ايران وحرب العقوبات الغربية

احمد عقيل الجشعمي

 

شبكة النبأ: ان الإصرار التي تبذله الولايات المتحدة والدول الأوربية لتطبيق العقوبات على إيران يوضح ويؤكد بحسب ما قاله المحللون السياسيون مدى الخوف والرعب الذي يمرون به، لاسيما وإنهم يخشون من الصدمة والضربة المفاجئة التي تأتي من إيران حينما تهاجمهم بأسلحة نووية التي تقوم بصناعتها من خلال ملفها النووي، اما من الجانب الآخر فأن الحكومة الإيرانية تنفي ذلك مؤكدة ولأكثر من مرة ان طبيعة الملف النووي القائمة على إنتاجه هو لأغراض مدنية وليست عسكرية.

وبعد ان مر فترة طويلة على إصدار القوانين عليها(إيران) فأن الولايات المتحدة لم تجد أي تغييرات او تأثير عليها بل استمر العمل على الملف النووي ولم يحبط من العزيمة الإيرانية في إكمال عملها، لذلك بدأت التفكير بالتهديد العسكري الذي رفضه الكثيرين كونه سيخلق حربا عالمية نووية بدون سبب، ومن جانبها فأن إيران وصفت العقوبات بالسخيفة كونها لا تؤثر على اقتصاد إيران الذي يحاولون إضعافه بل وأكدت انها تملك من الاحتياطي ما سيسمح لها بالبقاء صامدة ضد هذه العقوبات.

فرصة لحل دبلوماسي

فقد قالت الولايات المتحدة انه لا يزال هناك وقت لحل دبلوماسي مع ايران ولكن لا بد للدولة التي يتزايد تحديها للمجتمع الدولي أن تتخذ "خطوات ملموسة" لتبديد القلق بشأن برنامجها النووي. كذلك قال مسؤولون أمريكيون ان العقوبات الاقتصادية المفروضة على ايران للاشتباه في أنها تسعى لانتاج أسلحة نووية تزداد ايلاما وربما تكلف قطاع الاستثمار في مجال الطاقة ما يصل الى 60 مليار دولار.

وقال مسؤول رفيع في الخارجية الامريكية ان القوى العظمى مستعدة لإحياء اتفاق تعثر العام الماضي لمبادلة يورانيوم منخفض التخصيب بوقود لمفاعل أبحاث طبي ولكن سيتعين تعديل بنوده.

وقال وليام بيرنز وكيل وزارة الخارجية الامريكية وممثل الولايات المتحدة في المحادثات لمشرعين أمريكيين "القوى الست الكبرى ستدخل فيما نأمل أن يكون جولة جدية من المباحثات مع الايرانيين المستعدين للتعامل بجدية مع بواعث قلقنا الشديدة بشأن البرنامج النووي الايراني."

ومضى يقول "سنواصل التأكيد على أهمية اتخاذ خطوات لتبديد بواعث القلق هذه.. خطوات ملموسة ضرورية بسبب عدم امتثال إيران لسنوات عديدة وانعدام الثقة الذي أوجده ذلك الموقف."

وأضاف بيرنز "ما زلنا مستعدين لبحث... إمكانية الاستفادة من تلك الفكرة (مفاعل طهران للأبحاث) ولكننا أوضحنا في يونيو الماضي أنه لا يزال لدينا بواعث للقلق لابد من تبديدها... لان الظروف تغيرت منذ أن طرحت هذه ( الفكرة) في أكتوبر (العام) الماضي." وقال بيرنز ان تخصيب ايران لليورانيوم الى نحو 20 في المئة "أمر يتعين التطرق اليه."

وقال مسؤول أمريكي اخر تحدث بشرط عدم الكشف عن شخصيته ان الولايات المتحدة ستطالب إيران بتسليم كمية تزيد على 1200 كيلوجرام تقريبا من اليورانيوم منخفض التخصيب التي وافقت على شحنها العام الماضي لأنها أنتجت كمية أكبر منذئذ.

