخصا في مارس اذار.

وفي نوفمبر تشرين الثاني اشتبك مئات من المحتجين المسيحيين مع شرطة مكافحة الشغب في الجيزة بعد قرار بوقف البناء في كنيسة. وانضم عشرات المسلمين الى الاشتباك. وخرج مئات المسيحيين للشوارع للاحتجاج بعد انفجار في كنيسة القديسين بالإسكندرية والذي أسفر عن سقوط 23 قتيلا. وأطلقت الشرطة الغاز المسيل للدموع لتفريقهم.

وشددت السلطات الاجراءات الامنية عند كنائس مصر بعد هجوم الاسكندرية ولكن مسيحيين يقولون ان الكثير من الحراس الاضافيين تم سحبهم بعد تأجج الاحتجاجات ضد مبارك. وتعرضت كنيستان في سيناء لهجوم الا أن المحامي بيتر النجار الذي أمضى أعواما في الدفاع عن حقوق المسيحيين يقول ان ذلك كان ضمن عمليات نهب متقطعة ولم يكن له أي دافع ديني.

وألقى الباحث الاجتماعي نجاد البرعي باللوم على قمع الحكومة والفقر في تزايد التطرف الديني في المجتمع المصري. وقال ان الديمقراطية هي الحل. وتابع "اذا طبق نظام ديمقراطي سليم فيمكن أن يحل بسهولة محل أي تعصب ديني."

وقال مدحت ملاك (32 عاما) وهو عاطل وشارك في احتجاجات الجيزة في نوفمبر تشرين الثاني انه يلاحظ تعاطفا أكبر من الكثير من المسلمين. وقال "لم أعد أشعر تجاه المسلمين مثلما كنت أشعر سابقا... أشعر أن كل الشعب المصري حولي ويعاملونني بشكل جيد وباحترام ولياقة." وتابع أن بعض مسؤولي الحكومة يمثلون استثناء مضيفا "ذهبت بالأمس لإنهاء بعض الاعمال الاجرائية وألقى المسؤول الاوراق في وجهي وعاملني بشكل سيء."

بعد الجزرة المجلس الاعلى يلوح بالعصا

بعد أن تعهد المجلس الاعلى للقوات المسلحة بتسليم السلطة لحكم مدني خلال ستة شهور حذر العاملين الذين يستغلون الحرية الجديدة في الاحتجاج مطالبين بزيادة الاجور وتحسين الاوضاع وطالب بتوقف مثل هذه الاحتجاجات.

والمجلس الاعلى للقوات المسلحة الواقع تحت ضغط من النشطاء للإسراع بوتيرة الاصلاح سلك نهجا هادئا منذ توليه المسؤولية بعد سقوط الرئيس المصري حسني مبارك ولكنه قال مؤخرا ان التوترات العمالية تضر بالأمن القومي للبلاد. بحسب وكالة الانباء البريطانية.

وقال المجلس الاعلى في تصريح أذاعته وسائل الاعلام "المجلس الاعلى للقوات المسلحة لن يسمح باستمرار تلك الممارسات غير المشروعة لما فيها من خطورة جسيمة على الوطن وسيتم مجابهتها واتخاذ الاجراءات القانونية حيالها لحماية أمن الوطن والمواطنين." وكتبت صحيفة أخبار اليوم في عنوان "مش وقته" مضيفة "حالة من الشلل أصابت اقتصادنا القومي بسبب الاضرابات والاعتصامات التي ضربت مصر خلال الايام الماضية."

الديمقراطية بعد الثورة

وسعى زعماء شبان مصريون إلى تأسيس حزب سياسي جديد في مرحلة ما بعد الرئيس المخلوع حسني مبارك بينما عملت لجنة تعديل الدستور على تحديد التعديلات اللازمة للاستعداد لانتخابات وعد الجيش باجرائها في غضون ستة أشهر.

وتعرض المجلس الاعلى للقوات المسلحة الذي تسلم السلطة بعد الاطاحة بمبارك (82 عاما) لضغوط من نشطاء يطالبون بالإفراج الفوري عن المعتقلين السياسيين والغاء قانون الطوارئ. ويعتزم الزعماء المنادون بالديمقراطية تنظيم مسيرة مليونية جديدة أطلقوا عليها اسم جمعة النصر للاحتفال بالإطاحة بمبارك ولتذكير لواءات الجيش بقوة الشارع. ووضع الجيش استراتيجية لتأمين المسيرة.

