مارد النفط... العراق بين اهداف التنمية واستهداف الجوار

محمد حميد الصواف

 

شبكة النبأ: يواجه العراق خلال السنوات القليلة القادمة تحديا مصيريا في اثبات الذات وتنمية قطاعاه الحيوية من خلال الخطط الذي وضعها لنفسه مؤخرا، فيما يعول على النفط كمصدر اساس لطموحاته المشروعة في تحسين مرافقه المتهالكة، بالإضافة الى الارتقاء بالوضع المعيشي الى درجة تؤمن العيش الكريم لأفراده.

الا ان تلك المهمة بحسب المراقبين عسيرة وبعيدة المنال في حال على المدى القريب ان لم تسير الامور وفق ما هو مخطط لها، وان كانت بوادر التحسن على الصعيد الامني تضاعف من فرص وامال النجاح.

الا ان سياسات دول الجوار الاقليمي قد تحد من تلك التطلعات نظرا لتبعات سياسية واقتصادية تثير مخاوف جيران العراق، خصوصا فيما يتعلق بتجربته الديمقراطية، وما سوف يترتب على استعادة العراق لثقله الاقليمي والدولي في حال تعافى من ما يعيق ذلك.

التحول الجديد

فقد تشهد دول الشرق الأوسط المنتجة للنفط مجموعة من التحولات على صعيد هذه الثروة التي يحتاجها العالم بشدة. ومع موازاة بروز العراق من جديد كمارد نفطي مع الإعلان عن تزايد احتياطياته وسعيه لتطوير الإنتاج، تزداد الضغوط على إيران بسبب الحصار الاقتصادي الذي أخرج الشركات الدولية في وقت تحتاج فيه طهران بشدة إليها لصيانة منشأتها والحفاظ على آبارها المستنزفة.

فقد قامت وزارة النفط العراقية في أكتوبر/تشرين الأول الماضي برفع تقديراتها لثروة البلاد من النفط بواقع 24 في المائة، لتصبح 143 مليار برميل.

ولم يكتف وزير النفط العراقي، حسين الشهرستاني بإيراد هذه الإحصائيات، بل أضاف أن هذا الرقم مرشح للارتفاع كلما تطورت تكنولوجيا التنقيب ومعدات سحب النفط من الآبار.

وفي حال صدقت هذه التقديرات، فهذا يعني أن العراق بات مالك ثالث أكبر احتياطي نفطي مقدر في العالم، بعد السعودية، التي لديها 266 مليار برميل، وكندا التي لديها 179 مليار برميل، متقدماً على إيران التي لديها 137 مليار برميل.

ولكن الأرقام شيء والواقع على الأرض شيء آخر، إذ أن الأوضاع العراقية ما تزال غير مستقرة على المستويين السياسي والأمني، والبنية التحتية غير فعالة وتعاني من مشاكل كبيرة. ورغم مساعي التحديث في العراق، إلا أن المنشآت بحاجة لتطوير كثير.

ففي مصفاة الدورة، القريبة من العاصمة بغداد مثلاً، جرى تركيب وحدات إنتاج جديدة في المحطة، إلا أن بعض الوحدات التي ما تزال عاملة يعود إلى عام 1955.

وحول هذا السياق، قال عاصم جهاد، الناطق باسم وزارة النفط العراقية لبرنامج "أسواق الشرق الأوسط، "ليس لدينا الأموال الكافية للاستثمار في حقولنا، ولكن الشركات الدولية جلبت معها استثمارات فاقت مائة مليار دولار." بحسب السي ان ان.

وفي الوقت الذي تظهر فيه إشارات تحسن على القطاع النفطي العراقي، نرى أن القطاع عينه في إيران المجاورة يواجه مصاعب وتحديات جمة. فالبنية التحتية تتداعى، بينما بدأت بعض الآبار الكبيرة تُستنزف بشكل واضح، إذ أن العقوبات الدولية تزيد من الضغوطات المؤدية لإبعاد المستثمرين.

ويشرح هاري تشيلنغروريان، المحلل لدى بنك BNP باريباس أهمية هذه العقبات، بالقول: "إيران بحاجة للشركات الأجنبية والقدرات البشرية والتكنولوجية والمالية التي توفرها، ليس فقط لزيادة الإنتاج والبحث عن حقول نفطية جديدة، إنما أيضاً للحفاظ على مستوى الإنتاج الحالي وصيانة المحطات القائمة، إذ أن دون هذه الشركات سيكون التقدم بطيئاً للغاية."

