
شبكة النبأ: يستعد الشعب المصري خلال
الساعات القليلة القادمة الى حدث تاريخي يعد الاهم والابرز في عصرها
الحديث، بعد ان انقطعت السبل بتشبث حسني مبارك بالسلطة، خصوصا بعد ان
اعلن الجيش الحياد وعدم استعداده في مناصرة الديكتاتورية ضد المحتجين.
فيما كان لموقف الغرب في التخلي عن مبارك بشكل نهائي آخر الاوراق
المحروقة بيد الرئيس المصري، سيما بعد ان ادركت القوى الغربية ان
نصيرها بات على شفى الانهيار بسرعة فاقت التصورات والتحليلات المتوقعة.
ويرى بعض المتابعين ان ما تبقى من اعلان الفترة الانتقالية في مصر
هي مسالة وقت، عمل على استمراها الجيش المصري لتامين مستقبل البلاد
والخروج من الازمة باقل الخسائر كلفة.
محاكمة شعبية
فالإعدام شنقا كان هو مصير دُمية تُصَور الرئيس المصري حسني مبارك
بعد محاكمة شعبية له أقامها المحتجون بميدان التحرير في وسط القاهرة
بعد نحو ساعة من انتهاء سريان حظر التجول صباح يوم الثلاثاء.
ومع دخول الاحتجاجات التي تطالب باسقاط مبارك الذي يحكم البلاد منذ
عام 1981 يومها الثامن تبدلت شعارات المحتجين يوم الثلاثاء من "الشعب
يريد إسقاط الرئيس" الى "الشعب يريد إعدام الرئيس".
وتجمعت الحشود في ميدان التحرير يوم الثلاثاء للمشاركة في احتجاج
مناهض للنظام في مصر ويأملون في مشاركة مليون شخص للمطالبة
بالديمقراطية بعد أن لاحت لهم بوادر النصر.
وبدأ عمر سليمان نائب الرئيس الذي عينه الرئيس حسني مبارك مؤخرا
محادثات مؤخرا مع شخصيات من المعارضة وأعلن الجيش ان مطالب المحتجين "مشروعة"
ووعد بعدم اطلاق النار. بحسب رويترز.
وفور انتهاء حظر التجول في تمام الساعة الثامنة صباحا بتوقيت
القاهرة (0600 بتوقيت جرينتش) كانت أعداد المحتجين تقدر بأكثر من خمسة
آلاف شخص معظمهم كان يبيت في الميدان الذي أصبح رمزا لثورتهم.
وكانوا متفرقين ما بين راقصين ومصفقين على أنغام الأغاني الوطنية
ومتجمعين حول اشخاص يلقون الشعر والهتافات وآخرون يفترشون الأرض لتناول
وجبة الإفطار وعشرات يجوبون الميدان وهم يرددون هتافات مناوئة لمبارك
ورموز نظامه واخرين يكتبون عبارة "ميدان الشهداء" على أرض الميدان.
وأخذ أحد الشبان يهتف وهو محمولا على الاعناق "الشعب يريد إعدام
الرئيس" وردد عشرات المحتجين هذا الهتاف خلفه.
وفجأة تبدل الحال وانصبت انظار كل من في الميدان على جانب واحد نصبت
فيه لاول مرة منذ بدء الاحتجاجات يوم الثلاثاء الماضي محاكمة شعبية
لمبارك وثلاثة من رموز نظامه هم فتحي سرور رئيس مجلس الشعب الحالي
واحمد عز رجل الاعمال البارز وامين التنظيم بالحزب الوطني الحاكم الذي
اجبرته احتجاجات "جمعة الغضب" على الاستقالة من منصبه وحبيب العادلي
وزير الداخلية السابق.
وبدأت المحاكمة بوضع اربع دمى تمثل مبارك وسرور وعز والعادلي خلف
القضبان ثم تلى ذلك قراءة لائحة الاتهامات الموجهة لمبارك والتي تضمنت
تهم "القتل الجماعي والابادة الجماعية للمصريين" و"سرقة أموال الشعب".
وبعدها لعب أحد منظمي المحاكمة دور الادعاء الذي طالب بتطبيق اقصى
عقوبة على المتهم وهي الاعدام.
