الصومال... اقتتال الاشقاء المقدس

 

شبكة النبأ: فيما تحاول  الولايات المتحدة الاعتراف بدولة صومالية واحدة وتعزيز حكومة الرئيس شيخ شريف احمد المؤقتة التي فقدت السيطرة على الكثير من مقديشيو والكثير من جنوب ووسط الصومال لصالح متمردي الشباب.

تحاول الولايات المتحدة في الوقت ذاته تعزيز علاقاتها على نحو متزايد مع اقليمين يتمتعان بحكم شبه ذاتي في الصومال على امل تحقيق استقرار للحكومة المركزية المحاصرة وقوات الاتحاد الافريقي المنتشرة في دولة ينعدم فيها القانون بشكل فعلي.

فيما تشن التنظيمات المسلحة حملات قتالية بين فترة واخرى تهدد الأمن الصومالي، حيث تسعى الولايات المتحدة اثبات عدم تخطيطها  للاعتراف بحكومتي الاقليمين على انهما دول مستقلة.

ويقول خبراء  ان زيادة التعاون الامريكي وبشكل خاص فيما يتعلق بالمساعدة والتنمية يمكن ان يقضي على غارات يقوم بها متمردو حركة الشباب الاسلامية الذين صعدوا من حربهم للاطاحة بالادارة المركزية الصومالية المدعومة من الغرب الشهر الماضي.

الولايات المتحدة يمكن ان تحاول الاتصال بجماعات في جنوب وسط الصومال بما في ذلك حكومات محلية وعشائر عائلية تعارض حركة الشباب لكنها غير منحازة رسميا او مباشرة مع الحكومة في مقديشيو.

التقرير التالي يبين اهم المجريات على الصعيدين السياسي والامني في الصومال وتاثير هذه الاحداث على العلاقات الصومالية الامريكية.

مهاجمة أمريكا

حيث ينظر لحركة الشباب في الصومال على أنها تفتقر للاعداد الكافية ووحدة الهدف لتنفيذ تهديد أطلقه أحد زعمائها بمهاجمة الولايات المتحدة على أراضيها.

وكان فؤاد محمد خلف الشخصية الثالثة في الحركة قد قال ان الحركة المرتبطة بالقاعدة ستنفذ هجمات في الولايات المتحدة ما لم يعتنق الرئيس الامريكي باراك أوباما والمواطنون الامريكيون الاسلام.

وفي حين أن حركة الشباب تمكنت من تنفيذ تفجير كبير في أوغندا في وقت سابق من العام الجاري فان محللين صوماليين داخل البلاد وخارجها وصفوا هذا الاسبوع التهديد الموجه لواشنطن بأنه مجرد دعاية.

وقال راجي فرح وهو محاضر في التاريخ بجامعة مقديشو لرويترز لا أعتقد أن الشباب يمكن أن تنفذ تهديدها للولايات المتحدة. انها دعاية أكثر منها أي شيء اخر.

وأضاف الشباب نفسها أقرت بأنها فشلت في التغلب على قوات الاتحاد الافريقي. ربما يهددون أوغندا.. الدول التي يمكن أن يصلوا اليها. حسب رويترز

وبمساعدة الجنود الموالين للحكومة الصومالية تمكنت قوات حفظ السلام التابعة للاتحاد الافريقي من تحقيق مكاسب في مواجهة مقاتلي حركة الشباب في مقديشو في الاسابيع الاخيرة مما يشير الى أن حملة المسلحين الرامية الى الاطاحة بالحكومة بدأت تنحسر.

وقال عبد الوهاب عبد الصمد وهو محاضر في دراسات الصراع المسلح والسلام بجامعة نيروبي ان عدد الاعضاء في الحركة لا يتعدى ما بين ثلاثة الاف وخمسة الاف انضم اليهم نحو 200 أجنبي من دول مثل أفغانستان وباكستان.

وأضاف عبد الصمد أن المسلحين منقسمون أيضا فيما يتعلق بالفكر اذ ان نصفهم يتبنون أفكارا جهادية في حين أن النصف الاخر يرغب فقط في اخضاع الصومال لحكمهم.

