الحرب في الخليج... امر محتمل ام تكهنات واهية

محمد حميد الصواف

 

شبكة النبأ: تظهر البيانات الرسمية الصادرة من بعض دول الخليج العربية انها تشعر بتهديدات جدية على اكثر من صعيد، خصوصا التهديدات الخارجية الكامنة في ممارسات الجار المطل على ضفاف الخليج الشرقية.

حيث ترى تلك الدول في سياسات ايران الخارجية تجاهها مخاطر فعلية تمهد لمآرب مشبوهة تستهدف امنها وسيادتها بشكل مباشر، خصوصا بعد التصريحات الحادة التي اطلقها بعض اركان النظام الايراني في الفترة الماضية.

وما يعزز الخشية العربية استمرار ايران في احتلال الجزر الاماراتية الثلاث، الى جانب زعم بعض دول الخليج تفكيك شبكات تخريب وتجسس تمول من قبل طهران، والذي نفته ايران بشكل مطلق، حيث تصر تلك الدولة على كونها لا تمثل اي تهديد لجيرانها العرب.

وبين هذا الرأي وذلك، دخلت منطقة الخليج بتسميته العربي او الفارسي، سباق تسلح وحرب مخابراتية ساخنة، قد تكشف الايام القادمة عن طبيعتها بشكل اكبر، وتعزيزات مكثفة للقدرات العسكرية تحسبا لأي مواجهة مستقبلية.

القمة السنوية

فقد عقدت دول مجلس التعاون الخليجي قمتها السنوية في ابوظبي في خضم تسريبات ويكيليكس التي كشفت عن قلق خليجي كبير من الجار الايراني، الا ان هذه البلدان تشعر على الصعيد الاقتصادي بانفراج واضح مع ارتفاع اسعار النفط.

واجتمع في ابوظبي قادة السعودية والامارات والكويت وقطر وسلطنة عمان والبحرين التي تملك مجتمعة 45% من الاحتياطات النفطية المثبتة في العالم اضافة الى خمس احتياطات الغاز، وسط استمرار المواجهة المحتدمة بين ايران والمجتمع الدولي وتزايد نشاط تنظيم القاعدة في اليمن.

وفي هذه الظروف، فان امن المجموعة الخليجية هو العنوان الرئيسي لقمة ابوظبي في الجانب السياسي بحسب المراقبين.

واظهرت الوثائق الدبلوماسية الاميركية السرية المفترضة التي نشرها موقع ويكليكس في الايام الماضية قلقا كبيرا لدى حلفاء واشنطن الخليجيين ازاء توسع النفوذ الايراني وبرنامج طهران النووي، فيما قد يكون قادة كبار في المجلس لا سيما العاهل السعودي ايدوا مباشرة او ضمنا ضرب ايران.

ويرأى المحلل والاكاديمي الاماراتي عبد الخالق عبد الله ان هناك "امتعاضا لدى الخليجيين لان الاشياء التي تقال خلف الابواب كان يجب ان تبقى خلف الابواب" وهم باتوا "يشككون بقدرة حليفتهم واشنطن "على المحافظة على الاسرار".

لكن بالنسبة لعبد الله، فان المستور الذي انكشف لا يختلف كثيرا عن المعروف على نطاق واسع. وقال "عدا بعض الكلمات المزعجة مثل وصف الرئيس الايراني بانه هتلر" من قبل ولي عهد ابوظبي محمد بن زايد، لم تكشف هذه الوثائق امورا سرية استثنائية بحسب المحلل.

اما بالنسبة لما بدا تأييدا خليجيا لضرب ايران من اجل وقف برنامجها النووي، قال عبد الله ان الجانب الايراني يجب ان ينظر الى هذه الاشارات كدلالة الى "ان دول الخليج قلقة جدا جدا" من السياسة الايرانية. بحسب فرانس برس.

اما تناول القادة الخليجيين الحل العسكري كخيار للتعامل مع ايران فهو يعني ان دول المجلس "لن تسمح باختلال ميزان القوى لصالح ايران في المنطقة وهي ستجاري طهران في كل خطوة".

