شبكة النبأ: مع توالي الانباء عن
المجازر التي ترتكبها قوات معمر القذافي بحق الشعب الليبي المنتفض،
تتكشف زيف الادعاءات التي طالما تشدق بها الاخير حول حكم الشعب والحرية
وعلى كونه مثقف وفيلسوف وديمقراطي مع ابناء جلدته.
فما ارتكب من مذابح خلال الايام الثلاث الماضية بتوجيه من الزعيم
الليبي، وبقيادة من ابنائه، ادانت وبشكل مطلق ذلك الديكتاتور مهما كانت
نتائج الثورة الليبية، خصوصا بعد اطلاع العالم بشكل جلي على ما اقترفه
بحق الشعب الليبي.
ويرى متابعون ان القذافي لن يتردد عن اطلاق حرب اهلية دامية في سبيل
بقائه في سدة الحكم، وهو ما يعد مؤشر خطير استدعى من المجموعة الدولية
متابعة ما يجري عن كثب، والتحضير لما هو آت في حال نجح القذافي بقمع
الثوار، وان كانت التوقعات ضئيلة جدا في هذا الصدد.
محتجون يتحدون الرصاص
فقد قال سيف الاسلام القذافي يوم الاثنين إن والده سيحارب ثورة
شعبية حتى اخر رجل وذلك في الوقت الذي انضم فيه الناس في العاصمة
طرابلس إلى الاحتجاجات لاول مرة بعد ايام من الاضطرابات العنيفة في
مدينة بنغازي في شرق ليبيا.
وتجمع محتجون مناهضون للحكومة في شوارع طرابلس واعلن زعماء قبليون
رأيهم صراحة ضد القذافي وانضمت وحدات بالجيش للمعارضة في الوقت الذي
تشهد فيه ليبيا المصدرة للنفط واحدة من ادمى الثورات التي تهز العالم
العربي.
وظهر سيف الاسلام على التلفزيون الوطني في محاولة لتهديد وتهدئة
الناس قائلا ان الجيش سيفرض تطبيق الامن بأي ثمن. وقال "نحن معنوياتنا
مرتفعة والقائد معمر القذافي يقود المعركة في طرابلس ونحن معه والقوات
المسلحة معه. "نحن لن نفرط في ليبيا سنقاتل حتى اخر رجل وحتى اخر امرأة
واخر طلقة ولا يمكن نتركها بلادنا."
وانحى سيف الاسلام باللائمة على منفيين ليبيين في تأجيج اعمال العنف.
ولكنه وعد ايضا باجراء حوار بشأن الاصلاحات وزيادة الرواتب.
وربما يكون هذا التملق غير كاف لاطفاء نار الغضب الذي انطلق بعد 40
عاما من حكم القذافي في انعكاس للاحداث في مصر حيث اطاحت ثورة شعبية
بالرئيس حسني مبارك الذي كان يبدو منيعا.
وفي مدينة بنغازي الساحلية بدا ان المحتجين يسيطرون بشكل كبير على
المدينة بعد ان اجبروا قوات الجيش والشرطة على الانسحاب الى مجمع.
واضرمت النار في مبان حكومية ونهبت.
وفي اول علامة على وقوع اضطرابات خطيرة في العاصمة اشتبك الاف
المحتجين مع انصار القذافي. ودوت اصوات اطلاق النار خلال الليل
واستخدمت الشرطة الغاز المسيل للدموع لتفريق المتظاهرين الذين رشق
بعضهم صور القذافي بالحجارة.
وقال حبيب العبيدي الذي يرأس وحدة للعناية المركزة في مستشفى الجلاء
ان جثث 50 شخصا معظمهم قتل رميا بالرصاص نقلت الى المستشفى بعد ظهر
الاحد. واضاف ان 200 مصاب نقلوا ايضا الى المستشفى. وقال ان احد
الضحايا كان مطموس المعالم بعد اصابته بقذيفة صاروخية في بطنه.
واضاف ان افراد وحدة بالجيش تعرف باسم فرقة "الصاعقة" نقلوا زملاء
لهم مصابين للمستشفى. وقال الجنود انهم انضموا لقضية المحتجين وانهم
قاتلوا وهزموا الحرس الخاص بالقذافي.
