الانتفاضة البحرينية وحوار وقف التنفيذ

 

شبكة النبأ: نددت العديد من المنظمات الانسانية والحقوقية بما جرى في البحرين مؤخرا، من انتهاكات فضيعة لحقوق الانسان شملت اعمال قتل وتعذيب واعتقال بشكل علني صارخ، كشف عن زيف ادعاءات السلطة البحرينية في نيتها الاصلاح من خلال التأسيس لحكم رشيد.

حيث سقط العشرات من الضحايا الابرياء خلال تظاهرات سلمية مطالبة بالمساواة وترشيد سياسة الحكم هناك، بعد ان جوبهت الاحتجاجات بردة فعل عنيفة اثارت استياء معظم دول العالم.

بيان مؤسسة الامام الشيرازي العالمية

فقد دعت مؤسسة الامام الشيرازي العالمية في بيان لها حول احداث البحرين المؤمنين الى تحمل المسؤولية والمشاركة لدفع الظلامات وصيانة الدماء وحفظ الممتلكات، والدفاع عن المظلومين في نيل حقوقهم المشروعة وطالب البيان السلطات البحرينية بالاستماع لمطالب ابناء شعبها وعدم استخدام القوة في قمع المتظاهرين فالعنف لا يولد الا عنفا كما طالبها بتفهم  مطالب المتظاهرين والعمل برأي الاكثرية واقرار نظام التعددية ، والتداول السلمي للسلطة وتوفير الحريات كما اكد البيان على حرمة اراقة الدماء وتضييع الحقوق.

وقال البيان: في هذا الوقت العصيب الذي يمرّ به عالمنا الاسلامي، فان الواجب الشرعي يفرض على المؤمنين تحمل المسؤولية والمشاركة لدفع الظلامات وصيانة الدماء وحفظ الممتلكات، والدفاع عن المظلومين في نيل حقوقهم المشروعة.

 ومن هذا المنطلق ولأهمية ما يجري في دولة البحرين وبعض الدول الاسلامية الاخرى من احداث فأننا، نبدي بالغ اسفنا وعميق حزننا على ارواح الشهداء، ونطالب السلطات البحرينية للاستماع لمطالب ابناء شعبها وعدم استخدام القوة في قمع المتظاهرين فالعنف لا يولد الا عنفا، كما وندعو الى تحقيق مطالب الشعب البحريني المؤمن الابي وان يواصلوا في المطالبة بحقوقهم وبالطرق السلمية الحضارية التي تتعاطف معها جميع دول العالم، وعدم الانجرار الى دوامة العنف.

واضاف البيان: لقد نبه المرجع الديني الراحل آية الله العظمى الامام السيد محمد الحسيني الشيرازي في مواقف عدة الى خطورة تغييب الحريات وقمعها ونتائجها المستقبلية الخطيرة على الوضع  عموما بقوله:

(إنّ الاستشارية سواء في الحكومات الزمنية مما تسمى بالديمقراطية ام في الحكومة الإسلامية هي صمام الأمان، وذلك لأنّ الناس كما يحتاجون إلى ملء بطونهم، يحتاجون إلى ملء أذهانهم، فكما انّ الجائع يخرج على مَن أجاعهُ بالإضراب والمظاهرة، حيث ورد: "عجبتُ للفقراءِ كيفَ لا يخرجونَ بالسَّيف على الأغنياءِ"، كذلك من لا يستشار يخرج على من صادر فكره واجاعه ، والغى دوره).

من هنا فان على حكومة البحرين ان تتفهم  مطالب المتظاهرين وتتبع معهم الحسنى في تعاملها ولايصح للاقلية ان تمارس سياسة الاكراه والتسلط على الاكثرية بما لا يشتهون ولا يرغبون، ثم ان التاريخ اثبت ان السلاح لم يكن يوما من الايام علاجا ناجعا لمواجهة اصحاب الحقوق والمظلومين، بل ان العمل برأي الاكثرية واقرار نظام التعددية ، والتداول السلمي للسلطة وتوفير الحريات ، والعمل بالشورى والالتزام بالعدل والاحسان هو الطريق الامثل لتحقيق الاستقرار والامن وتجنب الازمات، وهو الحل للسير في بناء دولة الحقوق والحريات والعدل والفضيلة والتقوى.

