نجح الشعب وسقط (النزام)

محمد حميد الصواف

 

شبكة النبأ: بعد عقود من الكبت السياسي والقمع والانتهاكات وما انسحب على ذلك من مصادرة للحريات، امسى الشعب المصري يعيش ليلة تاريخية غير مسبوقة، اثبتت من خلال ساعاتها ان ارادة الشعوب اقوى من كيد الطغاة مهما طال الزمن، فمصر استطاعت بجيلها الصاعد وشبابها الاستثنائي كسر شوكة النظام واسقاط، رئيسه بإصرارها المتواصل وارداتها الصلبة، بالرغم من محاولات السلطة المتعددة الالتفاف على اهدافها او تفريغها من محتواها على مر الايام الماضية.

فقد نجح المصريون بكافة شرائحهم ومشاربهم في وقفتهم الاحتجاجية المشهودة اجبار الديكتاتور حسني مبارك على التنحي بشكل نهائي عن السلطة، مع معظم اقطاب سلطته، بعد ان اضطر الى تفويض المؤسسة العسكرية قيادة البلاد الى بر الامان، طاويا بذلك حقبة طويلة عاني خلالها المصريون الامرين، من فساد سياسي واقتصادي بشع.

ولكن اللافت في الامر ان معظم الدول العربية شهدت احتفالات شعبية صاخبة تزامنت مع اعلان مبارك تنحيه عن السلطة، مما يدل على تعاطف تلك الشعوب مع الشعب المصري من جهة، ورسالة واضحة لرفضها للأنظمة المستبدة التي ترزح فوق صدورها من جهة اخرى.

نهاية عهد مبارك

حيث تنحى الرئيس المصري حسني مبارك عن الرئاسة في مصر مسلما السلطات الى الجيش ومنهيا ثلاثة عقود من الحكم الانفرادي بعد ضغوط متزايدة من الجيش والاحتجاجات المطالبة برحيله. وقال عمر سليمان نائب الرئيس ان المجلس الاعلى للقوات المسلحة سيدير شؤون البلاد. ووعد باجراء انتخابات رئاسية حرة ونزيهة في سبتمبر ايلول.

ومثل سقوط مبارك (82 عاما) بعد 18 يوما من الاحتجاجات الحاشدة غير المسبوقة نصرا هائلا لقوة الشعب. ووعد الجيش صاحب القوة في مصر في وقت سابق يوم الجمعة بضمان اجراء اصلاحات ديمقراطية لكن المحتجين الغاضبين كثفوا من احتجاجاتهم ضد مبارك وخرجوا في مسيرات نحو القصر الجمهوري ومبنى التلفزيون الحكومي.

وكانت تلك محاولة من الجيش لتهدئة الجماهير لكن مع استبعادها للمطلب الرئيسي للمحتجين بتنحي مبارك الفوري فشلت في تهدئة الاضطرابات التي عطلت الاقتصاد وهزت منطقة الشرق الاوسط بأكملها.

ومثل اللغط حول رفض مبارك التنحي اختبارا لولاء القوات المسلحة التي كان عليها الاختيار بين حماية قائدها الاعلى أو اسقاطه.

وصعدت المواجهة الحادة المخاوف من اعمال عنف خارجة عن السيطرة في مصر الحليف المهم للولايات المتحدة في منطقة الشرق الاوسط الغنية بالنفط حيث من الممكن ان تمتد الاضطرابات الى دول استبدادية مستقرة وهو ما يزعج الغرب.

ودعت واشنطن الى انتقال سريع الى الديمقراطية لاستعادة الاستقرار في مصر وهي دولة عربية ليست في حالة حرب مع اسرائيل وتمر بها قناة السويس كما انها من الدول المعادية للتشدد الاسلامي في المنطقة.

واشار بيان الجيش الى ان مبارك سلم سلطاته الى نائبه في اليوم السابق وهو ما اشار الى احتمال استجابته لمطالب المحتجين والاصلاحيين والمعارضين.

وقال احد المحتجين بعد ان قرأ بيان الجيش على الحشود المجتمعة في ميدان التحرير "هذا ليس مطلبنا.. لدينا مطلب واحد وهو تنحي مبارك". وكان مبارك قد اعلن انه باق حتى اجراء الانتخابات في سبتمبر ايلول.

