مصر في اسبوع الصمود

 

شبكة النبأ: تزداد الانتفاضة المصرية في شوارع مصر يوما بعد يوم وتتزايد بها الاعداد المشاركة التي تؤكد على المطالب الرئيسية لهم وهي تنحية مبارك من الحكم وتغيير النظام كله، وهذا ما يشكل ضغطا كبيرا على الرئيس المصري والذي بدوره لا يتأثر بهذه الصيحات التي تتعالى ولا بالاعتصام الذي يقوم به الشعب المصري من خلال الحشود التي اوقفت الحياة في مصر الى حين تنفيذ مطالبها.

وليس هذا وحسب بل انه يؤكد على استمرار فترة حكمه حتى الفترة المقرر لها مفجرا بذلك غضب العديد من الجهات المعارضة له والتي بدورها لم تسكت وبدأت بالدخول في نقاشات مع كبار السياسيين والمسؤولين في الحكومة المصرية للتأثير والتغيير السريع للنظام، من جانبها فأن العديد من المواطنين المصريين بينوا ان هذا الحال يضر بمصر كثيرا لاسيما وان الاعمال والمحلات وحتى الدوائر قد اغلقت والكل متوقف عن اداء واجبه، وهذا فعلا ما حدث فأن البورصة المصرية وما سجلت من نسب وارقام في قيمة الجنيه المصري بينت الهبوط الكبير والمخيف في قيمته العالمية وهذا ما ينعكس على البلاد بالسوء وهي لا تحتاج الى ذلك خاصة في هذه الاوقات.

مبارك يتمسك بالسلطة

حيث ما زال الرئيس المصري حسني مبارك متمسكا بالسلطة متحديا الانتفاضة الشعبية ضد حكمه المطلق في حين بدأت حكومته محادثات مع جماعات المعارضة لحل أسوأ أزمة سياسية تشهدها مصر منذ 30 عاما.

وكانت جماعة الاخوان المسلمين المحظورة من بين الجماعات المعارضة التي التقت بالمسؤولين في مؤشر على تغيرات كبيرة خلال 13 يوما هزت العالم العربي وأزعجت الغرب. لكن شخصيات معارضة رفيعة قالت ان المطلب الرئيسي هو الرحيل الفوري لمبارك. وعبر البعض عن مخاوفه من ان تكون الحكومة تسعى الى كسب الوقت على أمل أن يبقى مبارك في منصبه حتى سبتمبر أيلول حيث تنتهي فترته الدستورية.

وقال المحتجون المعتصمون في ميدان التحرير حيث خرجت المظاهرات بمشاركة مئات الالاف وحيث دارت اشتباكات سقط خلالها ما يقدر بنحو 300 قتيل انهم سيصعدون من معركتهم لإسقاطه. وأطلق جنود الجيش بعد حلول الظلام النار في الهواء لتفريق الحشود. لكن المتظاهرين الذين استلقوا أمام دبابات الجيش ظلوا في أماكنهم وتخلى الجيش عن محاولة تفريقهم.

وعادت الحركة مرة أخرى في مصر يوم الاحد وأعادت البنوك فتح أبوابها بعد أسبوع من التوقف حيث تزاحم العملاء للتعامل على حساباتهم. ومن المقرر أن يعقد وزراء الحكومة اول اجتماع لمجلس الوزراء كاملا منذ أجرى مبارك التعديل الوزاري في 28 يناير كانون الثاني في محاولة لتهدئة المحتجين الغاضبين بسبب سنوات من الفساد والصعوبات الاقتصادية والكبت السياسي.

لكن الموقف بالتأكيد لم يهدأ على الرغم من دعوة الولايات المتحدة التي دعمت مبارك طويلا الى انتقال "منظم" نحو حكم أكثر ديمقراطية.

ومثل ظهور جماعة الاخوان المسلمين التي تعرض أعضاؤها للقمع لسنوات على ايدي أجهزة مبارك الامنية المخيفة تطورا مهما. ويفتقر المحتجون في ميدان التحرير وأغلبهم من الشبان الى مظلة واضحة لتنظيم تحركهم أو قيادة تنقل أفكارهم.