وبحسب المحلل الاماراتي، فان المنطقة تشهد "سباقا للتسلح" بسبب طموحات ايران، مقدرا قيمة صفقات التسلح الخليجية ب120 مليار دولار على مدى السنوات الخمس المقبلة.

وفي سياستها العلنية، حرصت دول مجلس التعاون الخليجي دائما على ابقاء مستوى من الهدوء في الخطاب تجاه ايران مع التشديد على مخاوفها ازاء نفوذ طهران المتزايد في العالم العربي. حتى ان الرئيس الايراني احمدي نجاد حضر نهاية عام 2007 القمة الخليجية في الدوحة.

ولكن بحسب احدى الوثائق الدبلوماسية الاميركية المسربة، فان سفير السعودية في واشنطن عادل الجبير ذكر في نيسان/ابريل 2008 بان الملك عبدالله دعا الولايات المتحدة "مرارا الى ضرب ايران لوضع حد لبرنامجها النووي".

كما نصح الملك الاميركيين ب"قطع راس الافعى" (ايران) وشدد على انه ينظر الى التعاون مع الاميركيين لكبح نفوذ طهران في العراق كاولوية استراتيجية بالنسبة لحكومته.

وكذلك رصدت في الوثائق اشارات قوية مناهضة لايران ومؤيدة لوقف برنامجها النووي باي ثمن، من قبل ولي عهد ابوظبي والعاهل البحريني ووزير الداخلية الكويتي وغيرهم من المسؤولين الخليجيين.

ونقلت الوثائق عن مسؤولين خليجيين تاكيدهم بان دول المنطقة ستطور اسلحة نووية اذا ما نجحت طهران بذلك.

وقال الاكاديمي عبد الخالق عبد الله ان "الامن هو البند رقم واحد في قمة ابوظبي، وذلك بسبب العقوبات على ايران وعسكرة المجتمع الايراني، وبسبب الانسحاب الاميركي من العراق الذي يمكن ان يخلق فراغا يقلق دول المجلس، اضافة الى الخلفية اليمنية".

ويشهد اليمن الذي يقع على حدود السعودية وسلطنة عمان، تزايدا لهجمات تنظيم قاعدة الجهاد في جزيرة العرب، وهو تنظيم يسعى الى شن هجمات في كل من اليمن والسعودية.

الا ان الجانب الاقتصادي لقمة ابوظبي يبدو اكثر اشراقا مع ارتفاع ملحوظ في اسعار النفط وعودة بوادر الانتعاش الاقتصادي بعد الازمة المالية التي كان لها تداعيات قاسية على المجموعة الخليجية المعتمدة بشكل اساسي على عائدات الذهب الاسود.

وكانت اكبر التداعيات في الامارات مع ازمة ديون دبي وفي الكويت مع تعثر عدد من شركات الاستثمار الضخمة.

وقال عبد الله "هناك شعور لدى البعض بان المنطقة تمكنت من استعادة توازنها المالي والاقتصادي خصوصا مع ارتفاع اسعار النفط الى ما فوق 85 دولارا، والعام 2011 سيكون عام عودة النشاط الاقتصادي الى الخليج". اما ملف العملة الخليجية الموحدة فقد يواجه مزيدا من البطء.

فبعد الخروج المدوي للامارات ثاني اكبر اقتصاد خليجي وعربي، من الاتحاد النقدي، يواجه المشروع دعوات الى التأني بعد ازمة الديون في منطقة اليورو، وهي منطقة مرجعية بالنسبة للمشروع الخليجي.

وحصل مجلس التعاون قبل ايام من قمة ابوظبي على مفاجأة سارة وهي فوز قطر بشرف استضافة مونديال العام 2022.

نفقات التسلح

من جانب آخر تدفع مخاوف من التهديد الذي تمثله ايران دول الخليج العربية الى انفاق المليارات على شراء أسلحة جديدة لكن هذا الاستثمار لا يستطيع أن يحمي شبه الجزيرة العربية ما لم يقم بينها تنسيق وتعاون عسكري أوثق.

