شبكة النبأ: قد تبدو الفرصة مؤاتيه أن
نطلع القارىء العزيز على ما أورده الإمام علي ابن أبي طالب عليه السلام
في أحدى رسائله للناكثين والقاسطين والمارقين حينما خاطبهم قائلا (ما
حدى مما بدى)، وها نحن أذا نستعرض تلك المقطوعة وفي هذا الظرف بالذات
لآنها جاءت معبرة عن واقع الاعلام العربي الذي أنيطت اليه مسئولية
متابعة الاحداث الجارية الان في عالمنا العربي ، لاسيما وان التساؤل
المطروح اليوم هل كانت التغطية الاعلامية العربية تستحضر الحيادية
والمهنية فلا فيما يخص تغطية انتفاضة الشعب التونسي والمصري على حد
سواء وكيفية تعاطيها مع ما يجري في العراق منذ ثمان سنوات من ايام دخول
القوات الامريكية والى ساعة اعداد هذا التقرير.
الشيخ كاظم ساهي كان اول المتحدثين الينا وهو يثني على تجربة
استيعاب النص البلاغي في مثل هكذا موضوعات لأنها تعطيها زخما وبعدا
حياتيا ومعرفيا ولغويا اما بخصوص موضوعة الاعلام العربي فنحن ندرك يدرك
تماما بان هناك ثمة حقائق ووقائع ملموسة على الارض هي التي تحرك
الاعلام العربي وان المواقف الاعلامية هي جزء لا يتجزأ من إستراتيجيات
الوعي العربي المنحاز الى ضوابط التجانس الفكري والمصالح المشتركة
والقواعد الاساسية للتشبث بالحكم.
ويتابع الشيخ كاظم قائلا لـ(شبكة النبأ المعلوماتية): ومن خلال تلك
الاولويات تتضح ملامح ومعالم اللعبة الاعلامية العربية التي كانت
ولازال تمثل الخط الحكومي وليست هناك من حيادية في الاعلام العربي
وربما هذه القراءات لا تحتاج الى جهد كبير او فلسفة عصيبة لاسيما وانها
مفضوحة وبمتناول المشاهد العربي الذي تعود عليها وعلى مدى عشرات السنين
فبعدما كان الاعلام العربي والى سنوات طويلة يمارس دوره الاعتيادي في
محاربة النظام المصري الذي ارتبط باتفاقية السلام مع الكيان الصهيوني
في عهد انور السادات الا انه تراجع عن قراراه على حين غره واصبحت
جمهورية مصر تمثل البعد القومي والعربي وكذلك الحال بالنسبة لسوريا
وموقف المملكة السعودية منها الا ان موقف المملكة قد تبدل بشكل مفاجئ
وعلى نحو ملفت للنظر والحال لا يختلف كثيرا بالنسبة للعراق.
ويضيف الشيخ كاظم، فبعدما كان الاعلام العربي والخليجي على وجه
التحديد هو الداعم والمساند لصدام ولحكمه ايام الحرب على ايران الا ان
المواقف شهدت تغير بدرجة كبيرة واصبح النظام الصدامي هو العدو اللدود
للدول العربية والخليجية حينما أحتل الكويت، ومن هنا نتبين بان الاعلام
العربي مسير ببرنامج سياسية محددة وان موضوعية الاعلام غير مطروحة بأي
حال من الاحوال خصوصا فيما يتعلق بنقل الاحداث الجارية والتي تجري في
العراق.
الا انه أختتم حديثه: بان الاعلام العربي كانه منحازا بشكل كلي ضد
ارادة الشعب العراقي الساعي الى الديمقراطية والشاهد ليس بعيد عنا حسب
قوله ونحن نتابع يوميا ما تبثه العربية والجزيرة من صور حيه عن
العمليات الارهابية التي تستهدف الابرياء من العراقيين وكأنما هذه
القنوات هي من توحي لتلك المجاميع وتحثها على تصوير مشاهد الذبح
والتفخيخ والتفجير وربما هي تدفع لها مبالغ مجزية وكبيره لقاء تصوير
تلك المشاهد الوحشية، أذن نحن اليوم أمام اعلام منحاز وليس حياديا بكل
الاعراف والقوانين الاعلامية والانسانية فكيف تفسر لي حالة الاطراء
الواضح على الشعب المصري ووصف عملية النهب والسرقة على انها تمت من قبل
بلطجية ومن قبل المجرمين الذين فروا من السجن الا انها كانت تعتبر
الشعب العراقي كله علي بابا وحرامية، وتتجاهل ما افرزه النظام من
سياسات التجويع والترويع للشعب وهناك ثمة انحيازية ولا تقبل المواربة
حينما تصف وسائل الاعلام العربية قتلة الشعب العراقي بانهم مقاومين
ومجاهدين وهذا من دون ادنى شك اصطفاف الى جهة على حساب جهة اخرى.
من جهته قال لنا الصحفي توفيق الحبالي رئيس تحرير صحيفة اعمار
كربلاء بأنه لا يعتب على الاعلام العربي لأنه قطعا يحمل ذات التوجهات
الفكرية والطائفية التي لم تتبدد رغم انتساب الكثير من الاعلاميين
العرب الشكلي والمظهري الى حاضرة الوعي المدني وارتداهم أفخر واحدث
الملابس العصرية واستخدام افضل العطور الاجنبية.