لذا فأننا نؤكد مرة اخرى على حرمة اراقة الدماء وتضييع الحقوق سائلين المولى (عزوجل) ان يكفي المؤمنين في شتى بلاد الاسلام شرور الفتن ومكائد السوء وان يرحم شهدائهم ويلهم ذويهم الصبر والسلوان وان يعجل بشفاء جرحاهم وان يبلغهم ما يبتغون انه سميع مجيب.

الاطاحة برئيس الوزراء

الى ذلك قد تنجح الاحتجاجات الشعبية في البحرين في الاطاحة برئيس الوزراء الشيخ خليفة بن سلمان ال خليفة وهو أقدم رئيس وزراء في العالم تلبية لمطالب حركة يقودها الشيعة وتضغط للحصول على نصيب أكثر عدلا من السلطة في البلد الخليجي الذي تسكنه أغلبية شيعية وتحكمه أسرة سنية.

ويريد المتظاهرون البحرينيون خروج الشيخ خليفة من المنصب الذي يتولاه منذ استقلال البلاد عن بريطانيا عام 1971 . واستلهمت الاحتجاجات الشعبية في البحرين سقوط رئيسين في المنطقة بدا أن حكمهما راسخ وهما الرئيس التونسي زين العابدين بن علي والمصري حسني مبارك.

ويمثل الشيخ خليفة نمط الاستقرار الذي تعيشه دول عربية تدعمها أجهزة الامن ويروق منذ وقت طويل للغرب الذي همه تأمين امدادات النفط العالمية.

وتعود صناعة النفط في البحرين وهي الاقدم في منطقة الخليج الى عام 1932 . وأصبحت البحرين الان منتجا صغيرا للنفط لكنها ذات أهمية عسكرية استراتيجية للولايات المتحدة لوجود قاعدة بحرية أمريكية فيها منذ عام 1958 .

وتساهم قاعدة الاسطول الخامس الامريكي بالقرب من العاصمة البحرينية المنامة في قوة واشنطن العسكرية في الشرق الاوسط واسيا الوسطى كما لعبت دورا حيويا في الحربين اللتين قادتهما الولايات المتحدة في العراق وأفغانستان.

ويبدو أن رئيس الوزراء البحريني البالغ من العمر 75 عاما لن يصمد أمام الازمة التي تعصف ببلاده. ويعتقد أن الشيخ خليفة كون ثروة كبيرة وامتلك مساحات كبيرة من الاراضي منذ توليه رئاسة الوزراء.

وقال عبد الخالق عبد الله وهو أستاذ في العلوم السياسية بالامارات ان الشيخ خليفة قضى في المنصب ما يكفي من الوقت.

وأضاف أن العاهل البحريني الشيخ حمد بن عيسى ال خليفة قد يجد اللحظة مواتية أكثر من أي وقت مضى ليقول كفى لعمه رئيس الوزراء. وذكر أن البحرين قد تشهد قريبا اعداد رئيس وزراء جديد.

وأدان الرئيس الامريكي باراك أوباما -الذي يسارع لاعادة تقييم سياسته مع تأجج الغضب في المنطقة من حكام عرب شموليين- العنف مع المتظاهرين في البحرين وقال أوباما للحكام ان الاستقرار يعتمد على احترام حقوق شعوبهم.

وقال عبد الله ان أوباما أدرك أن وقت الحكام الشموليين قد ولى وانه يريد أن يدعم أنصار الديمقراطية في العالم العربي. وأشار الى أن المحتجين في البحرين لم يرددوا قط هتاف الموت لامريكا.

ولم تطالب قط الاغلبية الشيعية في البحرين والتي تصل الى نسبة 70 في المئة من مواطني المملكة بتغيير نظام الحكم وهو ملكي دستوري في الاساس. ويشتكي الشيعة في البحرين منذ وقت طويل من تعرضهم للتمييز لعقود في ظل حكم الاسرة السنية.

لكن المحتجين يريدون اقالة رئيس الوزراء ووزراء الدفاع والداخلية والديوان الملكي ويتهمونهم بملاحقة المعارضين الشيعة.