وتسيطر حركة الشباب على معظم جنوب الصومال والجزء الاكبر من مقديشو وهي المناطق التي يشنون منها هجمات تستهدف الحكومة المدعومة من الامم المتحدة.

ويرأس الحكومة المؤقتة في الصومال شيخ شريف أحمد وتكفل لها الحماية قوات الاتحاد الافريقي المؤلفة من ثمانية الاف فرد أغلبهم من أوغندا وبوروندي.

وفي يوليو تموز أسفر تفجيران انتحاريان في العاصمة الاوغندية عن مقتل 79 شخصا. وأعلنت حركة الشباب مسؤوليتها وذكرت أن سبب استهداف أوغندا في هجمات أخرى محتملة هو استمرار وجود القوات الاوغندية في الصومال.

وكثف مسؤولون أمنيون في شرق افريقيا حالة الاستنفار بعد تجدد التهديد من حركة الشباب. وانفجرت حقيبة بها قنبلة يدوية كانت على وشك أن توضع في حافلة متجهة الى كمبالا في نيروبي مما أسفر عن مقتل اثنين.

وفي التصريحات التي أدلى بها خلف للصحفيين هذا الاسبوع حث أيضا المقاتلين في اليمن -الذي ينظر له الغرب على أنه أصبح مصدرا للمقاتلين المتشددين بشكل متزايد- على الانضمام الى المعركة ضد المسيحيين.

وقال افياري المي وهو أستاذ صومالي للسياسة في جامعة قطر بالدوحة ان مزاعم الشباب تهدف الى اظهار المقاتلين في صورة جيدة.

لكن راشد عبدي وهو محلل لشؤون الصومال مقيم في نيروبي من المجموعة الدولية لمعالجة الازمات يرى انه في حين أن هناك عنصرا دعائيا في أحدث تهديد أطلقته الجماعة فانه يجب عدم تجاهله كلية.

وقال عبدي انهم في حالة حرب مع الغرب بأكمله لانه وراء الحكومة المؤقتة الاتحادية... يجب عدم الاستخفاف بالتهديدات.

توتر بين المتمردين

من جانب آخر قال مسؤول عسكري امريكي إن المتشددين الاجانب لا يتمتعون بقبول شامل داخل حركة الشباب الصومالية لكن القوى الخارجية ستجد انه من الصعب استخدام وجودهم لاحداث انقسام واضعاف التمرد الاسلامي المتشدد.

وقال العديد من المحللين ان مجموعة من المتشددين من دول متنوعة مثل السعودية وباكستان والسودان وجزر القمر هي القوة المحركة وراء الجماعة المتشددة التي تسيطر على مساحات كبيرة من الاراضي في جنوب ووسط الصومال.

ويرى بعض المحللين امكانية التحريض على احداث انقسامات لان عددا متزايدا من اعضاء حركة الشباب يشتركون في عدد صغير من الطموحات العالمية للاجانب المتحالفين مع القاعدة والذين يضمون بعض الصوماليين في الشتات الذين غادروا ديارهم في الغرب للانضمام الى الجماعة.

وقال المسؤول الذي طلب عدم الكشف عن شخصيته ان وجود الاجانب يجري بحثه باستمرار في حركة الشباب ربما لاسباب منها القلق بشأن الاغراب.

لكن هذه الحساسية تجاه الاجانب تعني ان أي محاولة من جانب الحكومات التي تعارضهم كي تحدث انقسامات ستكون صعبة.

وقال المسؤول الذي تحدث في افادة بشأن الدعم العسكري الامريكي للحكومات في المنطقة يوجد بعض الاجانب داخل التمرد الاسلامي وهذه قضية تثير توترا - فالى اي مدى تريد ان يساعد هؤلاء الاجانب...

وقال هل تضر بقضية الصعود الاسلامي في الصومال أو هل تساعدها في التوازن.. يوجد نقاش.

