غلاء اسعار الغذاء... ازمة من رحم ازمة

شبكة النبأ: وصلت أسعار المواد الغذائية إلى أعلى مستوياتها منذ أزمة 2008، وفقاً لإحصائيات جديدة صادرة عن منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (الفاو).

ففي منتصف 2008، وصلت الأسعار العالمية للمواد الغذائية إلى أعلى مستوى لها منذ 30 عاماً مما أثار واحدة من أسوأ الأزمات الغذائية في الآونة الأخيرة مما أدى إلى إسقاط حكومة واحدة على الأقل والدفع بأكثر من مليار شخص إلى خانة الجوع.

ازمة عالمية

فقد قال عبد الرضا عباسيان، أمين الفريق الحكومي الدولي المعني بالحبوب في الفاو أن متوسط أسعار الأغذية العالمية - بما في ذلك أسعار الحبوب وزيت الطبخ واللحوم ومنتجات الألبان - قد ارتفع 25 بالمائة في ديسمبر 2010 مقارنة بما كان عليه في ديسمبر 2009.

وعلى الرغم من أن متوسط أسعار الحبوب مثل الذرة والقمح والأرز ارتفعت بنسبة 39 بالمائة عن مثيلتها في ديسمبر 2009، إلا أنها لا تزال أقل بنسبة 13 بالمائة عن الذروة التي بلغتها في يونيو 2008.

وقد تسبب الطقس العاصف وتقلب الأسعار في هذا الارتفاع خلال النصف الثاني من عام 2010. فقد بدأت الأسعار في الارتفاع في يوليو 2010 بعد أن ضرب الجفاف والحرائق روسيا وأوكرانيا، من أكبر منتجي القمح في العالم. وبحلول سبتمبر 2010 ارتفعت أسعار القمح بين 60 و80 بالمائة في الوقت الذي حظرت فيه روسيا الصادرات.

كما تعرضت كندا، وهي منتج رئيسي آخر للقمح، لأحوال جوية سيئة. ومنذ نوفمبر، أثر الجفاف الممتد على محصولي فول الصويا والذرة في الأرجنتين، التي تعد من أكبر منتجي هذه الأصناف في العالم، في الوقت الذي قد تؤثر فيه الفيضانات في أستراليا، التي تعتبر مصدراً هاماً للقمح العالي الجودة، على الأسعار.

وأضاف عباسيان: "أنا أقل تفاؤلاً مما كنت عليه في نوفمبر إذ لا يوجد لدينا الكثير من الأخبار السارة ... مع ذلك قد يكون لدينا محاصيل وفيرة لاحقاً في كل مكان وقد تنهار الأسعار – لا أحد يمكنه التنبؤ بذلك. لكن في الوقت نفسه لن تنخفض الأسعار وهناك احتمال قوي أن تبقى مرتفعة لمدة عامين".

ويعد ارتفاع أسعار المواد الغذائية خبراً ساراً بالنسبة للمزارعين إذ يشجعهم على زراعة المزيد من المحاصيل. ولكن عباسيان قال أن "العديد منهم يميلون إلى أن التنويع في المحاصيل مما قد يؤثر على إمدادات محصول بعينه".

كما يثير عدم وضوح إمدادات الذرة في الصين القلق، حيث قال عباسيان أن "الإحصائيات الصينية تشير إلى أنهم يملكون كميات قياسية من المحاصيل لكن تضخم أسعار المواد الغذائية كبير جداً". وإذا اقتحمت الصين السوق بطلبيات كبيرة في 2011 فإنها قد تسبب اضطراباً في الإمدادات عالمياً.

وأشار إلى أنه على البلدان ذات المحاصيل الوفيرة أو التي تمتلك مخزونات كافية من المواد الغذائية الأساسية أن تحافظ على احتياطي استراتيجي. كما ينبغي على البلدان المستوردة للغذاء التفكير استراتيجياً والتفاوض على شروط تجارية ملائمة.

من جهة أخرى، قد يؤثر ارتفاع أسعار الوقود، التي تخطت حاجز الـ 90 دولاراً للبرميل الأسبوع الماضي، على إنتاج الأغذية وتوزيعها في 2011.