وتنفي الحكومة التي تحكم 1.3 مليون شخص نصفهم من الاجانب التمييز ضد الشيعة في الرعاية الصحية والسكن والوظائف الحكومية خاصة في قوات الامن.

والتزم الشيخ خليفة الصمت منذ نشوب الازمة في البحرين قبل أسبوع وجعل الشرطة والجيش في مواجهة مع المحتجين مما أسفر عن مقتل ستة أشخاص واصابة المئات.

وعهد عاهل البحرين (61 عاما) الذي تولى العرش عام 1999 الى ابنه ولي العهد الشيخ سلمان بن حمد بن عيسى ال خليفة بفتح حوار مع المعارضة لاخلاء الشوارع من المحتجين وتضميد الجروح التي لا تزال ملتهبة في البلاد.

وقال ولي العهد لقناة (سي.ان.ان) الاخبارية الامريكية يوم السبت ان كل الاحزاب السياسية في البحرين تستحق أن يكون لها صوت على الطاولة وقدم تعازيه لاسر القتلى والجرحى.

وأوضح أن المحتجين سيسمح لهم بالبقاء في دوار (ميدان) اللؤلؤة في المنامة وهو نقطة ارتكاز المظاهرات في البحرين على غرار ميدان التحرير بالقاهرة في احتجاجات مصر.

ومازال الحذر يهيمن على منظمي الاحتجاجات الشبابية وأحزاب المعارضة في البحرين بشأن الدخول في محادثات قبل رحيل الحكومة.

وهذه الخطوة وحدها قد لا تكون كافية لتهدئة الغضب حيث يطالب المحتجون أيضا بتعديلات دستورية تضمن انتخاب الحكومة وليس تعيينها من قبل الملك.

وقالت زينب أحمد وهي من حركة شباب 14 فبراير ان الحوار من الممكن أن يبدأ بعد استقالة الحكومة.

ويرأس ولي العهد في البحرين والذي ينظر اليه على أنه من أنصار الحداثة في البلاد مجلس التنمية الاقتصادية الذي حوله الى ما يشبه الحكومة الموازية للتصدي لرفض الاصلاح الاقتصادي.

وفي مشاحنة علنية نادرة وقعت عام 2008 أمر عاهل البحرين حكومة عمه بألا تعطل الاصلاحات التي يرعاها ولي العهد.

وربما يكون ملك البحرين وابنه ولي العهد قد حاولا الحد من سلطات رئيس الوزراء لكن من المحتمل أن يكون للشيخ خليفة حلفاء أقوياء في السعودية التي يربطها جسر بالبحرين.

وقالت جين كنينمونت من وحدة المعلومات التابعة لمجلة اكونوميست ان الحلفاء السعوديين لرئيس وزراء البحرين يعرفونه منذ وقت طويل ولا يريدون أن تحدث سابقة بتقاعد فرد بارز في الاسرة الحاكمة بينما تواجه السعودية نفسها مشاكل تتعلق بولاية العرش في ظل حكامها الطاعنين في السن.

كما أن الرياض لن تستسيغ ظهور ملكية لها دستور ديمقراطي في منطقة الخليج خاصة في البحرين جارتها ذات الاغلبية الشيعية التي قد تصل الى السلطة عن طريق الانتخابات.

وتخشى السعودية التي خسرت مبارك حليفها في مواجهة ايران من امتداد أي توتر الى الاقلية الشيعية فيها.

كما قد يخشى السنة في البحرين والذين نظم بعضهم مظاهرات تأييد خلال الاسبوع المنصرم من فقدان السلطة والامتيازات اذا ما اندمج الشيعة بالكامل في الحياة السياسية.

وأدخل عاهل البحرين دستورا عام 1999 يمهد الطريق أمام برلمان منتخب له بعض السلطات لكنه لازال يحتفظ بسلطة تعيين رئيس الوزراء بشكل مباشر كما أن 14 وزيرا من بين 24 وزيرا في حكومة الشيخ خليفة من الاسرة الحاكمة في البحرين.