ونتيجة لرفض ايران وقف تخصيب اليورانيوم على الرغم من قرارات مجلس الامن الدولي المتكررة التي تطالبها بوقفه فرضت على طهران عقوبات دولية وثنائية يقول مسؤولون أمريكيون انها الان مؤذية.

تقييدها

وقال مسؤولون أمريكيون ان إيران تجد أن الحصول على الخدمات المالية التي تحتاجها لإدارة اقتصادها يزداد صعوبة وأنها قد تخسر استثمارات في قطاع الطاقة قيمتها قد تصل الى 60 مليار دولار بسبب العقوبات.

وقال ستيوارت ليفي وكيل وزارة الخزانة الامريكية للإرهاب والمخابرات المالية أمام لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب الامريكي "تعلن الشركات الكبرى بدرجة كبيرة من الانتظام أنها فرضت قيودا أو انسحبت تماما من المعاملات التجارية مع ايران." بحسب وكـالة الأنباء البريطانية.

وقال ليفي ان العقوبات تقيد قدرة ايران على الحصول على الدولارات الأمر الذي أدي على الأرجح الى أن يخسر الريال الإيراني أكثر من 20 في المائة من قيمته في سبتمبر أيلول مما أدى الى تدخل البنك المركزي الإيراني على مدى أسابيع في محاولة لتحقيق الاستقرار للعملة.

وقال بيرنز للمشرعين ان ايران قد تخسر ما بين 50 - 60 مليار دولار في استثمارات الطاقة المحتملة الى جانب التكنولوجيا الضرورية والمعرفة الفنية من الشركات الدولية الكبرى.

وأضاف بيرنز في الشهادة المعدة سلفا "العقوبات أعاقت قدرة إيران على إنتاج أسلحة نووية ووسائل توصيلها فيما جعلت من الأصعب على إيران مواصلة أنشطتها التي تزعزع الاستقرار في المنطقة."

10 شركات تضاف للقائمة السوداء

في سياق متصل قالت وزارة الخزانة الأمريكية انها وَسَعت العقوبات المتعلقة بالأسلحة ضد إيران لتشمل عشر شركات إضافية وخمسة أفراد قالت إنهم مرتبطون ببنك ملي وشركة الشحن البحري المملوكة للدولة.

وكانت وزارة الخزانة الامريكية قد أدرجت بنك ملي الايراني وشركة الشحن البحري على القائمة السوداء في إطار عقوبات تستهدف المشتبه بأنهم داعمون لبرنامج تطوير الأسلحة النووية الإيراني.

وتحظر الإجراءات الأخيرة على الكيانات الأمريكية الدخول في أي صفقات مع الأفراد والشركات التي تم تحديدها وتسعى الى تجميد الأصول التي قد تكون لديهم في نطاق الاختصاص الأمريكي.

وأدت إجراءات مماثلة في الماضي الى قطع التمويل الدولي للكيانات التي تخضع لعقوبات. وقالت وزارة الخزانة انه تم توسيع العقوبات لتشمل ثماني مؤسسات تابعة "لشركات واجهة" وشركة الشحن البحري المملوكة للدولة وتقع جميعها في جزيرة (ايل أوف مان) وهي أراضي بريطانية تتمتع بالحكم الذاتي. وقالت وزارة الخزانة ان كلا منها هو المالك المسجل لسفينة تم تحديد هويتها في السابق على انها مملوكة لشركة الشحن. بحسب وكـالة الأنـباء البريـطانية.

وتستخدم شركات الشحن أسماء اشتيد وبافليت وكوبهام ودوركينج وايفينجهام وفارنهام وجومشال وهورشام. ومن الشركات التي تم تحديدها أيضا بيرل اينيرجي والشركة التابعة لها بيرل اينيرجي سيرفيسيز ومقرها سويسرا التي قالت وزارة الخزانة انه تم تشكيلها بواسطة شركة تابعة لبنك ملي.

