الثورة المصرية تعصف بأنظمة المنطقة

احمد عقيل الجشعمي

 

شبكة النبأ: بعد ان حققت ثورة الشعب التونسي انجازها العظيم مرغمة دكتاتور البلاد على الهروب من البلاد، مسقطة نظام حكمه، وما اعقبها من انتفاض للحشود المصرية التي طرزت اقوى واكبر صور التحدي والعزيمة والاصرار حينما انتفضت لبلدها ولحريتها التي كانت منزوعة منها وازاحت مبارك من الحكم رغما عنه، كان لابد من ان نستذكر معا مجريات الامور حينها وخاصة عندما لم تكن هناك اي دلائل او مخططات واضحة بل كان هناك العديد من التخمينات والآراء التي يبديها مسؤولين وسياسيين في الوطن العربي ككل لاسيما بعد ان شعر الحكام العرب بأنهم مهددين من قبل شعبهم وهم لا يعلمون بأي دقيقة ستنفجر ثورة عليهم وتطيح بهم وسرعان ما بدأت الانظمة والحكومات بتقديم بعض التنازلات والتغييرات الايجابية التي تم في مصلحة الشعب على امل ان تهدئ الوضع بواسطتها، في الوقت ذاته بينت لنا الصحافة الالكترونية او المواقع الاجتماعية الحجم الكبير والتأثير القوي على مجريات الامور حول العالم كله لكون ان العديد من البلدان الاجنبية اطلعت على ما حدث في الوطن العربي وتفاعلت معه بالإضافة الى ان الدول العربية بدأت تأخذ العالم المعلوماتي كوسيلة للتعبير عن افكارهم والدفاع عنها بواسطة التحضير والترتيب على تحقيق العدالة والحرية بأنفسهم، ذلك ما يجعل الامر خطرا لبعض الحكام الذين مازالوا في الحكم وتوجه رسالة تهديد لهم على ان الامر بسيط وسريع اذا اراد الشعب يوما.

الاضواء تنصب على الدول الشمولية

فقد بددت انتفاضة غير متوقعة في شوارع تونس اي افتراضات سهلة بأن الزعماء الشموليين الاقوياء سيحكمون الى ما لا نهاية مما يشير ربما الى مخاطر مشابهة في موسكو وبكين.

وكان صناع قرار غربيون والكثير من المستثمرين يعتبرون حكام الشرق الاوسط الاقوياء مثل الرئيس المصري حسني مبارك والرئيس التونسي زين العابدين بن علي ركيزتين راسختين في منطقة غير مستقرة متجاهلين التوترات الاجتماعية والاقتصادية التي أسفرت عما حدث من اضطرابات عنيفة.

وكان يخشى كثيرون مما سيحدث في الفترة المقبلة خاصة بعد أعمال العنف التي شهدتها القاهرة وبالنسبة لمن بدأوا يتساءلون عما اذا كانت الدول الغربية تفقد هيمنتها على الاقتصادات الشمولية الصاعدة مثل الصين وروسيا فان الاحداث الاخيرة قد تكون مؤشرا على أن المطالب بتحقيق الديمقراطية تظل قوة يعتد بها.

وقال جويل هيرست الباحث المتخصص في الشؤون الدولية بمجلس العلاقات الخارجية الامريكي "الوضع في مصر نداء استنهاض للأنظمة الشمولية التي تعتقد أنها تستطيع أن تجد الاستقرار في الاستمرار لفترة طويلة."

وتحركت عدة دول عربية بسرعة لتقدم تنازلات وان كانت رمزية في محاولة لتفادي اي تكرار للانتفاضة الشعبية التي أسقطت الرئيس التونسي. وأجرى الملك عبدالله الثاني عاهل الاردن تعديلا وزاريا كما أعلنت الجزائر اصلاحات سياسية وقال الرئيس اليمني انه لن يرشح نفسه للرئاسة مجددا.