وهكذا، يبدو أنه من تجربة العراق وإيران سيظهر بوضوح أن تمتع بلد ما بفرصة العوم على بحر من النفط شيء، والاستفادة منه لجني الأرباح شيء آخر كليا.

خطط الطاقة

فيما قال مسؤولون في قطاع النفط في مؤتمر للطاقة ان خطط العراق لزيادة انتاجه بشكل كبير من النفط الخام في السنوات القليلة القادمة تبدو طموحة للغاية نظرا للمشكلات الامنية وعدم الاستقرار السياسي والبنية التحتية المتهالكة في البلاد.

ويحوز العراق بعضا من أكبر الاحتياطيات النفطية المؤكدة في العالم التي قدرها مسؤولون عراقيون بنحو 143 مليار برميل ليحتل العراق بذلك المركز الرابع عالميا بعد السعودية وفنزويلا وايران.

لكن الامر سيتطلب من العراق سنوات عديدة لتحويل هذه الاحتياطيات الضخمة الى انتاج اضافي. ويبلغ انتاج العراق حاليا نحو 2.4 مليون برميل يوميا ويتوقع بعض المسؤولين في قطاع النفط زيادة كبيرة لهذا الانتاج خلال الاعوام القليلة القادمة لكن ذلك أقل كثيرا من المستهدف المعلن عند أربعة ملايين برميل يوميا في غضون ثلاث سنوات و12 مليون برميل يوميا في خلال سبع سنوات. وقال بيتر ويلز من نفتيكس بتروليوم للاستشارات "تبدو التوقعات بطاقة انتاجية كبيرة غير محتملة.

"يبدو ان توقعات الاستثمار في التنقيب مبالغ فيها وتفوق القدرات على الامد المتوسط ولا توجد حاجة ملحة لزيادة سريعة في الانتاج."

وقال ويلز ان العراق يشكل افاقا نفطية جذابة لكن سيكون من الصعب للغاية تحقيق زيادة سريعة في الانتاج. وأضاف "لا يوجد شئ مثل العراق متبقي في العالم. انه أهم مصدر جديد للامداد بكميات اضافية."

وقال عبد الكريم اللويبي نائب وزير النفط العراقي لرويترز الشهر الماضي ان العراق يمكنه زيادة طاقته الانتاجية الى أربعة ملايين برميل يوميا بحلول عام 2013 ووقع عقودا مع شركات أجنبية لزيادة الطاقة الانتاجية الى 12 مليون برميل يوميا في غضون سبع سنوات مما يجعله يقترب من مستويات انتاج السعودية.

وستأتي كميات النفط الاضافية من تسعة حقول طرحها العراق في مزادات العام الماضي من بينها الرميلة والزبير وغرب القرنة ومجنون. وستقوم بتطويرها شركات نفطية عالمية كبرى مثل بي.بي البريطانية وايني الايطالية واكسون موبيل ولوك أويل الروسية ورويال دتش شل.

وقال مسؤولون نفطيون ان العراق يفتقر الى السيولة المالية والقيادة السياسية اللازمة لتمويل وادارة مثل هذه الزيادة في الانتاج. وأجرى العراق انتخابات عامة في مارس اذار لم تسفر عن فائز واضح ولا يزال حتى الان بدون حكومة جديدة.

وقال عصام الجلبي وزير النفط العراقي السابق ان نقص المياه والسيولة اللازمة لبناء منشآت التخزين وخطوط الانابيب البرية اضافة الى الفساد والمشكلات الامنية كل ذلك يشكل عقبات رئيسية.

وأضاف "لم أجد بعد شركة عالمية تعتقد أن العراق يمكن أن يصل انتاجه الى 12 مليون برميل يوميا." مضيفا أن انتاج ستة ملايين برميل يوميا يبدو أكثر واقعية. وقال محللون في قطاع النفط ان العراق يهدف من وراء التوقعات المتفائلة بزيادة ضخمة في انتاجه النفطي الى دعم موقفه في منظمة أوبك للحصول على حصة انتاج أعلى من أعضاء كثيرين في المنظمة عندما يتحدد له مجددا سقف للانتاج. والعراق هو العضو الوحيد في أوبك الذي لم يتحدد له سقف انتاج بعد سنوات من العقوبات والحرب.