وحثت جماعة الاخوان المسلمين المعارضة المحتجين على مواصلة الاحتجاجات الحاشدة في انحاء البلاد واصفة وعود مبارك بأنها مخادعات من اجل البقاء في السلطة. بحسب رويترز.

وخرج مئات الالاف من المحتجين الى الشوارع في أنحاء مصر ومنها مدينة السويس الصناعية التي شهدت في وقت سابق بعضا من أشرس اعمال العنف خلال الازمة وفي الاسكندرية المدينة الثانية في مصر وغيرها من مدن الدلتا الكبرى.

فرحة عارمة

وبعد اكثر من اسبوعين من الاحباط والغضب والحزن على شهداء "ثورة 25 يناير" سادت حالة من الفرحة الغامرة مئات الاف المتظاهرين المحتشدين في ميدان التحرير بوسط القاهرة وكذلك شوارعها مع الاعلان عن تنحي الرئيس المصري حسني مبارك الذي حكم البلاد لنحو 30 عاما.

وسادت حالة فرحة هستيرية المتظاهرين الذين اخذوا يهتفون "الشعب خلاص اسقط النظام" وهم يصرخون فرحا ويلوحون بالاعلام المصرية، مع اعلان اللواء عمر سليمان نائب رئيس الجمهورية في لحظة فريدة في تاريخ مصر تنحى الرئيس مبارك عن الحكم نزولا تحت ضغط الشارع الذي لم يرض بديلا عن ذلك. وفي الميدان لم يتمالك البعض انفسهم من شدة الانفعال فاغمى عليهم من التاثر.

واخذت مجموعة من المتظاهرين تغني اوبريت "الليلة الكبيرة" للراحل سيد مكاوي فيما اخذت جموع اخرى تردد تكبيرات العيد.

محمد حمدي (21 سنة) يقول "انا مش مصدق مش عارف اذا كنت بحلم ولا ده حقيقي بجد" لكنه اضاف "مش لازم يمشي، لازم يتحاكم"، في اشارة الى مبارك ليردد معه الكثيرون "الشعب يريد محاكمة الرئيس".

وفي المنطقة التي يتجمع فيها اهالي الشبان الذين قتلوا خلال الصدامات يقول احمد وهو صديق اسلام بكير الذي قتل يوم "جمعة الغضب" في 28 كانون الثاني/يناير، "دم اسلام ما رحش هدر" مؤكدا ايضا "مش عايزينه يمشي عايزينه يتحاكم".

سناء علي زوجة القتيل بدر شعبان السيد "النهار ده انتصرت ثورة الشباب على كل التجاوزات اللي عشناها"، مكررة بدورها "مش عايزينه يرحل عشان لازم يتحاكم".

وكان سليمان اعلن في بيان قراه عبر التلفزيون "ايها المواطنون، في هذه الظروف العصيبة التي تمر بها البلاد، قرر الرئيس محمد حسني مبارك تخليه عن منصب رئيس الجمهورية وكلف المجلس الاعلى للقوات المسلحة ادارة شؤون البلاد، والله الموفق والمستعان".

وما هي الا لحظات حتى امتلات شوارع القاهرة بالسيارات التي نزل اصحابها الى الشارع للتعبير عن فرحتهم مع مطلقين العنان لابواقها ابتهاجا برحيل مبارك كما ترددت اصوات اعيرة نارية اطلقت ايضا تعبيرا عن الفرح.

كما انهالت الاتصالات الهاتفية بين الاهالي والاصدقاء في مصر والخارج لتهنئة بعضهم البعض بهذا الحدث الفريد. وعلى موقع تويتر كتب الشاب وائل غنيم خبير الانترنت الذي اصبح رمزا للثورة الشعبية "مبروك لمصر.. المجرم غادر القصر".

مبارك انتقد أمريكا في اتصال هاتفي مع برلماني اسرائيلي

وقبل يوم من تنحيه وجه الرئيس المخلوع حسني مبارك كلاما قاسيا بشأن الولايات المتحدة وما وصفه بأنه مسعى خاطئ لاقامة الديمقراطية في الشرق الاوسط وذلك في اتصال هاتفي مع عضو في الكنيست الاسرائيلي.

