الكويت .. وخطر الفوضى الديمقراطية

علي ال غراش

ما تشهده الكويت - الرائدة والنموذج الأفضل في العملية الديمقراطية - مؤخرا من توتر وتأزم بين الحكومة من جهة وبعض التيارات البرلمانية المحددة الانتماء من جهة أخرى، هو جزء من الحراك السياسي ومحاولة لكل طرف فرض إرادته وقوته، ولكنه في الحقيقية يمثل فوضى ديمقراطية خطيرة.

في البدء على محبي العدالة والديمقراطية والدستور والحرية والتعددية والمساواة في الكويت والوطن العربي، التعبير عن احترامها ودعمها القوي للإدارة الديمقراطية وللقانون وللدستور، وانه ليس هناك أي جهة أو شخص فوق القانون، وانه من أولويات العمل الديمقراطي فرض احترام الدستور، وتأمين العدالة والمساواة والحرية للجميع ومنها حرية التعبير عن الرأي ما دام لا يتجاوز ولا يمثل اعتداء على حرية الآخر، ولا ينافي بنود الدستور، والوقوف ضد أسلوب الترهيب والضرب والشتم والإساءة، وكل ما فيه اعتداء على حقوق المواطن والوطن.

وبلا شك ان الصور التي تمت مشاهدتها في الوسائل الإعلامية لفعاليات ديوانية الحربش، أمر مرفوض وكان ينبغي أن لا يتطور الوضع إلى ذلك المستوى الذي لا يتناسب مع الممارسة الديمقراطية وسمعة الوطن.

«إلا الدستور» شعار من الطبيعي أن يتفق معه كافة المواطنين الكويتيين، ويكون الدستور هو المرجعية في العمل الديمقراطي وعند الاختلاف، وبالتالي ليس من حق فئة أو جماعة أو طائفة ما أن تحتكر هذا الشعار، وتذرف الدموع باسم الدفاع عنه، ومحاولة تحريك الشارع لتحقيق أهدافها الخاصة الضيقة.

وهذا لا يعني عدم حق أي طرف بالمطالبة بحقوقه الوطنية والتعبير عن رأيه بل على العكس له كامل الحق، ولكن ينبغي أن تكون عملية المطالبة والتعبير في إطار الدستور والقانون الذي يحدد صلاحيات السلطات في الدولة والمسؤوليات والحقوق والواجبات، وبالابتعاد عن إثارة الشارع بطرح أبواق الفتنة الطائفية وتهديد الوحدة الوطنية، أو اللجوء للعنف أو الضرب والاعتداء من أي طرف على الآخر.

الكويت بلد الديمقراطية وعلى الجميع احترام الدستور والقوانين واحترام إرادة المواطنين واختلاف وجهات النظر، ومن الطبيعي في أجواء العمل الديمقراطي أن تكون هناك معارضة للحكومة تعمل بوطنية وإخلاص وشفافية خدمة للوطن لا مصالحها وانتماءاتها، ولهذا ينبغي على الحكومة الاعتراف بهذه المعارضة، وفتح المجال لها بالعمل في ظل الدستور، ولا يحق للحكومة قمعها والتضييق عليها ما دامت تحترم القانون.

وفي العمل السياسي هناك تقلبات وتغيرات .. فلا عداوة دائمة ولا صداقة دائمة، ولهذا على كل طرف أو تيار أو جماعة العمل بحكمة ودراية لخدمة الوطن والمواطنين، بدون أن تحرق جميع أوراقها وترمي نفسها في أحضان طرف على حساب طرف آخر في الصراع الداخلي.

عشاق الديمقراطية في المنطقة ينظرون للدستور الكويتي والعملية الديمقراطية والتجربة البرلمانية على أنها متقدمة وأنموذج يحتذى يعملون لتحقيقه، وطبعا لكل عمل سلبيات وايجابيات، وان ما يحدث حاليا هو جزء من الحراك السياسي، وان أخذ أبعادا حادة .. فنأمل من الشعب الكويتي المحافظة على مكاسب الديمقراطية بالوعي وتحقيق المزيد من النجاح والتقدم في ظلها، لا أن تتحول الممارسة الديمقراطية إلى فوضى وإلى مستنقع لصناعات الأزمات المتتالية واتساع الخلافات وتأخر مصالح الشعب.

ali_writer88@yahoo.com

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 3/كانون الثاني/2011 - 27/محرم/1432

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م