وقال اللواء محسن اسماعيل عثمان وهو متحدث باسم الجيش للتلفزيون الرسمي ان مصر في حالة اختبار لم ينته بعد. ووجه سؤالا للمصريين وقال هل تعجبكم الاضرابات والاعتصامات والمصانع المغلقة والبنوك التي لا تعمل؟

وأضاف أن المجلس الاعلى للقوات المسلحة سيعيد الامور الى طبيعتها لكن على الناس مساعدته. وقال إن الجيش ليست لديه طموحات في المستقبل وانه يريد تسليم السلطة الى الاحزاب المدنية عندما تصبح قوية غير قابلة للانهيار.

وبعد تعطيل العمل بأحكام الدستور يضع الجيش المصري بين أولوياته اعادة القانون والنظام وانعاش الاقتصاد الذي تضرر بسبب ثورة استمرت 18 يوما لكن مسألة عبور سفينتين ايرانيتين لقناة السويس هددت بصرف أنظار القوات المسلحة المصرية عن هذه الاهداف.

وكان وزير الخارجية الاسرائيلي أفيجدور ليبرمان قد وصف العبور المقرر بأنه "استفزاز" وقال ان المضي فيه قد يضع مصر الحليف المهم للولايات المتحدة والتي أبرمت معاهدة سلام مع اسرائيل في موقف دبلوماسي دقيق. بحسب وكالة الانباء البريطانية.

ولازال مبارك الطاعن في السن والموجود مع أسرته في منتجع شرم الشيخ المصري يحاول التأقلم مع الاحداث العاصفة التي أطاحت به وبدا أنه يرفض فكرة العيش في المنفي خارج البلاد بعدما قال انه يريد أن يعيش ويموت على أرض مصر.

وأرسلت الثورة التي أنهت حكم مبارك الذي استمر أكثر من 30 عاما موجات صدمة في أرجاء الشرق الاوسط. واقتحمت الشرطة البحرينية حشدا من المتظاهرين كانوا معتصمين في دوار (ميدان) اللؤلؤة في العاصمة المنامة مما أسفر عن مقتل ثلاثة على الاقل. وشهدت شوارع في ايران وليبيا والعراق واليمن اضطرابات.

وأثارت الانتفاضة في مصر قلق اسرائيل وواشنطن وكلاهما تخشى صعود حركة الاخوان المسلمين المصرية التي من المؤكد أن تلعب دورا رئيسيا في مستقبل مصر. وتجتمع في الفترة القادمة لجنة تعديل الدستور التي تضم صبحي صالح العضو في جماعة الاخوان الى جانب خبراء قانونيين ودستوريين بعدما عطل الجيش الدستور الذي ضمن لمبارك سلطات واسعة النطاق.

وقال صالح إن المجلس الاعلى للقوات المسلحة تعهد بإلغاء حالة الطوارئ قبل اجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية. ولم يتسن التأكد على الفور من تعهد الجيش بهذا الامر. ويخشى بعض الزعماء العلمانيين أن يؤدي الاسراع في اجراء انتخابات بعد أن قمع مبارك معظم نشاط المعارضة الى اعطاء ميزة لجماعة الاخوان التي كان النظام المصري السابق يحظرها لكنه غض الطرف عنها.

وحل المجلس الاعلى للقوات المسلحة مجلسي الشعب والشورى وعطل الدستور ويجب على لجنة تعديل الدستور تحديد التعديلات التي يرجح أن تنص على تقييد فترات الرئاسة ووضع قواعد لإجراء انتخابات نزيهة. كما يجب أن تكون التعديلات جاهزة في غضون عشرة أيام.

وللانتقال من المرحلة الانتقالية الى الحكم المدني يصوت المصريون في استفتاء على التعديلات قبل اجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية في غضون ستة أشهر. ولازال التشكك يخيم على مدى النفوذ الذي سيسعى الجيش لممارسته في اعادة رسم نظام حاكم فاسد وقمعي حكم البلاد لستة عقود.

وظهر أعضاء مجلس أمناء الثورة في مؤتمر صحفي بوسط القاهرة وقالوا ان هدفهم هو توحيد الصفوف وحماية الثورة وفتح حوار مع الجيش. والاحزاب المصرية المسجلة صغيرة في الغالب وضعيفة ومتشرذمة. وقد تكون جماعة الاخوان التي لا يمكنها بموجب الدستور الحالي أن تشكل حزبا هي أفضل الجماعات تنظيما لكن شعبيتها الحقيقية في الشارع المصري لم تختبر بعد.

