
شبكة النبأ: بائت جهود المعارضة
الكويتية في مجلس بالفشل بعد اخفاقها بجمع عدد كافي من الاصوات خلال
التصويت على عدم التعاون مع الحكومة الكويتية.
حيث جهد بعض النواب في محاولة تلقين الحكومة درسا قاسيا بعد ما
اعتبرته اجراءات تعسفية مارستها خلال الفترة الماضية، وفشلا في ادارة
الملف الاقتصادي في البلاد.
لكن اعتبر الاقدام على استجواب رئيس الحكومة بحد ذاته خرق للدستور
والاعراف التي جرت عليها البلاد منذ تأسيسها، خصوصا ان رئيس الوزراء هو
من العائلة الحاكمة هناك.
وبدى الاصرار قويا لدى المعرضة في تحدي ارادة امير دولة الكويت الذي
كان يحاول تلافي جلسة التصويت والاستجواب.
امتحان حجب الثقة
فقد نجحت الحكومة الكويتية في الحفاظ على ثقة البرلمان بها بعدما
صوتت اكثرية النواب بفارق ضئيل ضد مذكرة لحجب الثقة عنها قدمتها
المعارضة، على ما اعلن النائب دليهي الهاجري.
وصوت 22 نائبا لصالح مذكرة حجب الثقة عن الحكومة في حين صوت 25 ضدها
وامتنع نائب واحد عن التصويت. وكانت المذكرة بحاجة لاصوات 25 نائبا من
اصل 50 حتى يتم اقرارها.
وكان عشرة نواب من المعارضة قدموا مذكرة حجب الثقة التي تسمى في
الكويت "عدم امكان التعاون" الى المجلس في 28 كانون الاول/ديسمبر.
وخلال هذه الجلسة المطولة استجوب نواب المعارضة رئيس الوزراء الشيخ
ناصر محمد الاحمد الصباح في موضوع انتهاكات مفترضة للدستور اثر لجوء
الشرطة الى العنف لتفريق تظاهرة.
وخاض الشيخ محمد ناصر الصُباح أيضا التجربة للمرة الثانية، لكن في
أجواء مختلفة. فالاستجواب يتهم الحكومة بخرق الدستور والتضييق على
الحريات، إذ أجازت لقوى الأمن ضرب وإهانة النواب والمواطنين أثناء
التدخل لتفريق تجمعٍ عام ليل الثامن من الشهر الجاري.
وكان هذا الحادث شكل مؤشراً مقلقاً إلى تغيير في مزاج الحكم،
والعودة إلى التشدد الأمني والسياسي الذي ذكّر الكويتيين المخضرمين
بأجواء أواخر الثمانينات. وقد سبق هذه الواقعة سجن ومحاكمة الكاتب محمد
عبد القادر الجاسم بسبب مقالاتٍ نشرها على موقعه الإلكتروني. تبعها
أيضاً سجن ومحاكمة الأكاديمي عبيد الوسمي بعد ضربه وسجنه خلال التجمع
السياسي إياه في منطقة السويبخات. بحسب فرانس برس.
وكانت السلطات حذرت من إقامة ندوات سياسية مفتوحة، وطلبت التزام بعض
الضوابط التي يبدو أنها لم تراعى، مما برّر تدخل قوى الأمن.
وتعود أسباب الخطر إلى أن الخطاب السياسي أخذ أحياناً منحىً طائفياً
ومذهبياً أو بالغ في التعرض الشخصي لرموز الدولة.
ورغم أن أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الصباح أعلن مسؤوليته عن
تصرف الشرطة، إلاّ أنّ نواب المعارضة تجاهلوا ذلك واستدعوا رئيس
الوزراء لاستجوابه.
اسقاط رئيس الوزراء
الى ذلك وتتوالى في هذه الدولة الخليجية النفطية المواجهات السياسية
منذ تعيين الشيخ ناصر المحمد الاحمد الصباح على راس الحكومة في بداية
2006، غير ان محللين يرون ان الازمة الحالية استثنائية.
وقال المحلل انور الرشيد "ان هذه الازمة تندرج في اطار النزاع
القديم المستمر بين معسكر لا يقر الديمقراطية في الكويت ومعسكر يدعم
الديمقراطية".
غير انه اضاف ان الازمة هذه المرة دخلت منعطفا "استثنائيا وخطيرا
لان الحكومة تملك الاغلبية في البرلمان ويمكنها بالتالي تمرير اي قانون
حتى وان تعارض مع الدستور".
وانطلقت الازمة الحالية في 8 كانون الاول/ديسمبر من "ديوانية الخربش"
باعمال عنف مارسها الامن على تجمع للمعارضة التي كانت تندد ب "مؤامرة
الحكومة" الساعية الى تعديل دستور 1962 للتضييق على الحريات.
وفرقت الشرطة تجمع المعارضة مستخدمة الهراوات ما ادى الى اصابة عشرة
من المشاركين بينهم اربعة نواب على الاقل، بحسب الصحف. وتم اغلاق مكتب
قناة الجزيرة القطرية التي غطت تلك الاحداث.