لكن نتيجة أن الاضطرابات وخاصة في مصر فاجأت الاسواق يشير البعض الى أن على المستثمرين تحميل علاوة مخاطر عالية في الدول الشمولية التي لا توجد بها "صمامات تنفيس" ديمقراطية ولديها خطط توريث واضحة.

وقال دانييل كوفمان الباحث بمعهد بروكينجز والذي شارك في وضع مؤشرات الحكم الرشيد بالتعاون مع البنك الدولي والتي ينظر اليها على نطاق واسع على أنها من وسائل القياس الرئيسية لمخاطر الاستثمار بالدول "نقص الديمقراطية او الحريات في دولة ما قد يكون عامل خطر ربما لم يتعامل معه المحللون حتى الان بالجدية الكافية."

واضاف ان التكهن بمدى قابلية هذا للانفجار مسألة معقدة تتوقف على عدد من العوامل من بينها البطالة والتصورات والمخاوف بشأن الفساد والاختراق المتمثل في التكنولوجيا ووسائط التواصل الاجتماعي. بحسب وكالة الانباء البريطانية.

وقال كوفمان "من الصعوبة الشديدة بمكان التكهن بالتوقيت الفعلي للشرارة المزعزعة للاستقرار." ومن المؤكد أنه في حين أن الاضطرابات في مصر قد هزت الاسواق على مستوى العالم خاصة في الشرق الاوسط وشمال افريقيا فانه لا توجد مؤشرات تذكر على أن المستثمرين يبيعون اصولا روسية او صينية او فنزويلية بسبب المخاوف من انطواء النظم الحاكمة فيها على مخاطر خفية.

وكان أداء أسواق موسكو جيدا فيما يبدو مدعوما بارتفاع اسعار النفط التي تعززت بالمخاوف بشأن دول رئيسية أخرى منتجة مثل السعودية. ويقول محللون ان الاسواق تحاول جاهدة استيعاب المخاطر طويلة المدى.

وقال نايجل رندل من رويال بنك اوف كندا "الاسواق المالية ذاكرتها قصيرة جدا... في الانظمة الشمولية يميلون الى افتراض أن الوضع القائم سيستمر الى الابد حتى ينفجر شيء بالفعل." ويقول خبراء ان مشكلة الحكام في روسيا والصين ستحدث حين لا يستطيعون تحقيق نجاح اقتصادي او اذا أدت المخاوف من الفساد الى نفور الجماهير.

وقال نيكولاس جفوسديف استاذ دراسات الامن القومي في كلية الحرب البحرية برود ايلاند "حين يفقد افراد الطبقة المتوسطة ايمانهم بأن الحصول على مستقبل افضل مرتبط باستقرار النظام القائم يسفر هذا عن اضطرابات."

عصر المعلوماتية

ومن المؤكد فيما يبدو أن هذا ما حدث في مصر وتونس حيث يكافح شبان تلقوا تعليما جيدا على دراية جيدة بالتكنولوجيا وكثير منهم يتحدثون الانجليزية للعثور على وظائف. وقد كانوا طليعة المحتجين فيما يبدو ثم سار اخرون على خطاهم.

ويتوقف الكثير ايضا على الشعور بمدى بعد الحكام عن الحكم. وبالنسبة لرئيس الوزراء الروسي فلاديمير بوتين والمجموعة المقربة منه يقول محللون ان الخطر قد يكمن في الارتباط الوثيق بمجموعة يعتقد أنها من الفاسدين. ويرى البعض أن مبارك وبن علي فقدا الصلة بشعبيهما. وينظر الى قيادة الحزب الشيوعي الصيني على أنها اكثر تنوعا وتعددا في المحاور عن الحكم الذي تهيمن عليه الشخصية في روسيا ومصر. ويعتقد أن النخب في كل الدول تواجه تهديدا متزايدا من عصر المعلومات ووسائط التواصل الاجتماعي التي أظهرت الاحداث الاخيرة أنها أدوات قوية أسهمت في الاسراع من وتيرة الانشقاق.