وقالت الحكومة بعد الاجتماع الذي ترأسه عمر سليمان نائب رئيس الجمهورية انها وافقت على وضع خارطة طريق للحوار مشيرة الى أن مبارك سيبقى في منصبه للإشراف على التغيير. وقالت انها ستمضي قدما نحو الافراج عن الناشطين المعتقلين وضمان حرية الصحافة والغاء قانون الطوارئ. وتم تشكيل لجنة لدراسة التعديلات الدستورية. لكن المعارضة قالت ان الحكومة لم تستجب لمطالبتها بالتغيير الكامل للنظام السياسي.

وقال عبد المنعم ابو الفتوح العضو البارز في جماعة الاخوان المسلمين ان بيان الحكومة قدم نوايا حسنة لكنه لم يتضمن اي تغييرات حقيقية. ويرفض ناشطو المعارضة اي مساومة تتضمن تسليم مبارك السلطة لسليمان لكن أيضا يكمل ولايته معتمدا على نظام مستبد عتيق في تمهيد الطريق نحو ديمقراطية مدنية كاملة مع حفظ صورته.

وانتقد محمد البرادعي الحاصل على جائزة نوبل والذي برز كمعارض رئيسي المحادثات وقال انه لم يدع اليها. وقال لقناة (ان.بي.سي) التلفزيونية الامريكية ان هذه المحادثات يديرها الجيش بالكامل وان هذه هي المشكلة. بينما قال جمال سلطان رئيس تحرير صحيفة المصريون ان المحتجين لن يرحلوا حتى يستجاب لمطالبهم.

وقال ان المشكلة ان تردد النظام في اتخاذ خطوات جادة سيؤدي الى تعقيدات والى زيادة المظاهرات الشعبية وربما الى اجبار الجيش على التدخل. لكن الوزير السابق رشيد محمد رشيد قال "اعتقد ان وجود مبارك في المرحلة الانتقالية القادمة خلال الاشهر القادمة مهم جدا." وفاجأت الانتفاضة الشعبية الولايات المتحدة التي تدعم مبارك وجيشه بمبلغ 1.3 مليار دولار سنويا. وتعتبر الولايات المتحدة مبارك حصـــــنا لها ضــــد التشـــــدد الاســــلامي وصـــــــديقا لإســـــــرائيل. بحسب وكالة الانباء البريطانية.

ودعت واشنطن الى انتقال منتظم للسلطة لكنها اعطت رسائل متباينة بشأن الموعد الذي تريده لتنحي مبارك. وفي واشنطن قال الرئيس الامريكي باراك أوباما انه يعتقد ان مصر "لن تعود الى ما كانت عليه" وان وقت التغيير هو الان. لكنه قال في مقابلة مع قناة فوكس نيوز الاخبارية ان مبارك وحده يعرف متى يترك الحكم.

وقال اوباما ان أفكار جماعة الاخوان المسلمين المحظورة تحتوي عناصر معادية للولايات المتحدة. ومن شأن هذه التصريحات ان تثير غضب الجماعة. وتجمع الالاف في ميدان التحرير مرة أخرى لكن الجيش أطلق النار في الهواء في محاولة فاشلة لتفريق الحشود. وقال المحتج سامح علي وهو في العشرينات من عمره "الجبان جبان والشجاع شجاع ولن نغادر الميدان."

لكن العديد من المصريين حتى بعض هؤلاء الذين شاركوا في الاحتجاجات يتوقون لعودة الحياة الى طبيعتها. وأغلقت المحال التجارية مما جعل من الصعب على الناس تخزين احتياجاتهم كما ارتفعت اسعار بعض السلع.

ومن الممكن ان تواجه العملة ضغوطا عندما تعيد البنوك خارج الشرق الاوسط فتح ابوابها. وانخفض سعر الجنيه المصري عندما استؤنفت المعاملات في مصر لكن الانخفاض كان أقل حدة مما توقعه العديد من المستثمرين حيث بدا ان البنك المركزي يدعم العملة.

كما ينتظر الاقتصاد المصري اختبار ثقة اخر عندما يطرح البنك المركزي أذون خزانة قصيرة الاجل بمبلغ 15 مليار جنيه مصري (2.6 مليار دولار) في عملية مؤجلة من الاسبوع الماضي. وما زالت البورصة المصرية مغلقة.