أي محاولة من قوى خارجية لتسليط الضوء على هذه الخلافات سيكون على الفور موضع شكوك لانه لا يأتي من صوماليين ولذلك يجب ان ينجز بحيلة ودهاء. حسب رويترز

وقال الصومال مكان صعب بالفعل للمجتمع الدولي للتحرك فيه لان الصوماليين يميلون -- وأنا أعمم وهو الامر الذي ينطوي دائما على مخاطر-- لان يكون لهم رد الفعل هذا ضد الاجانب."

وحركة الشباب التي تقاتل للاطاحة بالحكومة الاتحادية الانتقالية أعلنت المسؤولية عن هجوم في العاصمة الاوغندية يوم 11 يوليو تموز قتل فيه 79 شخصا.

وقالت الحركة ان الهجوم شن للانتقام من نشر اوغندا جنودا ضمن قوات حفظ السلام التابعة للاتحاد الافريقي في الصومال الذي ليس لديه حكومة فعالة منذ عقدين ويعاني من فوضى الميليشيات والحرب والمجاعة في ذلك الوقت.

وقال المسؤول ان التفجير وهو اول ضربة ناجحة في الخارج للشباب  كان عملا مثيرا للجدل ربما أحدث انقسامات في قيادة التمرد بشأن التكتيكات من حيث كيفية تحقيق هدف (اقامة دولة اسلامية). فهل هذا هو الوقت الصحيح.. وهل هو الشيء الصواب لعمله...

وقال أعتقد ان التمرد الاسلامي يتحرك نحو اراض غير مطروقة (في اعقاب التفجير) ... لانه ما هو رد الفعل الدولي.. وهل المجتمع الدولي يتدخل بطريقة أكبر في الصومال بسبب هذا بصفة عامة انها تفتح الكثير من الاشياء المجهولة للقيادة.

وقال المسؤول العسكري انه رغم الجدل بشأن التكتيكات فان القيادة موحدة فيما يبدو بشأن الاستراتيجية العريضة للاسهام في الحملة العالمية للقاعدة ضد الغرب.

حظر تحويل الاموال

من جهة أخرى حظر متمردو حركة الشباب تحويل وتسلم الاموال عن طريق الهاتف المحمول في خطوة ستلحق الضرر على الارجح بتدفق الاموال في الصومال حيث لا يحتفظ سوى قلة بحسابات مصرفية.

وقالت حركة الشباب المرتبطة بالقاعدة ان تحويل الاموال عن طريق الهاتف المحمول يساعد على دعم الرأسمالية الغربية ويبعد مسلمي الصومال عن الانشطة المصرفية الاسلامية.

وأضافت الحركة في بيان ان استعمال خدمة تحويل الاموال عن طريق الهاتف المحمول ستتوقف في جميع أنحاء الصومال وعلى الشركات التي تقدم هذه الخدمة وهي على وجه التحديد هورمود وتيليسوم وجوليس وقف العمل بها.

وانتشر استخدام خدمة تحويل الاموال عن طريق الهاتف المحمول في الصومال حيث لا وجود لحكومة مركزية فاعلة منذ عقدين وما زال القطاع المصرفي متخلفا ويكاد نشاطه يقتصر على المدن الرئيسية.

ويستخدم الصوماليون هذه الخدمة في شراء السلع ودفع الفواتير وشراء خدمة الهاتف المدفوعة الثمن مقدما فضلا عن توزيع التحويلات النقدية الواردة من أقاربهم في الخارج بين أفراد الاسرة.

وتحويلات الصوماليين المقيمين في الخارج مصدر رئيسي للعملات الاجنبية في الصومال وتقدر بنحو مليار دولار سنويا وهي تساعد كثيرا من الاسر على تحمل أعباء الحياة. وشركات تحويل الاموال من ركائز الاقتصاد في البلاد.

وحذرت حركة الشباب شركات الاتصالات الاخرى من دخول سوق التحويلات والتعامل في هذه الخدمة.

وقالت انها تشدد على المسلمين في الصومال ان يحرروا أنفسهم من التبعية للغرب والخضوع له وأن يبحثوا عن بدائل أخرى قانونية وأكثر أمنا مثل المصانع وتصدير المنتجات المحلية. حسب رويترز

ويسيطر متمرد الحركة على معظم مناطق جنوب ووسط الصومال بما في ذلك معظم أنحاء العاصمة.

