ارهاب القاعدة والدبلوماسية القاصرة

شبكة النبأ: في 15 تشرين الثاني/نوفمبر 2010 خاطب كل من فيكتور كومراس وأليستير ميلر وبرايان ويلسون منتدى سياسي خاص على مأدبة غداء في معهد واشنطن. السيد كومراس هو مؤلف: "الدبلوماسية القاصرة: الأمم المتحدة والحرب على الإرهاب (2010)" ويعمل كمستشار خاص لشركة إرين القانونية. والسيد ميلر هو مدير "مركز التعاون العالمي لمكافحة الإرهاب". والسيد ويلسون هو الخبير القانوني لـ "فريق الدعم التحليلي ورصد الجزاءات" لـ "لجنة عقوبات تنظيم «القاعدة» وحركة طالبان" التابعة للأمم المتحدة. وفيما يلي ملخص المقرر لملاحظاتهم.

قال فيكتور كومراس، تبرز الأحداث الأخيرة الطبيعة العالمية والدائمة للتهديد الإرهابي هذه الأيام. ولا شك أن الإرهاب العابر للحدود يعرّض السلام والأمن الدوليين للخطر ولذلك فإنه يقع مباشرة تحت اختصاص الأمم المتحدة.

واضاف، ولم تعد جماعات مثل تنظيم «القاعدة» وحركة طالبان و«حزب الله» و«حماس» و جماعة «عسكر طيبة» و"القوات المسلحة الثورية لكولومبيا" تركز فقط على قضايا محلية، بل أن امتدادها في جميع أنحاء العالم يستلزم انتباه الأمم المتحدة.

واشار فيكتور، قد ظهر الإرهاب لأول مرة على الأجندة الدولية كنتيجة ثانوية للصراع العربي الإسرائيلي. وبالفعل، فإن شبه احتكار الفلسطينيين للإرهاب خلال الستينات من القرن الماضي قد أدى إلى تعامل الأمم المتحدة مع المشكلة باعتبارها قضية محلية. لكن الأعمال الإرهابية التي حظيت باهتمام واسع لم تمتد خارج تلك الحدود حتى تموز/يوليو 1968 عندما اختطف أعضاء من "الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين" طائرة "العال" في رحلتها رقم 426 التي حملت عشرات من المواطنين غير الإسرائيليين، وهي الحادثة التي وضعت عملياً - بعد ذلك بعقود - الأساس لهجمات تنظيم «القاعدة» في 11 أيلول/سبتمبر. غير أنه حتى بعد سلسلة من عمليات اختطاف طائرات في أيلول/سبتمبر 1970 وقتل أحد عشر رياضياً خلال دورة الألعاب الأولومبية في ميونيخ عام 1972، ما يزال مجلس الأمن الدولي يمتنع عن إصدار قرار للقضاء على الجماعات الإرهابية. ولم تبدأ الأمم المتحدة في رؤية الإرهاب كشيء أكثر من كونه قضية [تتعلق بالصراع] العربي الإسرائيلي حتى: نهاية الحرب الباردة، وصياغة اتفاقيات أوسلو، وبروز تنظيم «القاعدة» في التسعينات من القرن الماضي.

وتابع، قد استحثت البيئة الجيوسياسية الدولية التي ظهرت بعد هجمات 11 أيلول/سبتمبر قيام مبادرات لمكافحة الإرهاب هي الأوسع التي قام بها مجلس الأمن الدولي. فعلى سبيل المثال، كان اعتماد القرار 1373 مباشرة بعد وقوع الهجمات، إجراءاً مؤثراً تناول حظر الإرهاب وتمويله وقدم تفويضاً للأمم المتحدة لم يسبق له مثيل لكي تعمل [وفقاً لما يتطلبه الأمر]. ومع ذلك، ما تزال نقاط ضعف القرار فاضحة، إذ أنه قد جاء كرد فعل وليس كعمل وقائي (أي يمكن استحضاره فقط في مواقف يكون فيها العمل الإرهابي قد وقع بالفعل)، كما أنه فشل في تعريف الإرهاب، وترك كل [دولة] موقعة لكي تعتمد على تفسيرها الخاص للمصطلح والعمل وفقاً لذلك.

