التغييرات المناخية... بداية النهاية للأجناس الحيوية

 

شبكة النبأ: لعلنا ندين لتغيرات المناخ بالفضل والعرفان، بالرغم ما فعالته الكوارث الطبيعية التي أدت الى قتل الملايين وانتشار الأمراض بالإضافة الى انها ما زالت تعتبر تهديدات لنهاية العالم وما عليه من أحياء.

لأنها قدمت لنا ما لم يحدث سابقا، ففي وسط تراكم الكوارث الطبيعية على العالم من انهيارات وعواصف وباركين وسيول وجفاف، ألا وهي جمعت العالم في محاربتها وجعلت البلدان كلها تتكاتف وتتحد معا بدون مصالح وفوائد ونزاعات وشراكات واتفاقيات سرية وغش وخداع كما هو معروف عن السياسة التي تتعامل بها الحكومات.

حيث اجتمعت أكثر الدول الكبيرة لتحديد مصير الكرة الأرضية وترك كل الاختلافات والتكاتف لوضع خطط وطرق لصد المناخ وتهديداته ليبقوا على الحياة مستمرة اكبر فترة ممكنة، مجتهدين في ذلك لوضع كل ما يملكون في مشاريع تحميهم من المجهول المروع الذي ينتظرونه، حتى وصل التكاتف الى إنهم وضعوا طريقة لمساعدة الدول الضعيفة اقتصاديا على الخروج من ألازمة بسلام.

اتفاق تاريخي لإنقاذ الطبيعة

فقد اتفق مندوبون من قرابة 200 دولة على خطة شاملة لوقف فقدان الأنواع بتحديد أهداف جديدة لعام 2020 تضمن تعزيز الحماية للطبيعة والحفاظ على الفوائد التي تمنحها للبشرية.

كما وافق وزراء البيئة من أنحاء العالم ايضا على قواعد لاقتسام فوائد الموارد الوراثية من الطبيعة بين الحكومات والشركات وهي قضية تجارية محورية ومتعلقة بحقوق الملكية الفكرية يمكن أن تدر مليارات الدولارات على الدول النامية.

واستغرقت الموافقة على بعض ما جاء في الاتفاق سنوات عديدة من المفاوضات المحتدمة وسيطر الجمود على المحادثات التي شهدتها مدينة ناجويا اليابانية. وقال اكيم ستاينر مدير برنامج الأمم المتحدة للبيئة في بيان "أحدث هذا الاجتماع تغيرا هائلا في فهم الأهمية - التي تقدر قيمتها بتريليونات الدولارات - للتنوع الحيوي للغابات والمستنقعات وغيرها من الأنظمة البيئية."

وقال مندوبون ان تلك النتيجة ستبعث إشارة ايجابية لمفاوضات المناخ المضطربة بالامم المتحدة والتي تعثرت بسبب الخلاف بين الدول الغنية والدول الفقيرة حول كيفية اقتسام عبء الحد من انبعاثات الغازات المسببة لارتفاع درجة حرارة الارض. وستستأنف محادثات الامم المتحدة للمناخ في المكسيك في غضون شهر. بحسب وكالة الأنباء البريطانية.

وعقد المندوبون محادثات استمرت اسبوعين في ناجويا لتحديد اهداف لحماية المحيطات والغابات والانهار بينما يواجه العالم اسوأ معدل انقراض للأنواع منذ اندثار الديناصورات قبل نحو 65 مليون سنة. وانضم الى المحادثات في أيامها الأخيرة ما يزيد على مئة وزير. واستهدفت الاجتماعات حث الحكومات والشركات على اتخاذ اجراءات شاملة لحماية الأنظمة البيئية.

جرعة أكسجين للأمم المتحدة

بينما يعد الاتفاق الذي تم التوصل اليه في ناغويا (اليابان) في محاولة لوقف انقراض الاجناس، جرعة اكسجين لنظام الامم المتحدة الذي يتعرض لانتقادات كثيرة فيما يلقي الضوء كذلك على التنوع الحيوي الذي غالبا ما يبقى في ظل المفاوضات حول المناخ.

وكان نظام المفاوضات المتعددة الاطراف للامم المتحدة تعرض لوابل من الانتقادات بعد قمة المناخ في كوبنهاغن في كانون الاول/ديسمبر بسبب اجراءات التصويت بالاجماع خصوصا، فضلا عن تكتيكات ومواقف في المفاوضات بعيدة كليا عن الرهانات.