اختبار عزيمة صناع السلام

ويتيح وجود قوات اجنبية في الصومال للمتشددين المرتبطين بتنظيم القاعدة أن يصوروا أنفسهم كأبطال وطنيين مفوضين بتنفيذ هجمات كتلك التي شهدتها مقديشو.

هذا هو ما يقوله منتقدو قوات حفظ السلام التابعة للاتحاد الافريقي الذين يرون أن على العالم الخارجي أن ينسحب عسكريا من دولة عادة ما توحد عشائرها المنقسمة على نفسها صفوفها في مواجهة الغرباء.

وسيحرم الانسحاب حركة الشباب التي لها صلات بتنظيم القاعدة من عدو أجنبي ساعد وجوده الحركة على تجنيد عناصر جديدة في صفوفها الى جانب الحصول على دعم مالي في الداخل ومن الصوماليين في الخارج وعددهم ليس قليلا.

ويرى معلقون غربيون وصوماليون أنه في أعقاب الانسحاب ستدمر العشائر المتناحرة حركة الشباب سريعا وستستأنف هذه العشائر صراعا على السلطة امتد طويلا في الصومال الذي لا توجد به حكومة فعالة منذ عقدين.

وطرح منتقدو وجود قوة حفظ السلام التابعة للاتحاد الافريقي وقوامها 6300 فرد هذه الافكار مجددا بعد الهجوم الذي شنته حركة الشباب على فندق في العاصمة الصومالية مقديشو وأسفر عن مقتل 31 على الاقل. حسب رويترز

ويميل المدافعون عن القوة الافريقية الى الرد بأن هذه الافكار تنزع الى التبسيط وأن حركة الشباب التي نجحت في تجنيد مئات المقاتلين الاجانب وفرضت تفسيرا متشددا للشريعة الاسلامية لن تسحق بسهولة.

ويشيرون الى أنها تسيطر على أجزاء من وسط وجنوب البلاد وأحياء كثيرة في العاصمة وتكون في بعض الاحيان لاعبا ماكرا في سياسة العشائر المعقدة بالصومال.

وكان هجوم هو ثاني عملية كبرى تنفذها الحركة خلال شهرين بعد تفجير في العاصمة الاوغندية كمبالا الشهر الماضي أسفر عن مقتل اكثر من 70 وكان الاول الذي تنفذه الحركة الصومالية المتمردة خارج البلاد.

ويرى منتقدون أن الحكومة الانتقالية الاتحادية المدعومة من الغرب التي تتواجد القوات في الصومال لتحميها لا تستحق هذا. وينظر اليها على نطاق واسع على أنها حكومة فاسدة تفتقر الى الكفاءة والشرعية والدعم الشعبي.

وتقول برونوين بروتون المتخصصة في ادارة الحكم انه لا يوجد حل عسكري لمشكلة الصومال.

وأضافت محاولات التدخل لا تؤدي سوى لزيادة الوضع سوءا.

وتقول هي ومنتقدون اخرون ان الحكومة الاتحادية الانتقالية قضية خاسرة ويأسفون لاتفاق الزعماء الافارقة على ارسال قوات اضافية قوامها أربعة الاف من جنود حفظ السلام الى الصومال في أعقاب تفجيرات كمبالا.

وقال عبدي ساماتار من جامعة مينيسوتا يلوح في الافق المزيد من الخطر والدمار.

وأضاف أن زيادة عدد قوات حفظ السلام التابعة للاتحاد الافريقي كان سيفيد لو كانت هناك حكومة كفء لكن هذا غير مطروح في الوقت الحالي.

وقالت لورا هاموند من كلية الدراسات الشرقية والافريقية بلندن خطة زيادة القوات على الارض قد تحدث أثرا غير مقصود هو زيادة الدعم لحركة الشباب.

ويرد مؤيدو الاتحاد الافريقي بأن سحب القوات لن يؤدي تلقائيا الى اختفاء حركة الشباب.

