شبكة النبأ: افرزت الانتخابات النصفية
الاخيرة في امريكا صراع مفتوح لاستباق الانتخابات الرئاسية عام 2012،
برزت من خلاله عناوين سياسية جديدة يبدو انها ستكون قادرة على كسر
احتكار الحزبين الكبيرين في الولايات المتحدة، الفيل والحمار، بعد عقود
من هيمنتهما على الساحة السياسية هناك.
حيث برز حزب الشاي كمنافس متحمس اطل خلال الانتخابات الاخيرة ليزاحم
الحزب الديمقراطي والجمهوري على حد سواء، يعزز من اهميته مراهنة بعض
الشخصيات النافذة في واشنطن، معلنة حرب سياسية جديدة سوف تندلع في
القريب العاجل، ستكون محاورها الاساسية هي الرئاسة القادمة والسياسة
الخارجية الى جانب الاقتصاد.
حرب في واشنطن
فقد قال السناتور الجمهوري المحافظ جيم دمينت إن حركة حزب الشاي ما
هي الا "قمة جبل الجليد" للتغيير السياسي وان "حربا في واشنطن" تلوح في
الافق.
وقال دمينت اللاعب المؤثر وراء مجموعة المحافظين والتحرريين التي
ساعدت الجمهوريين في الفوز بالاغلبية في مجلس النواب الامريكي في
انتخابات التجديد النصفي للكونجرس " مرشحو حزب الشاي كانوا الطاقة وراء
كل انتصارات الجمهوريين."
وأضاف دمينت "أعتقد أن ما نراه هو قمة جبل الجليد لموجة جديدة من
نشاط المواطنين الذي أعتقد أنه سيعيد تنظيم الساحة السياسية."
ودعم السناتور الذي فاز بسهولة بولاية ثانية في انتخابات الثاني من
نوفمبر تشرين الثاني مجموعة جديدة من المحافظين مثل عضوي مجلس الشيوخ
المنتخبين راند بول وماركو روبيو.
غير أنه حمل مسؤولية مساندة مرشحين لمجلس الشيوخ دعمهم حزب الشاي
وكانت احتمالات فوزهم قليلة. وربما تكون هزيمتهم في الانتخابات قد
أسهمت في منع الجمهوريين من الفوز بالاغلبية في مجلس الشيوخ. بحسب
رويترز.
وأكد دمينت أن حزب الشاي قوة محورية في الكفاح الجماهيري المتصاعد
في مواجهة الانفاق الحكومي والضرائب والعجز وهي القضايا التي ساعدت
الجمهوريين في الفوز بالاغلبية في مجلس النواب في اكبر تحول في السلطة
في الكونجرس منذ عام 1948 .
وقال دمينت "بطريقة أو أخرى انها حرب في واشنطن. هذا مفترق طرق."
وأضاف "هناك الكثير على المحك. الواضح أن الحكومة فقدت السيطرة على
برامج الانفاق."
وجرى الترويج لحركة حزب الشاي بين جماعات أخرى على يد منظمة فريدم
ووركس وهي منظمة محافظة لا تهدف للربح ساعدت في انشاء الحزب من خلال
سلسلة من الاحتجاجات الجماهيرية ضد سياسات الانفاق والاصلاح التي
انتهجها الرئيس الامريكي الديمقراطي باراك أوباما. ويرأس هذه المنظمة
ديك ارمي زعيم الاغلبية الجمهورية السابق بمجلس النواب.
وتعرض جمهوريون دعمتهم حركة حزب الشاي للهزيمة في بعض السباقات
الرئيسية بمجلس الشيوخ ومن بينهم شارون اينجل التي لم تستطع التغلب في
نيفادا على هاري ريد زعيم الاغلبية الديمقراطية بمجلس الشيوخ.
وقال محللون ان الجمهوريين كانت ستتاح لهم فرصة أقوى للفوز
بالاغلبية في مجلس الشيوخ لو كان مرشحوهم أقوى. لكن دمينت لم يعتذر.
وأضاف "ما كان يمكن أن ينتخب سناتور جمهوري واحد بدون دعم حزب الشاي."
وتابع قائلا "هذا وقت حاسم للجمهوريين في بلادنا. يجب أن نجر بلادنا
من على شفا كارثة."
ومضى يقول "لا أظن أن الناس تدرك أننا نقترض المال لنسدد الديون
التي سيحل موعد سدادها. الصين ودول أخرى تؤنبنا على سوء تصرفنا بشأن
عملتنا."
وضع اوباما
من جهته اعلن نائب الرئيس الاميركي جو بايدن في تصريح لشبكة
سي.ان.ان، ان وضع الرئيس باراك اوباما سيكون "جيدا جدا" اذا ما اضطر
الى مواجهة الجمهورية ساره بايلن في الانتخابات الرئاسية في 2012.