وتقدم بيرل اينيرجي ابحاثا اقتصادية بينما مهمة بيرل اينيرجي سيرفيسيز هي تقديم التمويل والخبرة للكيانات حتى تدخل قطاع البترول الإيراني. وتحد عقوبات الأمم المتحدة الأخيرة التي صدرت ضد إيران بشدة من قدرة الشركات الأجنبية على المشاركة في قطاع الطاقة الإيراني.

مفعول العقوبات غير مؤكد 

من جانبه قال رئيس هيئة أركان الجيش الإسرائيلي غابي اشكينازي في واشنطن ان مفعول العقوبات المفروضة على إيران غير مؤكد، وانه لا يعرف ما اذا كانت ستدفع بإيران الى وضع حد لبرنامجها النووي المثير للجدل.

وقال الجنرال اشكينازي في ختام لقاء مع رئيس هيئة اركان الجيوش الأميركية الأدميرال مايكل مولن "ان المسالة الحقيقية هي معرفة ما اذا كان ذلك سيكفي لإقناع" طهران بالتخلي عن برنامجها و"يبقى هذا الأمر بحاجة الى تحديد".

وتابع "ما زال لدينا الوقت لبحث المسالة وانتظار النتيجة النهائية"، رافضا تحديد كم من الوقت قد تنتظر بلاده. وأشار رئيس الأركان الإسرائيلي ان بلاده تدعم المقاربة الأميركية من العقوبات المفروضة على إيران.

من جهة أخرى، اعتبر الأميرال مولن ان العقوبات أكثر فعالية مما توقعه البعض، موضحا ان "جميع الخيارات ما زالت على الطاولة، ومن ضمنها الخيار العسكري" في حال فشلت الدبلوماسية. بحسب وكالة أنباء فرانس برس.

من جهته، اعتبر الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد ان العقوبات "سخيفة" وانها "فشلت منذ البداية". وتلوح اسرائيل بالتهديد بتوجيه ضربات عسكرية لضمان امتناع طهران عن حيازة سلاح نووي. واكد رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو انها "الطريقة الوحيدة لضمان عدم حصول ايران على أسلحة نووية".

ورفض وزير الدفاع الاميركي روبرت غيتس هذه الدعوة معتبرا ان العقوبات المفروضة في حزيران/يونيو على ايران لها عواقب على الاقتصاد الايراني. ودعت الولايات المتحدة طهران الى العودة الى طاولة المفاوضات التي توقفت منذ عام مع مجموعة الدول الست. وطلبت ايران لاستئناف هذه المفاوضات ان تحصل في تركيا التي تعتبرها طهران بمثابة حليف في هذا الملف.

100 مليار دولار احتياطي العملات

من جهته اعلن الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد بحسب ما نقلت عنه وسائل الإعلام المحلية ان ايران تملك ما يفوق 100 مليار دولار من احتياطي العملات.

وقال احمدي نجاد في ندوة حول النظام المصرفي ان المؤسسات الدولية "قدرت احتياطي العملات في ايران ب100 مليار دولار، لكنها اعلى من ذلك"، في اشارة الى تقديرات البنك الدولي وصندوق النقد الدولي.

وتوقفت السلطات الايرانية منذ اكثر من عامين عن نشر ارقام حول احتياطات الذهب والعملات في ايران. وفي اخر رقم رسمي له في شباط/فبراير 2008، حدد البنك المركزي الايراني احتياط العملات الأجنبية في البلاد ب76,1 مليار دولار. ولم يوضح الرئيس احمدي نجاد ما اذا كان احتياط العملات استقدم الى إيران او كان موجودا في مصارف أجنبية وخصوصا في اسيا.

واعلن حاكم المصرف المركزي الايراني محمود بهماني من جهته ان ايران "اشترت مئات الاطنان من الذهب عندما كان معدل سعر الاونصة 656 دولارا، بينما يبلغ سعرها اليوم 1230 دولارا". واضاف "وهكذا، زدنا احتياطنا مليارات الدولارات". بحسب وكالة انباء فرانس برس.