ومن المتوقع أن تنفق السعودية والامارات العربية المتحدة ودول أخرى من مجلس التعاون الخليجي ما يصل الى 100 مليار دولار على مدى الاعوام القليلة القادمة لشراء طائرات اف-15 ايجلز وطائرات اف/ايه-18 هورنت وأنظمة دفاع صاروخية من طراز (ثاد) من انتاج لوكهيد مارتن.

وكشفت الولايات المتحدة النقاب عن خطط لتبيع للسعودية طائرات وطائرات هليكوبتر وأسلحة أخرى تصل قيمتها الى 60 مليار دولار وهي صفقة تحقق رقما قياسيا في صادرات الاسلحة الامريكية.

ومن المتوقع أن تنفق الامارات أيضا ما يصل الى 17 مليار دولار في الاعوام القادمة لشراء نظام دفاع صاروخي متقدم وطائرات مقاتلة.

وقال مارك توماس نائب مدير مكتب معهد رويال يونايتد سرفيسيز بقطر ويتخذ المعهد من بريطانيا مقرا له "تتركز المشتروات التي نراها على وجه الخصوص على الدفاع الجوي والصاروخي والقدرات البحرية."

وأضاف "ايران تفوق دول الخليج كثيرا على صعيد القوة البشرية والصواريخ. وأفضل طريقة لمعالجة هذا هي من خلال امتلاك تكنولوجيا متقدمة...المشكلة هو أن هناك نقصا في التنسيق والتعاون بين تلك الدول. لا يوجد حلف عسكري لمجلس التعاون الخليجي مماثل لحلف شمال الاطلسي."

ودول الخليج بحاجة الى بحث أمان مواطنيها والمراكز المالية الواعدة في دبي وأبو ظبي والدوحة التي استقطبت استثمارات أجنبية بمليارات الدولارات.

وهي تشعر بقلق متزايد من ان تشن ايران هجوما انتقاميا اذا تعرضت طهران لعمل عسكري من قبل اسرائيل او دول غربية بسبب برنامجها النووي.

وبين عامي 2002 و2009 أبرمت دول مجلس التعاون الخليجي صفقات سلاح تقترب قيمتها من 66.9 مليار دولار. لكن محللين يقولون ان الانفاق وحده ليس الحل ويشيرون الى أن معظم الجهود السابقة لوضع اطار عمل أمني جماعي كانت في الاغلب بلا جدوى.

والحديث عن التنسيق ليس جديدا. وفشلت المنطقة في تطوير شبكة انذار مبكر اقليمية لرصد أكثر الاسلحة التي تخشاها دول الخليج وهي الصواريخ طويلة المدى وصواريخ كروز.

ويقول مسؤولون عسكريون امريكيون إن هذا النظام الذي يمكن أن يقيمه متعاقدون أمريكيون قد يكون نواة للتعاون العسكري الاقليمي. بحسب رويترز.

لكن كبار المسؤولين العسكريين في الخليج لم يظهروا حماسا لانشاء نظام سيكون الدور الامريكي به كبيرا ويتطلب قدرا كبيرا من التعاون بين بعضهم البعض.

وقال مصطفى العاني وهو من كبار الاستشاريين ومدير برنامج بمركز الخليج للابحاث "دول كثيرة لا تملك المال او لا تريد التنازل عن السيطرة الوطنية... وتعتقد أن دولة (واحدة) ستهيمن على النظام لانها دفعت تكلفته" وأضاف أن الدول الاغنى سينتهي بها المطاف الى دفع معظم تكلفة انشاء النظام.

وفي عام 1986 أنشأ مجلس التعاون الخليجي درع شبه الجزيرة العربية وهي قوة قوامها تسعة الاف فرد تتمركز في السعودية. وشاركت في حرب الخليج عام 1991 وتم نشرها في الكويت خلال الغزو الذي قادته الولايات المتحدة للعراق عام 2003 .

وقرر القادة العسكريون لمجلس التعاون عام 2008 اعادة هيكلة القوة من خلال زيادة أفرادها الى اكثر من الضعف لكنهم انهوا وجودها في السعودية. واليوم لا تعد الوحدة عاملا جادا في الحفاظ على الاستقرار الاقليمي.

