العدل وحُسن الأخلاق طريق الانسان الى النجاح

قبسات من افكار المرجع الشيرازي

 

شبكة النبأ: الانسان العادل بطبعه، سيكون كيِّسا وخلوقا بطبعه ايضا، وهذا يدل على أن هناك ترابطا بين العدل والاخلاق، بمعنى أوضح، يصعب على الانسان – بغض النظر عن طبيعة عمله- أن يكون عادلا ومنصفا، ما لم يمتلك ناصية الخلق الرفيع الذي يحمي عدله، وسلوكه المتوازن مع الناس، سواء كانوا تحت أمرته في العمل، او يتطلب عمله الاحتكاك بهم والتلاقي او الاختلاف معهم.

هذا الترابط بين العدل والاخلاق، يشبه المعادلة القائمة على طرفين، فأي حالة اختلال في أحد طرفيها، يحدث اختلالا في الطرف الثاني، ولذلك لا يمكن العثور على انسان يتمتع بأخلاق جيدة، من دون أن يتحلى بصفة أو ملكة العدل، ويمكن أن نقلب هذه المعادلة فنقول، لايمكن لمن يفتقد الى العدل، أن يكون ذا اخلاق رفيعة، لأن طبيعته الظالمة، تجعله ذا طباع خشنة، قاسية، لاتعير اهتماما لمشاعر الناس، ولا لكراماتهم، لأنها أساسا لا تحترم حقوقهم، كما هو الحال مع الحكام الطغاة.

والطغاة كما يؤكد علماء النفس، نفوسهم تغصّ بالشراهة، والطمع، وحب اللذات الدنيوية، حتى لو حدث هذا على حساب مصالح وحقوق الآخرين، لهذا السبب، حبهم وطمعهم وجشعهم (يقصّر من أعمارهم)، بسبب لهاثهم المحموم خلف الملذات، لذا يتطلب الامر، صراعا ضد النفس، وضد الشيطان، الذي يدفع النفوس نحو الانحراف.

يقول سماحة المرجع الديني آية الله العظمى السيد صادق الحسيني الشيرازي (دام ظله) في كتابه الثمين الموسوم بـ (حلية الصالحين) بهذا الصدد:

(إنّ من لم يطرد الشيطان، ولم يبذل قصارى جهده في ذلك وعجز عن كبح جماح نفسه الأمّارة بالسوء فإنه يخسر دنياه وآخرته، فكثيرٌ من هؤلاء الطغاة والظلمة الذين حكموا تعسّفاً ماتوا من فرط شهوات أنفسهم الأمّارة بالسوء، فترون القليل منهم قد عمّر، فلم تدع لهم شهواتهم وتكالبهم على الدنيا مجالاً للعمر في الدنيا طويلاً).

ويؤكد سماحة المرجع الشيرازي، على ضرورة اللجوء الى مقارعة النفس، في حالة اندفاعها نحو الخطأ الذي يعني محاولة الحصول على جانب ما من المتع المادية بأنواعها، سواء تتعلق بملذات الجسد، او جمع المال، او البحث عن الجاه، والنفوذ وما الى ذلك، ولا يمكن أن يكون الانسان عادلا، اذا بقي اسيرا لرغبات نفسه وطلباتها، ويقول المرجع الشيرازي في هذا المجال بكتابه نفسه:

(إذا أراد الفرد عدم ارتكاب المعصية، فاللازم أن يخالف هواه، ومن أولويات ذلك أن يخلق وينمّي ملكة العدالة في نفسه).

وطالما أن الانسان يتحرك وينشط في وسط اجتماعي، بغض النظر عن طبيعة عمله، سواء كان ذا منصب رفيع او خلافه، فإنه يدخل في شبكة من العلاقات مع الآخرين، وهذا ديدن حياة الانسان، لذلك لابد أن يتمتع بعلاقات جيدة، مع الآخرين لاسباب كثيرة، اولها راحة البال، ومن ثم كف الاذى عن نفسه وما شابه، ناهيك عن هدف النجاح في المجال الذي يعمل به، سواء كان حاكما او محكوما، ولهذا ينبغي على الانسان أن يتوسل ربه دائما، بأن يجنبه مشاكل الآخرين، لأنهم سوف يمنعونه من تحقيق النتائج المرجوة من عمله، يقول سماحة المرجع الشيرازي في هذا المجال:

(يجدر بالإنسان أن يطلب من ربّه الكريم أن يحول بينه وبين وصول الخلافات وردود الأفعال التي تسيء إلى عشرته مع الملابسين له، ويحرص على أن تكون العلاقة بينه وبين القريبين منه والملابسين له علاقة طيّبة وكريمة لا علاقة تتبّع العثرات لإبدائها في النقد الهدّام أو الاغتياب والانتقاص أو الحسد).

ولهذا، على الانسان الذي يبحث عن النجاح في حياته (مهما كانت طبيعة الاعمال المنوطة به) أن يتمتع بالعدل مع الجميع حتى في محيط العائلة، او المدرسة، او العمل بصورة عامة، ويدعم ذلك بالاخلاق الرفيعة، ولايمكن أن يتحقق ذلك كما يقول (سماحة المرجع الشيرازي في كتابه القيّم نفسه) من دون أن يلتزم المرء بأمرين:

(الأوّل: أن يبادر هو قبل أيٍّ كان إلى أن يكون فرداً كريماً في معاشرته للآخرين، فلا يردّ عليهم باللؤم وسوء الأدب، وإنّما يعاملهم بالحسنى ما استطاع.

الثاني: أن يطلب من ربّه التكرّم عليه بأن يساعده على تحويل ردّ الملابسين - المعاشرين- له، ويبدل صدودهم بعشرة كريمة؛ ملؤها السماحة والإنصاف والعقلانية).

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 30/كانون الأول/2010 - 23/محرم/1432

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م