مهندس مستقبل النفط

فيما يرى بعض المحللين ان رجاحة عقل الشهرستاني وهو عالم نووي ساعدت على ابرام صفقات مع شركات نفط اجنبية قد تسهم في زيادة انتاج العراق من النفط الى اربعة امثاله.

ولدى العراق خطط طموح لزيادة طاقة الانتاج من 2.5 مليون برميل يوميا الى 12 مليون برميل يوميا خلال السنوات الست أو السبع المقبلة لكن محللين يشكون في ذلك ويقولون ان انتاجا بين ستة وسبعة ملايين برميل يوميا هدف أكثر واقعية.

وداخل العراق تشمل العقبات التي تعترض تنفيذ خطة الشهرستاني الافتقار للامن والقوانين العتيقة وتداعي البنية التحتية والانقسامات الطائفية.

وقال بيل فارين برايس من بتروليوم بوليس انتليجنس "كان الشخص المناسب للاضطلاع بالمسؤولية خلال جولات المناقصات لانه لا يمكن لاحد ان يشتريه.

"لكن هل هو الشخص المناسب لتولي المسؤولية خلال مرحلة التنفيذ حين تحتاج شخصا يفهم الصناعة ويمكنه ان ينجز المهام؟"

فيما يخص شركات النفط الدولية فان وجوده يرقى لتعهد بالوفاء بالعقود التي ابرمها في غياب ضمانات رسمية نظرا لعدم صدور قانون النفط والغاز الجديد في العراق بعد.

وبالنسبة للاكراد الذين ابرموا عقود نفط وصفتها بغداد بانها غير دستورية فان الشهرستاني هو العدو الاول.

وقال سامويل تشيزوك محلل الطاقة في اي.اتش.اس "يبدو الشهرستاني ضمانة للاستمرار من وجهة نظر الشركات التي تستثمر في جنوب العراق.

"بنى (الشهرستاني) سمعة بصفته تكنوقراطيا متمكنا وحليفا (لرئيس الوزراء نوري) المالكي ولكنه اضحى ايضا خصما للفصائل الكردية لضغطه بقوة من اجل مد السيطرة الوطنية لتشمل موارد النفط والغاز في المنطقة الكردية."

ولد الشهرستاني في عام 1942 ودرس في بريطانيا وروسيا وكندا وكان مستشارا علميا بارزا للجنة الطاقة الذرية العراقية. القي القبض عليه في عام 1979 بسبب انشطته ضد الديكتاتور السابق صدام.

وحسب روايته جرد من ملابسه وعلق في السقف من رسغيه وعذب بصدمات كهربائية والضرب المبرح. وقال انه كان يردد المعادلات الرياضية لمساعدته كي يتحمل التعذيب.

وبعد ان قضى سبعة اشهر في السجن اخذ ليمثل امام برزان التكريتي الاخ غير الشقيق لصدام الذي عرض عليه العمل في برنامح سري للاسلحة النووية في العراق. ونقل الشهرستاني عن التكريتي قوله ان اي شخص يرفض خدمة بلاده لا يستحق ان يحيا.

وذكر الشهرستاني الواقعة في كتابه (الهروب الى الحرية) الذي الفه في عام 1999 وروى انه اجابه قائلا ان ما يطلبه ليس خدمة للبلاد. وفي النهاية حكم عليه بالسجن لمدة 20 عاما وامضى 11 عاما في السجن من بينها فترة في سجن انفرادي.

وهرب الشهرستاني من سجن ابو غريب الشهير حين تساقطت عليه القذائف اثناء حرب الخليج الاولى في عام 1991. وهرب مع اطفاله وزوجته الكندية الى ايران حيث اشرف على جماعة تساعد اللاجئين العراقيين.

وعاد الى العراق في عام 2003 ورفض عرضا لرئاسة حكومة مؤقتة قبل ان يصبح وزيرا للنفط في عام 2006.

