لماذا تُحجب بعض المواقع الالكترونية المعتدلة؟

موقع شبكة النبأ المعلوماتية نموذجا

 

شبكة النبأ: في عالم اليوم، أصبحت المعلومة متاحة، عبر وسائل اتصال متعددة، ومع ذلك لا نزال نسمع، أو نقرأ، هنا وهناك، خبرا عن بحجب الموقع الفلاني، في هذه الدولة أو تلك، عن القراء، تحت اسباب وتبريرات لا ترقى الى القبول.

تُرى ما هي الاسباب والدوافع، التي تقف وراء حجب بعض المواقع الالكترونية المعتدلة؟ ولماذا تنحو بعض الدول هذا المنحى، مع أن متطلبات العصر، تستوجب التعاطي مع الاعلام الحر، وفتح الآفاق أمام المعلومات، والآراء المتعددة بصورة متواصلة، بل لابد أن تتاح مساحات جيدة، للجدل الحر المتبادل الذي يعتمد الوسطية والاعتدال.

ولكن –كما تشير الوقائع- أن بعض الدول، ذهبت الى اسلوب حجب المواقع الالكترونية، في محاولة لعزل مجتمعاتها عن الآخرين، وحجب المعلومة والآراء المتعددة عنهم، وهو اسلوب دأبت عليه دول تقودها أنظمة سياسية تخشى شعوبها حتما، وإلا ما الداعي لهذا التخوّف اللا مبرر في غلق النوافذ المعلوماتية أمام شعوبها سوى الخوف منها؟ وكلنا سمعنا وعرفنا، أنك حين تخشى شيئا (معلومة او كتابا او فكرا) عليك أن تعرفه بنفسك، لكي تعرف كيفية تجنبه واتقاء مخاطره، لا أن تهرب منه، وحجب المواقع الالكترونية، بهذا المعنى، تشكّل عملية هروب واضحة، من مواجهة سيول المعلومات والآراء التي تكتسح العالم، شاءت الأنظمة الأحادية الدكتاتورية أم أبت.

لقد حُجب موقع (شبكة النبأ المعلوماتية) في بعض دول الشرق الأوسط، وهي دول اسلامية تقودها أنظمة سياسية همها الاول هو الحفاظ على نفسها، ومناصبها ومكاسبها، إذ ترى في الآراء الأخرى المنفتحة، وسائل خطر تهدد مصيرها، أما الدول والانظمة التي لا تخشى شعوبها، فإنها على العكس من ذلك، تشجع المواقع ذات النهج الوسطي المعتدل، كما هو الحال مع موقع النبأ، الذي حرصت إدارته على اتخاذ الوسطية والاعتدال منهجا لها وشرطا أساسيا من شروط النشر فيه.

ولكن ضيق الأفق لبعض الانظمة السياسية، يدفعها الى تجنب حتى الوسطية والاعتدال، بمعنى أنها تريد الجميع معها، ومع منهجها، ويوافقها على سلوكها وتوجهاتها، أما من يختلف معها، حتى لو كان الاختلاف ذا سمة معتدلة، فإن هذه الانظمة ترى فيه مصدر خطرٍ عليها، ولهذا تلجأ الى حجب مثل تلك المواقع، ومنها موقع النبأ، الذي حاول جهد الامكان أن يتخذ من الاعتدال والهدوء، طريقا لا تراجع عنه.

لقد كانت سياسة موقع النبأ ولا تزال وسوف تبقى، معتدلة وذات طابع مهني بعيد عن الصخب، والاثارة الجوفاء، لأنه موقع اعلامي ثقافي، له رسالة انسانية واضحة المعالم، يحاول توصيلها الى الجميع، باسلوب منهجي معاصر، يتخذ من الصدق، والحقيقة، شرطين لا يمكن تجاوزهما او الاخلال بهما، كما انه يهدف الى تنوير القارئ في شتى المجالات، والميادين السياسية، والاقتصادية، والدينية، والعلمية، والانسانية على نحو عام، بطرائق لا تخدش الآخرين، ولا تتعرض لهم بالإساءة قط، وهي سياسة اتبعتها ادارة هذا الموقع، كنهج دائم في توصيل المعلومات للقارئ، ولهذا كان على الدول، او المناطق، التي حُجب فيها هذا الموقع، أن تكون أكثر انفتاحا مع شعوبها، في عصر اعلامي سريع ومتدفق، حيث أصبح العالم، غرفة واسعة يجلس فيها الجميع مع الجميع، ويبدآن لغة الحوار الوسطي، المعتدل، بدلا من نهج الانغلاق والتحجر.

ومن الأهداف المهمة التي أخذ موقع النبأ على عاتقه توصيلها الى الجميع، هو مبدأ الاصلاح، والتغيير والبناء، عبر رسالة انسانية، تحاول أن تسهم في تذليل العقبات، التي تواجه الحكومات، والشعوب معا، بمعنى أن موقع النبأ لا يبخل بإيصال التجارب والمعلومات المعاصرة التي تحاول أن تساعد الحكومات الخائفة من الحرية، والتي تتعامل مع الآخرين على أنهم اعداء، بدلا من أن تتخذ منهم عبر الحوار والتحرر عناصر قوة ودعم.

 كذلك الحال مع القارئ العادي، حيث دأب هذا الموقع على تبصير بسطاء الناس بما يتعلق بحقوقهم، وحرياتهم، والمطالبة بها، وكيفية ممارستها، وهي حق تكفله لها الاديان، والشرائع، والاعراف، والاخلاق، والقوانين الوضعية، المتمثلة بالدساتير المصوَّت عليها من لدن الشعوب، وهي بمثابة العقد المبرم بين الحاكم والمحكوم، ولسنا هنا بصدد الدساتير الصورية، التي يأمر الحاكم بكتابتها لصالحه ويصوت عليها ممثلو هذا الشعب او ذاك صوريا، وهو أمر يتكرر في الدول التي تحكمها انظمة دكتاتورية.

ولذلك نتساءل هنا، لماذا تقوم بعض الدول بحجب مواقع اعلامية ثقافية، كموقع النبأ؟ وهو موقع – كما سبق القول- معتدل، ينتهج الوسطية، والايجابية، ويبتعد عن التوتر والاثارة المتبادلة، وما الى ذلك من اساليب، لا تخدم الرسالة الاعلامية، في أي حال من الاحوال، إننا نرى بأن موقعا كهذا، ينبغي على السلطات التي تحجبه، أن تعيد حساباتها بهذا الصدد، وأن تدعمه وتتعامل معه بايجابية، تتسق مع رسالته الايجابية، التي تهدف اولا وأخيرا الى التنوير، وايصال المعلومات وجعلها متاحة أمام الجميع، بطرق واساليب وأنهاج، لا تجرح ولا تحرج أحد ولا تتجاوز على حقوق الغير.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 25/كانون الأول/2010 - 18/محرم/1432

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م