مصر... خسائر الوقت بدل الضائع

على عبد الرسول معاش

 

شبكة النبأ: بات القلق يتسع لدى قادة العالم بشكل كبير مع استمرار تعنت الرئيس المصري حسني مبارك وعدم تنحيه بشكل سلمي عن السلطة، بالرغم من الدعوات الدولية المتلاحقة المطالبة باستقالته، فيما لم يكترث مبارك بالتدهور الحاصل في مصر كما يبدو.

ويشير المراقبون الى كون الازمة ستؤدي بمصر الى نفق مظلم فيما لو استمرت لوقت اطول، خصوصا ان الانفلات الامني والسياسي اصبح يتخذ منحى خطير يوما بعد يوم.

الهجوم على نائب الرئيس

فقد قالت وزيرة الخارجية الامريكية هيلاري كلينتون ان التقارير غير المؤكدة عن محاولة اغتيال نائب الرئيس المصري عمر سليمان تضع التحديات الناجمة عن الازمة بين الحكومة المصرية والمحتجين في حالة "استغاثة عاجلة".

وكانت شبكة فوكس نيوز التلفزيونية الامريكية ذكرت في ساعة متأخرة من مساء يوم الجمعة تقارير عن محاولة اغتيال فاشلة ضد نائب الرئيس المصري عمر سليمان قتل خلالها اثنان من حراسه. ونفى مسؤول أمني مصري رفيع هذا التقرير.

وقالت كلينتون في مؤتمر أمني في ميونيخ بعد ابلاغها بالتقرير "هذا التقرير الاخباري يضع التحديات التي نواجهها في حالة استغاثة عاجلة بينما نمر بهذه المرحلة."

ولكن مسؤولا أمريكيا قال ان تصريحات وزيرة الخارجية لا تمثل تأكيدا للتقرير الاخباري الذي نفاه مصدر أمني مصري رفيع. بحسب رويترز.

وكان سليمان مدير المخابرات المصرية السابق عين نائبا للرئيس حسني مبارك. وهذه هي المرة الاولى التي يعين فيها مبارك (82 عاما) نائبا له منذ توليه السلطة قبل 30 عاما.

وتعهد سليمان بمحاسبة المسؤولين عن العنف ضد المحتجين في مصر والذي ألقي باللوم فيه على قوات أمن في ملابس مدنية ومؤيدين لمبارك. ودخلت الاحتجاجات المطالبة بتنحي مبارك يومها الثاني عشر يوم السبت.

شرارة الاصلاح

من جهته وجه عمر سليمان نائب الرئيس المصري الشكر للشبان لاطلاق شرارة الاصلاح في مصر ساعيا لانهاء عدة ايام من الاحتجاجات المناوئة للحكومة وقال ان مصر لن تقبل التدخل الاجنبي في شؤونها.

وكان سليمان الذي عين سريعا نائبا للرئيس حسني مبارك بعد احتجاجات عنيفة جرت يوم الجمعة يتحدث في أول مقابلة تلفزيونية له منذ توليه منصبه.

وقال سليمان في مقابلة مع التلفزيون الحكومي "أقول للشباب نحن نشكركم على ما فعلتموه وأنتم الشرارة التي أوقدت الاصلاح في هذه الفترة وأن الدولة قد استجابت لكل المطالب التي طلبت."

واضاف "نرجوكم أعطوا فرصة للدولة أن تقوم بدورها. لا تتركوا الاشاعات والاذاعات والمحطات الفضائية التي تثيركم ضد دولتكم .. ضد بلدكم التي تحبونها."

وقال سليمان ان مصر لن تقبل تدخلا اجنبيا في شؤونها الداخلية بعدما قالت حليفتها الولايات المتحدة ودول اخرى انها تريد تغييرا سياسيا سريعا في مصر. وأضاف ان التدخل في الشؤون الداخلية للبلاد غير مقبول ولن يسمح به. ودعا سليمان للهدوء وناشد المواطنين اعادة ترسيخ الامن في البلاد.

وقال "أهاليكم في كل مكان يعانون من نقص في كل المواد ومن ترويع في الامن. أعطوا الفرصة للدولة أن تحمي أباءكم وأسركم. أعطوا الفرصة للدولة أن تقوم بالخدمات التي تقوم بها. انفضوا من الاعتصام فقد تم تلبية مطالبكم." بحسب رويترز.

