
شبكة النبأ: من المقرر أن يجتمع
ممثلون عن الولايات المتحدة وبريطانيا والصين وفرنسا وألمانيا وإيران
وروسيا في 21-22 كانون الثاني/يناير في اسطنبول لإجراء محادثات بشأن
البرنامج النووي للجمهورية الإسلامية المثير للجدل.
وتمثل الاجتماعات -- التي تعد استمراراً للمناقشات التي أُجريت في
جنيف في وقت مبكر من كانون الأول/ديسمبر الماضي -- المسار الدبلوماسي
نحو التوصل إلى حل تفاوضي للمخاوف الدولية بشأن أنشطة إيران النووية.
حيث تناول معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى في مقال له مخاض الصراع
الايراني الغربي حول الملف النووي وما ترتب عليها من عقوبات واثار
سياسية واجتماعية في داحل وخارج ايران، جاء فيه.
تواجه إيران حزمة من العقوبات الاقتصادية والمالية والتجارية
المفروضة عليها من قبل الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي وبعض الدول
الفردية. كما أن هناك أساليب أخرى أوردتها التقارير -- مثل إدخال
فيروسات إلى أجهزة الحاسوب الإيرانية ومحاولات اغتيال العلماء
الإيرانيين التي لم تعلِن أي دولة مسؤوليتها عنها -- خلقت ضغطاً إضافياً.
ورغم ما يبدو من أن هذه التدابير تُبطئ البرنامج النووي الإيراني، إلا
أنه من الواضح أن طهران عازمة على مواصلة عملها مع رفضها الإفصاح عن
نفسها بشكل كامل.
المسار الدبلوماسي
كما يستعرض مقال معهد واشنطن سير المفاوضات المقبلة ومن سوف يدرها
فيقول، تترأس مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، السياسية
البريطانية كاثرين أشتون محادثات اسطنبول، التي تُجرى رسمياً تحت رعاية
دول الاتحاد الأوروبي الثلاثة + 3 (بريطانيا وفرنسا وألمانيا إلى جانب
الولايات المتحدة والصين وروسيا). كما توصف مجموعة الدول هذه بشكل
متكرر بأنها مجموعة دول الـ P5 + 1، أي الدول الخمس الدائمة العضوية في
مجلس الأمن + ألمانيا.
ولم تحقق محادثات جنيف الشهر الماضي سوى القليل من التقدم الملحوظ
تمثَّل بالاتفاق على الاجتماع مرة أخرى في تركيا، وهو ما يعد تنازلاً
لإيران. ففي مؤتمر صحفي عقب تلك القمة، قرأت أشتون بياناً مقتضباً ذكرت
فيه أنه تم إجراء "محادثات جوهرية مفصلة تركزت على البرنامج النووي
الإيراني والحاجة إلى امتثال إيران لالتزاماتها الدولية"، لكنها رفضت
الإجابة على أسئلة.
وعلى النقيض من ذلك، أعطى المفاوض النووي الإيراني سعيد جليلي عرضاً
مفصلاً إلى وسائل الإعلام حول ما أسماه "المحادثات بشأن التوصل إلى
أرضية مشتركة" -- وهي نقطة أكّد عليها في جلسة أسئلة وأجوبة مطولة رفض
فيها أيضاً أي تسوية بشأن حقوق إيران في ممارسة النشاط النووي "السلمي".
وقد استمر هذا الصخب الدبلوماسي منذ محادثات جنيف، لكن دون أن يحقق
النجاح الذي يرجح أن إيران سعت إليه. ففي أعقاب المحادثات، دعت إيران
مسؤولين من دول الاتحاد الأوروبي الثلاثة + 3 والدول النامية لزيارة
محطة تخصيب اليورانيوم [في] "ناتانز" والمفاعل الجاري بناؤه في آراك (والذي
قد يكون مخصصاً لإنتاج البلوتونيوم). إن الأمر المثير للاهتمام هو أن
جميع أعضاء دول الاتحاد الأوروبي الثلاثة + 3 رفضوا تلك الدعوة، مظهرين
وحدة دبلوماسية على الرغم من التكهنات بأن الصين وروسيا قد تتبعان نهجاً
أكثر توافقاً نحو إيران. وبصورة واضحة، أن تركيا -- المستضيفة الاسمية
لمحادثات هذا الأسبوع – قد رفضت أيضاً تلك الدعوة، رغم أن أنقرة بدت
أكثر تعاطفاً نحو طهران منذ أن رفضت دول الاتحاد الأوروبي الثلاثة + 3
اقتراح تسوية تقدمت به تركيا والبرازيل العام الماضي.
