
شبكة النبأ: في انتفاضة متجددة شدت
البحرين خلال الايام القليلة الماضية احتجاجات ضخمة مطالبة بإصلاح
النظام الطائفي المهيمن على مقاليد السلطة في البلاد، فيما اعتبره
المراقبون ارتدادات لنجاح الثورات الاخيرة في كل من تونس ومصر.
ويطالب المحتجون واغلبيتهم من الاكثرية الشيعية المهمشة في البلاد
الى توفير العدالة الاجتماعية الى جانب استرداد حقوقهم الطبيعية
المتمثلة في التمثيل السياسي والمشاركة في القرار بشكل عادل، بالإضافة
الى وقف مسلسل التجنيس السياسي الذي تتبعه السلطة البحرينية في سعيها
الدؤوب الى تغيير ديمغرافي مشبوه.
ملكية دستورية
فقد اكد الشيخ علي سلمان زعيم جمعية الوفاق التي تمثل التيار الشيعي
الرئيسي في البحرين ان نواب الجمعية لن يعودوا عن قرار تعليق عضويتهم
في مجلس النواب قبل تحول البلاد الى "ملكية دستورية" يكون فيها "حكومة
منتخبة" من قبل الشعب.
واذ نأى بنفسه عن مطالب "اسقاط النظام" ككل، اعلن عن تظاهرة تشارك
فيها جمعية الوفاق السبت المقبل في دوار اللؤلؤة حيث تستمر التظاهرات
المطالبة بالاصلاح في المملكة لليوم الثالث على التوالي، وذلك دعما
لمطالب المعتصمين في الدوار.
قال سلمان في مؤتمر صحافي ان "الوفاق لن تعود عن قرارها تعليق عضوية
نوابها في مجلس النواب الا بتحقيق المطلب الرئيسي وهو التحول الى
الملكية الدستورية".
واضاف ان هذه "الملكية الدستورية يكون فيها الشعب مصدر السلطات
وتكون فيها الحكومة منتخبة من الشعب ويكون للشعب الحق في محاسبتها اذا
فشلت في تحقيق اهدافها وانتخاب حكومة غيرها". بحسب فرانس برس.
واكد سلمان تأييد مطالب المتظاهرين المعتصمين في دوار اللؤلؤة وسط
المنامة والذين يلبون دعوة ناشطين على الانترنت ل"ثورة" في البحرين من
اجل اعتماد اصلاحات سياسية والافراج عن معتقلين شيعة و"وقف التجنيس
السياسي" على حد قولهم.
وقال في هذا السياق ان "سبع جمعيات سياسية تدعم مطالب المعتصمين في
دوار اللؤلؤة". واضاف ان هذه الجمعيات "ستقوم بمسيرة السبت المقبل الى
دوار اللؤلؤة للتعبير عن تضامنها مع المحتجين".
وردا على سؤال عن الوقت الذي يتطلبه هذا الانتقال، اجاب "بالامكان
الاعلان عن الالتزام بهذا وبالامكان تحديد فترة زمنية للتحول وبالامكان
تعيين حكومة انتقالية تأخذ على عاتقها انجاز التغيير الدستوري (تعديل
الدستور) والترتيب لانتخابات عامة حرة ونزيهة".
وقال سلمان الذي تتهم جمعيته بالقرب من ايران، ان البحرين "لا مكان
فيها لولاية الفقيه". واضاف "ان الشعب لا يطالب بدولة دينية بل ان
مطلبه دولة مدنية ديموقراطية على النمط المعروف في العالم: السيادة
فيها للشعب مصدر السلطات جميعها في ظل مملكة دستورية ينتخب فيها الشعب
الحكومة".
وامل سلمان الا "تطول الفترة وان نرى شيئا مماثلا لما طرحه الرئيس
حسني مبارك عندما طلب مهلة ستة اشهر لاجراء تعديل دستوري (...) اعتقد
ان بامكاننا ان نختصر الفترة الزمنية من خلال حوار مباشر وسريع".
الا ان سلمان نأى بنفسه عن مطالب اسقاط النظام التي اطلقها الناشطون
على الانترنت والتي يرددها بعض المحتجين في دوار اللؤلؤة.
وقال سلمان ان المطلب الاساسي الذي "انطلقت به الحركة في 14 شباط/
فبراير سيبقى هو الهدف الاصلي"، في اشارة الى مطلب الاصلاح السياسي.