وقال رجل اخر بالمستشفى وهو محمد المانع لرويترز بالتليفون ان
الجنود يقولون الان انهم تغلبوا على الحرس وانهم انضموا لثورة الشعب.
واذا كان القذافي يأمل استبعاد بنغازي بوصفها مشكلة اقليمية فانه واجه
تطورا ينذر بالخطر ليل الاحد مع خروج الحشود الى شوارع طرابلس.
وقال احد السكان ان بامكانه سماع اصوات اطلاق النار في الشوارع
وحشود من الناس. واضاف "اننا بداخل المنزل والانوار مطفأة. هذا ما
اسمعه اصوات اطلاق نار والناس .لا استطيع الخروج." وقال عامل وافد ان
المتظاهرين المناهضين للحكومة تجمعوا في المجمعات السكنية. واضاف "الشرطة
تفرقهم. بوسعي ان اراهم يشعلون النار في السيارات." بحسب رويترز.
وتراجع ايضا التأييد للقذافي بين القبائل الصحراوية في ليبيا.
والقذافي نجل راعي اغنام استولى على السلطة في عام 1969.
وهدد زعيم قبيلة الزوية الشرقية بوقف صادرات النفط اذا لم توقف
السلطات ما وصفه بقمع المحتجين. وقال الشيخ فراج الزوي في قناة الجزيرة
انه سيوقف صادرات النفط للدول الغربية في غضون 24 ساعة اذا لم تتوقف
اعمال العنف.
وقال اكرم الورفلة وهو شخصية بارزة في قبيلة ورفلة للجزيرة انه
سيقول للاخ القذافي انه لم يعد اخا وسيقول له ارحل من البلاد.
والانتفاضة الليبية احدى سلسلة ثورات تنتشر كالنار في الهشيم عبر
العالم العربي منذ ديسمبر كانون الاول مما ادى الى اسقاط رئيسين ظلا
يحكمان لفترة طويلة في تونس ومصر وتهدد انظمة راسخة ابتداء من البحرين
حتى اليمن.
انقسامات داخل النخبة الحاكمة
من جهته قال محمد بعيو الذي كان حتى شهر مضى كبير المتحدثين باسم
الحكومة الليبية ان القيادة مخطئة في التهديد بالعنف ضد معارضيها. ودعا
بعيو سيف الاسلام نجل الزعيم الليبي معمر القذافي الى بدء حوار مع
المعارضة.
وأعرب عن أمله في أن يغير سيف الاسلام خطابه ليعترف بوجود معارضة
شعبية داخلية ويبدأ حوارا معها فيما يتعلق بتغييرات في النظام الليبي.
الى ذلك كان عدد من الدبلوماسيين الليبيين قد أعلنوا استقالاتهم،
احتجاجاً على العنف الممارس من قبل السلطات. وقد كان السفير الليبي في
الهند علي العيساوي قد أعلن عبر بي بي سي استقالته احتجاجا على استخدام
العنف ضد مواطنيه واتهم الدولة باستخدام مرتزقة اجانب ضد الليبيين.
كما أستقال الدبلوماسي في السفارة الليبية في الصين الليبي حسين
صادق المصراتي من منصبه احتجاجاً على العنف أيضاً. وكان مندوب ليبيا
لدى الجامعة العربية قد قدم استقالته من منصبه واعلن انضمامه "للثورة"
احتجاجا على ما يجري في ليبيا. ويذكر أن الرئيس الليبي معمر القذافي لم
يظهر إلى العلن منذ الجمعة الماضية.
وقال محام في بنغازي لهيئة الاذاعة البريطانية (بي.بي.سي) بعد ان
شاهد الخطاب "الناس هنا في بنغازي يضحكون على ما يقول انها نفس القصة
القديمة ( وعود الاصلاح) ولا أحد يصدق ما يقول.
قوات من الجيش انضمت الى المحتجين
في سياق الاحداث قال مقيمان ان أعضاء وحدة تابعة للجيش الليبي قالوا
لاهالي بنغازي انهم غيروا ولاءهم "وحرروا" ثاني اكبر المدن الليبية من
القوات المؤيدة للزعيم الليبي معمر القذافي.