وقال ناصر العبدلي رئيس الجمعية الكويتية للنهوض بالديمقراطية "ان
هذا الهجوم الذي لا سابق له على النواب هو هجوم على الشعب الكويتي".
ودفع عنف قوات الامن ثلاثة نواب عن المعارضة التي تضم ليبراليين
واسلاميين وقوميين، الى طلب استجواب رئيس الوزراء امام مجلس الامة (البرلمان)
في 28 كانون الاول/ديسمبر الحالي.
وكتب احمد الخطيب احد واضعي دستور 1962 واحد اعمدة السياسة الكويتية،
في مقال في اسبوعية ليبرالية ان هذه الجلسة البرلمانية "ستكون الاخطر
في الكويت" لانها ستحدد "مستقبل الكويت والديمقراطية والدستور".
اما النائب اسيل العوضي (ليبرالية) فرات ان هذه الحملة التي تقوم
بها المعارضة هي "انتفاضة لحماية الدستور".
غير ان وجوها عديدة من المعارضة قالوا بوضوح انهم يريدون اسقاط
الحكومة. وقال النائب مسلم البراك "لن نتعايش مستقبلا مع هذه الحكومة"
مؤكدا انه مدعوم ب 21 نائبا من 50 نائبا منتخبا في البرلمان.
وبعد جلسة استجواب رئيس الوزراء يعتزم هذا النائب مع نواب آخرين
تقديم مذكرة عدم تعاون مع رئيس الوزراء وهي تتطلب تاييد 25 نابا منتخبا.
وفي حال تبني المذكرة فان الدستور ينص على انه يعود لامير الكويت اقالة
الحكومة او حل مجلس الامة.
واتهم نواب موالون للحكومة المعارضة بتحدي سلطة الامير. وقال حسين
القلاف "من يحترم الامير لا يدعم جلسة استجواب" رئيس الوزراء، في حين
اعتبرت سلوى الجسار ان "المعارضة تحضر لحرب اهلية" في الكويت.
جلسة مغلقة
وكان قد بدأ نواب المعارضة الكويتية استجوابا مغلقا لرئيس الوزراء
الشيخ ناصر محمد الاحمد الصباح الذي يتهمونه بخرق الدستور وبالتضييق
على الحريات.
وقال الشيخ ناصر ردا على سؤال رئيس مجلس الامة ناصر الخرافي، "انا
مستعد للاستجواب واريد ان يحصل النقاش الآن".
الا ان الحكومة سرعان ما طلبت ان تتحول جلسة الاستجواب الى جسلة
مغلقة، ووافق البرلمان بغالبيته على الطلب.
وعقدت الجلسة وسط اجراءات امنية مشددة اذ انتشر المئات من رجال
الشرطة ومن اعضاء القوات الخاصة على الطرقات المؤدية الى مبنى البرلمان
في مدينة الكويت.
واحتج نواب المعارضة بشدة على التدابير الامنية التي قالوا انها
تشكل خرقا للدستور الكويتي الذي يحظر اقتراب القوى المسلحة من البرلمان
من دون اذن رئيسه.
وتجمع حوالى مئتي شخص خارج البرلمان دعما للمعارضة فيما تم السماح
لحوالى 500 شخص بالدخول الى قاعة البرلمان ثم طلب منهم الخروج بعد ذلك
مع تحول الجلسة الى جلسة مغلقة.
وينوي نواب المعارضة تقديم مذكرة عدم تعاون مع رئيس الوزراء.
وفي كانون الاول/ديسمبر الماضي استجوب حول اتهامات بالفساد، الا ان
مذكرة لعدم التعاون فشلت حينها بالحصول على الاصوات اللازمة.
وكانت الكويت شهدت ازمات سياسية متتالية في السنوات الخمس الماضية
ما اسفر عن حل البرلمان ثلاث مرات من قبل الامير، واستقالة الحكومة خمس
مرات.
والكويت التي تملك عشر الاحتياطي النفطي العالمي هي اول دول خليجية
اعتمدت الديموقراطية البرلمانية في 1962.
اغلاق مكتب قناة الجزيرة
كما أغلقت الكويت أيضا مكتب قناة تلفزيون الجزيرة واتهمتها بالتدخل
في الشؤون الداخلية للكويت وانتهاك حظر على التغطية حسبما ذكرت وكالة
الانباء الكويتية.
وقالت القناة انها أغلقت لاسباب منها انها لم تذعن لتحذيرات وزارة
الاعلام بعدم بث برنامج يستضيف مسلم البراك وهو أحد النواب الثلاثة
الذين تحركوا منذ ذلك الحين لاستجواب رئيس الوزراء.
وقالت الجزيرة ان البراك شارك في احد برامجها من خلال الهاتف
الاسبوع الماضي. وأضافت انها ردت على تحذيرات الوزارة بتوجيه الدعوة
الى الحكومة للمشاركة في برنامج اخر وهو عرض رفضته الحكومة.
