شبكة النبأ: ليس عيبا أن تسقط، لكن
العيب أن لا تنهض مرة ثانية، قول جميل ينطوي على حكمة، تعمل بها الشعوب
التي تبحث عن النجاح والتطور، في خضم الصعوبات والسقطات، ولا تسمح
للقنوط أن يستولي عليها، ويعيق من حركة تقدمها الى أمام، وها قد مضى
عام 2010 أو شارف على ذلك، وكلنا نتفق على أن الثقافة العراقية، على
الرغم من مساحات التحرك الكبيرة التي توفرت لها في الداخل والخارج،
ورغم توافر اجواء الحرية في حدود مقبولة، إلا أننا نتفق ايضا، على أن
الجهات المعنية، لم تقم بالجهد الثقافي المطلوب منها.
إن تجربة السنوات الاربع، التي تحركت فيها وزارة الثقافة، في اطار
العمل المهني الملقى على عاتقها، تمخضّت عن تصورات، لدى المثقفين بصورة
خاصة، كونهم المعنيين اولا بالفعل الثقافي، وكونهم يرقبون الحركة
الثقافية، من مسافة كافية قد تعمي بصيرة من يتقرّب منها كثيرا، أو يضيع
في لجتها وتضاداتها.
نعم كنا مراقبين عن بعد، لما قامت به وزارة الثقافة - التي اصبحت
الآن سابقة- من أنشطة ثقافية متعددة، في الداخل والخارج، ونحن هنا لسنا
بصدد الحديث عن تعدد النشاطات، لأننا نتحدث، ونبحث في الجوهر أولا،
بمعنى أننا معنيون بالنتائج، قبل أي شيء آخر، ولو كان التركيز على
الشكل، والتحرك البهلواني والاعلامي فقط، فلن نصل الى ما نتمنى له، من
ملاحاظات، تهدف الى التصحيح بعد، الاستفادة من الاخطاء.
تُرى هل هناك اخطاء وقعت بها وزارة الثقافة السابقة؟: الجواب نعم،
وينبغي تلافيها في الوزارة المقبلة، وما كان لجمهرة من المثقفين، أن
يطالبوا بأصوات عالية، بإبعاد وزارة الثقافة عن المحاصصة، وتسليمها لمن
هو اجدر بها من المثقفين، لو أن الامور سارت كما ينبغي لها، وأول عيوب
الوزارة الماضية، أنها لم تستفد ممن هم أهلا للمهمات الثقافية، فركّزت
جهدها على من ينتمي لها، كموظفين يشبهون كل الموظفين الآخرين في
الوزارات الاخرى، وأعني بذلك أنهم لايمتلكون خصائص الموهبة الثقافية،
التي تساعدهم على انجاز مشاريع وأنشطة ثقافية، داخلية، وخارجية، كما هو
مطلوب.
والسبب في ذلك يكاد يكون واضحا، حيث تقاطعت الرؤى في الاذهان،
وتقاطعت الاعمال على الارض، بين المتنافسين في هذه الوزارة، من هذه
الكتلة او تلك، وكل منهم يريد أن يقول للآخر، أنا أفضل منك، وكل منهم
يريد أن يقول للمثقفين والمعنيين، أنا أفضل من يمثلكم وأنا من يقدم لكم
ما تطمحون به، وما الى ذلك من معسول الكلام، الذي قد لا يفتقد الى
النوايا الجيدة، لكنه حتما يفتقد الى الخبرة، والموهبة، والاختصاص، وما
شابه، وهذا ما فعلته المحاصصة، التي شتت جهود وأنشطة وزارة الثقافة
السابقة، على تعددها وتنوعها، في الداخل والخارج.
لهذا لا نتمنى أن يُعاد النموذج نفسه في الوزارة المقبلة، بل لايجب
أن يتكرر ذلك، وهو السبب الذي دفع ببعض المثقفين، الى طرح برلمان ثقافي
لاختيار وزير للثقافة، بيد أن السياسيين لا يمنحون للمثقفين، والثقافة
أيضا، مثل هذه الفرصة.
وعلى العموم، المطلوب من وزير الثقافة القادم كما نرى من وجهة نظر
شخصية، أن يكون جديرا بهذه المسؤولية الكبرى، وأن يقرأ بدقة ما وقعت به
الوزارة السابقة من إشكالات ومعوقات، وأن يحاول بقدر الامكان أن لا يقع
بالاخطاء نفسها، لكي نتأكد بأننا نعيش ثقافة عراقية معاصرة، قادرة على
الاسهام ببناء البلد، مثلما هو الحال مع وزارت مهمة اخرى. |