وعلى عكس مصر أجريت في البحرين انتخابات اعتبرت حرة بشكل عام. وحصلت جمعية الوفاق الوطني وهي الكتلة الرئيسية للشيعة في البحرين على 17 مقعدا من بين 40 مقعدا في البرلمان وذلك قبل أن يستقيل نوابها في المجلس يوم الخميس. لكن اعادة الاستقرار في البحرين قد تكون مستحيلة ما لم يقال رئيس الوزراء واخرون.

وأوضح المحلل السياسي عبد الله ان تغيير الحكومة من مطالب المعارضة. وأضاف أنه بمجرد الاطاحة برئيس الوزراء فان شخصيات أخرى كثيرة في الحكومة سترحل معه.

دعوة للحوار

من جانبها ذكرت وزارة الخارجية الامريكية أن وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون ووزير الخارجية السعودية الامير سعود الفيصل اتفقا على دعم حوار مقترح بين الحكومة البحرينية ومعارضيها.

وناقشت كلينتون الاضطرابات في البحرين خلال اتصال هاتفي مع الامير سعود.

وقال بي.جيه كراولي المتحدث باسم الخارجية الامريكية "اتفقا على دعم حوار البحرين مع كل مواطنيها. "واكدت وزيرة الخارجية ضرورة ضبط النفس من قبل قوات الامن في البحرين.

"واشارت ايضا الى ان الولايات المتحدة رحبت بخطوات ولي عهد البحرين الامير سلمان بن حمد ال خليفة لبدء حوار جاد مع كل اطياف المجتمع البحريني."

وقالت وزارة الخارجية الامريكية إن كلينتون اشارت ايضا خلال المكالمة الهاتفية مع الامير سعود الى ان الولايات المتحدة تشجعت بسبب تقارير قالت ان الملك عبد الله بن عبد العزيز عاهل السعودية سيعود قريبا بعد علاج في الخارج استمر ثلاثة اشهر.

حزن وغضب

وفيما أمسكت ممرضة بصورة في اطار مغطى بالزجاج لرئيس الوزراء البحريني وحطمتها على الارض عندما علمت أن الرصاصة التي اخترقت جمجمة مريضها رضا محمد تركته في حالة وفاة سريرية.

وصاحت الممرضة "الموت لخليفة الموت لخليفة" في اشارة لرئيس الوزراء البحريني الشيخ خليفة بن سلمان ال خليفه الذي يشغل منصبه منذ وقت طويل والذي ينظر اليه على أنه قوة محافظة الى حد بعيد داخل العائلة الحاكمة في المملكة.

وتقول أسرة محمد انه أصيب برصاصة أطلقتها قوات الامن أثناء اشتراكه في مسيرة لاحياء ذكرى واحد من ستة محتجين لاقوا حتفهم خلال احتجاجات مناهضة للحكومة لم يسبق لها مثيل في البحرين وهزت حكام المملكة الخليجية الصغيرة الاسبوع الماضي.

وكان محمد والاف اخرون من أبناء الاغلبية الشيعية في البحرين يطالبون بمزيد من الحقوق في المملكة التي تحكمها عائلة سنية. وينفي الزعماء البحرينيون اتهامات بالتفرقة في معاملة الشيعة.

وتطورت الاحتجاجات التي بدأت بالمطالبة باصلاحات دستورية وتحولت الى دعوة للاطاحة بالنظام لاسباب عديدة منها حالات مماثلة لحالة محمد.

وحمل محتجون أمام المستشفى صورا بالاشعة السينية تظهر فيها شظايا عيار ناري مستقر في جمجمة محمد.

وقال ولي العهد البحريني الشيخ سلمان بن حمد ال خليفة ان الوقت وقت حوار لا قتال في المملكة الحليف الوثيق للسعودية والولايات المتحدة. ويتمركز الاسطول الخامس الامريكي في البحرين.

لكن حملة القمع التي كان من نتائجها وفاة محمد سريريا أدت الى تفاقم عدم الثقة وزادت اقتناع العديد من الشيعة بأنهم سيظلون مستبعدين من المشاركة في صنع القرار ولن يحصلوا على نصيب عادل من فرص العمل والمساكن التي توفرها الدولة ما لم يحدث تغير جذري. وبكى اقارب محمد (32 عاما) بعد أن أبلغهم الاطباء أنه لا يوجد ما يمكن فعله لانقاذ حياته.

