بعد عقم العرب... هل ستلد امريكا اللاتينية دولة فلسطينية؟

 

شبكة النبأ: بعد ان عجزت معظم الدول العربية والاسلامية عن تأسيس دولة فلسطينية معترف بها، فهل ستكون دول امريكا اللاتينية فادرة على ذلك؟

هذا السؤال بدء يطرح بقوة مؤخرا بعد ان اقدمت عددا من الدول في تحدي مباشر لإسرائيل في اعلانها الاعتراف بدولة فلسطين بكامل حقوقها السيادية، مما بات يمثل وسيلة ضغط قوية على المجتمع الدولي الذي لا يزال مصرا على غض النظر عن حقوق الشعب الفلسطيني المسلوبة. وهو في الوقت ذاته يحرج الدبلوماسية الاسرائيلية التي راهنت على الدوام بتقبل الغرب تعنتها المستمر حيال تلك الحقوق.

الامر الذي دعا قادة الكيان الصهيوني الى مراجعة موقفها وان كان بشكل غير معلن من ذلك الامر، حسب ما اشارت اليه بعض التصريحات الاخيرة لبعض سياسييها الملتوية.

العالم اجمع قد يعترف بفلسطين

فقد حذر وزير الصناعة والتجارة الاسرائيلي بنيامين بن اليعازر من ان "العالم اجمع" قد يعترف بدولة فلسطينية في غضون عام، داعيا الى استئناف مفاوضات السلام المجمدة كليا.

وياتي هذا التحذير في حين اعترفت اربع دول في اميركا اللاتينية، هي البرازيل والارجنتين وبوليفيا والاكوادور، بفلسطين دولة مستقلة، بينما تستعد دولة خامسة لتحذو حذوها هي الاوروغواي.

واعرب بن اليعازر، وهو من حزب العمل (يسار وسط) الذي يشارك في الائتلاف الحكومي، عن قلقه قائلا "لن يفاجئني اذا ما اعترف العالم اجمع العام المقبل، بما فيه الولايات المتحدة، بدولة فلسطينية. ثم ينبغي ان لا تدهشنا الطريقة التي تم فيها ذلك".

وتعارض اسرائيل اي اعتراف دولي بدولة فلسطينية، معتبرة ان اقامة دولة فلسطينية محتملة ينبغي ان تتم عبر مفاوضات. ولم تؤد عملية السلام الاسرائيلية-الفلسطينية التي انطلقت في 1991 الى اي تسوية نهائية للنزاع على الرغم من محادثات عديدة ومؤتمرات دولية.

لكن الفلسطينيين الذين يشعرون بالاحباط بسبب تجميد المحادثات، قرروا تكثيف جهودهم "في الايام المقبلة" للحصول على اعتراف بدولتهم المستقبلية اثر مبادرة دول اميركا اللاتينية.

وعلى الصعيد الاوروبي، تقوم السلطة الفلسطينية بحملة لرفع مستوى ممثلياتها الدبلوماسية كما فعلت حتى الان كل من فرنسا واسبانيا والبرتغال والنروج.

دولة مستقلة بحدود 1967

فيما قالت وزارة الخارجية الاكوادورية في بيان ان الرئيس رافاييل كوريا وقع "الاعتراف الرسمي لحكومة الاكوادور بفلسطين كدولة حرة ومستقلة بحدود 1967" السابقة للاحتلال الاسرائيلي للاراضي الفلسطنية في حرب حزيران/يونيو من السنة نفسها.

واضافت الوزارة ان قرار الاكوادور يعبر عن "الدعم للتطلعات المشروعة للشعب الفلسطيني في قيام دولة حرة ومستقلة".

واكدت ان هذا الاعتراف سيكون "اساسيا للتوصل عبر الحوار والتفاوض الى تعايش سلمي لدول" الشرق الاوسط. بحسب فرانس برس.