مبارك تحت الضغط

كما بقي الضغط الشعبي والدولي قويا على الرئيس المصري حسني مبارك الذي استقال نجله جمال من مواقعه في قيادة الحزب الوطني الحاكم وكل اعضاء هيئة مكتب الحزب فيما تعرض انبوب لنقل الغاز لعملية تخريب في سيناء مع استمرار انتفاضة المصريين غير المسبوقة.

واعلن التلفزيون المصري استقالة اعضاء هيئة المكتب السياسي للحزب الديموقراطي الحاكم، الذي يشكل الهيئة التنفيذية للحزب ويضم جمال مبارك نجل الرئيس حسني مبارك الذي كان امينا عاما مساعدا للحزب وكان يطمح لخلافة والده في الرئاسة.

وقال التلفزيون ان الرئيس حسني مبارك "بصفته رئيس الحزب عين حسام بدراوي امينا عاما للحزب وللجنة السياسات". وبذلك يخلف بدراوي، وهو طبيب ورجل اعمال، كلا من صفوت الشريف الامين العام للحزب وجمال مبارك امين لجنة السياسات.

وتعليقا على هذه الخطوة، اعتبر المتحدث باسم مجلس الامن القومي الاميركي تومي فيتور ان استقالة اعضاء هيئة المكتب السياسي في الحزب الوطني الديموقراطي الحاكم تشكل "مرحلة ايجابية". واكد فيتور ان الولايات المتحدة تنظر الى هذه الاستقالة "على انها مرحلة ايجابية نحو تغيير سياسي ضروري"، مضيفا "اننا ننتظر مبادرات اضافية".

وجاء في بيان لجماعة الاخوان المسلمين وقعه المرشد العام للجماعة محمد بديع "ان الاخوان المسلمين وانطلاقا من الحفاظ على مصالح الامة ومؤسساتها ومرافقها وحرصهم على استقلال وطننا ورفضهم اي تدخل دولي او اقليمي في شؤونه الداخلية ورغبة منهم في الحفاظ على مصالح الامة ومؤسساتها ومرافقها، فقد قررنا الدخول في جولة حوار نتعرف فيها على جدية المسؤولين ازاء مطالب الشعب ومدى استعدادهم للاستجابة لها".

في واشنطن، اعلن البيت الابيض ان الرئيس باراك اوباما اجرى محادثات مع عدد من القادة الاجانب حول الوضع في مصر، مشيرا الى ضرورة حصول "عملية انتقالية منظمة وسلمية تبدأ الان".

وجاء في بيان للرئاسة الاميركية ان الرئيس الاميركي اجرى محادثات مع ولي عهد ابو ظبي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ومع رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون ومع المستشارة الالمانية انغيلا ميركل.

ولم يبد مبارك الذي تدعوه الولايات المتحدة الى الرحيل اي اشارة تدل على ذلك. وقد ترأس اجتماعا وزاريا ضم رئيس الحكومة وعددا من الوزراء بينما تستمر الانتفاضة الشعبية التي تطالب برحيله. وهو اول اجتماع يعقده الرئيس المصري مع الوزراء منذ اقالة الحكومة السابقة في اجراء يهدف الى تهدئة الحركة الاحتجاجية. بحسب وكالة انباء فرانس برس.

وقالت وكالة انباء الشرق الاوسط ان مبارك اجتمع مع رئيس الحكومة احمد شفيق ووزراء البترول سامح فهمي والتضامن الاجتماعي علي المصيلحي والتجارة والصناعة سميحة فوزي والمالية سمير رضوان ومحافظ البنك المركزي المصري فاروق العقدة. وعقب الاجتماع صرح شفيق للصحافيين بانه اجرى اتصالات مباشرة مع نحو 75 % من ممثلي الحركات المتظاهرة في الميدان.

وقال ان "الجزء من المطالب الذي تم التحفظ عليه يتعلق بتنح مباشر وفوري للرئيس مبارك، فهو لا يتناسب مع الثقافة المصرية، فالرئيس بالفعل اعلن نيته التنحي في سبتمبر من العام الحالي، ونحن في حاجة اليه خلال التسعة أشهر المقبلة".

