لبنان... التناحر الاهلي والسلم المضطر

 

شبكة النبأ: يرى المراقبون للشأن اللبناني ان ساسة تلك البلد الصغير نسبيا بات ما يفرقهم اشد قربا لهم مما يجمعهم، سيما بعد اصرار الفرقاء على التناحر والتصارع على حساب الشعب.

حيث تلعب الاجندات الاقليمية والدولية في بيروت دورا اساسيا في طبيعة الصراع القائم، بعد ان باتت تلك الاجندات محل اهتمام بالغ لدى القادة اللبنانيين، يفوق بكثير المصلحة العليا للدولة، كما هو يتجلى يوميا من خلال المواقف المتشنجة والمحرضة على الاقتتال الاهلي.

فشل المبادرة

فقد قال ساسة لبنانيون ان المبادرة السورية السعودية فشلت في التوصل الى اتفاق للحد من التوتر السياسي في لبنان بشأن مقتل رئيس وزراء لبنان الاسبق رفيق الحريري.

ومنذ يوليو تموز عملت السعودية وسوريا اللتان تدعمان معسكرين متنافسين في لبنان من اجل تخفيف التوترات الناشئة بسبب المحكمة الدولية الخاصة باغتيال الحريري عام 2005 والتي شلت عمل الحكومة في لبنان واحيت المخاوف من اندلاع صراع طائفي مجددا.

وقال الزعيم المسيحي ميشال عون وهو حليف حزب الله للصحفيين "نشكر جلالة الملك (السعودي عبد الله) على الجهود التي بذلها كذلك نشكر الرئيس بشار الاسد بالرغم من ان هذه المبادرة انتهت من دون نتيجة." بحسب رويترز.

وقال مصدر سياسي بارز في المعارضة بعد اجتماع مسؤولين من حزب الله وحركة امل الشيعيين وحلفائهما المسيحيين مع الرئيس ميشال سليمان "ابلغنا فخامة الرئيس باننا نريد عقد جلسة طارئة لمجلس الوزراء لاتخاذ قرار بوقف تمويل المحكمة وسحب القضاة اللبنانيين والغاء مذكرة التفاهم مع المحكمة."

وعبر وزير حزب الله في الحكومة محمد فنيش عقب اجتماع لوزراء المعارضة عن الاسف لوصول المسعى السعودي السوري الى طريق مسدود "بسبب الضغوطات الامريكية وعدم قدرة الفريق الاخر على تجاوزها."

وقال "حرصا منا على عدم ترك البلد فيما يتعرض له من تعطيل بادرنا كفريق سياسي لعقد الاجتماعات مع رئيس الجمهورية ميشال سليمان ونسعى معه لعقد جلسة لمجلس الوزراء لكي يتم تحمل المسؤولية تجاه التطورات لا سيما تجاه المحكمة الدولية والقرار الظني.

والقى فنيش اللوم على الولايات المتحدة في عرقلة مساعي الرياض ودمشق لايجاد حل. وقال انه جرت جهود عربية اتاحت للبنانيين الفرصة للعمل بشكل ايجابي وان هذه الجهود لم تنجح بسبب التدخل الامريكي. واجرى رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري سلسلة اجتماعات في الولايات المتحدة في الايام الاخيرة.

والحريري موجود في نيويورك منذ يوم الجمعة لمحادثات مع العاهل السعودي الملك عبد الله ووزيرة الخارجية الامريكية هيلاري كلينتون والامين العام للامم المتحدة بان جي مون والرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي.

وقال البيت الابيض في بيان ان الحريري التقى بالرئيس باراك اوباما "لمناقشة مساندة الولايات المتحدة لسيادة لبنان واستقلاله واستقراره والعمل المتواصل للمحكمة الخاصة للبنان وقضايا اقليمية اخرى."