وحجبت الصين كلمة "مصر" من على بعض مواقعها للتواصل الاجتماعي وتحكم سيطرتها على استخدام الانترنت. يقول ايان بريمر رئيس مجموعة يوراسيا لاستشارات المخاطر السياسية "في بعض الحالات سيخففون الضغط من خلال الاصلاحات وفي بعض الحالات سيشنون حملات قاسية لكنها فعالة وفي بعض الحالات سيقعون في المنتصف بين هذا وذاك."

ويورد بريمر في كتابه (منحنى جيه) منحنى للعلاقة بين الانفتاح والاستقرار في الدولة. في الدول الاقل تقدما يحقق الحكم الاستبدادي الهدوء بينما في الدول المتقدمة يأتي الاستقرار من الانفتاح. ويحذر من أن الانتقال قد ينطوي على خطر ويقول "يجب أن نقلق في المنتصف." ولا تتوقع سوى قلة أن يكف المسؤولون الغربيون عن القلق بشأن بكين وموسكو او ان يسحبوا دعمهم لحلفاء شموليين منذ زمن بعيد مثل السعودية بين عشية وضحاها. وقد يحاولون تحفيز الاخيرة في اتجاه الاصلاح على غرار كوريا الجنوبية او تايوان لكن هذا قد يستغرق عقودا.

تحذير امريكي

من جانبها قالت هيلاري كلينتون وزيرة الخارجية الامريكية ان منطقة الشرق الاوسط تواجه "عاصفة بكل معاني الكلمة" من الاضطرابات وانه يتعين على زعماء المنطقة ان يسارعوا بتطبيق الاصلاحات الديمقراطية الحقيقية والا خاطروا بمزيد من زعزعة الاستقرار.

وأضافت كلينتون في كلمة أمام مؤتمر أمني في ميونيخ أن عدم وجود اصلاحات سياسية اضافة الى تزايد أعداد الشباب وتكنولوجيا الانترنت الحديثة يهدد النظام القديم في منطقة مهمة لأمن الولايات المتحدة. وتابعت "تجتاح المنطقة عاصفة بكل معاني الكلمة ذات تيارات قوية." واضافت "هذا هو ما دفع المتظاهرين الى الشوارع في تونس والقاهرة ومدن في مختلف أنحاء المنطقة." وقالت "الوضع القائم حاليا لا يمكن أن يستمر."

ولم تناقش كلمة كلينتون بالتفصيل الاضطرابات السياسية في مصر والتي يقول كثير من المحللين انها تهيمن على المناقشات وراء الستار في مؤتمر ميونيخ الذي يجمع عددا من القادة وواضعي القانون والمحللين. ولكنها سلطت الضوء على حث واشنطن لإصلاحات سياسية سريعة في الدول المتحالفة معها بالشرق الاوسط والتي لا تتضمن مصر والاردن فقط وانما المملكة العربية السعودية واليمن.

وقالت "ببساطة هذه ليست مسألة مثالية. انها ضرورة استراتيجية. دون تقدم حقيقي تجاه أنظمة سياسية شفافة وعرضة للمساءلة فان الفجوة بين الشعوب وحكوماتها ستزداد وستزيد حالة عدم الاستقرار عمقا. كل مصالحنا ستكون معرضة للخطر."

وحثت ادارة الرئيس الامريكي باراك أوباما مرارا الرئيس المصري حسني مبارك على الاعداد "لانتقال منظم" للسلطة وسط أكثر من أسبوع من الاحتجاجات الحاشدة غير المسبوقة ضد حكمه المستمر منذ 30 عاما. وحث أوباما نفسه في أكثر تصريحاته وضوحا حتى الان مبارك على "اتخاذ القرار الصحيح" غير أنه لم يذهب الى حد مطالبته علنا بالتنحي الان كما يطالب المحتجون المصريون. بحسب وكالة الانباء البريطانية.

