باكستان... من تأنيب الغرب الى وجع طالبان

 

شبكة النبأ: في حين يستطيع الجيش توجيه ضربات لمسلحي طالبان المرتبطين بالقاعدة فان احتواء القوى التدميرية في كبرى المدن الباكستانية يبدو مستحيلا.

فالعصابات الاجرامية والمافيا وأباطرة المخدرات وتجار الاسلحة وأصحاب الاراضي الشاسعة يدافعون بلا رحمة عن مناطق نفوذهم وفي بعض الحالات تتردد مزاعم عن ارتباطهم بالاحزاب السياسية.

وتبدو بعض المدن الباكستانية تعيش حالة من الانهيار الأمني. والمجرمين هم من يحتلون عناوين الاخبار فيها.

ولباكستان تاريخ طويل من العنف العرقي والديني والطائفي. غير ان مئات من حالات القتل المستهدف هذا العام اثارت مخاوف من تصاعد العنف وايجاد ازمات جديدة لحكومة اسلام اباد المدعومة.

وفي حين يرى أنه يتعين على الساسة العمل معا للتعامل مع المتشددين يلقي الناس اللوم على الاحزاب الحاكمة في التباطؤ في التعامل مع المتشددين ومكافحة الجريمة.

وفي حين تتبادل الاحزاب السياسية الاتهامات يلوح في الافق تهديد أمني لا يقل ازعاجا في في بعض المدن الهامة مثل كراتشي التي بها البنك المركزي والبورصة والمطار الرئيسي ومكاتب أغلب الشركات الاجنبية التي تستثمر في باكستان.

اضطرابات سياسية

إذ تواجه كراتشي العاصمة المالية لباكستان تهديدا متناميا من عدد من أخطر الجماعات المتشددة في العالم بعد أن زعزع التناحر السياسي والعرقي الاستقرار في المدينة وسهل على هذه الجماعات العمل.

فقد استهلك التناحر الساسة من الاحزاب الرئيسية في المنطقة وعطل حربهم على المتشددين في كراتشي التي يقول مسؤولون انها تسهم بنسبة 68 بالمئة في الايرادات الاجمالية للحكومة و25 بالمئة من الناتج المحلي الاجمالي.

وقال شرف الدين مؤمن مستشار وزارة الداخلية في اقليم السند وعاصمته كراتشي كل هذه الاحزاب يجب أن تعمل معا وأن تثق في بعضها البعض اذا كانت تريد لاي خطة أن تكون فعالة على الارض.

ومنظمات مثل القاعدة وطالبان الباكستانية راسخة بالفعل في كراتشي وهي نقطة عبور رئيسية للامدادات للقوات التي يقودها حلف شمال الاطلسي لمكافحة المتشددين في أفغانستان.

وتتمتع هذه المنظمات بملاذات امنة وتستفيد من شبكات تمويل في المدينة مترامية الاطراف حيث تؤهل المعاهد الدينية الشبان المتحمسين للجهاد. حسب رويترز

وأصبح التعامل مع المتشددين أكثر صعوبة بسبب السياسة العرقية المعقدة في كراتشي. فالتناحر بين الاحزاب السياسية المستمر منذ عشرات السنين مازال يؤدي الى اراقة الدماء حتى يومنا هذا.

وتمثل الحركة القومية المتحدة المهيمنة في كراتشي المهاجرين أحفاد من يتحدثون اللغة الاردية الذين هاجروا من الهند بعد تأسيس باكستان عام 1947 .

وحزب عوامي الوطني الذي يمثل البشتون هو المنافس الرئيسي للحركة القومية المتحدة على المناصب السياسية والمكاسب الاخرى.

وتقول لجنة الاتصال بين المواطنين والشرطة ان ما يطلق عليه عمليات القتل الموجهة التي تلقى المسؤولية فيها عادة على أنصار الحركة القومية المتحدة وحزب عوامي الوطني زادت الى 1132 عملية هذا العام وهو أعلى مستوى منذ 1995 .