وتتباين اراء من عملوا مع الشهرستاني في الرجل الذي تبني خطا متشددا مع شركات النفط التي توافدت لتطوير أكثر حقول النفط الواعدة في العالم رغم افتقاره للخبرة في مجال صناعة الطاقة.

ويقول ساسة ومسؤولون نفطيون انه تبنى موقفا صارما في محاربة الفساد حين تولى وزارة النفط واشيد باجرائه مناقصات على درجة كبيرة من الشفافية. والشهرستاني شيعي متدين يعيش حياة بسيطة ولم تغيره الفترة التي امضاها في الوزارة الى حد ما.

وقال مسؤول تنفيذي اجنبي في شركة نفط "التقيت السيد الشهرستاني في عام 2006 في لندن ولم يكن يبتسم حينذاك. كان ذلك قبل ان يبرم اي عقود. قابلته مرة اخرى العام الجاري في بغداد بعدما ابرم عقودا ولم يكن يبتسم ايضا." يقول منتقدون انه لا يقبل النصح.

وثمة خلاف دائر بين الحكومة المركزية وحكومة منطقة كردستان منذ أشهر بشأن صفقات وقعتها كردستان مع شركات نفط اجنبية. وقال الشهرستاني مرارا ان هذه العقود غير قانونية ليعاديه كثيرون.

ويأمل المسؤولون الاكراد في حدوث انفراجة خلال محادثات تشكيل حكومة عراقية جديدة تقود لاتفاق لدفع مبالغ للشركات واستئناف الصادرات من منطقتهم رغم الشكوك التي تحيط بتغيير الشهرستاني موقفه.

وقال مسؤول نفطي يعمل معه عن كثب "حين يقول لا.. تكون لا. سيتوصلون لحل وسط ولكن لن يتراجع البتة عما قاله من قبل."

وكان الشهرستاني قد اعلن أنه يتوقع سقف انتاج لا يقل عن حصة السعودية أكثر دول المنظمة نفوذا. واعفي العراق في نظام حصص الانتاح التي وضعته أوبك لتحديد مستوى الامدادات في السوق بسبب تبعات الحرب والعقوبات.

ومع بدء العراق اعمال تطوير غير مسبوقة سيتعين على أوبك في مرحلة ما ان تعيد العراق لصفوفها للحيلولة دون زعزعة استقرار السوق نتيجة طرح ملايين من البراميل الاضافية.

ومن شأن تنامي القوة النفطية للعراق ان يزعج السعودية التي تنتابها الشكوك بالفعل نتيجة الهيمنة السياسية للاغلبية الشيعية في العراق منذ الاطاحة بصدام السني.

كما يحتمل ان تثير زيادة انتاج العراق توترا مع ايران ثاني أكبر منتج في أوبك. وتقود زيادة الانتاج العراقي لانخفاض الاسعار وتفقد دول اخرى حصصا في السوق.

وقال الشهرستاني انه ما من حاجة لاجراء محادثات بشأن حصص الانتاج في أوبك قبل أن يصل انتاج بلاده لما بين اربعة وخمسة ملايين برميل يوميا وهو ما قد يتحقق خلال عامين أو ثلاثة أعوام.

وقال تشيزوك "من الواضح أن قضية حصة العراق في أوبك ستكون ذات اهمية استراتيجية للعراق. اعتقد ان علينا ان نتوقع ان تتعقد المفاوضات جدا حين نصل اليها وسيعتمد ذلك حينئذ عما ستبدو عليه امكانيات العراق في هذه المرحلة."

كردستان العراق

في سياق متصل قال وزير النفط العراقي حسين الشهرستاني إن من المفترض أنه تمت تسوية الخلاف بين اقليم كردستان والحكومة المركزية العراقية بشأن تصدير النفط وان الاقليم سيبدأ ضخ الخام للتصدير في أوائل عام 2011.

ودخلت منطقة كردستان شبه المستقلة في شمالي العراق في نزاع مع بغداد أدى الى توقف صادراتها من النفط العام الماضي. وتعتبر الحكومة المركزية العقود التي وقعتها حكومة كردستان مع شركات أجنبية لتطوير حقول النفط الشمالية غير قانونية.