وقال حبيب العبيدي الذي يرأس وحدة للعناية المركزة في مستشفى الجلاء
والمحامي محمد المانع ان أفرادا من فرقة "الصاعقة" وصلوا الى المستشفى
مع جنود اصيبوا في الاشتباكات مع الحرس الشخصي الخاص بالقذافي.
وقال محمد في اتصال هاتفي ان الجنود يقولون الان انهم تغلبوا على
الحرس وانهم انضموا لثورة الشعب. وقال العبيدي ان جثث 50 شخصا قتلوا
يوم الاحد وصلت الى المستشفى بعد عصر الاحد. وقتل معظمهم متأثرين بجروح
ناجمة عن اعيرة نارية.
وقال مقيمون ان عشرات وربما مئات الالاف من المتظاهرين خرجوا الى
شوارع المدينة لدفن عشرات الاشخاص الذين قتلوا في الساعات الاربع
والعشرين الماضية. وقال شاهد ان قوات الامن فتحت النار عليهم.
وقالت الولايات المتحدة انها انها تشعر "بقلق عميق" بسبب تقارير
موثوق بها تفيد بسقوط مئات القتلى والجرحى.
وقال فيليب كراولي المتحدث باسم وزيرة الخارجية "عبر المسؤولون
الليبيون عن التزامهم بحماية حق التظاهر السلمي وضمانه. ندعو الحكومة
الليبية الى الوفاء بهذا الالتزام ومحاسبة اي ضابط امن لا يتحرك وفقا
لهذا الالتزام."
ويطالب المحتجون الذين استلهموا الثورتين في تونس ومصر بانهاء حكم
القذافي المستمر منذ 41 عاما. وردت قوات الامن التابعة للقذافي بشن
حملة عنيفة ضد المحتجين. وتخضع الاتصالات للرقابة على نحو شديد ولم
يسمح للصحفيين الدوليين بدخول بنغازي.
وقالت منظمة هيومان رايتس ووتش التي مقرها نيويورك ان 48 شخصا قتلوا
في المدينة يوم السبت ليصل العدد في اربعة ايام من الاشتباكات التي وقع
معظمها في شرق البلاد الى 173 شخصا قبل اعمال العنف التي جرت يوم الاحد.
وقال مقيم طلب عدم ذكر اسمه عبر الهاتف يوم الاحد "جرت مذبحة هنا
الليلة الماضية." بحسب رويترز.
وقال شاهد اخر وهو شخصية قبلية بارزة طلب عدم نشر اسمه ان وجود قوات
الامن التي تلزم في الاساس ثكناتها غامرت بالخروج منها واطلقت النار
على المحتجين في الشارع في مطاردة اشبه بمطاردات القط والفأر. واندلعت
اشتباكات على طريق يؤدي الى مقبرة توجه اليها الاف الاشخاص لدفن القتلى.
وأضاف الشاهد "الوضع متوتر جدا وان حرائق متناثرة اندلعت في مقر اللجنة
الثورية ومبان اخرى."
وذكرت صحيفة اندبندنت البريطانية يوم الاحد ان عدد الجثث في بنغازي
ربما وصل الى 200.
وقال شاهد لقناة الجزيرة "عشرات قتلوا.. ليس 15 وانما عشرات. اننا
وسط مذبحة هنا." وقال الرجل انه ساعد في نقل الضحايا الى مستشفى في
بنغازي ثاني اكبر مدن ليبيا.
وذكرت القناة يوم الاحد ان بعض رجال الامن الذين احتجزهم المحتجون
مرتزقة اجانب على ما يبدو. وقالت القناة في وقت سابق ان قوات الامن
اطلقت النار على مشيعي جنازة مما ادى الى سقوط 15 قتيلا.
ويصعب التأكد من صحة روايات الشهود من جهة مستقلة لان السلطات
الليبية لا تسمح بدخول الصحفيين الاجانب الى البلاد منذ تفجر
الاحتجاجات ضد القذافي ومنع الصحفيون المحليون من السفر الى بنغازي.