ويعمق تزايد عمليات اطلاق النار من سيارة مسرعة وحروب المخدرات والابتزاز والاستيلاء على الاراضي حالة الفوضى في كراتشي مما يعطي المتشددين فرصة أكبر لايجاد مخابيء وجمع المال وكسب مجندين جدد والتخطيط لهجمات وشنها.

وتقع أغلب هذه الانشطة في المناطق الوعرة على أطراف كراتشي أكبر مدن باكستان مثل منطقة سوهراب جوث معقل حركة طالبان الباكستانية والمتعاطفين معها.

وتتدلى رايات حزب عوامي الوطني من مصابيح الشوارع للتذكير بمكاسب الحروب السياسية التي احتدمت في الاشهر القليلة الماضية.

ويندمج مقاتلو طالبان بسهولة بين أبناء عرقهم البشتون الذين يقيمون في مبان سكنية كئيبة مقامة على امتداد كيلومترات.

وقال خواجة ازهار حسن المسؤول بالحركة القومية المتحدة وهو يقود سيارته داخل أراضي العدو خلال فترة هدوء اذا شنت الشرطة عملية ضد المتشددين هنا فانهم سيردون بعنف. لديهم سلاح كثير.

ويقول محمد عامر رنا مدير المعهد الباكستاني لدراسات السلام ان الاجهزة الامنية تغض الطرف عن انتشار التيار الطالباني في بعض المناطق.

وقال قد لا يلفت الانتباه أن يظهر شخص في الشارع وقت الصلاة ويقول .. اغلقوا متاجركم.. واذا جاء أحد في الليل وقال .. القوا بأجهزة التلفزيون.. ويقطع الكابلات.

اتسمت الاوضاع بهدوء نسبي على مدى العامين الماضيين مع تركيز المتشددين على المدن في الشمال وفي الشمال الغربي. لكن مخاطر شن هجمات كبيرة ستتزايد اذا استمر الشلل السياسي يتيح للمتشددين فرصة للحركة.

وكان هجوم بسيارة ملغومة يوم 11 نوفمبر تشرين الثاني الجاري أعلنت طالبان الباكستانية مسؤوليتها عنه قد جاء بالقتال الى أعتاب شرطة مكافحة الارهاب في كراتشي. فقد هدم الانفجار مقر ادارة تحقيقات يجري استجواب المتشددين فيها وقتل 18 شخصا.

ويتطلب احتواء التهديد ضخ الموارد على أجهزة الامن حتى تتمكن من تحسين أنشطة جمع المعلومات والحد من عمليات الخطف والابتزاز التي توفر التمويل للمتشددين.

وقال المحلل الامني امتياز جول السلطات تحتاج فعلا للاستثمار بكثافة في الهيئات الامنية لبناء قدراتها وتوعيتها بالمستويات الجديدة للتهديد... هذا أمر حتمي.

وناهيك عن التوسع في الاستثمار حتى الاساسيات لم تعد موجودة. فيقول مؤمن مستشار وزارة الداخلية الذي أنشأ خطا ساخنا للشكاوى بشأن الجريمة وانتهاكات الشرطة أن أجهزة الامن لا تملك كاميرا واحدة في كراتشي التي يقطنها 18 مليون نسمة.

ومن المستبعد في وقت قريب جمع المال لمكافحة المتشددين. وتعتمد باكستان حاليا على قرض بقيمة 11 مليار دولار من صندوق النقد الدولي تم الاتفاق عليه في عام 2008.

ومن ناحية أخرى يدفع فشل الحكومة في تخفيف حدة الفقر وتوفير فرص عمل الشبان للانضمام للجماعات الجهادية.

وفي معهد ديني يتمايل الصبية وهم يرتلون القران. ويقول سيف الله رباني المتحدث باسم المدرسة ان التلاميذ يتعلمون أن الاسلام دين سلام.

لكنه يسارع بتوقع ما سيحدث اذا لم يجدوا فرص عمل بعد التخرج.