ونوه فيكتور خلال حديثه، في حين قدم القرار رقم 1373 تفويضاً واسعاً، فرض قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1267 لسنة (1999) بالفعل عقوبات مستهدفة على تنظيم «القاعدة» والمنظمات التي تدور في فلكه وأولئك الذي يدعموه، فضلاً عن حركة طالبان. بيد، أثبت هذا القرار أن فعاليته محدودة لأنه يتعيّن تصنيف الكيانات قبل أن تستطيع الدول الأعضاء اتخاذ إجراءات ضدها، على الرغم من وجود التفويض العام ضد الإرهاب المنصوص عليه في القرار 1373. وللحفاظ على مصداقية تلك القرارات، يجب تذكير الدول الأعضاء بأن التزاماتها نحو مكافحة الإرهاب المنصوص عليها في القرار 1373 تنطبق على الكيانات المخالفة حتى لو لم تكن تلك الكيانات أو الأفراد مصنفين على وجه التحديد وفقاً للقرار رقم 1267.

ويرى فيكتور لضمان النجاح المستقبلي، ان لأمم المتحدة ستحسن صنعاً لو أنها أكملت مسيرة استراتيجية مكافحة الإرهاب خماسية المحاور [التي عرضها] الأمين العام السابق للأمم المتحدة كوفي عنان عام 2005 وهي كما يلي:

• إثناء الجماعات عن اللجوء إلى الإرهاب.

• حرمان الإرهابيين من الوسائل اللازمة لتنفيذ هجوم.

• ردع الدول عن دعم الجماعات الإرهابية.

• تطوير قدرة الدولة لمنع الإرهاب.

• الدفاع عن حقوق الإنسان في سياق الإرهاب ومكافحة الإرهاب.

واشار، في الواقع ربما يشمل برنامج الأمم المتحدة المستقبلي التكميلات التالية التي يمكن إضافتها لقائمة عنان:

• الوضوح: يجب تعريف العدو الإرهابي. ولا تتطلب مثل هذه الخطوة مؤتمراً شاملاً ولكن - على الأقل في غضون ذلك - تعريفاً مقترحاً من الدول ذات نفس التوجه بحيث يكسب هذا التعريف دعم الآخرين.

• الالتزام: يجب توليد إرادة سياسية كافية لاستهداف الجماعات الإرهابية.

• القدرة: يجب أن تكون لدى الدول الأعضاء الموارد اللازمة لاستهداف مثل هذه الجماعات.

• المساءلة: يجب أن تتعرض الدول للمساءلة إذا لم تتعقب الجماعات المدرجة [على القائمة ذات الصلة].

• التعاون: يجب تعزيز تدفق المعلومات إلى الدول التي تفتقر إلى معلومات استخباراتية مهمة لمكافحة الإرهاب.

• العواقب: يجب أن تصاحب عواقب ذات مصداقية أي فشل من قبل الدول في استهداف الجماعات المدرجة [على القائمة ذات الصلة].

من جهته قال أليستير ميلر في مداخلته، تواجه الأمم المتحدة تحديات في جهودها لمكافحة الإرهاب. ولا يزال أحد هذه التحديات هو عجز الهيئة عن مساءلة الدول الأعضاء حول فشلها في تعقب المنظمات الإرهابية المدرجة [على القائمة ذات الصلة].

واشار، مع ذلك، يمكن للأمم المتحدة أن تحقق نتائج أفضل من خلال انخراطها في الممارسات التالية:

• توفير الشرعية للعمل متعدد الأطراف، وجعل الإرهاب دوماً على أجندة السياسة العالمية، والاحتفاظ بالزخم السياسي لمبادرات مكافحة الإرهاب.

• توفير غطاء سياسي لتصرفات الولايات المتحدة حتى لا تبدو الجهود الأمريكية وكأنها قد اتُّخذت على انفراد.