وقال بنيامين بن أليعازر وهو عضو سابق في الحكومة الاسرائيلية للتلفزيون الاسرائيلي يوم الجمعة انه أجرى محادثات هاتفية على مدى 20 دقيقة يوم الخميس وانه خلص الى الشعور بأن الزعيم البالغ من العمر 82 عاما "قد أزفت نهاية عهده".

وأضاف بن أليعازر وهو عضو في حزب العمل وأجرى محادثات مع مبارك عدة مرات أثناء عمله في حكومات اسرائيلية مختلفة "لقد قال أشياء قاسية جدا بشأن الولايات المتحدة".

وتابع "أعطاني درسا في الديمقراطية وقال.. نرى الديمقراطية التي قادتها الولايات المتحدة في ايران ومع حماس في غزة وهذا هو مصير الشرق الاوسط."

وقال "ربما يتحدثون عن الديمقراطية ولكنهم لا يعلمون ما يتحدثون بشأنه وستكون النتيجة تطرفا واسلاما راديكاليا."

ولم يقد التأييد الامريكي للعناصر المؤيدة للديمقراطية في ايران الى تغير في النظام في ايران وعند حماس التي فازت في انتخابات عام 2006 في المناطق الفلسطينية. وحظيت تلك الانتخابات بدعم أمريكي.

وسيطرت حماس على قطاع غزة عام 2007 بعد انهيار ائتلاف حكومي شكلته مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس في صراع على السلطة.

وفي واشنطن أشاد نائب الرئيس الامريكي جو بايدن بخروج مبارك من السلطة بوصفه "لحظة محورية" بالنسبة للشرق الاوسط وأصر على أنه ليس بالامكان الرجوع عن الانتقال الديمقراطي في مصر.

وقال بن أليعازر ان مبارك تحدث باستفاضة خلال المحادثة الهاتفية بشأن "ما يتوقع حدوثه في الشرق الاوسط عقب سقوطه." بحسب روبترز.

وأضاف "توقع أن يتضخم الامر (بحدوث اضطرابات مدنية) لا تتوقف عند مصر ولن يسلم منها أي بلد عربي في الشرق الاوسط وفي الخليج."

وتابع بن أليعازر "قال.. لن أدهش اذا ظهر في المستقبل مزيد من التطرف والاسلام الراديكالي ومزيد من الاضطرابات والتغيرات الجذرية والهبات." وقال بن أليعازر أن مبارك "يبحث عن خروج مشرف".

وأضاف ان مبارك كرر الجملة "أنا خدمت بلادي مصر لمدة 61 عاما. هل يريدونني أن أهرب.. لن أهرب. يريدون القائي في الخارج.. لن أغادر. اذا دعت الحاجة فسأقتل هنا."

اوباما يدعو الى انتقال ديموقراطي يتصف بالصدقية

في سياق متصل دعا الرئيس الاميركي باراك اوباما الجيش المصري الى ضمان عملية انتقالية ديموقراطية "تتصف بالصدقية" وذلك في كلمة القاها بعد ساعات من تنحي الرئيس المصري حسني مبارك.

واضاف ان مصر "لن تعود ابدا كما كانت" لان الشعب قال كلمته ويطالب ب"ديموقراطية حقيقية".

وفي واشنطن، رحب زعيم الغالبية الديموقراطية هاري ريد بدوره باستقالة مبارك، ودعا ايضا الى عملية انتقالية نحو "ديموقراطية فعلية". وقال ريد في بيان "ارحب باصغاء الرئيس مبارك لاصوات المصريين الذين دعوا الى التغيير".

واضاف "من الاهمية بمكان ان يتم رحيل مبارك في شكل منظم وان يفضي الى ديموقراطية حقيقية في مصر، مع انتخابات حرة وعادلة ومفتوحة"، محذرا "كل الاحزاب" من اللجوء الى العنف. بحسب فرانس برس.