وانهار أخوه حسن ونقل بعيدا بينما كان يندب أخاه. وقال في وقت لاحق بينما كان أحد أفراد الاسرة يواسيه في ردهة المستشفى ان أخاه محمد لم يؤذ أحدا وانه رافقه خلال الاحتجاجات التي أكد أنه سيواصل المشاركة فيها. وأضاف أن السبيل الوحيد لانقاذ البحرين هو رحيل أسرة خليفة.

ويوجه معظم الغضب الى رئيس الوزراء المحافظ الشيخ خليفة بن سلمان ال خليفه عم الملك الذي يتولى رئاسة الحكومة منذ استقلال البحرين عن بريطانيا عام 1971.

وتلا أخ اخر لمحمد ايات من القران بجوار فراش أخيه في المستشفى بينما راحت امرأة من العائلة ترتدي الزي الاسود التقليدي تدعو له بالسلامة.

لكن أفراد الاسرة الذين تعانقوا أدركوا أن الوقت فات. وقال أطباء أجروا جراحة لازالة شظايا العيار الناري من جمجمة محمد انه لن يعيش الا بضعة أيام أخرى في أقصى تقدير.

وغطي محمد في فراشه بعلم بحريني بلونيه الابيض والاحمر كتبت عليه عبارة "أنا أحب بلدي".

ولكن بلاده أصبحت الان أكثر انقساما فيما يبدو من اي وقت مضى.

وقال أبو علي عم محمد ان ابن أخيه وثلاثة محتجين اخرين يرقدون في أسرة قريبة بالمستشفى بعد أن اصابتهم قوات الامن بجروح خطيرة كانوا يطالبون بالديمقراطية وان ما حدث لهم زاد الاقتناع بمواصلة الكفاح الى أن تتحقق مطالب المحتجين.

استقالة الحكومة

من جهته اعلن مسؤول كبير في المعارضة الشيعية البحرينية ان بدء حوار سياسي مع السلطة مرتبط باستقالة الحكومة المسؤولة بحسب قوله عن القمع الدموي لحركة الاحتجاج الشعبية.

وقال عبد الجليل خليل ابراهيم رئيس الكتلة البرلمانية لجمعية الوفاق الشيعية المعارضة ان "الحكومة التي لم تستطع حماية شعبها يجب ان تستقيل، ومن ارتكب المجزرة يجب ان يحاسب ويحاكم". واضاف ان "المعارضة لا ترفض الحوار وانما تطالب بالارضية الصالحة للحوار". بحسب فرانس برس.

وكان ولي عهد البحرين الامير سلمان بن حمد آل خليفة قال عبر التلفزيون الرسمي الجمعة ان حوارا وطنيا سيبدأ حالما يعم الهدوء. وتعهد ولي العهد ببحث "اي مشكلات ضمن حوار جماعي في البحرين تشارك فيه جميع الاطراف". وامر ولي عهد البحرين السبت قوات الامن بالانسحاب من مناطق التظاهر في المنامة حيث قتل ستة متظاهرين هذا الاسبوع.

وتابع رئيس كتلة الوفاق البرلمانية "نطالب السلطات بان تعلن الحداد الوطني على ارواح الشهداء"، مضيفا ان تلبية هذه المطالب كلها "خطوات يمكن ان تضمد جراح من سقطوا وتعطي اشارة على جدية الحوار".

ويتوقع ان تقدم المعارضة البحرينية مطالب يوم الاحد لولي عهد البلاد الذي يقود حوارا وطنيا بعد ان انسحبت قوات الجيش واستعاد المحتجون ميدانا اصبح رمزا لقضيتهم.

وتدفق المحتجون المناهضون للحكومة عائدين الى ساحة اللؤلؤة في العاصمة المنامة يوم السبت وجعلوا شرطة مكافحة الشغب تهرب ونصبوا بشكل ينم عن الثقة خياما لاقامة مطولة في الميدان.