وتساءل بهماني متوجها الى الاوروبيين "اضافة الى مثل هذه الاحتياطات من العملات والذهب، يحل الاقتصاد الايراني في المرتبة السابعة عشرة في العالم كيف تريدون عزل بلادنا مع وضع كهذا، في حين ان ايران هي احد ابرز مصدري النفط في العالم وتملك احتياطا هائلا من الغاز؟".

كما اعتبر الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد ان العقوبات الدولية على ايران بسبب برنامجها النووي "سخيفة"، وذلك في تصريحات متلفزة له.

وقال احمدي نجاد ان "العقوبات على ايران تشكل أسخف قرار سياسي ممكن. لقد فشلت منذ البداية"، مجددا وصفه القرارات الصادرة عن مجلس الأمن الدولي والدول الغربية في هذا السياق بأنها "قصاصة ورق". وأضاف "انتم لا تعرفون ايران وحضارتها وتاريخها. اننا ننتج كل شيء، ننتج الطاقة، ونملك ثاني احتياطي للطاقة في العالم".

لكن الرئيس الايراني كرر إعلان استعداد طهران لاستئناف المفاوضات حول برنامجها النووي مع دول مجموعة 1+5 (الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وروسيا والصين والمانيا). وتابع "منذ البداية قلنا إنهم لا يملكون خيارا اخر سوى التفاوض مع ايران، لكن في إطار حوار قوامه الاحترام والعدل".

وجدد احمدي نجاد التأكيد ان ايران مستعدة لاستئناف المفاوضات مع مجموعة 1+5 مع الأخذ في الاعتبار الموقف الذي تتخذه دول هذه المجموعة أكان وديا او عدائيا. وقال "اذا ما تصرفتم كأعداء، سنفاوض على نحو واذا ما تصرفتم كأصدقاء سنتصرف على نحو اخر". بحسب وكالة انباء فرانس برس.

وافقت ايران على استئناف الحوار حول برنامجها النووي المثير للجدل على ما اعلنت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي كاثرين اشتون التي تلعب دور الوساطة بين القوى الكبرى المعنية بهذا الملف. ولا يزال على الجانبين الاتفاق على مضمون المفاوضات وتاريخ انعقادها ومكانها، في حين يبدو ان طهران معارضة لطرح اشتون تنظيمها في فيينا.

الخطوط الإيرانية تقاضي شركات أوروبية

في حين أفادت وكالة أنباء الجمهورية الإسلامية أن الخطوط الجوية الايرانية المملوكة للدولة تدرس اتخاذ اجراء قضائي لإجبار الشركات الأوروبية على تزويد طائراتها بالوقود.

وعمدت عدة شركات نفط الى قطع علاقاتها التجارية مع طهران بما في ذلك وقف مبيعات وقود الطائرات امتثالا لعقوبات يفرضها الاتحاد الاوروبي للضغط على ايران بشأن برنامجها النووي. وتقول طهران ان ذلك يعد انتهاكا لقانون النقل الجوي الدولي.

ونقلت الوكالة الرسمية عن فرهد برواريش الرئيس التنفيذي للخطوط الايرانية قوله "هذا الحظر ينتهك معاهدة شيكاجو (للنقل الجوي) حيث يجب عدم فرض أي قيود على شركات الطيران التجارية." وقال "ايران تتخذ الاجراءات القانونية اللازمة من خلال الاجهزة الدولية المعنية في هذا الصدد وقد أثير هذا الامر أمام محكمة لاهاي عن طريق تعيين محامين."

ولم يحدد محكمة لاهاي التي يقصدها حيث توجد بالمدينة الهولندية عدة محاكم دولية. كانت ايران قالت في 19 أكتوبر تشرين الاول ان بعض الشركات في المطارات الاوروبية ترفض بيع الوقود الى طائراتها. بحسب وكـالة الأنـباء البريـطانية.