وكانت ساره بايلن، ابرز شخصيات التيار المحافظ المتشدد في حزب الشاي،
اعربت الاربعاء عن اعتقادها بقدرتها على التغلب على الرئيس اوباما في
2012 اذا ما قررت السعي الى الفوز بترشيح الحزب الجمهوري.
وسئل بايدن هل ينظر الديموقراطيون بارتياح الى هذا السباق، فأجاب "دائما
ما كانت امي تقول كن حذرا في ما تتمنى يا جو تحصل عليه. لذلك لا اقلل
من شأن اي كان". واضاف "لكني اعتقد انه سيتعين على البلاد ان تقوم في
هذا السباق بخيار واضح وجلي، واعتقد ان وضع الرئيس اوباما سيكون جيدا
جدا". وقال "سيكون فعلا سباقا بالغ الاهمية".
وقد استقالت ساره بايلن التي ترشحت الى منصب نائب رئيس الولايات
المتحدة في 2008، من منصب حاكم الاسكا العام الماضي ولم تعد تتسلم اي
منصب منتخب. وابرمت عقدا مع شبكة فوكس المحافظة بصفة معلق، ويبث
التلفزيون الاميركي في هذه الاثناء فيلما وثائقيا من ثمانية اجزاء
صورته بايلن عن الاسكا.
وخلال مقابلة مع شبكة اي.بي.سي لم تكشف بايلن صراحة عما اذا كانت
ستسعى للفوز بترشيح الحزب الجمهوري حتى تتواجه مع الرئيس الحالي. لكنها
عندما سئلت هل تعتقد انها تستطيع الفوز على باراك اوباما، اجابت "اعتقد
ذلك".
عامان من الشلل التشريعي
قال الرئيس الامريكي باراك أوباما ان الولايات المتحدة لا يمكنها ان
تتحمل الوقوع في شلل تشريعي في العامين القادمين في الوقت الذي تتقدم
فيه دول مثل الصين.
ودعا أوباما الى "تنحية السياسة جانبا" مواصلا لهجته التصالحية مع
الجمهوريين الفائزين وقال انه مستعد لسماع أفكارهم فيما يتعلق بتعزيز
الانتعاش الاقتصادي البطيء وتوفير الوظائف.
وقال أوباما للصحفيين قبل انطلاقه في جولة اسيوية تستمر عشرة أيام "لا
يمكن أن نقضي العامين المقبلين ونحن نواجه شللا. دول أخرى مثل الصين لا
تقف مكتوفة الايدي لذا لا يمكن أن نقف نحن مكتوفي الايدي. علينا المضي
قدما."
وجاءت تصريحات أوباما بعدما أعلنت الحكومة زيادة أكبر من المتوقع في
الوظائف في أكتوبر تشرين الاول لكنها لم تكن كافية لخفض معدل البطالة
الذي يبلغ 9.6 بالمئة.
ووصف أوباما أحدث أرقام للبطالة بأنها "أخبار مشجعة" لكنه قال انه
ما زال هناك الكثير الذي يتعين عمله لزيادة الوظائف داعيا الجمهوريين
الى العمل معه. بحس رويترز.
وخسر الديمقراطيون السيطرة على مجلس النواب وتقلصت سيطرتهم على مجلس
الشيوخ في انتخابات التجديد النصفي التي جرت يوم الثلاثاء والتي
اعتبرها الكثيرون حكما على أول سنتين لاوباما في منصبه.
وحث أوباما خلال حديثه للصحفيين يوم الجمعة على تحقيق تقدم في عدة
مقترحات قدمها بالفعل من بينها اعفاءات ضريبية لتشجيع الشركات على شراء
معدات جديدة والاستثمار في البحوث والتطوير. وكرر دعوته لجعل التخفيضات
الضريبية للطبقة المتوسطة دائمة وتمديد اعانات البطالة.
وقال "من الواضح أيضا أن أحد مفاتيح توفير الوظائف هو فتح الاسواق
أمام السلع الامريكية المصنعة بايدي عمال أمريكيين." وقد وضع أوباما
هدفا لزيادة الصادرات الامريكية الى المثلين. وقال "هذه تذكرة أيضا بأن
أهم منافسة نواجهها... لن تكون الديمقراطيين والجمهوريين" مشيرا الى
المنافسة الاجنبية.
السياسة الخارجية
من جانب آخر قالت النائبة الجمهورية ايلينا روسا انها تعتقد أن مجلس
النواب سيكون له "صوت مسموع" في السياسة الخارجية الامريكية دون الحاجة
للمبالغة في دوره أو نفوذه.
وقالت روس ليتينن في مقابلة "أعتقد أن أغلبية لجنتنا التي لم يتحدد
أعضاؤها بعد... ستكون قادرة على مساعدة الرئيس على اتخاذ موقف أكثر
صرامة مع هذه الدول."
وتحدثت قائلة "أعتقد أن هذا يقوي من يد الرئيس". وهي من أشد منتقدي
دول مثل ايران وكوبا وكوريا الشمالية وفنزويلا التي تسميها "أنظمة
مارقة".
