
شبكة النبأ: لكل شعب من شعوب المعمورة
طابعه المميز في الملبس والمأكل والموسيقى وباقي الفعاليات الاجتماعية
الاخرى.. والتي تعد من ضمن الثقافة الوطنية لتلك الشعوب..
على سبيل المثال، اشتهر العرب بالدشداشة والكوفية وتنوعها على ايقاع
البلدان، وفي اسكتلندا هناك التنورة الرجالية المشهورة والتي ارتداها
الامير تشارلز ولي العهد البريطاني في احدى المناسبات، وايضا مثل
السروال الكردي المعروف.
وفي المأكل ايضا هناك بعض المأكولات التي تتميز بها موائد شعوب
المعمورة تشتهر بها وتعدّ صفة مميزة لمطابخها التقليدية.
فتركيا على سبيل المثال تشتهر بالكباب، والمغرب تشتهر بأكلتها
الشهيرة الكسكسي، ومصر تشتهر بأكلة الملوخية والفول والطعمية، وفلسطين
بالفلافل، ولبنان بالتبولة وكبة اللبن، و السعودية بكبسة اللحم،
ومُطبَّق السمك في منطقة الخليج العربي، والمنسف في سوريا والاردن.
اما العراق فقد اشتهر بعدة مأكولات هي بمثابة درة مطبخه التقليدي
مثل السمك المسكوف والدولمة والباجة.
ومثل اي لون من الوان الثقافة الوطنية شعرت الكثير من البلدان
بالتهديد لقيمها الثقافية والفلكلورية امام الثقافة الشعبية الأميركية.
فمثلما صار الأميركيون أمة من المهاجرين، صار طعامهم خليطا من أطعمة
شعوب أخرى: أمركوا (البيتزا) إلايطالية، وينشرونها في العالم. أمركوا (التاكو)
المكسيكية، وينشرونها في العالم، أمركوا (الفرنش فرايز) وهي بطاطس
فرنسية مقلية، وينشرونها في العالم. ومؤخرا، أمركت شركة (ستارباك)
المقاهي الشعبية، وتنشرها في العالم، وحتى في اليمن، حيث افتتح لهذا
المقهى فرع...
وتعتقد تلك الثقافات المهدّدة في هويتها وهي ترى المأكولات
الامريكية تغزو بلدانها انها نوع جديد من انواع الغزو الثقافي الذي
يستدعي منها المواجهة والمجابهة فعملت على ادخال اكلاتها التقليدية
وتقديمها في الكثير من المعارض والمهرجانات الثقافية والفنية التي تقام
في عدد من الدول لمحاولة تقديم صورة متكاملة عن ثقافاتها التقليدية.
وهناك جانب اخر من جوانب هذه المواجهة ومحاولة الانتشار.. ففي
امريكا ودول اوروبا يوجد المطعم الصيني والمطعم الايطالي والمطعم
المكسيكي والمطعم الايطالي والمطعم الهندي وكلها تقدم ماكولات مطابخها
التقليدية المشهورة وكذلك الحال في بقية البلدان.
يقترن الطعام بالكثير من اوجه التصنيف الطبقي والالتزام الديني..
على سبيل المثال: هناك عدة محرمات في الاسلام تتعلق بالأطعمة سواء
لاصنافها او لطرق ذبحها.. وهناك ايضا الامثال والمأثورات الشعبية عن
التصنيف الطبقي بين الاغنياء والفقراء فالمثل العراقي يقول (ناس تأكل
دجاج وناس تتلقى العجاج) او المثل المتعلق بالخير الذي يقدمه احد
الاشخاص ورغم ذلك يذم في المحافل وهو (مثل السمك مأكول مذموم) والمثل
الاخر الذي له علاقة بتدين الشخص وهو (صام صام وفطر على جرية) او المثل
المتعلق بالخراب الذي يعم وهو (السمكة الفاسدة تفسد السمك كله)..او
امثال اخرى (الزاد والملح ماغزّر) و (اطعم البطن تستحي العين).
في التسعينات في العراق قدمت احدى المسرحيات التي تتحدث عن الحصار
واحدثت ضجة في وقتها.. تتناول المسرحية حالة الجوع التي يعانيها
المجتمع العراقي نتيجة للحصار وقد عرضت بعد اغتيال محمد صادق الصدر حيث
يصرخ احد الممثلين وهو يعارك الاخرين على دجاجة مشوية صائحا بإلتياع
وحرقة (اريد الصدر.. اريد الصدر) وقد فهم الجمهور صيحته تلك فهو لا
يقصد صدر الدجاجة بل يقصد محمد صادق الصدر... وهي نفس التورية التي
استعملها صدام حين سأله احمد الجلبي عن سبب اعدام الصدر فاجابه صدام:
اي صدر تقصد؟ فقال له الجلبي محمد صادق الصدر، فقال صدام: ليس هناك صدر
ولا فخذ.
وهناك ايضا العلاقة الوثيقة وشديدة الارتباط بين المأكل والجنس.
فكثيرا ما نشاهد تلك الايحاءات والمدلولات الجنسية التي تحملها بعض
الاطعمة وخاصة الدجاج والذي يسمى الفراخ في المصرية الدارجة ونجد ذلك
كثيرا في اللقطات التي تسبق ساعة الوصال بين الرجل والمراة، وكيف يقوم
الممثل بافتراس الدجاجة المشوية مع امرأته في اشارة ضمنية واضحة للفعل
الجنسي.
كانوا ثلاثة رجال في مكان العمل من اعمار مختلفة يتحدثون عن مصر وما
يحدث فيها احدهم تحدث عن البرادعي والاخر تحدث عن المتظاهرين في ميدان
التحرير، الثالث القى بحكمته التي اختصر فيها رؤيته للحدث المصري حين
قال: عينا (مثل) باجة الموصل.
وهي الاكلة التقليدية في المطبخ العراقي لها خصوصية معينة في مدينة
الموصل من ناحية اعدادها وتقديمها.
فالطبق المقدم للآكل يحتوي على جميع ما تتضمنه الباجة من (لحمة
الراس – اللسان – الكوارع – الكرشة – المخ – الممبار) اي انه يضم جميع
ما يرغب في تناوله الآكل وقد يرغب في تناول اجزاء دون اجزاء اخرى ويجد
امامه ما يريد عبر المعرفة المسبقة من قبل القائم بعملية التقديم بذوق
الآكل وما يفضله من اصناف الماكول.
المتحدث وحسب رؤيته للحدث المصري يرى ان حسني مبارك قد حوصر من قبل
الجميع في الخارج او الداخل.. فلا امريكا تريده ولا البرادعي ولا
الاخوان المسلمين وبقية احزاب المعارضة والشباب المتظاهر في ميدان
التحرير والفنانين والكتاب والمثقفين. اي ان الحدث المصري كما يرى
المعلق العراقي رجل الشارع البسيط هو مثل باجة الموصل قد اكتملت
اصنافها في الطبق على المائدة ولا مجال للتمنع عن اكلها اي لا مجال
لمبارك عن الرضوخ عند طلبات الخارج والداخل المصري. |