وذكرت مصادر دبلوماسية أن كلينتون أكدت على موضوع الانتقال المنظم للسلطة خلال اجتماعاتها الثنائية في ميونيخ مع كل من رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون والمستشارة الالمانية أنجيلا ميركل وعدد من القادة الاخرين. وأفاد مصدر بأن كلينتون أبلغت نظراءها الاوروبيين أن مبارك أصبح فعليا خارج السلطة ولكن مصر بحاجة لوقت للإعداد لانتخابات في وجود حكومة انتقالية.

ومنذ المظاهرات الحاشدة التي بدأت في مصر نأت واشنطن بنفسها عن حليفتها مصر في الوقت الذي حاول فيه مسؤولون التوصل لطريقة لضمان الاستقرار في المستقبل في بلد حيوي للمصالح الامريكية بسبب معاهدة السلام الموقعة بينه وبين اسرائيل اضافة الى قناة السويس ومعارضته للتشدد الاسلامي.

ولكن كلمة كلينتون تعرض المشكلة بشكل أوسع مكررة التحذيرات التي جاءت في كلمة ألقتها الشهر الماضي في قطر بأن الاضطرابات السياسية الحالية توضح تغييرا في المنطقة. واستلهمت الاحتجاجات التي اندلعت في مصر ثورة أدت الى الاطاحة بالرئيس التونسي زين العابدين بن علي وأدت أيضا الى احتجاجات جديدة في الاردن واليمن اللذين تعهد زعيماهما بمزيد من الاصلاحات.

وقالت كلينتون أن هؤلاء وزعماء اخرين في المنطقة عليهم الوفاء بتعهداتهم وعدم استغلال تهديد التطرف كذريعة لتأخير التغيير. وتابعت "الانتقال الى الديمقراطية سيكون مجديا فقط اذا كان مدروسا وشاملا وشفافا" مضيفة أن الاصلاحات غير الكاملة يمكن أن تؤدي الى حركات احتجاجية "يختطفها شموليون جدد يلجأون للعنف والخداع والانتخابات المزورة للبقاء في السلطة أو طرح جدول أعمال يدور حول التطرف."

وقالت كلينتون انه يجب ألا تعتبر أي حكومة في المنطقة نفسها في منأى عن موجة التغيير. واستطردت "بعض الزعماء يعتقدون بصراحة أن بلادهم استثناء وأن شعبهم لن يطالب بفرص سياسية أو اقتصادية أكبر و أن يمكن استرضاؤهم بأنصاف الاجراءات. على المدى القصير قد يكون ذلك صحيحا ولكن كما تثبت الاحداث الاخيرة فانه على المدى البعيد لا يمكن الاستمرار في ذلك."

قلق سعودي

كما قالت صحف سعودية ان مفتي عام السعودية ندد بالاحتجاجات المناهضة للحكومات في مصر وتونس وأماكن أخرى ووصفها بأنها مؤامرة من أعداء الاسلام لنشر الفوضى.

وقالت السعودية وهي مصدر رئيسي للنفط انها تخشى من أن تؤدي الاضطرابات الى عدم الاستقرار في مصر حليفتها الرئيسية في العالم العربي. وقالت وسائل اعلام سعودية يوم 29 يناير كانون الثاني ان الملك عبد الله عاهل السعودية اتصل بالرئيس المصري حسني مبارك للتعبير عن دعمه. بحسب وكالة الانباء البريطانية.

وحذر الشيخ عبد العزيز ال الشيخ مفتي عام السعودية من أن الاحتجاجات التي في مصر وتونس ودول عربية أخرى مؤامرات من أعداء الاسلام لتقسيم الدول العربية والاسلامية.

ونقلت صحيفة الشرق الاوسط المملوكة لسعوديين وتصدر في لندن قوله ان "هذه الفوضويات انما جاءت من أعداء الاسلام والذين يخضعون لهم" مضيفا ان المظاهرات أدت الى سفك الدماء وسلب ونهب.

