محنة تردي التعليم في السعودية

شبكة النبأ: رغم أن الشاب عبد الرحمن سعيد مواطن في واحدة من أغنى دول العالم فان آفاق المستقبل لا تبدو مشرقة في عينيه وهو يعزو السبب في ذلك الى نظام التعليم بالمملكة العربية السعودية.. ولا يبدو أن هذا الوضع سيتغير قريبا.

يقول سعيد البالغ من العمر 16 عاما والذي يتلقى تعليمه في مدرسة حكومية للذكور فقط بمدينة جدة "لا يوجد كفاية في المناهج...التدريس نظري ولا يوجد فيه عملي أو توجيه للعمل."

يريد سعيد أن يدرس الفيزياء لكنه يخشى ألا توفر له مدرسته الثانوية التعليم الكافي الذي يتيح له خوض غمار هذا المجال.

وهو يقول ان المناهج عفا عليها الزمن وان المعلمين يكررون ما هو مدون في الكتب المدرسية وحسب دون أي تطبيق عملي أو فتح لباب النقاش. حتى وان قدم المعلمون ما هو أكثر من مجرد الاساسيات لا يتمكن سعيد في فصل به 32 طالبا من التركيز بالقدر الكافي.

وفي حين أن الاطفال في أوروبا وآسيا يبدأون عادة تعلم لغة أجنبية وهم في الخامسة أو السادسة من العمر يبدأ تلاميذ السعودية تعلم الانجليزية في سن الثانية عشرة. بحسب رويترز.

ويقضي الطلاب معظم الوقت في دراسة علوم الدين وأداء تدريبات تتكدس بها التوجيهات الاخلاقية. ومن بين الواجبات المقررة على طلاب الصف الثامن "ناقش مشكلة السهر.. أسبابها وآثارها وسبل علاجها."

وفي ظل ارتفاع معدلات البطالة علم سعيد نفسه بنفسه أمورا مثل كيفية استخدام الانترنت وعمل مشروعات بحثية حددها لنفسه لسد أوجه القصور فيما يتلقاه في المدرسة. ويشكو قائلا "المواد الموجودة لا تكفي أن توصلك للمجال أو التخصص المطلوب في العمل... أنا أتوقع أن لا أحصل على مجال وظيفي."

وبالمملكة السعودية أكثر من خمس احتياطيات النفط العالمية ومع ارتفاع أسعار النفط زادت قيمة أصولها بالعملة الاجنبية لثلاثة أمثالها تقريبا الى أكثر من 400 مليار دولار منذ عام 2005 .

ورغم أن العلماء والمفكرين بالمنطقة كان لهم تأثير قوي على تطور العلم في الغرب خلال العصور الوسطى يكاد نظام التعليم الحكومي بالمملكة من رياض الاطفال وحتى المرحلة الجامعية يكون بمعزل عن العصر الحديث.

ومع التركيز على الدراسات الدينية ودراسات اللغة العربية كافح النظام التعليمي طويلا من أجل تخريج العلماء والمهندسين والاقتصاديين والمحامين الذين تحتاج اليهم المملكة.

وتحوي عادة كتب المرحلة الثانوية في مجالات الادب والتاريخ وحتى العلوم آيات من القرآن الكريم. ويشكو أصحاب العمل من أن خريجي الجامعات يجهلون عادة التعامل مع أجهزة الكمبيوتر ولا يجيدون الانجليزية. وبلغ الاحباط ببعض الطلبة حد الخروج للاحتجاج بالشوارع.

تقول دينا فيصل وهي أم لتلميذ يبلغ من العمر 15 عاما وتقيم في جدة "التعليم عندنا لا يقارن بالخارج. الان عندنا نقص بالعلوم والفيزياء والاحياء. هذه الاشياء التي تجعل البلدان تترقى. هناك قدر من التغيير لكن الطريق مازال طويلا."

وقبل ست سنوات ومع تزايد عدد الشبان العاطلين عن العمل أطلق الملك عبد الله بن عبد العزيز مبادرة لتطوير نظام التعليم في المدارس الحكومية والجامعات. كان هذا في إطار مجموعة اصلاحات تهدف للحد من تأثير رجال الدين وبناء دولة حديثة وتنويع موارد الاقتصاد لتوفير مزيد من فرص العمل.