وقال الشهرستاني للصحفيين في بغداد عند سؤاله ان كانت قد تمت تسوية الخلاف بين الحكومتين الذي أدى الى وقف الصادرات العام الماضي ان الاقليم الشمالي يمكنه انتاج 150 ألف برميل يوميا في العام المقبل. وقال ان كردستان ستبدأ تسليم النفط في مطلع العام المقبل. وأضاف أن الاقليم أبلغ الحكومة العراقية أن بامكانه انتاج 150 ألف برميل يوميا في العام المقبل.

ووقع العراق عقودا مع شركات نفط أجنبية كبرى بهدف زيادة طاقته الانتاجية الى نحو 12 مليون برميل يوميا من 2.5 مليون برميل يوميا حاليا. وسيكون الانتاج من المنطقة الكردية هاما لدعم الصادرات التي يعتمد عليها العراق وتشكل نحو 95 في المئة من ميزانيته.

وتصر بغداد على السيطرة على موارد الطاقة في العراق بما فيها حقول النفط في الاقليم الكردي. وقال الشهرستاني ان العقود التي أبرمتها حكومة كردستان مع شركات نفط أجنبية مثل دي.ان.أو النرويجية غير قانونية.

وأبلغ وزير النفط في حكومة كردستان رويترز في 25 نوفمبر تشرين الثاني أن حكومته تتوقع الحصول على اعتراف بعقودها النفطية من حكومة جديدة في بغداد وأنه واثق من أن النفط سيتدفق من الاقليم بحلول مطلع العام الجديد.

وبين بغداد وأربيل عاصمة المنطقة الكردية خلافات منذ أمد بعيد حول الارض وموارد النفط واقتسام الايرادات ومستحقات الشركات الاجنبية.

وقال الشهرستاني إن بغداد ليست قلقة بشأن العقود. وأضاف أنه ينبغي على شركات النفط التي تعمل في كردستان أن تقدم ايصالات المعدات وغيرها من النفقات للحكومة المركزية.

وقال انه ستجري مراجعتها واذا كانت مقبولة ومعقولة مثل بقية العقود التي أبرمت في بقية أنحاء العراق فان التكاليف ستدفع للشركات.

وقال الشهرستاني أيضا ان العراق وقع عقودا لبناء أربعة موانئ عائمة جديدة في الخليج وسيكون اثنان منها جاهزين للخدمة بحلول نهاية العام القادم مما يساعد على دعم الصادرات. ولم يدل بمزيد من التفاصيل.

وسجلت شركات نفط عالمية زيادة في الانتاج بالفعل في بعض حقول النفط العراقية لكن محللين يشككون فيما اذا كانت البنية التحتية المتهالكة للتصدير قادرة على مواجهة الزيادة في الانتاج.

وقال الشهرستاني ان انتاج النفط بدأ يرتفع لكن منشات التصدير في الخليج لا تزال دون المستوى المطلوب. بحسب رويترز.

وأضاف أن الاتفاق النهائي مع رويال داتش شل وميتسوبيشي اليابانية لاستغلال الغاز من الحقول الجنوبية لم يقدم بعد لمجلس الوزراء للموافقة عليه.

وستقوم الشركتان بمقتضى الاتفاق الذي تبلغ قيمته 12 مليار دولار بجمع الغاز الطبيعي المصاحب لعمليات استخراج النفط والذي يتم حرقه حاليا في الحقول ومن بينها حقل الرميلة العملاق بهدف تعزيز طاقة توليد الكهرباء. ويحرق العراق مليار قدم مكعبة يوميا من الغاز.

مشاريع الطاقة

الى ذلك حث العراق الشركات الاجنبية التي تدرس تقديم عروض لتنفيذ مشروعات للطاقة على التخلي عن مخاوفها بشأن الامن وضعف الاطار القانوني والاستثمار في بلد متعطش للكهرباء.

وأبلغ حسين الشهرستاني  الذي تولى منصب نائب رئيس الوزراء لشؤون الطاقة الشركات المهتمة بتقديم عروض لانشاء أربع محطات جديدة للطاقة ان الطلب على الكهرباء في العراق زاد بنسبة 10 بالمئة منذ سقوط حكومة صدام في 2003 .