وحتى تكتمل أركان المحاكمة لعب أحد الأشخاص دور الدفاع عن مبارك
لكنه أعلن انسحابه من الدفاع عن "الرئيس المخلوع" بحسب وصف المحاكمة
نظرا لتأكده من صحة الاتهامات الموجهة له. وهنا صمت الجميع في انتظار
الحكم الذي كان الاعدام شنقا في ميدان عام. واخذت دمية تصور مبارك
وعلقها المحتجون في حبل مشنقة علق على احدى اشارات المرور في الميدان.
وواجه سرور وعز اتهامات مماثلة فضلا عن تهمة التستر على "جرائم"
مبارك وكان مصير دميتيهما الاعدام شنقا في الميدان.
اما العادلي فقد حكم على دميته بالاعدام "بضرب الجزم (الاحذية").
وبعد الحكم قام عدد من المحتجين بخلع أحذيتهم وضرب الدمية. وعندما
انتهت المحاكمة كانت أعداد المحتجين وصلت الى ما بين عشرة آلاف و15
الفا.
والمحتجون من مختلف الأطياف الاجتماعية والسياسية ومن مختلف الأعمار
ولوحظ تواجدا لأعضاء جماعة الاخوان المسلمين أكبر الجماعات المعارضة
تنظيما في مصر والتي لم يكن لها دور فاعل في حشد الاحتجاجات التي
انطلقت يوم الثلاثاء الماضي الذي وافق عيد الشرطة. وكان هناك نساء
واطفال مع أسرهم بكثرة.
ومع تحليق مروحية عسكرية كان أفراد الجيش ينظمون عملية الدخول
للميدان ووقف جنود ونشطاء عند حواجز أسمنتية وحديدية يفتشون الداخلين
للميدان ويطلعون على بطاقات هوياتهم حتى "لا تندس عناصر من الشرطة"
بينهم حسبما يقولون.
واتهم محتجون عناصر من الشرطة بالتنكر في ملابس مدنية للقيام بأعمال
تخريب تستهدف تشويه صورة الاحتجاجات وتصويرها بأنها حركة تخريبية.
وانسحبت قوات شرطة مكافحة الشغب من المواجهة مع المحتجين بعد
اشتباكات دامية في الميدان يوم الجمعة الماضي لكنها عاودت الظهور على
استحياء في بعض الشوارع يومي الاثنين والثلاثاء.
وبعد أن تعهد الجيش بعدم اطلاق النار تحولت الموازين فيما يبدو لغير
صالح حكم مبارك.
وستلعب المؤسسة العسكرية التي أدارت مصر منذ أطاح ضباطها بالملك
فاروق عام 1952 الدور الرئيسي في تحديد من سيخلف مبارك وتوقع البعض ان
يحتفظ الجيش لنفسه بقدر كبير من السلطة في الوقت الذي يطبق فيه اصلاحات
كافية لنزع فتيل الاحتجاجات.
ودعت الولايات المتحدة وقوى غربية أخرى مبارك الى اجراء انتخابات
حرة. وحتى اذا واصل عدم الاستجابة الى الدعوات المطالبة باستقالته فمن
غير المرجح أن يفوز في الانتخابات.
يوم الرحيل
ويسعى المحتجون المناهضون للنظام في مصر لحشد التأييد لما يأملون أن
تكون مظاهرة يشارك فيها مليون شخص يوم الجمعة للمطالبة بالديمقراطية
بعد أن لاحت لهم بوادر النصر.
وقال المحامي أحمد حلمي (45 عاما) ان الأمر الوحيد الذي سيقبله
المحتجون هو أن يستقل مبارك طائرة ويرحل.
ويسعى المحتجون لحشد مليون شخص لتصعيد الاحتجاج. وبعد أن تعهد الجيش
بعدم إطلاق النار تحولت الموازين فيما يبدو لغير صالح حكم مبارك
المستمر منذ 30 عاما.
وقال فواز جرجس من كلية الاقتصاد في لندن "أصبح مبارك عبئا على
المؤسسة العسكرية ولذلك يواجه صعوبة تتزايد يوميا في البقاء في منصبه."
