مصر واللاعبون الجُدد... مخاض التغيير القادم

علي الطالقاني

 

شبكة النبأ: واصل المحتجون المصريون انتشارهم في شوارع المدن المصرية مطالبين قوى الأمن تحديد موقفها من الأحداث، بينما يرى محللون من ان الجيش يسعى لاستلام السلطة من مبارك ليتسنى خروجه بطريقة مختلفة عن تلك التي فر بها من قبله الرئيس التونسي بن علي. في وقت تتصاعد الضغوط الداخلية والخارجيه أما البقاء أو الرحيل، كل حسب مصلحته.

لكن بعض المحللين يرون أن ظهور سليمان في التلفزيون يشير الى محاولة الجيش ترتيب مخرج لمبارك بكرامة.

وتقول الولايات المتحدة على لسان وزيرة خارجيتها هيلاري كلينتون ان الولايات المتحدة تود أن ترى "تحولا منظما" عبر انتخابات حرة ونزيهة في البلد العربي الأكبر سكانا والحليف الأساسي لها في المنطقة.

وأضافت لا نريد...ان نرى استيلاء (على السلطة) يقود الى القمع لا الى الديمقراطية وانهاء تطلعات الشعب المصري.

وتسود في اذهان بعض المحللين رؤى من ان مبارك سيذهب فيما بعد كما يقول المعلق المتخصص في شؤون الشرق الاوسط رامي خوري الذي اعتقد ان التعيينات التي قام بها من تعيين رجلين عسكريين في منصبي نائب الرئيس ورئيس الحكومة. وظهر في صورة وهو محاط بجنرالات. - متخلياً عن حلمه بتعيين نجله جمال خلفا له-.  ليست مُشجعة جدا. وهي لا تستقيم كثيرا. فالإشارات واضحة وهي أنه تم تحدي النظام بطريقة مفاجئة ومتسارعة للغاية.

بينما يرى محللون آخرون في صحيفة الفاينانشال أن تعيينات مبارك ما هي إلا مؤشر على تمهيد المؤسسة العسكرية لمرحلة ما بعد مبارك. رغم انه لا يزال يتشبث بالسلطة، وخصوصا عندما استعرض قوته حين أرسل طائرات حربية شقت السماء.

وذكر محللون في نفس الصحيفة أن الجيش الذي نشر مركباته وجنوده في المدن فشل حتى الآن في احتواء الفوضى التي عمت البلاد وانتشار عمليات السلب والنهب التي أعقبت اختفاء أفراد الشرطة التام من شوارع العاصمة والمدن الأخرى.

وأشار المتظاهرون إلى أن التعيينات الجديدة ما هي إلا جزء من النظام القديم الذين يريدون إسقاطه.

بينما يرى محرر شؤون الشرق الأوسط في صحيفة الفاينانشال" ايان بلاك" إن الرئيس مبارك سعى لتعزيز صورته المهزوزة كزعيم للبلاد والتباهي بدعم الجيش المصري وقادته الذين يدينون له بالولاء الذي سيحتاجه إذا كان فكر في البقاء في السلطة.

وأشارت الصحيفة الى أن مبارك لجأ بصورة غريزية للاعتماد على الجيش الذي وصفته الصحيفة بالعمود الفقري لنظام الحكم في مصر منذ عام 1952 وجماعة الضباط الأحرار الذين أطاحوا بالملكية.

إن التعيينات التي قام بها مبارك توحي بأن النظام غير جاد في إجراء إصلاحات سياسية. لكن السؤال الذي يطرح نفسه هل ستتخلص مصر من القيود المفروضة على الحريات وغيرها، ام سيبقى الحال من الاخفاقات السياسية والاقتصادية من الفقر؟ ففي مصر يعيش 40 في المائة من السكان على دولارين يومياً مع ارتفاع الأسعار والبطالة. فـ الفساد على كل المستويات. هذا نتيجة لسوء إدارة الاقتصاد وإساءة معاملة الشعب عبر استخدام السلطة.

لكن محللون اعتقدوا ان الشيء الوحيد الذي سينهي الأزمة هو إصلاح شامل لهيكل السلطة. وأي تغيير جدي لابد وأن يبدأ بتفعيل خطط للقضاء على الفقر.