تكاليف الاضطرابات

فيما قدم عمر سليمان نائب الرئيس المصري الجديد تقييما صريحا للاضرار التي تعرضت لها مصر طوال الاسبوع الماضي وقال ان صناعة السياحة وقوات الامن وانجازات الرئيس تعرضت جميعا للضرر.

وعبر سليمان وهو من أقرب مساعدي مبارك على مدى سنوات عن احترامه للمحتجين الذين تشمل مطالبهم تنحي الرئيس على الفور. وقال ان الاخوان المسلمين مدعوون للمشاركة في المحادثات بشأن الاصلاحات.

بل ان ذكر سليمان الشخصية البارزة في الجهاز الامني للجماعة بالاسم كان أمرا مهما ويظهر مدى التغييرات التي طرأت في الايام العشرة الاخيرة من الاحتجاجات ضد مبارك.

وقال محمد الكتاتني وهو قيادي بارز في جماعة الاخوان المسلمين ان سليمان لم يقدم برنامجا واضحا لاي حوار.

وقال ان الطريق الوحيد الذي سيقبله المصريون لاجراء حوار مع سليمان هو بعد رحيل مبارك.

وأظهرت أراء سليمان بشأن الاصلاح فجوة واسعة بين موقفه وما يسعى اليه المحتجون. ودعا المتظاهرين. بحسب رويترز.

وقال محمد أنيس (29 عاما) الذي يشارك في احتجاجات ميدان التحرير بعد المقابلة "ياله من تفكير سطحي وغير منطقي. سليمان لم ينصت لمطالب الناس."

وقال عبد الحليم قنديل وهو صحفي بارز وعضو قيادي في حركة الاحتجاجات المناهضة لمبارك ان المقابلة أشارت الى اجماع على ان سليمان والجيش خلفه سيتولى المسؤولية.

وقال سليمان وهو يعدد تكاليف المظاهرات غير المسبوقة ان صناعة السياحة في مصر وهي محرك اساسي للاقتصاد تعرضت لضربة كبيرة.

واضاف سليمان ان مصر خسرت مليار دولار على الاقل في قطاع السياحة على مدى الايام التسعة الماضية وان مليون سائح غادروا البلاد اثناء فترة الاحتجاجات المطالبة بانهاء حكم مبارك.

وقال سليمان ان العنف ضد المحتجين في القاهرة في اليومين الاخيرين والذي ينسب على نطاق واسع الى المؤيدين لمبارك شوه انجازات الرئيس وتعهد بمحاسبة المسؤول أيا كان عما وصفه "بالمؤامرة". وقال سليمان انه لم تكن هناك أوامر بارسال مؤيدي مبارك نحو ميدان التحرير مركز الاحتجاجات.

وكان الرجال الذين يزعمون الولاء لمبارك يحاولون اخراج المحتجين طوال اليومين الماضيين مما فجر اعمال عنف قتل فيها عشرة أشخاص وأصيب المئات.

وقال سليمان "ما حدث أمس بميدان التحرير هو مؤامرة ويجب البحث عمن يقف وراء هذه المؤامرة ومحاسبته حسابا عسيرا."

وأضاف "أننا سنعرف من فعل ذلك ولابد من الحساب العسير وسيعلن للشعب من تورط في هذه الفتنة لانه خلق فتنة وأضاع ما فعله الرئيس مبارك من جهد كبير خلال الفترة الماضية."

ويخشى سكان القاهرة من مغادرة منازلهم منذ اندلاع العنف مما زاد من الاحساس بعدم الاستقرار منذ تفجر المظاهرات في الاسبوع الماضي والانسحاب المؤقت للشرطة من الشوارع ونشر الجيش.

وأكد سليمان أن "الدولة المصرية بقدراتها الامنية والعسكرية قادرة على حماية المواطن المصري والوضع المصري بشكل عام."

وقال لدينا "قدرات كبيرة للتأمين والحماية ولم تستنفد قدراتنا والشرطة تعود مرة أخرى الى ممارسة عملها ولكنها تحتاج الى بعض الوقت للوصول الى القدرة التي كانت عليها قبل 25 يناير".

وقال انه سيجري تحقيق في أداء قوات الشرطة التي انسحبت من الشوارع في الايام الاولى من الاحتجاجات. وتساءل عمن طلب منهم عدم العودة.

وقال سليمان ايضا ان جمال ابن الرئيس حسني مبارك لن يترشح للرئاسة وهو منصب كان المصريون يعتقدون لوقت طويل انه يجري اعداده لتوليه.