والنتيجة الايجابية لاجتماع ناغويا الذي شاركت فيه الدول ال193 الموقعة على اتفاقية الامم المتحدة للتنوع البيولوجي جعلت المنظمة الدولية تتنفس الصعداء فحتى اللحظة الأخيرة من الاجتماع كان شبح فشل جديد لا يزال مهيمنا.

ومن اجل إبطاء وتيرة انقراض الاجناس من برمائيات وطيور وثدييات ونبات، تضمن الاتفاق مجموعة من الاهداف ينبغي تحقيقها خلال العقد المقبل مع تحويل 10 % من مساحة المحيطات الى مناطق محمية في مقابل 1 % راهنا، و17 % من مساحة اليابسة (13 % راهنا).

كذلك يضع الاتفاق الذي أتى نتيجة مفاوضات استمرت ثماني سنوات، اطارا قانونيا ملزما لتقاسم الارباح (صيدلة، مساحيق تجميل) الناجمة عن الموارد الجينية لدول الجنوب التي تضم الجزء الاكبر من الاجناس في العالم.

واعتبرت ايزابيلا تيكسييرا وزيرة البيئة البرازيلية ان "الاتفاق هنا قد يساعد في مفاوضات كانكون في المسكيك (حيث يعقد الاجتماع المقبل حول المناخ) من خلال التأكيد ان المفاوضات المتعددة الاطراف يمكن ان تؤدي الى تقدم فعلي". وان كان الاتفاق في ناغويا يرسي دينامية معينة، ينبغي عدم المبالغة في الاستنتاجات.

فالرهانات مختلفة. ففي كوبهاغن كانت الدول تسعى الى الاتفاق على اهداف ملزمة لخفض انبعاثات غازات الدفيئة اما في ناغويا فان الأهداف التي ينبغي تحقيقها بحلول 2020 ليست ملزمة. يضاف الى ذلك انه منذ خيبة الأمل التي سجلت ي الدنمارك، تراوح المفاوضات حول الاحترار المناخي مكانها وجمود الولايات المتحدة اقله الموقت حول المسألة لا يبـشر خـيرا. بحسب وكالة انباء فرانس برس.

وسمح اجتماع ناغويا خصوصا في ابراز الدور الحيوي للانظمة الحيوية (في المياه والاغذية والصحة...) وليس فقط التشديد على بعد الانواع والأجناس الرمزية مثل الباندا والحيتان.

وكان امير موناكو البير الثاني قال بأسف "في حين احتلت ازمة المناخ حيزا إعلاميا لا سابق له فان التنوع الحيوي يواجه صعوبات في تعبئة الصفوف وغالبا ما يبقى محصورا بالنوايا الحسنة".

ومن شأن نجاح هذه القمة وتشكيل هيئة من الخبراء العلميين في الأشهر المقبلة على الأرجح، توفير اداة قياس وتقدير موثوق بها كما هي الحال مع المناخ منذ 1988، لجعل المشكلة اكثر وضوحا للرأي العام.

وقد يساعد في الحصول على صورة اوضح للمشكلة، عرض نتائج اعمال خبير الاقتصاد الهندي بافان شوخديف حول الكلفة الاقتصادية لتدهور الطبيعة على غرار ما فعل خبير الاقتصاد البريطاني نيكولاس ستيرن حول المناخ العام 2006.

واعتبر جان بيار تيبو السفير الفرنسي المفوض شؤون المناخ "ثمة تأخر في المهمة. ففي ناغويا قمنا بما قمنا به العام 1997 في كيوتو بشأن المناخ. انها المرحلة التي نقر فيها سياسيا بأهمية الموضوع مع معاهدة ملزمة".

الطبيعة في حسابات الدول

فيما أطلق البنك الدولي برنامجا لمساعدة الدول في إدراك وتحديد قيمة الطبيعة تماما مثل الناتج المحلي الإجمالي في مسعى لوقف تدمير الغابات والمستنقعات والشعاب المرجانية التي تعزز أعمال الشركات والاقتصادات.

ويسعى المشروع التجريبي ومدته خمس سنوات والذي تدعمه الهند والمكسيك ودول أخرى الى ادراج الطبيعة في حسابات الدول للاستفادة الكاملة من خدمات مثل حماية السواحل ومستجمعات مياه الأنهار التي تغذي المدن والمحاصيل.

وقال رئيس البنك الدولي روبرت زوليك للصحفيين في مدينة ناجويا اليابانية "نحن هنا اليوم لنصنع شيئا لم يجربه أحد من قبل.. شراكة عالمية يمكنها أن تغير بصورة جوهرية الطريقة التي تقيم بها الحكومات أنظمتها البيئية."