وقال تيودور كاراسيك مدير قسم البحث والتطوير بمعهد التحليل العسكري للشرق الادنى والخليج "هذه (القوة) لا تعمل... ألغوها فيما يشبه الصمت لعدم قدرة الجيوش على العمل معا."

ويرى كاراسيك أن الافتقار للارادة السياسية نتيجة الخلافات بين بعض الأسر الحاكمة والوجود الضخم للسعودية والمشاكل التاريخية كلها جعلت التعاون العسكري صعبا.

ويقول محللون عسكريون إنه لا توجد كمية من المشتروات تكفي لانهاء اختلال التوازن الاستراتيجي في الخليج. ويفوق عدد سكان ايران عددهم في اي من جيرانها العرب بكثير.

وقال مصطفى اللباد مدير مركز الشرق الاوسط للدراسات الاقليمية والاستراتيجية بالقاهرة "شراء الطائرات لن يغير ميزان القوى... هذا يفيد فقط في حالة حدوث هجوم بري وهو أمر غير متوقع."

بل أشار اللباد الى دافع مختلف وقال "انها (المشتروات) رسالة سياسية... مفادها أن هناك تحالفا استراتيجيا يحقق مكاسب للولايات المتحدة... اما بالنسبة لدول المنطقة فهي تخبر شعوبها بالا تفزع."

طهران تبدد المخاوف

من جانبها أبلغت ايران الدول العربية الخليجية أنها لا تمثل تهديدا وانها تريد التعاون وذلك في محاولة فيما يبدو لتقليل التوترات بعد تسريبات بأن زعماء تلك الدول يشعرون بقلق بالغ بشأن برنامجها النووي.

وفي أول زيارة الي المنطقة منذ نشرت ويكيليكس تقارير دبلوماسية أمريكية تتعلق بقلق عرب الخليج من طهران قال وزير الخارجية الايراني منوشهر متكي في مؤتمر لامن الخليج في البحرين انه لا يوجد ما يدعو للقلق من ان تكون ايران أكثر قوة.

وقال متكي في كلمة امام المشاركين ومن بينهم مسؤولون ووزراء عرب خليجيون " قوتنا في المنطقة هي قوتكم وقوتكم في المنطقة هي قوتنا." وأضاف قائلا "نمونا سيمهد فقط الطريق لاخرين لكي ينموا."

ولم تشر كلمته الى نشر موقع ويكيليكس على الانترنت مئات البرقيات التي بعثت بها السفارة الامريكية والتي بما في ذلك بضع برقيات تنسب الى زعماء عرب تعبيرهم عن معارضتهم القوية لاحتمال امتلاك ايران أسلحة نووية.

لكن متكي قال "يجب ألا نسمح لوسائل الاعلام الغربية ان تقول لنا ما هي اراء كل منا في الاخر ... لم نستخدم أبدا امكانياتنا لكي نصبح أقوياء ضد أي من دول الجوار خاصة وأن جيراننا مسلمون."

وقال في مؤتمر حوار المنامة الذي ينظمه المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية ومقره المملكة المتحدة "يجب ألا يكون هناك شك أو مطمع من دولة ضد الاخرى لان هذا سيقوض جهود ارساء التعاون."

وقال متكي ان جيران ايران يجب ألا يذعنوا لضغوط من الخارج تذكي "منافسات غير صحية" وتضعف جهود المنطقة للاكتفاء الذاتي مضيفا انه لا يوجد ما تخشى منه المنطقة من قيام ايران بتطوير طاقة نووية.

وقال متكي وهو يشير الى تفاصيل ملموسة بشأن انجازات عربية خليجية أيدتها ايران ان طهران أسعدها ان ترى الدول العربية الخليجية تبحث التعاون الاقتصادي فيما بينها.

وأضاف قائلا "نحن سعداء ان نرى النساء يدخلن البرلمان في الكويت والبحرين وأن صناعة البتروكيماويات في السعودية اصبحت متقدمة جدا في العالم وعندما تصبح البحرين مركزا مصرفيا. نحن سعداء ان نرى حجم المعاملات بين الدول العربية يصل الى تريليوني دولار وان العراق يقترب من الاستقرار وان صناعته النفطية تزدهر."