وقال السناتور الديموقراطي جون كيري الذي يتراس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ "انها لحظة استثنائية لمصر"، مضيفا ان "التعبئة الشجاعة والسلمية لتحقيق الحرية تمنح الشعب المصري الان انطلاقة جديدة".

وتابع كيري "تبدأ الان مهمة صعبة تحضيرا لانتخابات حرة"، داعيا الجيش المصري الى رفع حال الطوارىء وتحديد "برنامج زمني" للانتخابات.

وقال كيري ايضا "على الولايات المتحدة ان تساعد المصريين في تحويل هذه المرحلة الديموقراطية الى عملية تفضي الى حكومة تستجيب للتطلعات الاقتصادية وفي الوقت نفسه للحاجة الى الحريات".

وقال السناتور الاميركي جون ماكين ان واشنطن "مستعدة بالكامل" لمساعدة مصر "في البدء بالمهمة الصعبة التي يشكلها الاصلاح من اجل الديموقراطية".

واوضح السناتور الجمهوري ان "التاريخ سيذكر ان قرار الرئيس مبارك يصب في المصلحة العامة للبلد (...) انه القرار السليم لمصر".

زعماء العالم يشيدون بتنحي مبارك

من جهة اخرى أشاد زعماء عالميون بقرار حسني مبارك قائلين انهم يشاركون المصريين فرحتهم ويأملون ان يكون الانتقال الى الديمقراطية سلميا.

وقالت ميركل في مؤتمر صحفي "اليوم هو يوم سعادة عظيمة" مضيفة "نشهد جميعا تغيرا تاريخيا. أشارك الناس سعادتهم.. الملايين من (ابناء) الشعب في شوارع مصر."

وقالت مسؤولة العلاقات الخارجية بالاتحاد الاوروبي كاثرين أشتون "الاتحاد الاوروبي يحترم قرار الرئيس حسني مبارك اليوم. بتخليه عن السلطة يكون قد استمع لصوت الشعب المصري وفتح الطريق أمام اصلاحات اسرع واعمق."

وأضافت "من المهم الان ان يتم الاسراع بحوار يقود الى حكومة موسعة تحترم تطلعات الشعب المصري وتحقق له الاستقرار."

وقال رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون "ما حدث في مصر اليوم ينبغي ان يكون الخطوة الاولى. اولئك الذين يديرون مصر الان من واجبهم ان يعكسوا رغبات الشعب المصري وبصفة خاصة فانه يتعين ان يحدث تحرك الى حكم مدني وديمقراطي في اطار عملية الانتقال المهمة هذه نحو مصر منفتحة وديمقراطية وحرة."

بينما قال بان جي مون الامين العام للامم المتحدة ان على مصر الان أن تجري انتخابات حرة ونزيهة.

وقالت سويسرا انها ستجمد الارصدة المحتملة للرئيس المصري ومساعديه. وقال مسؤول اسرائيلي رفيع ان اسرائيل تأمل ألا يؤدي تنحي مبارك الى أي تغير في علاقاتها مع القاهرة.

وأعرب مسؤولون اسرائيليون عن قلقهم من احتمال أن ينأى من يأتون بعد مبارك بأنفسهم عن معاهدة السلام بين البلدين وهي واحدة من الاركان الاساسية للدبلوماسية في الشرق الاوسط لكنها لا تحظى بالقبول لدى كثير من المصريين.

وقال المسؤول "من السابق لاوانه توقع كيف سيؤثر (التنحي) على الامور." واضاف "نأمل ان يحدث التغير الى الديمقراطية في مصر بدون عنف وان تبقى اتفاقية السلام." وفي قطاع غزة أطلق السكان الالعاب النارية وطلقات الرصاص في الهواء ابتهاجا بسقوط مبارك.

ودعا سامي ابو زهري المتحدث باسم حركة حماس التي تسيطر على القطاع الحكام الجدد لمصر الى رفع الحصار عن القطاع.

وقال ان استقالة الرئيس مبارك بداية انتصار للثورة المصرية. وقال ان هذا النصر جاء نتيجة لتضحيات وصمود الشعب المصري.