وقالت الشركة في ذلك الحين ان "مشاكل في امداد الوقود" بمطار هيثرو في لندن أجبرت رحلات متجهة الى طهران على التوقف في هامبورج أو فيينا للتزود بالوقود مما أضاف 90 دقيقة الى زمن الرحلة البالغ حوالي ست ساعات ونصف.

ومنافس الخطوط الإيرانية الرئيسي على خط لندن هو شركة بي.ام.اي التابعة للناقلة الألمانية لوفتهانزا. ومن بين شركات النفط الاوروبية التي قطعت أعمالها مع ايران أو تعتزم ذلك توتال الفرنسية وشتات أويل النرويجية وايني الايطالية ورويال داتش شل.

تستثني النفط

من جانب آخر،  قال مسئولون ان العقوبات الأوروبية المفروضة على إيران لا تستهدف تقييد صادرات ايران أو وارداتها من النفط لكن أثر العقوبات المالية على تدفق النفط مازال غير واضح.

وأصبحت العقوبات الأوروبية قانونا وهو ما يزيد الضغوط على طهران لكي تعود الى المفاوضات بشأن برنامجها لتخصيب اليورانيوم. وقال جورج بيريش أحد الشركاء في شركة المحاماة العالمية كوفينجتون ان برلينج في بروكسل "من الواضح أن القواعد الجديدة ستسبب على الارجح مزيدا من الأعباء الإدارية على الشركات وكذلك السلطات."

وتحظر القواعد الجديدة استثمارات النفط والغاز في إيران وتقلص طاقة التكرير وطاقة إنتاج الغاز الطبيعي لكنها صيغت بطريقة تخفف الأثر على عامة المواطنين الإيرانيين.

وتقول الوثيقة القانونية للعقوبات "لن تؤثر هذه القيود على استيراد أو تصدير النفط أو الغاز من ايران بما في ذلك سداد المبالغ المستحقة المرتبطة بهذا الاستيراد أو التصدير." لكن التحويلات المالية التي تبلغ 40 ألف يورو (55520 دولارا) أو تزيد تتطلب اذنا ولم يتضح بعد ان كانت هذه البيروقراطية والقيود المالية ستظل تثني البنوك عن منح ائتمانات لاتفاقات النفط. بحسب وكالة الأنباء البريطانية.

وقال بيريش "مسؤولية الاخطار بشأن المستحقات وإمكانية طلب استثناء من بعض محظورات التصدير ستضع عبئا ثقيلا على كاهل سلطات مراقبة الصادرات الوطنية." وأضاف "لا يسع المرء الا أن يأمل أن يتمكنوا من رصد موارد كافية والا فستحدث فوضى على الأرجح."

وصيغت الإجراءات بحيث تستثني مشروع شاه دينيز الأذربيجاني للغاز الذي تمتلك شركة النفط الوطنية الايرانية حصة فيه. وتنظر أوروبا الى هذا الحقل كمصدر كبير محتمل للإمدادات يمكن أن يقلص اعتمادها على روسيا. وقد تضر أي عقوبات تستهدفه بمستقبل أمن الطاقة الاوروبي.

ولا يشير نص العقوبات الاوروبية بالاسم الى شاه دينيز لكن القانونيين الأوروبيين قاموا بصياغة استثناء يمكن أن ينسحب على حقل الغاز. ويقول النص القانوني المعقد "أي شخص أو كيان أو صاحب حقوق مستمدة من عقد أصلي لتقاسم الإنتاج منحته حكومة سيادية غير الحكومة الإيرانية قبل سريان هذه اللوائح لا يعد شخصا أو كيانا أو هيئة إيرانية." وتقول مصادر أوروبية ان هذه إشارة الى شاه دينيز.

تجارة دبي

الى ذلك فيما تصطف سفن الدهو المحملة بالبضائع المتجهة إلى إيران بمحاذاة خور دبي. يقوم عمال بتحميل صناديق تحتوي على سلع رخيصة مصنوعة في الصين على هذه السفن الخشبية المهيأة لقطع المسافة القصيرة عبر الخليج إلى الجمهورية الإسلامية.