ودعته الولايات المتحدة وقوى غربية أخرى الى إجراء انتخابات حرة.
وحتى اذا واصل عدم الاستجابة الى الدعوات المطالبة باستقالته فمن غير
المُرجح أن يفوز في الانتخابات.
وربما يكون هدف المؤسسة العسكرية التي أدارت مصر منذ أطاح ضباطها
بالملك فاروق عام 1952 هو إجراء إصلاحات كافية للحفاظ على نفوذ
العسكريين.
وسيتركز اهتمام واشنطن وحلفاء مبارك في أوروبا وفي اسرائيل على مدى
قدرة الجماعات الاسلامية وخاصة جماعة الاخوان المسلمين المحظورة حتى
الآن على اكتساب نفوذ في أي نظام سياسي مصري.
وقال رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو الذي اعتاد ان يسود
الهدوء حدوده الجنوبية منذ اتفاقية السلام المبرمة مع القاهرة عام 1979
ان مصر ربما تتحول الى دولة دينية مثل التي قامت في ايران في نفس العام.
واتخذت جماعة الاخوان المسلمين موقفا متحفظا من الاشتراك في
الاحتجاجات التي يقودها شبان ومهنيون من سكان المدن. وكانت الجماعة قد
قالت انها تسعى الى ديمقراطية تعددية.
لكنها قالت أنها تدعو الناس الى مواصلة الاحتجاجات حتى رحيل المؤسسة
بأسرها "بما فيها الرئيس وحزبه ووزرائه وبرلمانه."
وقال سليمان نائب الرئيس الذي عين حديثا في كلمة بثها التلفزيون
الرسمي ان مبارك طلب منه ان يجري محادثات مع كل القوى السياسية لبدء
حوار بخصوص الاصلاح.
لكن بعض المحللين يرون أن ظهور سليمان في التلفزيون يشير الى محاولة
الجيش ترتيب مخرج لمبارك بكرامة.
وقال جرجس "سليمان يمثل الجيش في هذه المرحلة لا مبارك وبالتالي فان
البيان الخاص باجراء محادثات محاولة من الجيش لاستكشاف ما اذا كانت
المعارضة مستعدة للحوار. "
وربما تكون انتخابات الرئاسة المقرر إجراؤها في سبتمبر أيلول المقبل
فرصة ليقول مبارك انه لن يعيد ترشيح نفسه مجددا. لكن مثل هذه الخطوة
ربما تنطوي على سوء تقدير لرغبة الشارع في رحيله.
وقال المحلل فيصل عيتاني "لن ينجح ذلك. هذه خطط للتسويف. لا أعتقد
أن مبارك يدرك خطورة الوضع جيدا. اذا استمرت هذه الازمة وقتا أطول
فربما يحدث انهيار اخر للنظام."
وقال حسن نافعة أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة ان كل الخطوات
التي اتخذها مبارك تهدف لكسب الوقت وتهدئة المناخ العام في الشارع
وإبعاد المحتجين والتهوين من شأن الثورة مضيفا أنه يتعين على الرئيس أن
ينهي حكمه ويرحل لانه لا يوجد أي خيار آخر.
وقالت الولايات المتحدة ان مبارك ينبغي أن يلغي قانون الطواريء الذي
استمر يحكم في ظله منذ عام 1981 . كما أوفدت واشنطن مبعوثا خاصا هو
فرانك ويزنر السفير الاسبق لدى مصر لمقابلة الزعماء المصريين.
وقال روبرت جيبز المتحدث باسم الرئيس الامريكي باراك أوباما "يجب أن
تتغير الطريقة التي تنظر وتعمل بها مصر." بحسب رويترز.
وقتل ما لا يقل عن 300 شخصا منذ بدأت الاحتجاجات مستلهمة الى حد ما
إطاحة التونسيين برئيسهم السابق في أعقاب احتجاجات مماثلة على المشاكل
الاقتصادية وقمع المعارضة السياسية.
وفي الاسكندرية ثانية كبرى المدن المصرية تجمع الاف المحتجين بالقرب
من محطة القطارات الرئيسية وحمل كثيرون منهم طعاما وأغطية قائلين انهم
سيشاركون في "مسيرة المليون" مؤخرا.
