هجمات السويد... ارهاب في رقعة جديدة!

مهند حبيب السماوي

عاد الارهاب مرة أخرى، وفي بقعة جغرافية جديدة، ليكشف عن وجهه القبيح الظلامي عندما قام أنتحاري بتفجيرين متزامنين يبعد احدهما عن الاخر نحو 200 متر وقعا مساء السبت الماضي المصادف 11-12-2010 في الوسط التجاري والسياحي لساحة هوتريات في ستوكهولم أدى الى سقوط قتيل يُعتقد انه منفذ الهجوم بالاضافة الى جرح شخصين بجروح طفيفة.

الانفجار الذي حدث يعتبر الاول من نوعه في هذا البلد التي توصف بانها " دولة حيادية" ولم تتعرض للارهاب من قبل هذا الاعتداء الذي فشل في احداث اهدافه التخريبية التي كانت سوف تؤدي الى مقتل حوالي 200 شخص وجرح المئات كما يقدّر ذلك الصحافي اللبناني قاسم حمادي المحرر في صحيفة "اكسبريسن" السويدية، حيث كان أكثر من 80% من الباعة الصغار في "هوتريات" هم من المهاجرين، والذي كان تيمور سيسرع بسيارته ليقتحم بها المكان ويفجرها تماماً كما يحدث منذ سنوات في العراق حيث معظم الضحايا من المسلمين من قبل انتحاري مسلم يزعم انه يعمل من اجل نصرة الاسلام والمسلمين.

وكان زعيم تنظيم القاعدة في العراق الارهابي ابو عمر البغدادي قد دعا في 2007 الى الانتقام من السويد بسبب نشر رسوم كاريكاتورية مسيئة للنبي محمد، كما وعد بمكافأة مالية لمن يقتل الرسام الكاريكاتوري السويدي لارس فيلكس، ولهذا ترى منفذ العملية يقول في وصيته الاخيرة، بحسب مؤسسة "Site " التي ترصد المواقع الاسلامية، انه نفذ وعدا قطعه لتنظيم دولة العراق الاسلامية في العراق، وهي الفرع العراقي لتنظيم القاعدة.

السويد التي تعرضت للاعتداء كانت، في اثناء القرن العشرين، تستند في سياستها الخارجية على مبدأ " عدم الانحياز في زمن السلم والحياد في زمن الحرب"، وهو مذهب يرجع الى القرن التاسع عشر، حيث لم تشارك السويد في أي حرب منذ نهاية الحملة السويدية ضد النرويج في عام 1814، وعندما نعود الى الحرب العالمية الثانية وتداعياتها نجد أن السويد لم تنضم لأيا من الحلفاء ولا محور القوى وهي لديها مواقف مشرفة ومحترمة من القضية الفلسطينية كما هو معروف تاريخيا.

 السويد التي اراد هذا الارهابي زعزعة الامن فيها تعتبر من الدول المثالية التي تأؤي الآف من الافراد ممن يختلفون في الدين والمذهب والعرق والطائفة والجنس ويعيشون في انسجام مع القانون السويدي الذي يضمن لهم عدم الترحيل والطرد كما تقوم بذلك الكثير من الدول العربية والإسلامية التي يهرب منها الكثير من الملعونين سياسيا حيث يجدون في السويد وغيرها مأوى لهم ولعوائلهم.

والامر المحزن في الأمر ان منفذ الهجوم المدعو تيمور عبد الوهاب العبدلي الذي نفذ اعتداء ستوكهولم السبت الماضي من مواليد 1981، ثم انتقل الى السويد مع اهله العام 1991 حيث نالوا الجنسية السويدية 1992، ثم، وكما تقول صحيفة "ديلي تلغراف"،انتقل الى بريطانيا في 2001 للدراسة ومتابعة تعليمه كمعالج فيزيائي رياضي في جامعة بدفوردشاير في لوتن في بريطانيا، حيث انهى دروسه في 2004 وعاد الى السويد العام 2005.