واوضحت الخارجية ان الرئيس الفلسطيني محمود عباس وممثل فلسطين في الامم المتحدة ابلغا بقرار الاكوادور. واعلنت الاكوادور قرارها بعد يومين من خطوة مماثلة قامت بها بوليفيا.

ومطلع كانون الاول/ديسمبر اعترفت البرازيل تلتها الارجنتين بفلسطين "دولة حرة ومستقلة داخل حدود 1967"، بينما قالت الاوروغواي انها ستحذو حذوهما في 2011.

ويمنح اعتراف دول اميركية لاتينية بدولة فلسطينية بحدود 1967 وزنا لبدائل المفاوضين الفلسطينيين في مفاوضات السلام مع اسرائيل.

وقالت وزارة الخارجية الاكوادورية إنها ستدعم الجهود الفلسطينية الرامية إلى قيام دولة مستقلة وحرة يعم فيها الأمن والسلم.

بوليفيا تعترف

كما أعلنت اعلنت بوليفيا الجمعة انها ستعترف رسميا بفلسطين "دولة مستقلة"، بعد البرازيل والارجنتين اللتين قامتا بهذه الخطوة والاوروغواي التي ستحذو حذوهما في 2011.

فقد صرح الرئيس البوليفي ايفو موراليس انه سيرسل رسالة الى رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس "تعترف بفلسطين دولة مستقلة وتتمتع بالسيادة".

واضاف موراليس الذي كان يتحدث في مؤتمر صحافي في ايتايبو جنوب شرق باراغواي ان بوليفيا ستبلغ الهيئات الدولية بقرارها رسميا الاسبوع المقبل.

وقال ان "بوليفيا سترسل رسالة الى رئيس فلسطين تعترف بها دولة مستقلة وتتمتع بالسيادة". واضاف "سنوجه رسميا رسالة الى الهيئات الدولية".

واتهم موراليس اسرائيل بارتكاب "ابادة عرقية في المنطقة"، مطالبا "الهيئات الدولية بتحمل مسؤولياتها لتجنب ذلك".

وكانت بوليفيا قطعت علاقاتها الدبلوماسية مع اسرائيل في كانون الثاني/يناير 2009 احتجاجا على الهجوم الاسرائيلي على قطاع غزة.

ورحب الرئيس الفلسطيني بالاعتراف البوليفي، معتبرا انه "انجاز سياسي كبير يقصر من عمر الاحتلال الاسرائيلي ويسرع في اقامة دولة فلسطين المستقلة كاملة السيادة وعاصمتها القدس الشرقية".

واضافت وكالة الانباء الفلسطينية (وفا) ان الرئيس البوليفي اجرى اتصالا هاتفيا مع الرئيس عباس "قبل ثلاثة ايام، ابلغه فيه قرار بلاده الاعتراف بالدولة الفلسطينية".

كما رحبت حركة فتح التي يتزعمها عباس، باعتراف بوليفيا "بدولة فلسطين"، معتبرة انه "يوجه رسالة دعم قوية وواضحة للحق الفلسطيني في الحرية والاستقلال ورسالة رافضة لاستمرار الاحتلال الاسرائيلي".

واكدت فتح انها "لن تبقى اسيرة التعطيل الاسرائيلي لعملية السلام ولن تعدم الوسائل ولا السبل التي ستوصلنا الى اهدافنا".

من جهتها اكدت وزارة الخارجية الفلسطينية ان "جهودها مستمرة في اميركا الجنوبية ومن خلال سفراء فلسطين هناك لحشد القدر الاكبر من الاعتراف بالدولة الفلسطينية ضمن حدود العام 1967".

وبعد توقف مفاوضات السلام، بدأ الفلسطينيون يستعرضون البدائل خصوصا من خلال المطالبة بالاعتراف بدولتهم ضمن حدود 1967.

وكان الرئيس البرازيلي لويس ايناسيو لولا دا سيلفا ابلغ عباس مطلع كانون الاول/ديسمبر ان البرازيل تعترف بدولة فلسطينية ضمن حدود 1967.