هل تكون التالية؟

فيما يبدو أن الأزمة المالية لن تكون وحدها مصدر قلق بالنسبة لدول الخليج، فهناك أيضاً "أزمة الغذاء"، التي بدأت تفرض نفسها على المنطقة، حيث شهدت العديد من الأسواق الخليجية العام الماضي، على سبيل المثال، نقصاً حاداً في أهم الاحتياجات الغذائية للإنسان، ومنها الخبز. هنا في البحرين مثلاً، تمتلئ الأسواق بأنواع الأطعمة المستوردة من الخارج.

يقول أجي فاشي، رئيس الهيئة الدولية للمنتجين الزراعيين: "هناك العديد من الدول في الشرق الأسط التي تحتاج إلى التوقف وإعادة التفكير حول مصادر الحصول على الغذاء، وهو ما أعتقد أنه بحاجة إلى برنامج جديد في التغذية ومعالجة الغذاء."

ومن ناحيته، سعى وزير التجارة المصري رشيد محمد رشيد، إلى البحث عالمياً عن مصادر للقمح، ومنها زيارة دول في آسيا الوسطى بالإضافة إلى روسيا، في محاولة لسد االاحتياجات التي تبلغ ستة مليون طن سنوياً. بحسب السي ان ان.

وفي هذا الصدد، يقول الوزير المصري: "نحن جميعاً نعلم أن مصر بحاجة إلى هذه الكمية سنوياً، إلا أن فكرة عدم توافر هذه الكمية حول العالم، يجعل من الأمر مثيراً للقلق."

إلا أن دولا أخرى، كالسعودية وقطر مثلاً، فضلت استعمال عائدات النفط لاستغلال أراض زراعية في دول أفريقية منها: السودان وأوغندا وزامبيا وإثيوبيا وكينيا، لزراعتها والحصول على الغذاء اللازم، وهو ما أثار الجدل في كون هذا الاستغلال يعبر عن "الاستعمار الجديد."

يقول كارل آتكن، من وكالة "بيدويلز" للاستشارات العقارية: "الأمر يتعلق هنا بالزراعة التي تعتبر حرفة معنوية، حيث أنه في هذه القضية بالذات يتم تشريد الناس، وتنشب نزاعات حول ملكية الأرض، ولكن إذا ما جرى الأمر بالطريقة الصحيحة، فيمكن أن تكون قضية رابحة."

ويؤكد آتكن أن استغلال هذه الأراضي من قبل دول غنية كدول الخليج، سيساعد الدول الفقيرة في خفض نسبة البطالة، وتكوين رؤوس الأموال، وزيادة حجم التكنولوجيا في البلاد.

من جهة أخرى، اعتلت قضية الغذاء سلم الأولويات في القمة الإسلامية الاقتصادية في العاصمة الإندونيسية جاكرتا، حيث أكد الرؤساء والمشاركون على ضرورة تشجيع التجارة والاستثمار ذات الشروط الإسلامية.

وبوجود نحو 1.6 مليار مسلم حول العالم، يمكن أن تساعد مشاريع اللحوم "الحلال"، في سد احتياجات جميع هذه الدول الغنية.

وكان المستثمرون في الشرق الأوسط، والمشرفون على هذا المشروع، قد ضموا عدداً من الدول الآسيوية كإندونيسيا، وماليزيا، وكمبوديا، وفيتنام.

الحد من التضخم

من جانبها دعا رئيس اندونيسيا مواطنيه لزراعة الاغذية في حدائقهم في محاولة لكبح جماح التضخم وتولت وزيرة التجارة ماري بانغستو زمام المبادرة بزراعة الفلفل الحار في منزلها.

وقالت بانجستو في كلمة ألقتها يوم الخميس "لدي 200 نبتة من الفلفل الحار في أصص الزهور."

وأضافت "تقوم وزارة الزارعة بتوعية المزارعين بكيفية زراعة الفلفل الحار وتشجع أيضا المستهلكين على زراعته في حائق منازلهم."

وارتفع سعر الفلفل الحار خمسة أمثاله في اندونيسيا في العام السابق الى نحو 100 ألف روبية (11 دولار) للكيلو وهو أكثر من سعر اللحم البقري مما سبب أضرارا للمواطنين المغرمين بالاطعمة الحارة في مجموعة الجزر الاندونيسية حيث تؤدي المشكلات اللوجستية والطقس الرطب الى ارتفاع التكلفة.

وساهم الفلفل الحار الاحمر اضافة الى ارتفاع أسعار الارز في صعود التضخم السنوي الى أعلى مستوى في 20 شهرا في ديسمبر كانون الاول مقتربا من سبعة في المئة.