ويقول اذا كان هناك فقر وبطالة فان هؤلاء لن ينضموا للحركة القومية المتحدة ولن ينضموا لحزب عوامي الوطني ولن ينضموا لحزب الشعب الباكستاني. بل بالتأكيد سيتجهون الى طالبان.

صراع سياسي

من جانب آخر اذا أردت قياس مدى حدة النزاع السياسي في كراتشي العاصمة المالية لباكستان فما عليك الا احصاء الجثث في المشارح.

وقال ميراج محسن العامل بالمشرحة يوجد بين 30 و 30 جثة في بعض الاسابيع. عندما يقتل عضو باحد الاحزاب اعرف ان (الحزب) الاخر سيرد وقد يقع قتلى كثيرون اخرون.

كان محسن يحمل بطاقة مرفقة باحدى الجثث في كراتشي التي تشتهر بعمليات القتل المستهدف الذي ينحى فيه عادة باللائمة على اعضاء من الاحزاب السياسية المتنافسة. ووفرت جثة الرجل دلائل على اللحظات الاخيرة في حياته قبل ان يقتل رميا بالرصاص في مؤخرة الرأس. فالاغلال مازالت في يديه والكدمات على العمود الفقري تشير الى تعرضه للتعذيب قبل الموت.

وفي بعض الحالات تثير كراتشي اسئلة بشأن استقرار باكستان اكثر ازعاجا من وضع المناطق الحدودية الشمالية الغربية التي تعتبر مركزا عالميا للمتشددين والتي تمثل مبعث قلق كبير للغرب.

وقالت سامينا احمد مديرة شؤون باكستان بالمجموعة الدولية لمعالجة الازمات ان التوتر السياسي هو اكبر خطر يتهدد كراتشي في الوقت الحالي خاصة اذا تعرض الائتلاف الحاكم باقليم السند الذي تتبعه المدينة لضغط شديد من شأنه ان يؤدي لمزيد من العنف. حسب رويترز

واضافت كراتشي هي المركز المالي لباكستان. واذا تراجعت كراتشي ستتراجع بقية البلاد ايضا.

وتعني الاضطرابات غالبا تعطيل الناتج الصناعي وتراجع فرص جذب المستثمرين الاجانب وهي مهمة أصبحت ملحة بشكل أكبر منذ اثرت فيضانات الصيف بشدة على الاقتصاد.

ولم تشهد كراتشي الى حد كبير هجمات واسعة النطاق للمتشددين التي عانت منها مناطق اخرى في البلاد. لكن تلك الهجمات تقع بين الحين والاخر مما يشير الى أن شبكة من الجماعات المتشددة وجدت ملاذا امنا في المدينة.

وفي هجوم جريء الاسبوع الماضي دمر ما يشتبه بانه تفجير سيارة ملغومة لطالبان الباكستانية مقر ادارة المباحث الجنائية حيث كان يجري استجواب متشددين قياديين. وقتل ما لا يقل عن 18 شخصا واصيب 100 اخرون.

ويقول منتقدون ان الساسة يفتقرون الى ارادة ارساء الاستقرار في كراتشي التي يوجد بها الميناء الرئيسي بالبلاد والبورصة والبنك المركزي كما انها الممر الرئيسي للامدادات العسكرية الغربية المتجهة الى افغانستان المجاورة.

ويقول حزب الحركة القومية المتحدة المهيمن على المدينة ومنافسه حزب عوامي الوطني الذي يمثل البشتون ان بعض من اعضائهما يقومون بعمليات قتل مستهدفة لكن بدون موافقتهما ويتبادلان الاتهامات ببدء القتل.

وحزب الحركة القومية المتحدة شريك مؤثر في الحكومة الاتحادية ويمثل المهاجرين المنحدرين من متحدثي الاردية الذين هاجروا من الهند بعد انشاء باكستان عام 1947.

وربما خذل الساسة في حكومة اقليم السند والحكومة الاتحادية كراتشي لكن بعض الباكستانيين مازالوا يؤمنون بمستقبل افضل للمدينة التي تعاني من جراح الجريمة والعنف.

