المعارك الالكترونية... جبهات حرب جديدة

احمد عقيل الجشعمي

 

شبكة النبأ: ولى زمن جيمس بوند أدراج الرياح مع العمليات الخطيرة التي كان يقوم بها هو وأمثاله من الجواسيس المنتشرين حول العالم الذين كانوا يستخدمون مواهبهم وقدراتهم بالإضافة الى تضحيتهم بأنفسهم في سبيل الحصول على المعلومة، عندما حلت اليوم الأجهزة الالكترونية المتطورة والبرامج الجاسوسية السهلة التي تجعلك تدخل في أعماق المعلومات السرية لأي بلد تريد والتلاعب بها.

ففي بادئ الأمر كان يظن العلماء في مجال التكنولوجيا وعالم الالكترونيات ان ما يصنعونه من أسلحة الكترونية متطورة وفيها مزايا كبيرة تتيح لمستخدمها ان يحصل على ما يريد بأسرع وأسهل طريقة.

ولكنهم الآن يشعرون بالندم على ذلك ويخشونه أيضا، فالندم عليه بسبب الأسئلة التي طرحها العديد من المحللين السياسيين حول كيفية الرد على مصدر الهجوم اذا لم يعرف أساسا، وكيف تستطيع تلك الدولة ان تكشف التهديد اذا تم بسرية تامة عن طريق برامج الكترونية سرية ومتطورة، كما وان المشكلة التي أثارت مخاوفهم هي ما الضمان من ان تستخدم هذه الأسلحة الالكترونية ضدهم او ضد بلادهم وذلك ما فتح أبواب عديدة من التهديدات والهجمات لاسيما بعدما انتهزت الجماعات الإرهابية هذه الفرصة لاستخدامها في تنفيذ هجماتهم وبصورة تقلل من خسائرها البشرية من بين أفرادها بالإضافة الى الناحية المادية لشراء الأسلحة.

الحرب الالكترونية

حيث تحقق تقنيات الحرب الالكترونية تقدما وتزيد الدول من إنفاقها على الدفاعات والأسلحة الرقمية الجديدة الا أن الأطر السياسية والفلسفية لاستخدامها لم تحقق تقدما موازيا.

واعتقد على نطاق واسع أن فيروس ستاكس نت الالكتروني استخدم في شن هجوم على البرنامج النووي الإيراني عن طريق إعادة برمجة أنظمة التحكم الصناعي لإحداث أضرار في أحدث مؤشر على زيادة عسكرة فضاء الانترنت.

وزادت الولايات المتحدة وبريطانيا علنا من تركيزهما على الحرب الالكترونية. ويعتقد أن دولا مثل الصين وروسيا تريان في هذا المجال مساحة يمكن أن تتحديان فيها الهيمنة العسكرية التقليدية الأمريكية. ويحرص لاعبون من غير الدول مثل جماعات المتشددين على الاستفادة من الحرب الالكترونية أيضا. بحسب وكالة الأنباء البريطانية.

لكن القواعد والمواثيق التي تحكم إمكانية استخدام الأسلحة الالكترونية ومن يستخدمها وكيفية السماح بها لم تتضح معالمها على الإطلاق تقريبا. وقال بريسكوت وينتر الرئيس السابق لقسم المعلومات وكبير المسئولين التقنيين في وكالة الأمن القومي الأمريكي والمسئول الكبير حاليا في شركة اركسايت لأمن الكمبيوتر "في معظم المجالات لم تحرز السياسات والأدوار والمسؤوليات ذات الصلة تقدما يوازي التكنولوجيا.. لكن هذا الوضع يتغير."

وأنشأت الولايات المتحدة قيادة عسكرية الكترونية خاصة بها لأسباب من بينها جعل قدراتها الهجومية تحت قيادة الجيش وليس وكالات المخابرات السرية مثل وكالة الأمن القومي التي تتولى مسؤولية الرقابة الالكترونية. ويتطرق مسئولون كبار في بريطانيا والولايات المتحدة بشكل متزايد الى الأمر في تصريحاتهم.