وتوقع دبلوماسيون توجيه اتهامات لاعضاء في حزب الله الذي يشارك بوزراء في حكومة الحريري. ومن المتوقع ان ترسل هذا الشهر لائحة الاتهام الى قاضي المحكمة الذي سيبت في أمر القضية.

ونفى حزب الله أي دور له في مقتل الحريري ورفض التحقيق المستمر منذ خمس سنوات في التفجير الذي يقول ان وراءه اهدافا سياسية وطالب رئيس الوزراء اللبناني بعدم التعاون مع المحكمة التي تقود التحقيق بدعم من الامم المتحدة. وهو مطلب لم يجد استجابة حتى الان.

وقال محللون انه اذا وجهت المحكمة اتهامات بالفعل لاعضاء في حزب الله فقد ينسحب من الحكومة هو وحلفاء له من الشيعة والمسيحيين بغرض اسقاطها. وقد تنهار الحكومة اذا استقال وزراء المعارضة العشرة بالاضافة الى وزير الدولة عدنان السيد حسين المؤيد للرئيس ميشال سليمان.

ودعا عون الحكومة الى الاجتماع وحمل انصار الحريري مسؤولية افشال المسعى السعودي السوري قائلا "اعتقد ان ... فريق الرئيس سعد الحريري لم يتجاوبوا مع المساعي ووصلنا الان الى طريق مسدود على مستوى المبادرة."

وجاءت تصريحات عون بعد اربعة ايام من تصريحات لرئيس الحكومة سعد الحريري في مقابلة صحفية بأن التفاهم السعودي السوري "ناجز وينتظر التنفيذ" لكنه أصر على ان حزب الله وحلفاءه عليهم اتخاذ الخطوة الاولى.

وقال النائب الشيعي في كتلة تيار المستقبل برئاسة الحريري عقاب صقر لرويترز" ما زلنا نعول على الجهد العربي بدعم الحلول اللبنانية وما زلنا ننتظر من اصحاب المبادرة الاعلان عما وصلت اليه الامور وكلنا امل ان نصل الى الحلول التي ترضي الجميع."

اضاف "ان مساعي حل الازمة التي يقودها الرئيس الحريري ستتواصل مع رئيس الجمهورية.

وزراء حزب الله

على صعيد متصل قال مصدر سياسي كبير ان وزراء حزب الله اللبناني وحلفاءهم السياسيين استقالوا، مما سيؤدي الى اسقاط حكومة رئيس الوزراء سعد الحريري تلقائيا. وقال ان 11 وزيرا استقالوا وهو عدد كاف لاسقاط الحكومة. وتسببت الخلافات حول التحقيق في شل حكومة "الوحدة" وجددت المخاوف من حدوث صراع طائفي.

وقال وزير الطاقة جبران باسيل المنتمي الى التيار الوطني الحر بزعامة ميشال عون حليف حزب الله "جاءنا رفض من رئيس الحكومة سعد الحريري لانعقاد جلسة لمجلس الوزراء."

وأضاف "وبالتالي فان سياسة ونهج واستمرار تعطيل الحكومة ومنها اتخاذ اي قرار وطني اساسي تأكد وعلى هذا الاساس فان فترة السماح انتهت وحالة الانتظار التي نعيشها من دون اي جدوى انتهت . انتهى الانتظار." بحسب رويترز.

وقال هلال خشان استاذ العلوم السياسية في الجامعة الامريكية في بيروت ان واشنطن وضعت "الفيتو" في وجه المبادرة السعودية- السورية وهناك احتمال ضئيل لتشكيل حكومة جديدة بسرعة في اعقاب الاستقالات.

وقال ان من غير المرجح ان يكرر حزب الله احداث مايو ايار عام 2008 عندما سيطر مسلحون على بيروت احتجاجا على خطوات الحكومة ضد الحركة الشيعية المسلحة لكنه لم يستبعد حصول تظاهرات في الشوارع.