عمر غفور تخلى عن مكانه في شركة عالمية في الخارج وعاد الى باكستان عام 2001. وهو الان يرأس سلسلة من عيادات العيون المجانية بكراتشي التي تمولها الجمعيات الخيرية.

قال غفور ربما لا تستطيع الحكومة المساعدة. لكنني متفائل. أنا واثق من شعب باكستان.

ولدت عام 1944. بعد الانقسام أبلغني والدي ان بمقدورنا ان نحلم بمستقبل لباكستان. نحن لا نزال نتشبث بالحلم.

وفي عالم السياسة المحفوف بالمخاطر في كراتشي ينصب التركيز على سبل الافلات من فخاخ الموت. فقد أدى مقتل نائب من الحركة القومية المتحدة في اغسطس الى أعمال عنف اودت بحياة 100 شخص على مدى اسبوع.

وفي المقر الرئيسي للحركة القومية المتحدة يمرر الحراس مرايا تحت المركبات للتفتيش عن القنابل عندما يأتي الزوار. وقال الوزير الاقليمي فيصل علي سوبزواري انه واربعة مسؤولين اخرين من الحركة القومية موضوعون على قائمة اغتيال. ويقول ان زيارة دائرته الانتخابية امر ينطوي على خطورة بالغة.

وفي مقر يخضع لحراسة مشددة بالمدينة قال المسؤول الكبير بحزب عوامي الوطني شاهي سيد انه سيرحب بانتشار الجيش في الشوارع. وكان الرجل يجلس اسفل ملصق لزعماء حزب عوامي السابقين والحاليين يحمل رسالة السلام على الارض.

وقال سنكون سعداء اذا اتى الجيش الى كراتشي. اعتقد ان الجيش يجب ان يفعل ذلك في كل مكان ويقضي على مافيا الاسلحة ومافيا الاراضي ومافيا المخدرات متوقعا ان يتمكن خمسة الاف جندي من تطهير المدينة في نحو أربعة اشهر.

لكن طرقات على الباب قطعت كلام الرجل. وكان الطارق يحمل أخبارا سيئة حيث ابلغه بمقتل عضو اخر من حزب عوامي الوطني للتو برصاص مسلحين.

وقال اخو الضحية ويدعى عبد الغني انه قتل رميا بالرصاص وترك بجانب كشك لبيع السمك في السوق.

وقال أحد المشيعيين الذين تجمعوا امام منزله لا يوجد مكان آمن. أينما تجلس يمكن ان يدركك الموت. افضل شيء هو ان تحب الموت حتى تعانقه وقتما يأتيك.

هيئة رقابية

وفي ظل أطار الأسلحة النووية شددت باكستان على ان اسلحتها النووية آمنة تماما قائلة انها لن تقبل بأي  معاملة تتسم بالتمييز من شأنها ان تقوض استراتيجيتها الخاصة بالردع.

وكشفت برقيات دبلوماسية امريكية مسربة نشرت أخيرا عن قلق دولي واسع النطاق بشأن مدى سلامة الترسانة النووية الباكستانية.

وذكرت البرقيات التي نشرها موقع ويكيليكس ان الولايات المتحدة كانت تحاول سرا اقناع باكستان بالسماح لها بازالة اليورانيوم خوفا من احتمال تعرضه للسرقة او استخدامه في أغراض أخرى لكن باكستان رفضت الطلب.

وهونت هيئة الرقابة النووية الباكستانية من شأن تلك المخاوف وقالت ان اجراءاتها الامنية لا تقل عن تلك المطبقة في أي مكان اخر.

وأضافت في بيان بعد اجتماع برئاسة رئيس الوزراء يوسف رضا جيلاني تدرك باكستان تماما مسؤولياتها كدولة مسلحة نوويا وانشأت هياكل فعالة وراسخة للقيادة والسيطرة وانظمة شاملة للرقابة على الصادرات ولوائح تنظيمية. حسب رويترز

هذه (اجراءات السلامة) متوافقة تماما مع افضل الممارسات الدولية والانظمة العالمية ومعترف بها دوليا.