ويؤكد الحبالي لـ(شبكة النبأ المعلوماتية): على ان المعنى لم يطهر
العقل والنفس الاعلامية من مساوئ استيعاب الثقافة المتطرفة والمتعصبة
ولكن ما يهمني في تلك المرحلة هو مناقشة واقع بعض القنوات العراقية
خصوصا فضائية البغدادية التي تبث من مصر وهي على بعد امتار قليلة من
الحدث وتشاهد ما يجري على الارض.
ويكمل الاستاذ توفيق حديثه: الا انها في حقيقة الامر كانت بعيده كل
البعد عن نقل الحقيقة الى المشاهد العراقي والعربي غير انها كانت ولا
زالت في غاية الانصاف والامانة في تزييف الواقع العراقي وتشويه صورته
في الداخل والخارج من دون ان تضع في الحسبان النتائج السلبية التي
يعكسها ذلك السلوك على الواقع الحياتي للمواطن العراقي بل ربما هي في
غاية الذكاء والمفهومية وهي تهدف في قرارة نفسها الى الوصول الى تلك
النتيجة والغاية كي لا يأتي المستثمرين ولا يعود العراقيين الى بلدهم
بل يبقى العراق تحت وصاية المجاميع الارهابية.
عقيل هادي شريف بكلوريوس ادارة واقتصاد وموظف في احدى الدوائر
الخدمية وهو يصف تناول وسائل الاعلام العربية لما يحدث الان على ارض
تونس ومصر العربية وكيفية اعطاء الانتفاضة الشعبية عوامل الدعم
والتبرير لاسيما وانها كانت تتأرجح ما بين التأييد الشامل واطفاء
الشرعية عليها من خلال ايجاد المبررات والذرائع وهي تكاد ان تشير الى
سلامة موقفها من التسلط والدكتاتورية وضرورية تلبية مطالب الشعب من اجل
حياة افضل.
ويضيف الاستاذ عقيل قائلا لـ(شبكة النبأ المعلوماتية): ولكن الحال
يختلف جذريا فالإعلام العربي كان غير حياديا في تناول القضية العراقية
خصوصا وانه كان في عداد المؤيد للطاغية صدام ويجوز له كل تصرفاته
المجنونة وعلى رأسها إجهاض الانتفاضة الشعبية في عام 91 التي قام بها
الشعب العراقي ضد الطاغية صدام ووصفها الاعلام آنذاك بانها غوغائية ففي
الوقت الذي نحيي فيه الارادة العربية الحرة في كلا من تونس ومصر الا
اننا في حالة عتب كبير على الاعلام العربي الذي استمر والى الان في
اتباع سياسية غير مهنية وليست حيادية بل على العكس كان منحازا ومحرضا
على الاصطفاف الديني والمذهبي واشعل فتيل الحرب الطائفية واعطى صورة
مشوهه للواقع العراقي وعلى مدى السنوات الثمان الماضية التي أعقبت دخول
القوات الامريكية الى العراق.
جبار رشك اكاديمي متخصص في مجال الاعلام وهو يؤكد بان هناك ثمة
تفاصيل وجزئيات دقيقة تختلف من حيث الشكل الا انها تلتقي في المضمون
بخصوص الشأن العراقي ودخول القوات الاجنبية الى العراق واسقاط نظام
صدام في العام 2003 وما يجري الان على ارض تونس الخضراء ومصر الحبيبة.
ويتابع الاستاذ جبار قوله: ولكن الشيء المهم ان القواسم تكاد ان
مشتركة من حيث الاهداف وهي اسقاط النظم الدكتاتورية مع علمنا الاكيد
بان نظام صدام كانت اقسى الالاف المرات من الحكومات التي حكمة مصر
وتونس وربما كلفت سياسات ذلك النظام الشعب العراقي ملايين البشر وبددت
الثروات الطائلة.
وفي الختام قال الاستاذ جبار لـ(شبكة النبأ المعلوماتية): ما
يعنيننا الان هو التأكيد على ان الاعلام العربي كان غير موفق في رصد
الحالة العراقية على الدوام وسخر من المطالب الشعبية والجماهيرية وذهب
بها الى غير وجهتها من خلال رسم ملامح بل على العكس من ذلك كان على
النقيض واعطى الانتفاضة الشعبية بعدا دينيا وطائفيا ولم يعطى للمشروعية
صبغة انسانية الا انه كان حريص جدا في التعاطي مع مطالب الشعب المصري
والشعب التونسي واعطائها الشرعية الموضوعية على اعتبارها ذات نزعه
انسانية وهذا ما لم يتم التأكيد عليه من خلال الاعلام العربي بالنسبة
لمطالب الشعب العراقي الذي كان ولا زال يعاني من نقمة ذلك ولاعتبارات
غير دقيقة وهي ذات صبغة مذهبية وسياسية وطائفية وليس على اساس انساني
واعلامي. |