مسار العقوبات
ويستذكر مقال المعهد المباحثات السابقة وما ترتب عليها من فشل فيشير،
في أعقاب محادثات جنيف، عمدت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي على
تشديد القيود التجارية والاقتصادية بصورة إضافية، مما زاد من صعوبة
وصول إيران إلى النظام المالي العالمي. وقد ركزت تلك العقوبات على
النفط (الذي تمتلك منه إيران ثاني أكبر احتياطي في العالم)، لا سيما
فيما يتعلق بحظر استيراد إيران للبنزين (الذي لا يستطيع النظام إنتاج
ما يكفي منه لتلبية الاستهلاك المحلي).
وقد أجبر هذا إيران على زيادة أسعار الوقود، وهي حركة لم تلق ترحيباً
لدى الجمهور. ومع ذلك، تعني الزيادة الثابتة في أسعار النفط العالمية
أن عائدات صادرات البلاد من النفط قد زادت فعلاً من 2009 إلى 2010،
وبدون فرض عقوبات على صادرات النفط الإيرانية، من المرجح زيادة هذه
الصادرات مرة أخرى هذا العام.
وتشمل العقوبات أيضاً حظراً على المواد والمعدات التي يمكن
استخدامها في البرامج النووية. وقد أوردت صحيفة "وول ستريت جورنال"
مؤخراً أن الأعمال النووية في إيران قد تأخرت بسبب هذه القيود، لا سيما
تلك الخاصة بألياف الكربون ومادة خاصة تسمى الصلب السُبيكي، والتي
وصفها المقال بأنها "مدخلات حيوية" لأجهزة الطرد المركزي.
والواقع أن كلا هاتين المادتين يمكن استخدامهما في الدوار، وهو
عبارة عن أنبوب رأسي يشكل المكون الرئيسي لجهاز الطرد المركزي. إن
القوة والمرونة هما من السمات الجوهرية لتصميم الدوار الناجح. فالأجهزة
الدوارة الأكثر سرعة تساعد على فصل النظائر في سادس فلوريد اليورانيوم
الغازي بفعالية أكبر بكثير. لكن الوصول إلى هذه السرعة يضع الدوار تحت
ضغط هائل. إن الحل الهندسي لهذه المشكلة هو مرونة الدوار.
وحالياً، يوجد لأجهزة الطرد المركزي " پي 1" (P1) التي تستخدمها
إيران في منشأة "ناتانز" دوارات مصنوعة من عدة أنابيب ألمنيوم قصيرة
متصلة ببعضها البعض باستخدام "وصلات" مصنوعة من صلب سبيكي. كما لدى
النظام الإيراني تصميمات لأجهزة الطرد المركزي " پي 2" (P2) صُنعت
أجهزتها الدوارة كلية من الصلب السبيكي، والتي يمكنها الدوران بسرعة
أكبر وبذلك تحقق فعالية أكبر بكثير. ومع ذلك، فربما بسبب الصعوبة في
تصنيع المكونات الدوارة " پي 2"، لا يبدو أن طهران تقوم بالفعل بصناعة
أجهزة الطرد المركزي " پي 2" المصنوعة من الصلب السبيكي، وبدلاً من ذلك،
تعمل على تصميم ثالث تكون فيه أجهزة الدوار مصنوعة من ألياف الكربون،
وهي مادة يمكن أن تكون أقوى من الصلب.
التخريب والاغتيال
وينوه القال الى ما يعتبره، ازداد الوعي العام حول المشكلة النووية
الإيرانية بسبب الأخبار التي أفادت بأن برنامج النظام تأثر بفيروس "ستاكس
نت"، وهو ما سمته صحيفة "نيويورك تايمز" عملاً تخريبياً متعمداً من قبل
الولايات المتحدة وإسرائيل.
ومن الواضح أن فيروس الحاسوب يتداخل مع نظام التحكم في أجهزة الطرد
المركزي، مما يضع أجهزة الدوار تحت ضغط لا يُحتمل من خلال زيادة سرعتها
أو إبطائها بشكل متعمد. ووفق ما ذكرته "الوكالة الدولية للطاقة الذرية"،
والتي حصلت على إذن إيران لتفتيش صالة أجهزة الطرد المركزي بمنشأة "ناتانز"،
فإن مجموعات عديدة من "شلالات" أجهزة الطرد المركزي هي الآن خارجة عن
العمل.