وقال الرئيس سوسيلو بامبانج يودويونو في اجتماع لمجلس الوزراء اليوم لمناقشة استقرار أسعار الاغذية "ينبغي على المواطنين المبادرة بزارعة النباتات." بحسب رويترز.

وقالت منظمة الامم المتحدة للاغذية والزراعة ان أسعار الاغذية العالمية ارتفعت الى مستوى قياسي الشهر الماضي متجاوزة المستويات التي أثارت احتجاجات في 2008 ويمكن أن تشهد الحبوب الاساسية مزيدا من الارتفاع في ظل مخاوف من التقلبات المناخية.

وقررت الحكومة الاندونيسية بالفعل استيراد 1.3 مليون طن من الازر من تايلاند وفيتنام قبل موسم الحصاد المحلي في فبراير شباط بعد أن امتنعت عن استيراده في العامين السابقين لكن صانعي السياسة قلقون حول تكلفة المواد الحارة في الاطعمة.

الجزائر

الى ذلك اعلنت الحكومة الجزائرية انها ستخفض اسعار بعض المواد الغذائية الاساسية في محاولة لوقف اعمال شغب بدأت مؤخرا نتيجة زيادة اسعار مواد غذائية وادت الى سقوط قتيلين واصابة عدة مئات اخرين.

واجتمع وزراء حكوميون لبحث كيفية الرد على الاضطرابات. وقال شهود بالتليفون ان احتجاجات جديدة اندلعت اثناء اجتماع الوزراء في مدينتين في منطقة القبائل الواقعة شرقي مدينة الجزائر.

وفي اول رد مفصل على اسوأ اعمال شغب في الجزائر المصدرة للطاقة منذ سنوات اعلنت الحكومة انها ستخفض رسوم الاستيراد والضرائب على السكر وزيت الطعام وهما السلعتان اللتان تركز عليهما كثير من الغضب بشأن زيادات الاسعار.

واعلنت الحكومة ايضا تأكيدات بانها لن تترك الناس تحت رحمة ارتفاع اسعار المواد الغذائية.

ونقلت وكالة الانباء الجزائرية الرسمية عن بيان حكومي قوله "لا يمكن لاي كان أن يشكك في عزم الدولة الحازم تحت قيادة السيد رئيس الجمهورية على التدخل كلما كان ذلك ضروريا من أجل حماية القدرة الشرائية للمواطنين أمام أي زيادات للاسعار المنبثقة عن تقلبات السوق الدولية أو عن سعر الكلفة محليا."

وكانت الجزائر رابع اكبر مصدر للغاز الطبيعي في العالم قد بدأت تخرج من صراع استمر نحو 20 عاما بين القوات الحكومية واسلاميين متمردين وادى الى سقوط ما يقدر بنحو 200 الف قتيل.

ولكن محللين يقولون ان من غير المحتمل ان تتصاعد اعمال الشغب التي وقعت في الاونة الاخيرة لان الجزائر بها معارضة ضعيفة ومع توفر احتياطي من العملة الصعبة يبلغ نحو 150 مليار دولار يمكنها ان تتمكن من تخفيف أثر ارتفاع اسعار السلع الاساسية.

وقالت وكالة الغذاء التابعة للامم المتحدة الاسبوع الماضي ان الاسعار العالمية للسلع الغذائية ارتفعت الى مستوى قياسي في ديسمبر كانون الاول وان بعض السلع الاساسية قد ترتفع بشكل اكبر.

واعترفت الحكومة الجزائرية في بيانها بان الاسعار العالمية كانت عاملا ولكنها قالت انها لم تكن التفسير الوحيد وانحت ايضا باللائمة في ارتفاع الاسعار على اطراف في السلسلة المحلية للتموين. وقالت ان اجراءاتها ستخفض اسعار السكر وزيت الطهي بنسبة 41 في المئة وانها ستعلق ايضا الرسوم الجمركية على واردات السكر حتى نهاية اغسطس اب.

واستخدمت شرطة مكافحة الشغب الهراوات والغاز المسيل للدموع لاحتواء اعمال الشغب التي تفجرت في حي للطبقة العمالية في العاصمة الجزائرية ولكنها امتدت الى مناطق اخرى بعد ذلك.

