من دفاتر عاشق يرفض الاستقالة

حيدر الجراح

 

شبكة النبأ:

نموتُ كل يوم الف مرة..

احياناً نحيا..

على هامش البقاء ، مجرد البقاء عبر همسةِ حب تفلتُ من اسماع الرقباء..

مخافرنا.. فنادقنا التي نقيم فيها..

شوارع هذا الوطن المفجوع هي قبورنا..

نتحرك نحوها ، تتحرك الينا

قد تتعثر خطواتنا ونقع في هوة سحيقة من اللامبالاة والتعذيب والنسيان..

نموت.. كم آلمنا موتنا اليومي المتكرر..

في المنافي توهّمنا اننا نحيا من جديد

لكن نخلة الدار تستفيق.. تبدّل جذعها من اثار الحريق.. ليحترق من جديد

هو وطن يحترق منذ (تموز).. حين اسلمته (إينانا) الى أبالسة الخراب والجحيم.

(كان قلبه يفيض أسى، فهام على وجهه في المروج

الراعي (دموزي) ـ كان قلبه يفيض أسى

ومزماره يتدلى من رقبته وهو يبكي ويقول:

النواح النواح أيتها المروج، النواح …

ولتردِّد أُمّي الصراخ والعويل،

لأنني عندما أموت لن تجد مَن يرعاها

ولتذرف عيناي الدموع مثل أمي

ولتذرف عيناي الدموع على المروج مثل أختي الصغرى).

وهو وطن يحترق منذ الحسين.. ثمالة النبوة ، وزينب تبكيه في ليل العراق..

 ليل الفراق ، ورمال المتاهة..

اتراها امي ورثت حزن زينب وأرضعتني.. وهي تتشح بالسواد.. ما فارق جسدها.. فأبٌ يموت حتف انفه.. وشقيقٌ أهدر الشرطي دمه.. وزوجٌ ضاع منها في الارض الحرام.. وما تبقّى من ابناءٍ لشيخوختها نذرتهم لمواسم حربٍ قادمة..

على الونّات قلبي انطبع و انساك

نحل جسمي على السّجاد و انساك

منته التنّسي يَحسين و انساك

 روحي وروحك انمزْجنْ سويّه

......................................................

قد قال لي يوماً أبي

إن جئت يا ولدي المدينة كالغريب

وغدوت تلعق من ثراها البؤس

في الليل الكئيب

قد تشتهي فيها الصديق أو الحبيب

إن صرت يا ولدي غريباً في الزحام

أو صارت الدنيا امتهاناً.. في امتهان

أو جئت تطلب عزة الإنسان في دنيا الهوان

إن ضاقت الدنيا عليك

فخذ همومك في يديك

واذهب إلى قبر الحسين

وهناك صلي ركعتين...

أبتاهُ

بالأمس عدتُ إلى الحسين

صليتُ فيه الركعتين

بقيت همومي مثلما كانت

صارت همومي في المدينةِ

لا تذوب بركعتين***

....................................

نحن احفاد (تموز) وعراقنا هو (إينانا)...

في العشق تفوق المصريون والتونسيون علينا..

هل لانهم سادة العشق والحب

ام لاننا اضعنا ابجدية الحب منذ اول لعنة وما عثرنا عليها بعد؟

ونحن الذين لدينا (تموز) اقدم عاشق في الدنيا؟..

هنيئا للعشاق العظماء في يومهم..

..........................................

سميتك زرقة البحر

زرقة البوح

زرقة السماء..

واتساع المدى..

سميتك ليل الوحشة

سيد الدهشة والبهجة..

اندحار العشاق تحت الشرفات..

انكسار المحبين فوق اسوار الذهول...

سميتك النار والرماد

واشتعال الشك في العيون

سميتك ايقونة الفرح

قيامة الروح

واندحار الجنون

سميتك سلاماً لا احتراب فيه

نخيله الباسقات

دالية العنب

عتبة داري

رغيف الخبز..

وجه امي..

يحمّمني كل يوم بالف دعاء..

سميتك ناقوسا ومئذنة..

كنيسة ومحراب

صلاة وتراتيل...

سميتك السيف والرمح

الخنجر والطعنة

غصن الزيتون وحمامة السلام..

سميتك انقباض القلب لحظة الوداع..

حضور الغياب حين اغادر ترابك..

.....................................

من قاموس العشق والهوى..

الفراق: قطعةٌ من الموتِ..

الشوق: عذاباتٌ لامتناهية..

القرب: وجعٌ لا ينتهي..

الوصول: اغماءٌ حدّ السقوط..

اللهفة: ايادي كثيرة..

الهجران: بحر الجحيم..

................................

في الحب نكون انفسنا.. وفي غيره لسنا نحن..

.....................................

في البدء كانت المحبة.. والمحبة هي الله..

..............................................

كل الطرق تنطلق من القلب ، وتعود اليه.. لماذا اضعنا بوصلة الطريق؟

.............................................

اتعجب احيانا من التاريخ.. لماذا يحتفظ في متحفه بصور الطغاة والقتلة ، جنبا الى صور العشاق والمحبين؟

....................................

لماذا تكون في اعلام الدول صور النسور والسيوف وكل مايوحي بالافتراس ، ولاتكون عليها صور القلوب؟

..................................

يعبّدُ لها طرقات المدينة

يفرش دروبها ورداً وغيمة

يقطف لها من كل سماءٍ نجمة

سبع نجمات في حقيبتها

تعلّق واحدةً على شعرها

الثانية والثالثة على عينيها

الرابعة على شفتيها

الخامسة والسادسة على صدرها

والسابعة.. تقود خطواتها..

................................

العشق يؤثث اللغة..

ولحظة خرابٍ واحدة تبعثر الاثاث.. ما اكثر القلوب المستعملة في حياتنا؟

...................................

مصباحٌ شاحبٌ على ناصية الطريق

مبلّلٌ بالخطوات الراحلة

عينانِ مطفأتان من وحشة

لماذا اضاء المصباح حين ضحكت الشفاه؟

.............................

قال لها: يوماً سنعودُ

نلتقي عند آخر رصاصةٍ محفورةٍ في الجدار

اشارت الى قلبها.. تمتمت:

وطني كله جدار..

*** من قصيدة (بالرغم منا قد نضيع) للشاعر فاروق جويدة

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 13/شباط/2011 - 9/ربيع الأول/1432

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م