واضاف ان "شعارات اسقاط النظام انطلقت من بعض الشباب في الدوار بعد
سقوط ضحايا وهذا امر طبيعي".
وعن مبادرة العاهل البحريني حمد بن عيسى ال خليفة الى تشكيل لجنة
تحقيق في مقتل متظاهرين قتلا الاثنين والثلاثاء في تظاهرات مطالبة
بالاصلاح، قال سلمان ان "مبادرة عاهل البلاد ايجابية ومقدر لعاهل
البلاد هذه الاطلالة السريعة".
الا انه اضاف ان المبادرة "خلت من الافق السياسي الذي ينتظره الشعب
عن الاصلاح السياسي (الملكية الدستورية) والتداول السلمي للسلطة".
وردا على سؤال عن موقف دول الخليج والولايات المتحدة المحتمل، فقال
سلمان "البحرين لها ظرفها الخاص وكل دولة خليجية لها ظرفها الخاص".
واضاف ان "الملكية الدستورية في البحرين ستبقى هي الوسيلة الوحيدة في
البحرين لتحقيق الاستقرار في اطار المنظومة الخليجية واحترام جميع دول
العالم".
واوضح "نقدر ونحترم ونعز كل اخوتنا في الدول الخليجية وعلى رأسهم
الجارة الكبرى والشقيقة المملكة العربية السعودية (...) لكن هذه هي
ظروفنا الخاصة لكي نبني علاقة مستقرنا مع حكومتنا وهذا هو الطريق (...)
علينا ان نبني طريقنا الداخلي ونحترم ونعتز بعلاقاتنا العربية والدولية".
وتابع "لماذا لا يقبل من الغرب ان تكون هناك حكومة منتخبة في ظل
ملكية دستورية؟ الاميركيون اقتنعوا ولو متأخرين ان من حق الشعب المصري
ان يعيش حياة حرة فلماذا لا يقبلون ذلك بالنسبة للبحرين؟".
قلق امريكي
من جهته قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الاميركية فيليب كراولي في
بيان ان "الولايات المتحدة قلقة جدا من اعمال العنف الاخيرة التي تعرض
لها المتظاهرون في البحرين"
اعرب العاهل البحريني حمد بن عيسى ال خليفة عن اسفه لسقوط القتيلين
وامر بتشكيل لجنة وزارية للتحقيق في ملابسات مصرعهما.
وعلقت كتلة جمعية الوفاق المعارضة التي تمثل اكبر تيار شيعي في
البحرين الثلاثاء عضويتها في مجلس النواب البحريني بسبب "التعاطي
الوحشي" مع المتظاهرين المطالبين باصلاحات سياسية.
واعرب العاهل البحريني حمد بن عيسى ال خليفة عن اسفه لسقوط القتيلين
وامر بتشكيل لجنة وزارية للتحقيق في ملابسات مصرعهما.
وقال الملك حمد في خطاب تلفزيوني بنبرة هادئة "ليعلم الجميع اننا قد
كلفنا نائب رئيس مجلس الوزراء جواد بن سالم العريض بتشكيل لجنة خاصة
لمعرفة الاسباب التي ادت الى تلك الاحداث المؤسفة حيث ان همنا الاول هو
سلامة الوطن والمواطن".
كما اكد العاهل البحريني انه سوف يطلب "من السلطة التشريعية الموقرة
النظر في هذه الظاهرة واقتراح التشريعات اللازمة لعلاجها بما ينفع
الوطن والمواطن". وشدد الملك في خطابه الذي نقله التلفزيون البحريني
على ان "الاصلاح مستمر ولن يتوقف".
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الاميركية فيليب كراولي في بيان
ان "الولايات المتحدة قلقة جدا من اعمال العنف الاخيرة التي تعرض لها
المتظاهرون في البحرين".
واشاد باعلان الحكومة بانها ستجري تحقيقا حول مقتل المتظاهرين وانها
"ستطلب من السلطات التشريعية النظر في اي استخدام غير مبرر للقوة من
قبل قوات الامن البحرينية".
واضاف "ندعو لتنفيذ ما ورد في التصريحات باسرع وقت ممكن. ندعو ايضا
جميع الاطراف الى ضبط النفس والامتناع عن اللجوء الى العنف".