وعلى صعيد اخر، اعلن رئيس البورصة المصرية خالد سري صيام انه لن يتم استئناف العمل في البورصة كما سبق ان اعلن. وقال ان موعد استئناف نشاطات البورصة "لم يحدد وسيتقرر وفقا لمجريات الاحداث" موضحا ان "اعادة فتحها ستعلن قبل ثمان واربعين ساعة".

وكانت بورصة القاهرة اقفلت في 27 كانون الثاني/يناير على تراجع كبير بأكثر من 10% مسجلة في يومين خسائر بقيمة 70 مليار جنيه مصري، اي ما يعادل حوالى 12 مليار دولار بحسب ارقام رسمية.

وفي ميدان التحرير، واصل المحتجون ضغطهم وهم يرددون "ارحل ارحل". وهم يريدون منع الدبابات من الرحيل معبرين عن خشيتهم من هجمات محتملة لانصار مبارك. وفي الصباح عندما سمعوا هدير محركات الدبابات والمدرعات، هرع عشرات المتظاهرين ليجلسوا حول المحركات وهم يتوسلون الى العسكريين البقاء في الساحة، بحسب ما ذكر صحافي من وكالة فرانس برس.

فبالنسبة اليهم، يشكل وجود الجيش حماية في وجه انصار الرئيس المصري الذين حاولوا مرات عدة اقتحام حواجزهم ورشقوهم بالحجارة واطلقوا النار في بعض الاحيان ما ادى الى المقتل 11 شخصا في مواجهات وقعت سابقا، وفق بيانات رسمية. ويخشى المحتجون خصوصا ان يرفع العسكريون سيارات الشرطة والشاحنات المحترقة التي تغلق الميدان.

وعلى لافتة كبيرة، كتب المتظاهرون مطالبهم: "رحيل الرئيس المصري وحل مجلس الشعب واقامة حكومة انتقالية" بينما كان بعضهم يهتف "ارحل ارحل" وآخرون ينشدون اغاني. وقالت الامم المتحدة ان 300 شخص على الاقل قتلوا خلال الحركة الاحتجاجية الشعبية، بحسب حصيلة لم تؤكدها مصادر اخرى. وتحدثت وزارة الصحة المصرية عن سقوط خمسة آلاف جريح منذ 28 كانون الثاني/يناير.

إلى العمل

بينما تهدف حكومة الرئيس حسني مبارك إلى جعل الناس يعودون إلى العمل مع استئناف عمل البنوك والشركات في اول اختبار واضح حقيقي للمدى الذي يستطيع خصومه الحفاظ على قوة دفع الاحتجاجات الرامية إلى تنحيته عن السلطة.

واقام المحتجون في ميدان التحرير بالقاهرة وتوعدوا بمواصلة معركتهم للإطاحة بمبارك ولكن الرئيس البالغ من العمر 82 عاما يصر على انه سيبقى حتى انتخابات سبتمبر ايلول. ومع حرص بعض المصريين على العودة إلى الحياة الطبيعية تحاول الحكومة على ما يبدو التشديد على التهديد الذي تشكله الاحتجاجات على الاستقرار والاقتصاد وان تظل قوية.

وسيعطي استئناف عمل البنوك في بداية اسبوع العمل بمصر اول اشارة واضحة للخسائر الاقتصادية من جراء نحو اسبوعين من الاحتجاجات على حكم مبارك الذي بدأ قبل 30 عاما. وقال حسن الرويني قائد المنطقة العسكرية المركزية بالجيش المصري انه يريد عودة الناس إلى العمل والحصول على رواتبهم وعودة الحياة الى طبيعتها. وكان الرويني يتفقد ميدان التحرير في محاولة لإقناع المحتجين بمغادرة الميدان المزدحم عادة في قلب المدينة. بحسب وكالة الانباء البريطانية.

وتشدد الولايات المتحدة حليف مصر ومانحة المساعدات لها على الحاجة الى تغيير تدريجي واجراء محادثات بين الحكومة وجماعات المعارضة بشأن انتقال منظم للسلطة. والقت وزيرة الخارجية الامريكية هيلاري كلينتون بثقلها وراء محادثات بين عمر سليمان الذي اختاره مبارك نائبا له وجماعات المعارضة قائلة انه لابد من اعطاء حوار الحكومة مع المعارضة وقتا.