لكن الاصلاحات أثارت جدلا لاسيما في مجال التعليم. فاضافة المزيد من حصص المواد العلمية يعني تقليص حصص الدين وهو ما يمثل تحديا مباشرا لرجال الدين الوهابيين الذين ساعدوا في تأسيس المملكة عام 1932 ويهيمنون على شرائح واسعة من المجتمع.

تقول جين كنينمونت بوحدة المعلومات الاقتصادية "يصعب إصلاح نظام التعليم السعودي بشكل خاص لانه عادة أحد المجالات الرئيسية التي يهيمن عليها رجال الدين." وتضيف "ابراز سيطرة التكنوقراط على التعليم قد يثير صراعا على السلطة مع رجال الدين المحافظين."

وأبدى كثير من السعوديين الراغبين في الاصلاح تفاؤلا عندما أعلن الملك عبد الله عن الاصلاحات أول مرة. لكن خطى الاصلاح تباطأت منذ ذلك الحين.

وخلال الاشهر القليلة الماضية ضعفت فرصة أن يؤثر حكام المملكة على رجال الدين. فالملك عبد الله الذي يبلغ من العمر نحو 87 عاما يتعافى بالمغرب بعد علاج دام شهرين بالولايات المتحدة. وولي العهد الامير سلطان بن عبد العزيز الذي لا يصغره الا ببضع سنوات أمضى معظم وقته خلال العامين الماضيين بالمغرب والولايات المتحدة للعلاج من مرض لم يكشف عنه.

ويعتقد كثير من المراقبين السعوديين أن الامير نايف بن عبد العزيز - وزير الداخلية المخضرم الذي تربطه صلات وثيقة برجال الدين ولا يبدي حماسة لفكرة الاصلاحات- أمامه فرصة جيدة لتولي زمام الامور بعد توليه منصب النائب الثاني لرئيس الوزراء عام 2009 .

"اصلاح.." هكذا يتساءل سايمون هندرسون الذي يقيم في واشنطن وله عدة كتابات عن خلافة الحكم بالسعودية. ويضيف "انه يحتضر... منذ أصبح نايف نائبا ثانيا لرئيس الوزراء. عبد الله أيضا فقد الحماسة له."

أطلق الملك عبد الله مبادرة التطوير التي تبلغ تكلفتها 2.4 مليار دولار عام 2005 واعدا بتعديل مناهج التعليم والتركيز على العلوم وتدريب نصف مليون معلم.

وقال الملك مرارا ان توفير تعليم أفضل لجيل الشباب يمثل محور خطته لبناء دولة حديثة ومكافحة التطرف الديني. وقال لدى افتتاح أول جامعة مختلطة بالمملكة عام 2009 -وهي مجمع ذو تقنية عالية بني قرب جدة بتكلفة تقدر بنحو عشرة مليارات دولار- ان المتطرفين الذين ينطق لسانهم بالكراهية ويخشون الحوار ويسعون للدمار يستهدفون الانسانية دائما. وأضاف أنه لن يمكن التصدي للمتطرفين ما لم يتعلم الجميع كيفية التعايش دون نزاعات. وقال انه ما من شك في أن المراكز العلمية التي تحتضن الجميع هي خط الدفاع الاول ضد المتطرفين.

وتقول وزارة التعليم العالي ان عدد الجامعات الحكومية والخاصة المفتوحة أمام قرابة 300 ألف يتخرجون سنويا من المرحلة الثانوية زاد منذ ذلك الحين الى 32 جامعة من ثماني جامعات قبل عام 2005 . وتقام جامعة ضخمة للفتيات قرب مطار الرياض.

والى أن توطد الجامعات الجديدة مكانتها قدمت الحكومة منحا الى 109 الاف طالب للدراسة في جامعات مرموقة معظمها في الولايات المتحدة وأوروبا والشرق الاوسط.

ويطرأ تغير على المدارس أيضا. وتقول الحكومة ان كل مدارس التعليم الاساسي والثانوي ستحصل في غضون عامين على كتب جديدة للرياضيات والعلوم تتبع المعايير الامريكية. ويتلقى الاف المعلمين تدريبا اضافيا. وسيظل التركيز في مناهج التعليم الاساسي على اللغة العربية والدين لكن ستزداد حصص العلوم والرياضيات بالتعليم الثانوي.