وقال شهود في منطقة القبائل ان اعمال شغب وقعت في مدينتي بجاية وتيزي وزو. وتعتبر منطقة القبائل الكبرى معقلا لتنظيم القاعدة ببلاد المغرب الاسلامي .

ويبدو ايضا ان الاحتجاجات التي نجمت عن الغضب من ارتفاع الاسعار تغذي التذمر القائم منذ فترة طويلة من ارتفاع نسبة البطالة بين الشبان والظروف الصعبة للسكن.

ونقلت وسائل الاعلام الرسمية في وقت سابق عن وزير الداخلية دحو ولد قابلية قوله ان شخصين قتلا واصيب 400 خلال الاحتجاجات في شتى انحاء الجزائر منذ يوم الخميس.

وقالت وكالة الانباء الجزائرية ان المحتجين نهبوا مباني حكومية وأفرع البنوك ومكاتب البريد في عدة مدن في شرق البلاد من بينها قسنطينة وجيجل وسطيف والبويرة.

وقال عبد الله شيبوب (65 عاما) وهو متقاعد يعيش في بلدة باب الزوار في شرق الجزائر العاصمة "هناك قدر كبير من التوتر في الاجواء. الناس خائفون. لا خبز ولا حليب ولا أي شئ صباح اليوم في الحي الذي أعيش فيه."

سريلانكا تستورد الجمال والنعام

في سياق متصل قالت حكومة سريلانكا إنها ستسمح باستيراد الجمال والنعام من بلدان أخرى بهدف المساعدة في تخفيف الأزمة الغذائية.

ويحتاج البلد إلى استيراد بعض المواد الغذائية مثل الدجاج والبيض وجوز الهند ومن ثم فإن الحكومة تعتقد أن توفير هذه المواد غير المألوفة والكبيرة الحجم في سريلانكا يمكن أن يساعد في تخفيف حدة الأزمة الغذائية وتوفير المزيد من المواد.

وقال نائب وزير الزراعة السريلانكي، إتش أر ميثرابالا، إن سريلانكا لها عدد من المناطق المناخية ومن ثم فإن من المنطق أن تنوع أنشطتها الزراعية من خلال جلب أنواع جديدة من الحيوانات مثل النعام.

لكن نائبا في المعارضة قال إن الحل الأفضل للأزمة الغذائية يكمن في تخصيص مزيد من الاستثمارات لتطوير صناعة الدواجن.

زراعة الخضراوات داخل المدن

خبراء دوليون تجمع في العاصمة السنغالية داكار ويقول البستنة الحضرية يمكن أن تساعد الناس على إطعام وتحسين التغذية في مدن البلدان النامية.

في المؤتمر الذي نظمته منظمة الاغذية والزراعة هذا الاسبوع ، وقال العلماء أن الشعوب الأفريقية لم يأكل ما يكفي من الخضراوات والفواكه في حين السمنة وأمراض القلب والأوعية الدموية أصبحت مصدر قلق متزايد في القارة. بحسب بي بي سي.

يمكن أن يكون قريبا الشعوب الافريقية تواجه برنامج مدته خمس يوميا اعتمدت بالفعل من قبل البلدان الغربية على توصيات من منظمة الصحة العالمية لأكل ما لا يقل عن 400 غراما من الفاكهة أو الخضار كل يوم.

في الواقع ، وعلماء اجتماع في داكار يقول كمية الشعوب الافريقية من الفواكه والخضروات هي طريقة وراء هذا المستوى الموصى به.

لقد تم النظر في سبل مستدامة لتوريد المواد الغذائية الطازجة إلى المدن في مواجهة التحضر السريع. لتحسين التغذية ومعالجة مشكلة الفقر في المدن الكبرى ، والخبراء يسعون الى استخدام الخضراوات والفواكه المحلية التي تزرع في ما يسمونه الحدائق الحضرية.

موديبو تراوري هو المسؤول عن الزراعة والاستهلاك المستهلك في منظمة الأغذية والزراعة. وقال للبي بي سي إن أهمية الحدائق الصغيرة هو انها يمكن ان "توفر للأسر ، ويمكن أن توفر للمواطنين الفقراء في المدن ، وفرصة للحصول على ما هو مفقود عادة في نظامهم الغذائي".

أصبحت السمنة وأمراض القلب والسكري ومشكلة بقدر سوء التغذية في افريقيا ، وفقا للعلماء في المؤتمر.