وبالإضافة إلى ذلك، أعلنت إيران مؤخراً عن اعتقال عدة أشخاص قالت
إنهم مرتبطين بإسرائيل واشتركوا في هجوم بالقنابل على عالم نووي إيراني
في كانون الثاني/يناير 2010. كما تعرض عالمان نوويان آخران لهجوم في
طهران في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي. وقد لقي أحدهما حتفه عندما
انفجرت قنبلة كانت عالقة بباب سيارته. أما الآخر، والذي كان ممنوعاً من
السفر من قبل الأمم المتحدة بسبب أعماله، فقد أصيب بجروح بالغة. وقد
عرضت إيران في محادثات جنيف، صورة فوتوغرافية للعالم الذي اُغتيل في
تشرين الثاني/نوفمبر المنصرم وأقنعت أشتون بإدانة مثل تلك الهجمات "الإرهابية".
مشكلة تعريف النجاح
ويضيف مقال معهد واشنطن، يثق المسؤولون الأمريكيون بأن برنامج إيران
النووي قد تأخر، فقد صرح الرئيس السابق لجهاز الاستخبارات الإسرائيلية
"الموساد"، مئير داغان، بأن طهران لن تكون قادرة على صنع سلاح نووي حتى
عام 2015 على الأقل. إلا أنه في ملاحظات لاحقة حذر داغان أمام لجنة
برلمانية إسرائيلية، بأنه "في ظل سيناريوهات محددة، بوسع [إيران] تقصير
ذلك الإطار الزمني".
إن إحدى المخاوف هي أن إيران قد تتلقى مساعدة خارجية لتحسين أجهزة
الطرد المركزي لديها. ففي تشرين الثاني/نوفمبر، كشفت كوريا الشمالية --
التي ساعدت إيران بالفعل على تطوير صواريخ طويلة المدى -- لعالم أمريكي
زائر أن لديها محطة تخصيب لأجهزة الطرد المركزي مزودة بأجهزة من نوع "
پي 2"، مما يثير الاحتمال بأن بوسع إيران الحصول على مثل تلك الأجهزة
من بيونغ يانغ. كما تستطيع كوريا الشمالية من الناحية النظرية تزويد
إيران بيورانيوم عالي التخصيب لصنع قنبلة نووية، مما يسمح لطهران تأخير
التخصيب المحلي. (يجب أن يشار هنا إلى أنه في عام 1982، أعطت الصين إلى
باكستان -- مصدر تكنولوجيا التخصيب في كل من إيران وكوريا الشمالية --
ما يكفي من اليورانيوم لصنع قنبلتين نوويتين).
يتمثل الموقف الحالي للولايات المتحدة وحلفائها الدوليين في محادثات
اسطنبول هذا الأسبوع، بأنه بغض النظر عن شرح السلوك النووي السابق،
يتوجب على إيران الامتناع عن تخصيب اليورانيوم إلى أي مستوى. إن التحدي
هو رأب الفجوة بين مجرد تأخير أنشطة إيران النووية وتغيير ما يُنظر
إليه بشكل واسع النطاق على أنه تصميم من جانب إيران على تطوير قدرات
أسلحة نووية. يبدو أنه من الضروري القيام بالمزيد من الجهود
الدبلوماسية وفرض عقوبات أمريكية أكبر، كما قد تكون الإجراءات السرية
الإضافية ملائمة أيضاً.
نبذة عن معهد واشنطن
الجدير بالذكر ان معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى بحسب موقعه
الالكتروني أسس عام 1985 لترقية فهم متوازن وواقعي للمصالح الأمريكية
في الشرق الأوسط. وبتوجيه من مجلس مستشارين بارز من كلا الحزبين من اجل
توفير العلوم والأبحاث للإسهام في صنع السياسة الأمريكية في هذه
المنطقة الحيوية من العالم.
وينقل موقع تقرير واشنطن الالكتروني إن الهدف من تأسيسه كان دعم
المواقف الإسرائيلية من خلال قطاع الأبحاث ومراكز البحوث وان لجنة
العلاقات الأمريكية-الإسرائيلية المعروفة بإيباك كانت المؤسسة الأم
للمعهد حيث أن مديره المؤسس هو مارتن إنديك رئيس قسم الأبحاث السابق
باللجنة. وتزعم المنظمة أنها اختارت مصطلح "الشرق الأدنى" لتعريف
الهوية الذاتية للمعهد (بدلا من "الشرق الأوسط) لأنه المصطلح المعترف
به في الخارجية الأمريكي لوصف العالم العربي والدول المجاورة. |