وسرعان ما اكتظ دوار اللؤلؤة بعشرات الالاف الذين احتفلوا بانتصار المحتجين واغلبهم من الشيعة والذين خرجوا الى الشوارع يوم الاثنين مستلهمين ثورتين شعبيتين اطاحتا برئيسي مصر وتونس.

وقال مصدر بالمعارضة طلب عدم نشر اسمه لرويترز انه بالاضافة الى سحب قوات الامن فان مطالب المعارضة الرئيسية هي الافراج عن المعتقلين السياسيين واستقالة الحكومة واجراء محادثات بشأن وضع دستور جديد.

وقال المصدر ان "الطرفين الاساسيين هما الشيخ علي سلمان وابراهيم شريف." والشيخ علي هو الامين العام لجمعية الوفاق الشيعية المعارضة في حين يرأس شريف جمعية وعد العلمانية التي لم تفز بأي مقعد في البرلمان.

واشار ولي عهد البحرين يوم السبت الى ان هذه الاضطرابات جاءت نتيجة عدم القيام بعمل ازاء مطالب الشيعة الذين يشكلون غالبية سكان البحرين.

وقال لقناة العربية "نلخص الموضوع بعدم الاهتمام او يعني تهميش لبعض المطالب الاساسية فنحن نريد ان نصلح هذا الوضع نريد ان لا يتكرر هذا الوضع مرة ثانية."

وذكر بيان رسمي نشرته وسائل الاعلام السعودية الرسمية ان السعودية التي تخشى من احتمال امتداد هذه الاضطرابات الى الاقلية الشيعية الموجودة بها دعت البحرينيين الى العمل بحكمة وقبول مقترحات حكومة البحرين الحريصة على حماية الاستقرار والامن.

وتشعر الاغلبية الشيعية التي تشكل 70 في المئة من شعب البحرين بالتحيز ضدها في الدولة التي تحكمها عائلة سنية وحليفة وثيقة للولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية.

ويشعر الشيعة باستبعادهم من صنع القرار ويشكون من معاملة غير عادلة فيما يتعلق بالحصول على الوظائف الحكومية والاسكان.

وقال المصدر ان هناك تكهنات متزايدة بان ولي عهد البحرين سيحل محل رئيس الوزراء الشيخ خليفة بن سلمان ال خليفة بشكل مؤقت.

وقال مراقبون في البحرين ان ولي العهد ظهر بوصفه الرجل القوي الذي استبعد في الوقت الحالي المتشددين في البلاط الملكي ورئيس الوزراء.

تعليق الاضراب العام

الى ذلك اعلن الاتحاد العام لنقابات عمال البحرين انه قرر تعليق الاضراب العام الذي دعا اليه اعتبارا من الاحد بعد ان تمت الاستجابة للمطالب التي اعلنها الاتحاد في دعوته للاضراب وهي انسحاب الجيش من الشوارع والسماح بالتظاهر.

وقال بيان مقتضب اصدره الاتحاد اليوم "في ضوء الأوضاع المستجدة ونظراً لانسحاب الجيش واحترام حق التظاهر السلمي فقد قرر الاتحاد العام لنقابات عمال البحرين تعليق الإضراب العام واستئناف العمل اعتباراً من يوم غد الاثنين 21 شباط/فبراير."

وقال مسؤول بالاتحاد ان "العديد من القطاعات التزمت بالاضراب اليوم بشكل متفاوت" مضيفا "الغالبية من العاملين المنضوين تحت نقابات الاتحاد لم يذهبوا الى اعمالهم بل توجهوا الى دوار اللؤلؤة".

وكانت كل من السعودية والامارات دعتا المعارضين البحرينيين الى الموافقة على الدعوة التي وجهتها السلطات الى الحوار. ونقلت وكالة الانباء السعودية عن مصدر سعودي مسؤول قوله مساء السبت ان "المملكة العربية السعودية تتابع باهتمام تطور الأوضاع في المملكة البحرينية الشقيقة، وفي ذات الوقت تأمل أن يعود الهدوء والاستقرار في ربوعها في ظل قيادتها الحكيمة، وأنها تناشد الأشقاء من الشعب البحريني تحكيم العقل في طرح رؤاهم، وقبول ما طرحته حكومة البحرين". بحسب فرانس برس.