مؤثرات داخلية

الأزمة السياسية في مصر دخلت مرحلة خطيرة فان السلوك السياسي المتبع من قبل السلطة تمخض عنه عدة أمور داخلية.

اولا، الأنشقاق الواضح بين المؤسسة السياسية والمؤسسة العسكرية، وسبب ذلك يعود الى غضب الرئيس مبارك من القوى العسكرية في عدم رغبتها بقمع المتظاهرين.

ثانيا، الانشطار السياسي ونشأت أحزاب جديدة، حيث ظهرت تكتلات سياسية مكونة من الحزب الحاكم والمعارضة وكتلة المستقلين. ويمكن ان تنشأ أحزاب أخرى وهي في طور النشأة.

ثاثا، تزايد أعداد المحتجين، ومهاجمة بعض مؤسسات الدولة. ومن المحتمل ان يؤدي ذلك الى تزايد الخلاف داخل المؤسسات الأمنية بين من يرغب بالقمع ومن يعارض.

رابعا، ظهور بعض الشخصيات على المسرح السياسي ويمكن ان يشكلو حراكا سياسيا واضحا ذكرت سيرتهم وكالة رويترز وهم كالتالي.

 محمد البرادعي

 المدير السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية البالغ من العمر 68 عاما الى مصر عام 2010 بعد حياة مهنية أدت الى فوزه بجائزة نوبل للسلام عام 2005 .

محمد بديع

أصبح بديع البالغ من العمر 66 عاما المرشد العام لجماعة الاخوان المسلمين العام الماضي. وهناك عدد من الشخصيات التي تتحدث كثيرا باسمها مثل عصام العريان أو كامل الهلباوي الذي يعيش في لندن.

أيمن نور

نور سياسي ليبرالي وهو محام خاض انتخابات الرئاسة عام 2005 أمام مبارك لكنه عانى من تصريحاته اللاذعة. وسجن نور بعد ادانته بتقديم وثائق مزورة لتأسيس حزب الغد لكن أطلق سراحه بعدما قضى في السجن أكثر من ثلاثة أعوام من بين خمسة أعوام حكم عليه بها.

عمرو موسى

كان عمرو موسى الامين العام لجامعة الدول العربية وزير خارجية يحظى بشعبية في ظل مبارك وامتدحته الاغاني الشعبية لتصريحاته المؤيدة للفلسطينيين خلال سنوات من صنع السلام مع اسرائيل. وأضر انتقال موسى الى جامعة الدول العربية وهي منظمة محافظة تدعم القادة العرب الحاليين بصورته بعض الشيء لكن مصريين كثيرين ذكروا اسمه من قبل كشخص يؤيدون توليه الرئاسة. وأدلى موسى بتصريحات منذ بدء الاحتجاجات وقال يوم الاحد انه يريد أن يرى ديمقراطية مبنية على تعدد الاحزاب في مصر

أحمد زويل

 فاز زويل العالم المصري بجائزة نوبل للكيمياء عام 1999 ونفى العام الماضي أن تكون له طموحات سياسية. لكن صحفا قالت يوم الاثنين انه سيعود الى مصر يوم الثلاثاء لاستمرار العمل على تشكيل لجنة لاصلاح الدستور تشمل أيمن نور ومحامين مشهورين. ونشرت صحيفة الشروق المصرية خطابا وجهه زويل للشعب المصري واقترح فيه انشاء مجلس حكماء لوضع دستور جديد لمصر.

حمدين صباحي

صباحي سياسي يؤمن بالقومية العربية ويرأس حزب الكرامة تحت التأسيس الذي لم يحصل على تصريح رسمي من الحكومة. انتخب نائبا في البرلمان عام 2005 وفكر في خوض انتخابات الرئاسة في ذلك العام بعدما أجرى مبارك تعديلات دستورية بضغط من واشنطن لكنه عدل عن رأيه في وقت لاحق. وكان من المتوقع أن يخوض صباحي انتخابات الرئاسة العام الحالي.