ومن ناحيته، اعلن وزير الداخلية البحريني الفريق الركن الشيخ راشد
بن عبدالله آل خليفة انه تم التحفظ على المتسببين بحالتي الوفاة
الاثنين والثلاثاء، مؤكدا أن "وزارة الداخلية مستعدة للتعامل مع اللجنة
الخاصة بالتحقيق في الأحداث المؤسفة التي وقعت"، كما نقلت وكالة انباء
البحرين مساء الثلاثاء.
وأعرب وزير الداخلية عن "أسفه لوقوع ضحايا"، متقدما ب"الاعتذار وأحر
التعازي للوطن والمواطنين ولأهالي المتوفيين والمصابين"، مؤكدا حرصه
على "تحلي رجال الأمن بضبط النفس لتفادي هذه الحوادث المؤسفة".
ودعت المفوضة العليا للامم المتحدة لحقوق الانسان نافي بيلاي
السلطات البحرينية "التوقف فورا عن الاستخدام غير الملائم للقوة ضد
متظاهرين مسالمين والى اطلاق سراح الذين اعتقلوا". وقالت بيلاي ان "افراط
السلطات في استخدام القوة" ادى الى سقوط القتيلين.
ونصب المتظاهرون خيما في دوار اللؤلؤة الذي باتوا يطلقون عليه "دوار
الشهيد" او "دوار الحرية" مؤكدين انهم سيحولون تظاهرتهم الى اعتصام
مفتوح.
وقال المتظاهر ماجد طاهر (32 عاما) لوكالة فرانس برس "استفدنا من
تجربة تونس ومصر وسنستمر حتى تنفيذ مطالبنا: دستور عقدي، انهاء التمييز،
ملكية دستورية".
وردد متظاهرون "الشعب يريد اسقاط النظام" كما رفعت لافتة كتب عليها
"هذه فرصتكم الوحيدة والاخيرة لتغيير النظام". ورفع شباب على تمثال "اللؤلؤة"
بوسط الدوار لافتة كتب عليها "سقط النظام".
كما رفعت شعارات اخرى تؤكد الوحدة بين السنة والشيعة رغم الطابع
الشيعي عموما للتظاهرات.
من جانبه قال المتظاهر مهدي يوسف، وهو نجار في الثانية والثلاثين من
العمر، "نطالب بدستور عقدي مع الشعب وتداول سلمي للسلطة ووقف للتمييز
الطائفي والافراج عن المعتقلين".
وتاتي هذه التظاهرات تلبية لدعوة وجهها ناشطون عبر موقع فيسبوك من
اجل قيام "ثورة 14 فبراير في البحرين".
ويطالب الناشطون بالاحتجاج سلميا من اجل الاصلاح السياسي وتعزيز
المشاركة السياسية والافراج عن معتقلين شيعة ووقف "التجنيس السياسي"
على قولهم، الا ان البعض منهم بدأ يطلق مطالب اكثر تشددا منذ سقوط
القتيلين، بما في ذلك الدعوة الى "اسقاط النظام".
وقال النائب الشيعي المعارض محمد المزعل لوكالة فرانس برس ان "الشباب
قرروا ان ينصبوا الخيم لان الاعتصام مستمر الى ان تتحقق مطالبنا" وشدد
على ان "التحركات سلمية". واغلقت الشرطة الطرقات المؤدية الى الدوار
الا انها تسمح للناس بالدخول اليه.
من جهتها، علقت كتلة جمعية الوفاق المعارضة التي تمثل اكبر تيار
شيعي عضويتها في مجلس النواب البحريني في اعقاب هذه الاحداث.
واكدت الجمعية في بيان على موقعها الالكتروني انها "علقت عضويتها في
مجلس النواب احتجاجا على قمع المتظاهرين واستخدام العنف المفرط ضدهم ما
ادى الى سقوط شهيدين".
وذكرت الجمعية ايضا ان قرارها ياتي "استنكارا لسياسة البلطجة
الامنية"، مشددة على تاييدها "خيار الشعب ومطالبه المشروعة باصلاح
سياسي جذري وفي مقدمته الدستور العقدي وتحقيق التداول السلمي للسلطة".