وقال مسؤولون ان حركة القطارات ستتعطل يوم الثلاثاء بسبب حظر التجول
الذي ربما يحول دون اشتراك بعض الناس في الاحتجاجات.
وفي الوقت نفسه تسابقت حكومات أجنبية كي تكفل سلامة مواطنيها
الموجودين وسط الاضطرابات في مصر. وسحبت شركات يعمل بعضها في مجال
التنقيب عن النفط والبعض الآخر في تجارة الجملة أو صناعة السيارات
العاملين الاجانب فيها بعد أن تسببت المواجهات في توقف الحياة
الاقتصادية.
وفي الاسواق الدولية ارتفع سعر برنت خام القياس الاوروبي الى أعلى
قليلا من 100 دولار للبرميل للمرة الاولى منذ عام 2008 بسبب مخاوف من
احتمال امتداد الاضطرابات الى دول منتجة للنفط مثل السعودية. ورشح
محللون دولا صغيرة مثل اليمن والسودان وسوريا والاردن لمظاهرات غضب
شعبية.
ارحل.. شعار على صدور المصريين
وقال شهود عيان ان ألوف المحتجين المطالبين بانهاء حكم الرئيس حسني
مبارك تجمعوا في ميدان الساعة بمدينة دمياط الساحلية عاصمة محافظة
دمياط يوم الثلاثاء.
وقال شاهد ان أغلب المحتجين علقوا على صدورهم لافتة كتبت فيها كلمة
واحدة هي "ارحل".
وأضاف أن محتجين آخرين يأتون الى الميدان "أفواجا بعد أفواج من
أحياء المدينة والمدن والقرى القريبة منها." وتابع أن المحتجين يرددون
هتافا يقول "ارحل يا سليمان انت كمان." وقال الشاهد ان المحتجين يرددون
الاغاني الوطنية والهتافات من مكبرات صوت.
من جهتها قالت نافي بيلاي مفوضة الامم المتحدة السامية لحقوق
الانسان يوم الثلاثاء ان لديها تقارير غير مؤكدة بأن ما يصل الى 300
شخص قد يكونون قتلوا في الاحتجاجات التي تشهدها مصر ودعت الى الهدوء
أثناء احتجاجات يوم الثلاثاء التي قد تكون "لحظة مصيرية".
وحث بيلاي السلطات المصرية على ضمان تفادي الشرطة والجيش الاستخدام
المفرط للقوة وعلى حماية المدنيين.
وقالت بيلاي في بيان "الخسائر في الارواح تتصاعد بشكل يومي وتشير
تقارير غير رسمية الى احتمال مقتل 300 شخص حتى الان واصابة اكثر من
3000 واعتقال المئات." وذكر متحدث باسمها ان الارقام غير الرسمية
للخسائر جاءت من منظمات غير حكومية.
وقالت بيلاي "مسيرة الثلاثاء يبدو انها ستصبح على الارجح لحظة
مصيرية في انتقال مصر الى مجتمع أكثر حرية وعدلا وديمقراطية."
الجيش المصري
الى ذلك أكدت القوات المسلحة المصرية مؤخرا أنها لم ولن تلجأ الى
استخدام القوة ضد الشعب المصري لكنها حذرت من الاخلال بالامن العام
وتخريب المصالح العامة والخاصة.
ونقلت وكالة أنباء الشرق الاوسط عن المتحدث باسم وزارة الدفاع قوله
ان القوات المسلحة على "وعي ودراية بالمطالب المشروعة للمواطنين
الشرفاء."
وقال المتحدث "ان تواجد القوات المسلحة في الشارع المصري من أجلكم
وحرصا على أمنكم وقواتكم المسلحة لم ولن تلجأ الى استخدام القوة ضد هذا
الشعب العظيم الذي لم يبخل على دعمها في جميع مراحل تاريخه المجيد."
وهذه هي المرة الاولى التي يصدر فيها هذا التأكيد الصريح من جانب
الجيش منذ تفجر الاحتجاجات على حكم الرئيس حسني مبارك.