ويحاول العراق اجتذاب مستثمرين لاعادة بناء البنية الاساسية المدمرة مع سعي البلاد للتعافي من سنوات من العنف الطائفي. وانقطاع الكهرباء المتكرر من أكبر شكاوى المواطنين العراقيين.

وقال الشهرستاني في غرفة مزدحمة بمقدمي العروض المحتملين لمشروعات للطاقة " صحيح انكم تسمعون عن بعض الهجمات التخريبية التي تقع في العراق وبعض القوانين التي لا تشجعكم... لكن عليكم ان تنظروا الى الامكانات المتاحة في البلد."

وبينما تراجع العنف في العراق بشدة منذ ذروة الحرب الطائفية في 2006 و2007 فان تمردا عنيدا ما زال يشن هجمات يومية تشمل تفجيرات في ابراج لخطوط نقل الطاقة الكهربائية.

وتوصل العراق الى سلسلة اتفاقات مع شركات نفط عالمية لتطوير حقوله النفطية الغنية لكن قطاعات اخرى تعثرت لأسباب منها ان المستثمرين يشعرون بالقلق من قوانين الاستثمار بالعراق.

ويسعى العراق الى بناء محطات جديدة لتوليد الكهرباء في أربع محافظات هي المثنى والديوانية والبصرة وميسان وتركيب وتشغيل تربينات اشترتها الحكومة بالفعل من شركة جنرال الكتريك. وستشتري الحكومة الكهرباء من الشركات لتوزيعها على الشبكة الوطنية.

وقال الشهرستاني ان أكثر من 20 من بين 33 شركة حضرت اجتماع اشترت كتيبات شروط التعاقد. ومن المقرر تلقي العروض في غضون شهر. وبعض التربينات التي تم تركيبها في الاونة الاخيرة سيتم تشغيلها بالنفط الى ان تتحسن امدادات الغاز الطبيعي.

ويأمل العراق في ان يؤدي عقد قيمته مليارات الدولارات مع رويال داتش شل وشركة ميتسوبيشي اليابانية الى استخدام الغاز الذي يجري حرقه في حقول النفط الجنوبية في تعزيز طاقة توليد الكهرباء. ويحرق العراق مليار قدم مكعبة من الغاز يوميا.

وقال مسؤولون ان المحطات الاربع من المنتظر ان يكتمل بناؤها في غضون عامين من موعد موافقة الحكومة على العقود النهائية والذي من المتوقع ان يكون في اواخر مايو ايار من العام القادم.

وقال عادل حميد مستشار الشهرستاني "انها ستضيف 2750 ميجاوات الي الشبكة الوطنية، وهي ضمن خطط لاضافة أكثر من 12000 ميجاوات ستكون جاهزة في عامي 2012 و2013."

وتأمل الوزارة بانتاج 20 ألف ميجاوات من الكهرباء في الاعوام الاربعة الي الخمسة القادمة لتلبية طلب متزايد. وقال بعض المستثمرين المحتملين ان عملية اعداد المناقصة كانت سيئة التنظيم وان شروط التعاقد لن تشجعهم على تقديم عروض.

محافظة الانبار

من جانبها تطالب محافظة الانبار في غرب العراق بسيطرة أكبر على احتياطات النفط والغاز الضخمة المحتملة قبل مناقصة لتطوير حقول للغاز تجري الاسبوع الحالي تشمل مكمن عكاس في المحافظة الصحراوية الشاسعة.

ورفض مجلس محافظة الانبار خطة بغداد بشأن المناقصة بسبب احتمال تصدير الفائض من الغاز وهي خطوة قد تدفع الشركات للعزوف عن المشاركة في مناقصة مكمن عكاس في العشرين من شهر أكتوبر تشرين الاول الجاري.

وتعكس معارضة الانبار حالة عدم الرضا في معقل السنة في العراق عن الحكومة المركزية التي يقودها الشيعة حيث أدى وجود خليط من الفصائل الدينية والعرقية الى تفجر اعمال عنف دموية عقب الغزو الذي قادته الولايات المتحدة للعراق في 2003.

وسجلت 13 شركة اجنبية بينها توتال الفرنسية وايني الايطالية اسماءها للمشاركة في المناقصة على حقل عكاز وحقل المنصورية في محافظة ديالى وحقل سيبا في البصرة في الجنوب والتي تتمتع بسلام نسبي. بحسب رويترز.