وعزا خليل مرزوق النائب في جمعية الوفاق التي تشغل 18 من اربعين
مقعدا، تعليق العضوية في البرلمان الى "تردي الاوضاع الامنية بالتعاطي
السلبي والوحشي مع المتظاهرين وسقوط شهيدين (باطلاق نار) من مسافة
قريبة كان هناك تعمد للقتل".
وقال المرزوق ان مقتل المتظاهرين حصل "رغم سلمية المتظاهرين وعدالة
المطالب الموجودة منذ 2002 للانتقال الى ملكية دستورية وسلطة تشريعية
كاملة السلطات والتداول السلمي للسلطة لكسر احتكار السلطة والثروة".
وتوقع المرزوق استمرار التحركات الاحتجاجية "السلمية" مشيرا الى ان
جمعية الوفاق تدعم "توجهات المتظاهرين (...) لكن لا تدعو الى التظاهرات
لكي يرى العالم ان شباب البحرين هم من يقومون بالتغيير وان هناك مطالب
من دون تسييس".
واعتبر النائب الشيعي المعارض ان "شعب البحرين لا يقل حماسة وشجاعة
عن الشعوب الاخرى" في اشارة الى الدول العربية التي شهدت حركات شعبية
غيرت النظام او تطالب بتغييره، لا سيما مصر وتونس.
وصباح الثلاثاء، قتل المتظاهر الشاب فاضل المتروك برصاص انشطاري
بينما كانت قوى الامن تفرق متظاهرين تجمعوا امام مستشفى السليمانية
لتشييع القتيل الاول. واكدت وزارة الداخلية مقتل المتروك عبر صفحتها
على موقع تويتر للتدوين.
والقتيل الاول كان الشاب علي مشيمع وسقط خلال تفريق الامن لتظاهرة
في قرية الديه الشيعية شرق المنامة مساء الاثنين. وتحظى صفحة "ثورة 14
فبراير في البحرين" على فيسبوك بتاييد اكثر من 22 الف شخص.
كما تاتي هذه التحركات بعد انتفاضة تونس التي اطاحت بالرئيس زين
العابدين بن علي والتظاهرات التي ادت الى تنحي الرئيس حسني مبارك في
مصر. وقد ادت مواقع التواصل الاجتماعي في البلدين دورا كبيرا في تحريك
الشارع.
وشهدت البحرين اخيرا توترا طائفيا مع اعتقال ومحاكمة ناشطين شيعة
بتهمة السعي الى تغيير النظام بوسائل غير مشروعة.
وشاركت في المظاهرات نساء يرتدين عباءات سوداء ويرددن شعارات تطالب
بالمحافظة على السلام ووحدة البحرين.
وفي وسط المنامة قضى زهاء ألفي شخص ليلتهم في خيام نصبت في الميدان
الرئيسي (دوار اللؤلؤ)، وهو نفس عدد الذين شاركوا في التظاهرات في
اليوم السابق. وحافظت قوات الأمن على مسافة بينها وبين المحتجين.
ويطالب المحتجون بالإفراج عن المعتقلين السياسيين، وهو ما وعدت
الحكومة بتنظيمه، وكذلك يطالبون بدستور جديد.
ومن العوامل التي زادت في التذمر الشعبي للأغلبية الشيعية في البلاد
نسبة البطالة العالية في البلاد والفقر وخطوات تتخذها الحكومة لمنح
الجنسية لعرب سنة من خارج البلاد بهدف التأثير على التوازن الديمغرافي.
وقال الملك إنه تم تكليف جواد بن سالم العريض نائب رئيس مجلس
الوزراء بتشكيل لجنة خاصة لمعرفة الأسباب التي إدت إلى تلك الأحداث
المؤسفة .وأضاف همنا الأول سلامة الوطن والمواطن ولكي يأخذ كل ذي حق
حقه .
كما أوضح الملك حمد ان اللجنة ستبحث في أسباب هذه الظاهرة وتقدم
اقتراحات بما ينفع الوطن والمواطن .
وأشار إلى الدستور يكفل حرية التعبير عن الرأي وتنظيم المسيرات
السلمية مؤكدا أن القانون ينظم ذلك.
وقال أيضا إن الإصلاح الذي بدأ قبل نحو عشر سنوات مستمر موضحا أن
مسيرة الإصلاح في بلاده فتحت جميع الأبواب للحرية والمسؤولية .