تساؤلات محيرة

ولكن مجال الحرب الالكترونية لازال يثير عددا من التساؤلات الأخلاقية والقانونية والعملية التي لا تجد إجابة الى حد كبير. ومن بين هذه التساؤلات كيفية الرد على هجوم الكتروني اذا لم يمكن معرفة الدولة التي يوجد فيها المهاجم الذي استخدم جهاز كمبيوتر شخصي لشن هجومه ومن هي الجهة التي ستنفق لحماية الأنظمة الوطنية الحيوية مثل شبكات الكهرباء التي يملكها القطاع الخاص.

ومن الأسئلة المهمة أيضا هل يجب أن تعلن الدول عن قدرتها على شن هجوم الكتروني أو إبقاء الأمر سرا خاصة أنه لا يمكنها على الإطلاق معرفة مدى نجاح السلاح الالكتروني الا عندما تستخدمه ضد الهدف.

ويشبه البعض الموقف بالسنوات الأولى من استخدام الأسلحة النووية عندما كانت الدول تدرس طريقة استخدام هذه الأسلحة قبل الوصول الى نوع من التوافق السياسي عقب التأكد من انها ستلحق الدمار بالولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي السابق في ان واحد. ويقول خبراء ان دولا كبرى تعمل منذ وقت طويل على تطوير أنظمة لمهاجمة أو سرقة برامج تستخدم بشكل متزايد في إدارة أنظمة بنية تحتية صناعية ضرورية بدءا من المرور وأنظمة التحكم في إمدادات المتاجر الكبرى الى محطات الطاقة النووية ومراكز الاتصالات.

اتفاق دولي للأسلحة الالكترونية

ولكن لا يخلو مجال الحرب الالكترونية من بعض التشريعات. فهناك بنود بالفعل في قانون الصراع المسلح تنطبق عليها. فعلى سبيل المثال يعتبر شن هجوم غير مبرر يسفر عن مقتل مدنيين عن طريق التسبب في حوادث تحطم طائرات أو قطارات أو إيقاف أنظمة مستشفيات عن العمل أمرا غير قانوني.

والمشكلة الأساسية في الهجمات الالكترونية تتعلق بتعقب مصدرها فعلى الرغم من أن بعض الخبراء يلقون باللوم على سلطات روسية في الهجمات الالكترونية التي تعرضت لها استونيا عام 2007 وجورجيا عام 2008 فان اخرين يشيرون الى قراصنة كمبيوتر يتحركون بدافع الحس الوطني ولا تربطهم صلات مباشرة بالحكومة الروسية.

والسؤال المهم أيضا يتعلق بالرد على الهجوم الالكتروني. وقال نيك هارفي وزير القوات المسلحة البريطانية ان المملكة المتحدة كانت في حاجة لامتلاك قدرة هجومية الكترونية تكون بمثابة سلاح ردع. وقال "لا أعتقد أن الدول الاخرى التي لديها أي دراية بالأمر تشك في أننا نمتلك قدرات كبيرة في هذا المجال."

وذكر الستير نيوتون مسؤول السياسة السابق المختص بالحرب الالكترونية في وزارة الخارجية البريطانية والمحلل السياسي في الوقت الحالي لدى بنك نومورا الياباني ان التوصل الى اتفاق دولي حقيقي واسع النطاق للأسلحة الالكترونية مازال حلما بعيدا. وأضاف "على المستوى الوطني ربما أنجز الكثير من العمل السياسي وجرى نقاش بين الحلفاء داخل حلف شمال الأطلسي على سبيل المثال لكن بالنسبة للإطار القانوني الدولي على غرار .. معاهدات الأسلحة النووية فليس هناك شيء من هذا على الإطلاق. ولا أتوقع أن أرى شيئا" في غضون السنوات العشر المقبلة.

سلاح جديد للمتمردين باستخدام الانترنت؟

من جانبها تثير القاعدة فزع شركات الطيران بطرود يتكلف الواحد منها أربعة آلاف دولار بينما تكلف الحرب على طالبان الغرب مليارات الدولارات كل أسبوع. وفي أقصى الشرق تقصف كوريا الشمالية منطقة متنازع عليها فتحظى باهتمام فوري في مواجهتها مع القوى الكبرى.