وتقدر الاحتياطيات الاجمالية للحقول 11.23 تريليون قدم مكعبة من الغاز وتقدر احتياطيات مكمن عكاس وحده بنحو 5.6 تريليون قدم مكعبة.

وقال محافظ الانبار قاسم عبد "نحن ضد (توجهات) التي تتبعها الحكومة المركزية وسوف نقف ضد أي عقد يتم ابرامه بين الحكومة المركزية مع أي شركة في العالم. "نحن لدينا رؤيتنا الخاصة حول كيفية تطوير الحقل."

وتشهد الانبار التي تقطنها اغلبية سنية هدوءا نسبيا منذ ان انضم شيوخ العشائر للقوات الامريكية لطرد مسلحين في عامي 2006 و2007 من المحافظة التي خضعت لسيطرة القاعدة في السنوات التي اعقبت الاطاحة بالديكتاتور صدام.

ويحتاج العراق لاستغلال ثروته الضخمة من النفط والغاز بعد عقود من الحروب والعقوبات الاقتصادية. وتمثل عائدات النفط نحو 95 في المئة من الميزانية الاتحادية.

وفي العام الماضي اجرى العراق مناقصة لعقود 11 حقلا نفطيا كبيرا وابرم صفقات من شأنها ان ترفع طاقة الانتاج الى أربعة أمثالها لتقترب من انتاج السعودية البالغ 12 مليون برميل يوميا. وفي الآونة الاخيرة رفع العراق تقديراته لاحتياطيات الخام الى 143 مليار برميل.

وقال وزير النفط حسين الشهرستاني ان العراق ربما يملك مليارات براميل نفط اخرى بصفة خاصة في صحراء الانبار التي لم يجر التنقيب فيها.

ويعانى قطاع الغاز في العراق من الاهمال الى حد كبير. ويتم حرق الغاز المصاحب لانتاج النفط لكن الحكومة تريد وقف هذا الاهدار والاستفادة من احتياطيات الغاز غير المستغلة.

ولم يتم اجراء تقييم كامل لامكانات انتاج الغاز والنفط في الانبار وتتركز حقول النفط المستغلة في العراق في الجنوب والشمال.

وقال جاسم محمد رئيس مجلس محافظة الانبار "نحن نطالب وزارة النفط ببدء عمليات الاستكشاف في محافظة الانبار لانه ليس من العدل أن يتم تطوير وبدء الانتاج في الحقول النفطية لبعض المحافظات بينما يتم تجاهل مليارات من احتياطي الخام تملكها محافظة الانبار."

وحذرت السلطات في الانبار من انها سترفض توفير الحماية للشركات الاجنبية العاملة في مكمن عكاس وستلجأ لجميع الوسائل بما في ذلك العصيان المدني اذا تجاهلت حكومة بغداد مطالبها.

وقال سعدون عبيد نائب رئيس مجلس المحافظة "الانبار غنية باحتياطيات ضخمة من النفط والغاز ولكن وزارة النفط تفضل القيام بأعمال الاستكشاف في محافظات اخرى وتتجاهلنا بدون سبب مقنع."

وتقول الحكومة المركزية ان القانون يمنحها وحدها حق ابرام عقود لاستغلال موارد الطاقة لكن بعض المحافظات رفضت ذلك.

وثمة نزاع بين بغداد ومنطقة كردستان التي تتمتع بما يشبه الاستقلال بشأن العقود التي وقعها الاكراد مع شركات لتطوير حقول شمالية وتصف بغداد العقود بانها غير قانونية.

واتهمت وزارة النفط العراقية مسؤولين محليين والشرطة المحلية بمحافظة واسط بمحاولة الاغارة على حقل الاحدب الذي تطوره شركة البترول الصينية سي.ان.بي.سي .

وانتقد المتحدث باسم وزارة النفط عاصم جهاد موقف الانبار الذي جاء قبل المناقصة بوقت قصير.

وقال "تلك التصريحات وفي هذا الوقت تكون مضرة للاقتصاد العراقي ومضرة بالجهود التي يبذلها العراق لاجتذاب الاستثمارات الاجنبية للنهوض بالقطاع النفطي."

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 25/كانون الأول/2010 - 18/محرم/1432

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م