في ذكرى جريمة تفجير مرقد الامامين العسكريين

دروس لحماية الحاضر والمستقبل

 

شبكة النبأ: يعيش المسلمون والعالم أجمع، في هذه الايام ذكرى جريمة ارهابية بشعة، اقترفتها يد الارهاب، بالتطاول على مرقد الاماميين العسكريين في مدينة سامراء، وهي محاولة واضحة، كانت تهدف الى دفع المسلمين في العراق وخارجة، نحو دوامة العنف والاحتراف الطائفي، التي لا تبقي ولا تذر، لكي تشغل الجميع عن الاهداف السليمة، التي ينبغي أن يتحرك المسلمون نحوها، وهم يسابقون الزمن – كما يُفترض- من اجل اللحاق بركب المعاصرة، بعد أن قدم المسلمون افكارهم للآخرين، فوظفوها هؤلاء لصالحهم، فيما تخلى المسلمون عن قضية تحويل الفكر العلمي، الى منتج يخدمهم عمليا، في عالم لم يعد الكلام وحده يتسق مع متطلباته، إذ لابد للاقوال والافكار أن تقترن بالتطبيق والافعال.

وهذا ما يريد اعداء الاسلام ترسيخه في الدول والمجتمعات الاسلامية، حيث يبقى المسلمون منشغلين بالقشور، بعيدا عن الجوهر، فيما يتسابق الآخرون لتحويل الفكر العلمي، الى منتج عملي ملموس.

وجريمة سامراء، هي واحدة من الجرائم التي تريد للمسلمين، أن يبقوا في دائرة الاحتراب الى الابد، فيما يتقدم غيرهم من الشعوب والامم بأفكار المسلمين، والعقبة الكأداء التي يواجهها المسلمون دائما، هي ظهور اعدائهم من بينهم، بمعنى أن العدو من غير المسلمين واضح ومعروف، وهو يعلن عن تفسه واهدافه بوضوح، لذلك يمكن التعامل معه، بعد فهمه، وتحاشي اضراره او تخفيفها على الاقل، ولكن المشكلة هي اعداء المسلمين من بين المسلمين أنفسهم، اولئك الذين يدّعون الاسلام وتطبيق تعاليمه والتمسك بمبادئه، لكنهم في الواقع لا يتورعون، ولا يترددون، قيد أنملة، عن العمل بما لا يقبله الاسلام، ولا يقره اطلاقا، لاسيما قتل النفس من دون ذنب، وسفك دماء المسلمين، وهي جريمة كبرى عند الله تعالى.

وقد حدث مثل هذا التجاوز الكبير، عندما اقدمت مجموعة ضالة تدعى الاسلام، وتقول بالانتماء اليه، ففجرت مرقد الامامين العسكرين في سامراء، من دون أن تضع حرمة لرسول الله (ص) وذريته المطهرة، ومن دون أن تضع ادنى مكانة لتعاليم الاسلام، التي تمنع مثل هذه الاعمال، وتدعو الى تجنب العنف، واعتماد التسامح والعفو، وما الى ذلك، من قيم تقارب بين المسلمين بعضهم مع بعض، بل تقارب بين بني الانسان، بغض النظر عن نسبهم، او دينهم، او لغتهم، او تأريخهم، كما عبر عن ذلك بوضوح، امام المسلمين وسيد البلغاء، الامام علي بن ابي طالب (ع)، حين اكد على أن (الناس صنفان: إما أخ لك في الدين أو نظير لك في الخلق).

لهذا لابد أن نجعل من ذكرى هذه الجريمة الحمقاء، دروسا تفيدنا كمسلمين في حاضرنا، ومستقبلنا، لكي نحمي أنفسنا، واجيالنا القادمة، والانسانية عموما، من الافكار التوجهات المتطرفة التي تسيء للاسلام، ولتعاليمه السمحاء، التي ترتفع بالنفس، والروح الى اعلى مراتب النبل، والوئام بين المسلمين، بعضهم بعضا، وبين بني الانسان بغض النظر عن جنسه، او عرقه، او لونه، او أية فوارق وضعها الانسان بنفسه، فيما أبعدها الله تعالى، وكرّم الانسان، بالعقل، وحثه على العدل، والتعاون، والتكافل، والتعايش، والقبول بالرأي، واحترام الاديان، والعقائد، وعدم التجاوز على المقدس، كونه يشكل جانبا من حرمة الدين والانسان معا.

لقد كاد المسلمون في العراق، أن ينزلقوا الى هاوية الطائفية، بسبب هذه الجريمة الشنعاء، وهذا تحديدا ما خطط له اعداء الاسلام، باستهدافهم لمرقد الامامين العسكريين في سامراء، وهو اثارة النعرات الطائفية بين المسلمين عموما، واشعال اوار حرب ضروس لا تبقي ولا تذر، من خلال تكفير الآخرين، والتجاوز على مقدساتهم، في تحد واضح لمبادئ الاسلام، التي تحرّم التجاوز على المقدس الاسلامي، وتحث الجميع على الابتعاد عن التعصب والتزمت، واعتماد التسامح كقيمة عظمى، لا ينبغي تجاوزها، الى العنف والعنف المتبادل، وهو ما سيؤول الى سلسلة من الصراعات الشعواء بين المسلمين أنفسهم، في وقت يتقدم العالم عليهم، وينشغل بالانتاج، والابداع، والتطور الذي كان العلم الاسلامي اساسا له ولانطلاقته في دول الغرب، التي كانت غائصة في ظلام العصور الوسطى، حتى وصلها نور الاسلام، فأخرجها من ظلماتها.

لذلك على المسلمين أن يستذكروا جريمة سامراء، ومن يقف وراءها، ويعرفوا اهدافها، لكي تبقى درسا شاخصا، امام بصائرهم وعقولهم، من اجل فضح المتطرفين التكفيريين، والتزام العمل بمبادئ الاسلام، وعدم السماح بتكرار هذه الجريمة، والحفاظ على حرمة المقدس الاسلامي، من الفكر التخريبي المتطرف، لكي يبقى الجميع، في مأمن من الانزلاق الى مهاوي العنف والعنف المضاد.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 1/كانون الثاني/2011 - 25/محرم/1432

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م