قراءة في كتاب: ميلاد عالم جديد

 

 

 

الكتاب: ميلاد عالم جديد

الكاتب: هارلان كليفلاند

ترجمة: جمال علي زهران

الناشر: المكتبة الاكاديمية

عدد الصفحات 358صفحة من القطع الكبير

قراءة: عدنان عباس سلطان

 

 

 

 

شبكة النبأ: انه حلم حقيقي ان يتآلف البشر بعيدا عن الضغينة والكراهية والحذف مبررا بشتى السبل الزائفة والبطولات الخرقاء وصار من الطبيعي ان يتمترس الناس بعضهم لبعض وان تنتأ لهم مخالب غير مرئية لكنها واضحه من خلال الكميات الهائلة للبارود والصواريخ العابرة للقارات او من خلال التوجس والخوف من الآخر على شكل مفاعلات نووية او هيدروجينية، وعلى مر الزمن اختلفت اساليب الدمار كالاستعمار الاجنبي والاستيلاء المحلي على السلطة باسم القومية او الايديولوجية وقد رزحت شعوب الارض كلها في نطاق الظلم والتهميش والمصادرة.

اثناء الحرب الباردة على الرغم من السلام المتجمد في اوربا فان هناك 122 حالة حرب في مناطق اخرى في العالم قتلت 22 مليون ان تلك الحرب بالاضافة الى كونها صراعات مدنية وحالات توتر مؤدية للحرب كلها قد قتلت وشردت على الاقل عددا مساويا لهذا العدد الذي ذكرناه من الاشخاص وعندما ازيح الغطاء الرطب عن الحرب الباردة فان ملايين المتخاصمين والمتشاجرين استيقظوا من نومهم العميق باستدعاء ذاكرتهم الثقافية التي لم تتغير فقالوا اين نحن الم نكن على وشك ان نصيب رؤوس جيراننا؟

عندما ندير نموذج الكرة الارضية التي امامنا ثم ايقافها بطرف الاصبع على مكان في اليابسة فسوف نشير على أي حال الى نقطة تعاني من حالة صراع او صراع محتمل ففي افريقيا لاتزال الكراهيات القبلية تغلي سواء في الصومال او السودان او اثيوبيا او موزمبيق وكذلك في ليبيريا وفي الشرق الاوسط وحول الخليج العربي نجد ان اتفاقيات اجراءات سلام تخفي استعدادات جديدة للحرب ان الهنود والباكستانيين لازالوا يتساءلون عما اذا كان بامكانهم ان يستخدموا الاسلحة النووية لانهاء الصراع سواء في كشمير او وادي الاندوس ام لا اما في افغانستان فان انسحاب الاتحاد السوفيتي لم يفعل شيئا سوى افغنة الصراع كذلك فان عملية بلقنة كثير من الاراضي شرق القارة الاوربية بدأت مع تفكك يوغسلافيا في الاتحاد السوفيتي، السابق نتيجة انتصار الجمهوريين الذين قد يرغبون او لا يرغبون في العودة الى الديمقراطية.

كذلك نجد نمور التاميل في سريلانكا وميليشيات الدرب المضيء في بيرو ومروجي المخدرات كل هؤلاء تتم تعبئتهم باعتبارهم مقاتلين احرار ليس ثمة حل لهذه المشكلات التي ستواجه الفوضى العالمية.

ان انفجار البراكين السياسية التي خمدت لفترة طويلة قد بدات وبشكل جاد من خلال ظهور هؤلاء الفاعلين.

وفوق هذا المشهد العالمي تحلق في الافق الزيادة الكبيرة المستمرة والسريعة في عدد السكان الامر الذي يجعل كل مشكلة اقل قابلية للحل وكل حل اقل املا لهؤلاء الناس الذين يولدون لعالم جديد يعتقد فيه كل واحد منهم ان له الحق بالحرية والتعبير والعبادة وحرية الخلاص من العوز ومن الخوف.

 وبعد هذا وغيره هل يمكننا ان نفقد الامل نهائيا ونحن نرسم هذه الصورة الواقعية المحبطة؟.

على مر الزمن.

 كانت تظهر الافكار الخيرة لاصلاح هذا العالم المتشظي الحائر القلق والمظلوم من نفسه لكن بعض تلك الافكار التي تظهر تفقد بريقها الشفاف وحيويتها الانسانية عندما تقوم ثلة على الشان العام بمصادرة تلك الافكار وتحريفها لصالح سلطتهم وعند ذاك يواجه البشر فواجع جديدة اكثر عنفا ودموية. لكن الافكار وان تعرضت للتحريف الا انها بطريقة ما كانت تغير بطبيعة الصراع وتفسح لافكار اخرى ان تنمو في محلها.

وفي كتابنا هذا الذي نقراه الآن رؤية جديدة ومختلفة للاصلاح وتضميد الجراح التي لحقت بالانسانية جراء العنف والتهميش والمصادرة وجراء تلويث البيئة والصعود على اكتاف الشعوب المنكوبة بالقوة والهمجية بما متوفر من الهراوات ذات التقنيات العالية النووية والباليستية والعابرة للقارات في الارض والجو وما تكتنز من معلومات تصل الى اطراف الكمال.

ميلاد عالم جديد رؤية اكثر عقلانية لعالم اكثر استعدادا للحياة والتواصل المثمر من خلال مؤسساته الحالية من زاوية تطويرها ايجابيا بهذا الاتجاه.