وقال المعارض المصري محمد البرادعي "ان نسمع.. ان مبارك لابد وان يبقى ويقود عملية التغيير وان عملية التغيير تلك يجب ان يقودها بشكل اساسي اوثق مستشاريه العسكريين وهو ليس اكثر الشخصيات شعبية في مصر دون اقتسام السلطة مع مدنيين سيكون امرا محبطا جدا جدا."

وفي ميدان التحرير سعت دبابات الجيش إلى ضغط المتظاهرين لافساح الطريق امام حركة المرور. ورفض المحتجون الذين تجمعوا تحت خيام للهروب من المطر المغادرة. وقال مصطفى محمد وهو احد المحتجين انه من الواضح جدا انهم يحاولون خنق المتظاهرين وهذه يظهر سوء النية. ولكنه قال إن المحتجين لن يتحركوا قبل تلبية مطالبهم المشروعة.

توازن القوى بين مبارك ومعارضيه

فيما يمر التوازن بين جانبي الأزمة في مصر بمنعطف دقيق ومن السابق لأوانه توقع كيف ستنتهي هذه المواجهة. فيما يلي ملخص لمصادر قوة كل من الجانبين:

الحركة الاحتجاجية

- حتى الآن مازالت الاحتجاجات تستقطب أعدادا كبيرة من المشاركين. لقد نجحت الحركة في إخراج أكثر من مليون شخص الى الشوارع كما استجاب عدد مماثل للدعوة للاحتشاد في الايام التي تتطور بها الانتفاضة.

وشهدت بلدات ومدن بالأقاليم احتجاجات حاشدة أيضا خاصة في الاسكندرية والسويس والمحلة بدلتا النيل. وكانت المظاهرات المؤيدة للرئيس المصري حسني مبارك أصغر عددا بكثير. بدأت في وقت لاحق وأخذت تتلاشى. لكن بعض المصريين يعتقدون أن الحكومة قدمت ما يكفي من التنازلات وأنه يجب أن تتوقف الاحتجاجات. ويقول كثيرون انهم ضاقوا ذرعا بتعطل سير حياتهم والخسائر التي نجمت عن الاحتجاجات.

- تتمتع المعارضة بتعاطف دولي واسع النطاق تعززه السمعة التي اكتسبتها بسبب عدم لجوئها للعنف. ومرت المعركة من أجل كسب تأييد الرأي العام بمرحلة خطيرة حين هاجم مؤيدون لمبارك المحتجين وحاولوا طردهم من الميدان مستخدمين الحجارة والقنابل الحارقة والأعيرة النارية. وعند الدخول الى ميدان التحرير بوسط القاهرة يجري تفتيش المتظاهرين بحثا عن أسلحة ويتعين عليهم الدفاع عن أنفسهم بأي شيء تقع عليه أيديهم هناك. بحسب وكالة الانباء البريطانية.

- وعد الجيش المحتجين بأنه لن يطلق عليهم الرصاص. وعلى الرغم من أن دور الجيش مشوب بالغموض فان معظم المحتجين يثقون في أن يفي الجيش بوعده على الاقل.

- أيدت حكومات غربية والامم المتحدة وجماعات حقوقية دولية حق المحتجين في التظاهر السلمي وتراقب تصرفات الحكومة المصرية بحذر. وستؤدي اي محاولة لتفريق المحتجين بميدان التحرير بالقوة الى إدانة وعزلة دوليين.

- تتمتع المعارضة بالزخم حتى الآن. وقدم مبارك وأعضاء بحكومته سلسلة من التنازلات واللفتات كان أهمها اعلان مبارك أنه لن يرشح نفسه في انتخابات الرئاسة القادمة حين تنتهي ولايته في سبتمبر ايلول. وسارعت القوة الاساسية من المحتجين الى التمسك بمطلب تنحي مبارك.

مبارك ومجموعته

- مبارك هو القائد الاعلى للقوات المسلحة البالغ قوامها 450 الف فرد وتملك ترسانة أسلحة ضخمة. لكن حتى الان لم يقدم الجيش لمساعدته سوى حماية المباني الحكومية. في بعض الاحيان قيد الجيش الدخول الى ميدان التحرير لكن ليس بطريقة تعوق أنشطة الحركة الاحتجاجية بشدة. وحث الجيش المحتجين على العودة الى منازلهم لكنهم تجاهلوا هذا. ولا يستطيع أن يحكم أي طرف من الخارج على ما اذا كانت قيادة الجيش قد تضغط على مبارك في مرحلة من المراحل ليتنحى.