هكذا يستخدم مقاتلون اضعف دائما أساليب غير تقليدية او رخيصة لتحدي عدو اقوى ومن ذلك حرب العصابات والهجمات الانتحارية اعتمادا على رغبة أكبر في التضحية بالنفس. وقد يكون هذا النهج حاسما. فقد أظهرت دراسة أجراها ايفان اريجوين توفت أستاذ العلوم السياسية الامريكي انه من بين جميع الحروب غير المتكافئة منذ عام 1800 التي يكون فيها طرف يتمتع بقوة مسلحة تزيد كثيرا عن الطرف الآخر فاز الطرف الأضعف في 28 بالمائة من الحالات. وربما تتغير النسبة الان لتميل أكثر لصالح الجانب الأضعف.

ويقول بعض المحللين ان الكشف هذا العام عن أسلوب جديد لاستخدام أجهزة الكمبيوتر لتخريب البنية التحتية التي تمثل شريان الحياة للعدو يشير الى سلاح قوي جديد سيصبح في متناول يد الدول الضعيفة والجماعات المتشددة وعصابات المجرمين.

ويقول محللون ان من المحتمل ان يكون السلاح الجديد أحد أشكال فيروس (ستاكس نت) الذي يلحق دمارا كبيرا من خلال شبكة الانترنت والذي اكتشفته شركة في روسيا البيضاء في يونيو حزيران ووصفته شركة الامن الاوروبية (كاسبرسكي لابز) "بنموذج أولي مخيف لسلاح عن طريق الانترنت".

الخطر الهائل

وكتب رالف لانجنر خبير انظمة التحكم الصناعي الألماني على مدونته على شبكة الانترنت ان ظهور "ستاكس نت مثل دخول مقاتلات اف -35 النفاثة غمار الحرب في الحرب العالمية الاولي." ومهما كان من ابتكر الفيروس الذي يعتقد انه استهدف منشأة تخصيب يورانيوم في إيران فمن المرجح ان تطويره تطلب ساعات طويلة من الجهد البشري واستثمار ملايين الدولارات.

ويقول محللون انه بعد تحليل شفرة الفيروس لن يحتاج متسللون سوى أشهر قليلة لتطوير نسخة اخرى من الفيروس مصممة لتلبية احتياجات العميل لبيعها في السوق السوداء. ووصف علي جاهانجيري خبير امن المعلومات هذا الاحتمال بأنه "خطر هائل ". وقال "أعطى فيروس ستاكس نت محترفي ابتكار شفرات مدمرة فكرة إنتاج شيء مماثل يمكن ان تستغله حكومات ومجرمون وإرهابيون."

ومشكلة ستاكس نت ان يعيد برمجة انظمة التحكم المستخدمة في الكثير من المنشات الصناعية مما يسبب ضررا فعليا. ويتهدد الخطر معدات تعمل اليا يشيع استخدامها في شبكات يعتمد عليها المجتمع الحديث مثل محطات الكهرباء والمصافي ومصانع الكيماويات وخطوط الأنابيب وأنظمة التحكم في شبكات النقل.

ويرتاب محللون بان متسللين يعجلون بإنتاج نسخة من الفيروس وبيعها لمن يدفع اعلى ثمن قبل ان يتمكن الخبراء من تزويد المحطات في جميع إنحاء العالم بإجراءات مضادة للتصدي له. بحسب وكالة الأنباء البريطانية.

وقال اسانتي رئيس المجلس الوطني الأمريكي لمفتشي أمن المعلومات الذي يضع الاشتراطات التي ينبغي توافرها للعاملين في هذا المجال "ربما يكون ستاكس نت .. مخططا لهجمات مماثلة ولكن جديدة على تكنولوجيا أنظمة التحكم." ويقول لانجنر ان الجهود الدولية ضد فيروس مستوحى من ستاكس نت لن تنجح لان "الدول المارقة والإرهابيين وعصابات الجريمة المنظمة والمتسللين لن يوقعوا على الاتفاقيات."

متوفر للجميع

وقال "يمكن لهؤلاء جميعا امتلاك واستخدام تلك الأسلحة قريبا. واذا كانت النسخة الجديدة من ستاكس نت تباع بأقل من مليون دولار في السوق السوداء فسوف تشتريها بعض الدول ... فضلا عن إرهابيين لديهم تمويل جيد." وكما ان الانترنت تخدم الدول الصغيرة فانها تبدو أداة ذات قيمة خاصة لروسيا والصين بما انها تسمح لهما بالندية مع الولايات المتحدة في مجال لا قيمة فيه للتفوق العسكري التقليدي للولايات المتحدة.

