عام 2010م، شهد أحداثا كثيرة ومن أهم تلك الأحداث هي الوثائق التي
قام بنشرها موقع ويكيليكس الشهير، التي تخص وزارة الخارجية الأميركية
وهي مجموعة من الرسائل والبرقيات الدبلوماسية التي يتم إرسالها عبر
أفراد السفارات الأميركية في العالم، وقد أظهرت هذه الوثائق مدى عقلية
الحكومات والأنظمة والزعماء في المنطقة في التعامل مع الإدارة
الأميركية.
بلا شك ان حصول موقع ويكيليكس على مئات الآلاف من الوثائق السرية
لأقوى دولة في العالم في العصر الحديث أميركا، بطريقة خاصة وهي
الاختراق لموقع الوزارة ثم نشرها، هو حدث فريد من نوعه، ويمثل ضربة
لأميركا وإحراجا كبيرا لكل الأنظمة والزعماء التي كانت تثق بأميركا،
هذا الحدث النوعي كانت له تحليلات وتساؤلات عديدة منها، هل الاستخبارات
الأميركية والإسرائيلية تقف وراء نشر هذه الوثائق لاحراج بعض الأنظمة
فيما بينها وأمام شعوبها والحصول على المزيد من التنازلات؟.
هذه الوثائق لم تخل من الفضائح الصارخة ونشر غسيل الأسرار الخاصة
التي هي أشبه بعملية تعرية للأنظمة وإظهارها على حقيقتها أمام العالم
وأمام شعوبها وان كانت اغلب هذه الشعوب تعلم مسبقا بها ولكنها لا
تستطيع البوح بها خوفا من بطش الجلاوزة التي لا ترحم كبيرا ولا صغيرا
في تلك الأوطان، بينما هي في الحقيقة كما كشفتها الوثائق ترتجف رعبا
وخوفا من الإدارة الأميركية وانها ضعيفة وتابعة ومستسلمة لها.
فقد كشفت هذه الوثائق حقيقة علاقة هذه الأنظمة فيما بينها وانها عكس
ما تبدو في الإعلام المحلي من تماسك ومودة، فهي في الحقيقة تتعامل مع
بعضها بريبة وشك وبمجاملة وكذب وتشويه للآخر عند الإدارة الأميركية،
وان كل نظام يحفر للآخر، ويتسابق في تقديم نفسه بأنه الأكثر إخلاصا
وتبعية للإدارة الأميركية، والأكثر استعدادا لتقديم التنازلات، كما ان
هذه الوثائق كشفت مدى العداء الشخصي بين بعض الرؤساء والزعماء في
المنطقة.
شعوب المنطقة تابعت باهتمام شديد بعض ما حملته هذه الوثائق من
فضائح للأنظمة والزعماء لتتعرف عن قرب على طريقة تفكير وأداء هذه
الطبقة الحاكمة التي هي أسوأ مما يحدث في الشارع العام، وانها أنظمة
فاشلة في البناء بل انها تجيد فن التسقيط والتدمير للآخر دعما للإدارة
الأميركية، وانها سبب ما تعيشه الأمة والشعوب من أزمات، وبذلك سقطت
هيبة الأنظمة والزعماء عند الشعوب.
بعد هذه الفضائح؛ هل شعوب المنطقة قادرة على الاستفادة منها، ام
انها شعوب مسكينة مغلوبة على أمرها مصابة بداء النسيان السريع، بعدما
أصيبت بداء الخوف والاستسلام للأنظمة التي تتسابق لإرضاء العم سام على
حساب شعوبها وأمتها؟
وهل سيستفيد الزعماء من هذا الدرس «الفضائح» ويصحون من نومتهم،
ويثقون في شعوبهم عبر إعطائهم المزيد من المشاركة في الحكم؟.
ali_writer88@yahoo.com |