واضاف "ظاهرة اعمال الشغب بسبب الغذاء تنتشر في العالم العربي فالمعارضة قد تستغل المطالب الشعبية لمكافحة التضخم."

وانخفض مؤشر بورصة بيروت اكثر من ثلاثة بالمئة بسبب الازمة السياسية حيث انخفض سعر سهم سوليدير التي قادت اعمار بيروت بعد الحرب الاهلية بنسبة 7.8 بالمئة.

وقال لوي كرم وهو مستشار استثماري بارز في الجمعية المالية العربية "/لان/الاتفاق السعودي-السوري وصل الى طريق مسدود شهدنا عمليات بيع."

خامنئي يرفض محكمة الحريري

من جهته انتقد المرشد الإيراني، علي خامنئي، المحكمة الدولية الناظرة بقضية اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق، رفيق الحريري، مع تزايد الترجيحات حول إمكانية اتهامها لعناصر في حزب الله، فوصف المحكمة بأنها "شكلية وقرارها مرفوض،" بينما رد النائب في كتلة المستقبل، عمار الحوري، بأن الموقف الشرعي يجب أن يكون "ولكم في القصاص حياة يا أولي الأرباب."

وذكر خامنئي، بعد اجتماع ضمة إلى أمير دولة قطر، الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، الذي وصل إلى طهران بعد لقاء جمعه في الدوحة مع الرئيس السوري بشار الأسد، الذي تهتم بلاده بشدة بما قد يصدر عن المحكمة الدولية.

وربط خامنئي بين المحكمة في لبنان والتطورات الطائفية التي قد تنشب في المنطقة، في إشارة منه إلى المخاوف من النظر نحو اتهام حزب الله بتنفيذ الاغتيال على أنه عملية تصفية لزعماء السنة على يد أحزاب شيعية. بحسب السي ان ان.

وأوضح قائلاً: "اعتبر موضوع الوحدة بين الشيعة والسنة في المنطقة أمرا بالغ الأهمية.. الشيعة وأهل السنة في المنطقة يتعايشون منذ أزمنة بعيدة إلى جانب بعضهم بعضا بكل ود وصفاء، إلا أن البعض يسعى للقضاء على هذه الأجواء الحميمة وتحويل بعض الخلافات العقيدية بين الشيعة والسنة إلى خلاف اجتماعي."

وتابع المرشد الإيراني، متناولاً موضوع محكمة الحريري قائلاً: "إنها محكمة شكلية وأي حكم يصدر عنها سيكون مرفوضا، ونأمل أن تتصرف جميع الأطراف المعنية والمؤثرة في لبنان بحكمة وعقلانية لكي لا يتحول هذا الموضوع إلى مشكلة."

ولفت خامنئي إلى أن "أي مؤامرة ضد لبنان سيكون مآلها الفشل،" وفقاً لنص كلمته التي أوردتها وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية.

من جهته، وصف أمير دولة قطر أمن المنطقة والوحدة بين السنة والشيعة بأنهما "موضوعان بالغا الأهمية،" وأشار إلى التطورات الجارية على الساحة اللبنانية، وقال: "البعض يسعى إلى إشعال فتيل فتنة جديدة في لبنان ونحن نسعى بالتعاون مع دول المنطقة للحيلولة دون ذلك لما هو لمصلحة المنطقة."

ورد النائب عمار حوري، عضو كتلة تيار المستقبل النيابية، التي يقودها رئيس الوزراء اللبناني، سعد الدين الحريري، بالقول إن "أي استباق للقرار الظني يعتبر  خارج السياق بمعنى أنه لا يجب الإدلاء بأحكام افتراضية قبل صدور القرار الاتهامي وظهور القرائن والدلائل التي تدعمه."

وأضاف: "من ناحية ثانية، فنحت نصر على أنه وجوب الحفاظ على الاستقرار والسلم الأهلي في مرحلة ما بعد القرار الاتهامي، ومن ناحية ثالثة فإننا نأمل ألا يتضمن القرار الاتهامي المرتقب أسماء أي لبنانيين أو عرب."