وقال اندريه لو ساج الباحث المتخصص في الشؤون الافريقية بجامعة الدفاع الوطني بالولايات المتحدة ان فك الارتباط البناء ينطوي على مشاكل جمة لانه يفترض أن هناك معتدلين في صفوف حركة الشباب يمكن الاقتراب منهم والتحدث معهم.

وأضاف في حركة الشباب المتشددون هم الذين يقودون القطار... يجب أن نزيد التواصل الدبلوماسي بشكل كبير.. في غياب هذا تعمق حركة الشباب سيطرتها.

وتابع قائلا الصوماليون لا يؤيدون تشدد الشباب. لكن اذا تركنا الصومال تحت سيطرة حركة الشباب لعشر سنوات او اكثر فمن الممكن أن يظهر شيء مثل حركة طالبان في الجيل الجديد.

الحاجة الى دعم عاجل

وفي أطار الحاجة الى الدعم دعا الرئيس الصومالي شريف شيخ احمد المجتمع الدولي الى تقديم دعم عاجل للحكومة الفدرالية الانتقالية، التي ازداد الخطر عليها بعد هجوم لمتمردي حركة الشباب الصومالية في مقديشو الاسبوع الماضي.

وقال بيان للرئاسة الصومالية على الرغم من الموارد الهزيلة، فإن قوات الامن التابعة للحكومة الفدرالية الانتقالية دافعت بشجاعة عن المنشآت الاستراتيجية العامة في العاصمة، وهي مصممة على الانتصار على حركة الشباب.

وياتي هذا الاعلان بعد اسبوع على معارك عنيفة شهدتها مقديشو حيث شن متمردو حركة الشباب الذين يسيطرون على الجزء الاكبر من العاصمة، هجوما عنيفا ضد القوات الحكومية وقوة الاتحاد الافريقي.

واضاف الرئيس الصومالي في البيان الارهاب اصبح خطرا لا حدود له، تجدد الحكومة الصومالية مطالبتها بدعم دولي عاجل. وراى انه من غير الواقعي توقع تصدي الصومال بمفردها للتحالف الشيطاني بين حركة الشباب والقاعدة، في حين ان البلاد تخرج من 20 سنة من الدمار والفوضى.

وتابع شريف الذي انتمى في السابق الى حركات اسلامية ولم يتوان عن طلب الدعم الدولي منذ ترؤسه للحكومة الفدرالية الانقالية في شباط/فبراير 2009، بهدف التصدي بشكل جدي للارهاب، تحتاج الحكومة الى دعم المجتمع الدولي.

واشار الى ان باكستان، افغانستان والعراق تتلقى "مساعدات لافتة من الناحية المالية واللوجستية ولجهة الانشطة العسكرية المحددة الاهداف. واعتبر ان الحكومة الصومالية لا تحظى بهكذا دعم، ولا بهكذا موارد كالتي تحصل عليها هذه البلدان. مع العلم بانها تواجه عدوا مماثلا، وحتى اكثر قوة. حسب فرانس برس

واكد الرئيس الصومالي ان الحكومة الانتقالية مصممة على اعادة القانون والنظام الى مقديشو، ومحاربة متمردي الشباب وحلفائهم، الذين يسعون الى زرع الفوضى في كامل منطقة القرن الافريقي وما بعدها. لكنه اعتبر انه على رغم كل الضغوطات، يجب الا ننسى ابدا ان النصر يتطلب استراتيجية واسعة وصبرا.

ومنذ انطلاق حملة القضاء على المرتدين في 23 اب/اغسطس، تقدم متمردو حركة الشباب الصومالية الذين يعلنون ولاءهم للقاعدة ويسيطرون على القسم الاكبر من جنوب الوسط الصومالي، باتجاه البرلمان، على مقربة من مقر الرئاسة فيلا صوماليا.

ويهدد المتمردون بقطع شارع مكة المكرمة، الذي يشكل محورا استراتيجيا لا يزال خاضعا لسيطرة قوات الاتحاد الافريقي والحكومة الفدرالية الانتقالية، ويربط بين المطار والمرفأ ومقر الرئاسة.

