باكستان... دولة يسودها قانون الغاب

 

شبكة النبأ: لا يستطيع وصف الحياة البائسة في باكستان لما تشهده من غياب للنظام والعدالة وقوة القانون، لاسيما وانها تعاني من عمليات قتل بشعة بحق المرأة تحت ذريعة المساس بالشرف كونها اختارت او لم توافق على زوجا لها قد اختير او فرض من قبل اهلها واذا بهم يحرقوها او يصعقوها بالكهرباء عقابا لذلك.

بل وحتى الاطفال الذين لم تتجاوز اعمارهم السبعة ايام فهم ايضا يقتلون ويرمون في مزابل الشوارع بسبب العلاقات الغير الشرعية فيما تكافح الجهات الاسلامية هناك على عدم الاستمرار بمثل هذه الانتهاكات للحقوق التي يرفضها الاسلام وتعاليمه، من جانبهم فقد قال ناشطون في جمعيات ومؤسسات تدافع عن حقوق الانسان بأن الاحداث الاخيرة التي مرت به باكستان من كوارث طبيعية كان لها تأثيرا كبيرا خاصة انها خلفت دمارا كبيرا ادى ذلك الى الفقر والجوع ونقص فرص العمل بالإضافة الى ان انتشار الاسلحة فيها يمثل نسبة عالية جدا ومخيفة بعد ان اراد الكل ان يأخذ حقه بعد غياب السلطة والنظام.

مئات النساء يلقين حتفهن بتهمة الشر

فهل صرخت سايما بيبي البالغة من العمر 22 عاماً بينما كان يتم صعقها بالكهرباء في منزل والديها في قريتهم بالقرب من مدينة باهاولبور الواقعة في جنوب إقليم البنجاب في باكستان؟ هل دافعت عن حياتها أمام أسرتها؟ هل طلبت الرحمة؟

لن تعرف الإجابات عن تلك الأسئلة أبداً. فقد قتلت سايما على يد أقاربها في واحدة من أكثر جرائم الشرف ترويعاً خلال الأشهر الأخيرة في البلاد، طبقاً لما ذكرته تقارير وسائل الإعلام. وقد تم ارتكاب الجريمة في أعقاب حكم صدر عن شيوخ القرية بإعدامها عن طريق الصعق الكهربي لهروبها مع رجل اختارت الزواج منه.

وتقوم الشرطة بالتحقيق في جريمة القتل هذه في الوقت الذي قام فيه رئيس الوزراء بإصدار أوامره لإظهار نتائج التحقيقات على وجه السرعة. ويشير تقرير تشريح الجثة إلى أن الفتاة لقت حتفها بسبب إصابتها بحروق شديدة ولكن أقاربها أفادوا أنها انتحرت. وقال أفضل لودي، وهو ضابط شرطة في قرية هاكرا حيث ماتت سايما، أنه بعد تلقي الشرطة بلاغاً عن طريق الهاتف، "قامت بشن غارة لاستعادة جسد سايما".

ولا يعد هذا النوع من الجرائم استثنائياً في البلاد، فطبقاً للجنة حقوق الإنسان في باكستان، قتلت أكثر من 600 امرأة من أجل "الشرف" في عام 2009. ويتضمن هذا العدد النساء المشتبه في إقامتهن لعلاقات جنسية خارج الزواج أو اللواتي يخترن شريك حياتهن بدلاً من قبول قرارات الزواج التي تتخذها أسرهن أو اللواتي يتصرفن بطرق ينظر إليها على أنها "غير أخلاقية". كما لا يتم التبليغ عن عدد آخر من جرائم الشرف التي تحدث في مناطق ريفية بعيدة. بحسب شبكة الأنباء الإنسانية (إيرين).

وقال آي. إيه. رحمن، الأمين العام للجنة حقوق الإنسان في باكستان، أن "جرائم القتل هذه تحدث عند الشعور بأن شرف أفراد الأسرة الذكور قد جُرح.  وعلى الرغم من أنه يحق للفتيات فوق سن الثامنة عشر قانوناً الزواج بمحض إرادتهن إلا أن التقاليد تتوقع منهن الموافقة على اختيارات أسرهن.  وقالت بشرى سهيل، البالغة من العمر 42 عاماً "لقد قامت أسرتي ’بالترتيب‘ لزواجي وأخطط أنا أيضاً للترتيب لزواج بناتي اللائي تبلغ أعمارهن 15 و13 عاماً عندما يكبرن لأن تلك المصاهرات تحقق التقارب بين الأسر".