وستاكس نت مثال قوي لنوع من فيروسات الكمبيوتر أسرع نموا تصمم لتلبية احتياجات العميل ومهاجمة هدف معين. والجديد في الامر قوته والدعاية التي أحاطت به من خلال صلة مفترضة بإيران.

ومثل هذه الدعاية لفتت انتباه دول صغيرة مثل كوريا الشمالية ويتوقع ان تهتم بشراء قدرات مماثلة لستاكس نت لتحقق توازنا مع غريمتها الجنوبية التي تدعمها الولايات المتحدة التي تتفوق عليها بقدرات الأسلحة التقليدية.

وكتب ريتشارد كلارك منسق الأمن القومي الأمريكي السابق في كتابه حرب الانترنت ان كوريا الشمالية مثل بعض الدول الفقيرة في افريقيا لديها ميزة خاصة بالانترنت تتمثل في قلة الأنظمة التي تعتمد على شبكات رقمية ومن ثم فان اي هجوم كبير على الشبكة لن يسبب ضررا يذكر.

ولا تضمن الدولة التي تفكر في استخدام مثل هذا السلاح المدمر في هجوم مفترض عدم افتضاح امرها وربما تتحلي بالحكمة وتقصر استخدامه في حالة نشوب نزاع شامل. غير ان بعض الجماعات الإرهابية بصفة خاصة تلك التي تجل الاستشهاد لن تساورها أي مخاوف من شن حرب عبر الانترنت.

وقال نيك هارفي وزير القوات المسلحة البريطاني "ربما تكون مسألة وقت فقط قبل ان يبدأ إرهابيون استغلال الانترنت بشكل أكثر منهجية وليس فقط كأداة لتنظيمهم الخاص بل كوسيلة للهجوم." وجاء في تقرير عن حرب الانترنت أعده معهد تشاتام هاوس البريطاني للأبحاث انه لا توجد ادلة على امتلاك جماعات ارهابية قدرات لحرب عبر الانترنت ولكن درايتها بالانترنت تتنامي وتستخدم غرف الدردشة لنشر رسالتها وأدوات ذات استخدامات يومية مثل الهاتف الذكي وتحديد المواقع على الانترنت والبنية التحتية للانترنت في التخطيط لهجماتها. ويقول خبراء ان ما من شك في رغبة القاعدة في استغلال مثل هذا السلاح لتكبيد الغرب خسائر اقتصادية اذا ما اتيحت لها الفرصة.

وترتاب قلة في قدرتها على الحصول على اموال من ممولين اثرياء لشراء الفيروس من السوق السوداء. وقال تنظيم القاعدة في جزيرة العرب ان تكلفة إرسال طردين مفخخين من اليمن لأمريكا لم تزد عن 4200 دولار و تم اكتشاف الطردين في دبي وبريطانيا وتسببا في حالة تأهب امني على مستوى العالم. وذكر التنظيم في بيان ان إستراتيجية مهاجمة العدو بعمليات اصغر لكن أكثر تكرارا هي ما قد يشير إليه البعض بإستراتيجية الألف طعنة. الهدف هو ان ينزف العدو حتى الموت."

تزايد الهجمات المعلوماتية في 2011

فيما توقعت شركة مكافي للأمن ألمعلوماتي تزايد الهجمات المعلوماتية بدافع مواقف سياسية في 2011 على غرار تلك التي شنها مؤخرا مناصرو موقع ويكيليكس.

واطلقت الشركة تسمية "القرصنة الناشطة" لوصف الحركات الناشطة لقراصنة المعلوماتية مؤكدة ان "العام المقبل سيشهد فترة تكثف فيها الهجمات ذات الدوافع السياسية". واضافت الشركة في تقريرها السنوي حول التهديدات المعلوماتية "سيعمد عدد متزايد من المجموعات الى تكرار مثال ويكيليكس، حيث تنبع (القرصنة الناشطة) من أفراد يعربون عن استقلالهم عن اي حكومة او تيار ويصبحون اكثر تنظيما وإستراتيجية عبر دمج الشبكات الاجتماعية في العملية".

وتعرضت مواقع شركات فيزا وماستركارد وغيرهما من شركات الدفع عبر الانترنت التي علقت تسليم الأموال الى ويكيليكس لتعطيل مؤقت نتيجة قرصنة أنصار الموقع المتخصص في تسريب معلومات مصنفة سرية. بحسب وكالة انباء فرانس برس.