وقال نايف الرومي نائب الوزير المكلف بتطوير التعليم وهو يعرض رسوما توضيحية في مكتبه لتغيير المناهج متجاهلا رنين تليفونه المحمول وهواتف مكتبه المستمرة "لا نقول انه لا توجد لدينا مشاكل لكن الامور تتحسن. هناك تغيير." وتابع "التعليم ليس مصنعا. ستمر ثلاث سنوات على الاقل قبل أن نحصل على نتائج."

رغم هذا يكاد التقدم لا يكون ملحوظا حتى الان. فقد وضعت دراسة أجراها مركز (توجهات الدراسات العالمية للرياضيات والعلوم) الذي يحظى باحترام واسع الطلاب السعوديين في المرتبة الثالثة من مؤخرة قائمة عن تعليم الرياضيات لطلبة المرحلة الدراسية الثامنة بعد الاراضي الفلسطينية وسوريا وجورجيا وتايلاند.

وفي العلوم جاءت المملكة في المرتبة الخامسة من ذيل القائمة. كما حلت السعودية في المرتبة الثالثة والتسعين في مؤشر منظمة الامم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) لتقييم جودة التعليم لعام 2008 . ويقول محللون انه لم يطرأ تحسن ملحوظ في مستويات التعليم بالمملكة خلال السنوات الاربع الماضية.

يقول مستشار عمل بوزارة التعليم وطلب عدم نشر اسمه نظرا للخطورة التي ينطوي عليها تحدي وجهة النظر الرسمية "أعتقد أن عشر سنوات خيار واقعي لرؤية تغير حقيقي اذا ما طبقت كل الخطط الموضوعة."

وجاء في دراسة أجرتها مؤسسة بوز اند كومباني عام 2008 ان تقدما طرأ بالسعودية ودول خليجية أخرى واتفقت مع الرأي القائل بأنه يمكن جني الثمار خلال عقد وان كان "ادراك الاثر الاقتصادي الكامل" قد يستغرق نحو 30 عاما.

وحتى بحلول ذلك الحين لن يكون تعديل النظام قد سرى بالكامل. بدأت الحكومة حذف عبارات تحض على قتل "المشركين".

تقول دينا ان الكتب المدرسية كانت تحتوي في الماضي على كثير من العبارات التي تدعو لقتل المشركين أما الان فهي تشير الى ضرورة عدم استخدام العنف في التعامل معهم.

ويقول المستشار ان تغيير ذلك يتطلب "تغييرا في الفكر... الامر ليس مجرد طرح كتب مدرسية جديدة."

لكن دبلوماسيين وخبراء في مجال التعليم يقولون ان رجال الدين والمحافظين يهيمنون على وزارة التربية والتعليم. وأحيانا ما يرجيء مسؤولون محافظون في مواقع متوسطة تنفيذ توجيهات عليا أو يتجاهلونها. ولا يبدو أن تغييرا كبيرا طرأ على الكتب المدرسية وأساليب التدريس.

وقالت كنينمونت من وحدة المعلومات الاقتصادية "لا يمكننا أن نقول حقا أن هناك أي برنامج اصلاح تعليمي شامل جار تنفيذه."

وينبع السعي لاصلاح التعليم من الخوف من تحول الملايين من الشبان العاطلين الى التطرف. وتقل سن 70 في المئة من سكان البلاد البالغ عددهم نحو 19 مليون نسمة عن الثلاثين.

وكان 15 من بين 19 شخصا شنوا هجمات 11 سبتمبر أيلول على الولايات المتحدة سعوديين كما أن حملة تفجيرات نفذها تنظيم القاعدة داخل المملكة في الفترة من عام 2003 الى 2006 لم تنته الا بعد حملة حكومية كبيرة. واعتقل في العام الماضي 172 سعوديا على صلة بالقاعدة مما يبرهن على أن الجماعات الاسلامية لاتزال تنشط في تجنيد أعضاء بالمملكة.

والاداء الاقتصادي لا بأس به وأعلنت السعودية في الفترة الاخيرة عن ثالث أضخم ميزانية على التوالي. والمشكلة هي أن الشركات تفضل عادة تشغيل الاجانب على السعوديين لاسباب ترجع في معظمها لضعف حصيلتهم التعليمية.

وزاد عدد الاجانب العاملين بالمملكة بنسبة 37 في المئة ليصل الى 8.4 مليون خلال السنوات الست الماضية. ويقول جون سفاكياناكيس كبير الاقتصاديين بالبنك السعودي الفرنسي ان الاجانب يشغلون حاليا تسعا من كل عشر وظائف بالقطاع الخاص.