وهم يجادلون بأن يمكن استخدامها البستنة الحضرية كسلاح في المعركة لتحقيق الأمن الغذائي مع الملايين من الناس الذين يعيشون في الأحياء الفقيرة تشجيعهم على زراعة الخضروات في الأواني ، وباحات أو حتى استخدام الإطارات.  وينبغي للسلطات البلدية ضمان الحدائق الصغيرة هي جزء من تخطيط المدن.

يترك المحلية والفواكه والقيمة الغذائية مذهل لكن خبراء نعترف أنه لن تكون هناك مهمة سهلة لتثقيف الناس على تغيير نظامهم الغذائي

أفغانستان في 2011

فيما يخطط برنامج الأغذية العالمي لمساعدة 7.3 مليون شخص في أفغانستان في عام 2011، ولكنه يمتلك التمويل لإطعام الأشخاص الأكثر عرضة للخطر لبضعة أشهر فقط، ويحتاج إلى 400 مليون دولار للاستمرار في أنشطته الإنسانية هذا العام.

وقد ناشد البرنامج المانحين لتقديم تمويل عاجل من خلال عملية النداءات الموحدة، التي بدأت في 5 ديسمبر وذلك بهدف تعويض النقص في المواد الغذائية البالغ 103,600 طن (بتكلفة 157 مليون دولار) حتى شهر يونيو القادم.

كما حذر الأمين العام للأمم المتحدة في تقرير صدر في شهر ديسمبر من أن النقص في التمويل يمكن أن يؤثر على جميع مشاريع برنامج الأغذية العالمي، بما في ذلك التغذية المدرسية والغذاء مقابل العمل. وأوضح التقرير أنه "إذا استحال الحصول على دعم إضافي، سيضطر برنامج الأغذية العالمي إلى خفض الأنشطة المخططة لتوزيع الأغذية في جميع أنحاء أفغانستان".

ولم يتم تعليق أي مشروع خاص ببرنامج الأغذية العالمي حتى الآن، حيث قالت المنظمة أنها تستفيد من الموارد المتاحة لتجنب خفض المساعدات الغذائية للفئات الأكثر ضعفاً. وأضافت تشاليس ماكدونو، المتحدثة باسم برنامج الأغذية العالمي في كابول، في تصريح لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين): "لقد حددنا أولويات أنشطتنا للحفاظ على المساعدات الغذائية المنقذة للحياة، بما في ذلك تقديم الدعم للأمهات والأطفال، والأشخاص المتضررين من النزاعات أو الكوارث الطبيعية".

وكان التمويل المقدم من الولايات المتحدة وكندا في الآونة الأخيرة قد خفف نقص القمح الذي واجهه البرنامج في أعقاب الفيضانات الكارثية في باكستان خلال شهر يوليو. ولكن شبكة الإنذار المبكر من المجاعة التي تمولها الولايات المتحدة توقعت أن أكثر من نصف البلاد سيعاني من انعدام أمن غذائي مرتفع أو متوسط خلال شهري يناير وفبراير. وقالت الشبكة أن أسعار القمح قد زادت بنسبة أكبر من 31 بالمائة منذ يوليو 2010، وأنها على الأرجح سترتفع مرات أخرى خلال الأشهر المقبلة.

ولا تزال أفغانستان من بين أكثر الدول التي تعاني من انعدام الأمن الغذائي في العالم، لأن النزاعات المسلحة والكوارث الطبيعية تمنع حصول أكثر من ثمانية ملايين شخص على كفايتهم من الغذاء، وفقاً لوكالات الاغاثة، التي ترجح أيضاً تدهور الوضع الإنساني في 2011.

من جهتها، أفادت القوة الدولية للمساعدة الأمنية في أفغانستان (إيساف) بقيادة حلف شمال الأطلسي أن القوات الأفغانية والأجنبية تستخدم طائرات الهليكوبتر العسكرية لتسليم إمدادات الإغاثة إلى ثلاثة أقاليم على الأقل. وذكرت التقارير أن مئات الأسر قد نزحت في إقليمي قندهار وهلمند الجنوبيين، حيث تخوض القوات التي تقودها الولايات المتحدة معارك مع حركة طالبان.

وقال مسؤولو إغاثة في الإقليمين أنهم بحاجة ماسة إلى أغذية لتوزيعها على النازحين المتضررين من الصراع وغيرهم من الفئات الضعيفة.