ونقلت وكالة الانباء عن الوزارة قولها ان سحب ترخيص قناة الجزيرة
واغلاق مكتبها "جاء بقرار وزاري على اثر نقل القناة للاحداث الاخيرة في
الكويت وتدخلها بالشأن الداخلي."
وقالت الوكالة الحكومية دون ان تخوض في تفاصيل ان هذا حدث "على
الرغم من تحذيرات سبق ان ارسلتها الوزارة لجميع وسائل الاعلام بعدم نشر
او بث اي اخبار عن الاحداث الاخيرة واثارة الموضوع الا ان القناة لم
تلتزم بالتحذير".
ويمثل النواب كتلة التنمية والاصلاح الاسلامية وكتلة العمل الوطني
الليبرالية وكتلة العمل الشعبي المعارضة.
والاحزاب السياسية محظورة في الكويت وبالتالي يتألف البرلمان من
أفراد يشكلون تكتلات فضفاضة.
وقال البراك للصحفيين ان استجواب رئيس الوزراء هذه المرة يلقى
تأييدا أوسع نطاقا مما كان عليه في مرات سابقة لان ثلاث كتل برلمانية
وعددا كبيرا من النواب المستقلين يؤيدون الخطوة.
وأرجأت التعديلات الوزارية والاستقالات وقرارات حل البرلمان
المتكررة مشاريع قوانين لاجراء اصلاحات قانونية بما في ذلك انشاء هيئة
لمراقبة الاسواق.
فوضى سياسية
من جهته حذر امير الكويت من مخاطر فوضى سياسية اذا ما استمرت
التوترات الطائفية في البلاد، وذلك خلال افتتاح جلسة جديدة للبرلمان
الثلاثاء.
وقال الشيخ صباح الاحمد الجابر الصباح "هناك حدود على كل فرد
احترامها (...) يجب احترام القانون والا ستعم الفوضى ما سيهدد امننا
الوطني ووحدتنا". وتدور خلافات دائمة بين الحكومة ومجلس الامة ما يعرقل
عجلة النمو الاقتصادي للبلاد، خامس دولة منتجة للنفط في منظمة اوبك،
رغم ايراداتها النفطية الضخمة.
وبسبب هذه العلاقات الصعبة تم حل البرلمان ثلاث مرات منذ ايار/مايو
2006 وشكل رئيس الوزراء الشيخ ناصر محمد الاحمد الصباح مذذاك خمس
حكومات. والحكومة الحالية التي شكلت في ايار/مايو 2010 صمدت لاطول فترة
منذ 2006. اما البرلمان الحالي فانتخب في ايار/مايو 2009. وحذر امير
الكويت ايضا من المؤامرات الوهمية التي قد تزعزع ركائز المجتمع وتغرق
البلاد في نزاعات طائفية وسياسية.
وتصاعدت حدة التوتر بين الغالبية السنية والاقلية الشيعية منذ ادلاء
الناشط الكويتي ياسر الحبيب بتصريحات مهينة تناول فيها عائشة زوجة
النبي محمد. ويقيم الحبيب في لندن منذ 2004 هربا من حكمين بالسجن عشرة
اعوام صدرا بحقه. واثارت هذه التصريحات عن عائشة موجة تنديد في الاوساط
السنية واسقطت الجنسية الكويتية عن الحبيب. بحسب فرانس برس.
ورأى امير الكويت انه بات من الضروري اتخاذ تدابير صارمة بما ذلك
اصدار قوانين لوضع حد للفوضى السائدة. وقبل افتتاح الجلسة هدد النواب
بطلب جلسة استماع لرئيس الوزراء واعضاء في حكومته بشأن ادارتهم
وانتهاكات مفترضة للقانون.
وسجلت الكويت للسنة الحادية عشرة على التوالي فائضا ماليا بلغ 22,4
مليار دولار خلال السنة المالية الماضية التي انتهت في 31 اذار/مارس.
كما تملك الكويت 10% من احتياط النفط الخام العالمي وتنتج حاليا حوالى
2,3 مليون برميل في اليوم.
وفي خطابه امام البرلمان تعهد رئيس الوزراء بتطبيق خطة تنموية على
خمس سنوات قيمتها 105 مليار دولار تنص على اطلاق عدة مشاريع كبرى منها
انشاء مدينة جديدة ومرفأ ومحطات لانتاج الكهرباء. كما تعهد بايجاد حل
لمشكلة نحو 100 الف من "البدون" المقيمين في الكويت لكنه لم يكشف خطة
لذلك.
وتقول الكويت ان البدون يقيمون في البلاد بصورة غير مشروعة ويسعون
الى الحصول على الجنسية الكويتية للافادة من ذلك، الا ان غالبيتهم
يؤكدون انهم كويتيون اصليون يتحدرون من عائلات بدوية لم تطلب الجنسية
عند اعتماد قانون الجنسية عام 1959. |