العراق من عهد أبو خليل الى زمن أبو إسماعيل

كنى يرفضها أفراد القوى الأمنية

تحقيق: عبدالكريم إبراهيم

 

شبكة النبأ: العراقيون من الشعوب التي تحاول إيجاد لغة حوار فيها الطرافة والمودة من خلال إطلاق الكنى والالقاب على الأشياء المادية والمعنوية، لإضافة نوع من العوامل المشتركة وإعطاء هذه الأشياء دفعة من الشحنات القوية، وبث الهمّة والغيرة فيها، لذا عندما ينتخي العراقي بأخيه يكنيه تحبباً وشحن همته، وهناك ألقاب بمرور الزمن تحول إلى لازمة تخص بعض المهن، ولعل (أبو خليل) الذي يطلق على كل جندي منتمي للجيش و(أبو إسماعيل) الذي يطلق على الشرطي، وهما الاكثر شيوعا في العراق، ولكن يرفض بعض منتسبي القوى الامنية هذه التسمية ويعدونها من الماضي.

الباحث محمد عبدالله يقول: هذه ألقاب والكنى هي نتاج سنوات طويلة من التاريخ حتى وصلت إلى ما هي عليه الان من مفردات في وقتنا الحالي، وأغلبها ذات مدلولات تاريخية وأحداث، ألقت بتأثيرها على المجتمع عبر ترك اللقب والكنى على الآخرين، عادة العراقيون يطلقون على من أسمه كريم (أبو حاتم) ومحمد (أبو جاسم) وهكذا، أما بما يخص المهن والحرف فهذه الظاهرة موجودة مثلاً (أبو إسماعيل) للشرطي و(أبو خليل) للجندي وهي ليست موجودة في العراق فقط، بل حتى في بعض الدول العربية والأجنبية.

ولكن لماذا يرفض أفراد القوى الأمنية هذين اللقبين؟ الباحثة الإجتماعية جمانة محمود تقول: أعتقد إن العلاقة التي تحكم المواطن والقوى الأمنية في السابق قائمة على مبدأ الخوف منها، لذا يحاول بعض أفراد هذه الأجهزة رفض مثل هذه الألقاب للحيلولة من الرجوع إلى تلك الحقبة، وربما يبتكر العراقيون ألقاباً جديدة تعطي لهؤلاء نوعاً من الزهو لا يرجع الأمور إلى الوراء.

أما مصدق فرهاد باحث في التراث الشعبي يقول: البيئة الشعبية ولود ومنتجة بكل ما هو جديد، وتحاول إيجاد لكل حادثة أو أسم او لقب أو كنية يستمر لفترة معينة ثم ينقرض ليأتي بعده غيره، وهكذا هي في دورة لا تنتهي، مثلاً إنتشرت في فترة معينة مصطلحات (نكري، حواسم، بوري، بحارة، جراوي، بريكي، خنافس... ألخ)، ثم توارت بعد فترة لإنتفاء مدة صلاحية مثل هذه الألقاب، أما (أبو إسماعيل) و(أبو خليل) هما لازمة خصت الأجهزة الأمنية العراقية، وهي ليست من باب الإهانة والإنتقاص بل على العكس هي من باب المديح والتشيم، فلماذا يرفضها البعض الآن؟ حسب إعتقادي لأن أغلب أفراد هذه الأجهزة هم من الشباب الجديد الذين لم يعاصروا تلك الحقبة، لذا يرفضون كل ما هو قديم.

الحاج ضمد موحان (72عاماً) يقول: كنت عند إحدى السيطرات، وطال بي الإنتظار وكان في السيارة مريض كنت أريد إيصاله إلى المستشفى بأقرب وقت، ترجلت من السيارة وخاطبت الجندي المسوؤل عن السيطرة (عمي أبو خليل إحنه بمروتك)، ولكن هذا الجندي لم تطب له هذه الكلمة، فقلت له: (قبل نسمي كل جندي أبو خليل، فاليوم ماذا تريد أن أسميك؟!)، في البداية بدت علامات الغضب عليه من هذا السؤال ثم بعدها سمح لنا بالمرور، المهم في الأمر إن أغلب أفراد الجيش والشرطة (يزعلون) عندما نقول لهم (أبو إسماعيل) و(أبو خليل) ولكن لا نعرف ماذا نقول لهم حتى يطيب خاطرهم؟!

ولكن ماذا يقول أفراد القوى الأمنية عن هذه الحالة؟

الجندي علي جودي (25عاماً) يقول: (أبو خليل) يذكرني بالحرب ومعاناة الجيش في السابق، ثم لماذا عليّ أن أحمل لقباً قديماً إنتهى وقته، الجيش اليوم يختلف عن ذي قبل، ولابد إن تختلف معه الألقاب، حتى وإن كانت ليست سيئة.

أما الشرطي وليد عبدالرزاق (29عاماً) يقول: أشعر بالإحباط عندما يناديني أحدهم بـ(أبو إسماعيل) هذا اللقب يوحي بأني أصبحت شيخاً عجوزاً وهذا ما لا أرتضيه لنفسي أبداً، بصراحة أريد أن أنسى هذا اللقب الذي يذكرني فيه فقط كبار السن لأنهم عاشوا مرحلة معينة كان هذا اللقب هو المتسيد، أما الشباب من النادر أن أسمع منهم هذه التسمية وربما ينادونني (أبو الشباب) أو (أخي) او غيره.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 10/شباط/2011 - 6/ربيع الأول/1432

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م