مصر... أمل الحرية يخرج المارد من قمقمه

علي الطالقاني

 

شبكة النبأ: تشهد النظم السياسية العربية ضعفاً كبيراً من جانب التأييد الشعبي ويرى خبراء على ان هذه الانظمة على أبواب الانهيار الكلي بعد ان تآكلت داخلياً، واليوم فقدت أكبر قوة في الشرق الاوسط السيطرة على بعض المدن الكبرى، فان الاحتجاجات في مصر أصبحت لا تهدد شخص حسني مبارك فقط، وانما الاستراتيجيات المتعلقة بالدول الكبرى ايضاً.

وهذا ما جعل من الولايات المتحدة الامريكية أن تسارع في وقوفها مع الشعب المصري بعد مراجعتها لمواقفها تجاه المحتجين في أيران وتونس من قبل والتي لم تتخذ موقفاً ايجابيا استباقياً، مما جعلها تفكر بطريقة أكثر نضوجاً، فالفشل في الضغط على مبارك سيشكك في مصداقيتها من جانب، وابقاء النظام المصري علمانياً من جانب آخر بعد ان كانت تقدم دعماً مالياً بنحو 1.5 مليار دولار سنوياً.

وبالرغم من قوة الاحتجاجات يعتبر الرئيس المصري من الشخصيات التي لا تذعن كثيرا للمطالب الشعبية، فانه يعتمد على قاعدة قوية ويمتلك نظام عسكري قد يحميه عبر مستشارية ومسؤولين من الجيش راهن عليهم إبان الحرب المصرية مع اسرائيل قبل ثلاثون عاما. مثل عمر سليمان، ورئيس الاركان محمد طنطاوي وحبيب العادلي وزير الداخلية. ومن المرجح ان تزيد مبارك هذه الاحتجاجات موقفاً متشدداً نظراً للعقلية العسكرية  التي يتمتع بها.

ويرى خبراء من ان النظام المصري باستطاعته ايقاف الثورة الشعبية، إما عن طريق الجيش- الذي بدأ يتررد- بقمع المحتجين وضربهم بالنار وهذا غير منطقي، او ان يتخلى مبارك عن السلطة وقيام نظام جديد. وهذا ما ينبغي على الدول المؤثرة في الساحة السياسية استخدام نفوذها  في الضغط على مبارك وتنحيته.

فأن مساعي مبارك لبقائه في السلطة يعتمد على مدى بقاء المظاهرات وتزايد اعداد المحتجين فضلا عن ردة فعل الحلفاء على ما يجري في المدن المصرية من احتجاجات.

محللون في الواشنطن بوست بدورهم قالوا ان الدور الامريكي بدأ يترقب وينتظر  حتى يتأزم الوضع اكثر، مشيرة إلى دور إدارة أوباما الفاتر في الثورة الشعبية التونسية التي تفجرت في الأسابيع الماضية.

محللون في صحيفة وول ستريت جورنال من جانبهم يعتقدون ان محمد البرادعي لا يحظى بدعم شعبي واسع. وثمة بديل آخر إذا اختفى ألا وهو رئيس المخابرات المصرية عمر سليمان الذي يرى المحللون أنه قادر على شغل المنصب خلال المدة التي تفصل بين اليوم وموعد إجراء انتخابات جديدة.

ولم يستبعد المحللون جماعة الإخوان المسلمين من احتمالات أن تكون مركز السلطة البديلة، على حد وصفها. لكنهم سرعان ما استدركوا بالقول إن أي إيماءة بالموافقة من الولايات المتحدة لذلك التنظيم قد تكون بمثابة إيذان بالسماح بتولي السلطة من جانب قوة ما إن تتحرر من أغلالها حتى تصبح أكثر تطرفا.

ويبقى الجيش المصري ضمن البدائل المحتملة، ذلك أن الولايات المتحدة ربما تنشد الاستقرار الذي سيكفله القادة العسكريون ذوو الميول الغربية، كما أن العلاقات بين المؤسسة العسكرية المصرية وأميركا وثيقة.

اما في اطار مساعي بقاء مبارك في السلطة يقول المحلل السياسي والصحفي البريطاني روبرت فيسك قد تكون النهاية. إنها بالتأكيد بداية النهاية.

وأضاف فيسك في مقاله "الشعب يتحدى الديكتاتور ومستقبل أمة على المحك" كيف يمكن للمرء يوما قد يكون صفحة فارقة في تاريخ مصر! ربما يجب على الصحفيين أن يتوقفوا عن التحليل وأن يقصوا ويصفوا ما جرى في أرجاء واحدة من أعرق مدن العالم.

 أن نظام الرئيس المصري حسني مبارك قد لا ينجو بجلده من مظاهرات جديدة بعد أن عمت حمم الغضب أرجاء الشرق الأوسط.

وقال فيسك إن الحقيقة المجردة والبشعة هي أن الحكومة المصرية لا حول لها ولا قوة، ذلك أن ما يجري هو ثورة تويتر وفيسبوك فقد قضت التكنولوجيا بالفعل على قوانين الرقابة "العقيمة" على النشر.

ورأى فيسك في مقال بعنوان آخر "يوم الحساب في مصر" أن رجال مبارك بدوا وكأنهم فقدوا كل إحساس بالمبادرة.

واستبعد محللون في صحيفة غارديان أن تؤدي أي امتيازات اقتصادية تقدمها الحكومة المصرية -من قبيل الحفاظ على الدعم للمحافظة على تدني الأسعار، ورفع الحد الأدنى للأجور، أو اتخاذ تدابير للحد من البطالة- لإرضاء الداعين للتغيير.

وقالت الصحيفة إنه سيكون من الضروري أن يعلن النظام المصري إصلاحاً سياسياً إذا كان يريد البقاء على قيد الحياة لكنها توقعت أن يحاول مبارك كسب الوقت، وأن يتفادى كل ما يمكن أن ينم عن الضعف، كإقالة وزير الداخلية مثلا كما فعل الرئيس التونسي السابق زين العابدين بن علي.

ومن الخيارات المتاحة أمام مبارك، الانصياع لمطالب المعارض محمد البرادعي وغيره بإلغاء قوانين حالة الطوارئ والسماح بالإشراف القضائي على الانتخابات، وإزالة القيود المفروضة على أهلية المرشحين للانتخابات والأهم من ذلك أن يعلن مبارك أنه لن يترشح لدورة سابعة.

مراقبون ومحللون شددوا على ضرورة منح الفرصة للقوى السياسية في البلد بدلا من التلميح لنقل السلطة وراثيا. وهذا ماقد يجعل من القادة العرب التفكير بطريقة أخرى حيث بدت عليهم علامات الجزع والخوف من المظاهرات والاضطرابات في العاالم العربي. وأهم ما في ذلك وضع حد لمضايقة الأحزاب، والسماح بتعددية سياسية حقيقية.

وأن ترفع القيود عن القضاء ووسائل الاعلام. وتنفيذ اصلاحات، وعلى الدول الكبرى ان تقف مع الارادة لاجماهيرية في الحق عن التعبير ودعم الديمقراطيات في العالم العربي.

[email protected]

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 31/كانون الثاني/2011 - 26/صفر/1432

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م