وقال زوليك في مقابلة "بالنسبة لوزراء الاقتصاد على وجه الخصوص من المهم وجود مقياس محاسبي يمكنهم استخدامه ليس فقط لتحديد القيمة الاقتصادية ولكن أيضا الثروات الطبيعية للدول. "انها ليست عصا سحرية انها وسيلة لمحاولة مساعدة الناس على أن يقيموا الثروات الطبيعية بصورة أفضل من الناحية الاقتصادية." بحسب وكالة الأنباء البريطانية.

ويعتبر توفير تمويل أكبر من جانب الدول الغنية ربما عبر اعادة توجيه الاعانات من الوقود الاحفوري والصيد وصناعات أخرى عاملا رئيسيا. كما يأمل المبعوثون في التوصل بحلول الى اتفاقية جديدة تضع قوانين لتقاسم الموارد الوراثية بين الحكومات والشركات مثل شركات الادوية والموارد الزراعية. وترغب الدول الفقيرة في المزيد من الضوابط لحماية بيئتها وربما لكسب مليارات الدولارات من العائدات الاضافية من خلال الاستفادة من الاشجار والحشرات والضفادع. وسيمنح برنامج البنك الدول النامية أدوات لمساعدتها في قياس قيمة ومنافع أنظمتها البيئية.

نظام جديد لمراقبة البحار

من جانبهم حث علماء المحيطات الحكومات على إنفاق مليارات الدولارات في نظام جديد لمراقبة البحار بحلول عام 2015 يطلق تحذيرا من كل شيء بدءا من أمواج المد وانتهاء بزيادة حموضة المياه المرتبطة بالتغير المناخي.

ويقول العلماء ان المراقبة الافضل ستحقق مزايا اقتصادية هائلة لأنها ستساعد على فهم أضرار الصيد الجائر والتغيرات الموسمية التي يمكن ان تحدث كوارث مثل الفيضانات التي اجتاحت باكستان العام الحالي.

وقال جيس اوسوبول وهو من مؤسسي شراكة لمراقبة محيطات العالم (بوجو) التي تقود التحالف وتمثل 38 معهدا مختصا بدراسة المحيطات من 21 دولة "يعتقد معظم خبراء المحيطات ان المحيطات في المستقبل ستكون أشد ملوحة وحرارة وأكثر حموضة وأقل في التنوع (الحيوي)." بحسب وكالة الانباء البريطانية.

وأضاف في بيان "كان ينبغي منذ زمن ان نكون أكثر جدية في قياس ما يحدث في البحار حولنا." وتقول بوجو ان إقامة نظام لمراقبة المحيطات سيتكلف ما بين 10 و15 مليار دولار وان نفقات التشغيل السنوية ستصل الى خمسة مليارات دولار.

ويقدر مسؤولون ان النظام القائم قبالة اليابان بتكلفة مئة مليون دولار لمد كابلات في قاع البحر لرصد الزلازل وأمواج المد المرتبط بنظام تحذير مبكر سينقذ أرواح ما يتراوح بين 7500 و10 الاف شخص من بين 25 ألفا يمكن ان يلقوا حتفهم في حالة حدوث زلزال قوي في قاع البحر.

1000 نمر تجارة غير مشروعة

كما تقول دراسة أجرتها جماعات لحماية الحياة البرية ان أكثر من 1000 نمر قتلوا على مدار العقد الماضي من أجل الاتجار غير المشروع في اعضاء مثل الجلد والعظام وان هذا ربما يكون جزءا قليلا فقط من الأرقام الحقيقية.

وقالت ترافيك انترناشونال -ومقرها بريطانيا- التي اجرت الدراسة بمساعدة الصندوق العالمي للطبيعة ان الهند شهدت بفارق واسع أكبر عمليات ضبط لأجزاء النمور تلتها الصين ثم نيبال واندونيسيا.

وقال باولاين فيريج مدير البرنامج المشترك بين ترافيك والصندوق العالمي للطبيعة والذي كتب تقريرا عن الدراسة "مع ضبط اجزاء من المحتمل أن تكون لاكثر من 100 نمر بري كل عام فان المرء لا يسعه سوى التكهن بالاعداد الحقيقية للحيوانات التي تنهب." وفي دراسة نشرت في سبتمبر ايلول قالت جمعية الحفاظ على الحياة البرية - التي يوجد مقرها في الولايات المتحدة- ان النمور في اسيا قد تكون قريبة من الانقراض مع وجود أقل من 3500 فقط طلقاء في الحياة البرية. بحسب وكالة الأنباء البريطانية.