وقال متكي انه في الايام القليلة الماضية اثناء زيارات له في الخليج تم ابلاغه كيف يريد المسؤولون تعميق العلاقات مع ايران. وامتنع عن الخوض في تفاصيل.

تسمية الخليج العربي

في سياق متصل استدعت طهران السفير الصيني لديها للاحتجاج على استخدام اسم "الخليج العربي" بدلا من "الخليج الفارسي"، اثناء الاحتفال بافتتاح الالعاب الاسيوية السادسة عشرة في الصين، كما اعلنت وزارة الخارجية الايرانية.

وتشدد ايران على ان يطلق على هذا البحر الصغير شبه المغلق والذي يفصلها عن شبه الجزيرة العربية اسم "الخليج الفارسي"، مؤكدة انه اسمه التاريخي، وهي تتسبب باستمرار باشكالات حول هذه المسألة الحساسة جدا بالنسبة الى الايرانيين.

وقال المتحدث باسم الخارجية الايرانية رامين مهمانبرست في طهران "لقد استدعي سفير الصين في طهران ونقلت اليه الملاحظات بشأن هذا الحدث غير المستحب وغير المبرر".

واضاف "ان تبريرات الصين التي تؤكد انها لا تتحمل اي مسؤولية في هذا الحدث غير مقبولة".

ولدى افتتاح الالعاب الاسيوية السادسة عشرة في 12 تشرين الثاني/نوفمبر في كانتون، نشرت خارطة للمنطقة تحمل على ما يبدو التعبير الذي يثير الاشكالية.

وبكين هي اول شريك اقتصادي لطهران وأحد ابرز داعميها في النزاع الدائر حول الملف النووي الايراني المثير للجدل في مواجهة الغربيين وروسيا.

ويتكرر الجدل بين طهران وجيرانها العرب حول تسمية الخليج. ففي بداية 2010، قررت ايران حظر مجالها الجوي امام الشركات التي لا تعتمد مصطلح "الخليج الفارسي" في الخرائط التي تظهر على شاشات طائراتها.

وفي كانون الثاني/يناير، الغى الاتحاد الرياضي لمنظمة المؤتمر الاسلامي الذي يتخذ من الرياض مقرا له، العابا رياضية كانت مقررة في نيسان/ابريل في طهران لان الاوسمة تحمل رسما كتبت عليه عبارة "الخليج الفارسي".

كتائب عبدالله عزام

على صعيد متصل، في إحدى ليالي شهر يوليو/تموز الماضي، كانت ناقلة النفط اليابانية "أم ستار" تشق طريقها عبر مضيق هرمز متجهة  إلى اليابان محملة بنحو ثلاثة ملايين برميل من النفط الخام.

وفجأة سمع صوت دوي في مؤخرة الناقلة، المملوكة لشركة "ميتسو" اليابانية، في طريقها من جزيرة داس في أبوظبي باتجاه اليابان، وتبين فيما بعد وجود فجوة مربعة الشكل فوق مستوى المياه.

النظريات تفيد بأن السبب وراء الفجوة والصوت المدوي إما موجة عاتية نتجت عن زلزال ضرب جنوبي إيران أو أنها ربما تكون قد اصطدمت بغواصة أو مركب بحري.

وبعد ستة أيام، أعلنت جماعة متشددة كانت قد نشطت في وقت ما في لبنان ومصر والأردن مسؤوليتها عن "الهجوم" الذي تعرضت له الناقلة وذلك بواسطة قارب محمل بالمتفجرات.

الجماعة المتشددة هي تنظيم "كتائب عبدالله عزام"، التي قالت في بيانها إن هدف العملية، التي نفذها شخص يدعى "أيوب الطيشان" ضد الناقلة اليابانية في 27 يوليو/ تموز الماضي، هو "توجه ضربة اقتصادية إلى "نظام الكفر العالمي"، الذي يغزو البلاد الإسلامية ويستنزف ثرواتها."