وفي الوقت نفسه، يؤثر فصل الشتاء على الأوضاع في البلاد، ففي إقليم بدخشان شمال شرق أفغانستان، قال مسؤولون أن الثلوج سدت الطرق المؤدية إلى عشر مناطق وأن هناك مخاوف من نقص المواد الغذائية.

وقال سيد ناصر حمد، رئيس جمعية الهلال الأحمر الأفغاني في بدخشان: "لقد ارتفعت أسعار المواد الغذائية بشكل كبير ونحن نشعر بقلق بالغ إزاء حالة الأسر المعرضة للخطر التي يتعذر الوصول إليها،" مضيفاً أن منظمته لا تملك الموارد الكافية للاستجابة.

مجموعة العشرين

من جهة اخرى بدأت مجموعة العشرين التي تضم الاقتصادات الرئيسية في العالم محادثات على مستوى الخبراء بشأن الارتفاع الكبير في أسعار الغذاء الذي يثير مخاوف من تكرار أزمة الغذاء التي حدثت في عام 2008.

ومبعث القلق الرئيسي لدى صناع القرار هو أنه اذا لم يكبح ارتفاع أسعار الغذاء فان ذلك قد يؤدي الى زعزعة الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي من خلال ارتفاع التضخم والى اجراءات للحماية التجارية واضطرابات.

ووقعت اضطرابات جديدة في العاصمة الجزائرية يوم الجمعة وانتشرت شرطة مكافحة الشغب حول المساجد كما علقت السلطات مباريات بطولات كرة القدم عقب احتجاجات عنيفة ضد ارتفاع أسعار الغذاء والبطالة.

وقال شهود عيان ان أعمال شغب وقعت كذلك بعد ظهر اليوم في مدن عنابة التي تبعد 500 كيلومتر شرقي مدينة الجزائر وفي الاغواط التي تبعد 700 كيلومتر جنوبي العاصمة.

وقد يؤدي ارتفاع أسعار الغذاء أيضا الى انتكاس التعافي من الازمة المالية من خلال تقليص القدرة الشرائية للمستهلكين في الاقتصادات الناشئة سريعة النمو التي تقود هذا التعافي. بحسب رويترز.

وقال ري تشانج يونج ممثل كوريا الجنوبية في مجموعة العشرين للصحفيين ان المحادثات تجري لتطوير التعاون الدولي لحل مشكلات الامن الغذائي قبل قمة تنعقد في باريس في وقت لاحق من العام.

وأضاف ري "فرنسا تؤكد على الامن الغذائي. كدولة مضيفة سابقة لقمة مجموعة العشرين نود التعامل مع مشكلة تقلب الاسعار. وقال مصدر مطلع ان الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي طلب من البنك الدولي اجراء بحث عاجل بشأن أثر ارتفاع أسعار الغذاء.

وفي العام الماضي ارتفعت أسعار القمح 47 بالمئة مدفوعة بسوء الاحوال الجوية وموجة جفاف في روسيا وجيرانها في منطقة البحر الاسود. وارتفعت أسعار الذرة الامريكية أكثر من 50 بالمئة وقفزت أسعار فول الصويا الامريكي 34 بالمئة.

وخلال تلك الازمة اندلعت أعمال شغب في عدد من البلدان من مصر الى هايتي. وقفزت أسعار الواردات وهو ما سبب عجزا كبيرا ومكلفا في الموازين التجارية للعديد من البلدان وجعل عدة حكومات في اسيا تفرض قيودا على تصدير الارز.

وأشار برنامج الاغذية العالمي التابع للامم المتحدة الذي كان يوفر الغذاء لنحو 100 مليون شخص في العام الماضي الى أن أسعار الحبوب ومن بينها الارز لم تصل الى ذراها التي سجلتها في عام 2008 لكن أسعار السكر وزيت الطهي هي التي ترفع مؤشر أسعار الغذاء.

وقالت اميليا كاسيلا المتحدثة باسم البرنامج خلال مؤتمر صحفي في جنيف "نحن مستعدون لزيادة المساعدة خاصة للبلدان المعرضة لهذه الاسعار المرتفعة مع التركيز خصوصا على المخاطر التي تواجه الاطفال."

وقالت ان المحصول الجيد في عدد من البلدان الافريقية في العام المنصرم كان أمرا مساعدا وان المخزونات أكبر مما كانت عليه في أزمة 2008 في حين أن أسعار الوقود -التي تؤثر على الاسمدة ونقل الغذاء- أدنى.