أوربا تنصح مصر بعدم الاسراع الى الانتخابات

من جهة اخرى حثت بريطانيا وألمانيا مصر على تغيير القيادات بسرعة وأن تتمهل في اجراء الانتخابات قائلتين انه لا بد من ارساء تقاليد التسامح والانصاف كي تنجح الديمقراطية.

وأكدت المستشارة الالمانية أنجيلا ميركل ورئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون وهرمان فان رومبوي رئيس المجلس الاوروبي من جديد اليوم السبت أن المطالب بتحقيق "انتقال" سريع وهي عبارة أصبحت مصطلحا دبلوماسيا يعني استقالة الرئيس المصري حسني مبارك بعد حكم استبدادي مدعوم بالجيش مستمر منذ 30 عاما. ولكنهم قالوا ان الحذر سيكون مطلوبا بعد ذلك.

وقال كاميرون أمام مؤتمر أمني في ألمانيا "لا أظن أننا نحل مشكلات العالم باحداث تغيير بالضغط على زر واجراء انتخابات... ومصر حالة كلاسيكية في هذا الصدد."

وقالت ميركل أمام الاجتماع ذاته "اعتقد أن اجراء انتخابات سريعة في بداية عملية للتحول الديمقراطي سيكون خطأ." وأشارت ميركل الى تجاربها كناشطة من أجل الديمقراطية في ألمانيا الشرقية أثناء انهيار سور برلين في عام 1989 . بحسب رويترز.

وأضافت "اذا أجريت انتخابات أولا فلن تكون هناك فرصة لتطوير هياكل جديدة (للحوار السياسي واتخاذ القرارات)."

وحذر مبارك الذي تعهد بألا يرشح نفسه في انتخابات الرئاسة في سبتمبر أيلول القادم يوم الخميس أنه يعتقد أن البلاد ستنزلق الى الفوضى اذا استجاب لمطالب ترفعها انتفاضة شعبية لم تشهد مصر مثيلا لها من قبل ومستمرة منذ أسبوعين تقريبا تطالبه بالتنحي فورا.

ويقول محللون سياسيون ان الحذر الذي تبديه أوروبا ازاء اجراء انتخابات حرة في مصر سيعتبره كثيرون في الشرق الاوسط دليلا على القلق الغربي من احتمال أن يتمكن الاسلاميون من الوصول الى السلطة في أكبر دولة عربية من حيث عدد السكان.

ويقول منتقدون للدبلوماسية الغربية في المنطقة ان هذا القلق يعكس ازدواجية في المعايير وتحديدا لان الغرب يضر بالمثل الديمقراطية عندما تكون النتيجة غير مواتية.

وتسامحت السلطات مع جماعة الاخوان المسلمين على الرغم من كونها محظورة رسميا. وتقول جماعة الاخوان المسلمين ان غالبية المصريين البالغ عددهم 80 مليونا سيختارون شكلا من أشكال تطبيق الشريعة اذا منحوا حرية الاختبار. رغم التزامها المعلن بالتعددية السياسية.

وقال كاميرون ان انتقالا الى قيادة جديدة واصلاح سياسي في مصر ضروري لان التأجيل سيؤدي الى دولة غير مستقرة وهو امر لا يلقى قبولا لدى الغرب.

ولكنه أشار الى أن بناء الديمقراطية في بريطانيا نفسها استغرق مئات السنين لفرس قيم التسامح مما يوضخ أن تطور الديمقراطية عملية مستمرة وليس حدثا.

وأضاف "نعم التحول هو أن نبدأ الان أن نوضح للشعب داخل (مصر) أنه تم فهم تطلعاتهم. ولكن اذا اعتقدنا أن الامر يتعلق باجراء انتخابات فاننا مخطئون."

ومضى يقول "اعتقد أن هناك سذاجة بين السياسيين في السابق الى حد ما في تصور أنه بتطبيق الديمقراطية على هذا النحو فانكم تحلون مشكلات البلاد."

وأضاف "لا أومن بذلك ولو لثانية واحدة. ولكن ما أومن به هو أننا يجب أن نبني شراكة من أجل مجتمع مفتوح."

اعتصام طويل في ميدان التحرير

على الصعيد ذاته استعد ألوف النشطاء المطالبون بتنحي الرئيس المصري حسني مبارك في ميدان التحرير بوسط القاهرة لاعتصام طويل بعد انتهاء احتجاجات "يوم الرحيل" دون أن يترك السلطة.

وكان مئات الالوف من المصريين شاركوا يوم الجمعة في "يوم الرحيل" في القاهرة والمحافظات.