مسامحة الجناة

وعلى الرغم من أن جرائم الشرف تعتبر جريمة قتل من وجهة نظر القانون، إلا أن الأحكام الإسلامية تسمح لأقارب الضحية بالعفو عن الجاني واختيار دية الدم بدلاً من طلب عقوبة الإعدام، وهو ما يصعب وضع حد لهذه الجرائم، وفقاً لناشطي حقوق الإنسان.

بالنظر إلى ما أوردته التقارير الإعلامية، فإن معظم أعمال العنف المروعة تصيب النساء  وقالت فوزية سعيد، مدير منظمة مهيرجار غير الحكومية وعضو اللجنة الوطنية للمرأة التابعة للحكومة "أعتقد أنه ما لم ينص القانون على عدم العفو لا يمكننا أبداً التعامل مع ما نسميه جرائم الشرف.

يجب اعتبار هذه الجريمة ضد الدولة وليس ضد الفرد. ولكن ما يحدث هو أن والد الفتاة يقتل ويقوم ابنه بالعفو أو يقوم الابن بالقتل ويقوم الأب بالعفو. وهذا يحدث مراراً وتكراراً". وبصرف النظر عن جرائم الشرف، تعاني النساء أيضاً من أنواع مختلفة من الوحشية بعد اتهامهن بالقيام بسلوك غير أخلاقي. ويشمل ذلك حلاقة شعر الرأس أو التعرض لحوادث تسبب لهن التشويه. وعدد هذه الحوادث غير معروف.

وقالت جلنار تابوسام، المنظمة لمنتدى عمل المرأة وهي منظمة مناصرة لحقوق المرأة: "بالنظر إلى ما أوردته التقارير الإعلامية، فإن معظم أعمال العنف المروعة تصيب النساء. يبدو أن هذا التوجه يزداد ربما بسبب تنامي التوترات والإحباط الاجتماعي نتيجة المصاعب الاقتصادية والعوامل ذات الصلة".

وأخبرت آسيا بتول، البالغة من العمر 19 عاماً قائلة: "العديد من الفتيات الصغيرات اليوم متعلمات ويرغبن في أن يكون لهن رأي في اختيار الشخص الذي سيتزوجنه. ولكن حوادث مثل الصعق بالكهرباء والتعذيب لسايما بيبي تجعلنا خائفات. فنحن نتردد حتى في المطالبة بهذا الحق".

جرائم قتل الرضع ترتفع

من جانب اخر وبعدما عثر على الصغيرين في مكب للنفايات في كراتشي، راح عامل المشرحة يغسل وللمرة الأخيرة جثتي المولودين الجديدين قبل أن يواريا الثرى... وهذان ليسا سوى عينة من مئات جرائم قتل الأطفال التي تخلفها الأزمة الاقتصادية في باكستان.

وهو يشير إلى الجثتين الصغيرتين اللتين يغسلهما أحد زملائه العاملين في مشرحة مؤسسة إيدهي في كراتشي، يؤكد محمد سليم أنهما "ما كانا ليعيشان أكثر من يوم أو اثنين" على أبعد تقدير. وترتفع نسب جرائم قتل الرضع في باكستان، الدولة المسلمة المحافظة، إذ ان ولادة الأطفال خارج إطار الزواج أمر مدان في حين قد تصل عقوبة الزنى إلى الإعدام.

في العام 2010، وصل عدد الأطفال الذين تم التخلي عنهم أو الذين قتلوا إلى 1210 أطفال، مقابل 999 في العام 2009، و 890 في العام 2008، بحسب بيانات المؤسسة التي شيدها المحسن الباكستاني الكبير عبد الستار إيدهي في كراتشي، أكبر مدن جنوب البلاد. وتحاول هذه المؤسسة التصدي لهذا التوجه الذي تأتي غالبية ضحاياه من الرضع الذين لم يبلغوا بعد أسبوعهم الأول.

لكن هذه الأرقام ليست سوى بيانات جزئية تعبر فقط عما تم إحصاؤه في المدن الأساسية في البلاد، مستثنية بالتالي غالبية المجتمع الريفي. وتلفت مؤسسة إيدهي إلى أنه وخلال شهر كانون الأول/ديسمبر الأخير، عثرت على 40 رضيعا مقتولا في مكبات النفايات وقنوات تصريف المياه. بحسب وكالة انباء فرانس برس.

وتكثر الروايات البائسة في مكاتب المؤسسة. ومن بين أمثلة أخرى، يشير مدير المؤسسة أنور كاظمي إلى ذاك الطفل الذي خنق وقد بلغ يومه السادس قبل أن يتم إحراقه، كما يذكر أيضا صغيرا آخرا وجد أمام مسجد وقد رجم حتى الموت.