وكثيرا ما تكون اتصالات الهاتف المحمول خارج الخدمة كما قطعت خدمة
الانترنت في ليبيا وذلك حسبما ذكرت شركة امريكية تراقب حركة الانترنت.
وقال السير ريتشارد دالتون الذي كان سفيرا لبريطانيا في ليبيا
للصحيفة "سيجد القذافي ان من الصعب تقديم تنازلات من اجل البقاء. اعتقد
ان موقف النظام الليبي هو كل شيء او لا شيء."
ودفع هذا القمع الدامي نحو 50 من علماء المسلمين في ليبيا الى اصدار
نداء ارسل الى رويترز لقوات الامن بوقف عمليات القتل كمسلمين.
وقال النداء ان هذا نداء عاجل من علماء الدين والمفكرين وزعماء
العشائر من طرابلس وبني وليد والزنتان وجادو ومسلاتة ومصراته والزاوية
وبلدات وقرى اخرى بالمنطقة الغربية.
واضاف العلماء انهم يناشدون جميع المسلمين سواء داخل النظام او
يقومون بمساعدته بأي شكل ادراك بان الله ورسوله يحرمان قتل النفس
البريئة فلا تقتلوا اخوانكم واخواتكم واوقفوا هذه المذبحة الان. وقال
احد سكان بنغازي ان تواجد قوات الامن قاصر على مجمع يطلق منه القناصة
النار على المحتجين.
واضاف ان التواجد العسكري الوحيد في بنغازي قاصر الان على مجمع مركز
القيادة في المدينة وانه تم تحرير باقي المدينة. وقال ان الاف الاشخاص
تجمعوا امام مقر محكمة بنغازي وان كل اللجان الثورية ومكاتب الحكم
المحلي ومراكز الشرطة في المدينة احرقت.
ولم يتسن التأكد بشكل مستقل من هذه الرواية وقدم مصدر امني رواية
مختلفة في وقت سابق وقال ان الوضع في بنغازي "تحت السيطرة بنسبة 80 في
المئة."
ونقلت وكالة الانباء الايطالية (انسا) عن شاهد ايطالي في بنغازي
قوله ان المدينة "خارج نطاق السيطرة تماما." وقال الشاهد الذي طلب عدم
نشر اسمه ان "كل مباني الحكومة والمؤسسات بالاضافة الى مصرف احرقت وان
المتمردين ينهبون ويدمرون كل شيء. لا يوجد احد في الشارع ولا حتى
الشرطة." ولم تنشر الحكومة اي ارقام بشأن الضحايا ولم تصدر تعليق رسمي
بشأن اعمال العنف.
وتتركز اعمال العنف بشكل كبير حول بنغازي الواقعة على بعد الف
كيلومتر شرقي العاصمة حيث التأييد للقذافي اضعف بشكل تقليدي من بقية
البلاد. ولا يوجد ما يشير الى وجود ثورة في شتى انحاء ليبيا.
وقال مراسل لرويترز انه في الميدان الاخضر في وسط طرابلس تجمع عدة
مئات من الاشخاص يوم السبت ملوحين بصور القذافي وهو يهتفون "قائدنا
الثوري" و"نسير على دربك."
وذكرت صحيفة تسيطر عليها الدولة ان اعمال العنف جزء من الخطط
والمؤامرات القذرة التي تدبرها امريكا والصهيونية والخونة الغربيون.
وعرض التلفزيون الرسمي مشاهد للساعدي القذافي نجل القذافي الذي عين
في الاسبوع الماضي مسؤولا عن بنغازي وهو يقوم بجولة في الميدان الاخضر.
وقام بتحيته نحو الف شخص معظمهم من مشجعي ناديي كرة القدم الرئيسيين في
العاصمة وهما الاهلي والاتحاد .
ويقول مراقبون للاوضاع في ليبيا ان الوضع مختلف عن مصر لان القذافي
يملك سيولة نقدية نفطية للتغلب على المشكلات الاجتماعية. كما ان
القذافي لايزال يحظى باحترام في معظم البلاد.