واندلعت معارك عدة على مقربة من هذا الشارع، بعد سقوط ستة قتلى على الاقل في معارك مستمرة. وقتل في معارك في مقديشو اربعة جنود اوغنديين من القوة الافريقية العاملة في الصومال نتيجة اطلاق قذيفة هاون خلال معارك مع حركة الشباب حسب ما اعلن لفرانس برس متحدث باسم هذه القوة.

ولا تسطير الحكومة الصومالية، المدعومة بستة الاف جندي اوغندي وبوروندي من قوات الاتحاد الافريقي، الا على احياء معدودة على الساحل في المدينة.

هشاشة الحكومة

ويعتبر الهجوم المسلح على فندق بالعاصمة الصومالية مقديشو يرتاده الساسة واوقع 31 قتيلا بينهم نواب بالبرلمان مثالا صارخا على هشاشة الحكومة الانتقالية بالصومال.

وتعتمد الحكومة الصومالية المدعومة من الامم المتحدة على المساعدة الخارجية لبقائها. وينتشر اكثر من 6300 من قوات حفظ السلام التابعة للاتحاد الافريقي في مقديشو لكن ادارة الرئيس شيخ شريف احمد لا تسيطر سوى على بضعة مبان.

ويبعث الهجوم الذي أعلنت حركة الشباب الصومالية التي تربطها صلات بتنظيم القاعدة مسؤوليتها عنه برسالة مفادها انهم مستمرون في تهديد بقاء الحكومة. وقال محللون انه يستهدف على الارجح ايضا تقويض الدعم الخارجي للحكومة المؤقتة وقوة حفظ السلام السلام التابعة للاتحاد الافريقي (اميسوم).

كما يسلط الضوء على ندرة الخيارات المتاحة للاتحاد الافريقي في محاولة ارساء الاستقرار في بلد تحدى صنع السلام على يد اجانب في العشرين عاما الماضية. حسب رويترز

وتركز قوات حفظ السلام الاوغندية والبوروندية جهدها على حراسة ميناء ومطار مقديشو وحماية القصر الرئاسي. لكن الهجوم يظهر صعوبة حماية أعضاء البرلمان الصومالي الذين يتجاوز عددهم 500.

جاء الهجوم الذي تنكر فيه مسلحون صوماليون في زي الجيش واقتحموا فندق منى القريب من القصر الرئاسي بعد يوم من اعلان الاتحاد الافريقي وصول مئات من قوات حفظ السلام الجديدة اغلبها من اوغندا.

وقال ايج هوجيندورن من المجموعة الدولية لمعالجة الازمات انه في حين ان الهجوم لا يعني بالضرورة ان المتمردين الاسلاميين اكتسبوا قوة فانه يؤكد على اعتماد الحكومة على اميسوم كي تبقى في السلطة.

ويشكك بعض المحللين فيما اذا كان المزيد من التدخل الخارجي المسلح هو الاستراتيجية الصحيحة بالنظر الى سجل الصومال من المعارضة القوية للقوات الاجنبية.

ووصف مسؤول امريكي مطلع على المساعدة الدولية للحكومة في مؤتمر صحفي في الاونة الاخيرة الوضع الامني بأنه محفوف بالمخاطر.

وقال المسؤول انه ليس كافيا ان تسيطر الحكومة على الارض حتى اذا جرى الافتراض ان بوسعها بناء قدرة تمكنها من توسيع نفوذها ليشمل ما هو أكثر من الاحياء القليلة التي تسيطر عليها حاليا. واضاف انه ينبغي ان تكون قادرة على الاحتفاظ بها لتكون قادرة على توصيل الخدمات للمناطق المحررة حديثا من قبضة المتمردين كي تحصد الدعم الشعبي. ويقول محللون ان ذلك تحد شاق.

والشباب التي اعلنت مسؤوليتها عن الهجوم حليفة للقاعدة وتضم بين صفوفها متشددين اجانب لهم خبرة الهجمات المسلحة على الاهداف الغربية والاهداف الاخرى في افريقيا.