واضاف المصدر ان "تؤكد حكومة المملكة العربية السعودية رفضها المطلق لأي تدخل أجنبي في شؤون دولة البحرين الداخلية من أي جهة كانت. فشعب البحرين الشقيق وحكومته أحرص من الغير على وطنهم واستقراره وأمنه. وان المملكة العربية السعودية تقف بكل إمكاناتها خلف دولة وشعب البحرين الشقيق".

وفي ابوظبي دعا وزير الخارجية الاماراتي الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان "شعب البحرين الشقيق إلى التجاوب مع دعوة" ولي عهد البحرين الى "حوار يطرح فيه أبناء البحرين كل ما لديهم من رؤى واقتراحات" كما افادت وكالة الانباء الاماراتية.

واعتبر ان "هذه الدعوة تجسد حرص الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك مملكة البحرين الشقيقة على الإنفتاح على أبناء شعبه والتفاعل معهم بصورة إيجابية ومباشرة في كل ما يحقق للبحرين دوام التقدم والإزدهار ويحفظ لها أمنها واستقرارها".

والسعودية والامارات هما مع البحرين اعضاء في مجلس التعاون الخليجي الذي يضم كذلك وعمان وقطر والكويت. واكد مجلس التعاون الخليجي تاييده التام للبحرين خلال اجتماع وزراء خارجيته الخميس في المنامة.

مشيمع يندد بالحكومة والمعارضة

من جانبه شن المعارض البحريني، حسن مشيمع، الأمين العام لحركة "حق"، هجوماً لاذعاً على سائر قوى المعارضة التي وقعت على بيان يقدم إشارات إيجابية للحوار مع الحكومة، وقال مشيمع إن الشعب البحريني لن يقبل "الانتهازية"، ومطالبه واضحة بـ"إسقاط النظام"، معلناً نيته العودة بعد أيام للمنامة، متحدياً أمر الاعتقال الصادر بحقه.

وقال مشيمع، في اتصال معCNN بالعربية من العاصمة البريطانية لندن، التي قصدها للعلاج وظل فيها بعد اتهامه بالتورط في نشاطات شبكة وصفتها المنامة بأنها "إرهابية"، وكانت تخطط لهجمات في البلاد، إنه لم يكن في يوم من الأيام ضد الحوار، "ولكن العائلة المالكة لم تستجب"، على حد تعبيره.

وأضاف مشيمع: "النظام أعلن اليوم استعداده للحوار لأن الوضع فرض نفسه على الأرض، بسبب المظاهرات والاحتجاجات الكبيرة، ولكن هذا النظام عودنا على كلمات حوار خالية من المضمون، لأن الهدف منها ليس سوى تهدئة الأوضاع وإعادة الناس إلى بيوتهم وإخلاء الشوارع."

وعن دعوة ولي العهد البحريني، الأمير سلمان بن حمد آل خليفة، للحوار مع المعارضة قال مشميع: "لقد وجه ولي العهد دعوة للحوار، لكنه لم يقم بخطوات جدية في سبيل ذلك، فهناك أكثر من 400 معتقل، وهناك قتلى سقطوا في الشوارع، فما هي بالتالي مباني هذا الحوار؟"

وشكك مشيمع في مدى استجابة القوى المعارضة داخل البحرين للسقف السياسي الذي حدده الشارع، قائلاً: "الشعب شعاره إسقاط النظام، والمضمون قد يكون الملكية الدستورية، وقد يكون بالفعل إنهاء حكم آل خلفية، لأن الناس لا تثق بهذا النظام، ونحن اليوم أمام فرصة ذهبية للتغيير."

وتابع: "لا نريد أن نتعرض للخداع من جديد، الشعب هو الذي أطلق المظاهرات وقدم التضحيات والشهداء ومن المعيب على الجمعيات التفاوض نيابة عن الناس الذين قدموا الدم..نحن لا نريد انتهازية سياسية من المعارضة كما حصل من قبل، ونضالنا الأساسي اليوم هو ضد النظام وضد الجمعيات التي تريد أن تستغل الوضع الحالي."

