
شبكة النبأ: تحاول الأنظمة العربية
جاهدة من اجل أطفاء جذوة الثورات التي تدعوا الى التغيير، وتشهد
البحرين اليوم نموذجا آخرا من هذه الثورات التي أضفى عليها الشباب
البحريني حراكا وديناميكية، ربما يسفر هذا الحراك في خطوة أولى للأطاحة
برئيس الوزراء خليفة بن سلمان الذي يعد أقدم رئيس وزراء في العالم،
والذي لن يصمد أمام الازمة. حسب ما أفاد به محللون سياسيون، وتأتي هذه
الخطوة بفضل مطالب المحتجين الشيعة للحصول على نسبة طبيعية من الحقوق
في بلد تسكنه غالبية شيعية يشتكون منذ وقت طويل من تعرضهم للتمييز. في
وقت حاولت فيه الأسرة المالكة البحرينية قمعهم، ولكن سرعان ما لجأت
السلطة في نهاية المطاف إلى إجراء محادثات مع المعارضة بعد ان احتج
الشعب.
يقول الكاتب الامريكي نيكولا كريستوف هناك مظالم للشيعة اقتصاديا
وسياسيا اضافة للفقر والتمييز ضدهم من قبل الفئة السنية الحاكمة في
البلاد.
ويقول إن زيارة أي منطقة في البحرين تمكّن المرء من معرفة ما إذا
كانت سنية أم شيعية، فإذا كانت الشوارع معبدة والمجاري الصحية مصانة
فهي تابعة لمنطقة سنية، وخلافا لذلك تكون للشيعة.
ويعتقد كريستوف إن العالم العربي الديمقراطي سيشوبه الخلل والفوضى
شأنه في ذلك شأن أميركا الديمقراطية في سبعينيات القرن الثامن عشر، غير
أن الوقت ما زال متاحا أمامنا للاصطفاف إلى جانب الديمقراطيين في
العالم العربي.
ويرى محللون سياسيون احتمال أن يكون لخليفة حلفاء أقوياء في
السعودية، حيث تقول جين كنينمونت من وحدة المعلومات التابعة لمجلة
اكونوميست إن الحلفاء السعوديين لرئيس وزراء البحرين يعرفونه منذ وقت
طويل ولا يريدون أن تحدث سابقة بتقاعد فرد بارز في الاسرة الحاكمة
بينما تواجه السعودية نفسها مشاكل تتعلق بولاية العرش في ظل حكامها
الطاعنين في السن.
كما أن الرياض لن تستسيغ ظهور ملكية لها دستور ديمقراطي في منطقة
الخليج خاصة في البحرين جارتها ذات الغالبية الشيعية التي قد تصل إلى
السلطة عن طريق الانتخابات.
وتخشى السعودية التي خسرت مبارك حليفها في مواجهة امتداد شيعية فيها.
كما قد يخشى سنة البحرين من فقدان الامتيازات إذا ما اندمج الشيعة
بالكامل في الحياة السياسية.
ويرى محللون سياسيون من ان الاطاحة برئيس الوزراء البحريني قد يطيح
بشخصيات أخرى في الحكومة.
ويرى محللون سياسيون ان الإجراءات التي اتخذت مؤخرا مثل الافراج عن
السجناء السياسيين وانسحاب قوى الجيش من ميدان اللؤلوة قد لاتكون كافية
هذه الاجراءات لتهدئة غضب الشعب البحريني الذي طالب باصلاحات على مستوى
البلاد. بينما يرى محللون من ان الحوار لايتم الا بعد استقالة الحكومة
التي تصارع من اجل احتواء استياء الجماهير، حيث تحاول الحكومة
البحرينية التي مارست كل انواع الضغوط ابتداءا من القمع وصولا الى
الأدعاء بفتح باب الحوار في محاولة لوأد القوى الفتية التي تطالب
بالتغيير.
لكن الشباب مازالوا يطالبون بهذا التغيير، وهذا ما أشار أليه الكاتب
الأميركي نيكولا كريستوف على شجاعة الشباب العرب الذين يتعرضون للتعذيب
والضرب وحتى الموت في سبيل نيل الحرية التي يكفلها العالم الغربي
لمواطنيه.
ويقول كريستوف إنه شاهد طابورا من المؤيدين للديمقراطية يحتشدون في
دوار اللؤلؤة بالبحرين يوم السبت بعد يوم تعرض فيه المتظاهرون إلى
إطلاق الرصاص الحي من بنادق الجنود دون تحذير.
وينقل عن الطالبة الجامعية ليلى (19 عاما) قولها أصبحنا نسمي هذا
المكان دوار الشهداء، وتضيف أن الحرية قادمة، بطريقة أو بأخرى، وهذا
شيء لا يُمنح من أحد، بل هو حق للشعب.
ويقول زكي الخبير في الحاسوب إذا كانت مصر قادرة على تحقيق ذلك،
فنحن نستطيع ذلك على نحو أفضل.