كما دعت المستشارة الالمانية مصر الى احترام معاهدتها مع اسرائيل وقالت ان على المسؤولين عن البلاد الان أن يضمنوا ان تكون التطورات "سلمية ولا رجعة فيها."

ووصف الامين العام لجامعة الدول العربية المصري عمرو موسى الانتفاضة الشعبية المصرية بأنها "ثورة بيضاء" ستتيح فرصة أمام الشعب المصري. وقال موسى انه سيساعد على بناء توافق وطني في بلاده.

وفي أنحاء الوطن العربي وصف ديوان أمير قطر قرار مبارك بالتنحي بأنه "يشكل خطوة ايجابية هامة على طريق تحقيق تطلعات الشعب المصري في الديمقراطية والاصلاح والحياة الكريمة." وأعربت الامارات العربية المتحدة عن ثقتها في الحكام العسكريين الجدد في مصر.

وقال صالح المطلق نائب رئيس الوزراء العراقي عن نهاية حكم مبارك انه يعتقد ان هذا هو مصير أي شخص يقف ضد ارادة شعبه. وقال انه يأمل ان يضمن الشعب المصري انتقالا سلميا وسلسا ومنظما للسلطة في هذا الوقت الحرج.

وفي روسيا قال وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف "نأمل أن تساعد التطورات الاخيرة في استعادة الاستقرار والعمل الطبيعي لكافة هياكل السلطة. ونأمل أن تبدي الحكومة والمعارضة أيضا الرغبة في استقرار الوضع."

ثلاثة عقود بدون منازع

وحكم الرئيس المصري حسني مبارك مصر من دون منازع طوال ثلاثة عقود. ويبلغ من العمر 82 عاما، ووطد استقرار نظامه بالاعتماد على جهاز امني قوي ونظام سياسي يهيمن عليه الحزب الوطني الديموقراطي الحاكم، تمسك بالحكم في الاسبوعين الاخيرين رغم مواجهته حركة احتجاج شعبية لا سابق لها للتنديد بما خلفه حكمه من بطالة وفقر وفساد وخنق للحريات وعنف مارسته قوات الامن.

ولم يؤد اعلانه في الاول من شباط/فبراير انه لن يترشح لولاية رئاسية جديدة في ايلول/سبتمبر المقبل، الى تهدئة معارضيه الذين واصلوا المطالبة برحيله على الفور. واستمر هؤلاء في المطالبة بتنحيه مساء الخميس بعد خطابه الذي اعلن فيه التخلي عن معظم صلاحياته لنائبه عمر سليمان.

وامام الدعوات العديدة على مر السنين، بما فيها الصادرة من الولايات المتحدة لاعتماد انفتاح سياسي، لوح مبارك دائما بشبح زعزعة الاستقرار التي سيكون لها وقع الكارثة على اكبر بلد عربي من حيث عدد السكان (اكثر من 80 مليون نسمة).

وخلف مبارك في 1981 الرئيس انور السادات الذي اغتاله مسلحون اسلاميون وذلك بعد عامين من توقيع اول رئيس عربي معاهدة سلام مع اسرائيل.

وعلى الرغم من كل الصعوبات حافظ الرئيس المصري، الرجل العملي الذي يحب القيام بجولات في طول البلاد وعرضها، على علاقات بلاده كحليف للولايات المتحدة وعلى اتفاقات السلام الموقعة مع اسرائيل.

وتمكن هذا القائد السابق لسلاح الجو حتى 25 كانون الثاني/يناير 2011 من الحفاظ على استقرار مصر وعلى موقعه في الرئاسة معتمدا على جهاز امني متهم بتكبيل الحياة السياسية ونظام سياسي يهيمن عليه حزبه.

ورغم تصديه بقوة للجماعات الاسلامية المتطرفة، لم يتمكن مبارك من وقف تصاعد الاسلام الاصولي الذي تجسده جماعة الاخوان المسلمين التي تحظى بحضور قوي رغم هزيمتها في الانتخابات التشريعية الاخيرة التي جرت في تشرين الثاني/نوفمبر 2010.

وعلى مر السنين، اصبح حسني مبارك من الوجوه المألوفة في الاجتماعات الدولية، فارضا مصر كواحدة من اهم دول "الاعتدال" في العالم العربي.