وبدوره ابدى وزير الداخلية البحريني الفريق الركن الشيخ خالد بن عبد
الله آل خليفة اسفه لمقتل المتظاهرين وقدم الاعتذار وأحر التعازي للوطن
والمواطنين ولأهالي المتوفيين والمصابين ، واوضح انه تم التحفظ على من
اسماهم بالمتسببين في الحادث.
ودعا الاجهزة الامنية لضبط النفس في تعاملها مع المحتجين لتجنب مثل
هذه الحوادث، مؤكدا استعداد وزارته للتعامل مع اللجنة الخاصة بالتحقيق
في الاحداث المؤسفة .
ودعت المفوضة العليا للامم المتحدة لحقوق الانسان نافي بيلاي
السلطات البحرينية الى التوقف فورا عن الاستخدام غير الملائم للقوة ضد
متظاهرين مسالمين والى اطلاق سراح الذين اعتقلوا . والقت باللائمة في
سقوط القتيلين على ما وصفته بـ افراط السلطات في استخدام القوة .
وجاء خطاب الملك بعد أن جمدت كتلة الوفاق المعارضة في البحرين
مشاركتها في البرلمان نتيجة المواجهات بين المتظاهرين وقوات الأمن التي
استخدمت الرصاص المطاطي والغاز المسيل للدموع.
المعارضة الشيعية
وشهدت البحرين توترات طائفية مؤخرا مع واعتقال ومحاكمة ناشطين شيعة
بتهمة السعي الى تغيير النظام بوسائل غير مشروعة.
وكانت منظمة العفو الدولية اعلنت ان نحو 250 معتقلا شيعيا اوقفوا
عشية الانتخابات التشريعية في 23 تشرين الاول/اكتوبر في البحرين.
وغالبا ما تطالب المعارضة الشيعية بالا تكون السلطة في البحرين "حكرا"
على الاسرة الحاكمة، وهي تتطلع الى وصول رئيس وزراء من خارج الاسرة
لكنها تؤكد تمسكها بالملكية الدستورية وبالملك.
وقالت مصادر حقوقية في البحرين، بان الشرطة لم تعتقل أي من
المتظاهرين، حسب تقارير نشطاء حقوق الإنسان في البلاد، ولكن قمعتهم
بعنف بغاز مسيل للدموع والرصاص المطاطي.
من جانبه، قال الحقوقي عبد النبي العكري لموقع CNN بالعربية، إنه
غير متأكد من أن الشرطة استخدمت الرصاص الحي أثناء تفريق المتظاهرين.
وأضاف العكري، أن الجمعية البحرينية لحقوق الإنسان تعمل على رصد
ومتابعة القضايا الحقوقية في المنامة، بما فيها ما تم الاثنين.
وقال فيصل فولاذ عضو المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان الحكومية لـCNN
بالعربية، إن "المؤسسة كانت تنظر إلى الوضع بقلق وهي تؤمن بحرية
التعبير والتجمهر، ولكن في نفس الوقت تقلق بعدم منح تراخيص خاصة
للتظاهرة، لاسيما وان الأوضاع في المنطقة مقلقة."
كما قال إن "المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان البحرينية تدعو جميع
الأطراف في الداخل والخارج إلى طاولة حوار وطن، لنتشاور في الموضوع."
بينما نشرت وكالة الأنباء الرسمية البحرينية أن "مسيرة غير مرخص لها
تضم حوالي 100 شخص هاجمت الشرطة بمنطقة كرزكان بالمحافظة الشمالية ليلة
(الأحد الماضي) وأصيب على أثرها 3 من رجال الأمن. وأكدت أن رجالها
أطلقوا رصاصا مطاطيا، الأولى كانت تحذيرية، وأخرى ارتدت من الأرض
وأصابت أحد المتجمهرين."
واستطاع ملك البحرين، حمد بن عيسى آل خليفة، تحييد العديد من الشباب
بعدم الخروج إلى الشارع في "يوم الغضب البحريني" الذي دعا إليه البعض
عبر وسائل المواقع الاجتماعية، مثل "فيسبوك" و"تويتر،" وإصدار بعض
البيانات من الخارج، بإجراء عدد من الإصلاحات المحلية السريعة، حيث قام
بالإفراج عن عدد من المعتقلين، ورفع المنع عن الجمعية البحرينية لحقوق
الإنسان، وحل مشكلة خلاف وزارة العدل مع جمعية المحامين.