واجرت باكستان اولى تجاربها النووية في مايو ايار عام 1998 بعد ايام من تجربة هندية مماثلة. وهي حليف أساسي للولايات المتحدة في الحرب على القاعدة وطالبان لكن حلفاءها الغربيين عبروا بشكل متكرر عن بواعث قلق بشأن استقرارها.

وفي برقية ترجع الى سبتمبر ايلول عام 2009 عبرت بريطانيا عن "قلق بالغ" بشأن أمن الاسلحة النووية الباكستانية وقالت ان الصين التي ساعدت في بناء محطة الطاقة النووية الباكستانية الرئيسية يمكن ان تقوم بدور في ارساء الاستقرار في باكستان.

وجاء بيان هيئة الرقابة النووية قبل يومين من زيارة رئيس الوزراء الصيني ون جيا باو للهند وباكستان.

وتريد باكستان اتفاقا نوويا مدنيا مع الولايات المتحدة مماثلا للاتفاق الذي ابرمته واشنطن مع نيودلهي عام 2008 لكن واشنطن مترددة في ذلك لاسباب من بينها مخاوف تتعلق بموضوع العالم النووي الباكستاني عبد القدير خان الذي نقل اسرارا نووية الى كوريا الشمالية وايران والعراق.

وفي اشارة مستترة الى الاتفاق النووي بين الولايات المتحدة والهند عبرت هيئة الرقابة النووية عن قلقها بخصوص السياسات والاتجاهات الانتقائية والتي تنطوي على تمييز واستثناء المتعلقة بالانظمة الاستراتيجية للرقابة على الصادرات.

واضافت نها تؤكد بصورة قاطعة ان باكستان لن تقبل أي معاملة تنطوي على تمييز وترفض اي مسعى لتقويض استراتيجيتها الخاصة بالردع.

متشددون يحذرون من فوضى

وفي ظل الفوضى دعا اكبر تحالف للمسلمين السنة في باكستان، الحكومة الى الامتناع عن العفو عن سيدة مسيحية حكم عليها بالاعدام بتهمة ازدراء الاسلام، محذرا من ان العفو عنها يمكن ان يتسبب في فوضى تعم البلاد.

ويدور خلاف بين السياسيين ورجال الدين حول ما اذا كان يتعين على الرئيس اصف علي زرداري العفو عن اسيا بيبي (45 عاما) وهي ام لخمسة اولاد، حكم عليها بالاعدام في 11 تشرين الثاني/نوفمبر الماضي في حكم صدر عن محكمة في نانكانا الواقعة في ولاية البنجاب وسط البلاد على بعد 75 كلم غرب لاهور.

وفيما يتزايد عدد السياسيين المعتدلين الذي يدعمون دعوات العفو عن بيبي، نظم المحافظون الاسلاميون حملة مضادة.

وصرح صاحب زاده فضل كريم رئيس مجلس اتحاد السنة ان العفو عن بيبي سيشعل حالة من الفوضى في البلاد". واضاف ان موقفنا واضح للغاية وهو انه لا يمكن الغاء هذه العقوبة.

وقال كريم ان الاتحاد سيقود احتجاجات في كافة انحاء البلاد الجمعة ضد اي تحرك للعفو عن بيبي.

ويقول نشطاء حقوق الانسان ان قانون باكستان المتعلق بازدراء الاديان والذي يعاقب مرتكب هذا العمل بالموت، يشجع التطرف الاسلامي في باكستان التي تعد جبهة للحرب التي تقودها الولايات المتحدة ضد القاعدة. حسب فرانس برس

وكان وزير شؤون الاقليات شاهباز بهاتي قدم لزرداري طلبا للعفو عن بيبي على اساس ان القضية التي رفعت ضدها تستند الى عداوة شخصية.

وتعود القضية الى حزيران/يونيو 2009 عندما رفضت عاملات مسلمات الشرب من وعاء طلب من بيبي احضاره لهم في الحقول.