وقال التقرير ان أعضاء النمور التي تدخل في مجال التجارة تتراوح من الجلد والهياكل العظمية الكاملة وحتى حيوانات بأكملها --حية وميتة-- وصولا الى العظام واللحم والمخالب والأسنان والجماجم وأعضاء الذكورة وأعضاء أخرى من الجسم. وأشار تحليل لعدد إجمالي 481 عضوا تم ضبطها الي ان 1069 نمرا على الأقل قتلوا وبحد أقصى 1220 في الفترة من يناير كانون الثاني 2000 الي ابريل نيسان 2010 .

ويعني هذا متوسطا سنويا يتراوح بين 104 نمور و119 نمرا رغم ان التقرير يحذر من ان لا يعدو ان يكون جزءا صغيرا من مجمل هذه التجارة. وتستخدم أعضاء النمور في كثير من الثقافات كتعاويذ لجلب الحظ وللزينة أو في الأدوية التقليدية اذ ترمز هذه الحيوانات للقوة والشجاعة والنجاح.

بركان اصطناعي لخفض الحرارة

في حين طرح عدد من العلماء فكرة الاستفادة من قدرة الدخان المنبعث من انفجار البراكين على حجب نور الشمس في إطار السعي لإيجاد حل سريع لأزمة الاحتباس الحراري التي بدأت تتسبب بكوارث على كوكب الأرض، وذلك من خلال مدخنة خاص تقوم بضخ مواد كيماوية مماثلة لذلك الدخان إلى طبقات الفضاء العليا.

وسبق أن شهد العالم حالة مماثلة عام 1991، عندما انفجر بركان "بنتوبو" في الفلبين، مرسلاً آلاف الأطنان من مادة ثائي أكسيد الكبريت إلى الفضاء، ما أدى إلى حجب عشرة في المائة من أشعة الشمس التي كانت تصل إلى الأرض، الأمر الذي انعكس انخفاضاً في حرارة الكوكب بواقع نصف درجة طول عام ونصف العالم.

ويقوم علماء في مركز ناثان مارفولد للأبحاث بإعداد خطة لبناء مدخنة يصل ارتفاعها إلى 25 كيلومتراً، يمكن حملها عبر مناطيد عملاقة إلى طبقة الستراتوسفير، قادرة على ضخ ثاني أكسيد الكبريت.

ويؤكد مارفولد نفسه، وهو كبير التقنيين السابق لدى شركة مايكروسوفت، أن مدخنة واحدة سعة نصف قدم قادرة على ضخ ما يكفي من ثاني أكسيد الكبريت لخفض حرارة النصف الشمالي من الكرة الأرضية بكامله، وذلك بكلفة لا تتجاوز مليار دولار. بحسب وكالة انباء السي ان ان.

وكان تقرير للأمم المتحدة، نشر مؤخراً، قد كشف عن صورة متشائمة للتنوع البيولوجي على الأرض، مرجحاً انقراض ثُلث فصائل النباتات والحيوانات من الكوكب بسبب النشاط البشري وتبدل المناخ.

وقال التقرير، الذي يستند إلى بيانات تم الحصول عليها من دراسات أجريت في أكثر من 120 دولة في جميع أنحاء العالم، إن التنوع البيولوجي يهدده النمو الاقتصادي لبلدان مثل الصين والهند والبرازيل. وحذر التقرير ألأممي من أنه في حين يتزايد وعي الدول الغربية حيال الحاجة لحماية الأنواع المهددة بالانقراض، تدمر شراهة العالم النامي للمواد الخام النظم الإيكولوجية الهشة.

منطقة استغلال للمافيا الدولية 

من جانب آخر، يؤكد رجال شرطة وخبراء أنه غالبا ما تقف عصابات دولية نافذة وراء الصيد المحظور بهدف الاستحصال على العاج، ووراء الصيد البحري غير المشروع والاحتيال في مجال الاتجار بحصص الكربون.

فتلك العصابات وجدت في الطبيعة قطاعا مثمرا ومربحا، لا يخضع لرقابة مشددة كما يعتبر قليل المخاطر نسبيا... أما أرباحه فتنافس تلك التي يحققها لهم نشاطهم التقليدي. وعلى هامش الدورة 79 للجمعية العامة لمنظمة الشرطة الجنائية الدولية "إنتربول" التي تعقد في الدوحة، يوضح دايفيد هيغينز من برنامج "الجرائم البيئية" التابع للمنظمة أن "الخارجين عن القانون في هذا القطاع منظمون جدا".