وقالت روس ليتينن ان أوباما يمكن ان يستخدم "الكونجرس الصارم"
للقيام "بدور الشرطي الطيب والشرطي الشديد" مع دول مناهضة للولايات
المتحدة مثل ايران التي تضغط عليها واشنطن وقوى أخرى فيما يتعلق
ببرنامجها النووي.
وقالت انها تعتقد أن الولايات المتحدة في حاجة الى نقل رسالة بأنها
جادة بشأن تطبيق عقوبات على ايران التي تنفي اتهامات غربية بأن
برنامجها النووي يهدف الى صنع أسلحة نووية.
وتابعت روس ليتينن "اذا كان البلد الذي نتفاوض معه ونقوم تجاهه
بلفتات دبلوماسية سيتولد لديه شعور بأنه يمكن أن يخنقنا ولا يقابل بأي
اجراء.. أعتقد أن هذا يضر بالولايات المتحدة.
"اذا ما أوصلنا... احساسا بالضعف والافتقار الى الحسم فان وحدات
الطرد المركزي (في البرنامج الايراني لتخصيب اليورانيوم) ستظل تدور."
وفرضت الامم المتحدة على ايران أربع مجموعات من العقوبات لمضيها في
برنامجها في تحد لمطالب مجلس الامن لوقف هذه الانشطة. وتصر طهران على
أن طموحها النووي يقتصر على التوليد السلمي للكهرباء.
وبالنسبة للصين تعتقد روس ليتينن أن الكثير من أعضاء اللجنة الجديدة
للشؤون الخارجية بمجلس النواب سيساورهم قلق كبير ازاء انتهاكات حقوق
الانسان هناك.
كما أن العلاقات الامريكية الصينية المهمة تزداد تعقيدا نتيجة
انتقادات متبادلة بشأن السياسة الاقتصادية وتتهم واشنطن بكين بالابقاء
على سعر منخفض غير حقيقي لليوان لحماية صادراتها.
وتابعت روس ليتينن "الان فيما يتعلق بقضية التلاعب في قيمة العملة..
فان هذا يضيف طبقة كاملة من المخاوف المحلية والمخاوف الاقتصادية
بالنسبة لنا كذلك." وردت الصين بانتقادها للسياسات النقدية الامريكية.
وذكرت النائبة أن نوعية الاراء المتوقعة للجنة الشؤون الخارجية
الجديدة ستتوقف على تركيبتها النهائية والتي ستتحدد رسميا الى جانب
رئيس اللجنة في أوائل ديسمبر كانون الاول.
ومضت تقول "هذا يتوقف كثيرا على ما اذا كانت تركيبة لجنتنا ستكون
جمهورية ليبرالية أم جمهورية متشددة."
وأضافت "أعتقد أن العوامل المشتركة هي رعاية المصالح الامريكية
والحفاظ على سلامة أمريكا وعدم الاعتذار عن كوننا قوة عظمى والشعور
بالفخر بأنفسنا والدفاع عن حقوق الانسان."
وقالت روس ليتينن ان اللجنة ستزيد أيضا من الاشراف على البرامج
الخارجية الامريكية "لمعرفة ما اذا كانت تنجح حقا.. هل سنبغي الاستمرار
في تمويلها."
وأبدت أملها أيضا في أن تمضي اللجنة وقتا في بحث اقتراحات لاصلاح
الامم المتحدة لمحاولة تحسين الشفافية والمحاسبة في عملياتها.
وأردفت قائلة "الكثير من أموالنا تنفق هناك.. لذا علينا أن نكون
قابلين للمحاسبة أمام الشعب."
وأشارت روس ليتينن الى أن أوباما أيد هذا الاسبوع مطلب الهند القائم
منذ فترة طويلة بالحصول على مقعد دائم في مجلس الامن ورحبت بدعوته
لاصلاح الامم المتحدة قائلة انها سترغب في أن تسمع المزيد عن هذه
الاصلاحات من وزارة الخارجية الامريكية.
وقالت ان مثل تلك الاصلاحات يجب أن تشمل اصلاح مجلس حقوق الانسان
التابع للامم المتحدة الذي وصفته سابقا بأن دولا تعتبرها ذات سجل حافل
في مجال انتهاك حقوق الانسان مثل كوبا وايران وكوريا الشمالية وفنزويلا
استأثرت به.
وأقرت روس ليتينن بأن انتقادها الدائم منذ فترة طويلة لزعيمي كوبا
وفنزويلا اليساريين وقالت ان هذا لا يعني أن هذه المسألة ستهيمن على
جدول أعمال اللجنة. ووصفتها وسائل الاعلام الحكومية الكوبية بأنها
"المرأة الذئب الشرسة".
ومضت تقول "أحمل معي مشاعري وتفكيري وأفكاري لمنصب الرئيس.. لكن هذا
لا يعني أن ما أعتقد به وأتحمس له يجب أن يكون هو ما يفكر فيه الجميع
أيضا." |