ومع عدم وجود قيادة واضحة فان حركة الشباب التي لعبت دورا محوريا في الثورة عن طريق استخدامها لمواقع التواصل الاجتماعي لتنظيم الاحتجاجات تسعى للتغلب على الانقسامات ويتوقع أن تعلن جدولا زمنيا لتشكيل حزب سياسي.

مصر تواجه مهمة صعبة

سيضطر الجيش للبقاء في شوارع مصر حتى تتعافى الشرطة من الضرر البالغ الذي تسببت فيه الاضطرابات في البلاد وهو عبء ثقيل على جيش مهمته محاربة اعداء خارجيين وليس الجريمة.

وتمثل سرعة اعادة نشر رجال الشرطة الذين اختفوا الى حد كبير في الايام الاولى للاحتجاجات أولوية لقيادة الجيش التي انتقلت اليها السلطة من الرئيس السابق حسنى مبارك ولكنها لن تكون بالمهمة اليسيرة.

واحد المهام الابسط اصلاح مراكز الشرطة التي احرقت خلال احتجاجات ضد مبارك اججتها الكراهية العميقة لوزارة الداخلية التي يعمل بها اكثر من مليون شخص. وعاد بعض رجال المرور للشوارع الا ان قطاعا كبيرا من قوة الشرطة لم يعد لمباشرة مهامه في مواقعه. واضرب بعض رجال الشرطة مثلما فعل كثيرون من موظفي الدولة وسط معنويات متدنية.

وتتراجع ثقة المواطنين في القوة التي يعتقد انها لعبت دورا رئيسيا في جهود مبارك الفاشلة لسحق الثورة. وتواجه اجهزة الشرطة التي ينظر اليها على انها من الادوات السياسية لحكومة الرئيس السابق مستقبلا مجهولا وساهمت ما اشتهرت به هذه الاجهزة من وحشية في التعامل مع المواطنين في اندلاع شرارة الانتفاضة.

وربما يطهر الجيش او يلغي اكثر الاجهزة كراهية وهو جهاز مباحث امن الدولة. وقال صفوت الزيات ضابط جيش متقاعد وخبير في شؤون الامن "سقوط النظام نقطة فارقة ربما لان لأول مرة يمكن اعادة بناء هذه الاجهزة الامنية." وسيبدأ الجيش في "اعادة هيكلة واعادة تنظيم" قطاعات من قوات الامن كانت محور الغضب الشعبي وبصفة خاصة جهاز أمن الدولة. ومع رحيل القيادة السياسية يخشى صغار رجال الشرطة ان يصبحوا كبش فداء.

وكان حبيب العادلي وزير الداخلية على مدار 13 عاما من عهد مبارك أول رأس اطيح بها. وهو حاليا ممنوع من السفر ويخضع لتحقيق رسمي بتهم فساد. وبدأ صغار رجال الشرطة الذين يكافحون لتلبية احتياجاتهم بأجور هزيلة اضرابا مما يعقد بدرجة أكثر مهمة خليفة العادلي محمود وجدي. وتظاهر مئات من رجال الشرطة بالزي الرسمي او بملابس مدنية امام وزارة الداخلية. وقال ياسر فرغلي ضابط شرطة شارك في اعتصام في مركز للشرطة امس "ليس لنا حقوق او مكافئات او اي شيء. لا نعامل معاملة انسانية. نعمل 12 أو 24 ساعة واذا لم يعجبنا نحاكم."

وعدد سبعة أقسام شرطة تنظم فيها اضرابات في نفس اليوم ويقلق الضباط الصغار ان تقع على عاتقهم مسؤولية احداث العنف الاخيرة ومواجهة محاكم عسكرية. وقال فرغلي "انتهت حياتنا .. سنقدم لمحاكمة عسكرية. بالكاد نستطيع اطعام اطفالنا." بحسب وكالة الانباء البريطانية.