كما قام بتقديم عدد من "المكرمات" والخدمات، منها إسكانية وأخرى
نقدية، تمثلت في منح ألف دينار لكل عائلة بحرينية، وإلغاء نية الحكومة
رفع الدعم عن السلع الأساسية، بل تعهد في عدد من لقاءاته بمناقشة أي
موضوع يكون محل إجماع بين المواطنين.
إلا أن ما قدمته السلطة عبر تلبية الملك لبعض الطلبات، وما ينادي
بتحقيقه بعض الجمعيات ذات الهويتين المذهبية والسياسية، لا تزال مدار
خلاف على الساحة البحرينية، الأمر الذي قد يؤدي إلى مواصلة الدعوة
للتظاهر غير المرخص، وبالتالي حدوث توتر بين المتظاهرين والأجهزة
الأمنية.
فقد أكدت جمعية المنبر الوطني الإسلامي، القريبة من الإخوان
المسلمين في البحرين، ضرورة التمسك بالوحدة الوطنية والمحافظة على
استقرار المملكة، وإبعادها عن أي تأزم قد يعيق مسيرة التنمية والإصلاح،
التي تحتم دروس التاريخ ضرورة التدرج فيها وتجنب حرق مراحلها.
ورفضت الجمعية أية ''دعوات شاذة عن الروح الوطنية المسؤولة قد تدعو
لتعكير صفو الأمن،'، داعية أبناء الوطن إلى استخدام السبل والوسائل
الدستورية السلمية من أجل الإصلاح والتغيير.
أما جمعية الأصالة السلفية فقد أكدت أهمية التدخل السريع من قبل
العاهل البحريني، "لحل هذا الملف وغيره من الملفات الخاصة بزيادة
الرواتب وتحسين أوضاع المتقاعدين وتحسين الأحوال المعيشية، وأن يتم
علاج باقي الملفات السياسية من خلال القنوات الشرعية المتاحة، بعيداً
عن إثارة الفتن وحرف المسار الوطني عن وجهته النبيلة." بحسب فرانس برس.
من جانبها، أكدت جمعية المنبر الديمقراطي التقدمي اليسارية، على
أهمية تحقيق شروط الملكية الدستورية التي نص عليها ميثاق العمل الوطني،
عبر فصل السلطات، بإجراء الإصلاحات الدستورية التي تمنح المجلس المنتخب
صلاحياته الكاملة كسلطة تشريعية، مع ما يقتضيه ذلك من أن يجري اختيار
الحكومة بما يتوافق والإرادة الشعبية، وأن تكون هذه الحكومة خاضعة
للمساءلة البرلمانية والشعبية عن كامل سياساتها.
إلى جانب توسيع نطاق الحريات العامة، وخاصة حرية التنظيم الحزبي،
وحرية الاحتجاجات والتجمعات السلمية، وسن التشريعات الضامنة لحرية
الصحافة، وضمان استقلال القضاء وتعزيز سلطته الكاملة إزاء السلطة
التنفيذية.
كما طالبت الجمعية بتعديل النظام الانتخابي المعمول به حالياً بنظام
"جديد ديمقراطي" متوافق عليه، ينهي المحاصة الطائفية في توزيع الدوائر،
ويمّكن جميع القوى السياسية ذات التأثير في المجتمع من أن تجد لها
تمثيلاً في المجالس المنتخبة، بما يتناسب وثقلها في المجتمع، بما يعكس
التعددية السياسية والاجتماعية للمجتمع البحريني.
فيما دعمت جمعية العمل الوطني الديمقراطي "وعد" إلى المضي
بالتظاهرات السلمية الاثنين. بينما، لم تحدد جمعية " الوفاق "، اكبر
جمعية سياسية في البحرين عن موقفها من هذه التظاهرة.
وتتزامن تلك التظاهرات مع اصدار سبع جمعيات سياسية معارضة بيانا
أشارت فيه إلى " إن مسؤوليتنا السياسية تقتضي أن نطالب بتسريع عجلة
الإصلاحات في الميادين كافة، والتعجيل في الانتقال إلى الملكية
الدستورية وهو النظام الديمقراطي الذي أقره الشعب في استفتاء الميثاق
وارتضاه ولا يزال نظاما للحكم والذي يؤكد ما نصت عليه المادة الأولى في
الدستور بأن الشعب مصدر السلطات جميعا بحيث يمكن للشعب اختيار حكومته "
وطالبت بالإصلاح الشامل " حان وقت الإصلاح الشامل. حان وقت بناء الوطن
على أسس الحرية والديمقراطية والعدالة ودولة القانون والمؤسسات التي لا
تميّز بين كبير وصغير.