- قوة الشرطة وخاصة الامن المركزي الذي يستعان به في مكافحة الشغب تسودها حالة من الفوضى بعد انسحابها من الشوارع في 28 يناير كانون الثاني. وكان نائب الرئيس عمر سليمان قد قال ان استعادة هذه القوة لقدراتها ستستغرق عدة أشهر. لكن اذا استمرت المواجهة فقد تعود بعض وحدات الشرطة بوصفها قوة موالية لمبارك.

- لايزال مبارك رئيس الحزب الوطني الديمقراطي الحاكم لكن شعبية الحزب ضعيفة جدا وتم نهب وإحراق العديد من مكاتبه. على الصعيد العملي لا يمثل الحزب أحد الاصول المهمة.

- مازال مبارك مسيطرا على الاعلام الحكومي الذي أثبت أنه أحد أكثر الادوات موالاة اذ شن حملة دعائية لمؤازرته. لكن الكثير من المصريين الان يشاهدون عددا كبيرا من القنوات التلفزيونية الفضائية التي لا تستطيع الحكومة السيطرة عليها.

- أقلقت الانتفاضة الشعبية الكثير من المصريين بما في ذلك بعض المنتمين للطبقة المتوسطة التي تتمتع بالرخاء والمستفيدين من النظام القديم وبعض الاقباط الذين يخشون دمج جماعة الاخوان المسلمين في الحياة السياسية. ومن غير المُرجح أن يخرج هؤلاء الى الشوارع في الوقت الراهن.

- يتمتع مبارك بالدعم والتعاطف من زعماء يمينيين في دول مثل اسرائيل وايطاليا والسعودية. وخففت الولايات المتحدة من حدة موقفها مؤخرا قائلة انه يجب أن يظل مبارك في الحكم لبعض الوقت ليشرف على التغيير السياسي وهو موقف لا يختلف كثيرا عن موقف مبارك. لكن العلاقات الخارجية تمثل مسؤولية سياسية بالنسبة للجانبين.

وجوه شهيرة تساند

في حين انضمت وجوه شهيرة لآلاف المتظاهرين يمثلون جميع الفئات يطالبون بالتنحي الفوري للرئيس المصري حسني مبارك بعد 30 عاما في السلطة.

وانضم خالد عبد الله وهو ممثل بريطاني من أصل مصري اشتهر بدوره في فيلم مأخوذ عن قصة خالد الحسيني "طيارة ورق" الى الحشود في ميدان التحرير. وقال عبد الله (30 عاما) "انا هنا للمطالبة بتنحي مبارك."

ومع استمرار التظاهرات رفض المحتشدون دعوة أحد قادة الجيش حاول إقناع آلاف من المتظاهرين بفض الاحتجاج الذي أدى لتوقف الحياة الاقتصادية في العاصمة. ومن الوجوه الشهيرة الأخرى خالد يوسف المخرج المصري المعارض للحكومة.

وقال "الاخوان هنا في التحرير .. ماذا في ذلك؟.." في إشارة لجماعة الاخوان المسلمين المعارضة. وتابع "انها جزء من الأمة.. الجميع هنا. اذا الشعب يوما أراد الحياة فلابد ان يستجيب القدر." كما انضم الموسيقار المصري الكفيف الشهير عمار الشريعي للتظاهرات. وقاده المحتجون ليطوف أرجاء المظاهرة. بحسب وكالة الانباء البريطانية.

وأدان عبد الله إرهاب وسائل الاعلام الدولية والأكاذيب الصارخة لقنوات التلفزيون الرسمية التي تحاول إضعاف حركة الاحتجاج. وقال "أعتقد ان الأشهر الستة المقبلة ستكون معقدة في وجود مبارك أو في عدم وجوده وأعتقد اننا سنكون أفضل بدونه." وتابع ان الارادة الشعبية من أجل العدل الاجتماعي والحريات والاصلاح السياسي لا يمكن وقفها سواء في التحرير أو اذا انتقلت لأي مكان آخر لأي سبب من الاسباب.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 8/شباط/2011 - 4/ربيع الأول/1432

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م