ولاحظ من دخلوا الميدان يوم السبت تعدد الحواجز التأمينية التي أقيمت من قبل المحتجين في المداخل الستة المؤدية الى الميدان.

وقال شاهد ان هناك كميات كبيرة من الحجارة خلف كل حاجز الغرض منها صد مهاجمين محتملين ممن يؤيدون بقاء مبارك في الحكم.

وكان مؤيدون لاستمرار الحكم الحالي لمصر هاجموا المحتجين قبل أيام مستخدمين خيولا وجمالا وكانوا مسلحين بأسلحة بيضاء. وتلا ذلك اشتباكات بين الجانبين استخدم فيها مؤيدو مبارك الرصاص الحي وقنابل المولوتوف والحجارة وقتل نحو أحد عشر محتجا وأصيب نحو ألف اخرون. وقال الشاهد "نصبوا خياما أكثر ومظلات لاتقاء المطر. لديهم اصرار غريب على الاستمرار." بحسب رويترز.

وبعد انتهاء احتجاجات "يوم الرحيل" أعلن المحتجون أنهم بدأوا ما سموه " أسبوع الصمود" وأنه يتضمن مظاهرات مليونية في البلاد يوم الاحد ويوم الثلاثاء ويوم الخميس ليكون يوم الجمعة المقبل ذروة الاسبوع.

وقال الشاهد انه لاحظ أن أغلب من يدخلون الميدان يوم السبت من المحتجين يحملون أغطية وكميات كبيرة من الطعام والشراب الامر الذي يرجح أن أعدادا أكبر ستشارك في الاعتصام الليلي في الميدان.

وأضاف أن نقاط التفتيش تعددت عند المداخل. وتابع "فتشوني خمس مرات قبل أن أدخل الميدان."

وبدأت الاحتجاجات المطالبة بانهاء حكم مبارك المستمر منذ 30 عاما يوم 52 يناير كانون الثاني الماضي. واستولى المحتجون على ميدان التحرير بعد يومين من اشتباكات مع الشرطة سقط فيها قتلى وجرحى. وقتل بضع مئات وأصيب ألوف المحتجين في مصر ككل.

وفاة صحفي متأثرا بجروحه

في سياق متصل أبلغت زوجة صحفي مصري قناة الجزيرة التلفزيونية الفضائية يوم الجمعة ان زوجها توفي متاثرا بجروح أصيب بها اثناء الاحتجاجات المناهضة لحكم الرئيس حسني مبارك.

وكان أحمد محمد محمود الصحفي بصحيفة الاهرام المملوكة للدولة قد اصيب في 29 يناير كانون الثاني خلال المظاهرات التي بدأت قبل ذلك بأربعة ايام احتجاجا على الفقر والفساد والقمع السياسي. وهو أول صحفي يعرف أنه لاقى حتفه في الاضطرابات. وقال الرئيس الامريكي باراك أوباما يوم الجمعة انه يتعين احترام حقوق الصحفيين. بحسب رويترز.

وقال وزير الصحة المصري يوم الجمعة ان 11 شخصا قتلوا منذ يوم الاربعاء الماضي عندما بدأ مؤيدون لمبارك في مهاجمة المحتجين في ميدان التحرير بوسط القاهرة.

وتشير تقديرات للامم المتحدة الى أن 300 شخص لاقوا حتفهم اثناء الاحتجاجات التي هزت العالم العربي والحكومات الغربية التي ساندت مبارك زمنا طويلا واعتبرته ركيزة قوية في مواجهة الجماعات الاسلامية.

وقالت زوجة محمود التي لم تذكر قناة الجزيرة اسمها انه أصيب بالرصاص في رأسه بينما كان يصور الاشتباكات من شرفة منزله.

الشرطة المصرية

الى ذلك يصف الكسندر جاديش مراسل رويترز في مصر كيف وجد نفسه وجها لوجه مع الشرطة ورجال مسلحين مجهولي الهوية تسيطر مجموعات منهم على الشوارع في مناطق فقيرة بالقاهرة حتى في الوقت الذي يحتل فيه متظاهرون يطالبون بالديمقراطية مناطق في وسط العاصمة.

فيقول، أحاط أفراد من الشرطة ورجال يرتدون ملابس مدنية ويحملون سكاكين وعصيا بسيارتنا وفتشوها بينما استل صبي متسخ الشعر ويرتدي ملابس رثة مدية وصوبها نحو وجهي وهو يبتسم. وقال الصبي وهو يلوح بالمدية "أنا أحبكم. نحن هنا لنعتني بكم."