وكشف مشيمع أنه قرر العودة للبحرين "خلال يومين أو ثلاثة"، متحدياً قرار توقيفه بقضية الشبكة الإرهابية، قائلاً: "سأعود للمنامة، وسنرى ما إذا كان النظام جدي في دعوته للحوار وما إذا كان سيعتقلني أم لا."

وكانت سبع جمعيات بحرينية معارضة، على رأسها جمعية الوفاق، كبرى الحركات الشيعية في البلاد - والتي كان مشيمع أحد رموزها قبل انشقاقه منذ سنوات - وجمعية العمل الوطني، وجمعية العمل الإسلامي، قد أصدرت بياناً الأحد وجهت فيه التحية للمحتجين البحرينيين الذين عادوا إلى ميدان اللؤلؤة، وطالبت الحكومة بالكشف عن مصير المفقودين منذ الخميس الماضي.

وذكرت الجمعيات أن على الحكومة القيام بالمزيد من الإجراءات الإيجابية "التي تعزز الأرضية المناسبة لبدء حوار وطني جاد يثمر إصلاحات جذرية،" ودعت إلى سرعة الإفراج عن جميع المساجين والمعتقلين في القضايا ذات الأبعاد السياسية ووقف الشحن الطائفي في وسائل الإعلام الرسمية، مع تأكيد التشاور مع القوى الشبابية للمحتجين.

ولم تشر الجمعيات إلى المطالب السابقة ذات السقف المرتفع، مثل استقالة الحكومة، علماً أن ذلك كان من شروط الحوار بالنسبة لها.

إلى ذلك، بدأت الجمعيات السنيّة في البحرين برفع الصوت ضد ما يجري على الأرض، وبرز في هذا الإطار موقف النائب الشيخ عادل المعاودة، رئيس جمعية الأصالة الإسلامية، ذات الطابع السلفي، والذي دعا "كل من يحب البحرين إلى تحكيم العقل والتوقف عن أي نشاط من شأنه زيادة الشحن وتوتير الأوضاع."

واعتبر المعاودة أن دعوة ولي العهد للحوار "مست قلوبنا وعقولنا،" واعتبرها "أكبر دليل على صدق القيادة وحرصها وخوفها على البلد"."

وختم المعاودة بالقول: "لنعلم جميعا أن البحرين ليست حكرا على فئة أو طائفة بعينها دون غيرها، ولا يحق لأحد أن يتحدث باسم الشعب أو يرفع شعارات باسمه دون تفويض منه.. أناشدكم يا إخواني أن ترفقوا بهذا البلد الطيب الآمن، وأن تعودوا لطاولة الحوار قبل أن يفوت الأوان وتعضوا على أصابعكم في وقت لا ينفع فيه الندم!"

من جانبه، ثمن عبد اللطيف الشيخ، الأمين العام لجمعية المنبر الوطني الإسلامي (مقربة من الإخوان المسلمين) مبادرة ولي العهد للحوار، وشدد على ضرورة الوحدة الوطنية، وأكد الشيخ أن التجربة البحرينية "في التعايش بين الطائفتين الكريميتن السنية والشيعية تجربة فريدة وهي نموذج للتعايش على مر العصور وينبغي أن تستمر."

وناشد الشيخ جميع الأطراف "الاستجابة السريعة للجلوس على طاولة الحوار والاستماع إلى نداء العقل والمنطق حقناً للدماء ودرأ للفتن التي ستأتي على الأخضر واليابس، مطالباً من يحاولون إشعال الموقف وسكب البنزين على النار بأن يتقوا الله وأن يسعوا للم الشمل والحرص على البلاد من دخول أتون حرب أهلية."

يشار إلى أن القلق من احتمال تطور الصراع في البحرين إلى نزاع مذهبي حاضر في أذهان جميع القوى على الساحة، فقد تضمنت دعوة ولي العهد تحذيراً من الوقوع في "الفتنة،" بينما كانت قوى المعارضة حريصة على الإشارة نفي الطابع المذهبي لتحركها، خاصة بعد المظاهرات الحاشدة التي خرجت تأييداً للعائلة المالكة.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 22/شباط/2011 - 18/ربيع الأول/1432

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م