يضيف "وجرائمهم سواء أتت بحق الطبيعة أو الأجناس البرية أو على شكل تلوث، فهي تتخطى جميع الحدود الدولية". في الثامن من تشرين الثاني/نوفمبر الجاري تبنت الإنتربول قرارا يدعم اتفاقية الاتجار الدولي بأنواع الحيوانات والنباتات البرية المعرضة للانقراض (سيتيس). وهذا القرار يطالب رجال الشرطة في العالم بالتحرك في وجه "التعديات التي تستهدف البيئة".

ويشرح هيغينز أن "ذلك يعني عدم الاستخفاف بهذه الجرائم. فقادة أجهزة الشرطة أقروا بأن الأمر مرتبط بالجريمة المنظمة". بالنسبة إلى جون سيلار الشرطي الاسكتلندي السابق الذي يدير حاليا مكافحة الجرائم الخضراء في إطار اتفاقية "سيتيس"، فهو كان ينتظر ذلك منذ أكثر من 15 عاما. ويقول "الناس غير قادرين على تخيل المبالغ المالية المتعلقة بالاتجار بالأنواع البرية".

يضيف "هم يعتقدون غالبا بأن الصيادين المحليين هم الذين يتوجهون إلى الغابات ويطلقون النار على ما يجدونه. لكن الأمر يتعلق بشبكات مجرمين محترفين يجهزون على الحيوانات أو يحتجزونها، وذلك على نطاق واسع".

ملاحظة تحذيرية

وخلال فصل الربيع، قدر سامويل واسر من جامعة واشنطن في سياتل عائدات الاتجار بالأنواع البرية بأكثر من عشرين مليار دولار سنويا. أما العاج الذي يجمع في كل عملية، فقد تصل قيمته إلى حوالي عشرين مليون دولار في العملية الواحدة.

وتستثمر العصابات ومجموعات الجرائم وكارتيلاتها ثروات في هذا المجال، وهي تدرك بأن العائدات لا تختلف عن تلك التي تجمعها في تجارة المخدرات. أما العواقب في حال الفشل فهي أقل بكثير.

ويشير دايفيد هيغينز إلى أن "هناك مجموعات تستأجر مروحيات لمطاردة الفيلة وحيوانات وحيد القرن في إفريقيا الجنوبية". ويخبر بأنه "في العام 2005 اعترضت البحرية الأسترالية مركب صيد أوروبي في حين كان يصطاد أسماك +باتاغونيان توثفيش+ وهي من الأنواع المحمية التي تحقق ثروات في السوق السوداء. وهم قصدوا الجهة الأخرى من العالم في سبيل ذلك".

بالنسبة إليه "الأشرار يهتمون بالبيئة لأنهم يعرفون جيدا بأنها لا تخضع لرقابة مشددة إذا ما اجتزتم إحدى الحدود وأنتم تحملون المخدرات، فمن المرجح أن يتم إلقاء القبض عليكم. أما إذا عبرتم مع اثنين من حيوانات +أم قرفة+ (من الثديات الصغيرة المحمية) إحدى الحدود الآسيوية، فإن غالبية رجال الشرطة لن يحركوا ساكنا". بحسب وكالة انباء فرانس برس.

وفي "ملاحظة تحذيرية" عرضها مؤخرا نويل بون المتخصص في علم الجرائم في معهد علم الجرائم في جامعة "باري دو"، يلفت هذا الخبير إلى "الاقتناص الإجرامي للبيئة". فيوضح "بعدما اخترعوا نموذج أعمال إجرامي جديد بفضل قدرتهم الكبيرة على التأقلم، ينشئ رجال المافيا والطامعون أنظمة واهية داخل المؤسسات ليعمدوا من ثم إلى اختلاس أموال طائلة ومنح مالية وضرائب".

فإلى جانب قطاع معالجة النفايات الذي تستفيد منه المافيا منذ عقود، يضاف اليوم اختلاس مساعدات عامة لا سيما في قطاع توليد الطاقة الكهربائية من الهواء (أو طواحين الهواء) من خلال ملفات مزورة تؤمن الملايين.

وكان رجال المافيا قد وضعوا تشكيلات تتعلق بالاتجار بحصص الكاربون، قادرة على التهرب من الضرائب التقليدية على القيمة المضافة. و"حقوق التلويث" المستحدثة تلك "قد تتخطى في أوروبا الخمسة مليارات يورو" بحسب تقديرات نويل بون.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 23/كانون الأول/2010 - 16/محرم/1432

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م