وقال روبرت بريور واندسفورد الخبير الاقتصادي لدى كريدي سويس في سنغافورة ان أسعار المواد الغذائية الاساسية لن تتجاوز المستويات الحالية الا اذا ساءت الاحوال الجوية بشكل أكبر.

وقال في تقرير "معدلات المخزون الى الاستهلاك التقديرية في العالم ولدى الدول المصدرة للقمح والارز أعلى كثيرا مما كانت عليه في 2007-2008 وهو ما يجعل حدوث شح أو حظر صارم للتصدير أمرا مستبعدأً.

لكن شركة رأس المال المغامر امرجنت لادارة الاصول التي تتخذ من لندن مقرا والتي تمتلك مساحات شاسعة من الاراضي في الجنوب الافريقي مازالت تتوقع مزيدا من الارتفاع في أسعار الغذاء.

وقال ديفيد موران مدير الاستثمار في الشركة لرويترز "العالم مازال في مرحلة الانكار بشأن أسعار الغذاء."

وأضاف "اذا نظرت الى العوامل السكانية واذا نظرت الى الانتاج واذا نظرت الى أثر التغير المناخي.. الامر مازال في بدايته."

وقد ارتفع تضخم أسعار الغذاء في العديد من بلدان اسيا -ومن بينها الهند والصين- الى أرقام في خانة العشرات. وفرضت الصين ضوابط للاسعار لكي تضمن استقرار الاسعار بالنسبة للمستهلكين وأعلنت اثيوبيا اجراءات مماثلة.

وسعت تايلاند أكبر مصدر للارز في العالم الى طمأنة السوق. وقالت وزيرة التجارة بورنتيفا ناكاساي للصحفيين ان بلادها ستبقي صادرات الارز في 2011 عند تسعة ملايين طن الى 9.5 مليون طن بعد تصدير تسعة ملايين طن في 2010.

وقالت الفلبين أكبر مشتري للارز في العالم انها ستقلص وارداتها في 2011 بمقدار النصف على الاقل بعد مشتريات قياسية في 2010 وهو ما هدأ المخاوف أيضا من شح الامدادات في سوق الارز هذا العام.

وقال مسؤول في بنجلادش أيضا ان بلاده قلقة بشأن الامن الغذائي وانها استوردت 250 ألف طن من الارز من فيتنام لتعزيز المخزونات.

وفي اندونيسيا -رابع أكبر بلد في العالم من حيث عدد السكان- ساهم ارتفاع أسعار الفلفل في العام المنصرم خمسة أضعاف في ارتفاع التضخم الكلي الى سبعة في المئة.

وفي الهند قفزت أسعار البصل -التي تسببت في اندلاع احتجاجات في البلاد في الماضي- بعدما أضر سوء الاحوال الجوية بالمحصول وبدأ مسؤولون محادثات مع باكستان بشأن استئناف الواردات.

المواد الغذائية في الهند 

على الصعيد ذاته سجل معدل تضخم اسعار المواد الغذائية ارتفاعا حادا بنسبة 32ر18 في المئة عن الاسبوع المنتهي في 25 ديسمبر الماضي مقابل 44ر14 في المئة عن الاسبوع الذي سبقه.

وذكر بيان حكومي هنا اليوم ان معدل التضخم في اسعار المواد الغذائية سجل ارتفاعا حادا في الاسبوع المنتهي 25 ديسمبر الماضي مدفوعا بارتفاع اسعار بعض الخضار ذات الاستهلاك اليومي الى مستويات كبيرة.

واضاف ان اسعار الخضروات ارتفعت بنسبة 58ر58 في المئة في اسواق الجملة خلال الاسبوع السابق ليوم 25 ديسمبر الماضي لاسيما اسعار البصل والطماطم والثوم.

واوضح البيان ان معدل التضخم في اسعار الغذاء خلال الفترة نفسها من عام 2009 بلغت نسبته 9ر19 في المئة. بحسب الوكالة الكويتية للانباء.

واشار البيان الى ارتفاع متفاوت في اسعار المواد غير الغذائية اذ ارتفعت اسعار الالياف والمعادن بنسبة 53ر35 و 58ر30 في المئة على التوالي خلال الاسبوع المنتهي في 25 من الشهر الماضي.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 15/كانون الثاني/2011 - 9/صفر/1432

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م