وعن احتمال أن ينظر حزب الله المرتبط بعلاقات عضوية مع إيران إلى موقف خامنئي على أنه "تكليف شرعي" ملزم وفق الاجتهادات الفقهية الشيعية قال حوري: "الموقف الشرعي بقضية اغتيال الحريري يجب أن يستند إلى القرآن الكريم والآية التي تقول ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب."

وتابع: "الموقف الشرعي يجب أن يكون وجوب معاقبة المرتكب لينال عقابه الشرعي لحماية العدالة ومستقبل المجتمع."

وحول ما إذا كان أمير قطر قد نقل لخامنئي أجواء سلبية بعد الاجتماع الذي ضمه مع الرئيس السوري، بشار الأسد، بما يتناقض مع الحديث عن وجود مسعى بين دمشق والرياض لتخفيف الاحتقان في لبنان قال حوري: "هذه المواقف ليست مرتبطة ببعضها البعض بالضرورة، وسوريا سبق أن عبرت بشكل واضح عن نظرتها للقرار الاتهامي المرتقب."

وبالتزامن مع هذه التطورات، أعلن المكتب الإعلامي للمحكمة الدولية أن رئيس مكتب الدفاع،  فرانسوا رو، ونائبته، عليا عون، اختتما زيارتهما التي استغرقت أربعة أيام لبيروت. وقد التقيا خلالها الرئيس اللبناني، ميشال سليمان، ورئيس الوزراء سعد الحريري، وشخصيات أخرى.

وذكّر رو بعدد من المبادئ الأساسية حول قرار الاتهام، فشدد أولاً على "أهمية قرينة البراءة في أي إجراءات جزائية." ولفت الأستاذ رو إلى أن إيداع المدعي العام لقرار الاتهام لدى قاضي الإجراءات التمهيدية "سيفضي إلى مرحلة جديدة من الإجراءات تنتهي بتصديق قرار الاتهام أو بردّ تهمة أو عدّة تهم منه."

وأكد رو أنه خلال هذه المرحلة (التي قد تمتد لأسابيع) ستظل المعلومات حول القرار سرية ، كما بيّن أن أي قرار اتهام يجري تصديقه كليًا أو جزئيًا "ما هو إلا بداية الإجراءات،" مذكّرًا بأنه يجوز للمتهمين تعيين من يشاؤون من المحامين الذين سيقدم إليهم مكتب الدفاع المساعدة القانونية واللوجستية.

اسقاط المحكمة الدولية

الى ذلك قال الأمين العام لحزب الله، حسن نصرالله، إن المحكمة الدولية الناظرة بقضية اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق، رفيق الحريري" "مؤامرة دولية،" وتعهد بأن يقوم الحزب بإسقاطها، وذلك أمام عشرات الآلاف من أنصاره الذين احتشدوا في ضاحية بيروت مؤخرا لإحياء مراسم عاشوراء.

وبدأ نصرالله كلمته بالحديث عن التهديدات الإسرائيلية الأخيرة بتوجيه ضربة قاسية للحزب، فقال "التهديدات لا تخيفنا ولا تمس من إرادتنا،" وتوجه إلى الإسرائيليين بالقول: "لقد انتهى الزمن الذي كنتم تخيفوننا به، ولقد هزمت المقاومة كل جنرالاتكم وستهزمكم إن شاء الله."

ووصف نصرالله التهديدات الإسرائيلية بأنها "حرب نفسية فاشلة ولا يمكن أن تؤثر في نفوسنا،" وتطرق إلى الوضع الداخلي اللبناني قائلاً إن حزبه "يؤكد الالتزام والحرص على الوحدة الوطنية، ورفض أي فتنة بين اللبنانيين وخصوصاً بين السنة والشيعة."