السودان هي الاقرب

من جانب اخر، يناقش السودانيون ما اذا كان الدور على بلادهم حيث بدأ الطلاب احتجاجاتهم على الحكومة التي يحملونها المسؤولية عن ارتفاع الاسعار وسنوات من القمع. وبينما يطالب المحتجون برحيل الرئيس المصري حسني مبارك ما عاد بإمكان المحللين المتمرسين في شؤون الشرق الاوسط التكهن بشيء. ان كان هذا ممكنا في أكبر بلد في المنطقة فبالإمكان أن يحدث في أي مكان.

فيما يلي بعض الاسئلة بشأن ما اذا كان ما يحدث سيكون له صداه في شمال السودان. ومن المستبعد أن يتأثر جنوب السودان الذي قرر في استفتاء في الفترة الاخيرة الانفصال عن الشمال:

ما هو مقدار شعبية الرئيس البشير؟

- يقول مؤيدون ان الرئيس عمر حسن البشير أكثر شعبية من رئيس مصر ورئيس تونس المخلوع بسبب مواقفه المناهضة للغرب وهذا يجعل معظم السودانيين يريدونه أن يبقى.

وقال خالد مبارك المتحدث باسم السفارة السودانية في لندن في مدونة "الانتفاضات تحدث ضد الزعماء الطيعين الذين يسعون للفوز بحظوة لدى الغرب ويضعون مصالح الغرب فوق الكرامة الوطنية."

وأضاف "البشير لم يكن محبوبا قط لدى الغرب... الذي يعطي نفسه الحق في اختيار زعماء وعزل اخرين حتى لو فازوا في انتخابات." والبشير هو الرئيس الوحيد الموجود في السلطة الذي أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرة لاعتقاله لكن هذه المذكرة افادته داخليا.

واعتبر كثيرون في الشمال توقيع اتفاق السلام الشامل عام 2005 والذي سمح للجنوب باقرار الانفصال دليلا على ضعف البشير. ولكن محكمة الجنائية الدولية في لاهاي سمحت للبشير بلعب دور البطل.

ولم تكن حكومة البشير مقبولة قط عند الغرب ومع ذلك أظهر أنه يمكن ان يستجيب للضغوط فسلم كارلوس وطرد أسامة بن لادن وعمل بشكل وثيق مع واشنطن في "الحرب على الارهاب".

ولكن السودانيين العارفين بما يجري على المستوى الدولي يدركون أن مستقبلهم سيكون العزلة تحت حكم زعيم مطلوب بتهمة الابادة الجماعية.

لكن مع هيمنة الحكومة على الصحافة وضيق الهامش المتاح للنقاش بشأن دارفور والمحكمة الجنائية الدولية يعتبر كثير من السودانيين البشير سدا منيعا أمام النظام الدولي المنافق الذي يستهدف العالم النامي بينما يفلت زعماء الغرب دون مساءلة بشأن جرائم الحرب.

البطولة لا تسدد الديون

بينما يشهد السودان أزمة اقتصادية عميقة. ويعاني من نقص العملة الصعبة وتراجع قيمة العملة المحلية وارتفاع التضخم. ويفتقر كثير من سكان السودان الى امدادات الكهرباء والمياه المنتظمة ويجدون مشقة في توفير الغذاء لبيوتهم والحصول على عمل يرتزقون منه.

ومع الانفصال المتوقع للجنوب المنتج للنفط في يوليو تموز ستتفاقم الازمة العام المقبل. فما زال بمقدور الحكومة حتى الان أن تحول بعض المال عن اغراض أخرى الى دعم الفقراء. ولكن لا يمكن أن يستمر ذلك للابد وربما يشهد السودان اتساعا لنطاق السخط مع مرور الوقت.

ما هو شعور الناس في مناطق السودان المختلفة؟

شهد السودان انتفاضات في كثير من المناطق التي تعرضت للتهميش على أيدي الحكومات المتعاقبة. فالبون شاسع بين حاجات الناس في أفقر مناطق السودان وبين حاجات الناس في الخرطوم. والمجتمع مقسم قبليا. في الخرطوم تهيمن أسر النخبة على الاحزاب السياسية التقليدية. وينتمي كثير من الزعماء الذين قادوا السودان بعد الاستقلال الى هذه الاسر. بحسب وكالة الانباء البريطانية.