وتتناقض هذه الحركة النشطة مع دلائل متنامية على أن هذه التجارة التقليدية بين دبي وايران تختنق تحت وطأة العقوبات المشددة بينما تخشى الشركات أن تصبح هذه الحركة من ذكريات الماضي.

وألمحت الامارات إلى أنها ستقلص دورها كشريان حياة تجاري ومالي لإيران بعدما فرض مجلس الأمن الدولي جولة رابعة من العقوبات على إيران. وقد تسبب هذه الاجراءات كارثة لكثير من البنوك الايرانية وآلاف الشركات الإيرانية التي تتعامل مع دبي التي رسخت سمعتها على أساس دورها كمركز لإعادة التصدير إلى الخليج.

وقال مرتضى معصوم زاده نائب رئيس مجلس الأعمال الإيراني والعضو المنتدب لوكالة الشحن جامبو لاين "هناك أثر بالغ على التجارة بين الإمارات وإيران بسبب العقوبات الحالية خاصة على القطاع المصرفي."

وأضاف في مكتبه في الطابق الرابع عشر من مبنى يطل على خور دبي المزدحم "بسبب العقوبات التي فرضت في الفترة الاخيرة أصيبت عمليات البنوك الايرانية بالشلل تقريبا. خسرت أعمالها." وفي يونيو أمر مصرف الامارات المركزي المؤسسات المالية بتجميد حسابات عشرات الشركات التي تستهدفها عقوبات الامم المتحدة التي تشمل 40 كيانا وشخصا واحدا.

وفي نوفمبر تشرين الثاني التقى رجال أعمال وتجار بنائب حاكم دبي للشكوى من عوائق تواجه أعمالهم مع ايران بسبب القيود المصرفية. وقال معصوم زاده ان حوالي ثمانية الاف شركة ايرانية بقيت في دبي بعد أن اضطرت نحو 400 شركة للاغلاق بسبب العقوبات والازمة المالية.

وقد يؤدي تراجع حاد في التجارة الايرانية إلى الحاق الضرر باقتصاد دبي التي مازالت تنفض عن نفسها اثار أزمة الديون التي عصفت بها في العام الماضي وأثرت على الثقة في الإمارة التي تضم أطول برج في العالم وثلاث جزر صناعية على شكل نخيل يمكن رؤيتها من الفضاء. بحسب وكـالة الأنـباء البريـطانية.

وقال ديفيد بتر مدير قسم الشرق الاوسط وشمال افريقيا في وحدة المعلومات التابعة لمجلة ايكونوميست "الروايات التي تؤكد أن هناك تراجعا حادا في أنشطة إعادة التصدير الى إيران تتزايد رغم الافتقار الى أدلة إحصائية. "لكن العقوبات الجديدة ستحدث أثرها على الأرجح في النصف الثاني من السنة. الآثار على الناتج المحلي الإجمالي لدبي ستكون ملموسة لكن ينبغي عدم تهويلها."

وأظهرت بيانات الجمارك الاماراتية في يوليو تموز أن ايران ظلت ثاني أكبر وجهة لإعادة التصدير من الإمارات بعد الهند اذ بلغ حجم إعادة التصدير 2.2 مليار درهم (599 مليون دولار) في ذلك الشهر فقط. وقال بتر انه بغض النظر عن أي تراجع في العلاقات التجارية مع ايران فان تجارة دبي مع دول أخرى اخذة في النمو على ما يبدو وهو ما قد يعوض أي خسائر. والتجارة بين ايران ودبي قائمة منذ فترة طويلة. ويفصل مضيق هرمز الذي يمر من خلاله نحو 40 بالمئة من امدادات النفط العالمية بين الامارات وايران بمسافة 54 كيلومترا فقط عند أضيق نقاطه.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 13/كانون الأول/2010 - 6/محرم/1432

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م