وقال وزير العمل عادل فقيه في 25 يناير كانون الثاني الماضي ان الحكومة تأمل في توفير خمسة ملايين فرصة عمل للسعوديين بحلول عام 2030 لكن الاقتصاديين يرون أن ذلك أمر غير مرجح. وازدادت البطالة بين السعوديين. وتشير الارقام الرسمية الى أن المعدل بلغ عشرة في المئة عام 2010 أما المعدل بين الاناث فقد يفوق ذلك ثلاث مرات.

وفرضت الدولة حصة ينبغي ألا تقل عنها نسبة السعوديين العاملين بشركات خاصة. لكن مصرفيا بالرياض يقول ان الشركات باتت تتمتع بخبرة في الالتفاف حول القوانين من خلال تشغيل عدد كبير من السعوديين في وظائف متدنية أو تفكيك الشركات الى كيانات أصغر "فقط كي تكون الحصص أقل."

في الماضي كان كثير من السعوديين يجدون عملا لدى الحكومة. لكن المملكة بها واحد من أعلى معلات النمو السكاني بالمنطقة لذا لم يعد المواطنون يحصلون على فرص العمل هذه.

وفي تحول صارخ عما كان عليه الحال قبل نحو 30 عاما بات السعوديون يعملون سائقين لسيارات أجرة أو محصلين في المتاجر الكبرى أو حراس أمن.. وكلها أعمال ذات أجور متدنية تصل الى 1500 ريال (400 دولار) في الشهر. وقال دبلوماسي غربي لدى عودته للعمل مرة ثانية في المملكة "اندهشت لرؤية سعوديين يعملون في المتاجر. كان هذا مستحيلا قبل عشر سنوات."

ويرى نائل فايز رئيس انجاز وهي هيئة غير حكومية تساعد في تأهيل الطلاب لدخول سوق العمل أن التعليم هو المشكلة الاساسية. ويقول "هناك فجوة اخذة في الاتساع بين متطلبات القطاع الخاص وما تنتجه المدارس الحكومية... ونحن بحاجة لسد الفجوة."

ويجري سد هذه الفجوة جزئيا من خلال برنامج لتعليم النوابغ في جامعات بالخارج. ويأمل المسؤولون المؤيدون للملك أن يعود أولئك الطلاب بأفكار جديدة ورغبة في التغيير. والمشكلة هي أن كثيرين يفضلون العيش في الخارج.

يقول أسامة زيد وهو سعودي يبلغ من العمر 23 عاما ويدرس في مدينة بوسطن الامريكية " تتوافر أشياء أكثر.. الذهاب للملاهي وارتياد دور السينما ومشاهدة عروض المسرح أو الذهاب للمطاعم برفقة أصدقائك أو صديقتك."

أما في السعودية فيقضي الشاب وقت فراغه في مشاهدة التلفزيون أو الذهاب الى مركز تجاري حيث يحرص رجال الامر بالمعروف والنهي عن المنكر على ألا يجتمع الرجال بنساء غريبات في المطاعم أو المقاهي.

وقال سعودي اخر يدرس بنفس الجامعة بعد أن تخرج من مدرسة ثانوية في بوسطن "الناس هنا أكثر ودا وهناك تقبل اجتماعي للاخر وانفتاح أكبر. في السعودية ليس هناك أوجه للترفيه.. والانسان بحاجة للترفيه."

ولا تتوافر بيانات تبين عدد الطلاب السعوديين الذين يعتزمون البقاء بالخارج لكن مصرفيين في الرياض يقولون ان بعضا من أمهر الدارسين بالولايات المتحدة ينتهي بهم المطاف عادة بالعمل في وول ستريت وليس العودة لارض الوطن.

وقال دبلوماسي بالرياض "مسألة ادارة التوقعات مسألة كبيرة. الشبان الذين نشأوا وكبروا مع الانترنت لن يرضيهم البقاء بالمنزل حتى لو ضمنت الحكومة لهم دخلا أساسيا... انهم يريدون عمل شيء."

ويعلق المسؤولون السعوديون امالهم أيضا على المدارس الخاصة والكليات التي ظهرت بالمدن الكبرى خلال السنوات الخمس الماضية ومنها معهد فني جديد في منطقة سكنية بشرق الرياض. من الخارج يبدو المعهد كاحدى الجامعات الحكومية بجدرانها العالية التي تحجب المباني المتراصة حول مسجد كبير.