ولد محمد حسني مبارك في الرابع من ايار/مايو 1928 في عائلة من الطبقة الريفية المتوسطة في دلتا مصر. وصعد سلم الرتب العسكرية في الجيش الى ان اصبح قائدا للقوات الجوية ثم نائبا للرئيس في نيسان/ابريل 1975.

وخلال مسيرته الطويلة، تعرض لست محاولات اغتيال ما جعله يرفض رفع حالة الطوارىء السارية في البلاد منذ توليه الحكم.

وقد غذى صعود نجم نجله الاصغر جمال القريب من اوساط رجال الاعمال، الشكوك بشأن عملية "توريث" للحكم خلال الانتخابات الرئاسية المقررة في ايلول/سبتمبر 2011 ما ادى الى احتجاج المعارضة.

في المقابل فان الانفتاح الاقتصادي الذي تسارعت وتيرته في السنوات الاخيرة اتاح تحقيق طفرة اقتصادية وظهور "ابطال" مصريين في مجال الاتصالات او الانشاءات.

الا ان نحو اربعين بالمئة من 80 مليون مصري لا يزالون يعيشون باقل من دولارين في اليوم وفقا للتقارير الدولية، في الوقت الذي تتهم فيه البلاد بانتظام بقضايا فساد.

ولمبارك الذي خضع في اذار/مارس 2010 لجراحة لاستئصال الحوصلة المرارية في المانيا، ابن اخر هو علاء نجله البكر من زوجته سوزان ثابت "سيدة مصر الاولى" التي يقال ان لها تاثيرا كبيرا على زوجها

ولدت من جديد

من جانبه قال السياسي المصري المعارض أيمن نور الذي حل ثانيا في الانتخابات الرئاسية بعد الرئيس حسني مبارك في عام 2005 ان مصر ولدت من جديد وان الجيش يعي مهمته في الاعداد لحكم مدني.

وقال نور لقناة الجزيرة بعد تنحي مبارك بعد حكم دام 30 عاما "هذا أعظم يوم في تاريخ هذه الامة العظيمة. هذا يوم في تاريخ مصر لن يتكرر. انا اقول هذه الامة ولدت من جديد. هذا الشعب ولد من جديد. هذه مصر جديدة."

واضاف نور "ننظر الى المرحلة الانتقالية باعتبارها المرحلة التي ستمهد الى الوصول الى الدولة المدنية والى مطالبنا المشروعة في دولة حرة مدنية. في دولة تقوم على حقوق الانسان والمواطنة."

وقال نور الذي حل ثانيا بعد مبارك بفارق واسع في اول انتخابات تعددية في تاريخ مصر "اعتقد ان الجيش يدرك ان مهمته هي حماية الاوضاع الى أن تنتقل الامور الى مرحلة مدنية."

رئيس المجلس الاعلى للقوات المسلحة 

اما وزير الدفاع المصري محمد حسين طنطاوي هو رئيس المجلس الاعلى للقوات المسلحة الذي تولى السلطة في البلاد بعد تنحي حسني مبارك، وفيما يلي بعض الحقائق عن طنطاوي:

- ولد في 31 اكتوبر تشرين الاول 1935 وانضم الى القوات المسلحة في 1956 .

- يحمل طنطاوي رتبة مشير ويتولى منصب وزير الدفاع والانتاج الحربي منذ 1991 والقائد العام للقوات المسلحة منذ 1995 .

- شارك طنطاوي في ثلاث حروب ضد اسرائيل في أعوام 1956 و1967 و1973 .

- عين طنطاوي نائبا لرئيس مجلس الوزراء الى جانب منصبه كوزير للدفاع بعدما أقال مبارك الحكومة في محاولة فاشلة لتهدئة الاحتجاجات في 29 يناير كانون الثاني.

- أثارت خلفيته العسكرية وأقدميته تكهنات باحتمال أن يخوض انتخابات الرئاسة رغم أن بعض المحللين قالوا انه لا يتمتع سوى بدعم محدود من الرتب الدنيا بالقوات المسلحة.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 12/شباط/2011 - 8/ربيع الأول/1432

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م