وتابع البيان: "الضربة المباركة كانت في منطقة من أهم مناطق النقل البحري في العالم.. فمضيق هرمز هو شريان اقتصادي رئيس لنظام الكفر العالمي، ومنطقة المضيق مليئة بالأساطيل البحرية للعدو، فما أصعب اختراق هذه المنطقة الحصينة لولا أن الله مع المجاهدين."

وذكر البيان أن "هذه الغزوة باسم الشيخ الأسير عمر عبد الرحمن"، وهو شيخ مصري تعتقله الولايات المتحدة في سجونها منذ ما يقرب من 17 عاماً.

وبالنسبة لهذه الجماعة - التي سبق أن تبنت هجمات منتجع طابا في مصر، في أكتوبر/ تشرين الأول 2004 وهجمات أخرى على مينائي العقبة الأردني وإيلات الإسرائيلي في أغسطس/ آب 2005 - يعتبر هذا الأمر تحولاً نوعياً عن أهدافه السابقة.

ورغم تشكك المحللين في أجهزة الاستخبارات العالمية حيال مزاعم الجماعة، إلا أن المسؤولين الأمريكيين أشاروا إلى أن البيان يحمل شكلاً من المصداقية.

وقال مسؤول في وزارة النقل الأمريكية الأسبوع الماضي: "تستطيع مصادر حكومية وفي صناعة النقل البحري أن تؤكد صحة مزاعم كتائب عبدالله عزام."

وقالت الوزارة "تظل الجماعة ناشطة ويمكنها أن تزيد من هجماتها على السفن في المنطقة وفي مضيق هرمز وفي المنطقة الجنوبية للخليج العربي وغربي خليج عمان."

والآن ربما تصبح الجماعة التي بزغت من مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، لاعباً أساسياً في "المشهد الإرهابي" في المنطقة.

ويقود كتائب عبدالله عزام، القيادي المقرب من القاعدة الذي قتل في تفجير في باكستان عام 1989، شخص يدعى صالح القروي، الذي شارك في قتال القوات الأمريكية في العراق وكان على صلة مع زعيم تنظيم القاعدة في العراق، أبو مصعب الزرقاوي.

وولد القروي، الذي لا يزيد عمره على 28 عاماً، في مدينة بريدة السعودية، وهو على رأس قائمة المطلوبين فيها.

وعندما أعلن عن القائمة لأول مرة في العام 2008، وصف بأنه "أحد أبرز مموني وممولي القاعدة" والذي زود التنظيم بالوثائق المزورة. بحسب السي ان ان.

وأضاف الوصف الذي جاء في القائمة بأن لديه أهداف طموحة وفقاً لما نقله عنه مواقع متشددة على الإنترنت في وقت سابق من العام الجاري تتمثل في "أن تتحول كافة ميادين الجهاد الآن إلى ميادين قتال."

وفي مقابلة مع مركز الفجر الإعلامي، تحدث القروي عن كيف أرسله الزرقاوي في مهمة خارج العراق، وتم اعتقاله في سوريا كما قضى وقتاً في السجن في السعودية.

ومن أولويات الكتائب كما قال القروي خطف مواطنين أمريكيين وبريطانيين في شبه الجزيرة العربية، ومهاجمة المصالح الأمريكية باعتبارها أهم أهداف جماعته.

وكان القروي قد هاجم في وقت من الأوقات حزب الله اللبناني واتهمه بمهاجمة السنة في لبنان، كما اتهم شيعة لبنان بالمكر بأهل السنة، ويوحي هذا الأمر بأنه لا يتطلع للشيعة في إيران من أجل الحصول على المساعدة أو الملاذ له ولعناصره في تنفيذ الهجوم على الناقلة اليابانية.

وهذا الأمر أيضاً يدفع للتساؤل عن وجود القارب الذي شن الهجوم على الناقلة ومن أين جاء، فإذا لم يأت من إيران، هل أبحر تحت جنح الظلام من مكان ما في الإمارات العربية المتحدة أو سلطنة عمان أو حتى السعودية، دون أن تكتشفه السلطات في أي من تلك الدول.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 11/كانون الأول/2010 - 4/محرم/1432

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م