لكن الشك ساورني حيث ذكر عدد كبير من الصحفيين الاجانب أنهم تعرضوا للضرب والاحتجاز في مصر على مدى اليومين السابقين.

وفي الاحياء الفقيرة المترامية الاطراف بالمدينة بعيدا عن أنظار وسائل الاعلام الدولية ما زال جهاز الشرطة يحكم قبضته بقوة.

أوقفتني الشرطة مع زميلي وسائقنا أثناء مرورنا في حي روض الفرج الفقير بالقرب من نايل تاور وهو مبنى سكني عصري يوجد به فروع لمصارف ومركز للتسوق ومكاتب لعدة شركات خاصة.

الفارق الهائل بين المبنى والمساكن الوضيعة المتداعية التي تحيط به مثال واضح للهوة الكبيرة في الثروة التي أججت احتجاجات مستمرة منذ 11 يوما هي الاول من نوعها ضد حكم الرئيس حسني مبارك المستمر منذ 30 عاما.

لكن لافتات الثناء على مبارك منتشرة في روض الفرج. والاكثر غرابة هو أفراد الشرطة التي يعتبرهم المحتجون انهم يتسمون بالوحشية والفساد الذين جلسوا يحتسون الشاي علنا في شوارع الحي وهو أمر لا يجرؤون على فعله بالقرب من ميدان التحرير.

وتنفي الشرطة استخدام القوة المفرطة وتقول انها ملتزمة بالحفاظ على القانون والنظام العام.

ويسد رجال مسلحون بعصي وسيوف وسكاكين الكثير من شوارع القاهرة في الوقت الحالي ليفتشوا السيارات ويفحصوا بطاقات هوية المارة. ولا تعرف دائما الجهة التي يدين لها هؤلاء بالولاء لكن الواضح أن كثيرين منهم ينسقون مع أفراد من الشرطة بالزي الرسمي.

وقال أفراد الشرطة الذين أوقفونا شأنهم شأن الصبي الذي يحمل المدية انهم يحاولون حمايتنا. لكنها كانت محاولة واهية لاعادة الاطمئنان الينا بعد أن سمحوا لرجل مسلح بمدية بأن يحشر نفسه في المقعد الامامي الى جواري.

وبعد أن أخذ أفراد الشرطة جواز سفري وبطاقتي الصحفية التي أصدرتها الحكومة ومستندات أخرى اصطحبونا الى نقطة تفتيش عسكرية. وركب معنا رجلان ممتلئان يرتديان سترتين رثتين وسروالين رماديين.

وعندما حاول سائقنا أن يجيب على هاتفه المحمول انتزعه أحد الرجلين من يده وحذره من محاولة الاقدام على ذلك مجددا. وفتش الاخر حقيبتي وراح يقلب في دفاتر لتدوين الملاحظات مليئة بشعارات المحتجين.

وعند وصولنا الى نقطة التفتيش طلب منا جندي من الجيش الجلوس على الرصيف بينما تولى رجل اخر في زي مدني استجوابنا وسألنا أين تعلمنا اللغة العربية وكم من الوقت أمضينا في مصر ومن الذين تحدثنا اليهم. وسأل الرجل زميلي "هل أنت بريطاني أم اسرائيلي".

وبعد نحو 20 دقيقة تركنا الجنود ننصرف. وأعادوا الي جواز سفري لكنهم احتفظوا ببطاقتي الصحفية. وعندما سألت عنها قالوا لي انهم أعادوا كل شيء اعطته لهم الشرطة. ولم نكن في وضع يسمح لنا بالجدل.

وظهر العديد من الروايات المماثلة في القاهرة معظمها وثقته لجنة حماية الصحفيين منذ يوم الاربعاء عندما ظهرت عصابات مؤيدة للحكومة لاول مرة وهاجمت المحتجين في ميدان التحرير بقبضات الايدي والحجارة والعصي والسياط.

ويعتقد كثير من المحتجين أن هؤلاء الرجال أرسلتهم الحكومة وهو شيء تنفيه السلطات. وقال نائب الرئيس المصري ان تحقيقا سيجرى بشأن تلك الهجمات وان المسؤولين عنها سيحاسبون.

وأيا كان مصدر حملة ترويع الصحفيين الاجانب في مصر فانها ربما تنحسر قريبا. لكن من المرجح أن يمر وقت أطول كثيرا قبل أن يشعر اولئك الذين يشاركون في الاحتجاجات بأنهم امنون تماما.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 6/شباط/2011 - 2/ربيع الأول/1432

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م