وفي ما يتعلق بالموارد المستخدمة في الهجمات المعلوماتية اشارت مكافي الى ان الشبكات الاجتماعية على غرار فيسبوك وتويتر ستشكل هدفا أوليا وكذلك المنصات المتحركة على غرار أجهزة آبل التي لطالما جنبت الهجمات. وقال نائب رئيس مختبرات مكافي فنسنت ويفر في بيان "اكتسبت منصات الخدمات شعبية كبرى سريعا وسبق ان شهدنا تضاعفا كبيرا في نقاط الضعف والهجمات وإتلاف البيانات".

الجاسوسية عبر الإنترنت

في حين تغيرت كثيراً صورة الجاسوس النمطية، الذي يحتاج لجانب كبير من المغامرة, ويمر بالمخاطر للتواجد في بلد ما للحصول على أسرار لنقلها لبلد آخر، ولم يعد مطلوباً منهم أن يذهبوا للبلد المطلوب التجسس عليه بأجسادهم وكاميراتهم متناهية الدقة، بل صاروا يعتمدون أكثر على الإنترنت وكثيراً ما يأتون من الصين، وذلك حسب بيانات السلطات المعنية في ألمانيا والتي تعتزم إنشاء مركز خاص لمكافحة التجسس يتم فيه تنسيق جهود جميع الجهات ذات الصلة.

لقد أصبح الخطر واقعاً وتزايد حجمه بشكل تدريجي، حيث تتجسس دولة أجنبية على الشركات والسلطات في ألمانيا، ويتفحص جواسيس أسرار ألمانيا، حكومة واقتصاداً. ومن غير المستبعد أن تكون البنية الأساسية لتوفير الدولة بالطاقة والماء هدف للجواسيس، مما جعل الحكومة الألمانية تقرر إنشاء مركز قومي عام 2011 لصد التجسس لمكافحة شبكات التجسس بشكل أقوى.

ولم يعد الأمر كما كان عليه قبل عدة سنوات عندما كان الجواسيس يتسللون لتصوير معلومات قيمة بكاميرات دقيقة غالية الثمن. وفي معرض تعليقه على ذلك، قال المتحدث باسم الداخلية الألمانية شتيفان باريس في برلين: "كان الجاسوس قبل ثلاثين عاماً يتسلل لمكان ما ومعه كاميرا ثم يفتح حقيبة ما ويصور ثم يختفي ليشرب نخب إنجازه".

وهناك منذ عام 2003 على الأقل تقارير عن هجوم عبر الإنترنت على السلطات أو الشركات العاملة في القطاع الاقتصادي في ألمانيا، وغالباً ما تكون هذه الهجمات الإلكترونية عبر البريد الإلكتروني. وترصد سلطات ألمانية منذ خمس سنوات مثل هذه الهجمات في البلاد. بحسب وكالة الأنباء الألمانية.

يتم رصد الهجمات الجاسوسية التي تستهدف السلطات الحكومية في ألمانيا عبر الإنترنت بشكل منهجي، وبالتعاون مع جهاز أمن الدولة، المخابرات الداخلية، والمكتب الاتحادي لأمن التقنية الحاسوبية. وصار ذلك ممكناً في ظل وجود اتحاد برلين بون المعلوماتي، وهو شبكة رسمية لها مواقع معروفة المصدر.

كانت جهات حكومية وسلطات ألمانية هدفاً للتجسس عبر الإنترنت خلال العامين الماضيين، فبينما لم يتجاوز عدد هذه الهجمات 900 عام 2009، فإنها بلغت في الفترة من يناير حتى سبتمبر 2010 نحو 1600، أغلبها من الصين حسب ما تعتقد وزارة الداخلية.

كانت دراسات أكدت قبل سنوات أن مصدر الكثير من هجمات التجسس التي تمت عبر الإنترنت، ويعتبر رجال المخابرات الألمانية الصين، إلى جانب روسيا، فاعلاً رئيسياً في التجسس الاقتصادي. وترجح دراسات علمية تكبد ألمانيا خسائر تقدر بنحو 20 إلى 50 مليار يورو سنوياً بسبب التجسس الاقتصادي أو التجسس على الشركات المنافسة في ألمانيا.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 4/كانون الثاني/2011 - 28/محرم/1432

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م