حركة كفاية

أسس جورج اسحق الزعيم النقابي الذي يحظى بالاحترام حركة كفاية عام 2004 ونظمت الحركة احتجاجات ضد حكم مبارك عام 2005 لرفض فكرة توريث الحكم لابنه الاصغر جمال مبارك. وفقدت الحركة التي كسبت تأييدا بين المهنيين من أبناء الطبقة الوسطى زخمها بسبب انشقاقات داخلية لكن ومنذ بدء الاحتجاجات الاسبوع الماضي بدا أن كفاية تلعب دورا في تحريك الحشود.

لاعبون اخرون

ظل حزب الوفد التي تعود جذوره الى ما قبل ثورة 1952 في مصر المعقل التقليدي للديمقراطيين الليبراليين في مصر لكن ينظر اليه على أنه تعاون مع حكومة مبارك خلال السنوات القليلة الماضية. ولعب حزب التجمع اليساري دورا مشابها. ومجدي حسين زعيم حزب العمل الاسلامي شخصية معارضة شهيرة ظل يدخل السجن ويخرج منه بشكل متكرر.

مؤثرات الخارجية

اما على الصعيد الخارجي فهناك الوجود الاسرائيلي والامريكي اللذان يؤثرات بشكل مباشر في توجيه مسار العملية السياسية.

المؤثر الأول، دخول العامل الاسرائيلي الذي يرى فيه محللون من ان الضغط على مبارك في استخدام العنف ضد المحتجين أمر ضروري، وان مبارك لا يمانع من استخدام العنف في حالة الحصول على ضمانات من قبل القوى الكبرى. وان بقاء مبارك في السلطة قد يساعد في حمايته أمن اسرائيل، اما التخلي عنه يتم في حالة وجود البديل الذي يلتزم بنفس الدور الذي لعبه مبارك.

بينما ينظر إيلي شاكيد -وهو سفير سابق لإسرائيل لدى مصر- في مقال له في صحيفة وول ستريت جورنال الأميركية لما يجري على أنها أشبه بلعبة الدومينو حيث تمثل مصر أهم حجر فيها.

ويعتقد شاكيد إن لم يكن هنالك اتصال مباشر بين إسرائيل والمملكة العربية السعودية والكويت، فإن مصر هي قاسم مشترك أعظم يربط تلك الدول بإسرائيل في مواجهة إيران والتهديد الشيعي للإسلام السني الذي تقوده السعودية ومصر.

المؤثر الثاني، ستركز واشنطن وبعض الدول الاوربية واسرائيل على مدى قدرة الجماعات الاسلامية وخاصة جماعة الاخوان المسلمين المحظورة حتى الآن على اكتساب نفوذ في أي نظام سياسي مصري.

بينما تتخذ جماعة الاخوان المسلمين موقفا متحفظا من الاشتراك في الاحتجاجات التي يقودها شبان ومهنيون من سكان المدن. وكانت الجماعة قد قالت انها تسعى الى ديمقراطية تعددية.

ويرى محللون من ان قمع المحتجين بالطريقة التي ترغبها اسرائيل لن تمدد فترة نظام مبارك وحسب، وإنما قد تجعل من الشعوب الأخرى ان تتراجع في تفكيرها من القيام في احتجاجات مشابهة لتلك التي قامت في تونس ومصر وبالتالي قد تمنع من تهديد حلفاء أمريكا واسرائيل، وخصوصا في السعودية والاردن واليمن والمغرب وفلسطين.

إذ يقول محللون في صحيفة وول ستريت جورنال الأميركية هناك صمت اسرائيلي يُخفي القلق داخل إسرائيل من أن إضعاف جاراتها العربية الموالية للغرب –ومصر على وجه الخصوص- قد يزعزع استقرار المنطقة.

ويعتبر السلام القائم منذ ثلاثة عقود مع مصر دعامة رئيسية لوضع إسرائيل العسكري في المنطقة وهو ما يُعد بمثابة جسر دبلوماسي لتل أبيب مع دول الشرق الأوسط التي تشاطرها القلق من تعاظم النفوذ الإيراني.

ومع ترنح نظام حسني مبارك ينتاب الإسرائيليون القلق بشأن التزام مصر بمعاهدة السلام المبرمة بينهما، وهو قلق ربما تسري عدواه إلى دول أخرى في المنطقة كالأردن إذا ما تعرضت حكومتها لضغوط مماثلة.

A_alialtalkani@yahoo.com

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 2/شباط/2011 - 28/صفر/1432

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م