وحول المحكمة الدولية قال نصرالله: "نرفض أي اتهام ظالم، وسنسقط أهداف هذا الاتهام كما أسقطنا جزءاً منه، كما سنحمي المقاومة وسنحمي بلدنا.. مؤامرة المحكمة الدولية ستذهب أدراج الرياح كما كل المؤامرات السابقة."

القاعدة تحذر الشيعة

في سياق متصل، أصدر صالح بن عبدالله القرعاوي، القيادي في كتائب عبدالله عزام، رسالة جديدة موجهة إلى الداخل اللبناني، نشرتها عدة مواقع على صلة بتنظيم القاعدة، دعا فيها السنّة في لبنان إلى عدم التعامل مع الجيش، وذلك بعد سلسلة مواجهات تخللها مقتل جنود واعتقال مسلحين في قرى سنية في سهل البقاع شرقي لبنان.

وقال القرعاوي: "يا أهلنا أهلَ الشام: إننا إن عصينا اللهَ فيكم ولم ننصرْكم، فإنَّ ذا المروءةِ والنجدةِ تأبى عليهِ نفسُه أن يرضى على أهلِه بهذا، فدافعُنا لنصرتِكُم دافعٌ إيمانيٌّ،" وأضاف أن "الدين يكون لله؛ إذا ارتفعَ تسلُّطُ الظلمةِ - مِنَ الباطنيةِ الشيعةِ وغيرِهم- عن أهلِ الإسلامِ وبلادِ المسلمينَ."

وتابع القرعاوي بطرح مجموعة من التساؤلات بينها: "- لماذا لا يستجابُ لدعاوى رفعِ الظلمِ إلا إذا كانَت هذه الدعاوى مِن زعمِ الطائفةِ الشيعيةِ؟ - لماذا يتجاهلون ما وقع عليكم يا أهلَ السنةِ من قبيحِ الظلمِ وعظيمِ الجرائم؟ ولماذا لا يُفتَح تحقيقٌ في مصيرِ مئاتٍ ممَّن قُتِلوا مِن التعذيبِ في السجونِ، ولماذا لا يُحاسَبُ مَن قتل أهلَ السنةِ في السابعِ من أيارَ،" في إشارة إلى تاريخ سيطرة حزب الله بالسلاح على أحياء من بيروت. بحسب السي ان ان.

وأضاف: "ولماذا يُسامُ أهلُ السنةِ في عمومِ بلادِ الشامِ أشدَّ العذابِ لعقودٍ طِوالٍ، فلا ينتصرُ لهم أحدٌ ولا يدافعُ عَنهم صاحبُ دينٍ أو قانونٍ يزعم صاحبه فيه العدل؟"

وتطرق القرعاوي إلى طلب قيادات المعارضة اللبنانية من مؤيديها عدم التعامل مع بعض المؤسسات الأمنية التي تتعاون مع التحقيق الدولي بقضية الحريري، أو تلك التي لا تخضع لنفوذ المعارضة فقال: "ونحن هنا ندعو أهلَنا أهلَ السنةِ .. إلى مقاطعةِ المؤسساتِ الظالمةِ لكُم والمضيعةِ لحقوقِكُمْ أيًّا كان انتماؤها، وبخاصةٍ مخابراتِ الجيش."

وسأل القرعاوي: "لماذا لا تقومُ مخابراتُ الجيشِ بالمداهماتِ إلا على بلَداتِ أهلِ السنةِ؟ ولماذا لا تنتشرُ الحواجزُ الأمنيةُ إلا في بلَداتِكم وأحيائكم؟ ولماذا لا نرى حاجزًا للجيشِ أو لغيرِه من المؤسساتِ الأمنيةِ في مناطقِ الشيعةِ كالضاحيةِ مثلاً؟" في إشارة إلى المعقل الأساسي لحزب الله، على مشارف العاصمة بيروت.