ويأتي هجوم بعد تفجيرين متزامنين في العاصمة الاوغندية كمبالا الشهر الماضي اوقعا اكثر من 70 قتيلا في ما كان اول هجوم للمتمردين الاسلاميين الصوماليين على ارض اجنبية.

فرار من مقديشو

الى ذلك وفر مئات الصوماليين من مقديشو في الوقت الذي استعر فيه القتال بين المتمردين الاسلاميين المتشددين والقوات الحكومية لليوم الرابع وكل من الجانبين يقول أنه حقق تقدما.

وفر سكان العاصمة من القتال وقد كدس بعضهم ما أمكنهم جمعه من أمتعة في عربات صغيرة تدفع باليد بينما أمسك اخرون بأطفالهم ومن حولهم يدور القتال في الشوارع بين متمردي جماعة الشباب المرتبطة بالقاعدة وبين القوات الحكومية التي تدعمها قوات الاتحاد الافريقي.

وأعلن المتمردون مسؤوليتهم عن حادث اطلاق النار الذي أدى الى مقتل 33 شخصا على الاقل بينهم بعض النواب في فندق.

وقالت حركة الشباب في موقع الكتائب على الانترنت "أنشأ مقاتلو المجاهدين قواعد جديدة في المناطق التي استولوا عليها من أوغندا وبوروندي والعملاء ومن بينها وصلة دبكا وفندق ويلي ومدرسة 15 مايو القريبة جدا من القصر. حسب رويترز

وفي مقديشو ما يزيد على 6300 جندي من قوات حفظ السلام التابعة للاتحاد الافريقي من أوغندا وبوروندي يدعمون الحكومة التي تؤيدها الامم المتحدة.

ونفى متحدث باسم الشرطة مزاعم الشباب أنهم يستولون على اراض من القوات الحكومية في العاصمة حيث لا تسيطر الحكومة بالفعل الا على بضعة مربعات سكنية بينما يسيطر المتمردون على باقي المدينة.

وقال المتحدث الكولونيل عبد الله حسن بريسي لرويترز احتفظت القوات الحكومية بمواقعها الدفاعية ومني الشباب بخسائر فادحة على مدار الايام الثلاثة الماضية. جثثهم ترقد في ميدان القتال.

وخاضت قوات الامن معارك مع المتمردين من شارع الى شارع وتبادل الجانبان القصف المدفعي بطريقة عشوائية الامر الذي دفع مئات السكان الى الفرار خوفا الى أطراف العاصمة.

وقالت أمينة محمود وهي أم لثلاثة أطفال ان منزلها تحاصره المعارك من كل جانب منذ عدة أيام.

وقالت وهي تحمل طفلتها لم نكن نستطيع الخروج من المنزل. ولم نكن نستطيع شراء الطعام وحتى المياه الجارية قطعت عنا.

وبقي سوق البكارة أحد معاقل المتمردين وأكبر أسواق العاصمة مغلقا بعد أن أغلقت الطرق المؤدية اليه وحذر التجار من نقص البضائع وارتفاع الاسعار.

وقال علي محمد سياد رئيس لجنة تجار سوق البكارة كل التجار توقفوا عن التجارة في الاسواق والشاحنات القادمة من الميناء لا يمكنها أن تنقل شحناتها الى السوق حيث أثر القتال على الطريق الوحيد الذي يمكننا استخدامه.

وبالمثل لا يمكن للتجار من الاقاليم القدوم الى السوق بينما يتواصل القصف المستمر وهذا يمكن أن يسبب التضخم ونقص الغذاء في مناطق في جنوب الصومال.

وقالت وزارة الاعلام الصومالية ان حوالي 70 مدنيا قتلوا في التصاعد الاخير للعنف وأصيب 200 اخرون.

وقالت الوزارة في بيان ستبقى المدينة في حالة تأهب عالية. نحن نعرف الاماكن التي يستهدفونها (الشباب) ونفعل كل ما بوسعنا... لاحتواء التهديد.

ارتفاع أسعار المواد الغذائية

في سياق متصل بات ارتفعت أسعار السلع الأساسية بشكل حاد مع تفاقم الجفاف الشديد في بلدة أفمادو ومحيطها، مما أدى إلى نزوح مئات الأشخاص.