وهنا بدا التغيير والتبدل الجذري في شخصيته واضحا اذ ان تيمور الذي غادر السويد 2001 هو غير تيمور الذي عاد 2005، فقد تحول من مراهق خفيف الظل يرتدي الكاسكيت البيضاء التي يرتديها عادة التلامذة السويديون في مدينة تراناس الصغيرة الواقعة على بعد نحو 200 كلم جنوب ستوكهولم، وكما يصفه جان جالابيان الذي عرف تيمور خلال سني المراهقة " كان مثله مثل اي مراهق آخر، يحب الحياة، له كثير من الاصدقاء، يخرج ويحتفل مثل الجميع، يشرب الكحول وله صديقات ". وقالت احدى مدرساته لصحيفة افتونبلاديت انه كان يتكلم السويدية بطلاقة "وكان خلوقا ووديا "، تحول من هذا الشخصية الى " شخصا آخر منغلق ا" بحسب ما يروي لصحيفة اكسبرسن صديق للعائلة.

اصدقاء الانتحاري يؤكدون ان تيمور تحول الى مسلم متشدد اثر اتصاله بامام مصري في مسجد لوتن في بريطانيا في مدينة لوتون التي تُعتبر، كما ذكر تقرير استخباراتي بريطاني مسرب في عام 2008، على أنها مركز لأكبر عدد من المتطرفين المسلمين، حيث التقى عددا من الرجال المسؤولين عن اعتداءات 7 يوليو (تموز) في لندن.

التساؤل الان المهم كيف يتحول شخص من شاب لطيف المعشر المحب للحياة المندمج تماما في مجتمعه الجديد الى انتحاري يحاول قتل الاطفال والناس الابرياء؟

ماهذا الانقلاب الجذري الذي تحول له بمجرد انتقاله الى بريطانيا لمواصلة تعليمه التي قلبت تصرفاته رأسا على عقب وحوله الى اسلامي متشدد؟

اي حجج واهية اقتنع بها تيمور لكي ينفذ اعتدائه الارهابي الجبان ضد ابرياء ليست لهم اي علاقة بالصراع الدائر بين التنظيمات الارهابية وامريكا؟

صحيح ان السويد تنشر نحو 500 جندي في أفغانستان حاليا، وان التفويض لهذه القوة ينتهي في الأول من يناير/كانون الثاني المقبل ويقتضي تمديده الرجوع إلى البرلمان، لكن ماعلاقة هذا الامر بقتل ابرياء واطفال ونساء في الشارع في السويد !

صحيح ان لارش فيلكس المواطن السويدي قد قام برسم كايكاتور مسيء للنبي صلى الله عليه واله لكن هنالك ايضا دونالد بوستروم وهو الصحفي السويدي دونالد بوستروم الذي كتب 2001 كتابا اسمه "ان شاء الله" في 420 صفحة، يضم قرابة المئتي صورة التقطها في فلسطين، يرصد من خلالها معاناة الفلسطينيين اليومية مع الاحتلال الإسرائيلي، إضافة إلى مقالات لبوستروم ومجموعة من الكتاب السويديين والصحافيين حول القضية الفلسطينية.

هل تكفي الحجج الواهية الضعيفة لاقناع تيمور للقيام بعملية انتحارية وسط العاصمة السويدية يُقتل من جرائها العديد من المواطنين الابرياء؟

اي فكر هذا واي عملية غسيل دماغ تمكنت من السيطرة على شاب وجعلته يقتل نفسه قبل يوم من احتفاله بعيد ميلاده ال29؟

هل فعلا تستحق السويد الذي أوت تيمور والكثير من العرب والمسلمين هذا الجزاء الذي منحها له تيمور؟

هذه الاسئلة المهمة لاتعفينا من طرح تساؤلات اخرى تتعلق بالخلايا النائمة التي يمكن ان تكون موجودة في السويد سواء كانت فردية مستقلة تعمل وفقا لقناعات شخصية متأثرة بالتنظيمات الارهابية المعروفة أو جماعية مرتبطة تنظيميا بالقاعدة، حيث على السويد ان تنتبه لذلك لان اثر هؤلاء سيكون مدمرا على السويد وشعبها من جهة والاسلام والمسلمين من جهة اخرى.

[email protected]

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 20/كانون الأول/2010 - 13/محرم/1432

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م