أمام مراكز المؤسسة، وضع ملصق كتب عليه "لا تقتلوهم. أودعوهم هنا"... وقد جهزت هذه المراكز بأسرة للأطفال لهذا الغرض. ويأسف عبد الستار إيدهي مؤسس هذه المنظمة غير الحكومية لواقع أن "الناس يتخلصون من الأطفال لأنهم يعتبرونهم غير شرعيين. لكن هؤلاء (الصغار) هم وقبل كل شيء كائنات بريئة لا تطلب سوى الحب". يعتبر إيدهي الوجه الإنساني الأبرز في البلاد.

اسباب ومبررات

وتمتلك المؤسسة في ضواحي المدينة مدفنا توزعت فيه أضرحة صغيرة لا تحمل أي أسماء. ويوضح حارسه خير محمد "اشترينا قطعة الأرض هذه بعدما فاضت الأخيرة بمئات الجثث". ويلفت أنور كاظمي إلى أن 90% من الأطفال الذين يتم العثور عليهم جثثا هامدة هم من الفتيات. ويشرح أن "جرائم قتل البنات ارتفعت بشكل كبير"، وذلك على خلفية المشاكل الاقتصادية التي يعاني منها السكان والتي ضاعفت من حدتها الفيضانات الهائلة التي اجتاحت البلاد خلال الصيف الماضي.

وفي باكستان، تعتبر الفتيات عبئا ثقيلا بالنسبة إلى العائلات. فالنساء بغالبيتهن لا يعملن فيصبحن بالتالي عالة على ذويهن ومن ثم على أزواجهن. إلى ذلك، قد تضطر العائلات إلى إنفاق أكثر من مليون روبيه (حوالى 8900 يورو) لإيجاد زوج لبناتها وفقا لما هو سائد.

في كل عام، يصل عدد الأطفال الذين يودعون في الأسرة (400 سرير) التي تخصصها لهم مؤسسة إيدهي في كافة أرجاء البلاد إلى مئتي طفل. كذلك تشير المؤسسة إلى تلقيها آلاف طلبات التبني من قبل أزواج حرموا من نعمة الأطفال.

إلى ذلك، يحظر الإجهاض في باكستان باستثناء الحالات التي يهدد فيها الحمل حياة الأم. لكن البعض يرون بأن تشريع الإجهاض قد يؤدي إلى الحد من عدد جرائم قتل الرضع كما قد ينقذ حياة النساء اللواتي يقضين في الشوارع أثناء وضعهن أطفالهن.

في باكستان، تصل عقوبة القتل نظريا إلى الإعدام. أما التخلي عن طفل فقد تصل عقوبته إلى السجن لمدة سبع سنوات، في حين تحاسب عمليات الدفن السرية بالسجن لمدة سنتين. لكنه نادرا ما تطبق هذه التشريعات. ويلفت المحامي عبد الرشيد إلى أن "غالبية مراكز الشرطة في البلاد لا تسجل قضايا جرائم قتل الأطفال في سجلاتها. فكيف الأمر بالنسبة إلى التحقيق حولها...".

العنف يطارد المستوطنين

فيما يمكن سماع العديد من اللغات المختلفة في باحة مستشفى مزدحم بمدينة كراتشي، عندما تتجاذب الأسر أطراف الحديث مع بعضها أثناء انتظارها لاستشارات طبية أو لزيارة المرضى.

فالأردو [اللغة الوطنية] والسندية والبنجابية والباشتو والبلوشية، وهي اللغات المستخدمة في أقاليم باكستان الأربعة، جنباً إلى جنب مع بعض اللغات الأخرى التي تتكلمها الجماعات العرقية والدينية المتعددة التي تشكل سكان المدينة الساحلية البالغ عددهم 15 مليون نسمة.

ولكن بمجرد الخروج من المكان العام الذي تجمعت فيه بمحض الصدفة، نادراً ما تخالط تلك المجموعات بعضها، بل تسلك الطريق إلى مساكنها التي توجد غالباً في مناطق تهيمن عليها مجموعة معينة. وفي الآونة الأخيرة، أدى تصاعد التوتر بين الجماعات العرقية والمنافسات السياسية التي تحفزه، إلى تزايد الاضطرابات. وقد أدت هذه العوامل أيضاً إلى انتشار العنف، الذي أدى بدوره إلى مقتل 33 شخصاً وإصابة آخرين عند اندلاع الجولة الأخيرة من أعمال القتل.