والكتاب يحفل بمناقشات وتحليلات خصبة وعميقة في اطار رؤية المؤلف بالحاجة الى نظام عالمي جديد ويرى روبرت مانكمار الوزير الاسبق لوزارة الدفاع الامريكية والرئيس الاسبق للبنك الدولي ان الكتاب يطرح جدول اعمال شاملة وعلمية حول قضية النظام الدولي الجديد.

كما يتناول الاجراءات التي يتعين اتخاذها حتى تغدو المرحلة التاريخية القادمة للتاريخ العالمي افضل من المرحلة السابقة عليها ويرى المؤلف هارلان كيفلاند ان الكتاب يستهدف طرح اسلوب جديد من التفكير لمواكبة الزمان غير العادي لحياتنا الراهنة والتعامل مع التطورات الدولية الجديدة. وتتبع اهمية الكتاب والقضايا المطروحة بين دفتيه من ان المؤلف يتمتع بمؤهلات اكاديمية رفيعة وخبرات علمية واسعة في المجالين الاقتصادي والسياسي على السواء. وهو بعد مفكر امريكي مرموق له عشرات الدراسات والكتب في مختلف مجالات العلاقات الدولية والتنمية.

ويتألف الكتاب من الفصول التالية بعد مقدمة المقدم روبرت مانكمار ومقدمة المؤلف:

الفصل الاول: لحظة فاصلة في التاريخ، وتفجر الاختيار السياسي.

الفصل الثاني:عالم متباين. ثورة العدل.

في الفصل الاول والثاني تناول المؤلف كيفية انتشار المعرفة في اطار مزايا الاختيار السياسي وكذلك الثورة العادلة على نطاق دولي واسع والتي اطاحت بالشمولية راسا على عقب.

الفصل الثالث: التشابه الزائف. فشل الدولة القومية.

في هذا الفصل قد نبه الى ان النموذج الغامض والمسمى بالنظام الدولي لا يمكن ان يكون مجرد دولة قومية على نطاق دولي بل انه في الحقيقة انتقال السلطة التدريجي من خلال الحكومات نفسها والى المجتمعات القومية الفرعية الاخرى والى الجمعيات والمؤسسات الانتقالية وايضا الى مجموعات من الحكومات قادرة على التأثير في الطموحات والمخاطر.

الفصل الرابع: النظام الدولي... ماذا يعمل ولماذا.

ان العمل في التعاون الدولي قد طرح نماذج وظيفية متماسكة من اجل السلام على طريق تحقيق المصلحة المشتركة والقوة المهيمنة وان هذا يتم بتأثير تكنولوجيا الاعلام الحديث.

الفصل الخامس: إدارة السلام. خطوط ارشادية.

يوضح في هذا الفصل في اطار ما سبق بعض الخطوط الارشادية السياسية والاخلاقية للترابطات القادمة في ادارة عملية السلام.

اما مايلي ذلك من الفصول فهو تحليل جديد ومجموعة من الدعاوي عن الامن الدولي والاقتصاد الدولي والتنمية الدولية والعموميات البيئية العالمية على النحو التالي:

* التحكم في الاسلحة المثيرة النووية والكيمياوية والبيلوجية.

* اختيار ونشر المحايدين الفاعلين كقوى سلام.

*تنظيم التجارة الحرة بشكل ملائم والتكنولوجيات المشتركة وادارة الاموال المتاحة والتحرك نحو استقرار افضل للعملات العالمية.

* بناء نظام دولي لتحسين النمو مع العدالة في الدول النامية ووضع المعايير وعقد الصفقات لمواجهة الاحتياجات الإنسانية الاساسية وتوظيف فرصة الدين الضخم المتاح واختراع الوسائل لاستثمار الضرائب كبديل للمعونات وذلك لتطوير وسائل التمويل الجديدة من اجل التنمية.

* استغلال فكرة الوصاية الموجودة بالفعل في ميثاق الامم المتحدة لإدارة السلوك الانساني في المناطق المشتركة على المستوى العالمي كالمحيطات والغلاف الجوي والقارة غير الماهولة في القطب الجنوبي والبيئات المشتركة حيث لايبدو ان قوانين الحرب او تقاليد اقتصاديات السوق مفيدة للعمل التعاوني بهذه المجالات.

الفصل السادس: فوضى دولية جديدة تآكل القوة العظمى.

الفصل السابع: الامن العالمي. الدور النشط للمحايدين.

الفصل الثامن: الاقتصاد العالمي. الادارة دون قائد.

الفصل التاسع: التنمية العالمية. نمو متزايد مع تحقيق العدالة.

الفصل العاشر: اشياء عالمية مشتركة. وكالة خاصة من اجل البيئة الدولية.

الفصل الحادي: عشر: نادي الديمقراطيات. تحالف الراغبين.

هذا الفصل يطرح التساؤل عمن يقود او يحكم ويدير عالما ليس به شخص مسؤول لذلك فانه يوجد مركز نادي للديمقراطيات باعتباره ناديا مفتوحا على المستوى الداخلي وممتدا في عضويته عن طريق الاجماع وهذا النادي ليس مجرد منظمة دولية حيث انه دون سكرتارية او مركز للقيادة وليست لديه الممارسة والتجربة لما اعتاد عليه حلفاء الناتو وهم يطلقون عليه (الاستشارية) ولذلك فان الوصف الامثل له(تحالف لكل من يرغب).

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 9/كانون الثاني/2011 - 3/صفر/1432

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م