وقالت الخارجية البرازيلية في بيان على موقعها على الانترنت في الثالث من الشهر الجاري ان هذا الاعتراف هو استجابة لطلب شخصي قدمه محمود عباس الى الرئيس البرازيلي في 24 تشرين الثاني/نوفمبر.

واضافت ان "البرازيل التي تعتبر ان الطلب الذي قدمه (عباس) عادل ومنسجم مع المبادىء التي تدافع عنها البرازيل للقضية الفلسطينية، فانها تعترف عبر هذه الرسالة، بدولة فلسطينية في حدود 1967".

واكدت دعم الرئيس البرازيلي "للتطلعات الشرعية للشعب الفلسطيني الى دولة موحدة وآمنة وديموقراطية وقابلة اقتصاديا للحياة وتعيش بسلام مع اسرائيل".

من جهتها، اعترفت الارجنتين في السادس من كانون الاول/ديسمبر بفلسطين "دولة حرة مستقلة داخل حدود 1967".

واعلن وزير الخارجية الارجنتيني هكتور تيمرمان ان الرئيسة كريستينا كيرشنر وجهت مذكرة الى عباس تبلغه فيها بان بلدها "يعترف بفلسطين دولة حرة مستقلة داخل حدود 1967".

اما الاوروغواي، شريكة الدولتين الكبيرتين في اميركا الجنوبية، فقد اعلنت انها تنوي الاعتراف في 2011 بدولة فلسطين.

وقال نائب وزير خارجية الاوروغواي روبرتو كوندي ان بلاده "ستحذو بالتأكيد حذو الارجنتين عام 2011 (...) وتعمل على فتح مكتب تمثيل دبلوماسي في فلسطين".

وكان اعلان كل من الارجنتين والبرازيل اثار استياء اسرائيل التي رأت انهما يناقضان "روح الاتفاقات بين اسرائيل والفلسطينيين والتفاوض حول السلام".

وفي واشنطن، اكد مجلس النواب الاميركي في قرار "معارضته اي محاولة لاقامة دولة فلسطينية خارج اتفاق تفاوضي او الاعتراف بها" داعيا الحكومات الاجنبية الى "عدم اعلان مثل هذا الاعتراف".

واعتبرت الولايات المتحدة ان هذا الاعتراف لا يساعد في تحقيق السلام ولن يكون له سوى "اثر عكسي". وعبرت السلطة الفلسطينية عن اسفها لهذا القرار. بحسب فرانس برس.

وقال صائب عريقات رئيس دائرة شؤون المفاوضات في منظمة التحرير الفلسطينية ان القرار "يضع عقبة جديدة امام تحقيق السلام الشامل والدائم والعادل على اساس انسحاب اسرائيل الى خطوط الرابع من حزيران/يونيو 1967، واقامة دولة فلسطين المستقلة بعاصمتها القدس الشرقية".

واكد ان "الشعب الفلسطيني لن يتوقف عن السعي لنيل حريته عبر كافة القنوات والطرق السلمية المتاحة".

وكانت اسرائيل احتلت في حرب حزيران/يونيو 1967 القدس الشرقية والضفة الغربية وهضبة الجولان السورية وقطاع غزة وشبه جزيرة سيناء المصرية.

وانسحبت اسرائيل من سيناء في 1982. كما انسحبت من قطاع غزة في 2005 لكنها تفرض عليه حصارا صارما.

الارجنتين

من جهته قال وزير الخارجية الارجنتيني هكتور تيمرمان للصحفيين في بوينس ايرس "تشارك الحكومة الارجنتينية البرازيل واوروجواي شريكيها في مجموعة ميركسور الاعتقاد بأنه حان الوقت للاعتراف بفلسطين كدولة مستقلة وحرة."

وقالت وزارة الخارجية ان الاعتراف يتماشى مع جهود الارجنتين للدفاع عن "حق الشعب الفلسطيني في بناء دولة مستقلة وايضا حق اسرائيل في العيش في سلام مع جيرانها داخل حدود امنة ومعترف بها دوليا."