نهب مقر تلفزيون حكومي في طرابلس واحراق مبان
عامة
الى ذلك نهب متظاهرون مساء الاحد مبنى تلفزيون واذاعة حكوميين في
طرابلس حيث احرقت ايضا مراكز للشرطة ومقرات للجان الثورية، كما افاد
شهود وكالة فرانس برس عبر الهاتف.
وقال احد الشهود طالبا عدم الكشف عن اسمه ان "مبنى يضم قناة
الجماهيرية الثانية واذاعة الشبابية تم نهبه". واضاف الشاهد ان مبنى
قناة الجماهيرية الاولى، القناة الحكومية الرئيسية في ليبيا، لم يمس.
وتوقف بث قناة الجماهيرية الثانية مساء الاثنين لكنها ما لبثت ان عاودت
البث صباح الاثنين.
وقناة الجماهيرية الثانية هي القناة الثانية في التلفزيون الحكومي،
اما اذاعة الشبابية فأسسها في 2008 سيف الاسلام نجل الزعيم الليبي معمر
القذافي ثم جرى تأميمها.
من جهة اخرى افاد شهود لوكالة فرانس برس ان عددا من المباني العامة
تم احراقها في عدد من احياء العاصمة مساء الاحد بينها خصوصا مراكز شرطة
ومقرات للجان الثورية قرب الساحة الخضراء في وسط العاصمة حيث دارت
مواجهات عنيفة مساء بين متظاهرين مناوئين للنظام واخرين موالين له.
وقال احد سكان طرابلس في اتصال مع فرانس برس ان "قاعة الشعب" المبنى
الواقع في وسط العاصمة والذي تجري فيه غالبا الفعاليات والاجتماعات
الرسمية تم احراقه ايضا. ويقع هذا المبنى في مكان غير بعيد عن وسط
العاصمة عند مدخل حي الاندلس السكني.
وليل الاحد الاثنين سمع اطلاق نار كثيف في العديد من احياء العاصمة
حيث دارت ايضا مواجهات بين متظاهرين موالين للنظام ومعارضين له.
امريكا تهدد
من جانبها أدانت الولايات المتحدة بشدة الحملة العنيفة التي تشنها
ليبيا على المحتجين مستشهدة بتقارير وصفتها بأنها ذات مصداقية عن سقوط
مئات القتلى والجرحى وهددت باتخاذ "كل الاجراءات الملائمة" ردا على هذا.
وقالت وزارة الخارجية الامريكية يوم الاحد انها قدمت اعتراضات شديدة
اللهجة لحكومة الزعيم الليبي معمر القذافي بشأن "استخدام القوة القاتلة
مع متظاهرين مسالمين" في الوقت الذي انضمت فيه ليبيا الى موجة
الاحتجاجات التي تهز الشرق الاوسط وشمال افريقيا.
ومع زيادة واشنطن الضغط على طرابلس قال سيف الاسلام أحد ابناء
القذافي عبر التلفزيون الحكومي "سنقاتل حتى اخر رجل وحتى اخر امرأة
وحتى اخر طلقة." لكنه وعد باجراء حوار عن الاصلاحات وزيادة الرواتب.
وقال مسؤول أمريكي في واشنطن "نحلل كلمة سيف الاسلام القذافي لنرى
ما تنطوي عليه من احتمالات لاصلاح جاد."
وأشارت ادارة الرئيس الامريكي باراك أوباما ايضا الى أن الحكومة
الليبية قد تواجه عواقب اذا لم تلتفت للتحذيرات لكبح جماح قواتها
الامنية واحترام حق المواطنين في الاحتجاج.
وقال مسؤول أمريكي "نبحث كل الاجراءات الملائمة" دون أن يحدد نوعية
الاجراءات التي قد تلجأ لها واشنطن. بحسب رويترز.
وفي حين ندد المسؤولون الامريكيون بالحملة التي تشنها ليبيا على
المتظاهرين الذين يطالبون بانهاء حكم القذافي الممتد منذ أكثر من أربعة
عقود فان المسؤولين أحجموا عن الدعوة الى تغيير الحكومة في طرابلس.
وتتمتع الولايات المتحدة فيما يبدو بنفوذ على القذافي أقل كثيرا من
الذي مارسته في الاسابيع الاخيرة مع حليفتيها الوثيقتين مصر والبحرين
حيث قدم الزعيمان تنازلات في مواجهة الانتقادات الامريكية للحقوق
السياسية.
