مصر نشوة شعب… وحراك شرق أوسطي ديمقراطي جديد

علي الطالقاني

 

شبكة النبأ: رحل مبارك ووصف العرب بعالم جديد وشجاع لتنتهي الديكتاتورية في مصر بفترة  ثلاثون ثانية وهي الفترة التي اعلن فيها ببيان عن انهاء حكم مبارك.

وفجأة انفجر الجميع بالغناء، والضحك، والبكاء. وركع الكثيرون على الأرض وبدأوا بتقبيلها. بدأ البعض بالرقص والبعض شكر الله على تخلصه من الرئيس. وسيعرف هذا الحدث في التاريح باسم ثورة 25 يناير، وهو اليوم الذي اندلعت فيه الثورة، وسيؤرخ له على أنه اليوم الذي هب فيه شعب مصر، هكذا وصف  المحلل السياسي والكاتب روبرت فيسك المشهد الذي يتواجد في مصر منذ اللحظة الأولى لأندلاع الثورة.

فالعرب الذين يضطهدهم الغرب ويميز ضدهم ويعاملهم الكثير من الإسرائيليين الذين يرغبون ببقاء حكم مبارك كمتخلفين وجهلاء، هبوا ونفضوا عنهم خوفهم وطردوا الرجل الذي يحبه الغرب ويعتبره زعيما معتدلا. نعم، ليست شعوب أوروبا الشرقية وحدها القادرة على مواجهة الوحشية وتحديها.

فبعد 18 يوماً من الاحتجاجات المتواصلة قاوم خلالها الشباب المعتصمون في ميدان التحرير كل ما واجههم به النظام الذي كان يلفظ أنفاسه من البلطجية وإطلاق النار والاعتقالات إلى قطع خدمات الانترنت وشبكات الهاتف المتحرك وملاحقة وسائل الإعلام- بعد كل ذلك استطاع الشعب المصري أن يوصل صوته في النهاية.

ويرى محللون سياسيون في صحيفة الجارديان إنه مهما يحصل بعد الآن، فإن ما حصل بالفعل يعد لحظة تاريخية مهمة، فقد أعادت ترسيخ مكانة مصر كقائدة للعالم العربي والشعب المصري في الصميم الأخلاقي لهذا العالم.

على أن الثورة نفذها أشخاص عاديون يطالبون بعناد غير عادي بحقوق سياسية أساسية هي: انتخابات حرة، تشكيل أحزاب سياسية حقيقية وقوات شرطة تلتزم بسيادة القانون ولا تقوضها.

إن مصير مبارك لن يمر مرور الكرام على جميع الديكتاتوريين الآخرين في العالم العربي وخارجه.

ويرى خبراء في صحيفة الاندبندنت على الجيش المصري أن يسلم السلطة للشعب وحاول محللون الإجابة على السؤال.

إذن أطاح الشعب بمبارك، وحصد ثمرة احتجاجاته التي استمرت 18 يوما، ولكن تسلم الجيش مقاليد السلطة بعد رحيل مبارك يخلق شعورا بغياب اليقين والقلق، تقول الصحيفة.

لقد لعب الجيش دور وسيط الخير في الأحداث، ورفض استخدام العنف ضد الشعب، وامتنع حتى عن التدخل. ومن المؤسف القول إن الحقبة التي ستعقب رحيل مبارك تعتمد على الجيش بمقدار ما تعتمد على الشعب.

ويرى محللون سياسيون في الاندبندنت ان في أحسن الأحوال سيلتزم الجيش بالمطالب التي ثار من أجلها الشعب، وسيلغي قوانين الطوارئ، ولكن التجارب تعلمنا أن المؤسسة العسكرية قد تحتفظ بالسلطة التي حصلت عليها، وهنا يأتي دور الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة والذي دعموا الثورة من الخارج.

فإن هناك آمالاً في مصر نفسها بأن تؤدي استقالة الرئيس مبارك إلى انتقال سلس إلى الديمقراطية ولكن حتى لو كان الانتقال سلساً، فإن هذا لايعني بالضرورة أنه سيكون سريعاً.

إنه لا يوجد شك بأن ما يهلل له باعتباره نصراً لقوة الشعب ما هو في الجوهر سوى استيلاء للجيش على السلطة.

وإنه في غياب معارضة تتمتع بالشرعية، فإن المجلس الأعلى للقوات المسلحة يمثل المؤسسة الوحيدة القادرة على ملء الفراغ.

ووجه محللون سياسيون في صحيفة التليجراف دعوة للغرب إلى عدم التدخل في شؤون مصر مذكرة إياه بعواقب ما حصل قبل ثلاثين عاماً في إيران عندما تم اختطاف الثورة التي بدأت علمانية من قبل الإسلاميين.

ان مصر باتت أمام تحديات تتمثل في السعي للتحول إلى النظام الديمقراطي وفق مفهوم الدولة المدنية الحديثة.

وأن الثورة أدت إلى إسقاط نظام الرئيس المخلوع حسني مبارك بالكامل، مما حدا بأبناء الشعب المصري والشعوب العربية في شتى أنحاء البلاد والعالم للاحتفال والابتهاج، وخاصة العاصمة القاهرة التي شهدت وما تزال احتفالات ومظاهر ابتهاج شبيه بتلك التي شهدتها عواصم عالمية أخرى قبل نحو ثلاثين عاما.

والثورة الشعبية المصرية تسعى أيضا إلى نشر الديمقراطية والحرية السياسية بالبلاد وشتى بلدان المنطقة التي هي في أمسّ الحاجة.

يقول محللون في صحيفة واشنطن بوست إنه يمكن للثورة الشعبية التي انطلقت في مصر الأكثر سكانا إنهاء عقود من الركود، وإعادة تشكيل المنطقة التي يسودها الاستبداد الذي أدى إلى تفريخ مظاهر التطرف والإرهاب.

أن الثورة لم تكمل مشوارها بعد، والذي بدأته للتو، وهناك تحذير من أي احتمال قد يتمثل في محاولة المجلس العسكري الأعلى -الذي يتولى زمام الأمور في الوقت الراهن- الالتفاف على أهداف الثورة وبالتالي الاستيلاء على الحكم، وهنا يكمن الخطر والتحدي الأكبر أمام الثورة.

وطرح محللون سياسيون في صحيفة واشنطن بوست تساؤلات متعددة بشأن مدى عزم الثورة لتحويل مصر إلى دولة ديمقراطية حقيقية؟

أن كل التساؤلات والتحديات لا يجيب عنها سوى أبناء وبنات الثورة الشعبية التي انطلقت يوم 25 يناير/ كانون الثاني 2011.

كما أنه يوجد للولايات المتحدة والدول الغربية دور حيوي يمكن أن تلعبه في مصر يتمثل في إمكانية الضغط على قيادة القوات المسلحة المصرية كي لا تستولي على دفة الحكم.

ان الرسالة الأميركية لدول أخرى بالمنقطة مثل الأردن واليمن والسعودية، وبقية العرب الحلفاء وكذلك إسرائيل، للدفع نحو إصلاح سياسي شامل ونحو شرق أوسط ديمقراطي جديد، يشهده الجميع واقعا على الأرض، وليس في مصر وحدها.

A_alialtalkani@yahoo.com

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 13/شباط/2011 - 9/ربيع الأول/1432

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م