وقالت وزارة الخارجية البرازيلية الاسبوع الماضي ان الرئيس البرازيلي لويس اناسيو لولا دا سيلفا بعث برسالة في اواخر نوفمبر تشرين الثاني الى الحكومة الفلسطينية يبلغها بالاعتراف بدولة فلسطينية على اساس حدود ما قبل حرب 1967 .

ووفقا للحكومة الارجنتينية فان أكثر من 100 دولة اعترفت بدولة فلسطينية داخل الحدود التي كانت قائمة قبل ان تستولي اسرائيل على الضفة الغربية في حرب 1967 .

وقالت وزارة الخارجية ان الاعتراف جاء استجابة لطلب من عباس اثناء زيارة للارجنتين العام الماضي.

إسرائيل تنتقد

الى ذلك انتقدت إسرائيل بقوة الأرجنتين والبرازيل وأوروجواي لإعلانها الاعتراف بدولة فلسطينية قائلة إن هذا "تدخل مضر للغاية" من جانب دول لم تكن قط طرفا في عملية السلام بالشرق الأوسط.

وقال المتحدث باسم الخارجية الإسرائيلية ييجال بالمور إن هذه الدول "لم تقدم قط أي إسهام في العملية... وتجيء الآن لتتخذ قرارا يتناقض تماما مع كل ما اتفق عليه حتى الآن... هذا عبث."

وقال بالمور إن إسرائيل ستنقل شعورها بخيبة الأمل لحكومة الدول المعنية وإنها تحذر "أي دولة تسلك نفس المسلك" من أنها تخاطر بإثارة مزيد من التشوش بشأن إمكانات السلام.

وتعارض إسرائيل المطالب الفلسطينية باستعادة جميع أراضي الضفة الغربية والقدس الشرقية التي احتلت في حرب 1967 .

وقال داني أيالون نائب وزير الخارجية الإسرائيلي "مثل هذا الإعلان اليوم لن يؤدي إلا إلى الإضرار بعملية السلام لأنه يشجع وحسب الفلسطينيين على مواصلة التشبث بموقفهم أملا في أن تهبط من السماء أو من المجتمع الدولي معجزة تفرض نوعا من الاتفاق على إسرائيل." وأضاف لراديو الجيش الإسرائيلي "والمهم هو أن الأمريكيين أيضا لا يقبلون هذا." بحسب رويترز.

وتجاهلت معظم دول العالم إعلان الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات قيام دولة فلسطينية في عام 1988 . لكن مع تعثر عملية السلام قال عباس إن الخيارات الأخرى قد تشمل السعي لاعتراف من الأمم المتحدة وإن أقر بأن من غير المرجح أن يحظى الأمر بدعم أمريكي.

وقال صائب عريقات كبير المفاوضين الفلسطينيين إن أي جانب يؤيد حل الدولتين ينبغي أن يعترف بدولة فلسطينية على أساس حدود 1967 مضيفا أن هذا هو السبيل الوحيد لمواجهة سياسات الحكومة الإسرائيلية من استيلاء على الأراضي وأنشطة استيطانية.

وتعارض حركة المقاومة الإسلامية (حماس) التي فازت في انتخابات جرت عام 2006 وسيطرت على قطاع غزة بعد ذلك بعام التفويض الممنوح لعباس بالتفاوض على الحدود وقضايا أساسية أخرى.

وقال بالمور "هناك كيان فلسطيني في الضفة الغربية تحكمه السلطة الفلسطينية وكيان فلسطيني آخر في غزة تحكمه حماس وكل منهما لا يعترف حتى بالآخر."

ومضى قائلا "أي دولة فلسطينية تلك التي يعترف بها البرازيليون والأرجنتينيون؟ هذا غير واضح حتى بالنسبة للفلسطينيين أنفسهم."

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 2/كانون الثاني/2011 - 26/محرم/1432

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م