وبعد ذلك بايام توجهت تلك النساء الى رجل دين مسلم واتهمنها بالاساءة الى النبي محمد. عندئذ توجه رجل الدين الى الشرطة التي اعتقلها، وصدر حكم بحقها في الثامن من تشرين الثاني/نوفمبر.

ثمن رأس مسيحية

من جهة أخرى عرض رجل دين باكستاني قرابة 6 آلاف دولار ثمناً لرأس باكستانية مسيحية تواجه عقوبة الإعدام، بعدما أدانتها إحدى المحاكم بتهمة التجديف، والإساءة للنبي محمد، قالت مصادر باكستانية مسؤولة، في وقت سابق، إن الرئيس آصف علي زرداري، سيصدر قريباً عفواً رئاسياً عنها.

وأدان مولانا يوسف قريشي في خطبة الجمعة بمدينة بيشاور، شمال غربي باكستان، أي جهود من جانب زرداري للعفو عن آسيا بيبي أو إطلاق سراحها، مهدداً أن الملايين من اتباعه سيخرجون إلى الشوارع للتنديد إذا تم تعديل قوانين التجديف المعمول بها في البلاد.

وقال قريشي في كلمة أمام حشود: سأدفع 500 ألف روبية للتابع المخلص لمحمد من يقوم بقطع رأس آسيا بيبي، علماً أن المبلغ الذي يعادل 5800 دولار، يعادل ستة أضعاف متوسط الراتب السنوي في باكستان.

وكانت محكمة باكستانية قد أصدرت، في مطلع نوفمبر/تشرين الثاني الفائت، حكماً بإعدام بيبي، بعد إدانتها بـالإساءة إلى النبي محمد، و"التشكيك في القرآن، بينما كانت تعمل مع عدد من النساء المسلمات في حقل بإحدى القرى القريبة من مدينة لاهور بولاية البنجاب، وسط باكستان. حسب سي ان ان

وإلى ذلك، أكد مسؤول رفيع في الحكومة الباكستانية أواخر الشهر الماضي، أن الرئيس الباكستاني سيصدر قريباً عفواً رئاسياً عن بيبي.

وقال حاكم ولاية البنجاب، سلمان تاسير، في تصريحات لبرنامج "كونكت ذا ورلد"، إن الرئيس زرداري أوضح أن بيبي، لن تكون "ضحية" لقانون يجرم الإساءة للإسلام وللنبي محمد.

وتابع قائلاً: ما أعنيه أنه رئيس ليبرالي، لديه عقلية متفتحة، ولن يسمح بأن يرى هذه المرأة الضعيفة، تقع تحت طائلة القانون لتواجه عقوبة الإعدام، إن ذلك لن يحدث.

وكانت بيبي قد وقعت التماساً لطلب العفو الرئاسي، وسلمته لحاكم البنجاب، أثناء قيامه بزيارتها في السجن المحتجزة به منذ ما يقرب من 15 شهراً، وأكد أنه سيقوم بتقديم طلب الالتماس إلى الرئيس زرداري.

وقال تاسير،: إنني أريد أن أبعث برسالة قوية مفادها أننا هنا من أجل حماية الأقليات، وتابع قائلاً: إننا لا نسعى بأي شكل لأن يكونوا هم المستهدفين بمثل هذا النوع من القوانين.

وقد أثار الحكم بإعدام بيبي انتقادات دولية واسعة، مما دعا بابا الفاتيكان، بندكتس السادس عشر، للتدخل في قضيتها شخصياً، حيث طلب من السلطات الباكستانية العمل على إطلاق سراحها، كما أطلق نداءً لأجل المسيحيين الذين قال إنهم يعيشون أوضاعاً صعبة في الدولة الإسلامية.

ويشكل المسيحيون أقلية ضئيلة جداً في باكستان، ويبلغ تعدادهم قرابة مليوني شخص، أي أكثر بقليل من 1 في المائة من تعداد سكان البلاد البالغ 170 مليون نسمة، وفقاً لإحصائيات حكومية.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 28/كانون الأول/2010 - 21/محرم/1432

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م