وانتقد الغرب القذافي بوصفه راعيا للمتشددين والحركات الثورية لكنه
في الاعوام الاخيرة حاول اخراج بلاده الغنية بالنفط من العزلة الدولية.
غير أنه عبر عن خيبة أمله لان الغرب لم يحتضنه بصورة اكبر. وشملت
التنازلات التي قدمها لالغاء العقوبات الامريكية وعقوبات الامم المتحدة
التخلي عن برنامج للاسلحة المحظورة وتسليم مشتبه بهما في قضية تفجير
طائرة لوكربي عام 1988 .
وقد تشمل الخيارات القليلة المتاحة لواشنطن ردا على حملة القذافي
فرض بعض العقوبات مرة اخرى قد تؤثر على صناعة النفط في ليبيا. لكن هذه
الخطوات ستستغرق وقتا وتتطلب موقفا غربيا موحدا وقد تضر ايضا بمصالح
شركات النفط الامريكية.
وقال بعض المتابعين للشأن الليبي ان احتمال قيام ثورة على غرار
الثورة المصرية على مستوى البلاد تطيح بالقذافي أقل ترجيحا بسبب شعبيته
في أجزاء من البلاد وقدرته على استغلال ثروة ليبيا النفطية لتخفيف حدة
المشاكل الاجتماعية والسياسية.
وعلى الرغم من هذا تراقب واشنطن عن كثب التطورات التي تحدث بسرعة في
ليبيا حيث امتدت الاضطرابات الى العاصمة طرابلس بعد أن قتل عشرات
المحتجين في شرق البلاد.
وقال المسؤول الامريكي انه يجري اطلاع أوباما بشكل منتظم على
التطورات وقد طلبت ادارته "ايضاحا" من مسؤولين ليبيين كبار عن تصرفات
قوات الامن الليبية.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الامريكية بي.جيه كراولي "الولايات
المتحدة تشعر بقلق عميق مع ورود تقارير وصور مقلقة من ليبيا."
وقالت وزارة الخارجية انها تشجع العاملين بالسفارة الامريكية على
مغادرة ليبيا كما حثت الرعايا الامريكيين على ارجاء السفر الى هناك اذا
لم يكن ضروريا.
وليبيا من كبريات الدول المنتجة للطاقة وبها استثمارات كبيرة لشركات
مثل بي.بي البريطانية وايكسون موبيل الامريكية وايني الايطالية فضلا عن
شركات أخرى.
مفاوضات بين السلطات ومجموعة اسلامية
من جهة اخرى قال مصدر رسمي ليبي رفيع المستوى الاحد لوكالة فرانس
برس ان مفاوضات جارية مع اسلاميين اصوليين يهددون بقتل رجال امن
ومواطنين يحتجزونهم في مدينة بنغازي التي تشهد اضطرابات منذ الاسبوع
الماضي.
وقال المصدر "هناك مفاوضات جرت في الثامنة مساء البارحة بين
المستشار مصطفى عبد الجليل (وزير العدل الليبي) ومجموعة من الاصوليين
الاسلاميين يسمون انفسهم امارة برقة الاسلامية".
واضاف "طالبت المجموعة خلال المفاوضات بفك الحصار الامني المستحكم
الذي تقيمه حولها القوات المسلحة الليبية في مقابل التوقف عن اعدام من
لديهم من عناصر امنية ومواطنين احتجزتهم خلال الاشتباكات المسلحة في
الايام الماضية في بنغازي".
واكد المصدر ان "المفاوضات ما زالت مستمرة"، مؤكدا ان "الدولة يهمها
سلامة المواطنين المحتجزين ظلما من قبل الجماعات الاسلامية ولكنها لن
تتفاوض حول وحدة التراب الليبي تحت اي ظرف". بحسب فرانس برس.