وأضاف أن "اقدام فئة من الخارجين على القانون بترهيب وترويع
المواطنين الامنين أمر غير مقبول ولن تسمح القوات المسلحة به أو
بالاخلال بأمن وسلامة الوطن." وقال المتحدث ان حرية التعبير بالطرق
السلمية مكفولة لجميع المواطنين.
وتابع أن القوات المسلحة تؤكد على "عدم الاقدام على أي عمل من شأنه
الاخلال بامن وسلامة الوطن."
تحفظات على البرادعي
من جانب آخر قال مصريون في شوارع القاهرة مؤخرا ان لديهم تحفظات على
محمد البرادعي الذي عرض القيام بدور زعيم لفترة انتقالية لاعداد مصر
لاجراء انتخابات ديمقراطية.
وعاد البرادعي المدير العام السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية
الى مصر عشية الاحتجاجات التي عمت البلاد.
وأعلن الاخوان المسلمون انهم بصدد تشكيل لجنة مع البرادعي للحديث مع
الجيش. وقال عصام العريان العضو البارز بجماعة الاخوان المسلمين مؤخرا
ان الجماعة بصدد تشكيل لجنة سياسية موسعة مع الدبلوماسي المتقاعد محمد
البرادعي للحديث مع الجيش وقوى سياسية أخرى بعد أن دخلت الاحتجاجات في
مصر يومها السابع.
بينما قال علي البرادعي ان جماعة الاخوان المسلمين أو غيرها لم تتصل
بشقيقه بخصوص تشكيل لجنة موسعة لبحث القضايا السياسية.
ويوم الاحد قال البرادعي الحاصل على جائزة نوبل للسلام وجماعة
الاخوان المسلمين ان جماعات المعارضة فوضته للاتصال بالجيش والتفاوض من
أجل تشكيل حكومة وحدة وطنية.
ورفض صراحة حزب معارض واحد على الاقل هو حزب الكرامة القومي العربي
الذي يتزعمه حمدين صباحي البرادعي كشخصية مؤقتة قائلا انه يحاول القفز
على قاطرة الانتفاضة الشعبية.
وانضم البرادعي أمس الاحد الى المحتجين في ميدان التحرير وسط
القاهرة معقل الحركة الاحتجاجية المناهضة لمبارك.
وبدأ البرادعي (68 عاما) معارضة صريحة لمبارك لدى عودته الى مصر في
فبراير شباط عام 2010 وفاز بتأييد واسع وسط الشبان والطبقة المتوسطة.
لكن السلطات المصرية ضايقت أنصاره وفقد البرادعي الكثير من مصداقيته
بسبب فترات غيابه الطويلة في الخارج. وحاولت وسائل الاعلام الرسمية
السخرية منه والتسفيه من شأنه قائلة انه لا يعرف شيئا عن مصر وليس لديه
اي خبرة سياسية.
ويبدو ان بعض جوانب الحملة التي شنتها الحكومة ضده قد أتت بثمارها.
وقال خالد عزت (34 عاما) وهو مهندس متخصص في تكنولوجيا المعلومات انضم
الى المحتشدين في ميدان التحرير في المساء "البرادعي لن ينفع. ليس لديه
خبرة هنا. كما انه ضعيف الى حد ما."
وقال عمر مهدي وهو مدير مبيعات "لست مقتنعا بالبرادعي حتى كشخصية
مؤقتة لم يكن موجودا حقا في البلاد."
واعترض بعض المحتجين على البرادعي على اساس انه مقرب جدا من
الولايات المتحدة على الرغم من التوترات بينه وبين الادارة الامريكية
بشأن البرنامج النووي لكل من ايران واسرائيل حين كان يرأس الوكالة
الدولية للطاقة الذرية التابعة للامم المتحدة.
وقال وليد عبد المتعال (36 عاما) الذي يعمل في شركة تابعة للقطاع
العام "مواقف البرادعي تجاه دول عربية اخرى وتجاه ايران وكوريا
الشمالية لم تكن محايدة ولذلك لا أجده مقبولا جدا."
وأضاف "سيتبع مبارك على نهج نفس السياسات وسيحصل على مساعدات من
الولايات المتحدة" معبرا عن موقف مناهض للولايات المتحدة غاب بدرجة
كبيرة عن الايام الاربعة الاولى من الاحتجاجات.