ودعا القرعاوي السنة في سوريا إلى التحرك ضد حكومتهم التي اتهمها بالخضوع لنفوذ الطائفة العلوية، وقال إن حزب الله "قد جمع السلاحَ ليستعملَه في الصراعاتِ الداخليةِ؛ في ذبحِ أهلِ السنةِ والجماعةِ؛ وهذا ما هددوا به، وردده كبارُ معمميهِم، متخذين المحكمةَ الدوليةَ مبررا لذلك."

وحذر القرعاوي بعض رجال الدين السنة الذين يدعمون حزب الله من مغبة تصرفاتهم، واعتبر بيانه "الإنذار الأخير إليهم" علماً أن حزب الله كان قد نشط من فترة على خط التواصل مع بعض رجال الدين السنة، وبينهم عمر بكري، الذي أخرجه أحد نواب الحزب بكفالة من السجن بعد القبض عليه لصدور حكم بالسجن بحقه بتهم على صلة بالإرهاب.

يذكر أن كتائب عبدالله عزام كانت قد أصدرت قبل أسابيع بيانها الأول، وذلك بمناسبة زيارة الرئيس الإيراني، محمود أحمدي نجاد، إلى بيروت، ونددت فيه بتعاظم نفوذ طهران في المنطقة.

الثروة النفطية

من جهة أخرى طلب لبنان من الامين العام للامم المتحدة بان جي مون حماية ثرواته البحرية والنفطية خلال علميات التنقيب الاسرائيلية عن الغاز في البحر الابيض المتوسط.

وقالت وكالة الانباء الوطنية اللبنانية ان وزير الخارجية علي الشامي وجه رسالة الى الامين العام للامم المتحدة طالبه فيها "ببذل كل جهد ممكن لحمل اسرائيل على عدم الاقدام على استغلال ثروات لبنان البحرية والنفطية التي تقع ضمن المنطقة الاقتصادية الخالصة العائدة له."

وجاءت الرسالة بعد اسبوع من اعلان شركة نوبل انرجي وشركائها ان بئرا جرى حفرها في منطقة ليفياثان الواعدة قبالة سواحل اسرائيل على بعد 130 كيلومترا من ميناء حيفا أكدت تقديرات سابقة بأن هذا هو أكبر كشف للغاز الطبيعي في البلاد.

وقالت ديليك انرجي -وهي أحد الشركاء الاسرائيليين- ان ليفياثان هو أكبر كشف للغاز الطبيعي في المياه العميقة في العالم على مدى السنوات العشر المنصرمة.

ويقول لبنان انه اكتشف مكامن تحتوي على كميات واعدة من الغاز الطبيعي وفقا للمسوح الزلزالية في عام 2006-2007 .

ولم يصل لبنان الى حد اتهام اسرائيل بالتعدي على حدوده لكن انعدام الثقة بين الجانبين اللذين خاضا حربا عام 2006 فاقم من المخاوف اللبنانية.

وشدد الوزير الشامي في رسالته على "حق لبنان باستغلال كامل الثروة النفطية التي تقع ضمن المنطقة الاقتصادية الخالصة له استنادا الى حقوقه المشروعة التي تقرها القواعد والاعراف الدولية."

واعتبر الشامي ان "اي استغلال من قبل اسرائيل لهذه الثروة يعد انتهاكا صارخا لهذه القوانين والاعراف واعتداء على السيادة اللبنانية."

وقال لبنان انه سيستخدم كل السبل للدفاع عن حقوقه اذا اتضح أن اسرائيل تقوم بالتنقيب داخل حدوده.

واثارت الخطط الاسرائيلية للتنقيب عن الغاز في البحر المتوسط قلق لبنان -الذي يخشى ان تعتدي اسرائيل على محمياته الخاصة- مما دفع بالسياسيين اللبنانيين الى حث الخطى نحو اقرار قانون النفط الذي طال انتظاره في اغسطس اب الماضي.