أما في الداخل فالاختلافات صارخة.. وضعت وكالة المساعدات الحكومية الالمانية (جي.تي.زد) التي تقدم لها الحكومة السعودية أموالا مقابل المشروع أجهزة كمبيوتر شخصية بالمبنى وامكانات للعرض على نظام باور بوينت. ويهدف الخمسة وأربعون معلما الذين يعملون بالمعهد لتخريج مدرسين سعوديين مؤهلين يمكنهم نقل ما تعلموه لاكثر من 100 معهد فني بالمملكة.

طلاب المعهد تخرجوا بالفعل من مدارس فنية حكومية لكنهم يشعرون أنهم دخلوا عالما جديدا. ويقول محمد المنصور الذي جاء من نجران قرب حدود اليمن للدراسة بالمعهد "كل شيء هنا مختلف تماما وأفضل بالمقارنة بالمعهد السابق.. سبل التعامل مع الاشياء والمواد."

طلبات الالتحاق كثيرة. فمن بين ألفي طلب قبل المعهد 450 طالبا حتى الان لكنه يعتزم التوسع ليضم 2000 طالب بحلول عام 2012 .

وقال أحمد حمداشي وهو طالب من الرياض يبلغ من العمر 24 عاما "هذا ممتاز.. أفضل بكثير مما كنت أتوقع." وكان يتحدث بينما كان زملاؤه يقيسون شدة التيار الكهربي على أجهزة كمبيوتر على مكاتبهم.

ربما كانت أكبر مفاجأة بالنسبة للطلبة هو أن يجدوا معلما لا يقرأ وحسب من كتاب. يقول المعلم برنارد هومان "فلنفعل هذا مرة أخرى" مصرا على أن يقيس كل طالب التيار قياسا دقيقا. ويقول ريموند سوبتزكو نائب عميد المعهد "نريدهم أن يفعلوا الاشياء بأنفسهم."

يتمنى نايف التميمي لو أنه تعلم بمثل ذلك المعهد. فقد تخرج مثله مثل الاف السعوديين من الجامعة ليعمل مدرسا للغة العربية لكنه يكافح منذ أعوام للحصول على وظيفة يتقاضى من خلالها أجرا كريما. وهو يكسب حوالي 2000 ريال شهريا من عمله بمدارس خاصة وهو مبلغ يقل كثيرا عن الثمانية الاف ريال التي كان سيتقاضاها من العمل في مدرسة حكومية. ويقول "في المدارس الخاصة أتنافس مع أجانب.. مصريون وأردنيون وفلسطينيون. هذا صعب."

وهذا العام انضم لنحو 250 خريجا في تنظيم سلسلة من الاحتجاجات أمام وزارة التربية والتعليم بالرياض في خطوة جريئة ببلد لا يتهاون مع المعارضة العلنية.

ورغم أن الشرطة سرعان ما تظهر كلما تجمع المحتجون قال التميمي ان الاحتجاجات ستستمر الى أن يحصلوا جميعا على الوظائف الحكومية التي يتوقون لشغلها. وربما تقرر الحكومة في نهاية الامر تشغيل المحتجين لمجرد انهاء المظاهرات التي بدأت أخبارها تتصدر عناوين الصحف العالمية.

لكن منتقدي الاصلاح بمن فيهم معارضون سياسيون يقولون ان المشاكل ستظل قائمة الى أن تتيح الاسرة الحاكمة مزيدا من الحريات وتسمح باستقلالية التفكير وهو أمر سيتوقف على الملك القادم.

والسعودية ليس بها برلمان منتخب لكن الملك عبد الله دفع المجتمع للانفتاح بعض الشيء. وتناقش الصحف السعودية الان مسألة الاصلاحات وتتمتع المرأة بحرية أكبر قليلا فيما يتعلق بالتعليم والعمل. فهل ستبقى هذه الخطوات اذا تولى الامر عاهل يتسم بقدر أكبر من المحافظة..

ويتساءل محمد القحطاني المعارض المخضرم المقيم بالرياض "كيف يمكن اصلاح التعليم في غياب الديمقراطية.." ويضيف "أقول لكم انه لن يطرأ تحسن على التعليم خلال خمس سنوات."

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 15/شباط/2011 - 11/ربيع الأول/1432

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م