ولم يوضح المصدر عدد المحتجزين او طبيعة هذه الجماعة الاسلامية التي
يرد اسمها للمرة الاولى. وتشهد مدينة بنغازي، ثاني مدن البلاد، ومدن
اخرى في شرق ليبيا حركة احتجاج معارضة للنظام اوقعت حتى الان ما لا يقل
عن 77 قتيلا، وفق حصيلة اعدتها فرانس برس،
العالم ليس بغافل عما يحدث
في المقابل، اعربت الحكومة البريطانية عن قلقها البالغ إزاء العنف
غير المقبول ضد المتظاهرين في كل من ليبيا والبحرين، في وقت دعت فيه
الخارجية الأمريكية رعاياها تجنب السفر إلى ليبيا، إلا للضرورة.
فقد عبر وزير الخارجية البريطاني، ويليام هيغ، عن قلق الحكومة
البالغ جراء تقارير العنف واستخدام الأسلحة الثقيلة ووحدات قناصة ضد
المتظاهرين.
وأضاف: "نريد أن نوضح للحكومة الليبية بأن عدم وجود كاميرات
تلفزيونية في مكان الحدث لا يعني بأن العالم غافل عما يحدث وأنه
سيتجاهل الطريقة التي يُعامل بها المتظاهرين والمحتجين."
وإلى ذلك، ادعى العقيد محمد مجبري، الذي ساعد في قيادة القوات
العسكرية الليبية في بنغازي قبيل قراره بالانشقاق والانضمام إلى
المعارضة مطلع هذا الأسبوع، أن القوات الحكومة، وبمساعدة "مرتزقة" من
دول أفريقية، "تسببوا في مجزرة."
وأضاف قائلاً: "لقد حان وقت الحرية".. القذافي ليس ببشر، لا يمكن
لليبي أن يفعل ذلك بشعبه، إنه ديكتاتور"، على حد زعمه.
وقال عدة شهود عيان لـCNN إن سيارات مسلحين اخترقت حشود المتظاهرين
وأطلقت النار عليهم بصورة عشوائية. وبدوره، قال مصدر ليبي في المنفي،
على إطلاع بالأحداث الجارية في بلده، بأن الحكومة أنزلت وحدات عسكرية
لمواجهة الفصائل المعارضة للقذافي التي تسيطر على شرقي ليبيا، بمساعدة
عناصر أمنية تنتمي إلى القبائل.
وأيد مزاعم مجبري قائلاً إن الحكومة أستعانت بوحدات عسكرية "من أصول
أفريقية للتصدي للمتظاهرين، مضيفاً: "لا تعيقهم الروابط القبلية، وهم
أفضل من يركن إليهم لقمع المعارضة."
ونظراً للأحداث الجارية هناك، دعت الخارجية الأمريكية رعاياها تجنب
السفر غير الضروري إلى هناك.
مظاهرة بالاسكندرية
على صعيد متصل قال شهود عيان ان مئات الليبيين والمصريين تظاهروا
أمام القنصلية الليبية في مدينة الاسكندرية الساحلية وهتفوا بسقوط
العقيد معمر القذافي.
وقال شاهد انهم رددوا هتافا يقول "الشعب يريد اسقاط العقيد" كما
رفعوا لافتات كتبت عليها عبارات تقول "زي بن علي ومبارك يا قذافي كفاية
لكل ظالم نهاية" و"لا لاطلاق الرصاص الحي على متظاهري ليبيا" و"يسقط
الطغاة في العالم العربي".
وأسقطت انتفاضتان شعبيتان في تونس ومصر الرئيس زين العابدين بن علي
والرئيس حسني مبارك الشهر الماضي وهذا الشهر.
وقال الشاهد ان الليبيين المشاركين في المظاهرة رفعوا جوازات سفرهم
لتأكيد أنهم ليبيون ومزقوا نسخا من الكتاب الاخضر الذي يضم أفكار
القذافي السياسية وأشعلوا فيها النار.
وأضاف أن سائقي السيارات المصريين كانوا يحييون المتظاهرين خلال
سيرهم في الشارع الذي توجد به القنصلية. وتابع "لم يخرج أحد من
القنصلية."
وقال الشهود ان المظاهرة بدأت مسيرة من أمام مسجد القائد ابراهيم
القريب الذي كان يتجمع المحتجون المصريون أمامه خلال احتجاجات الغضب
على سياسات مبارك. |