وفي العام الماضي، لقي أكثر من 1,000 شخص حتفهم جراء جرائم القتل التي نفذها في معظم الحالات مسلحون يجوبون الشوارع ويقتلون الناس بشكل عشوائي على ما يبدو، وفقاً للشرطة. وقد استمرت عمليات القتل طوال الأشهر الأخيرة من العام الماضي.

ويعتبر الباتان، الذين انتقلوا إلى كراتشي من إقليم خيبر بختون خوا الشمالي على مدى عقود كثيرة، سعياً في معظم الحالات وراء وظائف وحياة أفضل، بالإضافة إلى المهاجرين الذين انتقلوا من الهند الى باكستان أثناء تقسيم شبه القارة الهندية الذي اتسم بالعنف عام 1947، الضحايا الرئيسين لعمليات القتل التي تتبع نمطاً انتقامياً.

وقال فيصل ادهي، عضو مجلس أمناء مؤسسة ادهي الخيرية أن "تفشي البطالة بين الشباب عامل أساسي في كل هذا، لأن هؤلاء الشباب يعيشون حياة خاوية؛ وبالتالي من السهل جداً استغلالهم".

المضايقات

وقد أطلقت جرائم القتل، وعملية نفذتها قوات الأمن في المناطق المضطربة في جميع أنحاء المدينة، العنان للخوف، حيث قال شيراز جان البالغ من العمر 40 عاماً: "تحدث مضايقات فظيعة ضدنا نحن الباتان. لقد عاشت أسرتي في كراتشي لأكثر من 30 عاماً، بعد انتقالها هنا في سبعينيات القرن الماضي، ولكن حتى الآن نعامل كأننا غرباء غير مرغوب فيهم". وأضاف أن أسرته وبعض أسر الباتان الأخرى تتجنب إرسال أطفالها إلى المدارس.

ولكن مجتمع الباتان ليس وحده الذي يشعر بالخوف، إذ يقول بعض الناس في منطقة أورانغي، التي تقطنها العديد من الجماعات العرقية المختلفة، أن قوات الأمن قد اعتقلتهم لعدة ساعات، أو احتجزتهم في منازلهم، أثناء عمليات التفتيش المستمرة. وقالت ساجدة سراج، البالغة من العمر 25 عاماً: "تعرضت لمضايقات شديدة بعد أن دخل حوالي ثلاثة أفراد من القوات شبه العسكرية بيتي وطلبوا مني إبراز بطاقة الهوية الوطنية. وأجبرت على البقاء في مكاني حتى تمكنت من الوصول إلى زوجي وطلبت منه جلب البطاقة، لأنه يحتفظ بها في ملف بمكتبه". بحسب شبكة الأنباء الإنسانية (إيرين).

وأضاف أحد سكان المنطقة الأخرين الذي يدعى فاروق راشد، وهو بنجابي: "احتجزتني قوات الأمن في منزلي لعدة ساعات مما تسبب في غيابي عن عملي في ذلك اليوم، وهو أمر لا أستطيع تحمل تبعاته". ويفكر راشد الآن في الانتقال مرة أخرى إلى إقليم البنجاب مع أسرته.  وقال إحسان صديق، البالغ من العمر 55 عاماً، وهو أخصائي اجتماعي: "من المحزن أن الناس في هذه المدينة الكبيرة لم يستطيعوا أن يتعلموا كيفية التعايش مع بعضهم البعض".

أسلحة أكثر مما ينبغي

وفي الوقت نفسه، يدعو ناشطو المجتمع المدني إلى "نزع السلاح" من كراتشي، المدينة التي يعتقد أن بها أكثر من 20 مليون قطعة من الأسلحة الصغيرة. ووفقاً لتقرير صادر عن شبكة التحرك الدولية بشأن الأسلحة الصغيرة (إيانسا) وهي شبكة عالمية ضد العنف المسلح، فإن باكستان تضم واحداً من أعلى معدلات حيازة الأفراد للأسلحة في العالم.

وأضاف التقرير أنه على الرغم من عدم توفر إحصاءات رسمية، إلا أن التقديرات تشير إلى أن عدد الأسلحة ،الصغيرة، المرخصة وغير المرخصة، في البلاد يصل إلى أكثر من 20 مليون قطعة. ويبلغ عدد سكان باكستان الذي يتزايد بسرعة كبيرة، نحو 170 مليون نسمة. وأفاد صديق أنه "عندما يمتلك هذا العدد الكبير من الناس أسلحة، لابد أن تندلع أعمال العنف".

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 10/شباط/2011 - 6/ربيع الأول/1432

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م