وفي احتجاج في الاسماعيلية يقول مجندو الشرطة - الذي يرددون نفس المطالب - للمارة ان الضباط اصدروا اليهم اوامر بإطلاق النار على المحتجين. وابدى البعض تعاطفه وقال مواطنون تابعوا احتجاجهم ان الوقت قد حان لصياغة صفحة جديدة في العلاقات بين الشرطة والشعب. ودعا بيان المجلس الاعلى للقوات المسلحة المصريين للتعاون "مع اخوانهم وابنائهم من رجال الشرطة المدنية" . والتقي المشير محمد حسين طنطاوي رئيس المجلس الاعلى مع وزير الداخلية وناقشا الحاجة لسرعة اعادة نشر الشرطة.

وبما لديه من موارد ستكون أحد المهام الاولى لوجدي القبض مرة اخرى على 13 ألف سجين طليق من بين 23 الف فروا من السجون وسط ملابسات غير واضحة في مستهل الانتفاضة. وقال وجدى انه اعيد القبض على عشرة ألاف. وقال عمر سليمان الذي شغل منصب نائب مبارك لمدة اسبوعين حتى تخلي الرئيس عن سلطاته ان من بين المسجونين الفارين اعضاء في تنظيم القاعدة وجماعات اسلامية متشددة اخرى.

وبعيدا عن الاضطرابات السياسية يفخر المصريون بمدى ما بلغته سيادة القانون والنظام بفضل الروح الشعبية وتشكيل لجان شعبية لكبح اعمال السلب والنهب التي استشرت لأيام قليلة فقط. وثمة مخاوف من تبدد الحماسة التي صاحبت رحيل مبارك وتتزايد الجرائم.

وقال الزيات "يوم الجمعة كان هناك حوالي عشرة ملايين شخص يحتفلون في شوارع القاهرة دون ان تكون هناك شرطة لتنظيم المرور... دون وجود قوات امن داخلي." ومع مرابطة الدبابات والسيارات المدرعة عند كل ناصية ربما يقلص الجيش من وجوده في الشارع وقال "سيكون موجودا لكن ربما ليس بنفس الصورة."

رياح الحرية تجلب حزبا جديدا

وافقت محكمة في القاهرة على تأسيس حزب سياسي مصري كان يسعى للحصول على ترخيص منذ 15 عاما وقال مؤسس الحزب ان القرار حركته "رياح الحرية" التي اجتاحت مصر. وقال ابو العلا ماضي مؤسس حزب الوسط "هذا القرار هو ثمرة ثورة 25 يناير". ومنح الحكم حزب الوسط الصفة القانونية الكاملة للحزب.

وأضاف ماضي الذي تقدم بطلب للحصول على ترخيص من السلطات اربع مرات منذ عام 1996 "لولا رياح الحرية التي هبت مع الثورة لما كنا حصلنا على هذه الرخصة." وكانت كل طلبات ماضي تقابل بالرفض من جانب حكومة مبارك. وكان أبو العلا ماضي انشق على جماعة الاخوان المسلمين في منتصف التسعينات بسبب ما وصفه بأنه "أفق سياسي ضيق". وانتهت أول محاولة لتأسيس حزب الوسط بتقديم ماضي ومؤسسين اخرين لمحكمة عسكرية اتهمته بالسعي لتشكيل حزب كواجهة للإسلاميين.

وتعرض ماضي للانتقاد من جماعة الاخوان المسلمين التي قالت انه يسعى الى تفتيت الجماعة.

وكانت لجنة شؤون الاحزاب التي كان يرأسها لسنوات طويلة صفوت الشريف العضو البارز بالحزب الوطني الديمقراطي الحاكم ترفض بشكل روتيني كافة الطلبات التي تقدم بها ماضي لحصول على الاعتراف الرسمي بحزبه.

وكانت لجنة شؤون الاحزاب أحد الادوات العديدة التي استخدمها نظام مبارك في تعطيل الحياة السياسية في مصر. وتتوقع قوى المعارضة أن يقوم المجلس الاعلى للقوات المسلحة الذي تولى الحكم بعد مبارك بإزالة القيود عن تشكيل الاحزاب السياسية. بحسب وكالة الانباء البريطانية.

وبصدور الحكم يصبح حزب الوسط أول حزب يحصل على وضع رسمي منذ أن تخلى الرئيس المصري حسني مبارك عن الرئاسة في 11 فبراير شباط مما يمهد الطريق للحزب الذي أسسه عضو سابق بجماعة للاخوان المسلمين للمشاركة في الانتخابات المقبلة التي تعهد المجلس العسكري بأجرائها خلال ستة أشهر.