والثقل الدولي للبرادعي الذي عاش طوال سنوات خارج مصر ويتحدث
الانجليزية بطلاقة قد يكون ميزة بالنسبة لبعض المصريين لكن ذلك يمثل
مصدر قلق لاخرين.
واقترح المحتجون في ميدان التحرير بدائل للبرادعي كزعيم انتقالي
منهم عمرو موسى الامين العام لجامعة الدول العربية وهو وزير خارجية
سابق محبوب أو رئيس المحكمة الدستورية أو رئيس المحكمة الادارية العليا.
وقال اخرون انهم يتركون خياراتهم مفتوحة وان المهم هو تغيير الدستور
لضمان عدم تشبث أحد بالسلطة مثل مبارك الذي تولى الرئاسة عام 1981.
وقال اسلام أشرف (24 عاما) الذي يعمل في ادارة الجودة "البرادعي
خيار مقبول جدا لانه لن يبقى. لكننا لسنا مهتمين بالوجوه ما يهمنا أن
يأتي نظام جديد."
جوجل تتيح وسيلة للالتفاف
من جهتها اطلقت شركة جوجل خدمة خاصة تتيح للناس في مصر بث رسائل على
موقع تويتر من خلال الاتصال برقم تليفون وترك رسالة صوتية وذلك في
الوقت الذي استمر انقطاع الاتصال بالانترنت في البلاد وسط احتجاجات ضد
الحكومة.
وقالت جوجل عبر المدونة الرسمية لها على الانترنت مؤخرا "مثل كثير
من الناس كنا نسعى لمعرفة الاخبار في مصر ونفكر فيما نستطيع ان نفعله
لمساعدة الناس على ارض الواقع."
وتتيح الخدمة - التي قالت جوجل انها طورت على يد مهندسين من تويتر -
للناس الاتصال برقم تليفون وترك رسالة صوتية. وقالت جوجل ان الرسالة
الصوتية تتحول تلقائيا الى رسالة تبث عبر تويتر.
وقالت جوجل في رسالة على مدونتها حملت عنوان "بعض الجهد بذل خلال
عطلة نهاية الاسبوع (نأمل) ان يتيح سماع اصوات مزيد من المصريين" انه
لا حاجة للاتصال بالانترنت لاستخدام الخدمة. ووضعت جوجل ثلاثة ارقام
تليفونات يمكن للناس الاتصال بها للاستفادة من الخدمة.
وكانت شبكات اجتماعية على الانترنت مثل تويتر وفيسبوك اداة هامة
للاتصالات للمحتجين في مصر الذين يخرجون للشوارع منذ الاسبوع الماضي
للتظاهر ضد حكم مبارك الممتد منذ 30 عاما. وتوقفت خدمة الانترنت في
انحاء البلاد وتعطل استخدام الرسائل النصية القصيرة عبر الهواتف.
وقال مصدر مطلع على الامر ان جوجل - التي ترفع شعار "لا تكن شريرا"
- لا تأخذ جانب اي طرف في الازمة القائمة بمصر ولكنها فقط تدعم الوصول
الى المعلومات كما فعلت من قبل مع خدمات اخرى مثل موقع يوتيوب لتسجيلات
الفيديو. وكان يوتيوب يبث التغطية الحية لقناة الجزيرة للاحداث في مصر.
وظهرت العشرات من رسائل الخدمة الجديدة على موقع تويتر مؤخرا.
وتراوحت الرسائل بين بعض ثوان وعدة دقائق لاشخاص يعرفون انفسهم بانهم
مصريون ويصفون الاوضاع في اجزاء مختلفة من البلاد.
وقالت احدى الرسائل من شخص يتحدث بالانجليزية "الحكومة تنشر شائعات
عن وخوف وسطو على المنازل وعنف. الحادثة الوحيدة للسرقة والسطو على
المنازل ارتكبتها الشرطة نفسها."
ووضعت جوجل الارقام التالية حتى يستخدمها الاشخاص الراغبين في
الاستفادة من الخدمة .. 16504194196 زائد او 390662207294 زائد او
97316199855 زائد . |