واقر لبنان العام الماضي قانون النفط الذي يحدد صلاحيات الوزارات والادارات المختلفة ولكن وحتى مع اقرار لبنان لقانون الطاقة فمن الصعب عليه اللحاق باسرائيل. فسيظل عليه أن يحدد الحقول ويقدم البيانات للمستثمرين المهتمين ويختار من يتعاقد معهم من بين الشركات المتقدمة ويسمح للشركات ببدء أعمال التنقيب بينما في اسرائيل بدأت الشركات بالفعل الحفر لاستخراج الغاز.

مخاطر سياسية رئيسية تجدر متابعتها

واثارت توقعات باحتمال توجيه الاتهام لاعضاء من حزب الله باغتيال رئيس وزراء لبنان الاسبق رفيق الحريري في العام 2005 مخاوف من مواجهة سياسية قد تغرق البلاد في حالة من الاضطراب السياسي.

ومن المحتمل أيضا أن يتجدد الصراع العسكري مع اسرائيل -التي خاضت حربا استمرت شهرا مع حزب الله في العام 2006- وذلك بعد ان اتهمت اسرائيل سوريا في العام الحالي بارسال صواريخ سكود بعيدة المدى الى حزب الله.

وألقى التوتر السياسي بظلاله على النمو الاقتصادي القوي وتدفق الاموال الى لبنان في السنوات الثلاث الماضية التي خالفت الاتجاهات الاقليمية والعالمية خلال الازمة المالية. وفيما يلي المخاطر السياسية الرئيسية التي تجدر متابعتها في لبنان بحسب رويترز.

- محكمة الحريري:

واصاب التوتر بشأن المحكمة الدولية المدعومة من الامم المتحدة حكومة الوحدة الوطنية الهشة بالشلل فعليا اذ لم تعقد سوى اجتماع واحد منذ العاشر من نوفمبر تشرين الثاني.

ومن المقرر ان تقدم النيابة مسودة قرارات الاتهام قريبا ولكنها لن تعلن حتى يقرها قاضي تحقيق وهي عملية يتوقع ان تستغرق شهرين.

وندد الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله بالمحكمة الدولية وقال انها "مشروع اسرائيلي" وانه سيرفض اي اتهامات توجه لاعضاء في حزب الله.

وحزب الله الشيعي الذي ينفي اي دور له في الاغتيال دعا سعد الحريري رئيس وزراء لبنان ونجل رفيق الحريري الى رفض الاعتراف بالمحكمة قبل أن تصدر اتهاماتها. ويصر سعد الحريري واعضاء ائتلافه "14 اذار" على عدم انكار المحكمة التي منحته المصداقية السياسية وكانت السبب الرئيسي في فوزه في عمليتين انتخابيتين متتاليتين.

وقال سياسيون ان البلاد قد تغرق في مخاطر صراع طائفي على غرار ازمة مايو ايار عام 2008 عندما سيطر انصار حزب الله لفترة وجيزة على غرب بيروت التي تقطنها غالبية سنية وادت الاشتباكات في الشوارع الى سقوط اكثر من 80 قتيلا.

وفي حال تنصل سعد الحريري المدعوم من الغرب والمملكة العربية السعودية من المحكمة فانه حينها سيخاطر بفقدان مصداقيته بين السنة وقد يضطر الى تقديم استقالته.

ما تجدر متابعته:

- الجهود الاقليمية لتخفيف حدة التوتر: يتعاون مسؤولون من سوريا التي تدعم حزب الله ومن السعودية لكبح تداعيات قرارات الاتهام ولكن لم يتم التوصل لاتفاق بشكل نهائي واي اضطراب في العلاقة السورية السعودية يمكن ان يضر بفرص الاستقرار في لبنان.