وأشار البيان إلى إن البحرين " سجلت الأعوام الماضية تراجعات كبيرة
في أغلب الميادين أخلّت بما وعد به الحكم عام 2001، فعاد جهاز أمن
الدولة إلى نشاطه القمعي السابق وانبعث التعذيب من جديد وتم اعتقال عدد
من الناشطين السياسيين والأطفال، وانتهكت الحريات العامة وتراجعت
مؤشرات الحرية بإغلاق الجمعيات أو تجميد مجالس إدارتها لأسباب سياسية
ومنع النشرات الحزبية وحجب المواقع الالكترونية، وتم العبث بالنسيج
الوطني من خلال أعمال التنجيس السياسي الواسعة، واستمرت سياسة التمييز
وهي السياسة التي تقوض الوحدة الوطنية وتقصي الكفاءات وتحطم أحلام
الشباب، وتمكن كبار الفاسدين من اللعب بثروات البلاد خاصة في قطاع
الأراضي والإفلات من المحاسبة والعقوبة."
اغلاق مواقع الكترونية
في سياق متصل اعلن رئيس هيئة شؤون الاعلام البحريني الشيخ فواز بن
محمد ال خليفة ان اغلاق المواقع الالكترونية المعارضة "بحاجة لاعادة
نظر"، كما افادت صحف بحيرينية الاحد عشية تظاهرات يمكن ان تشهدها
المملكة تلبية لدعوات عبر شبكات التواصل الاجتماعي.
وذكر الشيخ فواز انه تم تشكيل لجان تضم ممثلين عن السلطات الاعلامية
ورؤساء تحرير الصحف المحلية وممثلين عن جمعية الصحافيين البحرينية لبحث
وضع لوائح تنفيذية ومناقشة تطوير الاعلام البحريني.
وقال الشيخ فواز في تصريحاته التي نقلتها الصحف بعد اجتماعه السبت
مع رؤساء تحرير الصحف البحرينية ان "هيئة شؤون الاعلام تسعى الى شراكة
حقيقية مع مختلف وسائل الاعلام البحرينية وايجاد مزيد من التواصل
وتبادل الرأي والمشورة في كل ما من شأنه تعزيز حرية الاعلام البحريني".
وكان المسؤول البحريني يشير الى المواقع الالكترونية التي قامت
وزارة الاعلام باغلاقها منذ نحو عام وهي في الغالب منتديات ومدونات على
شبكة الانترنت تنشر وجهات نظر معارضة للحكومة. بحسب فرانس برس.
كما اقدمت الحكومة على اغلاق مواقع اربع جمعيات سياسية معارضة هي
الوفاق الوطني الاسلامية (التيار الشيعي الرئيسي) وجمعية العمل الوطني
الديموقراطي (وعد - يسار قومي) والمنبر التقدمي الديموقراطي (يسار)
وجمعية العمل الاسلامي (شيعية) قبيل الانتخابات التشريعية والبلدية
التي اجريت في تشرين الاول/اكتوبر الماضي، قبل ان تقوم باعادة فتحها
بعد الانتخابات. وغالبا ما تتخذ الحكومة هذا الاجراء مع المواقع
الالكترونية في حال نشرها انتقادات للحكومة.
وقال الشيخ فواز ان "مشروع تطوير الاعلام البحريني يتضمن افكارا
ورؤى ومقترحات بان تحظى الصحف والمؤسسات وقطاع السينما باستقلالية في
الجانب الاداري والتنظيمي" و"امكانية اعادة تنظيم الرقابة على الانترنت
ووضع اليات تتماشى مع الانفتاح والمشروع الاصلاحي" و"تشجيع القطاع
الخاص على الاستثمار في المجالات الاعلامية" الى جانب "اصدار قانون
مستنير للصحافة وتحديث التشريعات بما يتناسب مع ما يشهده الاعلام من
تطورات متسارعة"، بحسب تعبيره. |