وقال عامل إغاثة محلي طلب عدم الكشف عن هويته أنه قد تم هجر ما لا يقل عن سبع بلدات وقرى صغيرة قرب أفمادو الواقعة على بعد 620 كيلومتراً جنوب العاصمة الصومالية مقديشو، خلال الأسابيع الثلاثة الماضية بسبب الجفاف ونقص الغذاء، مضيفاً أن ما يقدر بنحو 2,000 أسرة (12,000 شخص) قد تضرروا جراء ذلك.

وقد ارتفعت أسعار المواد الغذائية في المنطقة بشكل كبير خلال الشهرين الماضيين. "فقد ارتفع سعر الذرة [الغذاء الرئيسي في المنطقة] من 350,000 شلن صومالي [12 دولاراً] للكيس سعة 50 كيلوغراماً قبل شهرين إلى 800,000 شلن [25 دولاراً] اليوم"، وفقاً لعامل الإغاثة.

وأضاف أن سعر كيلو السكر الذي كان يبلغ 28,000 شلن (70 سنتاً) قبل شهرين يباع بـ 35,000 شلن (أكثر من دولار بقليل) الآن وأن سعر كيلو الطحين ارتفع 7,000 شلن عن السعر الذي كان عليه قبل شهرين ليصل إلى 32,000 شلن.

وقال عامل الإغاثة أن عدداً كبيراً من السكان يعتمدون على المال الذي يرسله لهم أقاربهم في أمريكا أو أوروبا ولكن حتى هذا المال في تناقص لأن الناس أصبحوا يرسلون كميات أقل مقارنة بالسابق...إنه وضع قاتم. بحسب شبكة ايرين الانسانية.

وكمعظم مناطق جنوب الصومال، تقع بلدة أفمادو - في منطقة جوبا - تحت سيطرة حركة الشباب الإسلامية المعارضة للحكومة الاتحادية الانتقالية. وأوضح عامل الإغاثة أن المنظمات الإنسانية غادرت المنطقة بسبب انعدام الأمن.

وقال أحد وجهاء أفمادو، الذي رفض أيضاً الكشف عن اسمه ، أن على سكان البلدة والمناطق المحيطة بها التعامل مع مشكلتين اثنتين في آن واحد. وأوضح بالقول: نحن نعاني من الجفاف الشديد وارتفاع أسعار المواد الغذائية إلى أعلى مستوياتها منذ سنوات...كنا نواجه إحدى هاتين المشكلتين في السابق وكان بمقدورنا التعامل معها ولكن لا يمكننا التعامل مع المشكلتين معاً. حسب شبكة الأنباء الإنسانية

وناشد المجتمع الدولي والصوماليين في الخارج تقديم المساعدة مضيفاً أن الاحتياجات كبيرة جداً وأن "الناس لا يملكون أية وسيلة للتعامل مع الوضع الحالي...إنها إحدى أسوأ موجات الجفاف والجوع التي شهدتها منذ سنين".

وقال أن معظم الأشخاص الذين تركوا منازلهم يفتقرون إلى المياه والمواد الغذائية وأنهم يتجهون نحو مخيمات اللاجئين في كينيا. إننا نجد أنفسنا في حالة قاتمة جدا 

وأضاف قائلاً: بالأمس فقط توجهت سبع شاحنات مليئة بالناس إلى الجانب الكيني... وإذا استمر هذا الوضع فإن منطقتنا ستفرغ من السكان.

وقال مكتب برنامج الأغذية العالمي في الصومال أن البرنامج علق أنشطته في معظم مناطق جنوب الصومال، بما في ذلك أفمادو لأن حركة الشباب حظرت عمله في معظم أجزاء الجنوب.

وقال عامل الإغاثة المحلي أن السكان المحللين جمعوا بعض الأموال وبدؤوا بنقل المياه بالشاحنات لاثنين من أكثر المجتمعات تضرراً.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 4/كانون الثاني/2011 - 28/محرم/1432

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م