وألغى الحكم القرار السابق للجنة الاحزاب مما أفسح الطريق أمام حزب الوسط لبدء العمل. وقال ماضي ان الحزب سيبدأ في فتح فروعه وبناء قاعدة أعضائه. وقالت وكالة أنباء الشرق الاوسط المصرية نقلا عن رئيس المجلس القضائي الذي كلف باقتراح التعديلات الدستورية التي تضمن انتخابات حرة ونزيهة قوله ان المجلس اوشك على الانتهاء من عمله.

ويشبه ماضي أفكار حزبه بأفكار حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا وهو حزب له جذور في الاسلام السياسي لكنه يحظى بتأييد اوسع بين الناخبين بما في ذلك قطاعات من الطبقة الوسطى العلمانية وكذلك المتدينين المحافظين.

ويضم الاعضاء المؤسسون لحزب الوسط مسيحيين. وكرر ماضي وجهة نظره التي قال فيها ان الاحزاب سوى الاخوان المسلمين ستحتاج الى عام او اكثر للاستعداد لأي انتخابات. ويتوقع ماضي ان يجتذب حزبه الذي ينتهج الاحترام للحضارة الاسلامية مع الديمقراطية تأييد الطبقات المتوسطة. ويؤيد الحزب الاقتصاد الحر مع قيام الدولة بدورها في حماية الفقراء. وقالت جماعة الاخوان المسلمين انها ستؤسس حزبا سياسيا بمجرد ابطال قانون الاحزاب.

مقتبسات من مصريين عن الثورة

فيما يلي مقتبسات من مصريين في ميدان التحرير بالقاهرة وأماكن أخرى قالوها بعد يومين من اطاحة انتفاضة شعبية بالرئيس حسني مبارك الذي استمر في السلطة 30 عاما.

أحمد شفيق رئيس الوزراء

"الحكومة تتعامل حاليا مع المجلس الاعلى للقوات المسلحة باعتباره المكلف بإدارة شؤون البلاد.. كل الامور ترفع الى المجلس الاعلى والى رئيس المجلس الاعلى كما كانت ترفع الى السيد رئيس الجمهورية. ليس هناك تغيير في شكل أو طريقة أو منهج العمل. الامور مستقرة تماما."

سالم متولي (41 عاما) المحتج في ميدان التحرير

"كأن مبارك ما زال في السلطة لكن في الكواليس. أنا حزين على مصر. انهم يواصلون استغفال الشعب."

محمد صلاح (27 عاما) خريج كلية الزراعة

"لن أترك الميدان. على جثتي. انا واثق في الجيش لكني لا اثق في هؤلاء الذين يتحكمون في الجيش من وراء ستار. يسقط الفساد والقمع. هذا يوم جديد للحرية. لقد تذوقت طعم الحرية ولن أرجع الى الوراء."

اسلام الذي قتل أخوه خلال الاحتجاجات

"أريد أن يغادر هؤلاء الناس ميدان التحرير حتى تعود الحياة الى طبيعتها. الدولة تخسر ملايين كل يوم. نريد أن نتقدم ولا نريد أن نغضب الجيش.. لا نريدهم أن يلجئوا للعنف."

ابراهيم خضر الموظف في جريدة

"لقد حصلوا على ما يريدون. كل شخص يجب أن يعود الى منزله الان أو الى عمله. المكان مزدحم جدا هنا والناس تريد أن تروح وتغدو." بحسب وكالة الانباء البريطانية.

نقيب بالجيش في ميدان التحرير

"الجيش يريد انهاء هذا الاحتجاج وتجاوزه. نريد أن نعود الى أعمالنا العادية. الامر العام ليس استخدام القوة الفعلية مع المحتجين لكن لا احد يعرف ما يمكن أن يحدث عندما يفيض الكيل. اطلاق النار ممنوع منعا باتا."

أيمن وهو رجل شرطة يحتج خارج وزارة الداخلية

"لا نفعل ذلك لنكسب تعاطف الناس. لقد عانينا بالفعل لفترة طويلة لكننا مثل الشعب المصري كنا نخشى الكلام أو الفعل."

هشام وهو رجل شرطة اخر يحتج

"كبار الضباط هم من كانوا يحصلون على كل المميزات وتركونا نموت جوعا. وقالوا لنا اننا اذا لم يعجبنا الحال يمكننا ان نأخذ اموالا من الناس."

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 23/شباط/2011 - 19/ربيع الأول/1432

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م