• لفت الانتباه نحو أوجه القصور في الجهود الدولية لمكافحة الإرهاب، وتقديم المساعدة لمعالجة تلك الأوجه (على سبيل المثال، صياغة تشريعات لمساعدة الدول الأعضاء ذات القدرات الضعيفة).

• تيسير المساعدات بين الدول، إما على الصعيد الثنائي أو المتعدد الأطراف -- على سبيل المثال، عن طريق مجموعة الدول الثمانية G-8 (وبالنظر إلى القدرات المحدودة للأمم المتحدة، ينبغي للجهود متعددة الأطراف ألا تحل محل العمل المستهدف، سواء كان ثنائياً أو من خلال كتل).

ويرى ليستر، ان من بين النجاحات التي أحرزتها الأمم المتحدة هو ترويجها لفوائد التعاون الدولي لمحاربة الإرهاب من خلال المنظمات بين الحكومية مثل «مجموعة حملة العمل المالي الدولية» (فاتف) وصندوق النقد الدولي. بيد، فشلت الأمم المتحدة في إيلاء اهتمام مماثل للامتثال بين الدول الأعضاء. وحتى مع قيام "لجنة مكافحة الإرهاب" (1373) و"لجنة عقوبات تنظيم «القاعدة» وحركة طالبان" (1267) بمشاطرة آليات التنفيذ والالتزامات الصادرة من قبل مجلس الأمن الدولي، تفتقر هاتان اللجنتان إلى معايير متفق عليها تطبّق بموجبها قواعد أحكام عدم الامتثال. وفضلاً عن ذلك، ففي الوقت الذي أثبت القرار 1373 بأنه تفويض مهم، من غير المتوقع أن تطبق دولاً معينة (على سبيل المثال: في أفريقيا) مبادرات مكافحة الإرهاب إذا كانت تفتقر إلى أدوات للقيام بذلك. فهذه الفروق البارزة بين الامتثال وبناء القدرة والحوار والعمل ربما قد شكلت أهم العوائق لكلا اللجنتين من ناحية قيامهما باتخاذ إجراءات.

وتابع، على وجه الخصوص، فإن الدور المتصور لمجلس الأمن كــ "باني للقدرات" يمكن أن يسبب تشوشاً مقارنة بدوره المعروف بصورة أكثر كمنفذاً للقانون. وهنا تظهر شخصية منفصمة بين الأخصائي الاجتماعي والشرطي. فمجلس الأمن الدولي، كشرطي هو مسؤول عن تضييق الخناق على الدول التي لا تمتثل له، كما أن الوعي بهذا الدور ربما قد يؤدي بصورة تامة إلى منع الدول التي تسعى للحصول على معونة التنمية، من الاقتراب من المجلس خشية أن يفرض عليها الشرطي عقوبة في المقابل. وهكذا، فإنه من أجل تحسين جهود بناء القدرة يجب تعريف دوري الشرطي والأخصائي الاجتماعي بوضوح. فمثل هذا التحديد ربما يتطلب أيضاً إنشاء هيئة جديرة بالثقة تشبه "الوكالة الدولية للطاقة الذرية" تكون مسؤولة عن مراقبة جهود مكافحة الإرهاب بين [الوكالات] الحكومية، بما في ذلك تعزيز قدرة الدول الأعضاء، جنباً إلى جنب مع آليات تقديم التقارير عن مستوى الامتثال وتبادل المعلومات.

فيما قال برايان ويلسون، في عام 1999، تم إنشاء "لجنة عقوبات تنظيم «القاعدة» وحركة طالبان" بقرار مجلس الأمن رقم 1267 وهي مسؤولة عن ضمان قيام الدول الأعضاء بـ:

(1) تجميد أصول الداعمين المصنفين [كذو صلة بالإرهاب] (سواء من الجماعات أو الأفراد) ومنع تدفق المال لخزائنهم.

(2) منع سفر الكيانات المدرجة على القائمة.

(3) منع بيع الأسلحة والمواد ذات الصلة أو تزويدها أو نقلها لمثل تلك الكيانات.