- الضغوط على الليرة اللبنانية: اضطر مصرف لبنان المركزي الشهر الماضي لدعم الليرة اللبنانية بمبيعات منتظمة للدولار بكميات صغيرة خلال الاشهر الثلاثة الماضية. ويعزو مصرفيون المخاوف بشأن العملة للتوتر السياسي.

ويقول حاكم المصرف المركزي رياض سلامة ان المصرف سيواصل سياسته التي تسمح بهامش تقلب ضيق لليرة مقابل الدولار في نطاق بين 1501 و1514 ليرة.

- حرب اقليمية اخرى:

يتبعلبنان قد ينزلق الى صراع مع اسرائيل اما في مواجهة مباشرة او في اطار حرب اوسع. ومن الاسباب المحتملة لذلك:

- حادث حدودي يتصاعد حتى يتحول لحرب. فقد شنت اسرائيل حربا استمرت 34 يوما مع حزب الله في العام 2006 بعد ان خطف حزب الله جنديين اسرائيليين في غارة عبر الحدود.

وفي اغسطس اب قتل ضابط اسرائيلي وجنديان لبنانيان وصحفي لبناني في اشتباك عبر الحدود اندلع بعد استخدام الجيش الاسرائيلي رافعة لازالة فروع شجرة بالقرب من الحدود.

ما تجدر متابعته:

- غارة اسرائيلية على اهداف لحزب الله في لبنان او سوريا. ففضلا عن اتهام اسرائيل سوريا بارسال صواريخ سكود الى حزب الله قالت كذلك ان حزب الله يحشد الاسلحة في جنوب لبنان في انتهاك لقرار مجلس الامن الدولي الذي أنهى صراع 2006.

- حزب الله المدعوم من ايران قد يساند ردا ايرانيا عسكريا اذا وجهت اسرائيل او الولايات المتحدة ضربة الى البرنامج النووي الايراني.

- استمرار النمو الاقتصادي:

نهض لبنان سريعا بعد حرب حزب الله واسرائيل في العام 2006 وبلغ متوسط النمو في السنوات الثلاث التالية ثمانية بالمئة بفضل ثقة المستهلكين القوية في اقتصاد يقوده في الاساس قطاع الخدمات.

وانتعشت اسعار العقارات وارتفعت اعداد السياح وسجلت البنوك هوامش ربح تزيد عن عشرة في المئة. لكن سوء حالة الطرق ومرافق المياه والكهرباء وشبكات الاتصالات تبعد الكثير من المستثمرين. ويقول وزير الاقتصاد والتجارة ان لبنان بحاجة الى انفاق ما لا يقل عن 20 مليار دولار لتحسين البنية التحتية والا فان النمو المرتفع الذي شهدته البلاد "سيتضاءل ويتلاشى".

ويقول مصرفيون لبنانيون ان الاقتصاد يمكن ان يصمد في وجه الازمة السياسية الداخلية الحالية لكن حدوث صراع شامل سيعرضه لا محالة لضرر كبير.

ما تجدر متابعته:

- هل ستتدفق الاستثمارات؟ لم يقر البرلمان بعد ميزانية 2010 وقد تعطل الخلافات السياسية ميزانية 2011 . وسيكبح عدم الاتفاق على الاصلاح الاقتصادي افاق النمو على المدى الطويل.

- الاقتصاديون قلقون ايضا من أن تؤدي زيادة الانفاق المالي الى ارتفاع حجم الدين العام الضخم الذي يقدر بنحو 51 مليار دولار مما يجعل لبنان واحدا من اكثر البلدان مديونية في العالم.

- البنك المركزي لديه احتياطيات كبيرة للحفاظ على استقرار الليرة اللبنانية في حال تصاعد الاضطرابات الطائفية. في اكتوبر تشرين الاول قال مصرف لبنان المركزي ان البنك المركزي لديه اصول اجنبية سائلة قدرها 31 مليار دولار واحتياطات من الذهب تقدر بنحو 12 مليار دولار.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 13/كانون الثاني/2011 - 7/صفر/1432

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م