وصار المنتمون للنخبة السياسية في الخرطوم بعيدين للغاية عن الناس الذين يقولون انهم يمثلونهم في دارفور أو في الشرق أو في الجنوب. وقد تشعل القبلية فتيل مزيد من الاضطرابات في المناطق اذا رأى الناس أن الحكومة المركزية لا تلبى مطالبهم.

ما الذي يخبئه المستقبل؟

لقد ملا معارضو الاحتجاجات التي شهدتها الخرطوم مسبقا موقع فيسبوك بتعليقات مثل "لا يوجد بديل لهؤلاء الناس". وظل المحللون يقولون الشيء ذاته سنوات طويلة عن الزعماء الذين يمارسون القمع في مختلف أنحاء الشرق الاوسط وأفريقيا ومنهم الرئيس التونسي المخلوع زين العابدين بن علي والرئيس المصري حسني مبارك على نحو خاص.

وفضلا عن ذلك لم يترك أمر الاعتقال الذي أصدرته المحكمة الجنائية الدولية للبشير أي حلفاء يذكرون في الخارج مستعدين لاستضافته ولذلك يعتقد كثيرون أنه سيقاتل باستماته كي يظل في السلطة.

ولكي تكتسب أي انتفاضة شعبية جاذبية جماهيرية في السودان ينبغي ألا تكون ملونة بلون قبلي أو بالولاء لحزب معارض. ولكن المصاعب الاقتصادية قد تؤدي لانتشار الاحتجاجات لتشمل فئات غير المهنيين الشبان والطلاب.

زعماء الشرق الاوسط يقدمون تنازلات

وفيما يلي بعض التفاصيل:

* اليمن:

- قال الرئيس اليمني علي عبد الله صالح انه لن يسعى لتمديد فترة رئاسته لينتهي حكمه الذي استمر لثلاثة عقود في عام 2013 .

- تعهد صالح أيضا بأنه لن يورث الحكم لابنه. ودعا المعارضة لإلغاء الاحتجاجات.

- وعد صالح بإجراء انتخابات مباشرة للمحافظين ووافق أيضا على اعادة فتح تسجيل أسماء الناخبين قبل انتخابات مقررة في ابريل نيسان بعد شكاوى المعارضة من أن نحو 1.5 مليون يمني لم يتمكنوا من تسجيل أسمائهم.

- شارك نحو 16 ألف شخص في احتجاجات مناهضة للحكومة الشهر الماضي. ودعا البعض صالح لترك السلطة. وستنظم مظاهرة جديدة للمعارضة في صنعاء.

* الاردن:

غير العاهل الاردني الملك عبد الله الحليف المقرب من الولايات المتحدة رئيس وزرائه بعد احتجاجات لكن المعارضة الاسلامية وصفت الخطوة بأنها غير كافية.

- كلف الملك معروف البخيت رئيس الوزراء السابق المحافظ بتشكيل حكومة جديدة بعد قبول استقالة سمير الرفاعي. وطلب الملك من الحكومة الجديدة اتخاذ خطوات سريعة وملموسة لبدء الاصلاح السياسي.

- تظاهر إسلاميون ويساريون ونقابيون في عمان يوم 28 يناير كانون الثاني للمطالبة بحريات أكبر. وهتف حشد يضم ثلاثة الاف شخص قائلين "نريد التغيير."

- أعلن الاردن حزمة قيمتها 225 مليون دولار لخفض أسعار بعض أنواع الوقود والمواد الاساسية مثل السكر والارز. وكان الرفاعي قد اعلن زيادة في رواتب الموظفين وأفراد الجيش في محاولة لاستعادة الهدوء.

* البحرين:

- ملك البحرين يأمر بتوزيع مبلغ الف دينار بحريني لكل عائلة.

* العراق:

- المالكي يعلن عدم ترشحه لدورة جديدة.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 14/شباط/2011 - 10/ربيع الأول/1432

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م