وتشمل القائمة - التي تم تحديثها أكثر من أربعمائة مرة - 488 كياناً. ورغم استمرار الجدل بخصوص تعريف الإرهاب، يتفادى القرار 1267 هذا الجدل لأن تعريف الأمم المتحدة لتنظيم «القاعدة» يقع في صميم تنفيذ القرار، وليس كتعريفاً أوسع للإرهاب.

واضاف برايان، تشمل نجاحات القرار حظر السفر الذي قيد حركة الإرهابيين وجهودهم الاستقطابية، بالإضافة إلى إدراجات جديدة [على القائمة] مما دفع تنظيم «القاعدة» والمنظمات التي تدور في فلكه إلى القيام بعمليات بحث يائسة عن مصادر تمويل. غير أن مؤشراً آخر للتأثير القاسي للقرار يشمل حركة طالبان التي تعتبِر وضعها على قائمة 1267 ظلماً فادحاً لها  ويقترن شعورها بالظلم أيضاً هو طلبها رحيل القوات الأجنبية من أفغانستان. ويستلزم التحسن الملحوظ في نظام العقوبات عملية استئنافات، تم تطبيقها عند مراجعة أنشطة اللجنة، وهو ما عزز من مصداقية اللجنة في نظر الدول الأعضاء.

واشار خلال حديثه، في مساعيها لإشراك الدول الأعضاء، حققت اللجنة نجاحات كثيرة من خلال قيامها بزيارات رسمية وعقدها مؤتمرات لتوضيح عمليات الإدراج في القائمة وشطب الأسماء منها، وكذلك إدراج أسماء فردية أيضاً. وتشمل المؤتمرات ذات الصلة والتقييمات للدول الأعضاء التي تهدف إلى تقوية فعالية القائمة، هيئات متعددة الأطراف مثل الإنتربول، والبنك الدولي، وصندوق النقد الدولي، و «مجموعة حملة العمل المالي الدولية». ونتيجة لذلك يُنظر إلى اللجنة بشكل إيجابي بفضل منهجها التعاوني وليس العقابي أو "التسمية بغرض التشهير".

وينوه برايان، في الواقع وبالنظر لاعتماد القرار 1267 على المعلومات المقدمة من قبل الدول الأعضاء، لا يمكن رؤية نية القرار باعتبارها تحقيقية. ومع ذلك، لا يزال الامتثال يشكل تحدياً لأن تنفيذ هذه الهياكل القانونية الجديدة - عبر أنظمة قانونية شديدة التفرع - يستغرق وقتاً. كما أن استمرار التهديد الإرهابي لا يمثل مؤشراً عن تفشي قوانين عدم الامتثال أو وجود قوانين غير فعالة لمكافحة الإرهاب، بقدر ما يعني عن الحاجة إلى توظيف أدوات إضافية لمواجهة التهديد من زوايا مختلفة.

نبذة عن معهد واشنطن

الجدير بالذكر ان معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى بحسب موقعه الالكتروني أسس عام 1985 لترقية فهم متوازن وواقعي للمصالح الأمريكية في الشرق الأوسط. وبتوجيه من مجلس مستشارين بارز من كلا الحزبين من اجل توفير العلوم والأبحاث للإسهام في صنع السياسة الأمريكية في هذه المنطقة الحيوية من العالم.

وينقل موقع تقرير واشنطن الالكتروني إن الهدف من تأسيسه كان دعم المواقف الإسرائيلية من خلال قطاع الأبحاث ومراكز البحوث وان لجنة العلاقات الأمريكية-الإسرائيلية المعروفة بإيباك كانت المؤسسة الأم للمعهد حيث أن مديره المؤسس هو مارتن إنديك رئيس قسم الأبحاث السابق باللجنة. وتزعم المنظمة أنها اختارت مصطلح "الشرق الأدنى" لتعريف الهوية الذاتية للمعهد (بدلا من "الشرق الأوسط) لأنه المصطلح المعترف به في الخارجية الأمريكي لوصف العالم العربي والدول المجاورة.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 29/كانون الأول/2010 - 22/محرم/1432

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م