ويعتقد الكاتب أن ما يحدث في العالم العربي هو نسخة عربية لما جرى
عام 1776 عندما تحررت أميركا من الاستعمار البريطاني.
ويدعو إلى عدم تصديق ما وصفها بحملة الهمس المفسدة التي يشنها
الحكام المستبدون الذين يقولون إن تحول الشرق الأوسط إلى الديمقراطية
يعني تحوله إلى التطرف والمناهضة لأميركا وللمرأة.
ويرى محللون سياسيون إن ربيع العرب أو الصحوة الكبرى يعادل سقوط
الشيوعية عام 1989، يتسع نطاقه في مختلف أنحاء شمال أفريقيا والشرق
الأوسط تماما كالماء الذي يتدفق من سد مكسور.
فالشباب العرب يخرجون ضد الطغاة الذين يردون بالطريقة الوحيدة التي
يعرفونها، وقد بدت المنطقة تختنق بالغاز المسيل للدموع وتترنح من
الرصاص المطاطي والحي أحيانا.
وترى مفوضة الأمم المتحدة لشؤون الإنسانية نافي بيلاي إن منطقة
الشرق الأوسط تغلي من الغضب. فقبل شهرين.
العالم العربي في سكون وكأنه قدر لـ350 مليون عربي أن يعيشوا في ظل
أنظمة استبدادية سحقت المنشقين ونهبت ثروات البلاد وضمنت دعم الغرب عبر
اللعب على وتر التطرف الإسلامي. غير أن بعد ثورتي مصر وتونس شهد جمعة
غضب لم تكن واردة قبل وقت قريب.
فالعامل المشترك بهذه المظاهرات هو أن الشباب هم الذي يثورون ضد
القمع والفقر والفساد ونخب الحكام العجائز وسلالتهم.
ويتعتقد خبراء في صحيفة تايمز بان الفضل يعود بهذه المظاهرات إلى
الشبكة العنكبوتية التي وفرت للشباب فرصة للاطلاع على ما كانوا يجهلونه،
وعلى ما يحدث في العالم من تطورات، وبعد ثورتي تونس ومصر، تخلص العرب
من خوفهم وأطلقوا أصواتهم.
ويعتقد الكاتب ديفيد هيرست أن ما تشهده الدول العربية هى ثورة
ديمقراطية، صحيح أن هناك عوامل أخرى على رأسها العامل الاقتصادى و
الاجتماعى الذى وقف وراء هذه الثورة، لكن كان غياب الشعارات الحزبية أو
الأيديولوجية لافتاً بشدة، لدرجة أن البعض رأى أن ظهور الديمقراطية
الآن كقوة مثالية وقوة حشد سياسية لا تقل عن كونها قوة ثالثة فى تاريخ
العرب الحديث، بعد قوتى القومية العربية والإسلام السياسى الذى برز بعد
عجز القومية، لكنه لم يستطيع أن ينجح إلا فى إيران وهى دولة غير عربية.
استنتاجات
- إن العالم العربي الديمقراطي سيشوبها الخلل والفوضى شأنه في ذلك
شأن أميركا الديمقراطية في سبعينيات القرن الثامن عشر، غير أن الوقت ما
زال متاحا امام الغرب للاصطفاف إلى جانب الديمقراطيين في العالم العربي.
- أن ما يحدث في العالم العربي هو نسخة عربية لما جرى عام 1776
عندما تحررت أميركا من الاستعمار البريطاني.
- ان الإجراءات التي اتخذت مؤخرا مثل الافراج عن السجناء السياسيين
وانسحاب قوى الجيش من ميدان اللؤلوة قد لاتكون كافية هذه الاجراءات
لتهدئة غضب الشعب البحريني الذي طالب باصلاحات على مستوى البلاد.
- دعوة دول الغرب إلى تقديم التأييد المعنوي للموالين للديمقراطية
فان بروز الديمقراطية بمثابة قوة مثالية وقوة حشد سياسي هائل.
- ان البحرين تقترب من نهاية مختلفة عما شهدناه في بعض الدول
العربية. فان التضامن الخليجي مع البحرين، قد يشجع على على ممارسة
القمع والقتل في صفوف المحتجين.
- الحراك السياسي ربما يسفر كخطوة أولى للأطاحة برئيس الوزراء خليفة
بن سلمان الذي يعد أقدم رئيس وزراء في العالم، والذي لن يصمد أمام
الازمة.
- الحديث عن تخلي ملك البحرين عن منصبه ربما يؤجل لحين معرفة تفاصيل
حوار المعارضة مع الحكومة.
- مطالبة المحتجين الشيعة للحصول على نسبة طبيعية من الحقوق في بلد
تسكنه غالبية شيعية يشتكون منذ وقت طويل من تعرضهم للتمييز.
A_alialtalkani@yahoo.com |